شهدت الساحة المصرية في الآونة الأخيرة تسارعاً في
الأحداث بين اضرابات لعمال المحلة واعتصامات
ومحاكمات لقوى المعارضة وتوقيفات لمرشحي المحليات
ولاسيما من جماعة الأخوان المسلمين وأخيراً
انتخابات كان لها رغم مقاطعتها من قوى عديدة أن
يعتريها التزوير لتخرج بالنتيجة المرتقبة لصالح
الحزب الحاكم. ولم يكن مفاجئاً أن يترافق كل ذلك
بهجمة شرسة للسلطات المصرية على حرية التعبير كما
العادة في كل مرة. وفى ظل ملاحقة واعتقال أكثر من
ستين صحفياً ومدوناً، ورغم التعتيم الإعلامي على
الأحداث الدامية والتزام وسائل الإعلام المختلفة،
حتى من خارج مصر، الصمت على ما يحدث، تمكنت جريدة
البديل المصرية من متابعة رسالتها الإعلامية
وتغطية الأحداث بشكل دقيق. لم تمنعها المضايقات
الامنية العديدة التي تعرض لها صحفيوها وتعريض
أرواحهم للخطر من الإنفراد بنشر أخبار سقوط قتلى
وجرحى إثر إطلاق قوات الأمن المصرية أعيرة نارية
على المحتجين والعابرين، ونشر صور جرحى مقيدين
بقيود حديدية فى أسرة المستشفيات. الأمر الذي ردت
عليه السلطات الامنية بفرض حظر على بائعى الجرائد
ومنافذ التوزيع لمنع بيع الأعداد التي غطت هذه
الاحداث. وهناك قلق مشروع من أن يكون القادم أسوأ.
تزامن ذلك مع اعتقالات كثيرة وحصار رموز المجتمع
المدني لمنعهم من التعبير عن تضامنهم مع المحالين
للتحقيقات ومع أهالي المحلة من القتلى والجرحى. من
ذلك احتجاز أكثر من أربعين من أساتذة الجامعات
والشخصيات العامة خلال ساعات البارحة الجمعة على
قارعة الطريق بسد الطرقات أمام سياراتهم بشاحنات
ضخمة. الأمر الذي يبين اصرار ضباط الأمن والبلطجية
على عزل المحلة عن شعب مصر تأديبا لها كما صرّح
بعضهم، وينتهك بالتالي حق المتضامنين الدستوري في
حرية التنقل.
وإذ تطالب اللجنة العربية لحقوق الإنسان السلطات
المصرية بوقف اجراءاتها القمعية بحق الشعب المصري
بعدما طفح الكيل من العسف والجوع والبؤس الذي
تزداد وتيرته ككرة الثلج، تحيي كل الصامدين
والمعتقلين والمدافعين عن حقوقهم وحقوق الشعوب
بالكرامة والحرية والعدل والأمل. كما تعاهدهم بنقل
معاناتهم للعالم بكل الوسائل الممكنة لحشد التضامن
الدولي مع مطالبهم المشروعة في هذه الحقبة
المفصلية من تاريخ مصر. وستعمل، بالتعاون مع كل
الديمقراطيين الشرفاء وبالاعتماد على آليات الأمم
المتحدة التي تعلي من شأن قيم حقوق الإنسان، على
تكثيف الضغط من أجل اطلاق سراح المعتقلين
والمدنيين المحالين أمام محاكم عسكرية وضحايا
الاعتقال الدوري والتعذيب. والنضال من أجل محاكمة
المسئولين عن هذه التجاوزات والدفع باتجاه
الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والدستورية
والقانونية التي طال انتظارها.
باريس 12-04-2008
|