نستعيد
نشر هذا المقال الذي توقع مبكرا القرار
السياسي بمحاسبة الصحفي اليمني عبد الكريم
الخيواني والذي نشرته النداء قبل 11 شهرا
(الخميس
, 5
يوليو 2007):
”التهمة
الموجهة للخيواني، هذه المرة، هي العلاقة
بما تسميها
السلطات «خلية صنعاء الحوثية الثالثة»،
وهي التي بدأت وسائل إعلام الحكومة التحدث
عنها ونشر أسماء أعضائها عقب اعتقال
الخيواني وفي سياق تبرير اعتقاله.
رئيس
الجمهورية شخصياً أبلغ قادة المعارضة بهذه
التهمة، معتبراً الخيواني جزءاً من مخطط
سري لقلب نظام الحكم وإعادة الإمامة إلى
الحكم... وإذ تحدث الرئيس عن مجلس إمامة
سري داخل البلاد، فقد اعتبر أن عبد الكريم
الخيواني هو الأب الروحي لخلية صنعاء
الحوثية التي كانت تخطط لأعمال عنف».
(صحيفة «الشارع»، 23/6/2007).
هذه أفضل
تغطية كاشفة قرأتها في الصحافة اليمنية
لحادثة اعتقال الخيواني.
وهذه الاتهامات
التي أطلقها رئيس الجمهورية تكفي للحكم
بالإعدام غير مرة.
المطلوب هذه المرة رأس
الخيواني. ويرى المحامي محمد المرتضى أن
الطريقة التي تم بها اعتقاله في غرفة
نومه،
وهجوم ثلة من رجال الأمن القومي عليه وهو
بملابس النوم يهزون رأسه ويجثمون على صدره
ويشدونه ذات اليمين وذات الشمال، إنما هي
شروع في القتل، لا سيما وأنهم قالوا له
إنهم يعرفون أنه يعاني من مرض في القلب.
كان المشهد المروع هو ما لم تتحمله أعصاب
ابنته هبة (7سنوات) فأُغمي عليها، وهذا
دفاع الحياة في الكائن الحي عندما يداهمه
ألم إن لم يتجنبه بالغياب يفقد الحياة
نفسها. هبة، الزهرة الصغيرة، أصيبت برضَّة
نفسية سوف تلاحقها مدى الحياة. و يؤكد علم
النفس أن الذاكرة بعد الخامسة لا
تنسى.ولا بد من محاكمة الجناة أمام قضاء
عادل. يتكرر تعذيب الأطفال مع كل اعتقال
تقريباً.وقد روع ابن الزميل سعيد ثابت قبل
نحو ثلاث سنوات وإن بصورة أقل بشاعة.
وهناك عدد كبير من الأطفال الحوثيين في
السجن.
نعم، المطلوب رأس الخيواني. وجاء
اعتقاله بعد الفرحة التي عمت البلاد بعد
إيقاف نزف الدماء في صعدة. وقد ضربت
السلطة/ السلطات، عرض الحائط وطوله
بتعهدها الدولي في اتفاقية وقف اطلاق
النار، حيث
تنص على أن العفو يشمل الجميع باستثناء من
تحقق النيابة معهم. وعلى فرض ان الخيواني
من الحوثيين، وهو أمر لم يقم عليه برهان
قاطع واحد، فإنه يكون مشمولاً بالعفو
المذكور، وهو الذي اعتقل بعد الاتفاق.
ولكن السلطة عودتنا على أنها لا تحترم
شيئاً
سوى رغبتها في الانتقام والتنكيل بخصومها.
تمديد الاعتقال شهر إنما هو
البداية.
أما القضاء، فإن أدق وصف له قدمه المحامي
محمد ناجي علاو، بعد خبرة
طويلة ونشيطة في مجال الدفاع عن حقوق
الانسان، عندما قال إنه يتلقى أوامره من
الأمن
السياسي.
إن رفع سقف الدفاع عن حياة الخيواني يجب
أن يصل إلى الحد المطلوب
لإنقاذ حياته، لأن من يطلب رأسه قدم على
أنه نجا في الاعتقال السابق من الموت لأن
السجناء دافعوا عنه بعد أن سقط على إثر
ضربة قوية وجهها إلى رأسه سجين محكوم
بالإعدام. وهو مشهد يعيد إلى الذاكرة
مشاهد من أفلام الواقعية الايطالية
الجديدة
التي تقدم تاريخ ألمانيا في إيطاليا.
إن القوانين اليمنية بالنصوص وظلال
المعاني
ومجالات التفسير بل والتأويل التي لا
تتناهى فيها تضمن صدور أحكام ظالمة لإزهاق
أرواح البشر في هذه البلاد، الذي كان
القضاء فيها ولا يزال أفعل وأفتك أدوات
السلطة
لشن حرب متصلة على المواطنين في الصعد
كلها وبنجاح منقطع النظير.
هذه كلمات
موجهة إلى من يدافع عن حق الإنسان في
الحياة والمحاكمة العادلة في هذه البلاد،
وإلى
لجنة حقوق الإنسان اليمنية في كندا
ونظريتها في بريطانيا.
وإلى المفوضية العليا
للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف،
ومنظمة العفو الدولية في لندن، وهيومن
رايتس ووتش في
نيويورك، وإلى المنظمة العربية لحقوق
الإنسان في القاهرة، واللجنة العربية
لحقوق
الإنسان في فرنسا، والى الزميل هيثم مناع
في باريس، وإلى جميع منظمات حقوق الإنسان
في البلدان العربية في المشرق والمغرب.
قتل الأبرياء في ساحة القضاء يبدو من بعض
الوجوه أشد هولاً من القتل العشوائي في
ميادين القتال «ليس هناك من يكوِّن جزيرة
وحده. إنه جزء من الكل... فلا تسلني لمن
تُدقَّ الأجراس، إنها تدق لتنعاك» الشاعر
الانكليزي المتصوف (جون دون).
|