برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr
 

french

English

 

 
 

مضاوي الرشيد

السياسة الداخلية السعودية: بين العريضة والعنف

حدثان مهمان يعكسان تطور السياسة الداخلية السعودية كلاهما يعتبران ردة فعل علي السلطة المطلقة الممارسة من قبل وزارة الداخلية. الحدث الأول هو عريضة الإصلاحيين الأخيرة والتي تقدم كتابها بطلب مهم لم توله أجهزة الإعلام حقه من النقاش. تضمنت عريضة دولة الشورى والعدل تسعة بنود من أهمها ما يتعلق بوزارة الداخلية المناطة بالوضع الداخلي والأمني. أقرت العريضة أن الوزارة أصبحت دولة داخل دولة وهي الحاكم الفعلي للبلاد وتحت ذريعة الحرب علي الإرهاب تحولت إلي سلطة مطلقة.
وأشار كتاب العريضة أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة خاصة عندما تراكمت تجاوزاتها علي المواطنين وتقويض حقوقهم الحد غير المقبول. ومن هنا جاء اقتراحهم بتقسيم الوزارة إلي مؤسستين واحدة تعني بأمور الحكم المحلي وأخرى تعني بالشأن الأمني. يعتبر هذا التقسيم صمام الأمان في وجه تجاوزات حصلت وقد تستمر تحت ذريعة مكافحة التطرف والحرب علي الإرهاب وحفظ الأمن الداخلي. يعد هذا الطرح انقلابا واضحا وصريحا علي سلطة وزارة الداخلية بعد أن طفح كيل المواطنين والمثقفين والنخب من التقييد المستمر والمتواصل علي الحريات العامة وحق التعبير والكتابة في المنتديات والمنابر المتاحة لمن هم في الداخل. أشار موقعو عريضة العدل والشورى إلي امتداد نفوذ هذه الوزارة إلي وزارات أخري بل إلي جميع الوزارات وأصبحت تعتمد علي الحدة و الشدة والأخذ بالمظنة وتنبثق هذه السياسة من تبني هذه المؤسسة للحل البوليسي والذي بدوره يزيد من تفجير مخزون العنف. وقد صدق حدس هؤلاء عندما خنقت هذه العريضة قبل أن تري النور بسجن المجموعة الأخيرة والتي منها من هو متعاطف مع مضمون العريضة رغم انه لم يسجل اسمه علي لائحة الموقعين.
وبعد أسابيع قليلة جاء الحدث الثاني والذي هو بدوره يعتبر صفعة قاسية للدولة البوليسية المناط بها حفظ الأمن. قتل أربعة فرنسيين من مجموعة مكونة من سبعة عشر سائحا بالقرب من المدينة المنورة إنما هو فشل واضح وصريح لمقولة حفظ الأمن والقضاء علي الإرهابيين في المملكة وهي مهمة وزارة الداخلية والتي تتقاضي علي أساسها الملايين من الدولارات لتطوير قوتها البوليسية والتجسسية ولكن يبدو أن وزارة الداخلية قد حققت نجاحا باهرا في مشروع تقييد حريات المواطنين ومصادرة حقوقهم دون أن يؤدي ذلك إلي توطيد الأمن المزعوم. سقط السياح الفرنسيون ضحية لسياسة أمنية لم تؤمن الأمن ودفعوا ثمنا باهظا من أرواحهم حين أصبحوا فريسة سهلة يقتنصها البعض في معركته مع المؤسسة المختصة بشؤون الأمن الداخلي.
العنف الموجه إلي الفريسة السهلة كالمنتجعات السياحية والسياح والفنادق ليس بالجديد في العالم العربي. كلنا يتذكر مجزرة السياح في مصر من الأقصر إلي فنادق سيناء هذا بالإضافة إلي فنادق عمان وخارج المنطقة كما حصل في بالي مثلا. أصبح السائح ومنتجعاته ساحة للمعركة، وقد يفسر البعض مثل هذا العنف علي انه موجه إلي بؤر الكفر والشرك الموجودة والمتكاثرة علي ارض المسلمين ولكن يبدو أن لمثل هذه الأعمال دلالات تتجاوز مثل هذا التبرير والتفسير السطحي. أعمال العنف هذه تمثل ضربة لأجهزة الأمن ذاتها رغم أن ضحيتها تكون عادة من غير المعنيين مباشرة والضالعين كطرف حقيقي في معادلة الصدام الحاصل علي الأرض بين الأنظمة وأجهزتها الأمنية من جهة وبين المجموعات المناهضة لهذه الأجهزة والتي هي نفسها أي المجموعات المتبنية للعنف تكون عادة المستهدفة من قبل أجهزة الأمن.
قتل السائح الأعزل عمل إجرامي مفضوح كذلك هو عمل جبان يقوم به من له ثارات مع السلطة المركزية التي تدعي حماية الأمن. وبما أن هذا الإجرام يلقي تغطية إعلامية كبيرة عالميا وداخليا لان ضحيته من الأجانب نجده يتفشي ويصبح إستراتيجية مدروسة ومخططا لها من قبل منفذيها فكما أن عريضة الإصلاحيين نبهت إلي معضلة التجاوزات المستمرة من قبل وزارة الداخلية نجد إن العنف ضد السياح هو أيضا يمثل ضربة قاصمة للنظـام الذي يدعي حمايتهم في بلد كالسعودية. وبما أن أي دولة مسئولة بالدرجة الأولي عن حماية ليس فقط الأجانب وهي التي نظريا تمتلك احتكار استعمال السلاح نجد أن أعمال العنف المستشرية ليس فقط في السعودية بل في العالم العربي كله تقوض صلاحيات الدولة ذاتها وتنبئ بسقوط مفهوم الدولة نفسها. أحد المعايير المهمة والتي تقاس بها صلاحية الدولة هي قدرتها علي احتكار العنف ولكن عندما يوجه هذا العنف باتجاه ترويع المواطنين تحت ذرائع مختلفة منها حفظ الأمن والحرب علي الإرهاب نجد أن فئات وشرائح اجتماعية تلجأ هي نفسها إلي استعمال السلاح بأسلوب لا يختلف كليا عن النمط المتبع من قبل أجهزة الدولة.
عندما تقمع الدولة عن طريق وزارة الداخلية وأجهزة الأمن الاعتراض السلمي والمظاهرات والاعتصام والعصيان المدني وتستعمل العنف المكثف فهي تحدد مسبقا شروط اللعبة السياسية وتقدم نموذجا عادة تتبعه الجهات الخارجة عن الدولة. وبذلك يصبح العنف الذي تعرض له سياح أبرياء ساعة استراحة قصيرة مرآة لعنف اكبر مسلط علي المجتمع من قبل من يملك أساليبه وآلياته المتطورة والمركزية. وبما أن يد أجهزة الأمن تكون عادة أطول وأكثر غلظة من أي عنف يستشري في المجتمع تأتي ضربات من يتبني العنف كوسيلة للضغط والتغيير مشتتة وغير قادرة إلا علي اقتناص الفريسة السهلة. هذا الاقتناص لا يفضح السياسة البوليسية في الداخل بل له بعد خارجي أكثر واهم من ردود فعل الشارع الداخلي. قتل السائح في بلد كالسعودية لا يزعزع الأمن فقط بل هو رسالة للعالم الخارجي وخاصة الغربي والذي يعتبر النظام السعودي درعه الأول في تثبيت الأمن القومي للغرب نفسه. منذ فترة اعتبر الغرب النظام السعودي نقطة مهمة ليس فقط من اجل تأمين استقراره الاقتصادي عن طريق إنتاج نفطي متوفر ومتواصل إلي موانئ العالم الغربي بل أيضا من اجل مكافحة ما يسمي بالفكر المتطرف. ضربة السياح القاتلة جاءت لتذكر الغرب أن هذا النظام يفشل في تأمين الجزء الأخير من المعادلة الصعبة. قتل السائح الأجنبي البريء هو قتل متعمد وضربة ليس للغرب بل للنظام الذي أنيط به حماية الغرب. وما زال الغرب يتمسك بالنظام السعودي رغم أن سياسته الداخلية تظل المفرخ الأول والأخير لأعمال العنف والذي يذهب ضحيتها الغربي نفسه المتواجد علي ارض السعودية. وبما أن الحكومات الغربية ومؤسساته الرسمية تلتزم الصمت تجاه تجاوزات النظام علي المواطنين في الداخل السعودي تظل هذه الحكومات ورعاياها عرضة للاقتناص السهل في أنظمة تفتقد لكل المعطيات التي تجعلها تتردد في انتهاك حقوق مواطنيها. بل أصبح البعض مقتنعا أن الغرب نفسه شريك فعال في استمرارية عنف الأنظمة ضد مواطنيها وخاصة أن الغرب نفسه هو المزود الأول والأخير لآلية القمع المتطورة التي تمكن الأنظمة من تفعيل انتهاكاتها لحقوق الإنسان. والغرب نفسه يضع إمكانياته التكنولوجية والعسكرية المتطورة في خدمة أنظمة فاسدة وسلطات مطلقة لا تقيدها أي قوانين لذلك يجد مواطنوه العزل أنفسهم في خطر وفي قلب الصراع الدائر بين الأنظمة ومواطنيها الذين يتبنون العنف.
العنف الذي تشهده وشهدته الساحة السعودية في السنوات الأخيرة والذي كان بعضه موجها للأجانب هو من إفرازات عملية تراكمية تحركها تداعيات العلاقة بين الدولة الممثلة بوزارة الداخلية والمجتمع. في السنوات الأخيرة فقدت الدولة مصداقيتها وثقة المجتمع بها. أصبحت هذه الدولة فريسة الأهواء والصراعات الحاصلة علي مستوي القيادة وكذلك فريسة المصالح المتضاربة الممثلة بكتل قيادية أشبه ما تكون بالسلطة المستقلة. أضف إلي ذلك التزامات النظام السعودي للغرب والتي يراها الكثير في الداخل السعودي متعارضة مع مصالحه وتطلعاته وتوجهاته.
صدام مطالب الإصلاح السلمية مع عنف الدولة من جهة والعنف الممارس من قبل الجماعات المسلحة يطرح علامات استفهام كبيرة علي مسيرة النظام ورؤيته خاصة المتعلقة بالحلول الأمنية ودور وزارة الداخلية وممارساتها في تأجيج الصدام ليس فقط في الوقت الحاضر بل في المستقبل أيضا. وبما أن لكل فعل ردة فعل يصعب علينا أن نتخيل تجفيف الأرضية التي ينمو فيها العنف طالما أن الخيــــار الأول والأخير لأجهزة الدولة لا يزال ترويـــع المواطنين وأكثريتهم من المسالمين الرافضين لجميع إشكال المصادمة المسلحة مع الدولة أو رعاياها الأجانب.
ونري أن النظام دوما يحصد ما تزرعه يداه. وبما أن النظام يكثف الحماية لرموزه ومنشآته الحيوية ويصرف طاقته علي تأمين سلامة نفسه أولا سيظل السائح الأعزل والمواطن العادي من يدفع الثمن الباهظ للانفلات الأمني الحاصل علي الساحة والصراع الدائر والمستمر بين الدولة وبعض أطياف المجتمع. ورغم أن العريضة الإصلاحية المطالبة بتوزيع أعباء وزارة الداخلية صدرت من مجموعات تختلف تماما عن أولئك الذين يقتلون بدون هوادة إلا أن الحدثين العريضة والعنف المسلح لهما دلالة واحدة ألا وهي انفراط العقد الاجتماعي والذي علي أساسه تصبح الدولة جزءا من المجتمع وليس عنصرا ضده.
وبدون العودة إلي العقد الاجتماعي وإعادة صياغته ستتكرر العرائض ومع الأسف ستتكرر أعمال العنف.

C.A. DROITS HUMAINS -5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff - France

Phone: (33-1) 4092-1588  * Fax:  (33-1) 4654-1913  *

Email:  achr@noos.fr

http://www.achr.nu

عودة إلى الرئيسة

 

بيانات

مقالات

دراسات

تقارير

حملات

كتب

وجهة نظر

أخبار

إصدارات

نشاطات

كتب سلسلة براعم

الدولة



 الأردن

الإمارات العربية المتحدة

البحرين

 تونس

 الجزائر

 السعودية

 السودان

 سوريا

 الصومال

 العراق

 عمان

 فلسطين

 قطر

 الكويت

 لبنان

 ليبيا

 مصر

 المغرب

 موريتانيا

 اليمن

أروقة لأعضاء اللجنة

هيثم مناع

منصف المرزوقي

فيوليت داغر

المصطفى صوليح

ناصر الغزالي

 
   

عودة إلى الرئيسة

 

أتصل بنا

الصفحة الرئيسية