أقر وزراء الإعلام العرب في القاهرة أول أمس
الثلاثاء وثيقة ضوابط تنظيم البث الفضائي الإذاعي
والتلفزيوني في المنطقة العربية، في
حين تحفظ لبنان وقطر على هذه الضوابط.
وتنص الوثيقة على وجوب تحمل الإعلام مسؤولية حماية
المصالح العليا للدول العربية، ما يتيح لها سحب
ترخيص أو إيقاف عمل أي قناة تنتهك الأحكام الواردة
في الوثيقة.
وتضع الوثيقة مبادئ حاكمة للبرامج السياسية منها
منع ما تسميه بالتحريض وتطالب بالالتزام "باحترام
كرامة الدول وتجنب تناول قادتها أو الرموز الوطنية
فيها بالتجريح".
منتقدو الوثيقة رأوا فيها عودة إلى عصر الوصاية
بحجة إسباغ قدسية على المؤسسات الحاكمة.
كيف تقيم وثيقة تقييد القنوات الفضائية؟ وهل ترى
فيها محاولة لضبط عمل الفضائيات أم لتضييق هامش
الحرية فيها؟
هيثم
مناع، ناشط حقوقي
إذا تمعنا كتاب درابر (الصراع بين العلم
والدين) ومئات إطروحات الدكتوراه حول ما يسمى
بمحاكم التفتيش، يجد المرء نفسه أمام الثمن الذي
دفعته النخبة الفكرية والعلمية في أوربة للتخلص من
الطغيان الثلاثي: طغيان الإقطاع الذي يتعامل مع
الناس والماشية بإسلوب واحد، طغيان الكنيسة التي
اعتبرت الخلاف سببا كافيا لحرق جسد العلماء أحياء
حتى لا يلوث دمهم طهارة الأرض، وطغيان فكرة
استئصال الرأي الآخر عبر الأجهزة التي بنتها سلطة
الإقطاع والكنيسة. لكن الثمن الأهم، المباشر وغير
المباشر لهذا الطغيان، هو غياب أوربة من ساحة
التاريخ والجغرافيا، أي تحولها لكتلة صماء مغلقة
ومنغلقة غير قادرة على أن تكون طرفا في أي شكل من
أشكال المشاركة والتفاعل في ما يسمى الإبداع
الحضاري والإنساني، علميا كان أو فكريا.
ثورة الإنسان على هذا الثلاثي مع الثمن الباهظ
الذي تم دفعه، غيّر خارطة العالم بشكل جذري في
ثاني أكبر عملية غسل دم على صعيد كوكبنا بعد الفتح
الإسلامي. الحضارة الغربية أخذت مكانها منذ قبلت
أولا بالمنتجات الذهنية لكل مكوناتها، وثانيا
باعتبار حركة الفكر كحركة البضاعة عابرة للحدود،
وثالثا باعتبار المبارزة السلمية بين المكونات
المجتمعية على اختلافها العنصر الوجودي الأقوى
للأمن القومي والسيادة والتقدم.
في ظل الاحتقار الشعبي العربي الجماعي لصحافة
الحزب الواحد والملهم القائد والمراسلات على طريقة
غونتنامو، وفي حقبة الصوت الأقوى فيها فوق الطبقات
وفوق الجنسيات والثقافات، صوت يرفض التقيد بالحدود
منذ منحته ذلك المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان. صوت يقول بأن ثورة الاتصالات حق مشترك
لكل البشر. تأتي هذه الصرخة لوزراء الإعلام العرب
كأبلغ تعبير ذاتي عن الاحتضار لجنس في طور
الإنقراض: صرخة لا أخلاقية تحتمي بالأخلاق وسوط
قمعي يستنجد بالأمن والقضبان ليؤكد إخلاصه
للسلطان، آخر قَسَم للطاعة والصمت في هذا الوجود
الصاخب. وجود عالمي يعرف أسياده الكبار، أن قبولهم
لمبدأ عدم اعتبار الحديث في خطاياهم ومفاسدهم بل
وجرائمهم سرا من أسرار الدولة، يشكل أحد أعمدة
استمرار المنظومة بأكملها. وأن ضجيج الأصوات ليس
فقط وسيلة التعبير عن الذات التي تخفف احتقانات
العنف والتمرد، بل الرئة التي تسمح أيضا، للحاكم
قبل المحكوم، بكل الآفات والموبقات.
أسعد أبو خليل، بروفيسور العلوم السياسية في جامعة
كاليفورنيا
ليست هذه الوثيقة من اجتراح وزراء اعلام انظمة
التسلط الطائفية, وهي لم تأت من قرائحهم الشعرية.
ولم تصدر الوثيقة هكذا فجأة. هي جزء من التنسيق
الكثيف الجاري بين انظمة الحكم العربية وبين
الادارة الاميركية التي أصيبت بهوس منذ 11 أيلول
والحروب التي تلتها لتحسين صورتها في عيون من
يتلقون قنابلها بصورة يومية. والحكومة الاميركية
لم تخف يوما قلقها من تنامي الحريات الاعلامية
التي كانت, وان قليلا, تعبرعن آراء وتطلعات الشعب
العربي خصوصا في أمور تتعلق بفلسطين وبالاحتلالات
المتزايدة في الشرق الاوسط. وتلاقت مصالح الانظمة
التسلطية مع مصالح الادارة الاميركية وحتى اسرائيل. وهناك
جانب في هذه الوثيقة المشينة, والتي تصلح في ان
تدخل في كتاب جورج ارويل عن طبيعة النظام التسلطي,
يتعلق بالعلاقات الاميركية السعودية. فبعد أحداث
11 أيلول, تحاول الحكومة السعودية اصلاح علاقتها
بالادارة الاميركية مسخرة في ذلك كل ما تملك,
خصوصا في وسائل الاعلام العربية. وقد ادى فشل
محطة "الحرة" الذريع الى تركيز الحكومة الاميركية
على محطات اعلامية عربية تتمتع بنسب مشاهدة
مرتفعة. فهي لا تريد ان يسمى الاحتلال
احتلالا وان تُسمى كل مقاومة للاحتلال, حتى ضد
قوات الاحتلال العسكرية, ارهابا. والتنسيق بين
أجهزة الدعاية السياسية في الادارة الاميركية جار
على قدم وساق, وتظهر نتائج التنسيق في كل نشرات
الاخبار بما فيها الجزيرة خصوصا بعد المصالحة
السعودية-القطرية.
القراءة
المتأنية للوثيقة تظهر بما لا يقبل الشك ان النية
هي في حماية الانظمة من غضب شعوبها. والكلام في
الوثيقة, والذي يبدو في بعض أقسامه مترجما عن
الانكليزية لكن سينفي ذلك من يود اقناعنا
بأن لا وجود لمؤامرات في العالم العربي, يستعمل
عبارات لا يمكن لها الا ان تضيق من مساحة التعبير
الضيق أصلا في المنطقة. لكن محاولات الانظمة
للسيطرة على كل ما يُقال وكل ما يُسمع وكل ما
يُشاهد لن تنجح في عصر الانترنت وفي عصر الفضائيات
العالمية. لن يستطيع حكام العرب اخفاء فضائحم ولا
جرائمهم. سيتسطيع المشاهد والمشاهدة العربية
متابعة ما يجري مهما فرضوا من ضوابط ومن شروط
صارمة للتعبير. الحل هو في اجتراح وسائل اعلام
متفلتة من ضوابت تأتيهم اما من عواصم العرب وان من
عواصم اعداء العرب بما فيهم اسرائيل التي تقلق من
مشاهد الفضائيات لجرائمها التي لا تتوقف. فهذه
الانظمة ومن يدعمها لن تستطيع ان تسيطر على عقول
ضحاياها مهما قتلوا ومهما عذبوا ومهموا فرضوا عليه
ان يشاهد فيفي عبدو وأليسا لكي ينسى فلسطين..
خيرت عياد، أستاذ جامعي، الإمارات العربية
ما حدث في مؤتمر وزراء الإعلام العرب هو أمر متوقع
علي المستوي الإعلامي، بل ويتوقع ما هو أكثر من
ذلك. ما يقدم في كثير من الدول العربية لا يعد
إعلاما بالمفهوم العلمي، وإنما مجموعة من النشرات
والبرامج التي تقترب من مضامين العلاقات العامة في
صورتها التقليدية، ولا يرتقي حتى إلي الممارسات
العلمية فيها. القضية هي كيف تنظر النخب الإعلامية
وما تمثله للجمهور العربي؟ هل هو جمهور فاعل وقادر
علي التمييز والفرز والحكم علي ما يشاهده، أم مجرد
متلقي يساق وفقا لم يقدم له؟ ما حدث وما سيحدث في
بيئة الإعلام العربي هو انعكاس طبيعي لرؤية تلك
النخب للجمهور. أعتقد أن كثيرا من الإعلام العربي
الرسمي لا زال يعيش في كثير من
مضامينه بعقلية ثلاثينية القرن الماضي حيث كان
ينظر للجمهور علي أنه مجاميع من الرعاع (Mass
Society)
فهو جمهور غير قادر علي الحكم علي ما يقدم له من
مضامين، وعلي النخب الإعلامية أن تفكر له وتتخذ
القرارات بدلا منه. وعندما تأتي قناة إعلامية أو
مجموعة قنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة في خضم
سوق عكاظ الفضائي الذي يربو علي أكثر من 200 قناة،
هنا لابد من وقفة لهذه القنوات التي بدأت تقدم
إعلاما مسئولا بالمعني العلمي بدرجة كبيرة، وتحترم
الجمهور وتعتبره فاعلا في العملية الإعلامية. إن
ما يحدث يا سادة باختصار، وما سيحدث هو مجرد
انعكاس لرؤية تفترض غباء المواطن العربي.
مصطفى محمد عبد الوهاب الفقيه، مهندس كمبيوتر،
اليمن
أن استخدام أتفاقية تقييد القنوات الفضائية يعتبر
سلاح ذو حدين موجه لنوعين من القنوات العربية هي
القنوات التي تتنافى مع مبادئ الثقافة العربية من
حيث مضمونها وبرامجها وأهدافها الربحية البحتة على
حساب الدين. وسبب التركيز على تلك القنوات من قبل
الحكومات وصناع القرار في المنطقة العربية يأتي
نتيجة الضغط الكبير التي تواجهه من المجتمعات
العربية نحو تلك الفضائيات المبتذلة التي لا يجدون
منها إلا الدمار على مستوى الأسرة والفرد. وكذلك
بسبب أنتشار قنوات الدجل والشعوذة في الأونة
الأخيرة التي تسعى إلى تحقيق أعلى ربح مادي
هاملاًً الأثار السلبية التي تنشرها في نفوس
المسملين ضعفاء الإيمان الذين يحاولون التعلق بأمل
ووهم كاذب من أجل حل مشاكلهم. بالإضافة إلى قنوات
الأغنية الهابطة التي تسعي لتأجيج النزوة الجنسية
لدى الشباب من أجل تحقيق أهدافها الصهيونية وهو
تكوين جسل من الشباب العربي ظعيف الهوية العربية
موججة كل طاقاتة وقدراتة في أشياء لا تنفع الأمة
وبالتالي يؤدى ذلك لأنيهار الأمة . ويساعدهم على
ذالك ضعاف النفوس من رجال الأعمال العرب الذين
يلهثون وراء الأموال .
أما الوجه الثاني فهو الهيمنة والسيطرة الأمريكية
على المنطقة العربية والضغط عليها من أجل تقييد
القنوات الأخبارية المحايدة بشكل خاص ومن أهم
أهدافهم هي تقييد قناه الجزيرة التي تعتبر المصدر
الأول لأخبار في الوطن العربي وكونها السلاح
الثاني الذي يضعف موقف الحكومة الامريكية في
المنطقة العربية وذلك لأن قناة الجزيرة وبشكل
ملحوظ كانت تتفرد بنشر الأخبار والوثائق الصورية
التي توضح للعالم العربي حقيقة الغزو الأمريكي
والصهيوني في العالم العربي. فلابد من الحكومة
الأمريكية بأن تحال ان تقيد القنوات العربية
وربما كان الوجه الأول هو سبب لمحاربة الوجه
الثاني ونشوء هذه الاتفاقية.
أحمد محمود قناوي، محامي ، مصر
ظني أن هذه الوثيقة مجرد محاولة يائسة من أنظمة
تتسم بالتسلط والقهر ، ويقيني أنها محاولة فاشلة
من بدايتها ، فالمواطن العربي بعدما تذوق حلاوة
إعلام حر وشفاف لن يرضي بهذا التقييد، وفي
النهاية ستبقي هذه الوثيقة مجرد محاولة ضمن عشرات
المحاولات التي تصنف في خانة تقييد حقوق المواطن
العربي الذي انفتح له الأمر محطات إعلامية تمتلك
سقفا مرتفعا من الحرية وفضاء شبكة المعلومات
وغيرها من وسائل التعبير الحديثة والجديدة كل هذا
شيع تلك الوثيقة قبل مولدها وحسن فعلت دولة قطر
عندما تحفظت على الكثير من البنود فيها ولم تشارك
– وهذا أمر مفهوم – في حلبة ترويض الإعلام الحر
وجعله مستأنسا مثل عشرات المحطات والقنوات التي
لا قيمة حقيقية وإعلامية لها .
علي عيسى، مهندس، مصر
أرى أن الوثيقة محاولة من الأنظمة الحاكمة بالدول
العربية لتكميم أفواه الصحفيين الأحرار خوفا من
وصول الحقائق للشعوب وزيادة وعيهم لأن ذلك لن يكون
في صالح تلك الأنظمة الفاسدة. وهذا من إيحاء
وأوامر الغرب عموما وأمريكا خصوصا لأن في جهل
الشعوب وتغييبهم عن الوعي خدمة للمشروع الأميركي
الصهيوني بالمنطقة. وآمل أن تنتبه الفضائيات الحرة
وتتخذ الإجراءات الاحترازية التي تتفادى بها فرض
الوصاية هذا دون أن تتصادم مع تلك الأنظمة كي لا
تتعرض للتصفية. فانه لما تعذر مثلا تصفية قناة
الجزية بضرب مقرها بالدوحة توجهوا لهذا السبيل
الذي يؤدي لتصفيتها وكل الإعلام الحر في العالم
العربي.
أبو عيادة محمد عيد، ألمانيا
في الحقيقة أن الإعلام العربي تقدم – في آخر
التسعينيات وبداية القرن الحالي - خطوات لا بأس
بها وخاصة في الإعلام المحايد ، حيث وصل في بعض
الدول العربية قريباً من مستوى الحرية التي يتمتع
بها الإعلام الأوروبي تحديداً ، وهذه الحرية
الممنوحة تشكل خطراً على الحكومات العربية ، لأن
أغلب هذه الحكومات قامت أصلاً على مبدأ غير
ديمقراطي ، ولتستمر هذه الحكومات لابد من وجود
سياسة قمع الرأي الآخر.
وحرية الإعلام ممكن أن تسقط حكومة أو تؤدي إلى
فشلها في الانتخابات مثلاً أو ..... أو إلى نجاح
حكومة أخرى ، وفي رأي الشخصي لن يصل الإعلام
العربي إلى الحرية المرجوة في ظل الحكومات العربية
الحالية.
لذلك خرجت هذه الوثيقة لتعيد الإعلام العربي إلى
المربع الأول ، ولو خرجت هذه الوثيقة من جهة
مستقلة فإن النتيجة واحدة وذلك لعدم استقلال
القضاء في هذه الدول ، حيث أن القضاة المخالفين
دائماً يسرحون لذلك النتيجة واحدة في العالم
العربي.
عبد الله محمد، المغرب
لقد ربح الإعلان العربي وعلى رأسه الجزيرة الرهان:
وهو زعزعة عروش الأنظمة القمعية في العالم العربي
وديموقراطية الديكتاتوريات والضحية أي الحكام
يلفوظون بسببها الأنفاس الأخيرة ف الرأي العام
تغير ليصبح ضدهم والأنصار تقزموا والإنتخبات
المزورة فضحت ونسبة المشاركة المزيفة بان زيفها
وكل هذا بسبب الإعلام الذي يخبر الشعب بالنقط التي
حصل عليها قادتهم عند المنتظمات الدولية
والتصنيفات التي حازوها عند أهل الإختصاص حتى أضحت
سياسة "البروبغاندة" الحكومية بلا جدوى أمام
الإنفتاح الإعلامي الضخم هم لا يخافون من الإعلام
الغربي لأنه لا يتحدث لغة الشعب ولا ينظر لهمومهم
من نفس الزاوية ولكن البعبع الحقيقي لهؤلاء الحكام
الصحفي العربي الحر، لهذا أجمعوا على خنقه حتى
الموت ولكن بطريقة أخرى وهي طريقة الأب الحنون
الذي لا يريد أن يَـفسد خلق ولده بسبب الحرية
الزائدة عن الحدود فيفقد ولاءه وطاعته العمياء
لكنهم ليسوا أبائنا ونحن نقر ونعترف بأنهم أعدائنا
وليحي الإعلام الحر فلن يكون بيننا وبينه حاجز وإن
كثرت الحواجز.
محمد سعيد الملاح، الإمارات
كان الواجب على وزراء الإعلام العرب أن يتصدوا
لغسيل الدماغ الذي يتعرض له المشاهد من أمركة ومسخ
لشخصيته وجعله مستهلكا للبضائع الأميركية مع تغييب
قضاياه وقضايا وطنه:
- شغل أوقات البث التلفزيوني في التوافه لإلهاء
الناس وتسطيح تفكيرهم وتركيزه على الجنس.
- الاقتصار على بث الأفلام الأميركية رغم وجود
أفلام ممتازة لدول غربية وغير غربية أخرى.
- معظم الدعايات لا تتماشى مع القيم العربية وتقوم
إما على الجنس أو التطلع إلى الثراء والرفاهية
المفرطة.
- الترويج لبضائع أميركية مضرة بالصحة كالوجبات
السريعة والمياه الغازية.
- قلة التحقيقات التلفزيونية عن الأحوال المعيشية
للأسر والطلاب والموظفين والعمال والمزارعين.
- غياب التوعية في النواحي الاستهلاكية والصحية
والغذائية والسلوكية والمرورية والزراعية
والسياحية والتاريخية وغيرها.
- استخدام المفردات الأميركية في الإعلام كالإرهاب
والأصولية والشرعية الدولية وعملية السلام وغيرها.
حسن علي، محلل نظم، البحرين
أولا: الإعلام في أبسط تعاريفه هو (مرآة
الشعوب)، والإعلام العربي ليس مرآة لشعوبه، لذلك
فلا يحق للسادة وزراء (الإعلام) حمل هذا الاسم
أصلا، كان يجب أن يسموا أنفسهم وزراء
(التطبيل) مثلا.
ثانيا: إذا فرغنا من ذلك، فليس لهم الحق في الحديث
عنا وعن إعلامنا، فنحن وقضايانا (أمة وأفرادا) آخر
ما يفكرون فيه.
ثالثا: لإثبات ذلك، تساءلوا معي أين هم عن القنوات
الساقطة التي تنخر في ديننا وأخلاقنا، لماذا لم
يكن لها نصيب في بيانهم، أين هم عن الحملة
الإعلامية الموجهة ضد الإسلام في أصوله (كربطه
بالإرهاب) وفي رموزه (كالحملة المنظمة على رسولنا
صلى الله عليه وسلم).
رابعا: وجد الاستعمار أن أفضل طريقة لحكم
مستعمراته هو حكمها من خلال حكومات فاسدة، يحميها
ويدافع عنها، وتتحمل هي تنفيذ مخططاته
وامتصاص طاقات شعوبها، لذلك لم تستطع الدول
العربية خلال العقود الماضية بعد الاستعمار من
بناء اقتصاد قوي أو جيش قوي، وكان أفضل ما حققه
العرب قناة الجزيرة.
صحيح أنها لن تستطيع إصلاح الفساد لكنها قادرة على
كشفه، ولن تستطيع أن تقف في وجه أمريكا أو ردها عن
تنفيذ مخططاتها لكنها (قد) تجعلها تفكر (قليلا)
قبل تنفيذ ذلك نظرا لصوتها الإعلامي المسموع حتى
في أوروبا وأميركا.
يا أخي: إذا لم تستطع رد عدوك فليس أقل أن من
تصرخ في وجهه. لكن وزراء (التطبيل) يستكثرون علينا
حتى الصراخ.
عبد الله عيسى، صحفي، غزة
على ما يبدوا أن الفضائيات العربية أصبحت تتعب
زعماء الدول العربية الذين أصبحوا يتباكون على عهد
التكتيم الإعلامي وتكميم الأفواه وقلب الحقائق من
خلال تدشين قنوات تلفزيونية وفضائية لا شغل لها
سوى التسبيح بحمد السلطان.
لذلك أرادت هذه الزعامات من هذه الوثيقة أن تحطم
الدور الرئيس الذي نجحت من خلاله الفضائيات
العربية في توعية الشعوب العربية التي عاشت فترة
طويلة من التضليل الإعلامي .
هذه الوثيقة تأتي التفاف على حرية الرأي والتعبير
والتي هي حق من حقوق كل إنسان في سائر أنحاء
المعمورة، وكذلك لمحاربة الفضائيات التي تمثل ضمير
الشعوب وتنقل معاناتهم.
باعتقادي أن هذه الوثيقة جاءت لتحجم ولتلجم عمل
العديد من الفضائيات وعلى رأسها قناة الجزيرة
الفضائية التي شكلت طفرة في تاريخ الإعلام العربي،
وحطمت قوانين الإعلام العربي الرسمي الصارمة والتي
حولت من وسائل الإعلام بوقا من أبواق السلطان.
مريم شهاب خانجي، الإمارات
يكن بالنسبة لي ولا لأي عربي قرارا جديدا إلا أنه
الآن أصبح علنا ولى زمن الحياء. كل شيء صار عيني
عينك. كنا نسمع أن التحدث عن الشيء الفلاني أو
ممارسة عمل معين أمر غير مسموح به، وجريمة يعاقب
عليها القانون. التغير الوحيد الذي حصل هو الإعلان
والمجاهرة فقط..
وزراء الإعلام العرب ليست لديهم سلطة أو قرار
يخولهم تحديد ما يخدم مصلحة البلد أو +ما يخدم
الإعلام نفسه, وإنما القرار يعود للنظام الحاكم
وهذه الوثيقة في مضمونها ليست لتنظيم البث الفضائي
الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية, بل
لتعزيز استمرار الأنظمة المستبدة وطمس الحقيقة عن
الرأي العام وبذلك تتوفر لهذه الأنظمة الرجعية كل
الظروف الملائمة لتمرير خطابات وحقائق مزيفة تصب
في مصلحتها وفي مصلحة الدول الاستعمارية الخاضعة
لها. فمنذ ظهور الإعلام الحر أصبح الإعلام نفسه
قائما بذاته ويجسد الحرية والديمقراطية ومن خلاله
يجد المستضعفين والمظلومين والمنتهكة حقوقهم مجالا
لتعبير عن رأيهم و تفريغ الغضب الذي ينهش قلوبهم
بالحسرة. أما المسألة المفروض أخذها بعين الاعتبار
هي أخلاق المهنة وعلاقتها الجدلية بالحرية,
فتخليق الإعلام يجب أن يعالج من الجوانب التي تمس
مشاعر الناس وكل ما يدخل في المعتقدات الإنسانية و
الدينية, وأن يتم التداول فيها من طرف المؤسسات
الإعلامية والصحفيين و ليس من طرف وزراء الإعلام,
فهذا النوع من الوزارات لا نجده في الدول الغربية
التي تجسد الديمقراطية.
ومن منظور أخر زيادة على ما تناولناه فهي محاولة
من بعض الدول لإزالة حق من الحقوق التي قامت عليها
البشرية وهو حق تقرير المصير.
|