الكوفيد 19 ووسائل الحماية - فيوليت داغر
مع توقف الحظر المنزلي في معظم الدول التي فرضته يُطرح
السؤال: كيف نحافظ على صحتنا ونضمن تجنب اخطار عودة تفشي
موجة ثانية للفيروس التاجي وغيره من فيروسات قاتلة قادمة
يتم التبشير بها والتحذير منها؟ هل برد الفعل الذي يرتكز
على الخوف من نتائجه على الصحة وزيادة القلق والتوتر وما
يرافق ذلك من عوارض وتداعيات سلبية، أم هناك فعل مواجهة
آخر عبر أخذ زمام أمورنا الصحية بيدنا باتباع وسائط تعتمد
على الوقاية التي هي خير من قنطار علاج؟
علماء وخبراء وأطباء كثر خرجوا منذ زمن عن سلطة شركات
الأدوية والطب الكلاسيكي ونزعوا لاكتشاف ما هو خارج النطاق
المتداول. هذه العلاجات لا تعتمد إجمالاً على الأدوية
والمضادات الحيوية، إلا في المراحل المتأخرة والحرجة (مثال
بروتوكولات سابين فرانكو وديديه راوول وغيرها)، والتي يفضل
تجنبها طالما كان ذلك ممكناً، كونها تقضي على البكتيريا
ليس فقط الضارة في الامعاء، بل أيضاً الجيدة والمفيدة
والتي يكون المريض بأمس الحاجة لها في أوضاع كهذه.
وكي لا ننتظر العلاج السحري الذي لن يكون أو اللقاح الذي
سيمر وقت طويل قبل التوصل له. هذا لو قبلنا جدلاً بأن
اللقاحات تنجي من الإصابة بالفيروس، كونها تتطور من موسم
لآخر. حتى في حالة الكوفيد 19، لم يمر من الوقت إلا القليل
ليجد المختصون أنه تطور وتواجد بأشكال عدة. إلى جانب أن
اللقاح قد يحمل الشر المستطير ويتسبب بالكثير من الوفيات،
على غرار ما حدث في بلدان أفريقية وآسيوية (أشرت لها في
مقالي الذي نشرته الميادين نت في 20 نيسان الماضي).
هذه الوسائط الأخرى، باحثون ومختصون لجأوا لها في مرحلة
الوقاية و/أو بداية الإصابة بالاستناد لتجربة طويلة في
الميدان. منها العلاج بالأوزون، الذي يعتمد مبدأ تجديد
الدم بالأوكسجين المكثف وتخليصه من عناصر الأكسدة. ممنوع
في فرنسا، لكنه استخدم في بلدان أوروبية أخرى كإيطاليا
وإسبانيا وفي الصين وأمريكا. كما تم اللجوء له في سيراليون
في 2014 ضد فيروس الأيبولا وأعطى نتائج جيدة. ففي الكوفيد
19 لوحظ في حالات متقدمة نقص أكسجة في الخلايا واستشعار
أكبر لأكسيد الكربون. وعندما ينخفض تشبع الخلايا في الجسم
بالاكسجين إلى ما دون 75% تتعرض أعضاء أساسية للخطر كما
القلب والدماغ.
وحيث الفيروس التاجي المستحدث يستهدف بشكل خاص بكتيريا
بريفوتيللا التي تستعمر الأمعاء، كان التحذير بالتنبه
لأنواع الفطريات والبكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في
الإمعاء كي لا تزيد النسبة الضارة منها على المفيدة. فمن
المعلوم أن الميكربيوم أو مجموعة الفطريات والبكتيريا
الموجودة في الإمعاء، والتي يفوق تعدادها عدد خلايا الجسم،
تقوم بوظائف عدة في الهضم والاستفادة من خلاصات الطعام
وتحويلها للدم. كما لها علاقة مباشرة بمعظم الأمراض التي
يعاني منها الإنسان، ومنها مرض البركنسون كما أثبتت ذلك
آخر دراسة بالموضوع. وعليها تبنى آمال مستقبلية لمعالجة
الأمراض التي نعاني منها اليوم.
المعركة ضد الكورونا تحتاج إذن لتقوية الفلورا المعوية
لزيادة مقاومة المناعة عند البشر، حيث أن 80% من الخلايا
المناعية موجودة في الميكروبيوم و75% من الأجسام المضادة
التي تدافع عن الجهاز التنفسي ضد الفيروسات منشأها في
الغشاء المخاطي المعوي. وقد أظهرت دراسة صينية نشرت في
فبراير 2020 أن كبرى المستشفيات الجامعية في الصين لجأت
لمكملات البروبيوتيك عندما لاحظت هبوطاً بنوع معين من
البيفيدوباكتيريا، توخياً لتعزيز المناعة وتجنب مخاطر
العدوى والانتقال بين الأشخاص.
من ناحية أخرى، أكدت دراسات سريرية بشرية على الأهمية
الشديدة لبعض الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية
الأساسية وشددت على ضرورة استعمالها اليومي. منها
الفيتامين
D
لأهميته العالية في الوقاية من خطر الاصابة بالتهابات
تنفسية حادة. للوقاية من الكوفيد 19 يجب أخذ هذا الفيتامين
على شكل مكملات غذائية، كونه يقضي على البروتين
CD26
الموجود على مدخل الخلايا والذي يسهل اختراق الفيروس لها.
بناء على ذلك، دعت دراسة ايرلندية لتأمين هذا الفيتامين
للجسم الطبي لوقايته من الاصابة بالفيروس كما للمصابين
لتخفيف وطأة الإصابة. أما في الحالات العادية فنصف ساعة
يومية من التعرض للشمس قد تكون كافية لتخزينه في الصيف.
أما في فصل الشتاء فيبقى من الضروري تناوله يومياً كمكمل.
ولا ننسى فيتامين
C
الذي أحياناً ما يتم اللجوء لجرعات قوية منه على شكل حقنات
في الوريد. كذلك الزنك والسلنيوم و
(NAC)،
واليود (الهام جداً للغدة الدرقية التي هي البوابة للتكيف
النفسي والحيوي والعضوي والفكري وبالتالي الحصانة).
ولمحاربة الفيروسات وتقوية المناعة هناك من يضيف فيتامين
E
واوميغا 3.
بروتوكول ماريك لجاً لهذه العلاجات حتى في حال المعالجة
وليس فقط الوقاية، حيث يستعمل لعدة أيام فيتامينات مركزة
تحقن في الوريد، كالفيتامين
C
وB1
إضافة للهيدروكورتيزون. أما للوقاية فقد استعمل جان فيليب
لابريز مزيجاً من فيتاميناتC
و
Dإضافة
للزنك والسلنيوم والمغنزيوم والكرستين. وهذه الوصفات
اعتمدت في أمريكا وغيرها وأعطت نتائج جيدة.
كذلك برزت المستخلصات النباتية والزيوت الأساسية المعترف
بها من قبل العلم، والمصادق عليها بالاستخدام التقليدي،
والتي تساعد على الحد من مخاطر العدوى وزيادة القدرة
المناعية للأشخاص المعرضين لاحتمال الإصابة بالفيروسات
التاجية. ففي كل الأزمنة كان التداوي بالأعشاب والمنتجات
الطبيعية ملاذ البشر، على غرار اكليل الجبل والغار
والبقدونس والنعناع والصعتر المعروف كمقوي للمناعة ومضاد
لالتهابات الحنجرة والجهاز التنفسي.
لكن في عصرنا الحديث تعدت سطوة الشركات العابرة للحدود،
بما فيها شركات الأدوية، كل الحدود والحس السليم، وبنوع
خاص في بعض البلدان الأوروبية. ففي فرنسا، اللائحة
1924/2006 تمنع حرية مصنعي وبائعي المنتجات الطبيعية من
تقديم "ادعاءات علاجية" على منتجاتهم. المختبر أو الموزع
الذي يورد هذه المعلومات الضرورية للصحة، قد يواجه غرامات
كبيرة وحتى عقوبة السجن. قوانين قاتلة للحرية الشخصية، على
الرغم من الدراسات العديدة في أرجاء العالم التي تؤكد على
جدوى استعمالاتها، بما فيه على الفيروس المستجد شغلنا
الشاغل اليوم.
من جهة أخرى، ورغم تراجع خصوبة التربة واستعمال الكيماويات
للمزروعات وانخفاض نسبة الفيتامينات والمعادن والعناصر
الغذائية الهامة نتيجة ذلك، يبقى الطعام وحسن اختيار
عناصره وطريقة تجهيزه وطهيه من المسائل التي يتم إيلاؤها
أهمية عالية. ولطعام حوض البحر المتوسط سمعة جيدة لتضمنه
نسباً مرتفعة من مضادات الأكسدة، باعتماده على الخضار
والفاكهة الطازجة والقليل من اللحوم خاصة الحمراء،
واستهلاك أكبر للأسماك وحيوانات البحر، كما الاعتماد على
البيض وزيت الزيتون والإكثار من البصل والثوم.
طبعاً التخفيف من كل ما يحتوى على السكريات، من الحلويات
الى المتخفية في أطعمة مجهزة، يساعد على الاحتفاظ بالكريات
البيضاء الضرورية لمواجهة الالتهابات والتي يزيد من عددها
فيتامين
A.
هام جداً اللجوء ما أمكن للمكسرات بكل أنواعها، لكن من
غير المملحة إن أمكن، كي لا يزيد الملح من ضغط الدم
وإشكالات أخرى.
لإعادة التوازن للجهاز العصبي ولتقوية المناعة، ينصح أيضاً
بتحسين شروط النوم وإيلائه الاهتمام المستوجب والزمن
الكافي دون اللجوء لكل ما هو كيمائي للمساعدة، كون مساوئ
الدواء أكثر من محاسنه. فما يساعد على النوم يساعد أيضاً
على التمتع بالحياة. وكثيرة هي طرائق استجلاب الاسترخاء
التي تحفز المناعة، اعتماداً على تقنيات التدليك واليقظة
الواعية والتأمل واليوغا والتاي تشي والتنويم المغناطيسي
والعلاج بالموسيقى والكتابة التعبيرية. وكما تحسن من قوة
التركيز وحاسة الحدس والذاكرة والقدرات الإبداعية، ففي ذلك
تخفيف من الألم والتوتر والقلق والاكتئاب والأرق والصدمات
النفسية.
إلى جانب التمارين الرياضية التي تبقى، ولو بالحد الأدنى،
من الأساسيات الحياتية، علينا إذن أن نتخفف من أحمال
مشاعرنا وما تتضمنه من خوف وقلق وتوتر وغضب وحسد وحقد وكل
ما هو سلبي تجاه الآخر والذي ينعكس بالضرورة سلباً على
ذواتنا. تخزين هذه المشاعر واجترارها من حين لآخر يعود
بضرر كبير على النفس. بينما العمل على الذات لنزع طاقتها
السلبية، بالتعرف على النوازع والمشاعر السلبية ومعرفة
كيفية توجيهها وتحرير النفس منها بتحويلها لصفح وسكينة
وتفهم إن لم يكن تعاطف ومحبة، فيه ما يقوي طاقتنا
الإيجابية ويعزز من المناعة الشخصية بمواجهة نوائب الدهر.
أما التدرب على الابتسام والضحك، حتى بغياب ما يدفع لذلك،
ففيها تحفيز لمضادات الاكتئاب الطبيعية وتقوية لجهاز
المناعة. وفي ذلك ما يقلل من هرمونات التوتر وضغط الدم
ويحمي من أمراض القلب ويحسن عموماً الصحة بزيادة افراز
الدوبامين والسيروتونين. وحيث ثبت أن الإبتسام يهاجم
الخلايا السرطانية، فالمستشفى الصيني في قوانغتشو أدرج
علاج الابتسامة في بروتوكول مكافحة السرطان. فاضحكوا ما
استطعتم لتطيلوا من أعماركم ولا تنسوا أن الدنيا فانية.
فمن التراب الى التراب نعود.
نشر على موقع الميادين نت في 15/05/2020
|