تحية وبعد
يتشرف الموقعون أدناه، الممثلون لعدد من
هيئات المجتمع المدني اللبنانية، بأن
يتقدموا من فخامتكم بالتهنئة على انتخابكم
لمنصب القاضي الأول للجمهورية اللبنانية.
ويهمنا ان نضع في عهدتكم بصفتكم هذه، وفي
عهدة مجلس النواب ومجلس الوزراء، قضية
انسانية بامتياز تتعلق بآلاف الضحايا من
المفقودين المختفين قسريا، وذلك إنطلاقا
من خطاب القسم الذي ألقيتموه في مجلس
النواب بتاريخ 25 أيار 2008 والذي حدد
ولأول مرة على مستوى الرئاسة الأولى وجوب
معالجة قضية المعتقلين والمفقودين.
ان تلك المعالجة تتطلب مقاربة شاملة
للمشكلة من أجل تحديد، بصورة كاملة، لمصير
جميع من اختفى قسريا أو فقد ما بين تاريخ
13 نيسان 1975 و26 نيسان 2005 ضمنا، وذلك
بغض النظر عن هوية الجهة المسؤولة عن
الاختفاء وعن هوية المختفي أو المفقود
وظروف الاختفاء. فعلى سبيل المثال لا
الحصر يجب أن تتناول عملية تحديد المصير
كافة حالات الاختفاء التي حصلت نتيجة
أفعال قامت بها القوات الإسرائيلية
والقوات السورية والمنظمات المسلحة
والمليشيات اللبنانية وغير اللبنانية
وكذلك جهات نظامية أو رسمية لبنانية خلال
الفترة الزمنية المحددة أعلاه.
إن
عدم
معرفة
مصير
المخفيين
قسرًا
والمعتقلين
يشكل
حقيقة
قاسية
لعدد
لا
يستهان
به
من
العائلات
اللبنانية وغير اللبنانية المقيمة على
الأراضي اللبنانية، الأمر
الذي
يضع
حاجزًا
أساسيًّا
أمام
إنهاء
ملف
الأحداث
العنيفة
التي
دمرت
حياتهم،
خاصة
وأن
التجربة
أثبتت
أن معظم
المخفيين
قسرًا
كانوا
إما
معيلين
للعائلة
أو
يتحملون
مسؤولية
إدارة
شؤون
العائلة
في
الحياة
العامة.
هذه العائلات
حملت
معها
القلق
لسنوات
طويلة
وهي
غير
قادرة
على
إعادة
التأهيل
والمصالحة
طالما
بقي
الجرح مفتوحًا؛
هذا
الجرح
الذي
يقوض
مقومات
المجتمع
ويدمر
العلاقات
على
صعيد
الأفراد
والمجموعات
والبلدان
لعقود.
إنه
لمن
واجب
السلطات
والقيادات
السياسية
أن
تتحرك لمعالجة
جريمة
الاخفاء
القسري
بمساعدة
منظمات المجتمع المدني اللبناني والدولي
المعنية،
ثم العمل
على
منع
حدوث
هذه
الجريمة
في
المستقبل.
ولما
كانت
الاخفاءات
القسرية
تعد
جريمة
ضد
الانسانية،
واستنادًا
إلى الاعلان العالمي
لحقوق
الانسان
والعهد
الدولي
للحقوق
السياسية
والمدنية
والعهد
الدولي
لحماية جميع
لأشخاص
من
الاخفاء القسري،
آخذين
بعين
الاعتبار
أنه
لم
يجر
حتى
الآن
أي
تحقيق
جدي
في
شأن آلاف
حالات
الاخفاء القسري مع غياب كل معايير
الشفافية،
ومن أجل الحقيقة والعدالة
وتأكيدًا على حق الأهل بمعرفة مصير
أحبائهم ولأن لا مصالحة حقيقية من دون حل
ينصف الضحايا؛
نتقدم من فخامتكم بهذه المذكرة، طالبين
اعتماد خطة العمل المتكاملة الآتية، من
أجل حل قضية الإختفاء القسري في لبنان،
التي لم تعد تحتمل التهميش والمماطلة
والتأجيل:
1-
إدراج قضية المخفيين قسرا في البيان
الوزاري للحكومة المقبلة وجعلها أولوية
وطنية.
2-
التصديق على "المعاهدة الدولية الخاصة
بحماة جميع الأشخاص من الاخفاء القسري"،
وعلى " اتفاقية روما المنشئة للمحكمة
الجنائية الدولية الدائمة"، ومن ثم العمل
على تحديث القوانين اللبنانية وفقا لهذه
المعاهدات.
3-
اعلان الثالث عشر من شهر نيسان يوما وطنيا
للذاكرة.
4-
تحريك النيابات العامة من أجل
إجراء التحقيقات واستقاء المعلومات وجمع
الأدلة وتلقي الإفادات والشهادات والإطلاع
على أرشيف أجهزة الأمن الرسمية والمليشيات
ومحاضر اللجنتين الرسميتين المعنيتين
بقضية المخطوفين اللتين تم تشكيلهما تباعا
العام 2000 و2001 والمستندات التي جمعتها
هاتان اللجنتان وذلك بهدف تحديد مصير
المختفين والمفقودين.
5-
تحديد
وكشف
المقابر
الجماعية
على
كافة
الأراضي
اللبنانية
وذلك
وفقا
للمعايير
الدولية
.
6-
انشاء
قاعدة
معلومات
للحمض
النووي
DNA database
من
خلال
اجراء
فحوصات
لجميع
أهالي المفقودين
على
الأراضي
اللبنانية.
هذه
القاعدة
تكون
في
عهدة وزارة العدل الى حين استحداث الهيئة
الوطنية للحقيقة والعدالة والمصالحة.
7-
وضع برنامج متكامل للتعويض عن الضرر
المعنوي والمادي الذي لحق بضحايا جريمة
الاخفاء القسري وعائلاتهم.
8-
إنشاء
لجنة
وطنية مستقلة ومحايدة بإسم "لجنة
الحقيقة
والعدالة والمصالحة"
لإدارة وتنفيذ المهام المحددة في خطة
العمل أعلاه، تضم في عضويتها رجال
قانون ومندوبين
عن
لجان
الأهل ومندوبين
عن
المنظمات
غير
الحكومية
المحلية
العاملة
على
ملف
المخفيين
قسرا وأخصائيين
في
علم
الجريمة
forensic specialists
ومؤسسات
دولية
ذات
خبرات
واسعة
مثل
اللجنة
الدولية
للصليب
الأحمر.
إن طريقة تشكيل الهيئة الرسمية المستقلة
والصفات والكفاءات المطلوب توفرها لدى من
سيتم تعيينهم كأعضاء لها، هو أمر في غاية
الأهمية. إن نجاح عمل الهيئة في النهاية
مرتبط بكيفية تشكيلها وبهوية أعضائها
وبالمهام والصلاحيات المسندة إليها. لذلك
يجب أن يكون أعضاء هذه الهيئة أشخاصًا
مستقلين، مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة،
يتمتعون بثقة اللبنانين عمومًا وأهالي
المخفيين قسريا والمخطوفين خصوصًا. لذلك،
من الضروري أن يتم تعيين أعضاء الهيئة
الرسمية المستقلة بالتشاور مع اللجان
والجمعيات التي تمثل أهالي المخطوفين
والمختفين والمفقودين.
يجب أن يكون للهيئة الصلاحيات الضرورية
والموارد المالية والبشرية اللازمة لاسيما
إمكانية الاستعانة بالخبرات المحلية
والدولية كي تتمكن من تنفيذ المهام
التالية باستقلالية وفعالية وشفافية تامة.
أما في ما يتعلق بملفات اللبنانيين
المعتقلين
والمخفيين
قسرًا
خارج الأراضي اللبنانية مثل ملف المفقودين
في اسرائيل وملف المعتقلين والمخفيين
قسريا في السجون السورية، وحيث لم تلق
السلطات اللبنانية بعد أي تجاوب في حل هذه
القضايا الانسانية الخطيرة بالرغم من
المحاولات المتكررة، وحيث لا صلاحية
قانونية للنيابات العامة اللبنانية
وللقضاء اللبناني خارج الحدود اللبنانية،
لا سبيل لنا سوى اللجوء إلى المجتمع
الدولي لتشكيل
لجنة
تحقيق
دولية
تملك
كل
الصلاحيات
للتحقيق
في جريمة الاخفاء القسري بحق اللبنانيين
خارج الحدود اللبنانية وذلك من أجل تأمين
الحقوق التالية:
1-
معرفة مصير وأماكن وجود ضحايا الاخفاء
القسري
2-
جلب مرتكبي هذه الجرائم ضد الانسانية إلى
العدالة ومحاكمتهم
3-
جبر الضرر المعنوي والجسدي اللاحق بضحايا
جريمة الاخفاء القسري وأهاليهم.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام،
بيروت في 5/6/2008
|