بالأمس وأول أمس، أطلق سراح الدكتور عبد الله
الحامد من قيادة اللجنة العربية لحقوق الإنسان في
الرياض، وسراح المحامي محمد عبو الحقوقي التونسي
ومن كوادر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في تونس،
ووصلت الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني إلى
صوفيا بعد سنوات كابوس حكم جائر بالإعدام مكرر.
وكما أوضح المحامي إيمانويل ألتيت، كانت عملية
الإفراج حصيلة عمل تراكمي شاركت فيه بشكل أساسي
مجموعات الضغط غير الحكومية، وتم إخراجه في مكاسب
سياسية لهذا الطرف أو ذاك. بالطبع يحز في النفس أن
يحتاج طبيب فلسطيني، تأكدت لنا براءته عبر تحقيق
مستقل قمنا به مع عدة أطراف ليبية مستقلة، إلى
الجنسية البلغارية ليشمله القرار. الأمر الذي
يعيدنا لمطلب أساسي آخر هو الإفراج عن عشرات
المعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الليبية،
ومتابعة الحملة الليبية العربية للإفراج عن
الشخصيات المدنية والسياسية المعتقلة في ليبيا من
خيرة أبناء هذا البلد. خاصة وأن أوضاع بعضهم
الصحية غير مطمئنة البتة.
محمد عبو أصبح الرمز للاعتقال السياسي في تونس في
العامين الماضيين. وحرية الرمز لا تعني التباطؤ في
حرية الجميع. فملف الاعتقال التعسفي في هذا البلد
مشين. تعززه مأساة الحرمان من العمل والنفي
الداخلي والإقامة الجبرية والحصار اليومي على رموز
المجتمعين السياسي والمدني الذين يغردون خارج سرب
الدكتاتورية.
التحدي اليوم أمام نشطاء حقوق الإنسان العرب، هو
تحويل المناضلين من الأحزاب الإسلامية إلى رموز
كرفاقهم من الأحزاب العلمانية. فقد اعتدنا في غرب
المعايير المزدوجة على سياسة ابن الست وابن
الجارية. وللأسف لم تتحرك منظمات تقول بأن مهمتها
الدفاع عن المدافعين للدفاع عن الدكتور عبد الله
الحامد. ربما لأنه من رواد الإصلاح الإسلامي الذي
لم يدخل بعد قاموسها. ونجد الصمت عينه في قضية نفي
عبد الزواري في تونس وغيره، حيث القائمة طويلة.
أما عبد القهار بلحاج، المفقود منذ عشرة أشهر،
نأمل أن تقوم منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات
المعنية بالتحقيق في ملاحقة مصيره حيث لم يبق سوى
والده ليبحث عنه في ولايات الجزائر.
أبو بلال، عبد الله الحامد، صاحب دراسة في الإسلام
وحقوق الإنسان، وأخرى عن الإسلام والمجتمع
المدني، وثالثة في استقلال القضاء السعودي وعشرات
الكتب والمقالات غيرها، هو الوكيل الشرعي لأكثر من
معتقل. كما هو حال زميلنا الدكتور متروك الفالح
وكيل أبي بلال. مناضل عنيد من أجل الإصلاح
الدستوري، ومن مؤسسي لجنة الحقوق الشرعية، وكادر
أساسي من كوادر الإصلاح الدستورية. وقف مع
المعتقلين دائما وما زال، هو ممنوع من السفر ككل
أعضاء اللجنة العربية لحقوق الإنسان. لكنه يبقى مع
باقي الزملاء شمعة تضئ الغد للجزيرة والعالم، ضد
كل التواطؤ الصامت عن مظالم مملكة الصمت..
لن توقفنا هذه الأخبار السعيدة عن واجبنا النضالي.
عن العمل من أجل كل محروم من الحرية أينما كان
ومهما كان طيفه السياسي، لأن مجتمعاتنا ومواطنينا
يستحقون عيشاً أكرم من الذي يعرفونه، ووجودا أكثر
عطاء للذات والآخرين.
الدكتورة فيوليت داغر
رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان
|