أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بيانا بالأمس تصنف فيه جمعية "مؤسسة
جهاد البناء الإنمائية" على لائحة المنظمات الإرهابية والداعمة
للإرهاب. وقد شمل البيان كل الأسماء أو الجمعيات التي تحتوي أو
يمكن أن تكون فرعا من "مؤسسة جهاد البناء" في قرار التصنيف.
باعتباره أن حزب الله هو المنظمة الإرهابية التي قتلت أكبر عدد من
الأمريكيين قبل 11 سبتمبر 2001 وكون جهاد البناء تابعة لمنظمة
إرهابية وبتمويل إيراني.
هذا القرار، الذي لا يشكل أي تغيير في سياسة الإدارة الأمريكية
الحالية القائمة على ما يسمى "تجفيف مصادر الإرهاب المالية" والتي
ضربت في الصميم كبريات المؤسسات والمنظمات الإنمائية والخيرية
الإسلامية الواقعة خارج الفضاء الغربي. في محاولة واضحة للسيطرة
على المجتمعات الأهلية العربية والإسلامية بعد تطويع معظم
حكوماتها. يأتي في وقت المجتمع اللبناني الجنوبي فيه بأمس الحاجة
لخدمات كل المنظمات الإنسانية والخيرية والإنمائية. ومن المضحك أن
يذكّر بيان وزارة الخزانة بأن الرئيس بوش ووزيرة خارجيته قد وعدا
بمبلغ من المال لمساعدة الشعب اللبناني في تأصيل لعقلية مرفوضة
تؤثر الارتهان والتسول على سياسات التنمية والبناء والمبادرات
الذاتية.
ليس سرا على أحد العلاقة العضوية بين مؤسسة جهاد البناء وحزب الله،
ولعل هذه العلاقة هي التي تحول دون عضوية هذه المؤسسة في المكتب
الدولي الذي يصر على استقلالية المنظمات العضو عن أي حزب سياسي.
ولكن ليس سرا أيضا أن أكثر من ثلث المنظمات الخيرية والإنمائية
الغربية تخضع لأحزاب سياسية وتسير وفق سياستها العامة، الأمر الذي
لا يمنع حتى من نيلها الصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي
والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ولو تحفظ مكتبنا في قبول
عضويتها. ثم أن "مؤسسة جهاد البناء الإنمائية" تأسست في لبنان عام
1988، وكان على رأسها باستمرار أعضاء في مجلس شورى حزب الله، ولم
يحصل أي تغيير في طبيعة نشاطاتها ومهماتها، فما هو الجديد الذي
تحاول الإدارة الأمريكية قوله بهذا القرار.
هل تريد أن تغطي على فشلها في إعادة بناء العراق المحتل بل وتحوله
بفضل سياساتها لمستنقع للعنف والدمار، في حين أن المؤسسات المحلية
اللبنانية قد نجحت في مواجهة نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان
بشكل فاق دور الحكومة والدول الغربية؟
هل تريد أن تزكي نيران الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية بعد
خسارة عدة دعوى قضائية في أوربة والولايات المتحدة أعادت الاعتبار
لعدد من الجمعيات التي صنفت في لوائح "الحرب على الإرهاب"؟
إن السياسة الأمريكية الحالية لن تؤثر على نشاط الجمعيات القوية
والفاعلة في المجتمعات العربية والإسلامية، بل صارت في كل مرة
تتهمها فيها، تعطيها ورقة مصداقية وحسن سلوك، في حين ارتدت هذه
السياسة على كل من يتمول من السفارة الأمريكية أو المؤسسات التابعة
للكونغرس والحكومة الأمريكية، حيث صارت تتهم بالعمالة والسمسرة
والارتزاق. الأمر الذي سيخلق شرخا كبيرا حتى على صعيد العلاقات
العربية مع المنظمات والهيئات الممولة الأمريكية، ذات الاستقلالية
عن قرار إدارة بوش الابن.
إن المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية، الذي يضم منظمات من
دول العالم كافة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، يستنكر
هذا الإجراء ويطالب مجلس حقوق الإنسان بموقف واضح من القوائم
الاعتباطية التي تصدرها الإدارة الأمريكية، لما في هذه القرارات من
نتائج كارثية على المجتمعات العربية والإسلامية.
جنيف وباريس، 21/2/2007
لمحة عن مؤسسة جهاد البناء الإنمائية
تأسست جمعـية "مؤسسة جهاد البناء الإنمائية" في لبنان سنة 1988،
شعارها: "إسرائيل تـقــصـف يومــيـاً ونحن نرمم يومياً" وقد اقتصر
عملها بعد التأسيس ـ في ظل غياب الدور الخدمي للدولة ـ عـلـى رفع
النفايات وتأمين المياه والكهرباء وما شابه ذلك من قضايا تهم
اللبنانيين في حياتهم الـيـومـيــة وتفاصيلها. ويُـقَــدر عدد
المنازل والوحدات السكنية المتضررة في كل من عدواني يوليو 1993م
وإبريل 1996م بخـمـسـة آلاف منزل، وأمكن في المرتين إتمام الترميم
خلال 3 إلى 4 أشهر، ثم إعادة البناء تماماً لـكــــل ما تهدم، كما
أن الـمـؤسـسة عاملة على بناء مدارس ومستشفيات ومستوصفات وملاجئ،
وعـلى الـقــيــــام بتمديدات كـهـربـائـيــة بـعــــد القصف وعلى
حفر آبار ارتوازية، ويزداد يوماً بعد يوم، وللمؤسسة دورها في
التنمية الــزراعـــيــــــة؛ فهي تقوم بإرشاد زراعي وبتسليفات
وتضع صيدلياتها وتعاونياتها في الجنوب والبقاع في خدمة المزارعين.
وقد قامت المؤسسة بإنشاء عشرات المدارس أو تأهيلها، وترميم نحو
آلاف المنازل والمساجد والحسينيات والمستوصفات والمشاريع الزراعية
والتنموية في السنين العشر الأخيرة.
استفادت المؤسسة من خبرة 18 عاما في عملية إعادة البناء بعد
العدوان الإسرائيلي في تموز/ يوليو 2006 حيث قامت بعملية مسوحات
ورصد للخسائر وتحديد للأولويات وتوزيع المال والمعدات الضرورية
لتبرز باعتبارها المؤسسة الأكثر فاعلية في ميدان إعادة البناء بعد
العدوان.
|