بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، توجه اللجنة
العربية لحقوق الإنسان تحية إجلال لكل الصحفيين
والمدونين الشرفاء الذين ينتصرون لمهنتهم وليس
لمراكز النفوذ، والذين ما فتئوا يستبسلون بكل ما
أوتوا من عزيمة وطاقة في الدفاع عن هموم الإنسان
العربي وعن حقه في التعبير عن رأيه. وذلك في
مواجهة حملات المنع والقمع التي يتعرضون لها والتي
اتخذت مناحٍ خطيرة، خاصة مع وثيقة وزراء الاعلام
العرب. كما تتوجه اللجنة العربية بهذه المناسبة
بالتحية لرمزين من تونس دخلا منذ 26 نيسان إضراباً
مفتوحاً عن الطعام، وهما رشيد خشانة رئيس تحرير
الموقف ومنجي اللوز مدير تحريرها. وحيث لم يعد
لهما سوى جسدهما لمواجهة أشكال العسف التي برعت
بابتكارها سلطة بلدهما، فقد اتخذا هذه الخطوة
دفاعا عن استمرار جريدة الموقف وعن حرية التعبير
في تونس.
هو ليس الاضراب الأول الذي خاضاه دفاعا عن الحريات
المهدورة على أيدي سلطة خبرت كل أشكال القهر
والظلم بحق المواطنة، في حين لم تر في هذه الخطوة
التي تضع حياة شخصين في خطر سوى "مناورة ديماغوجية
وانتهازية ". كما ولم تتورع عن نفي أن تكون صحيفة
الموقف قد تعرضت لمضايقات، متغاضية عما قامت به من
محاولات لمحاصرتها اقتصادياً، وهي المحرومة من
التمويل والاعلانات التي تحظى بها الأبواق
الاعلامية الرسمية والتي توزع مجاناً بأموال
الضرائب المجناة من الشعب. ومتناسية الضغوط التي
مارستها على شركة التوزيع لفرض حصار عليها اضطر
محرري الصحيفة لتوزيعها باليد في شوارع العاصمة
والمدن الأخرى، حيث تعرض أعوان الأمن لهم للحئول
دون بيعها. وحين لم ترتدع صحيفة الموقف عن التشبث
بالكلمة الحرة، كان ل 5 شركات لتعليب وترويج زيت
الطعام أن ترفع دعوى ضد مديرها ورئيس تحريرها
مطالبة
بتعويضات هائلة تساوي 500 ألف دينار، أي ما يعادل
416 ألف دولار.
وسيمثلان أمام القضاء في 10 من الشهر الجاري، على
خلفية ما كتبه رئيس التحرير عن الزيوت الفاسدة
ومطالبته
بفتح تحقيق بالقضية ومحاسبة المسئولين عن ترويجها.
لكن، صحيفة الموقف، التي كانت تلقى رواجاً بين
الشبيبة وتنفذ من الأكشاك بسرعة، بعكس ما يقارب
300 عنوان فقد ثقة القراء به، بدت وكأنها صوتاً
نشازاً يجب تصفية الحساب معه.
إن ما يجري لصحيفة الموقف وصحفييها ما هو سوى حلقة
من مسلسل طويل
من التضييق
التي تعيشها
وسائل الإعلام المختلفة في تونس، من مطبوعة
وإلكترونية ومرئية ومسموعة، وذلك بموجب قانون
الصحافة الذي منح وزير الداخلية صلاحيات واسعة في
الإشراف على القطاع الإعلامي. وما هو سوى صورة
جديدة
لتغييب الأقلام الحرة إن وراء القضبان، كما في
حالة الصحفي سليم بوخذير الذي يقبع في سجن سفاقس
والذي دخل هو أيضاً قبل أيام في اضراب عن الجوع،
أو بالمحاصرة اللصيقة كما بات حال توفيق بن بريك،
أو بنفيهم داخل السجن الكبير وبعيداً عن عائلتهم
كما في حالة عبدالله الزواري، أو خارج البلد
وهؤلاء كثر. وضمن ارادة فرض الوصاية على التونسيين
بانتهاك حرية الصحافة وحق التعبير، نذكّر من جملة
أعراض كثيرة لمرض خطير بمصادرة أكثر من 8 آلاف
عنوان من معرض الكتاب في تونس العام الماضي، ومنع
25 داراً للنشر من المشاركة هذا العام.
وإذ تندد اللجنة العربية بالمواقف الانتهازية
لبلدان الشمال التي تتغنى بمساندة الديمقراطية في
بلدان الجنوب وتغض الطرف عن كل ما يلحق شعوبها من
ظلم واضطهاد، بما فيها التصريحات المخجلة للرئيس
الفرنسي خلال زيارته الأخيرة لتونس واشادته بوضع
حقوق الإنسان في هذا البلد لقاء ابرام صفقات
اقتصادية دسمة، فهي تعوّل على المجتمع المدني
الدولي في دعمه لقضايا التحرر والديمقراطية وحقوق
الإنسان. وتطالبه بمساندة الرموز المناضلة بكل
الأشكال الممكنة ضد كسر ارادة الشعوب ومصادرة
كلمتها الحرة. كما وتنتهز الفرصة لاعلان تشكيل
هيئة تضامن مع الصحفيين المضربين في تونس لدعم
موقفهما ومساندتهما في مطالبهما التي تلخصت بوقف
الملاحقات القضائية ضد مدير الصحيفة ورئيس تحريرها
ورفع تجميد حسابها البنكي وايقاف المضايقات لمنع
توزيعها وتعويض الضرر نتيجة الحجز والمصادرات
بحقها، علماً أن حالتهما الصحية بدأت تشهد تراجعاً
بناء على الفحوصات الطبية التي أجرياها البارحة.
وتطالب كذلك باطلاق سراح سليم بوخذير، وفكّ
المضايقة عن عبد الله الزواري وتوفيق بن بريك وكل
رموز الصحافة الحرة في البلاد، ورفع القيود عن
حرية التعبير اقتصاداً للعنف واحتراماً لكرامة
وحقوق الناس.
باريس 3-05-2008
|