مقدمة
توجهت البعثة المؤلفة من أربعة أشخاص، انطلاقا من فرنسا في الأسبوع
الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، الى فلسطين، استجابة لطلب من المكتب
الدولي للجمعيات الخيرية والإنسانية، لرصد ما آلت إليه الأوضاع في
الضفة الغربية. كذلك لهدف آخر مكمل هو ما سعى اليه قسم من الفريق،
أي التعبير عن التضامن مع المجتمع الأهلي الفلسطيني المحاصر
والقيام بالاتصالات اللازمة لاستقدام جمعيات اوروبية لمعاينة وضع
الفلسطينيين وإيجاد جسور التواصل الاجتماعي والثقافي كرد على
الحصار السياسي والاقتصادي. مما استدعى للاستفادة من الوقت المتاح
لأقصى حد ممكن انقسام البعثة بحسب اللقاءات لقسمين واطالة اقامة
قسم من اعضاء البعثة لاتمام مهماتها. ونظرا لتجارب سابقة منعت فيها
منظمات غير حكومية من التحقيق بشكل حر أو طلب منها تغيير عنوان
وموضوع مهمتها مقابل موافقة رسمية، فقد قر القرار على دخول أفراد
البعثة فرادا بدعوى زيارة الأراضي المقدسة.
دخلنا عبر مطار بن غوريون الذي توخينا الحذر على مهمتنا من شرطته
في الذهاب والاياب، حيث لا يروق للاسرائيليين بتاتا قدوم أجانب إلى
الأراضي التي يحتلوها للاطلاع على أوضاع الفلسطينيين أو التعبير عن
تضامنهم معهم. ولكل امرئ تجربته في ذلك، لكنها تبقى عامة الأقسى
مقارنة بدخول أي بلد آخر في العالم. واحد من بيننا تم أخذه على
حياد وطرحت عليه اسئلة عديدة من مثل لماذا قدمت لاسرائيل، وهل لديك
اصدقاء هنا، وماذا ستفعل هنا، وماذا تعمل في الحياة، الخ إلى أن
تركوه في النهاية يدخل.
عملت البعثة عند وصولها إلى مكان اقامتها في القدس على اجراء
الاتصالات منذ اللحظة الأولى. وكان الاهتمام منصبا بخاصة على وضع
الجمعيات الخيرية وجمعيات المجتمع المدني التي تعمل في المجالين
الصحي والاجتماعي. ذلك في ظروف تزداد صعوبة مع الاغلاق والحصار
وتجفيف أو تخفيف الموارد المالية وممارسة الضغوط والامتناع عن
ارسال التحويلات بحجة محاربة الارهاب. وخاصة منذ نجاح حركة
المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية وتشكيلها
الوزارة وتسلم السيد اسماعيل هنية رئاسة الوزراء.
كان
أحد المراجع المعتمدة تقرير اعدته مجموعة الأزمات الدولية عن الشرق
الأوسط في 2 أبريل 2003 حول النشاط الإسلامي للخدمات الإجتماعية في
الأراضي الفلسطينية المحتلة. ذكر التقرير أنه قبل أحداث 11 أيلول
كان المستفيدون في قطاع غزة والضفة الغربية ذوو الدخل المحدود وأسر
الأرامل والمطلقات والمعوقين والعاطلين والمسجونين، وكانت حماس
والجمعيات الاسلامية هي من يؤمن هذه الحاجات.
أما
بعد2001 فشعوب المنطقة باتت تستباح من خلال ضرب مؤسساتها الخيرية
حتى عندما يكون لها فروع في اوروبا أو مراكز، مثلما حدث مع مؤسسات
من مثل مؤسسة الأرض المقدسة للاغاثة والتنمية التي جمدت ارصدتها،
بحجة أن الأموال تستخدم من حماس "لتدعم المدارس التي تنشئ
انتحاريين". في حين أن القوانين الأوروبية تمنع التمييز في
المعاملة على أسس دينية أو ثقافية أو سياسية وتعتبر بان الإغاثة
يجب أن يكون معيارها الاحتياج وحده. كما أن التقارير عن هذه البقعة
من العالم كانت تتحدث عن مستوى عالي من الاستقامة والشفافية
والامانة والجدارة لأهم المؤسسات الخيرية الشريكة لأطراف دولية
عديدة أو المنتسبة لأهم التجمعات الإنسانية في العالم، الأمر الذي
لا يسمح بالحديث جزافا عن غسيل الأموال والارتباط بمنظمات ارهابية.
فهل
المنظمات الاسلامية والتي هي نسبة للاجتماعية أقل من النصف، أي
10-40%، قريبة بالضرورة لحماس؟ ألا تمثل الزكاة جزءا بسيطا من
أعمال الخير الإسلامية؟ هل أن مؤسسات الخدمات الاجتماعية يجب أن
تكون بالضرورة ذات انتماء سياسي أو محصورة بحركات دينية؟ وإن كانت
دينية، فهل هي ثورية جهادية أم يمكن أن تكون إصلاحية أو خيرية
بالمعنى الحصري للكلمة؟ وإذا كانت مؤسسات الخدمات الاجتماعية
لحماس ذات قدرة على دعم الشرائح الاجتماعية المنسية من السلطة
والمانحين الدوليين، كما تذكر مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها،
فهل هذا هو ما حدا بقطع المساعدات عنها لخنقها وتأليب الناس عليها؟
أو إلصاق التهم بها على أنها "تجمع الأموال لصالح بنيتها التحتية
العسكرية وتقديم الأموال لأسر الانتحاريين"؟ أليس ضرب المؤسسات
الاغاثية وسيلة للاجهاز على مقومات الوجود الفلسطيني؟ وهل فعلا حشد
الدعم لها يقويها ويصب في خدمة ممارساتها وإيديولوجيتها أم يعزز
السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي ووقف تدهور ارتفاع مستوى الأمية
ووفيات الأطفال وسوء الوضع الصحي وتردي الأحوال المعاشية وتفكك
مقومات الاجتماع الإنساني والحفاظ على أدنى مقومات العلاقة بين
الإنسان والمحيط البيئي؟ ثم هل يمكن الحديث عن المنظمات الخيرية في
العالم الغربي دون وضع أكثر من 60% منها (وفق تقديرات أكاديمية
غربية) في نطاق التبشير والتأثير الإيديولوجي والسياسي والتوظيف
والاحتواء ؟
بين
تاريخ كتابة هذا التقرير وما احتواه وتاريخ ذهاب بعثتنا إلى فلسطين
ثلاث سنوات مضت، وصلت خلالها حركة حماس للسلطة بعد انتخابات
تشريعية نزيهة حازت على أغلبية مقاعد سمحت لها بتشكيل حكومة. لكن
ردا على ذلك ما كان من المجتمع الدولي بضغط من الولايات المتحدة
واسرائيل سوى قطع المساعدات عن السلطة الوطنية الفلسطينية. بحيث
أصبحت المعطيات مختلفة ومنطلق النقاش آخر.
كان
علينا أن نذهب لتقصي الحقائق من خلال الذين يعايشون الواقع
بتفاصيله دون افتراضات مسبقة. ولذا حاولنا تغطية نماذج مختلفة مع
تركيز البحث على الجمعيات التي تعمل في مجال الخدمات الطبية
والخدمات الاجتماعية والثقافية. العينة المأخوذة امتدت من جنين
شمالا إلى بيت لحم جنوبا مرورا بنابلس وطوباس والطيبة والبيرة ورام
الله والقدس الخ. ذلك بالرغم من صعوبات التنقل نظرا للإغلاقات التي
تضرب بعض المناطق بين الفينة والأخرى ودون سابق انذار. بما يشلّ
الحركة أو يؤخر تنفيذ الاهداف إن لم يعطلها بداعي ضرورة العودة
لمكان الانطلاق او سلوك طرق التفافية تزيد أضعافا مضاعفة الوقت
المقدر للوصول.
لقد
حالت الأوضاع الأمنية في غزة دون شمولها في هذا التقرير على أمل
توجه بعثة تحقيق خاصة للقطاع.
استعراض سريع لأهم الانتهاكات التي تمس الحقوق الأساسية للمنظمات
الإنسانية
شكلت دوما المنظمات الخيرية والإنسانية في ظل الاحتلال الإسرائيلي
موضوع ملاحقة ومحاصرة لا يقل عما يصيب الحركة السياسية الفلسطينية
من تنكيل وقتل واغتيال واعتقال. وقد حاولت قوات الاحتلال منذ قيام
دولة إسرائيل، ومن ثم احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، ملاحقة كل
أشكال التنظيم المدني الفلسطيني ورصدها والتضييق على حركتها.
لسنوات عديدة كانت حجة قوات الاحتلال أن الفضاء غير الحكومي هو
الغطاء العلني للعمل الفدائي ومنظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها
المختلفة. ورغم أن ظروف الاحتلال والاستيطان والمحاصرة الاقتصادية
والثقافية والسياسية تجعل من العمل الخيري والأهلي وسيلة وجودية
للدفاع عن النفس، استشرست قوات الاحتلال للنيل من كل تعبيراته،
أكانت حقوقية أو إنسانية أو ثقافية أو تنموية.
مع
صعود الحركة الإسلامية السياسية وظاهرة التدين المجتمعي تحولت
أنظار قوات الاحتلال نحو العمل الخيري الإسلامي الموجود في كل
المجتمعات العربية منذ القرن الثامن الميلادي بأشكال وتعبيرات
مختلفة. وبدأت حملات لضربه وتقييد حركته. وقد كانت مجموعة أيباك
الموالية لإسرائيل قد طالبت منذ التسعينيات بملاحقة العمل الخيري
الفلسطيني في الخارج بدعوى مساعدته للإرهاب. وقد وقف الوسيط
الأمريكي دنيس روث ضد قرار من هذا النوع محذرا من نتائجه الكارثية
على المجتمع الفلسطيني وعلى الدول الغربية. وجهة نظر إدارة كلينتون
كانت أن هكذا قرار يستلزم خلق بدائل للمنظمات الأهلية والخيرية
التي تتهمها الدولة العبرية بالإرهاب. إلى أن أتت أحداث 11 سبتمبر
للشروع بحملة تدميرية ضد العمل الخيري الفلسطيني ضمن استهداف العمل
الخيري في كل مناطق الصراع في العالم الإسلامي. كان ضحيتها عدة
منظمات خيرية ذات كفاءات دولية عالية ونجدة متميزة لمناطق صعبة
ونائية.
هكذا تتابعت قرارات الإدارة الأمريكية بحق الجمعيات الخيرية
الإسلامية والفلسطينية، كما ودفعت الإدارة الأمريكية مجلس الأمن
إلى قرار بالإجماع في 28-9-2001 لمكافحة "الإرهاب". هذا القرار
يلزم حكومات جميع الدول بقطع الدعم المالي عما أسمتها بالشبكات
"الإرهابية"، مع فرض عقوبات على الدول التي لا تلتزم به. من ثم
وبعد أربعة أيام، دخل الاتحاد الأوربي الحلبة في مشروع قرار بحق 27
منظمة إرهابية زجت بينها بعض المنظمات الخيرية زجا (كمنظمة وفا
مثلا). بعد ذلك جرى الاعتداء على عدد من الجمعيات التي تساعد الشعب
الفلسطيني، وأخيرا صدر قرار الإدارة الأمريكية بمنع أهم منظمات
العمل الخيري الداعم للمجتمع الفلسطيني (أنظر الملحق1). وقد استنفر
اللوبي الصهيوني كل طاقاته لاستصدار قرار مواز في أوروبا بعد نجاحه
في الولايات المتحدة.
هذا
الحصار الخارجي للموارد حمل المصائب التالية للمجتمع المدني
الفلسطيني:
1-
تجميد
الأرصدة
2-
التضييق على جمع المال وصرفه
3-
محاصرة
آليات التشبيك والتعاون الخيري والإنساني وبشكل خاص محاصرة
المنظمات العاملة في أوربة وشمال أمريكا باعتبارها مصدر أساسي من
مصادر دعم العمل الخيري الفلسطيني
4-
تشديد
شروط العمل خارج حدود الدول الإسلامية القادرة (كدول الخليج مثلا)
5-
مراقبة
ومتابعة نشاط المنظمات الداعمة للشعب الفلسطيني
كل
هذا، مع ربط المساعدات الأوروبية والأمريكية بشروط قاسية، منها
مثلا أن تتكفل كل منظمة غير حكومية بعدم التعاون أو الاتصال بمنظمة
إرهابية (وتعريف الإرهاب عند إدارة بوش واسع الذمة ويعني فيما يعني
مثلا، أن تقطع منظمة حقوق إنسان تدافع عن الأسرى كل اتصال لها
بعائلاتهم أو أن تطلب المنظمة الخيرية من كل محتاج كشفا بالسجل
النضالي لعائلته). بهذا يتكشف لنا كيف اكتملت حلقة الحصار في
الخارج والداخل، بحيث أنه لم تعد السلطات الإسرائيلية تتورع عن فعل
أي شئ، بما يحول الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أراض مباحة خارج
القانون الدولي.
ملاحظات أساسية منهجية
لم
تكن مهمة البعثة وحسب الإطلاع على نتائج ما يعرف بالحرب على
الإرهاب على المجتمع الفلسطيني ورصد الانتهاكات التي تتعرض لها
المنظمات غير الحكومية الإنسانية والخيرية، بل أيضا الوقوف على
أسلوب عمل هذه المنظمات، بنيتها التنظيمية ووظائفها اليومية وبرامج
عملها وسياساتها المالية. خاصة منها تلك التي أصبحت تحت المجهر
وبات يجري الحديث عن علاقة بينها وبين المنظمات التي تتبنى الكفاح
المسلح. وإن كانت آليات الانتخاب وتجديد دم الكوادر وتدريب قيادات
جديدة شابة يبدو ضعيفا في بعض الجمعيات الخيرية الفلسطينية، أحيانا
لأسباب ذاتية (عدم ترسخ ثقافة ديمقراطية داخلية) أو موضوعية (عدم
القدرة على التواصل مع الأعضاء بل أحيانا استحالة إمكانية عقد
مؤتمر إلى جانب تحول قسم هام إلى النمط الأنجلو ساكسوني، الذي
يعتمد العمل المهني في الميدان مع هيئة إعتبارية أخلاقية، أكثر منه
النمط اللاتيني للجمعيات)، إلا أن معالم الفصل بين النشاطية
السياسية والتخصص الجمعياتي تبدو واضحة وتتنامى أكثر فأكثر مع
الأيام.
يمكن الحديث عن وجود خلفيات من الجبهة الشعبية أو الحركة الإسلامية
أو فتح الخ في العديد من الجمعيات، لكن لا نستطيع الحديث عن توظيف
سياسي بأي معنى من المعاني. وكما قال أحد المسئولين في جمعية خيرية
في رام الله: "ليس هناك جمعية واحدة من السذاجة بحيث تخضع لأجندة
عسكرية أو تلعب دور تبييض أموال لشراء معدات عسكرية أو رواتب
لمقاتلين." ولو تبين يوما وجود ذلك لتم شجبه من الوسط الخيري
الفلسطيني الذي لا يتحمل أي عنصر إضعاف له، لما يترتب على ذلك من
نتائج سلبية على المجتمع الفلسطيني نفسه". وتبدو جملة الاتهامات
الموجهة للعمل الخيري الإسلامي من الإدارة الأمريكية والحكومة
الإسرائيلية في الميدان عارية عن الصحة وليس لها أي أساس على أرض
الواقع. لقد بلغ المجتمع الفلسطيني حالة من النضج يقول فيها كل
قطاع للآخر: هم هم ونحن نحن. فيما يمكن مقارنته بالنقابات الغربية
التي تعيش في تيار عام تقدمي أو إسلامي ولكنها ليست أسيرة برنامجا
سياسيا أو مهمات نضالية تتجاوز العمل الخيري في ذاته ومن أجل ذاته.
رجل الدين المسيحي يقوم بمهماته الإنسانية تجاه شعب دون تمييز في
المعتقد أو الدين أو الطائفة أو الجنس، والمعيار هو احتياجات الناس
لا انتماءاتهم. يسري ذلك على الجمعيات الإسلامية الخيرية
والعلمانية. لكن بالتأكيد، أجندة قوات الاحتلال تطلب من المنظمات
الفلسطينية مثلا عدم مساعدة أية أسرة يخرج منها شهيد. أي التمييز
بين الفلسطينيين على أساس خياراتهم السياسية والنضالية.
إن
قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي اعتمدت نهج العقاب الجماعي بحق كل
من يقوم بعمل عسكري، وذلك بهدم منزله ومضايقة محيطه العائلي في
انتهاك لأوليات حقوق الإنسان القائمة على تفريد المسئولية
الجنائية، تطالب المنظمات الخيرية باتباع سياسة انتقامية وعقابية
لأسر الشهداء. أي تطالب العمل الإنساني بالتحول إلى عمل لا إنساني
يؤصل التمييز والعقوبة الجماعية والحصار الذي يتجاوز مفهوم الجريمة
والعقاب إلى الثأر والتنكيل بالآخر. الأمر الذي تدينه منظمات حقوق
الإنسان في العالم، بل وتطالب بمحاسبة الشركات المنتجة للجرافات
التي يتم بها هدم المنازل. إن قبول الإدارة الأمريكية لهذا المنطق
يتناقض مع التزامات الولايات المتحدة الأساسية في القانون الدولي
الإنساني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
فيما يلي رصد بأهم الانتهاكات في تسعة أشهر من عام 2006 (وفق تقرير
مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان):
- الخليل
*
بتاريخ 21/6/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "جمعية الإحسان الخيرية
لرعاية وتأهيل المعاقين" وقامت بتحطيم أبواب المكاتب الإدارية
ومصادرة أجهزة الكمبيوتر والملفات الخاصة بمعاملات الأطفال
المعاقين النزلاء في الجمعية، كما وداهمت قسم المحاسبة وحطّمت
الخزنة فيه وصادرت ما فيها من دفاتر المحاسبة والمعاملات المالية
التي تخصّ النزلاء.
*
بتاريخ 21/6/2006 اقتحمت قوات الاحتلال "الجمعية الخيرية
الإسلامية" بعد ان دمرت الأبواب الرئيسية وعبثت بمحتوياتها.
*
بتاريخ 1/7/2006 داهمت قوات الاحتلال" جمعية الظاهرية الخيرية"
وصادرت منها أجهزة الحاسوب وعاثت فيها خراباً.
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "الجمعية الخيرية
الإسلامية" في ترقوميا وحطمت محتوياته وقامت بتفتيشه بدقة.
*
بتاريخ 5/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر جمعيات" المجمع
الإسلامي" و" مركز ابن باز الخيري" و "جمعية الريف الخيرية" في
السموع وصادرت منها أجهزة الحاسوب وعاثت فيها خرابا.
*
بتاريخ 12/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "جمعية الرسالة
العلمية" وصادرت منه أجهزة الحاسوب ودمرت محتوياته.
*
بتاريخ 17/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "الجمعية الإسلامية
لرعاية الأيتام" في يطا وصادرت العديد من محتوياتها والعديد من
ملفات الأيتام.
*
بتاريخ 19/8/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "لجنة زكاة حلحول"
وصادرت منه العديد من الملفات وحطمت محتويات المقر.
*
بتاريخ 20/8/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "الجمعية الخيرية
الإسلامية" في كل من الشيوخ وبيت أولا، ودمرت بعض محتوياتهما.
*
بتاريخ 28/8/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "لجنة زكاة مسجد سعد
ابن أبى وقاص" في بلدة إذنا وصادرت العديد من الملفات وكسرت
محتويات وأثاث المقر، كما واقتحمت "مركز الأنوار للثقافة والفنون"
في دورا.
- القدس
*
بتاريخ 15/1/2006 قام الجيش الاسرائيلي بإغلاق "مؤسسة الوفادة
الخيرية" في مدينة القدس لمدة 15 يوم بعد عملية دهم وتفتيش ومصادرة
بعض محتويات المؤسسة بحجة أنها تابعة لحركة حماس. وتقوم الجمعية
برعاية المسجد الأقصى وإفطار الصائمين.
*
بتاريخ 12/2/2006 أصدر وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي أمرا بتمديد
إغلاق كل من: "بيت الشرق" و "جمعية الدراسات العربية" و"الغرفة
التجارية الصناعية" و"نادي الأسير الفلسطيني" و" مركز تطوير
المشاريع الصغيرة" لمدة ستة اشهر.
*
بتاريخ 30/3/2006 قامت قوات الاحتلال باقتحام "جمعية المنتدى
الثقافي" في صور باهر ودمرت محتويات المقر من أثاث وأجهزة كمبيوتر
وصادرت عددا من الملفات والوثائق والأجهزة الخاصة بالجمعية بحجة
أنها تابعة لحماس.
*
بتاريخ 13/5/2006 داهمت قوات الاحتلال وللمرة الثانية مقر "جمعية
المنتدى الثقافي" في صور باهر اثناء إقامة معرض للكتاب والتراث،
وقام الجنود بإغلاق المعرض وطرد الزوار بعد مصادرة بعض محتويات
المعرض.
*
بتاريخ 31/5/2006 اقتحم جنود الاحتلال مقر "لجنة زكاة الرام"
وقاموا بتحطيم محتوياته وصادروا ملفات تخص اللجنة ومستلزماتها، ثم
حققوا مع رئيس اللجنة محمد فراح ومديرها الإداري محمد قصراوي.
*
بتاريخ 7/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "لجنة زكاة العيزرية"
وصادرت منها أجهزة الحاسوب وعاثت فيه خرابا.ً
*
بتاريخ 11/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر " جمعية اقرأ الخيرية"
و"جمعية مركز أشبال القدس" في أبو ديس، وصادرت من هذه الجمعيات
العديد من الوثائق وأجهزة الحاسوب.
- بيت لحم
*
بتاريخ 16/3/2006 قامت قوات الاحتلال بإغلاق "جمعية النقاء
الإسلامية النسائية" في قرية الدوحة بعد محاصرتها واقتحامها بحجة
أنها تابعة للجهاد الإسلامي.
*
بتاريخ 29/6/2006 اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلية "مركز وروضة
اقرأ" التابعة لجمعية الإصلاح الخيرية، وصادرت ثلاثة أجهزة حاسوب
وملفات وتقارير مالية.
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر"جمعية رعاية اليتيم"
وكسرت أبوابها ثم حطمت محتوياتها.
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال "مركز العلاج بالقرآن"
وصادرت منه جهازي حاسوب وعاثت فيه خراباً.
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "الجمعية الإسلامية" في
بيت ساحور وحطمت محتوياته وقامت بتفتيشه.
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "لجنة زكاة بيت فجار"
وحطمت محتوياته وقامت بتفتيشه بدقة، وصادرت أجهزة الحاسوب الموجودة
فيه.
*
بتاريخ 4/7/2006 داهمت قوات الاحتلال مقر "لجنة زكاة الخضر" و"روضة
النور" في بلدة الخضر، ثم وضعت ملصقا يفيد بإغلاقها حتى إشعار آخر.
- نابلس
*
بتاريخ 20/2/2006 اقتحمت قوات الاحتلال "مركز يافا الثقافي ولجنة
الدفاع عن حقوق اللاجئين" في مخيم بلاطة بعد أن دمرت الأبواب
الرئيسية وعبثت بمحتوياته.
*
بتاريخ 29/6/2006 قامت قوات الاحتلال باقتحام مقر "النقابة
الإسلامية للعمال" والعبث بمحتوياته وتحطيم الأثاث ومصادرة بعض
الملفات.
*
بتاريخ 2/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال "مصنع الصفا للألبان"
التابع للجنة زكاة نابلس وأصدرت أمرا بإغلاقه لمدة عام.
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مستوصف "الأقصى التابع
لجمعية القرآن والسنة" في مخيم عسكر القديم وسلمت القائمين عليه
قرارا من الحاكم العسكري الإسرائيلي بإغلاقه لمدة عامين بعد أن
صادرات بعض المستندات وأجهزة الحاسوب، كما اقتحمت قوات مقر "رابطة
المرأة المسلمة" في المخيم.
-طولكرم
*
بتاريخ 26/5/2006 اقتحم جنود الاحتلال "النادي الاجتماعي الرياضي"
وقاموا بتحطيم بعض محتوياته ومصادرة عدد من الوثائق وأجهزة
الكمبيوتر ثم أصدروا أمرا بإغلاقه لمدة سنتين.
*
بتاريخ 29/6/2006 اقتحمت قوات الاحتلال "مركز تحفيظ القرآن الكريم"
وسط مدينة طولكرم والواقع فوق المسجد القديم بعد تحطيم أبوابه
وعاثت فسادا فيه ودمرت محتوياته.
*
بتاريخ 2/7/2006 داهمت قوات الاحتلال مقر "جمعية دار الحنان
للأيتام" الواقع في حي "آل دياب" وهي تابعة للجنة الزكاة في
المدينة وقامت بتحطيم الأبواب وتدمير محتوياته ومصادرة بعض الملفات
وأجهزة الحاسوب.
*
بتاريخ 1/8/2006 اقتحمت قوات الاحتلال " مركز الدراسات الإسلامي
النسوي" وصادرت منه أجهزة الحاسوب وعاثت فيه خراباً.
- جنين
*
بتاريخ 29/6/2006 داهمت قوات الاحتلال "جمعية الرحمة الخيرية"
وقامت بتفتيشها والعبث بمحتوياتها وصادرت أجهزة الحاسوب.
*
بتاريخ 2/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال "جمعية البر والإحسان"
و"نادي إسلامي جنين الرياضي" وصادرت منهما أجهزة الحاسوب وعاثت
فيهما خرابا.
*
بتاريخ 9/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر جمعيتي"لجنة زكاة جنين"
و "جمعية البر والإحسان الخيرية" وصادرت منهما أجهزة الحاسوب ودمرت
محتوياتهما.
- أريحا
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "جمعية رعاية الأيتام
والمحتاجين الخيرية" التي ترعى نحو 400 طفلا يتيما وتقدم لهم
الخدمات التعليمية والأساسية وقامت بمصادرة تسعة أجهزة حاسوب وكافة
وثائق وملفات الجمعية الخاصة بكفالات الأيتام. كما اقتحمت "مركز
الزهراء النسوي" و "وروضة الأيتام" وصادرت بعض محتوياتهما.
*
بتاريخ 4/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر جمعيتي "الإصلاح"
و"الإسراء" وصادرت منهما أجهزة الحاسوب وعاثت فيهما خرابا.
*
بتاريخ 5/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "الجمعية الخيرية
الإسلامية" وكسرت أبواب الجمعية وحطمت محتوياتها.
- سلفيت
*
بتاريخ 5/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "جمعية إغاثة الأيتام
والمحتاجين" وكسرت أبواب الجمعية وحطمت محتوياتها .
*
بتاريخ 8/9/2006 داهمت قوات الاحتلال مقر "جمعية النهضة الخيرية"
وصادرت منه أجهزة الحاسوب وعاثت فيه خراباً.
*
بتاريخ 28/9/2006 اقتحمت قوات الاحتلال" جمعية قراوة بني حسان
الثقافية الخيرية" وصادرت منها العديد من الوثائق والأوراق وحطمت
محتوياتها.
- طوباس
*
بتاريخ 5/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر جمعيات "النقابة
الإسلامية للعمال" و "مركز جذور للثقافة والفنون" ومركز "أخوات
عائشة لتحفيظ القران" وكسرت أبواب هذه الجمعيات ثم حطمت محتوياتها.
*
بتاريخ 4/9/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "الجمعية الإسلامية
لإغاثة الأيتام والمحتاجين" وصادرت منه أجهزة الحاسوب وأتلفت كمية
من المواد التموينية.
*
بتاريخ 9/9/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر " جمعية الإغاثة
الإسلامية" و " جمعية كشافة شهداء طوباس" وصادرت منهما أجهزة
الحاسوب وعاثت فيهما خراباً.
- رام الله
*
بتاريخ 24/5/2006 قام جنود الاحتلال باقتحام "جمعية فرح الخيرية"
بعد تفجير بوابتها والعبث بمحتوياتها ومصادرة كافة بيانات الجمعية
المحوسبة بالإضافة إلى الملفات المطبوعة، واصدروا أمرا بإغلاق
الجمعية لمدة عامين.
*
بتاريخ 31/5/2006 اقتحم جنود الاحتلال "مركز البراق للبحوث
والدراسات" وقاموا بتحطيم محتوياته وصادروا ملفات تخص المركز كما
واعتقلوا أديب زيادة مدير المركز.
- قلقيلية
*
بتاريخ 3/7/2006 اقتحمت قوات الاحتلال مقر "جمعية القرآن والسنة"
في قرية جينصافوط وصادرت منه أجهزة الحاسوب وعاثت فيه خراباً.
- غزة
*
بتاريخ 2/7/2006 قصفت المروحيات الاسرائيلية "جمعية شهداء الأقصى"
بصاروخ أدى الى تدميرها بالكامل واشتعال النيران في داخلها في شارع
الوحدة وسط قطاع غزة.
- أنصار السجين
*
بتاريخ 4/9/2006 اقتحمت قوات الاحتلال جميع فروع "جمعية أنصار
السجين" في الضفة الغربية وداخل أراضى 48 بعد ان صادرت العديد من
الملفات وقامت بتحطيم محتوياتهت كما وأصدرت قرارا عسكريا بإغلاق
الجمعية لمدة عامين.
جولة تقصي الأوضاع
1-الخدمات الصحية
مركز أبو ريا في البيرة
كانت أول زيارة قمنا بها منذ وصولنا للضفة الغربية هي لمركز ابو
ريا الطبي، وسيكون المركز بمثابة مثال (من خلال المساحة التي
اويلناه إياها) لما يعانيه القطاع الصحي من صعوبات في هذه الظروف.
هذا المركز الذي باشر بالعمل منذ 1978 في ظل الاحتلال بمبادرة من
جمعية أصدقاء المريض المؤلفة من كوادر طبية فلسطينية في رام الله،
بدأ يقدم تطوعا خدمات الرعاية الصحية، وبخاصة مساعدة ذوي
الاحتياجات الخاصة، بالاستناد الى رجال أعمال فلسطينيين قادرين على
التمويل.
في
1994 قدمت السلطة الفلسطينية إثر اتفاقات أوسلو، وبدأ المجتمع
الفلسطيني يبني جامعاته الاهلية في بيت لحم والقدس وجنين. هذه
الجامعات خرّجت كوادر مؤهلة تشارك بورشات عمل عالمية وشراكة مع
مستشفيات كبيرة وأعمال في البحث والتطوير. مما رفد المركز بكوادر
طبية أغنته، بعد بداية اعتمد فيها خلال ثلاث سنوات على مساعدة
مالية وبشرية من السويد عملت على تأهيل طاقمه الفلسطيني بشكل
كامل..
لكن
مع بدء الانتفاضة الاولى وجد طاقم المركز ضرورة لأن يتخصص هذا
المركز في علاج اصابات النخاع الشوكي، حيث كانت هذه الفئة من
الاصابات كثيرة وليس من امكانية لنقل المصابين للخارج لعلاجهم أو
حتى لارسالهم إلى المستشفيات الاسرائيلية. بدأ يستقبل من قطاع غزة
ومن الضفة الغربية حيث أنه المركز الوحيد الذي يقدم خدمات لهذا
النوع من الاصابات. لكن منذ اغلاق معبر ارتز في ال2000 لم يعد
المصابين من قطاع غزة يتمكنون من الوصول اليه، علما أنه في المجازر
الأخيرة التي حصدت ما لا يقل عن 300 جريح يوجد أكثر من 25% من
الاصابات في النخاع الشوكي.
علاوة على تقديم العلاج، يهتم هذا المركز بدمج المرضى في المجتمع
ومتابعة الحالات ميدانيا. وبالاضافة الى المرضى الخارجيين لديه 32
سرير لمرضى داخليين يستقبلهم بين 2 الى 6 أشهر حسب أوضاعهم. كما أن
لديه مشاريع تطويرية كثيرة ورغبة في مضاهاة المستوى العالمي. وقد
حصل من صندوق التنمية العربي على مساعدة قيمة لتوسيع نشاطاته من
خلال اقامة مبنى جديد بات شبه جاهز. لكنه لم يبدأ بالعمل بسبب
التأخر في تأمين المستلزمات بفعل الظروف المحيطة وحيث عندما يأتي
دعم يكون للانشاء وليس لتجهيز أو تشغيل الأقسام الجديدة..
السيدة مي التي استقبلتنا مع المدير ومسؤول العلاقات العامة، كانت
احدى المنتفعات منه عندما تم الاتصال بها للعمل فيه. فادارته تسعى،
كجزء من رسالة المركز، لتوظيف معاقين كلما استطاعت لذلك سبيلا وبما
يتجاوز ال5% التي يفرضها القانون الفلسطيني. ذلك لتدعيم ذوي
الاحتياجات الخاصة كي يعتمدوا على أنفسهم ولا يبقوا عالة على
أسرهم.
لكن
اليوم، هناك صعوبات كثيرة تعترض العاملين في هذا المركز وأهمها
الصعوبات المالية الى جانب الصعوبات اللوجستية. هذا المركز لم
يستطع تأمين رواتب الموظفين خلال الأشهر الماضية، مما اضطره لتقليص
نشاطاته، خاصة وأنه كان يعتمد على تحويلات وزارة الصحة التي لم تعد
قادرة على دفع بدل الخدمات للمرضى المعتمدين على التأمين الصحي.
إضافة الى عدم قدرة هؤلاء المرضى على دفع ما يترتب عليهم من
مصاريف. وحيث أن المركز لا يستطيع رفضهم، فهو مضطر على العمل رغم
هذه الظروف المجتمعة ورغم الصعوبات الفنية لوصول موظفيه إليه بسبب
الحواجز والاغلاقات أو عدم قدرة الكوادر للوصول للمرضى في قراهم.
وكونه مركز غير ربحي، فالخدمات تقدم بخسارة وبأقل من كلفتها للمرضى
المستفيدين من التأمين الصحي الحكومي وحيث ليس من مجال إلا
لاستقبالهم عندما يأتون، بحيث بلغ العجز 250 ألف دولار حتى الآن.
وحيث من أهداف هذا المركز تقديم خدمة جيدة لاصابات صعبة وطويلة
الأمد ذات تكلفة عالية، أبانت دراسة مقارنة أجريت مع مستشفيات
اسرائيل أن العلاج فيها لنفس الحالات يكلف بمعدل 250% زيادة عنهم.
يضاف لذلك أن الفترة الحالية تشهد، وبغض النظر عما يتعرض له
الفلسطينيون من قمع واطلاق نار لسبب أو لآخر، ازديادا في الاصابات
بفعل حصاد موسم الزيتون والوقوع من الأشجار.
نظرا لكل هذه الظروف انخفضت قدرة المركز الاستيعابية من 30 مريض
الى 10 فقط. هم يعملوا بالحد الأدنى وبعد أن كانوا يحصلون بصعوبات
على جزء من رواتبهم، لم يعد بامكان الادارة دفع هذه المستحقات
لموظفيها. مما اضطرهم للعمل تطوعا وبالتناوب، حيث منهم من يستطيع
الاعتماد على دخل الزيت والزيتون او على مساعدة الأسرة في الوطن أو
خارجه. اضافة لذلك، تقطيع أوصال المجتمع الفلسطيني والاغلاقات
الكثيرة تعيق من قدرة وصول المرضى للمركز بحيث يضطروا للتحول
لمراكز طبية أخرى. لكن بالمقابل، هناك من يلجأ للمركز بعد أن تسد
أبواب أخرى في وجههم من مثل قاصدي مركز الأميرة بسمة لتأهيل
الأطفال ومن ذوي الاحتياجات الخاصة في القدس الذين عندما لا يحصلون
على تصاريح لدخول القدس يأتون الى أبو ريا.
اعتمدت ادارة المركز سياسة تقليص كبير للمصاريف، حيث مثلا رغم بدء
فصل الشتاء والبرد كانت التدفئة لا تعمل. لكن الاصرار على مواجهة
التحديات تحت أي ظرف والتكافل الاجتماعي ما زال يؤمن الغذاء
والدواء، كما أن الجهات الدائنة من خدمات هواتف مثلا أو كهرباء
والتي لا تحصل على مستحقاتها ما زالت مستمرة في تقديم الخدمات.
يسعى المسؤولون عن المركز إلى اقامة علاقات مع هيئات أجنبية للبحث
عن صيغ لفتح آفاق. وقد قدموا مشاريع للامارات العربية المتحدة من
جملة ما قدموا، لكن لم يحصلوا على أي جواب. فالحصار مضروب لتجفيف
مصادر دخل المؤسسات بغض النظر عن انتماءاتها، بما يطال الجوانب
السياسية والاجتماعية والعلاجية والاقتصادية.
نظرا للحاجة الملحة لتلقي الخدمات الصحية وبالرغم من العمل بالحد
الأدنى، يخشى مسؤولو المركز من الوصول بعد مدة لمرحلة عدم استطاعة
تقديم الخدمات واغلاق المؤسسة بسبب عدم توفير الرواتب ودفع
المستحقات. هم يعيشون في وضع لا يعرفوا فيه ماذا سيحمل لهم في
المدى القريب. قد يتحملون للاستمرار ستة أشهر أو سنة على أبعد
تقدير ولكنهم سيقفلون مركزهم لو طال الوضع أكثر من ذلك. عند خروجنا
من المركز اعلمونا بمجزرة بيت حانون في غزة التي استشهد فيها 18
مدنيا معظمهم من النساء والأطفال بحيث اعلن الاضراب العام في الضفة
لثلاثة أيام حدادا على الشهداء وتضامنا مع غزة. في اليوم السابق
لزيارتنا كانت 18 آلية عسكرية قد دخلت مع قوات خاصة إلى رام الله
ونصبت حواجز في الطريق الذي يصل للمركز واعتقلت 3 أشخاص بحيث لم
يستطع الطبيب المداوم من الوصول لعمله.
مستشفى الرازي في جنين
تشرف على هذا المستشفى لجنة الزكاة من خلال صندوق الزكاة الاردني،
حيث أن الأوقاف كانت تابعة للأردن. وكان تمويلها من الكويت
والسعودية بعد الحصول على ترخيص لبنائها من قائد الضفة الغربية
الاسرائيلي الذي وجد أنه بذلك يرفع عن كاهله بعضا من مهماته. عندما
استلمت السلطة في 1994 لم تضع يدها عليها إلا في 1997، لكن دون أن
تسن قوانين للزكاة، بحيث بقي العمل على أساس القانون الاردني. بين
2000 و2004 كثّف الاسرائيليون من زياراتهم لمعرفة مصادر التمويل
إلى أن بدأت تساؤلاتهم تزداد بحجة العلاقة بحماس. وقد دخل مديرها
المالي للسجن للتحقيق معه حول مصادر تمويلهم لمدة 63 يوما، ثم أفرج
عنه على أساس أنه لا يمكن محاكمة من يقوم بخدمات انسانية.
أما
المؤسسات المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت مصدر
الدعم الرئيسي للزكاة فقد أغلقت بين 2004 و2005. من ناحيتهم عرب
الخط الأخضر كانوا يتبرعون كثيرا للايتام والمستشفيات، لكن منذ أن
أعلنت اسرائيل أن ذلك خارج القانون انخفضت مساعداتهم إلى 10%.
والسعودية التي كانت مصدر دعم كبير للجان الزكاة، لم يصل منها شيئا
منذ سنتين. كذلك في الخليج لم تعد في السنتين الأخيرتين الأطراف
المتعاونة تستقبل أي وفد قادم لدبي أو أبو ظبي كما وترفض ارسال
دعوات. أما في أوروبا حيث القوانين أسهل وخاصة في فرنسا وبريطانيا
فقد استجابوا أيضا للضغوط وقامت الحكومة الألمانية بإغلاق المؤسسة
الداعمة.
لذا
وبغض النظر عن الحالات الطارئة التي أكد لنا المسؤول المالي أنها
لا يطلب منها الدفع مسبقا- حسبما شكى البعض- فالداخلين الى المشفى
يدفعوا لقاء معالجتهم فيها ولو أن 90% منهم يحصلون على خصم بين 20
ل40% حسب وضعهم الاقتصادي. مع ذلك 200 ألف دولار دفعها صندوق
المستشفى في الشهرين الماضيين لأشخاص لم يكن لديهم أية امكانية
لدفع علاجهم. لكن محدثنا يعتقد أن هناك مشكلة فساد وانعدام شفافية
حول تقديم الخدمات في بعض الحالات في بعض مراكز العلاج. وإن كان
هناك من أزمة طبابة فيمكن ادارتها رغم كل شئ، مع الاعتراف بأن
القطاع الخاص استفاد من الأزمة بدلا من الاختناق. إلى جانب أنه لا
يوجد تضخم في عدد الموظفين في قطاع الصحة كما هو الحال في أجهزة
السلطة الأخرى.
الجمعية العلمية الطبية
هذه
الجمعية تأسست في 1992 من أطباء من القدس والضفة بترخيص اسرائيلي.
وقد بدأوا بعيادات صحية كانت الأولى في منطقة قبلان في محافظة
نابلس. وعندما أثبتت مصداقيتها أصبحت الجمعيات غير الحكومية
العربية والدولية تهتم بتطويرها، خاصة في الأماكن الفقيرة أو
النائية. كما انشأت مراكز جديدة.
مركز قبلان
الذي زرناه يشتمل على طب عام وطوارئ وأشعة ومخبر وصيدلية اسنان،
كما وهناك من 7 إلى 10 أخصائيين يتناوبون. كذلك يوجد قسم جاهز
للتوليد. وهذا المركز كبقية المراكز يعتمد على سياسة تقضي بتغطية
مصاريفه من الكشفيات والأدوية وإن كان يبيعها أو يطلب أسعارا
رمزية. لقد عملت الادارة على توفير قسم من المدفوعات بأن خفّضت
مصاريف العلاج خارج البلد التي كانت تكلف سابقا 30 مليون دولار
لتصبح الآن 10 مليون.
مركز ميريا
( بديا ) في منطقة سلفيت، من هذه المراكز التي أمن لنا المسؤول
الاعلامي في الجمعية مشكورا الزيارة اليه. القائمين عليها في مجلس
الادارة متطوعون. هذا المركز يحتوي أيضا على قسم للتوليد مجهز
ومنتهي منذ أكثر من سنة. لكن العمل فيه واستقبال الحوامل لم يبدأ
بسبب التعطيل وعدم الحصول على تراخيص بالتشغيل رغم الطلبات
المتكررة. كذلك يوجد منذ سنتين سيارة اسعاف جاهزة للعمل، لكنها لم
تحصل بعد على ترخيص بالعمل. وفي حين أن وزارة الأوقاف مسؤولة عن
لجان الزكاة، فهذه الجمعية تتبع لوزارة الداخلية.
محاورنا أكد لنا بأنها جمعية غير تابعة لحماس أو أي طرف آخر، ومع
ذلك فهي تعاني من تعطيل عملها وعدم الحصول على ترخيص بتشغيل القسم
الجديد ومساءلات عديدة. وحيث أنه منذ شهرين لم تعد الوزارات تعمل
وكل شئ معطل من أشهر، هناك خطابات تأتي للموظفين كي لا يتعاملوا مع
الوزراء الجدد. علما أنه قبل أشهر عدة، ومع مجئ حماس للسلطة، توقفت
مساعدات الأدوية التي كانوا يحصلون عليها من مؤسسات أمريكية. رغم
ذلك، عملهم مستمر ويعتمدون على أنفسهم ويعملون باستمرار رغم
التقنين ووجود عدد قليل من الموظفين، أي ما بين 8 و9 موظفين.
واحدة من المشاكل الأساسية تكمن كما بدا لنا في المصالح الفئوية
والسياسية التي تقف عائقا أمام تسيير الأمور بالشكل العادي. هناك
ضيق أفق ومحاولة وضع يد للاستفادة الشخصية، حيث الأمور الذاتية
تختلط بالسياسية. مثال على ذلك، عيادة أسنان متنقلة تزور المناطق
النائية أتت شكوى ضدها بأنها تعطل على الآخرين، وظهر أن وراء ذلك
طبيب من نقابة الاسنان يقترح نقلها لأماكن أخرى.
2- الخدمات الاجتماعية:
مخيم عايدة
قصدت البعثة مخيم عايدة في بيت لحم لزيارة مركز الرواد للثقافة
والمسرح للأطفال الذي يعمل في المجال الاجتماعي والذي سنعتمده
كمثال.
للوصول الى مخيم عايدة، عبرنا حاجزا شديد التعقيد في قلب الحائط
الذي لم يكن قد شيد بعد عندما قدمت في مرة سابقة قبل ثلاث سنوات.
بدأ العمل بحفر أساسات هذا الحائط في الجهة الشمالية للمخيم على
أراضي لفلسطينيين واخرى تابعة للكنيسة الارمنية وذلك منذ نيسان
2002 مع الاجتياح الاسرائيلي الطويل لبيت لحم.
هذا
الحائط الذي أقيم بحجة حماية مقبرة رحيل وانتهى العمل به في 2005،
بدا لنا كالأفعى التي تلتف على المنازل وتفصل بينها وتأكل المزيد
من الأراضي الفلسطينية وتدمر الآلاف من أشجار الزيتون وتفسح المزيد
من المساحات لمستعمرة جيلو التي تحتل جزء المخيم الشمالي. هذا
الحائط لا يبعد اكثر من 30 مترا عن البيوت وعن مدرسة للبنات داخل
المخيم الذي فصل عن ارض كانت تصلح ملعبا للأطفال. منظره يثير صدمة
في النفس خاصة في مكان يلتف على بيت من زواياه الثلاثة يحاصره
وينتصب بعلو 8 امتار على مسافة تكاد تلامس نوافذه. وعلى الحائط
نقرأ عبارة بالانكليزية: "فلتكن السلامة معكم". يجلس الجنود على
الحاجز الذي يطالع الداخلين لبيت لحم، الذين يتأففون من شدة تعقيد
اجتيازه، ليقرروا بصلافة من يدخل ومن الممنوع من هذه "المنة
السماوية". لكنهم لا يكتفوا بذلك بل يدخلوا الى المدينة والى
مخيمها من حين لآخر، فيرموا قدائفهم المسيلة للدموع ويتحرشوا
بالناس بوحشية ويرموهم برصاصهم المطاطي واحيانا الحقيقي. مما قضى
على حياة عدد من الكبار والصغار وبينهم من كانوا داخل بيوتهم.
بني
المخيم بعد حرب 1948 وتهجير السكان من مدنهم وبلداتهم. وهو يضم
اليوم حوالي 4500 شخص يتحدرون من 35 قرية دمرتها الميلشيات
الصهيونية. 66% من سكانه هم ما دون الثمانية عشر عاما ونسبة 70%
عاطلين عن العمل. وحيث أنه لا يحتوي على أية مساحة صالحة للتنزه او
للعب الأطفال، فهؤلاء لا يجدون أمامهم سوى الأزقة الضيقة لاستنشاق
الهواء.
مركز الرواد الذي وصلناه ليلا كان شبانه وشاباته بانتظار البعثة.
لقد أعلمونا أنه في الليلة السابقة لمجيئنا، دخل المخيم الجنود
الاسرائيليون في الواحدة ليلا وقبضوا على 19 شابا فيه. ربما انضموا
للعشرات الذين بقوا في الأسر وحيث اعمار 80% منهم ما دون 18 سنة.
هذا حين لا يسقطون قتلى.
تأسس مركز الرواد سنة 1998 وهو يركز نشاطه على مخيم عايدة رغم أن
نطاق عمله يشمل مدينة بيت لحم. يهدف المركز لتعزيز طاقات الأطفال
وانفتاح أفقهم وثقتهم بنفسهم وانخراطهم بمجتمعهم من خلال النشاطات
التي يقدمها لهم عبر المسرح والرقص والموسيقى والرسم ونشاطات فنية
أخرى. كما يعنى أيضا بالبيئة المحيطة والراشدين إن بتقديم مساعدات
أو منح للطلاب غير القادرين على الشروع بتحصيلهم الجامعي أو بتسهيل
استعمالهم للحاسوب وللمكتبة أو تعليمهم على تكنولوجيا المعلوماتية
أو اللغات الأجنبية أو التصوير ومونتاج الأفلام الخ. كذلك بمساعدة
شرائح اجتماعية أخرى وخاصة النساء، عبر محاربة الأمية والتأهيل
التربوي والنفسي والمعاينة الطبية. كما بالمحافظة على التقاليد
المحلية والموروث الثقافي من خلال مشاغل لخياطة وتطريز الملابس
التقليدية أو صناعة وزخرفة الزجاج أو مطابخ لبيع الطعام وغيره.
أيضا يهتم المركز بتعزيز الامكانيات البشرية والمعرفية للعاملين
فيه، كما يحاول تشغيل 40% من العاطلين عن العمل. وقد استفاد السنة
الماضية من نشاطاته 4200 شخص، ولديه مشاريع أخرى كثيرة لفئات
اجتماعية متنوعة في المستقبل.
لتحقيق هذه الاهداف المركز دائم البحث عن مانحين وممولين محليين
واجانب. لكن هناك بالتأكيد شكوى من ضعف المساعدات ومن الظروف
السياسية الضاغطة على سير هذا النوع من الهيئات. لذا قام التأسيس
على العمل الطوعي واستمر لليوم، علما أن هناك متطوعين من بلدان
أجنبية يساهمون في نشاطات المركز ودعمه عبر بيع منتوجات فلسطينية
او اقامة نشاطات توفر بعض السيولة قد تفي بالحاجات الملحة.
استأجر المركز منذ 2000 مكانا له من غرفتين ثم مع الوقت شهد العمل
توسعا بحيث احتاج لمساحة أكبر. فعمل القائمون عليه على تأمين
مساعدات أجنبية أتى أكثر من نصفها من ألمانيا لتشييد بنيان جديد
محازي، لكن لم ينته العمل به بعد او يستكمل تجهيز ما بني. التعثر
في الاتمام واضح والسبب هو بالتأكيد صعوبة الحصول على الأموال
اللازمة وخاصة هذه السنة. ذلك رغم رفده بقسم منها بفضل المبيعات
التي قام بها أصدقاء الرواد في الخارج والجولة الثقافية التي
نظموها الصيف الفائت في فرنسا وبلجيكا لأطفال مخيم عايدة وقبله في
أمريكا، حيث استطاعوا جمع قسم من المال المتبقي لدفع بعض النفقات.
يقول مدير المركز، التابع لمخيم عايدة الذي يشكل واحدا من بين 19
مخيم في الضفة الغربية، الدكتور عبد الفتاح أبو سرور: "ان العمل
فيه بدأ من الصفر بنفس طوعي بغض النظر عن وجود تمويل أم لا. الهدف
كان منح فرصة للأطفال للتعبير عن أنفسهم ولممارسة المقاومة السلمية
عبر المسرح والفن ولتقديم صورة الفلسطيني الحقيقية. فهي بالطبع
مغايرة للصورة النمطية التي يقدمها الآخر عنه والتي يبدو من خلالها
وكأنه لا يجيد سوى رمي الحجارة وتفجير نفسه. لكن الأطفال هنا ككل
أطفال العالم يحلمون ويريدوا أن يعبروا عن انسانيتهم بشكل جميل.
نحن نعمل كي لا يكون ابناؤنا معاقون وإنما سفراء لبلدهم يعبروا عن
جمال ثقافته وحضارته من خلال المسرح. لقد عملنا على اقامة جولات
لهم في أوروبا لتقديم عروضهم. وقد رأى أطفالنا ماذا يعني أن نعيش
في عالم حر ونرى الآخر كإنسان كما يرانا هو مساوين له. وقد رأوا أن
هناك أناس متعاطفين مع قضية الشعب الفلسطيني ومع المقاومة السلمية
اللاعنفية. نحن نريد أن نبني لهم مستقبلا أفضل من حاضرنا مبني على
الانسانية وليس على الأديان والنزاعات بينها. لقد حاولت المؤسسات
اليهودية منع عروضنا في فرنسا ولكننا أقمنا دعوى قضائية ربحناها.
فهذا العالم لا يمكن أن يتحول لغابة ويبنى المستقبل على بحر من
الدماء".
محافظة جنين
الطريق إلى جنين لم يكن سهلا ولا بد للقادم من القدس من تبديل
السيارة في رام الله كون سيارات القدس لا يسمح لها بالعبور إلى
الضفة. كما أن الطرق التي يسلكها المسافرون ليست بالضرورة سالكة في
كل وقت. حوالي مائة ونيف من الكيلومترات تفصل القدس عن جنين، ورغم
أن السير لم يكن غزيرا في هذا اليوم الذي يشهد العطلة الأسبوعية،
فقد استغرقت الرحلة 4 ساعات بين المدينتين.
في
جنين التقينا بمحافظ المدينة (الذي استضافنا في منزله بالترحاب
ونزلنا عند دعوته بكل سرور مع عدم توفر الفنادق في هذه المدينة).
وقد قّدم لنا بعض المعطيات عن هذه المحافظة التي يبلغ تعداد
سكانها 330 ألف نسمة، اعتقل 30 ألف من ابنائها كما خسرت 520 شهيدا
منذ الانتفاضة من بينهم 120 طفلا. أما الجرحى فنسبة الاعاقات بينهم
تصل ل30%. وازاء تدمير بنيتها التحتية واقتصادها، بما فيه تدمير 46
بئرا ارتوازيا على امتداد 15 كلم بحجة قربها من الاردن، فقد بات
اعتمادها على الدول المانحة كبيرا. كذلك التقينا بمدير المستشفى
الحكومي الذي يضم 123 سريرا فارغا منذ أكثر من شهرين بسبب الاضراب
الشامل، بحيث يحّول المرضى إلى مستشفى الرازي. كان لنا لقاء أيضا
مشترك مع كوادر من جمعية التكافل والتضامن الأسري وجمعية تأهيل
ورعاية الكفيف وجمعية أصدقاء المريض، كما تعرفنا على مؤسس مركز
أمنية الشبابي.
جمعية تأهيل ورعاية الكفيف
جمعيه أهلية غير ربحيه، تأسست سنه 1987
ولم
تباشر نشاطها الفعلي سوى في 1992 نظرا لظروف تلك الفترة. لكن منذ
ذلك الحين قامت بالعديد من النشاطات حيث افتتحت مدرسه النور
الأساسية للمكفوفين. المدرسة الوحيدة في شمال فلسطين بما يشمل جنين
ونابلس وطولكرم وقلقيلية وسلفيت. تقوم الجمعية برعاية هذه المدرسة
التي تستقبل طلابها المكفوفين من عمر4 سنوات لتأهيلهم وإرشادهم
حركيا قبل دخولهم الصف الأول الأساسي وحتى الصف العاشر ليكونوا
قادرين على الاعتماد على أنفسهم قبل انتقالهم إلى مدارس المبصرين.
يوجد كفيفين في الهيئه الإدارية والتدريسية يقومون بالتدريس وفق
منهاج وزارة التربية والتعليم بطريقة يريل التي تطبع يدويا لعدم
توفر جهاز كمبيوتر. تتبنى الجمعية طلابها بعد تخرجهم من الصف
العاشر والتحاقهم بالمدارس الحكومية وذالك بتوفير سكن داخلي وكتب
ومواصلات. كما تقوم بمتابعه المكفوفين كبار السن لتعليمهم القراءة
والكتابة. تعتمد في تأمين وتسيير أمورهم على الدعم والتبرع من
محسنين. وهي تقوم بمسح حالات كف البصر في جميع مناطق المحافظة، كما
تعمل على مساعده الطلاب المكفوفين الجامعيين. كذلك تزودهم بأجهزة
تسجيل للمساعدة في الدراسة الجامعية وبنظارات
طبية وتأمين صحي للحالات الاجتماعية. تقدم أيضا دورة يريل لكبار
السن بالإضافة لدورة تأهيل للفتيات الكفيفات في النسيج. تملك
الجمعية سكنا داخليا لطلابها وتقوم بتقديم وجبات الطعام لهم. وقد
قامت الهيئة الإدارية بتوفير موظفين من ملاك بلدية جنين ووزارة
التربية والتعليم وبالحصول على مساعدات من غرفة التجارة ومن
المؤسسات المانحة وأهل الخير. مع ذلك لديها شكوى من عدم توفر
الامكانيات الكافية لمواجهة متطلبات المحتاجين والمهام التي
تنتظرها.
مركز أمنية الشبابي
تأسس مركز أمنية الشبابي قبل عامين، وهو يسعى للنهوض بمستوى
الشباب وتمكينه من أخذ دوره بالتركيز على محو الأمية والتثقيف
والارشاد وعقد الدورات والندوات والمحاضرات. كذلك عبر أستخدام
وسائل أعلامية وبرامج تلفزيونية واذاعية. وقد بدأ بتنظيم المعسكرات
والمخيمات الصيفية الشبابية لكن تم إيقافها بسبب تعرض منطقة جنين
لاجتياحات قوات الاحتلال وما جره من أخطار عليهم.
هذا العمل ما زال في بدايته بسبب عدم توفر الامكانات لكنه واعد لو
استطاع الحصول على الدعم والتشبيك الكافيين.
مسرح الأطفال في مخيم جنين
زارت البعثة أيضا مخيم جنين والمسرح المخصص لاطفاله كمشروع تربوي
يساعدهم على تحمل الوضع الصعب الذي يعيشونه. التقينا بجوليانو مر
خميس الذي يشرف على المسرح والذي هو ابن لفلسطيني تزوج من يهودية
داعية للسلام كانت تعمل مع الفلسطينيين. لقد كان جوليانو يعمل
ممثلا في تل أبيب، لكنه بعد وفاة والدته ترك عمله وقدم إلى جنين
ليعيش مع أطفال المخيم ويتابع نشاط والدته في مسرح الأطفال. اضافة
لتعليمهم التمثيل والفن للترويح عن أنفسهم، هو يسعى لمساندة أهالي
المخيم باقامة مشاريع اقتصادية واشراك النساء في الحياة الاجتماعية
ومحاربة العنف الواقع على الأطفال..
في
الليلة السابقة لقدومنا، كان المخيم مسرحا للتدمير والهدم مع
العمليات الحربية بالبازوكا حيث يدخل الجنود الاسرائيليون في الليل
غالبا ويعيثوا في ساكنيه الرعب والخطف والتنكيل.
رغم
أن جوليانو ممنوع كاسرائيلي من دخول الأراضي المحتلة، فهو يعيش
متنقلا بين تل أبيب وحيفا وجنين. لكنه لم يكن متفائلا بالوضع، حيث
يرى أنه مع غياب مظاهر الدولة والفساد المستشري يعيش الناس في وضع
جد ضاغط ماديا وسياسيا متخوفين مما سيحمله لهم الغد. مليوني نسمة
يحاولوا حسب قوله أن يعتاشوا من أي شئ بما فيه تجارة السلاح مع
الجنود الاسرائيليين أنفسهم.
نابلس ومركز دارنا
انتقلت البعثة لنابلس لزيارة مركز دارنا لرعاية الأطفال. وصلنا هذه
المدينة الجميلة التي تقع بين جبلين والمراقبة من كل جوانبها من
الاسرائيليين الذين يدخلون ليليا بدورياتهم ويوقفوا ويفتشوا
ويعتقلوا من يشاؤا وكيفما شاؤا وخاصة ناحية المخيم. تلك الليلة تم
توقيف 11 شخصا من أهالي المخيمات القريبة من مركز المدينة.
كذلك زرنا جامعة النجاح التي تعلو تلة تشرف على الضفة وتضم حوالي
16 ألف طالب وطالبة وتعرفنا على الجهد الجماعي المبذول لتأمين حياة
شبه مقبولة للشبيبة.
يدير مركز دارنا المغربي يوسف حجي الموفد من جمعية غير حكومية
فرنسية. وهو ككل الأجانب يجب أن يجدد تأشيرة دخوله كل ثلاثة أشهر.
ذلك منذ سنة 2000 حيث لم تعد أية حجة أخرى تنفع، أكان ذلك لسبب
التجميع العائلي أو العمل. يجدر بالذكر أنه منذ شهر نيسان 2006 قسم
كبير من هؤلاء الأجانب لم يستطع الحصول على فيزا من سنة لخمس
سنوات. بما يمس عمل الأطباء والعاملين الأجانب خاصة في الجمعيات
غير الحكومية. في الفترة التي سبقت مجيئنا، كان أحدهم قد أدخل مركز
التوقيف في تل أبيب لخمسة أيام قبل السماح له بالدخول لاسرائيل.
كان
يمكن لنا أن نقع على حاجز أو جندي يتنبه إلى أن جوازات سفرنا لا
تسمح لنا بزيارة الضفة الغربية ويمنعنا من مواصلة طريقنا، لكن ذلك
لم يحدث لحسن الحظ.
يعمل يوسف حجي مع الشباب الذي يعاني من الاحتلال. هو يعتبر أنه
بذلك لا يتضامن معهم فقط، وانما مع ذاته وكينونته كإنسان لا يعيش
في شريعة الغاب. يقول: أن الشاب في نابلس يحلم ان يصبح عمره 35 سنة
كونه بأقل من هذا العمر لا يسمح له بالخروج من المدينة. كما وهناك
أكثر من مائة طلب تقدموا بها لفرنسا لمساعدتهم في مشاريع يمكن أن
يعملوا بها، لكن بضع عشرات قبلت منها. أمور أخرى لم تجد تعاونا
كافيا، بما يطرح السؤال حول حقيقة دعم فرنسا للفلسطينيين. فرنسا
التي قدمت ضمانات كثيرة لاسرائيل بدلا من لعب دور يتناسب مع الصورة
التي تقدمها عن اعلائها لقضايا حقوق الانسان. مع ذلك ما زال يكافح
الشعب الفلسطيني ولا يمد يده لأحد متسولا رغم صعوبة الوضع الذي
يرزح تحته.
هذا
الشعور الذي يناقض مقولة أن فرنسا بلد متعاون مع الفلسطينيين سمعنا
اصداءا له في أماكن أخرى، ومنها بالتحديد المنظمات الفرنسية
الداعمة للفلسطينيين. عزز هذا الشعور ما عبرت عنه مباشرة أو مواربة
موظفة عالية المستوى التقينا بها في القنصلية الفرنسية في القدس
عندما تكلمت، وإن بشكل متعاطف ومتفهم لوضع الفلسطينيين، بما يعطي
الانطباع بعدم ثقتها أو رغبتها بمساعدة كل من يتقدم اليها بطلب
تعاون كونها تفضل حصر نطاق شراكتها باطراف محددة تثق بهم.
شمعة مضيئة أخرى في الطيبة
لم
يكن بد من زيارة الأب رائد في قرية الطيبة، حيث رغم الوضع الصعب
لجمعيات المجتمع المدني، هناك من لم يفقد الأمل ويقوم فضلا عن ذلك
بمشاريع تنموية انتاجية كي لا يعتمد على من عداه وينظر بتفاؤل
للمستقبل. الطيبة قرية تضم 60 ألف نسمة. هي لا تبعد كثيرا عن رام
الله، حوالي 13 كلم، أستدعوا معنا نصف ساعة لعبورهم، لكن أحيانا
يلزم ثلاث ساعات لذلك. فالطيبة ككل القرى والبلدات الفلسطينية تعيش
تحت وطأة مزاج المسؤولين الاسرائيليين الذين يجعلونها تبعد أو
تقرب كلما يحلو لهم قطع الطرق اليها واجبار العابرين منها للتوقف
على الحواجز او اتخاذ طرق فرعية التفافية لبلوغ المقصد إن بلغ.
الأب رائد وصل الى البلدة قبل أربع سنوات، بعد أن كان يعمل سكرتيرا
للبطريرك الصباح. وكان قد قدم اطروحة الدكتوراه عن المقاومة
اللاعنفية منطلقا من أن الشعب الفلسطيني في موقع أقوى عندما يرفع
الحجر او غصن الزيتون بدل البندقية.
الخطيئة الأصلية بنظره مردها للاحتلال والعنف الإسرائيلي الذي ولّد
العنف في الأراضي المحتلة مع الفصل العنصري والمستوطنات والحواجز
والاعتداءات. مما لم يعد يترك مجالا لدولتين ولشعبين وإنما لدولة
واحدة تضم الجميع وعاصمتها القدس.
يدافع الأب رائد عن الدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية التي
لن يكون الدين مرتكزها، وان كانت اسرائيل لن تقبل بها كونها نشأت
على فكرة تجميع يهود العالم وتخاف من التكاثر السكاني الفلسطيني.
لذا يعتبر أن من مهامه التربية على ثقافة السلم ولو كان ذلك يفترض
انتظار عدة أجيال لتحقيق الهدف.
المسيحيون الاربعمائة ألف في الأراضي المقدسة لم يبق منهم سوى مائة
ألف، منهم ستون ألفا موزعين بين القطاع والقدس والضفة. والطيبة هي
القرية الوحيدة المسيحية كاملة، وهو لا يتخوف من أنهم قد يختفون
بعد عقدين من الزمن بسبب الهجرات من فلسطين كما يشاع أحيانا.
الأب رائد يرفض أيضا أن يطلب المساعدة من أحد، ولذا حدد أربع وجهات
مختلفة لتطوير نشاطاته:
-
استقبال الوفود الأجنبية للتعريف بالواقع المعاش والتحسيس بظروف
الوضع عن كثب،
-
التنمية الاقتصادية انطلاقا من بيع محاصيل زيت الزيتون وايجاد
اسواق اجنبية لتصريف البضاعة، بما يشجع على التشجير والعودة للعمل
بالأرض ودفع تكاليف تعليم الأطفال والعيش بكرامة. ففي القرية
معصرة للزيت حيث يصدّر سنويا 150 طنا يستخرجها من 30 ألف شجرة
زيتون في الطيبة. وهو إلى جانب ذلك يبيع شمعة السلام التي تدخل مع
زيتها إلى الكنائس في العالم والتي تعبر من خلالها عن تضامنها مع
رسالة السلام. كما يبيع حبوب الكسكس الفلسطيني (المفتول) ومستحضرات
التجميل المصنوعة في الطيبة من مواد من البحر الميت القريب. كذلك
يبيع مستحضرات تجميل مصنوعة من زيت فلسطين والعسل الذي يستقدمه من
نيكاراغوا.
-
العمل
الانساني لتأمين المتطلبات من خلال مستوصف يدفع المريض لمعاينته
فيه أقل من أورو واحد. كما يستقبل الحوامل خاصة بعد وضع 76 امرأة
على الحواجز بسبب منعهن من العبور الى المستشفيات لوضع الاجنة
ووفاة 24 من بينهن خلال الخمس سنوات للانتفاضة. هذا اضافة لمشروع
دار للعجزة والمعاقين. وهذه الكفاية المادية التي تحققت خلال ثلاث
سنوات من تصنيع وبيع منتوجات متعددة استطاعت أن تغذي الأعمال
الخيرية وأمنت مصاريفها دون الحاجة للاتكال على تمويلات أجنبية.
-
التربية على السلام لأطفال بين الخامسة والخامسة عشر سنة وتعليمهم
أغاني وموسيقى ينقلونها للعالم عبر حفلاتهم في الخارج. لذا يعمل
بجد من أجل تشييد مركز للسلام للسنوات القادمة.
مشاهدات وانطباعات
استرعى انتباهنا في أكثر من مكان وخاصة في نابلس سيارات تمر في
الشوارع ولا تتوقف على اشارات المرور المكسرة، كما لا تحمل ارقاما
حيث قيل لنا أنها مسروقة من اسرائيل. مما يطرح تساؤلات حول أهمية
عمل أجهزة المراقبة وضرورة تشييد الحائط والحواجز، كما ويدلل على
الفساد المستشري على المعابر. اتفاقيات أوسلو كانت قد صنفت هذه
المدينة الشمالية كما مدينة جنين فئة أ، أي تابعة للسلطة
الفلسطينية. لكن لم نلمس هذا في الحياة اليومية حيث تتواجد قوات
الاحتلال بشكل كبير. مما يفرغ وجود قوى الأمن الفلسطينية من محتواه
في النهار، وفي الليل هي حاضرة بدورياتها التي تنشر الرعب وتدفع
الناس للمبيت باكرا كي لا يقعوا عليها في طريقهم.
في
مدينة نابلس كما في غيرها يعيش المستوطنون في بعض الأحيان جنبا إلى
جنب مع الفلسطينيين دون أن يختلط الاثنان مع بعضهما. منازلهم
وطرقاتهم تتم المحافظة عليها على أفضل وجه، كما تتم حمايتهم وكأنهم
هم أهل البلد في حين أن الكثيرين منهم لم يتعرفوا على هذه الأرض
سوى منذ فترة قريبة.
بيت
لحم مثلا لا تبعد أكثر من 7كلم عن القدس. في طريق عودتنا منها إلى
القدس وكان يوم جمعة، اصطدمنا بحاجز التفتيش عند السور. الجنود
المتواجدون على الحاجز كانوا قد تسلموا منذ الصباح تعليمات بمنع
الرجال الذين لا يحملون تصاريح من العبور إلى القدس. كان هناك تخوف
من حصول صدام مع الفلسطينيين عند المسجد الأقصى على ما يبدو. مما
أرغم صديقنا الفلسطيني الذي كان يرافقنا إلى القدس أن يعود أدراجه.
في حين كان يود قضاء يوم العطلة مع زوجته وأطفاله الذين يقطنون في
القدس (كي لا يضيعوا حقهم في سكنهم بسبب سياسة تهويد القدس). وبقي
بانتظار تغيير مزاج الاسرائيليين على الحاجز إلى أن يستلموا
تعليمات أقل تشددا وتعنتا.
في
اليوم السابق كان هناك اضراب في القدس للتضامن مع ضحايا بيت حانون
الذين قتلوا دون جريمة اقترفوها. وهذا اليوم انطلقت مظاهرة بالقرب
من المسجد الأقصى قامت بها طالبات مدارس القدس الشرقية. لكن الشرطة
قامت بتفريقها وقمعها بالقوة بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع
والضرب بالايادي. مما أوقع عدة ضحايا نقلن للمستشفيات بسبب الحروق
والجروح والكدمات وارتطام القنابل الصوتية، كما واعتقلت عشرون
فتاة. هذه المستجدات منعتنا من الالتقاء بالمسؤولين الفلسطينيين من
لجنة الزكاة في القدس بسبب وجوب التقيد بتعليمات الاضراب. وحيث كنا
قد وصلنا للمكان ومررنا أمام حائط المبكى واجتزنا الحواجز
الالكترونية التي يشرف عليها الجنود الاسرائيليون، قررنا أن نعرج
على المسجد الأقصى. لكننا منعنا من الوصول إليه بسبب القرار
بالاغلاق الذي برره أحدهم عند سؤالنا له بأن " الحيوانات قد
افتعلوا مشاكل"، والمقصود هنا الفتيات المضربات.
جنود الاحتلال الذين كنا نراهم على الحواجز هم غالبا صغار في السن
وفي بداية شبابهم، تنقصهم الخبرة والتجربة كما ويسيطر عليهم الخوف
من الآخر الذي يتصورونه ارهابيا أو متعاطفا مع الارهابي. فيتعاملون
معه من موقع السلطة التي يشعرون أنها ممنوحة لهم ليفعلوا ما يشاءوا
بشكل فظ ومتغطرس. وغالبا ما يتلذذوا برؤية الفلسطينيين مقهورين
وغير قادرين على الرد عليهم وعلى اهاناتهم وإلا كان القصاص مؤلما.
حيث ليس للفلسطيني أن يرفع صوته أو يعترض أو يتصدى لإهاناتهم له.
ما يشعرهم بأنهم أكثر قوة ممن عداهم بحيث يبيحوا لأنفسهم ما
يريدوا، هو أن المؤسسة لا تحاسبهم على انتهاكاتهم لحقوق
الفلسطينيين إلا نادرا. لا بل تشجعهم بطريقة أو أخرى على القيام
بهذه الانتهاكات ليس فقط باصدار الأوامر المباشرة، وإنما أيضا
بعمليات غسل الدماغ وتقديم المثل بانتهاكاتها للأعراف الدولية
والضحك على ذقون المجتمع الدولي وتسخير الأمم المتحدة لأهدافها
وهلم جرا. من المعروف أن الحواجز التي يقفون عليها لا يمر عليها من
يمكن أن يقوم بأعمال عنفية. لكنها تصلح لمنع أو عرقلة حركة
الفلسطينيين في بلدهم وترك الطرقات مفتوحة أمام المستوطنين وجر
أبناء البلد للكفر بحياتهم والبحث عن ملجأ آخر في أي مكان من
العالم يستقبلهم. كما للجم رغبة أي أجنبي يريد أن يضطلع على أوضاع
الفلسطينيين عن كثب، وبالتالي يمكن أن يتعاطف معهم وينقل صورة عن
حقيقة الواقع المعاش.
استنتاجات
نخلص من هذه الأمثلة التي قدمناها عن الجمعيات الخيرية الفلسطينية
في المجالين الصحي والاجتماعي لصورة قاتمة، خاصة وأن الاشكاليات
تظهر أكثر وضوحا مع غياب دور فاعل للحكومة واعتماد المجتمع بشكل
كبير على جمعيات المجتمع المدني لتأمين احتياجاته. هذا القطاع
يعاني علاوة على ذلك من هشاشة في البنيان البشري، الذي بجزء كبير
منه يحتاج في مدينة القدس لتصاريح لدخولها عندما يكون من يعمل في
الجهاز الطبي من حملة الجنسيات الاجنبية أو من القاطنين خارج حدود
المدينة.
وحيث أن المؤسسات التابعة للحكومة حصل فيها مشكلة بسبب عدم امكانية
دفع الرواتب، وحيث أن التحويلات من الخارج التي تتجاوز 5 آلاف
دولار تحتاج لمراقبة، فواحد من الحلول قضى بتقليص عدد الموظفين
وتقنين الصرف والاكتفاء الذاتي والتعويل على الكفاءة والفعالية..
وبما أن للكثير من الموظفين مصادر دخل أخرى كمساعدات عائلية او
محاصيل زراعية أو غيره، هناك من تساءل عن شرعية الإضراب لو لم يكن
الموقف الذي يحرك ذلك سياسيا. ولو كان من تعاون كافي بين جميع
الفلسطينيين لما كان هناك من اضرابات واشكالات كبرى تنغص عيشهم
علاوة على ما يفعله بهم المحتل الجاثم على صدورهم. لكن السلطات
الاسرائيلية والادارة الأمريكية تعمل حثيثة على ازكاء روح الفرقة
بين الأطراف المختلفة، وبالأخص بين بعض فصائل فتح وحكومة حماس من
أجل إضرام نار حرب أهلية.
خلال هذا الوقت الذي جربت فيه كل المحاولات لتفتيت الفلسطينيين
ونزع روح المقاومة لديهم ولجأت لمنع دخول الأموال للفلسطينيين بشتى
الطرق، ارتفعت الحالات الانسانية بشكل كبير. خاصة منذ ثمانية أشهر
من الاغلاق والشلل في عمل الجمعيات الخيرية، وتوقف الشؤون
الاجتماعية، وتراجع المساعدات التي تدعم المؤسسات، وتوقف أجور 165
ألف موظف من الضفة والقطاع كانوا يعيلون مليون ونصف نسمة. كما أن
هذه الجمعيات باتت لا تستطيع تغطية حاجاتها عبر علاقاتها الخارجية
لتأمين الدعم والتمويل الكافيين، خاصة وأنها تتوجه للفئات
المستضعفة أي المرأة والطفل التي هي الأكثر تضررا. نقص التمويل حصر
العمل في حالات محددة. وحيث صرفت موازنات على تدريب موظفين، لم تتم
الاستفادة منهم على الأرض بما فيه الكفاية. علما أن هذه الموازنات
يصرف معظمها على رام الله وتهمل بقية المحافظات وجمعيات الشمال
(كما عبرت من ذلك جمعيات من شمالي الضفة).
الأموال التي اوقفتها اسرائيل تكفي لدفع معظم رواتب الموظفين. أما
التحويلات من الخارج وخاصة من الدول العربية لو تقرر ارسالها فهي
لن تصل، لا عبر البنوك الفلسطينية التي لا تستطيع اصدار شيكات، ولا
عن طريق عمان حيث هناك مراقبة مشددة تعتمد على سكانر يكشف ما يمكن
أن يخبأ. هناك تخوف من ارسال المساعدات للأراضي المحتلة. وقد قيل
لأطراف ذهبت إلى دول عربية لهذا الغرض "لا نريد أن تقولوا أنكم
أتيتم صوبنا". فحكوماتها التي تخضع للضغوط الأمريكية بوقف
المساعدات عن الفلسطينيين بحجة وقف دعم الارهاب، لا تجد حرجا من
تسويق بضائع لشركات تقتطع جزءا من أرباحها الهائلة لتحويله
لاسرائيل!
وإذا كانت هذه حال الدول العربية الشقيقة، فهل نستطيع ان نلقي
اللائمة على الدول الغربية التي خضعت للابتزاز الأمريكي والتي تسوق
لمصالح من يحكمها وتتراجع عن دعم الفلسطينيين ؟ بدورهم عرب الخط
الأخضر الذين كانوا يساعدون أخوانهم في الأراضي المحتلة أصبح
دخولهم للقطاع صعبا منذ 2004 . وهم يخضعون لو فعلوا لتفتيش دقيق.
كذلك حصل اختناق كبير مع جدار الفصل العنصري، وتبديد الأمل بإيجاد
عمل في إسرائيل مع استقدام مائة ألف عامل أجنبي لمنع تشغيل
الفلسطينيين، حيث يقدر عدد الذين يحصلون على تراخيص ب23 ألفا. أي
أن هناك 66 ألف عامل عاطل عن العمل. بما يرفع نسبة من هم تحت خط
الفقر ل72%. حوالي 20% من رؤوس الأموال رحلت للخارج. كما أن هناك
شركات رحلت إلى رام الله حيث الحركة فيها ما زالت نسبيا أكبر (في
مدينة نابلس مثلا كان هناك 52 صبّانة، اليوم لم يبق منها سوى ثلاثة
فقط. فالدول العربية التي كانت تستورد صابونهم توقفت عن ذلك).
هذه
السنة كانت الأشد وطئا على الفلسطينيين بكل المقاييس، وبالخصوص على
الذين يقطنون قطاع غزة. هذا القطاع الذي يشكو من اختناق ووضع
اقتصادي واجتماعي مأساوي أشد جورا، لن نتطرق للحديث عنه في هذا
التقرير كونه يحتاج لبعثة مراقبة خاصة به. ليس فقط لأنه يفترض ترك
بعض الوقت لتقييم جديد للمستجدات، وإنما لكون العبور اليه في هذا
الظرف لم يكن بالأمر السهل. ذلك بسبب التشديد على المعابر وضرورة
الحصول على تراخيص مسبقة، وخاصة بعد اتفاقية المعابر منذ عام والتي
كان لها الأثر السلبي الكبير على حرية الحركة والتنقل والتجارة،
بدلا من تحسين ظروف حياتهم ودعم نمو الاقتصاد السلمي وتسهيل مرور
البضائع وبخاصة الغذائية والدوائية. مع هذه الاتفاقية تفاقمت
الأوضاع الانسانية والمعيشية وقفزت نسبة الفقر لدرجة أعلى مما هي
عليه، إن في قطاع غزة او في الضفة الغربية. كما وانتهكت جميع
الحقوق بما فيها الحق في التنمية والتعليم والصحة والغذاء. وذلك
بشكل كارثي، وبخاصة بالنسبة لفئة الأطفال الذين يعانون من سوء
التغذية والمصابين بأمراض مزمنة.
48
ألف فلسطيني هاجروا من الضفة خلال الثمانية أشهر الأخيرة. وحيث
يبدو أن 11 ألف فيزا مزورة قد تم ضبطها من قبل الاتحاد الأوروبي،
فليس من شك بأن الفلسطينيين يسعون بأعداد عالية للبحث عن حل خارج
بلدهم، خاصة بعد أن فتحت لهم امكانية الهجرة إلى أمريكا وكندا
والسويد واستراليا.
هناك من يعتقد من الذين التقينا بهم أنه مهما بذل الفلسطينيون من
تضحيات وقدموا من تنازلات وقاموا بصفقات لن يحصلوا الا على تشريدهم
في بلدان المهجر وبأشكال مختلفة، عندما لا يستطيع الاسرائيليون
التخلص منهم بالقتل. اخبرونا أنه في فلسطين حوالي 50 الف فلسطيني
تقدموا بطلبات للهجرة للسفارات الغربية وان 10 آلاف من اصحاب
الكفاءات قد قبلت طلباتهم للهجرة الى أمريكا. (فمن حوالي عشرة
ملايين فلسطيني، خمسة يعيشون خارج فلسطين، منهم 1.5 مليون في
المخيمات. أما خارج فلسطين فيعيش ثلاثة من الخمسة ملايين في الاردن،
ويتوزع الباقون على سوريا ولبنان والعراق، في حين يتوزع نصف مليون
بين بقية البلدان العربية ومثلهم في انحاء العالم).
في
الوقت الذي توغل فيه السلطات الفلسطينية في الصراعات الداخلية
والاقتتال، بدلا من الانشغال بمقاومة المحتل وتأمين سبل العيش
للمواطن، ستبقى الهجرة متواصلة في اوساط اللاجئين الفلسطينيين
وسيستمر الركون لحلول التوطين والتجنيس والاقامة الدائمة في بلدان
الاغتراب. لكن المؤسف أن حملة الجنسيات الأجنبية من الفلسطينيين لن
يتمكنوا من دخول بلدهم إلا كضيوف، هذا إن سمح لهم المحتل بدخوله.
وإلا فهم مضطرون في هذه الحالة للخروج كل ثلاثة شهور للحصول على
تصريح بالدخول كي يتم السماح لهم بالإقامة إن سمحوا.
هناك تصور عند البعض بأن الوضع مسيطر عليه بالكامل من إسرائيل وان
كل هذا ليس سوى متابعة لسياسة الترانسفير. ترانسفير يتم بطريقة
أخرى وبحيث يصبح الباب مفتوحا للخارج على مصراعيه لمن يرغب أو يعرف
الطريقة المناسبة لاختراقه.
وهكذا، مع تراجع دور الأحزاب السياسية، وغياب برنامج عمل سياسي
مشترك، والدعوة للمواقف المتطرفة، وشيوع مظاهر الفساد والاستزلام
ومظاهر البذخ والإثراء السريع لقلة متنفذة، مقارنة بتزايد متسارع
لمعدلات الفقر والبطالة وتبعية كبيرة للاقتصاد الاسرائيلي، وإعمال
قصر الرؤى والارتجال وردود الفعل في القرارات، بدلا من تبلور أهداف
استراتيجية تتفق عليها جميع الأطراف وخلق سياسات تنموية فاعلة،
تظهر المنظمات الأهلية كلاعب أساسي وأكثر فعالية من المؤسسات
الحكومية والخاصة فيما يتعلق بتقديم الخدمات. وإن كانت تتفاوت
أدوارها من حيث الفاعلية والتأثير ولا ترقى إلى مستوى التحدي الذي
يواجهه المواطنون.
لقد
شكل المناضلون في البداية عمودها الفقري حيث العمل التطوعي
والتضحية من ميزاتها. لكن تدريجيا غلب طابع المهنية مع عاملين
تقنيين يرتكز اختيارهم على مهارات اللغة والحاسوب والعلاقات
العامة.. إلخ. لقد أخذ عليهم العمل من خلال مفاهيم واجندات مفروضة
أو مرسومة في الخارج تماشيا مع أهداف الأطراف الممولة والداعمة.
إلى جانب أن هذه المنظمات لم تكن دائماً على المستوى المتوقع من
الفاعلية من ناحية نوعية الخدمات المقدمة أو المشاركة المجتمعية
أو مفهوم المساواة الذي تطرحه. كذلك هناك من يأخذ على معظمها إن لم
يكن جميعها، تجنبا للتعميم، عجزها عن خلق حالة ضاغطة تؤثر في
السياسات العامة أو في إحداث تغييرات جدية في منظومة السلوكات
وأنماط التفكير السائدة. بل اكتفت "بتقديم خدمات لم تكن دائماً
تلبي حاجات حقيقية أو ذات أولوية لدى الفئات المستهدفة".
مع
ذلك، غالبا ما عملت هذه الجمعيات على توسيع هامش المشاركة الفاعلة،
وساهمت في منع هيمنة السلطة على المجتمع، وفي طرح البدائل
الاجتماعية والتنموية، آخذة الدروس من تجارب الشعوب التي احتكت بها.
خاصة عندما تعمل بتماس مع حاجات الناس، وخارج اعتبارات الربح
والسيطرة، وعلى أساس المصلحة المشتركة، ولو أن منها من تحول لخدمة
الأهداف الخاصة وسعى للوصول لمراكز النفوذ السياسي والاقتصادي.
من
الذين التقينا بهم هناك بالمقابل من يأمل في انقاذ الوضع عبر حكومة
كفاءات تسير الأعمال، كما ويعتقد بأنه لا بد من توافق لتجنب حرب
أهلية لم يعد شبحها بعيدا. ولو أن غياب البنك المركزي يعيق عملية
التنمية، هناك امكانية شراء سندات استثمار بدلا من التبرع لضخ
المال، بما يغني عن المساعدات الخارجية ويساعد الاقتصاد. مع الأخذ
بعين الاعتبار أن بدء فك الحصار عنهم من قبل دولة عربية بادرة خير
وان أتت متأخرة. كذلك يلفتون إلى أن حركة التجارة قد ازدادت خلال
موسم قطاف الزيتون وحصل بعض انتعاش اقتصادي. إضافة إلى أن هناك 400
مليون دولار محجوزة في اسرائيل لو استعيدت لكان بامكانها أن تحل
نصف الأزمة الاقتصادية.
لكن
كيف للمتفائلين ان يتفاءلوا بدنو الفرج والماسكين بزمام الأمور في
الخارج لا يصرفون الدولارات إلا لدعم من ينفذ توجيهاتهم ولتقوية
أطراف على حساب أخرى وتطبيق سياسة فرق تسد وتغذية كل ما يراكم
الأحقاد والضغائن؟
مراجعة للأحداث الأخيرة
أساس المشكلة التي يعيشها الفلسطينيون اليوم والتي يعرفها القاصي
والداني هي أنه بعد الانتخابات التي فرضتها الرباعية الدولية على
الحكم الذاتي في فلسطين وخروج حماس بأصوات سمحت لها بتشكيل حكومة،
لم يرق هذا لاسرائيل وأمريكا والغرب التي حاولت فرض الاعتراف
باسرائيل للاعتراف بها. وحيث أن حماس لم تستجب للضغوط التي تلغي
هويتها وتناقض البرنامج الانتخابي الذي نجحت على أساسه، فما كان من
الولايات المتحدة سوى التمسك بهذه الذريعة لفرض عقوبات مالية على
الحكومة، وبالتالي على الشعب الفلسطيني في غزة والقطاع.
بالمقابل، ساومت مع رئيس السلطة وارغمته على اتخاذ تدابير ضد
الحكومة التي سمى رئيسها. وضغطت على كل الأطراف المتعاونة، بالخصوص
الدول العربية المانحة، لوقف المساعدات للأراضي الفلسطينية ومنع
التحويلات المالية بحجة تجفيف منابع دعم الارهاب. كما وضغطت لعدم
الاعتراف الدولى بالحكومة. وقد أحكمت الحصار على حكومة حماس وسعت
لإفشالها بكل الطرق بتجويع الشعب الفلسطينى. وكلما نجحت حماس فى
اختراق هذا الحصار جزئيا وجدت واشنطن طريقة للالتفاف عليه. فقد
رفضت مؤخرا التزام قطر بدفع رواتب وزارتين فلسطينيتين على سبيل
المثال. كما بررت لإسرائيل كل عملياتها العدوانية ضد الشعب
الفلسطيني بما فيها ايقاف تسليم المقتطعات الضريبية للسلطة
الفلسطينية. فتوقفت البنوك الأجنبية كما المحلية عن التعامل مع
الحكومة وعن تسليم رواتب الموظفين مخافة التعرض للعقوبات، بغض
النظر عن لا شرعية هذه الاجراءات. وقد تداول الاعلام خبر سرقة 700
مليون دولار وتهريبها للخارج كشف عنها النائب العام الفلسطينى.
يأتي ذلك علاوة على حصار ظالم وحرب اسرائيلية تطال كل نواحي الحياة
الفلسطينية: اغتيالا واعتقالا وقتلا وتشريدا وهدما لبيوت وتقطيعا
لشجر ومصادرة لأراضي وبناءا لمستوطنات.
ما
من بد بعد انقطاع مصادر الدخل من الشعور بالاختناق وتوجيه اللوم
للحكومة المتسببة بهذه العقوبات، حسب اجتهادات بعض الأطراف
الفلسطينية التي فاتها أن تحريض طرف على الآخر لا يصب سوى بخدمة
اسرائيل. هذا الكيان الذي يجد في كل مرحلة الشروخ والتبريرات
المناسبة لضرب المجتمع الفلسطيني والاستفادة منها لتعميقها وتفتيته
واثارة النعرات بين فئاته المتعددة الانتماءات الفكرية، كما لشل
مقاومته للاحتلال وفرض القبول باملاءاته. فكان الاضراب الذي شل
قطاع الصحة والتعليم والذي يمتد منذ أشهر طويلة للمطالبة بدفع
الأجور. مما زاد من الاحتقان والتوتر بين الأطراف المحسوبة على
طرفي السلطة. كان الإضراب شاملا لسبب أن أغلب موظفي السلطة تابعين
لحركة فتح. ثم أتت لجنة مساندة الاضراب مكونة من الأجهزة الأمنية،
بحيث وقفت مختلف فصائل منظمة التحرير إلى جانب الرئاسة وضد حكومة
حماس.
لقد
جرت محادثات ماراثونية لايجاد حل بتسمية حكومة وحدة وطنية، بعد أن
طالبت 300 شخصية من المثقفين والسياسيين حكومة حماس بالاستقالة
وتسليم السلطة لمستقلين. لكن حماس رفضت هذه الصيغة حرصا منها كما
تقول على المساءلة. وفي الوقت الذي ننهي فيه التقرير، توقفت
محادثات حكومة الوحدة الوطنية وارتفعت وتيرة الاتهامات المتبادلة
وحرب البيانات والتصريحات بعد فترة من الهدوء النسبي وانخفاض وتيرة
الإعتداءات الاسرائيلية إثر إتفاقية "التهدئة" ولقاءات رئيسي
السلطة والحكومة. لقد عاد التخوف من حرب أهلية في بلد لا يعرف حتى
اليوم الطائفية ولا يوجد فيه قوميات أو مذاهب. لكن بالتأكيد عناصر
نافذة تخاف على مصالحها وترتبط بقوى محلية وإقليمية ودولية لها
مصلحة في قلب طاولة الحوار وتفجير الأوضاع الداخلية ودفعها إلى
المجهول. عدنا من جديد نسمع التصريحات النارية والاتهامات
التخوينية، بما يعيد إنتاج المأزق بأشكال مختلفة. ويبدو أن القضية
الأساسية هي في برنامج سياسي لا يترك الكثير من نقاط الالتقاء، رغم
تشكيل لجنة سداسية لرسم خطة طريق ورغم أن ما يحصل لا يصب سوى في
خدمة مصالح العدو المتربص بالفلسطينيين وإن بأيادي فلسطينية توجه
سلاحها ضد صدور فلسطينيين آخرين. ظهر ذلك واضحا مع تعرّض موكب رئيس
الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، العائد من جولة عربية وإسلامية
جمع فيها الدعم المالي، لإطلاق نار مباشر ومتعمّد فور خروجه من
الصالة الفلسطينية في معبر رفح الحدودي. ذلك بعد أن سعت سلطات
الاحتلال للوقوف بوجه عودته بإغلاق المعبر ومنعه من الدخول. مما
أدى إلى وقوع عشرات الضحايا. كذلك لقاء رئيس السلطة الفلسطينية
برئيس الوزراء الاسرائيلي لم يقدم شيئا مهما للفلسطينيين في ظل
استمرار سياسة الاستيطان في وادي الاردن. أما بعض العشرات من
ملايين الدولارات فهي ستخصص لدعم قوات الأمن التابعة للرئاسة
الفلسطينية، في حين يمنع رئيس الوزراء من ادخال الأموال التي جمعها
من جولته كي لا تذهب لحماس كما يبررون.
لقد
كان بحوزة رئيس الوزراء مبلغ 35 مليون دولارا حصل عليها خلال جولته
على مدى أسبوعين لعدد من الدول العربية والإسلامية. مما اضطره
للمرور بعد أن ترك الأموال لعدد من مساعديه لإيداعها أحد البنوك.
لكن يقدّر، نقلا عن بعض المراقبين في معبر رفح، أن حكومة حركة حماس
تمكنت خلال هذا العام 2006 من إدخال قرابة 80 مليون دولار، وتؤكد
الأخيرة أنها تستخدمها فى دفع رواتب موظفى الحكومة وتوفير الخدمات
الأساسية للشعب الفلسطيني، في حين تزعم إسرائيل أنها تموّل بها
مقاتلى الحركة.
أما
ما يجري من طرف بعض الدول العربية الوثيقة الصلة بالحلف الامريكي
الاوروبي الإسرائيلي كمصر والسعودية والاردن والتي تنفذ املاءاته
صاغرة، لا يدعو للتفاؤل بقرب التوصل لحل. مثال عليه ما صرحت به
مؤخرا المتحدثة باسم المراقبين الأوربيين المسئولين عن الإشراف على
معبر رفح الحدودي من أن الدكتور صائب عريقات قد ابلغ لجنة التنسيق
فى هذا المعبر، التى تضم أوروبيين ومصريين وإسرائيليين، أن الرئيس
حسنى مبارك قدم التزاما للرئيس أبو مازن بمنع تدفق أى أموال من
الجانب المصرى من الحدود إلى حكومة حركة حماس. كما وأن القاهرة
ستمنع مسئولى حكومة حماس من استخدام الحدود المصرية لإدخال أموال
إلى الأراضى الفلسطينية. وقال المراقبون أن حكومة حماس قد تلجأ إلى
أشخاص غير معروفين بانتمائهم لها لنقل تلك الأموال. علما أن
إسرائيل كانت قد اشترطت على عابرى المعبر من المواطنيين إعلان أي
مبلغ يدخلونه تفوق قيمته ال80 ألف شيكل.
بالطبع أطراف حماس نسبت مسؤولية الحادث على معبر رفح إلى أمن
الرئاسة التابع لرئيس السلطة محمود عباس، وهؤلاء يكذّبون بدورهم من
يقول ذلك. لكن في اليوم التالي يخرج رئيس السلطة ليعلن بعد خطاب
طويل ودون حوار مسبق الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، ما
أثار ردودا كثيرة ومنها حادة. وقد وصلت عملية الشد بين الطرفين
والتحريض والتحشيد لمرحلة خطرة، في حين أن المطلوب وضع حد للفلتان
الأمني وترويع الشعب وهدم مقدراته بوضع المصلحة العليا كهدف لتطويق
الأحداث ونبذ عقلية ومنهج التعصب والتخوين. كان من الأجدى سحب
جميع المسلحين من الشوارع ووقف الاتهامات المتبادلة وايجاد قواسم
مشتركة حول الثوابت الفلسطينية وادارة معركة التحرير بشكل مشترك
والعمل لبناء الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين.
أي
بمعنى تشكيل حكومة وحدة وطنية يفترض بها أن تضع حدا لتدهور الأوضاع
الذي سيكون له انعكاسات مدمرة على المجتمع الفلسطيني من افقار
وتهميش وتهديد أمن وسلامة المواطنين بشكل كبير، وبحيث لن يكن من
مستفيد سوى الدولة المغتصبة وأمريكا من ورائها. ضمن هذا الوضع كانت
قد تكثفت في الشتات الفلسطيني الدعوات لتشكيل لجنة مؤسسة لمؤتمر
شعبي. ذلك بعد الشعور بانسداد افق تشكل حكومة وحدة وطنية تجمعها
الثوابت الوطنية، وبعد التخوف من التفريط بحق العودة والقدس.
يبدو أنه في جو الاحتقان والفوضى السياسية والانفلات الأمني وحمل
السلاح، الاستفزازات ما زالت تتعاظم. والملاحظ أنه في كل مرة تهدأ
الأوضاع تجري أحداث تعيد إشعال النار باغتيالات لهذا الطرف أو ذاك.
وهناك من يلفت النظر للمستعربين والمتعاملين مع اسرائيل الذين
يصبون الزيت على النار في كل مرة تميل الأوضاع للتهدئة. ورغم
الإعلان عن انسحاب المسلحين من الشوارع بعد التوصل لاتفاقية بين
الجانبين، استمر سقوط قتلى وجرحى جراء عدم وقف حالة التوتر بين
حركتي فتح وحماس.
نظرية "الفوضى البناءة" التي اعتمدتها واشنطن لإحكام السيطرة على
الوطن العربي تنذر بأن أي اتفاق هدنة في فلسطين قد لا يصمد طويلا.
خاصة وأن التناقض بين طرفي الصراع الفلسطيني ليس فقط انعكاسا
لتنافس على الحكم في سلطة فاقدة للسيادة وللقدرة على صناعة القرار
المستقل، وإنما هو بين خيارين استراتيجيين أساسيين : خيار المقاومة
بالوسائل التي يتيحها القانون الدولي بما في ذلك الكفاح المسلح،
وخيار التسليم برؤية واشتراطات ما يسمى بالمجتمع الدولي وبمطالب
الرباعية. مما يشعرنا بأن حالة التردي والانهيار مستمرة ما لم
تسارع أطراف وطنية فلسطينية ملتزمة بثوابت الصراع وعربية ذات وزن،
للعمل بكل ما اوتيت من قوة وتأثير لرأب الصدع بين الفلسطينيين
أنفسهم. خاصة إن وضعت نصب أعينها فشل السياسات الظالمة التي اتبعت
في العراق ولبنان وفلسطين، والظرف الدولي والإقليمي الذي يؤهل
لتطور نوعي ويستفيد من التحولات الجلية على الساحات الأمريكية
والإسرائيلية والأوروبية.
نحن
اليوم أمام مساومة لا أخلاقية اسمها شروط الاحتلال مقابل الغذاء.
هذه المساومة التي تعتبرها سلطات الاحتلال سياسة منهجية، وكان
المجتمع الدولي يعترض عليها إن لم يقف على الحياد. هذا المجتمع
بتعبيراته الغربية (الإدارة الأمريكية والمفوضية الأوربية) يقف
اليوم في صف السياسة اليمينية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية بكل ما
تحمله من تحطيم للبنى التحتية للمجتمع المدني الفلسطيني وطاقاته
الذاتية على مواجهة الحصار الشامل المالي والاقتصادي والبشري
والتنموي. الرغبة الإسرائيلية بتحويل الأراضي الفلسطينية المحتلة
لمجتمع غير قادر للعيش بطاقاته يشارك فيها أطراف دولية تتصور بأن
التبعية الاقتصادية والمعيشية للشعب الفلسطيني ستجعله يقبل بأي
شروط تفرض عليه. من هنا توصي البعثة بما يلي:
توصيات البعثة:
1-
وقف كل
أشكال المحاصرة والمقاطعة الدولية للسلطة الفلسطينية والمؤسسات
الفلسطينية الرسمية وغير الحكومية، باعتبار الموقف الحالي لا يوجه
ضربة غادرة للمؤسسات الديمقراطية الفلسطينية وحسب، بل ويتسبب في
كارثة إنسانية معروفة نتائجها تمارسها الدول الغربية عن سابق إصرار
وتصميم.
2-
السماح
للبنوك العربية والفلسطينية بالعمل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة
دون رقابة سلطات الاحتلال.
3-
وقف
المضايقات والملاحقات اليومية بحق المنظمات الإنسانية والخيرية
ومنظمات المجتمع المدني المختلفة تحت الاحتلال.
4-
إن
الدول العربية والإسلامية والحكومات الخارجة عن نطاق سيطرة الإدارة
الأمريكية مطالبة بدعم مباشر للشعب الفلسطيني لكسر الحصار عليه
وتمكينه من توفير أسباب العيش الأساسية للجماعات المستضعفة والحدود
الدنيا لكل فلسطيني. ذلك وفقا للعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية واتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الأول
الملحق باتفاقيات جنيف.
5-
من
واجب مجلس حقوق الإنسان إدانة قرار المقاطعة المالية للحكومة
الفلسطينية بما يحمل من نتائج كارثية على الشعب الفلسطيني.
6-
من
واجب الجمعية العامة للأمم المتحدة إدانة إسرائيل على المجزرة
الجماعية البطيئة والممنهجة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ
قرابة 58 عاما.
7-
أخيرا
تطالب البعثة الأطراف الفلسطينية بعدم اللجوء إلى أي شكل من أشكال
العنف في تسوية صراعاتها الداخلية ووضع مصلحة الشعب الفلسطيني
المحاصر فوق كل المصالح الحزبية والفئوية.
وفي
الوقت الذي نصدر فيه هذا التقرير أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية عن
توقيع اتفاق تسوية بين رأسي السلطة بعد مشاورات بين حركتي حماس
وفتح والقوى الوطنية والاسلامية، ذلك بعد عمل حثيث للجنة المتابعة
العليا من أجل وقف اطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية ومنع كافة
أشكال الصدام وعدم اللجوء للسلاح ونقل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني
لاقتتال داخلي وحرب أهلية. كذلك أعلن عن تقدم في الاتفاق حول حكومة
وحدة وطنية بين مؤسستي الرئاسة والحكومة والفصائل الفلسطينية،
إضافة لتوقيع اتفاق لدفع رواتب الموظفين وعودة جميع القطاعات عن
الاضراب. كذلك وجهت دعوة للجامعة العربية من أجل المساعدة في رفع
الحصار عن الشعب الفلسطيني، مع التأكيد على الالتزام بالثوابت
الفلسطينية وحماية الوحدة الفلسطينية وحق العودة للفلسطينيين. نرجو
أن يحمل هذا الاتفاق نهاية للأزمة الخانقة التي عانى منها الشعب
الفلسطيني خلال السنة الفائتة وأمل باستقرار طويل الأمد.
ملحق رقم 1 المنظمات الخيرية الفلسطينية المصنفة إرهابية من
الإدارة الأمريكية
|
|
|
FROM
THE OFFICE OF PUBLIC AFFAIRS
August 22, 2003
JS-672
U.S. Designates Five Charities Funding Hamas and Six
Senior Hamas Leaders as Terrorist Entities
Present Bush today announced that the U.S. Treasury
is designating five Hamas related charities and six
senior Hamas leaders as Specially Designated Global
Terrorists (SDGTs), freezing any assets in the U.S.
and prohibiting transactions with U.S. nationals.
“By claiming responsibility for the despicable act
of terror on August 19, Hamas has reaffirmed that it
is a terrorist organization committed to violence
against Israelis and to undermining progress toward
peace between Israel and the Palestinian people,”
President Bush stated.
“Hamas’ leaders and those who provide their funding
again have the blood of innocents on their hands,”
U.S. Treasury Secretary John Snow stated. “Empty
words cannot wash them clean. As they resist the
road map for peace, Hamas is devastating the dreams
of the Palestinian people for freedom, prosperity,
and an independent state.”
The United States will continue to work with our
allies to encourage the recognition of Hamas as a
terrorist organization and to shut down their
sources of funding and support.
The following individuals are designated as SDGTs by
today’s action:
1.
Sheik Ahmed Yassin,
the leader of Hamas in Gaza.
2.
Imad Khalil Al-Alami,
a member of the Hamas Political Bureau in Damascus,
Syria.
3.
Usama Hamdan,
a senior Hamas leader in Lebanon.
4.
Khalid Mishaal,
head of the Hamas Political Bureau and Executive
Committee in Damascus, Syria.
5.
Musa Abu Marzouk,
Deputy Chief of the Political Bureau in Syria.
6.
Abdel Aziz Rantisi,
a Hamas leader in Gaza reporting to Sheik Yassin.
The following charities that provide support to
Hamas and form part of its funding network in Europe
are designated as well:
1.
Commite de Bienfaisance et de Secours aux
Palestiniens (CBSP),
of France.
2.
The Association de Secours Palestinien (ASP),
of Switzerland. (An organization related to CBSP)
3.
The Palestinian Relief and Development Fund, or
Interpal,
headquartered in the United Kingdom.
4.
The Palestinian Association in Austria,
PVOE.
5.
The Sanabil Association for Relief and Development,
based in Lebanon.
Today’s action follows several actions taken against
Hamas previously, including the designation of
several entities that formed part of the Hamas
network such as Holy Land Foundation for Relief and
Development and the Al Aqsa Foundation, key sources
of financial support for Hamas. |
|
ملحق رقم 2
آخر سبعة نشاطات للندوة العالمية للشباب الإسلامي مع هيئات
فلسطينية كمثل على طبيعة النشاط واهتمامات المنظمات الخيرية
1-
تنفيذ حملة إغاثة عاجلة في محافظات غزة بإشراف مكتب الندوة
العالمية للشباب الإسلامي ذات الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة
وتمويل من
CBSP
في فرنسا . تمت المبادرة إلى تنفيذ حملة إغاثة عاجلة تحتوي على
طرود غذائية أساسية حيث تم تمويلها من اللجنة الخيرية لمناصرة
فلسطين فرنسا
CBSP
كما ويذكر بأن الحملة تم تنفيذها من خلال الجمعيات العاملة في
محافظات غزة من شماله إلى جنوبه
2-
تنفيذ مشروع زراعي متعدد الأهداف في محافظات غزة بإشراف مكتب
الندوة وتمويل من
CBSP
في فرنسا بدعم كريم من اللجنة الخيرية لمناصرة فلسطين في فرنسا
،أشرف مكتب الندوة على تنفيذ مشروع زراعي في محافظات شمال وجنوب
قطاع غزة ،ومن الجدير ذكره أن المشروع يشمل تزويد المزارعين بأشبال
وفسائل خضروات ولوزيات ونخيل، وترميم بيوت بلاستيكية وذلك استصلاح
أراض زراعية وأبار مياه ،وقد استفاد من العشرات من صغار المزارعين
،ووفر أيضا فرص عمل للعديد من العمال العاطلين عن العمل ،وينفذ
المشروع من خلال العديد من الجمعيات الخيرية العاملة في القطاع .
3-
قامت الندوة في الأشهر الأخيرة وبتمويل من الصندوق الفلسطيني
للإغاثة والتنمية (الإنتربال)- وبناء على خطابات من العديد من
المدارس سواء الحكومية منها أو تلك التابعة لوكالة الغوث- بتزويد
تلك المدارس بخزانات مياه الشرب، حيث هناك معاناة كبيرة وحقيقية
يعيشها آلاف التلاميذ والطلبة؛ تتمثل في عدم وجود مياه شرب صالحة
في مدارسهم مما سبب لهم العديد من الأمراض،
4-
قد قام مكتب الندوة بالإشراف على ومتابعة تنفيذ مشروع سلة رمضان
للعام 1426هـ الذي نفذه عدد من الجمعيات الخيرية العاملة في قطاع
غزة بدعم الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية (الأنتربال) ، وقد
استفاد من المشروع أعداد كبيرة من المحتاجين والفقراء مما أدخل
البهجة والسرور على قلوبهم وبيوتهم، هذا وقد شمل المشروع توزيع
مواد عينية عبارة عن طرود غذائية، وأيضا توزيع معونات نقدية من
عيديات، وزكاة فطر
5-
ما زالت اللجنة الطبية بمكتب الندوة تواصل تنفيذها لمشروع صندوق
الندوة الخيري لمساعدة المريض الفقير حيث بلغ إجمالي مصروفاته خلال
العام الحالي 2005 ما مقداره 11000$ واستفاد منه عشرات المرضى،
6-
بتبرع سخي من نقابة أطباء مصر وبإشراف مكتب الندوة تم توريد أجهزة
طبي حديثة شملت جهازي تخدير وطاولة لعمليات جراحة العظام مع جميع
ملحقاتها وأيضا جهاز أشعة متنقل، ومن شأن هذه الأجهزة أن تحسن من
نوعية الخدمات المقدمة في المستشفى الذي يتردد عليه العديد من
المرضى لا سيما خلال الإجتياحات الصهونية.
7-
بإشراف مكتب الندوة وبتمويل من نقابة أطباء مصر تم تسليم مشروع
بناء غرفة ثلاجات للموتى (المشرحة) في مشفى أبي يوسف النجار في
رفح، وقد استغرق العمل فيه مدة شهرين، وقد لاقى المشروع المذكور
ارتياحا كبيرا لدى إدارة المستشفى والمواطنين عموما في محافظة رفح
نظرا لحاجة المشفى والمنطقة عموما للمشرحة.
ملحق 3 : إغلاق ومصادرة بحق جمعيات
مدنية
في فجر يوم الجمعة منتصف سبتمبر 2006، داهمت قوات من الشرطة وحرس
الحدود ووحدة «اليسام» مقرّات جمعية أنصار السجين في الضفة الغربية
وكذلك مقرها في قرية مجد الكروم، حيث حملت قوات الاحتلال أمرا
إداريا موقعا من وزير «الأمن» نائب رئيس الحكومة عمير بيرتس، تحت
عنوان «أمر بوضع اليد»، فيما يلي ترجمته الحرفية:
"في
نطاق صلاحياتي بموجب البند 84 (2) لقوانين الدفاع (حالة الطوارئ)
1945، وبعد أن أعلنت عن منظمة أنصار السجين أو جمعية أنصار السجين
ورقمها 9 - 230 - 002 - 58 (فيما يلي «الإتحاد») كإتحاد غير مسموح
به، فإنني آمر بوضع اليد على أية أملاك للإتحاد وذلك لصالح حكومة
إسرائيل وإنني أعلن بهذا عن نيتي التفكير بمصادرتها لمصلحة حكومة
إسرائيل.
كل
من يرى نفسه تضرّر من هذا الأمر ويريد أن يعترض على نيّة المصادرة،
يمكنه تقديم تحفظاته كتابيا إليّ خلال 14 يوما من تاريخ علمه
بالأمر".
وفي
شهادة منير منصور مدير الجمعية لموقع فصل المقال يقول واصفا
الحدث:
« جاءت
قوات بنحو خمسين سيارة عسكرية تحمل المئات من الأفراد، وانقسموا
إلى قسمين، واحد داهم بيتي في الحارة الفوقا في مجد الكروم والقسم
الثاني داهم مقر الجمعية وذلك بشكل متزامن وبشكل إرهابي مخيف..
كانوا من الشرطة والوحدات الخاصة والمخابرات والمحققين، بقيادة
قائد المنطقة الشمالية في الشرطة، داني حداد، حتى أنني أعرف
الكثيرين منهم من أولئك الذين حققوا معي في السابق..
لقد قلبوا البيت رأسا على عقب، أو فوقاني تحتاني، وصادروا حاسوب
أبنائي وبعض الأوراق.. ثم طلبوا إلي أن أرافقهم إلى مقر الجمعية
وإلا، قالوا إنهم سيكسرون الباب.. ولما وصلنا هالني المنظر الغريب
والعدد المهول للقوات المدججة التي تحيط بالبناية إضافة إلى المئات
من شباب القرية الذين تجمّعوا في المكان ونشب بين بعضهم وأفراد
العسكر جدل احتدّ بين الفينة والأخرى..
فتحت
لهم باب المقر فدخلوه وأخذوا يعيثون فيه فسادا من تكسير واقتلاع
وتشويه.. مبرزين أمر وزير الـ «أمن» عمير بيرتس.. محذرين من أن
الأمر يمنع ممارسة الجمعية لأي نشاط وأنها خارجة عن القانون من
تاريخ قرار نائب رئيس الحكومة العمالي.. وحذروني شخصيا من مزاولة
أي نشاط.. لقد كان حجم القوات غريبا في عظمته، كأنهم جاؤوا
ليحاربوا دولة عربية أو حزب الله..
أخذوا
كل شيء وتركوا وراءهم خرابا ورائحة عفنة.. فقد أخذوا حاسوبين وآلة
تصوير ورسومات للسجناء وثيابا للسجناء والسجينات وأرشيف الجمعية
وأوراقا وأغراضا مكتبية ووثائق، وصور الأسرى وصور شهداء الحركة
الأسيرة.. باختصار، أخذوا كل شيء ولم يتركوا سوى آلة تصوير قديمة
ومعطّلة، بل إنهم أخذوا الكراسي إلى الشاحنات التي جلبوها خصيصا
لغرض نقل أثاث الجمعية، ولكنهم لم يجدوا لها متسعا في الشاحنات
فأعادوها»..
لم
تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها اقتحام مقر الجمعية، ولقد كانت
المرة الأخيرة في العام 2003 عندما اقتحم العسكر مقر الجمعية
وقاموا بعملية مصادرة شبيهة وحمّلوا الأغراض والممتلكات لكنهم
أعادوا معظمها بعد نضال قانوني اضطروا على الرضوخ له..
|