french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr
 

تقرير مُحاكمة مُتهمين في القضية رقم 51/2015 جنايات أمن دولة – الكويت - فيوليت داغر

 

2015-12-28

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

  

 

مُقدمة :

أعدّ هذا التقرير بعد حضور رئيسة اللّجنة العربية لحقوق الإنسان – باريس، دكتورة فيوليت داغر، مُمثلة ل 22 منظمة حقوقية، جلسة في 1/12/2015 في القضية رقم 51/2015 جنايات أمن دولة – الكويت والإطلاع على مُجريات مُحاكمة الموقوفين في القضية المُشار إليها، وعلى أوضاعهم السجنية والصحية من ذويهم ومحاميهم وبعد لقاء مع الأستاذ زهير المحميد في قاعة المحكمة بعد الجلسة المذكورة.

أولاً: خلفية الموضوع :

شهدت دولة الكويت انتهاكات جمة لحقوق بعض النشطاء والسياسيين والحقوقيين واحالتهم لمُحاكمات على خلفية اتهامات لم تسند لقرائن دامغة. لم يكن في ذلك انتهاك لحرية الرأي والتعبير فحسب، بل تصعيد من طرف السلطات الأمنية الكويتية في التعسف مع أصحاب الرأي والمُفكرين، ولاسيما عدم توفير الضمانات القانونية أثناء التحقيقات. بلغ الأمر حد توفّر دلائل جديّة بتعرض بعض المُتهمين للتعذيب وغيره من ضروب المُعاملة المسيئة والحاطة بالكرامة أثناء الاحتجاز. وأصبح ذلك ظاهرة مُتفشية في الجهاز الأمني، أثبتها القضاء الكويتي في العديد من القضايا السابقة.

ثانياً: التعذيب وإنتهاك الضمانات :

في أغسطس/آب 2015، تعرض أمين عام حركة التوافق الوطني الإسلامية، وأمين سر مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية، الأستاذ زهير عبد الهادي المحميد، وآخرين لإنتهاكات جسيمة إثر توجيه اتهامات لهم في قضية أمن دولة رقم 51/2015.

لقد تم اقتحام منازل المتهمين وإتلاف محتوياتها وانتهاك حرماتها دون إبراز إذن من النيابة العامة لدولة الكويت. كما تعرض الموقوفون للتهديد أثناء التحري معهم لانتزاع اعترافات بالقوة، وللتعذيب البدني الوحشي إثر نفيهم التهم التي وجهت لهم في القضية المذكورة أعلاه. وقد أبلغنا بأن أمين عام حركة التوافق الوطني الإسلامية وأمين سر مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية فقد وعيه وقواه مرتين بفعل تعذيبه تعذيباً شديداً، أحيل فيهما للمستشفى العسكري، وفقاً لإفادته وللثابت بالمستندات لدى محاميه. كذلك منع المحامون الموكلون من قبله ومن قبل آخرين من رفاقه من الحضور معهم للتحقيقات أمام النيابة العامة طوال فترة التحقيق، وذلك رغم إصرارهم وتكرار طلبهم، إعمالاً لحقهم القانوني. علاوة على منع أسرهم من الزيارة للاطمئنان عنهم طوال فترة التحري والتحقيق، حيث نقلوا  فيما بعد إلى السجن المركزي، رغم الظروف الصحية الصعبة لبعضهم. لقد عانى أمين عام حركة التوافق الوطني الإسلامية من المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، في الوقت الذي يشهد القاصي والداني على ما يقوم به للإسهام في بناء ونهضة الكويت الثقافية والعلمية.  

سبق وناشدنا السلطات الكويتية إطلاق سراح أمين عام حركة التوافق الوطني الإسلامية والمتهمين الآخرين الموقوفين على ذمّة هذه القضية، ووقف عمليات التعذيب والإكراه وسوء المُعاملة التي يتعرضون لها، إعمالاً للحقوق الدستورية ولاحترام العدالة وسيادة القانون والمواثيق الدولية والمبدأ الأساسي الإنساني "المتهم بريء حتى تثبت إدانته". كما شددنا على ضرورة إجلاء الحقائق والتحري في التهم التي ألصقت بالموقوفين، وطالبنا بالتحقق من ظروف ومُلابسات تعذيبهم. ففي حالات كهذه يُفترض معرفة جميع المُتسببين والمُشاركين والمُحرضين المتورطين في التعذيب تمهيداً لإحالتهم للمُحاكمة، باعتبار أن التعذيب البدني جريمة يتوجب مُعاقبة مُرتكبيها وفق القوانين الكويتية والمواثيق الدولية. جريمة تخالف أبسط قواعد حقوق الإنسان وتتنافى مع كافة القيّم الإنسانية والحضارية والدينية.

ثالثاً: العنف غير المُبرر :

حيث وردنا معلومات عن استمرار المُعاملة المسيئة على نطاق واسع مع المُعتقلين طوال فترة التحقيقات، فضلاً عن تواصل انتهاك حقوقهم في السجون ومراكز الاحتجاز في المُؤسسات الإصلاحية التي تتبع وزارة الداخلية، كان لنا أن نخشى أن لا نجد صدى للمطالبات بتحري التعذيب الذي تعرض له المُتهمون رغم وجود تقارير طبية رسمية تبين ذلك، وهو ما يفضي لإفلات مرتكبي هذه الأفعال من العقاب. وقد رأينا مُؤشراً جدياً لتعرض مُتهمين للتعذيب لانتزاع معلومات و"اعترافات" لاستخدامها ضدهم في المُحاكمات. فالسلطات الكويتية، رغم إصدارنا بياناً ومُخاطبتنا للجنة حقوق الإنسان ولرئيس البرلمان، لم نجد منها استجابة جادة وبحث وتقصي للحقائق التي أوردناها. كنا نأمل مُلاحقات قضائية بحق مُرتكبي أعمال التعذيب من داخل الجهاز الأمني، لكن لم يتم الرد على أي مطلب أو تحديد الأجهزة الأمنية المسئولة.

خلال زيارتنا للكويت، قمنا بتقديم كتاب حول المُعاملة المسيئة والحاطة بالكرامة التي تعرض لها المُتهمون في القضية المذكورة أعلاه، وهو مُحرر في 1/12/2015، وتم تسلمه رسمياً بتاريخ 14/12/2015 من طرف لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس الأمة الكويتي. تضمن كتابنا نداءاً بخصوص النزلاء في السجن المركزي (3) في دولة الكويت، المُتهمين في القضية رقم 51/2015 جنايات أمن دولة، وذلك بناء على ما وردنا من استمرار المُعاناة نتيجة المعاملة المُهينة والحاطة بالكرامة. تضمنت منادشتنا أمرين :

الأمر الأول : يتعلق بمعاملتهم في السجن المركزي رقم (3) : حيث وردنا، من المُتهمين أنفسهم عبر عائلاتهم وإثر سماح القاضي لنا بمقابلة أحدهم بعد جلسة 1-12-2015، عدم تمَكَّنْهم من التعرض للشمس طوال فترة حبسهم منذ 12/8/2015 وحتى تاريخه. رغم أن المادة 70 من قانون تنظيم السجون الكويتي نصّت على أن يعطى للمسجون مُدة ساعة في اليوم للرياضة البدينة، الأمر الذي لم يتم. مما أثر على صحتهم لدرجة تنذر بالخطر، لاسيّما كبار السن منهم، من أمثال الأستاذ زهير عبدالهادي المحميد.

وفي حين أن النزلاء الآخرين يتوفر لهم تلفاز وزيارات مُباشرة بناءا على ما بلغنا من معلومات، حقوق المُتهمين في القضية المذكورة غير مُوفرة حسب القانون. لأسباب ما زالت مجهولة، هم يُعاملون بمُنتهى القسوة وكأنهم محكومين سلفاً ومُعاقبين وليس موقوفين. وهو تمييز مُستغرب ومخالف للقاعدة القانونية "المتهم بريء حتى تثبت إدانته". هؤلاء النزلاء أودعوا في سجن عقابي شديد الحراسة (سجن مَركزي 3)، وهو أشد السجون إجرائياً للمَحكومين ولا تتوافر به أبسط حقوق النزلاء، رغم أنهم لم يحكم عليهم بعد من المحكمة حتى كتابة هذا التقرير.

حسب إفادة المتهمين، دورات المياه والأدوات الصحية الموفرة في الزنزانات غير صالحة للإستعمال الآدمي، بل أن بعض الزنزانات في السجن المركزي (3) الجناح 3، قذرة ومحروقة وشديدة الإتساخ، وبالخصوص زنزانة رقم 43 و زنزانة رقم 51.

هؤلاء النزلاء محرومون أيضاً من حق الزيارة المباشرة وجهاً لوجه مع ذويهم وأبنائهم. هم لم يقابلونهم ويتحدثون معهم إلا من خلال الهواتف الأرضية وبشكل معزول وكأنهم محكومون بالأشغال الشاقة، بخلاف باقي النزلاء.

لقد تبيّن لنا أنه لا تتوفر للنزلاء المذكورين الرعاية الصحية والإشراف الطبي اللازميّن، حيث أن منهم من قدم لإدارة السجن تقارير طبية بأمراض في العامود الفقري وآلام في الظهر. مع ذلك لم يؤمن لهم فرش نوم أو مساند (متكآت) رغم تقديم ذلك لغيرهم. فالسلطات تتعنت معهم بشكل إستفزازي، ومثالنا على ذلك المتهم زهير المحميد المحبوس في زنزانة حبس انفرادي رقم 52.

الأمر الثاني: سوء تعامل رجال الداخلية والقوات الخاصة معهم أثناء المحاكمة :  وردنا أن نقل النزلاء للجلسات من السجن إلى المحكمة يجري بشكل ينتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان. يتم التعامل معهم بمنتهى القسوة، لاسيما بتكبيل الأيدي من الخلف والأرجل وتعصيب الأعين. كما لا يتوفر لهم مواد غذائية من الساعة 6 صباحاً حتى انتهاء جلسات المُحاكمات التي امتدت أحياناً إلى الساعة الرابعة مساءً حسب ما شهدناه. وقد رفع المحامون ذلك أكثر من مرة للقضاء إلى أن استجاب القاضي أخيراً في مسألة تمكينهم من الطعام.

لذا، بات المُتهمون لا يتمنون حضور الجلسات كما أفدنا، خشية من القوات الخاصة ومُعاملتهم المُهينة والقاسية والحاطة للكرامة. أيضاً أعلمنا بأن السيارات التي ينقلون بها دون كراسي، بل هي عبارة عن سطحة معدنية شديدة الصلابة يتقلب المُتهمون عليها وهم مُكبلي الأيدي من الخلف ومعصوبي الأعين ودون أحزمة أو وسيلة جلوس. مما يُعرضهم لآلام الرحلة الطويلة للمحكمة دون مراعاة لحالتهم الصحية ولاسيّما كبار السن والمَرضى منهم.

لقد ناشدنا الجهات المَعنيّة لتوفير كل ما يلزم لحفظ حقوق النزلاء الأساسية ومُراعاةً لإنسانية الإنسان في بلد يتمتع بالدستور ومُؤسسات عريقة، واحتراماً لمبادئ حقوق الإنسان المُتعارف عليها دولياً بما يخص حقوق السجناء.    

 

رابعاً: ملاحقة النشطاء والحقوقيين :

لاحظنا في الآونة الأخيرة أن النظام الأمني في دولة الكويت يعمل إلى حد كبير لتكرار استهدافه الناشطين والحقوقيين والسياسيين. مما يجعل الحقوقيين ومعارضي السلطة في المَرحلة الراهنة تحت ظروف في غاية الخطورة، مهددين بالمُلاحقة من الجهات الحكومية ومن الإنتهاكات للضمانات الأساسية كمواطنين. من هؤلاء النشطاء والحقوقيين الأستاذ زهير عبد الهادي المحميد الذي يعد أحد أبرز دعاة حقوق الإنسان. يتجلى ذلك في نشاطاته المتنوعة في هذا المجال وأبحاثه المُتعددة لأجل التعايش السلمي في إطار الدولة المدنية. لقد أصدر العديد من المُؤلفات والكتب ونظم مؤتمرات علنية عامة. فهو أمين عام في حركة سياسية عملت منذ نشأتها على توافق مكونات الشعب من أجل خدمة الكويت. وهو كذلك أمين سر مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية الذي أنشئ في الكويت توافقًا مع الإرادة السياسية للدولة في العمل المدني.

هذه القامة الوطنيّة الكبيرة مشهود لها وللعائلة التي ينتمي لها همّ خدمة الكويت. هو ليس فحسب إبن السفير عبدالهادي حجي المحميد – أحد مُؤسسي وزارة الخارجية في دولة الكويت، بل أن إسهامات عائلته معروفة للجميع لاسيّما جده الذي كان عضواً في اللّجنة التأسيسية للجنسية وفق ما أفاد هو به في جلسة المُحاكمة. لقد خدم الأستاذ زهير المحميد بلاده في عدة مواقع إقتصادية ودفاعية وسياسية، حسبما ورد في جلسة الإستماع للشهود. فالسيد زهير المحميد شارك في مُقاومة المُحتل إبان الغزو العراقي الغاشم، وشهدت مشاركته في العديد من المحافل الأكاديمية والحقوقية العالمية أنه كان خير مُمثل لبلاده داعماً لقضاياها وكان في أطروحاته وطيناً مستقلاً. 

لقد سبق وحضرت أنا نفسي إلى دولة الكويت للمشاركة في عدة مُؤتمرات أشرف عليها الأستاذ زهير المحميد بصفته أميناً عاماً لحركة التوافق الوطني الإسلامية، وكانت هذه المُؤتمرات وطنية شارك فيها شخصيات من جميع أطياف المجتمع، كما طُرح فيها من البحوث والدراسات والتوصيات ما أثرى البحث والعلم.  

إننا كحقوقيين، مُتيقنين من إخلاص زهير المحميد لدولة الكويت لما لمسناه في لقاءاتنا معه من أطروحات تحقق بناء الوطن وتعزز المواطنة. وهذا العام كان يُفترض حضوري مُؤتمر التوافق السنوي الثالث عشر بعنوان "إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" المُزمع إقامته في 28-29 ديسمبر/كانون الأول 2015. إلا أنه تم تأجيل المُؤتمر، تضامناً مع أمين عام حركة التوافق الأستاذ زهير المحميد، الذي لا يمكن أن يكون في غياهب السجن خلال عقده وأن تُفوّت أطروحاته الرائدة التي تخدم الإنسان والأوطان وتحقق السلام.

حُرِّر في : 20 ديسمبر/كانون الأول 2015

د. فيوليت داغر

اللّجنة العربية  لحقوق الإنسان

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff – France

E. mail:  achr@noos.fr web  :  www.achr.eu

 

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff – France

Phone: (33-1) 40921588  * Fax: (33-1) 46541913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu www.achr.eu

 

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها

الصفحة الرئيسة