french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations


القضاء الموريتاني والوقوف في وجه القوانين المتعلقة بحقوق النساء - سارا بنت الصادق*

2008-05-28

 

  

 

تحت عنوان: "موريتانيا تتحرك لإقرار اتفاقية التمييز ضد المرأة" كتبت يومية الأمل الجديد في عددها 386 الصادر بتاريخ الخميس 15 مايو 2008 بأن الوزارة المكلفة بالترقية النسوية نظمت ورشة مناصرة وتحسيس حول "المعاهدة الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء" التي وقعت عليها موريتانيا في العام 2000 وسجلت عليها تحفظا شاملا في كل ما له صلة بالقوانين المتعلقة بالشريعة الإسلامية بالعام 2001. وحسب نفس المصدر فإن القاضي محمد ولد سيدي مالك أكد أن الاتفاقية تنطوي في المادة 16 الفقرة "ج" مخالفة صريحة حينما "تجعل الطلاق بيد المرأة"، ويبدو أن النقاش تواصل حتى وصل إلى استنتاج من طرف بعض الحاضرين حسب نفس المصدر أن الاتفاقية تتعارض مع السيادة الوطنية للدولة والتي يجب أن يحافظ عليها كسياج يحمي الخصوصية الوطنية والثقافية والدينية والحضارية... الخ. وفي النهاية وحسب نفس المصدر فإن المتحدث باسم وزارة المرأة شدد على أن موريتانيا تسعى إلى التجاوب مع لجنة الأمم المتحدة المختصة بالموضوع، ولكنها لن تتجه للإقرار النهائي للاتفاقية من طرف الحكومة والبرلمان إلا بعد تنقيتها مما تنطوي عليه من مخالفات للنصوص الشرعية و القانونية. مؤكدا أن علماء موريتانيا ومرجعياتها الفقهية هم من سيقول كلمة الفصل بشأن المخالفات الدينية والشرعية التي تنطوي عليها الاتفاقية ـ انتهى الإسناد ـ بناء على هذا فإن "رابطة النساء معيلات الأسر" إيمانا منها بالمبادئ الكونية التي تمثلها المساواة والإنصاف والحرية و المواطنة وحقوق الإنسان. وهي مبادئ لا تتناقض في مجال من مجالاتها مع مقاصد شريعتنا الإسلامية السمحاء والتي جاء التركيز فيها على غايات وأهداف الأحكام الشرعية التي تتوخى بإجماع الأصوليين جلب مصلحة الإنسانية ودرء المفسدة التي قد تمس حياتها.

          والفهم المقاصدي وهو اجتهاد مؤسس على تواصل ديناميكي مباشر مع النص القرآني ومع السنة النبوية.

          إذ شاءت ملابسات التاريخ أن يكون الكثير مما يتصوره المسلمون المعاصرون جزء لا يتجزأ من جوهر دينهم، هو في الواقع إضافات بشرية ونتاج تاريخي مجتمعي. وقد آلت تلك التراكمات عبر الزمن إلى نوع الحجب التي تخفي اليوم عن ضمير المسلم روح الرسالة القرآنية المؤسسة لدينه، ولعل مجال حقوق المرأة نموذج صارخ لهذا الخلط، حيث توقف الفقه عند التقليد وتبرير الممارسات القائمة مما أجهض الوثبة التحررية التي حملها القرآن الكريم. ولذلك الفهم المقاصدي السليم هو وفاء لروح الرسالة الدينية وقيمها الكونية وليس العارض والمحل وأشكال التلقي التي عرفتها عبر التاريخ.

          وبما أن الفهم المقاصدي ينطلق بأن الغايات النهائية لشريعة الله هي مصلحة الإنسانية فإنه يربط اجتهاداته بحياة الناس ومتطلباتها. إنه يتوخى المصالحة مع الذات ومع العالم المعاصر ولذلك فهو يجتهد ليحقق الوعي بتحولات الحياة المجتمعية وليطور مناهجه ويقترح صياغة حية متجددة تدمج في وحدة متماسكة مقتضيات الإيمان ومستجدات العصر.

          وفي ذلك يتجلى المطمح الإصلاحي لهذه الاتفاقية عن طريق المساهمة في تقويم الاعوجاج وتدارك مواطن الخلل وتوفير الشروط الكفيلة بتدعيم بناء الأسرة من خلال ضمان حقوق المرأة وتوفير مساهمتها الفعالة في بناء المجتمع.

           و يجدر بنا هنا قبل الرد على السيد القاضي المحترم وعلى السادة الغيورين على السيادة الوطنية بأن هذه الاتفاقية قامت على أساسين هامين هما: المساواة والإنصاف.

فالمساواة: تعني التعامل المتكافئ بين الرجال والنساء في الحقوق والسياسات وولوجا متكافئا للثروات والخدمات داخل الأسرة والمجتمع.

          كما تقتضي المساواة بين الجنسين لاعتراف بكون الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الحالية تعرف تباينا بين الجنسين، وأن وضعية المرأة غير منصفة بصفة عامة، كما أنه من الضروري الأخذ بالاعتبار خصوصيات وأولويات النساء في جميع المؤسسات الاجتماعية.

          أما الإنصاف: فيعني العدل في توزيع الأرباح والمسؤوليات بين الرجال والنساء. ويقتضي الإنصاف سياسات وبرامج خاصة موجهة للنساء بهدف تعويضهن عن الفوارق التاريخية والاجتماعية التي حرمتهن من التمتع بفرص متساوية مع الرجال. وإذا كان الإنصاف يمكن أن يؤدي إلى المساواة فإنه لا يعوضها.

          وإذا كانت المساواة قطعية وقانونية، حيث أنه من الممكن للمشرع تقنينها وقياسها عبر معايير ملموسة، فإن الإنصاف يستند إلى اعتبارات لا تتعلق بالقانون، ويمكن أن  تؤدي إذا لم تعتمد مقاربة مبنية على أسس الحقوق الإنسانية للمرأة إلى لا مساواة تعويضية، وذلك لارتباط مفهوم العدل بقيم مجموعة إنسانية معينة وخصوصيتها الثقافية.

          وبذلك فإن مضامين هذه الاتفاقية المذكورة هي ثمرة لتطور الفكر الإنساني ونضالات النساء والرجال في كل بقاع الأرض من أجل ضمان المساواة والكرامة في الحقوق للإنسان بغض النظر عن جنسه. ومن ثم فهي صالحة لتكون مرجعا للنساء المسلمات مثل غيرهن من نساء العالم.

وفيما يلي نظهر سندنا الشرعي على المادة التي اعترض عليها القاضي الموقر أي المادة 16 الفقر"ج" والتي قال بأن فيها مخالفة صريحة حينما "تجعل الطلاق بيد المرأة".

ولتوضيح هنا كنساء مدافعات عن الاتفاقية نؤكد بأن الهدف هنا ليس أن يكون الطلاق  طلاق انفرادي سواء كان بيد المرأة أو بيد الرجل. وإنما الهدف هو طلاق قضائي عادل. والدليل الشرعي والمستند الفقهي هو كالتالي:

 

أولا: الحكم الشرعي للطلاق:

·                     الطلاق مكروه، وهو أبغض الحلال إلى الله حسب ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

·                     يصبح الطلاق محرما إذا وقع دون سبب يقتضيه.

ثانيا: النصوص الشرعية:

- يقول تعالى: « ولا تمسكوهن ضرار لتعتدوا، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه» سورة البقرة الآية 229.

·                     في النص تحريم إمساك الزوجات قصد الإضرار بهن والاعتداء عليهن.

- يقول عز وجل: « فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف». سورة الطلاق الآية2.

·                     في النص إشارة إلى الفراق بالمعروف، أي دون الإضرار في الوفاء بالشروط وأداء المستحق.

- يقول تعالى: « الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» سورة البقرة الآية227.

·                     النص يحرم الظلم في حق المرأة ويدعو إلى الطلاق بإحسان.

·                     وهذه النصوص كلها تحث على تفادي الظلم والجور في العلاقة الزوجية وأثناء الطلاق وتركز على إقامة القسط والعدل.

-                     يقول سبحانه وتعالى: « وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا...» سورة النساء الآية 35.

·         الآية تشير إلى مبدأ التحكيم الخارجي بين الزوجين حال قيام الخلاق بينهما، والتحكيم اسند إلى شخصين كل منهما يمثل طرفا من طرفي الخلاف.

·         إن الأسرة التقليدية الممتدة التي كانت تلعب دور التحكيم لم يعد لها وجود كما في السابق، إذ الأسرة أصبحت خلية صغيرة مكونة من الزوجين والأبناء فقط. و هي أسر أصبحت بعيدة جغرافيا ومستقلة ماديا ومعنويا عن أصولها، وهو ما أضعف قدرة الأصول على التدخل لعب دور التحكيم.

·                     وحفاظا على مبدأ التحكيم الخارجي المشار إليه بالآية نعتقد أنه لا أحد يمكنه لعب هذا الدور أفضل وأحسن من القضاء.

ثالثا: الآراء الفقهية بخصوص الطلاق القضائي:

·                     المذهب الحنفي: لا يصح لأحد أن يطلق على الآخر زوجته بأي سبب كان، ولا يجبر على الطلاق إلا للعجز عن الوطء.

·         الماليكية والشافعية والحنابلة: لكل من الزوج والزوجة حق حل عقدة الزواج للعيوب أو الضرر. واختلفوا فيما إذا كانت الزوجة تباشر هذا الحق بنفسها أم ترفع أمرها إلى القاضي.

رابعا: الآراء الفقهية بخصوص إنابة الزوجة على الطلاق:

·  الحنفية: للرجل الحق في إنابة زوجته في تطليق نفسها منه بالرسالة أو التوكيل أو التفويض.

·  الماليكية: للزوج الحق في إنابة زوجته في الطلاق إما بالرسالة أو التفويض.

·  الشافعية: للرجل أن يفوض الطلاق لزوجته، أي تمليك الطلاق شريطة أن يكون منجزا فورا.

·  الحنابلة: للزوج أن ينيب عن زوجته في الطلاق بالتوكيل وله الرجوع قبل تطليق نفسها.

إذا هناك إمكانية مشاركة المرأة في قرار حل عقد الزواج إلى جانب الرجل عبر تفويض حق الطلاق من الرجل للمرأة، وهو ما يفيد أهليتها لإيقاع الطلاق.

خامسا: مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية:

جاء في مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية في باب أسمته الباب الثاني الانقضاء الزوجية.

المادة 82: ينقضي الزواج بموت أحد الزوجين أو بمبادرة أحدهما طبقا لمقتضيات المواد 28, 29، 83 إلى 110 من هذه المدونة.

المادة 28: للزوجة أن تشترط على الزوج أن لا يتزوج عليها أو يغيب عنها مدة معينة أو يمنعها من دراسة أو عمل وكل شرط لا ينافي المقصود من العقد.

المادة 29: إذا أخل الزوج كليا أو جزئيا للشروط التي علقت الزوجة العصمة بها جاز حل العصمة قضائيا بمبادرة الزوجة مع متعة يقدرها القاضي.

من هاتين المادتين أجاز المشرع حل عقد الزواج للمرأة عن طريق القضاء، في نفس الوقت تقول المادة 83 الفصل الأول: الطلاق: ـ الطلاق هو حل العصمة بواسطة الإرادة المنفردة للزوج ـ واستثنت على الزوج الراغب في الطلاق أن يمثل أمام القاضي أو المصلح من أجل تدوينه، وفي هذه الحالة يستدعي القاضي أو المصلح الزوجة لمحاولة الصلح بينهما.

وإذا أصر الزوج على الطلاق سجل القاضي أو المصلح طلاقه، ويحدد باتفاقهما لوازمه.

·         وبذلك تقرر المدونة بالتجاء المرأة للقضاء قصد الحصول على الحكم بتطليقها من زوجها بأسباب وهو ما يصطلح عليه بالطلاق القضائي.

·         وعلى كل ما سبق فإن الطلاق القضائي هو ذو مرجعية إسلامية تعتمد الفقه الإسلامي أساسا كما جاء في أراء الفقهاء وكما أثبتته المدونة.

ولا يفوتنا هنا أن نسجل أن الخلل في المدونة هو أنها لم تعمل على منع الطلاق بدون مبرر لذلك ارتفعت نسب الطلاق الراجعة في أغلبها إلى مزاجية الرجل في إيقاعه.

·                     تشريع إلغاء العقود وفسخها لا يتم إلا بمقتضى المصلحة.

·                     والمصلحة هنا مقدرة بمدى احترام كل طرف من أطراف العقد، ومدى احترام المصلحة المجتمعية العامة.

·                     الطلاق القضائي ذو مرجعية إسلامية وهو الحل المقترح كإجابة عملية على الآفات الاجتماعية الناتجة عن الطلاق الواقع.

·         إن سهولة فسخ عقد الزواج بالنسبة للرجل يجعل الأسرة مؤسسة شديدة الهشاشة ومعرضة للهدم في كل لحظة وهو ما يساهم في تشريد النساء والأطفال.

أما ردنا على الذين يرون بأن في المعاهدة ما يمس من السيادة الوطنية، فإننا نؤكد بالمنطق البسيط بأن ما يمس السيادة الوطنية هو الوقوف في وجه نصف المجتمع والعمل على تجاوزه.

ونذكر الجميع بأن النساء الموريتانيات اليوم يقفن في وجه كل من يعرقل إدماجهن في الحياة النشطة للبلاد وذلك بالتصدي لمختلف آليات الحيف والتهميش، سواء كانت اقتصادية، تربوية، سياسية، أو تشريعية.

 

مناضلة في اللجنة العربية لحقوق الإنسان

مسؤولة العلاقات الخارجية

بمنظمة "النساء معيلات الأسر"

البريد الالكتروني: afcf 2008@yahoo.fr

الهاتف: 662 02 38 – 656 27 67

 

نواكشوط بتاريخ: 18/05/2008

 

الصفحة الرئيسة

 

بيانات

مقالات

تقارير

دراسات

حملات

كتب

وجهة نظر

أخبار

إصدارات

نشاطات

كتب سلسلة براعم

   موريتانيا    


هيثم مناع

منصف المرزوقي

فيوليت داغر

المصطفى صوليح

ناصر الغزالي


 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها