|
كشف
تقرير طبي أميركي أن طفلاً من بين كل ثمانية أطفال
في العراق يموت قبل أن يبلغ الخامسة من عمره، وذلك
بسبب سوء الأوضاع الصحية وتفشي الأمراض وتدهور
حياة السكان بانعدام المستلزمات الأولية للعيش،
خصوصاً الامدادات الصحية والكهربائية ونقص المياه
الصالحة للشرب وتصاعد أعمال العنف والارهاب
والتشظي المجتمعي والانقسام المذهبي والاثني وغير
ذلك.
تراجع الوضع الصحي في العراق على نحو مريع، خصوصاً
باستمرار الحصار الدولي الذي دام 13 عاماً (1990 ـ
2003)، وبعد أن كان في العراق نظام صحي من أفضل
الأنظمة الصحية في الشرق الاوسط وبخاصة في سنوات
السبعينات، أصبح اليوم في أسفل السلّم الدولي من
حيث مستوى الفقر وتعاظمت وفيات الأطفال لتصل الى
أكثر من 150 قياساً بعام 1990، وفي بلد يطفو على
بحيرة من النفط ليصل أكثر من 35 من السكان الى خط
الفقر.
ويوجد في بغداد وحدها حالياً نحو 900 ألف طفل يتيم
وأكثر من 300 ألف أم أرملة، ولعل هذا العدد ارتفع
بشكل ملحوظ منذ احتلال العراق في 9 نيسان (ابريل)
2003، واستمرار العمليات العسكرية وأعمال العنف
والارهاب، التي تقف وراء ارتفاع نسبة الأرامل
والأيتام في المجتمع العراقي، تلك التي ولدّتا
معها مشاكل وأمراض اجتماعية خطيرة منها: انتشار
ظاهرة تسوّل الأطفال وبخاصة الأيتام في الشوارع
بهدف تأمين مستلزمات العيش، خصوصاً ان التخصيصات
المالية للأطفال الأيتام لا تسدّ الحاجة ولا تغني
1 من الأطفال الأيتام.
وشهد العام 2005 حسب تقرير منظمة "أنقذوا الأطفال"
وفاة 122 ألف طفل عراقي، وتشير التقارير الطبية
الى ان مجموعة من الأمراض مثل: ذات الرئة
والملاريا والحصبة والاسهال وغيرها، تشكّل مسببات
أساسية لوفيات الأطفال العراقيين.
الظاهرة الثانية هي تشغيل الأطفال دون السن
القانونية، حيث تعاظمت هذه المشكلة التي تتعارض مع
الاتفاقيات الدولية بشأن تشغيل الأحداث واستخدام
الأطفال في العمل. وتؤكد العديد من التقارير
الدولية والاقليمية والعراقية، بما فيها لبعض
منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني، ان ظاهرة
تشغيل الأطفال العراقيين بدأت تتزايد بما فيهم
لأطفال لا تتجاوز أعمارهم عن 10 سنوات في أعمال لا
تتناسب مع بنيانهم الجسماني وتركيبة أبدانهم.
وأصبح مألوفاً مشاهدة الأطفال الذين يقومون بتنظيف
الشوارع، خصوصاً ان أمانة العاصمة (بغداد)،
والمجالس البلدية قامت بتوظيفهم بصفة "عمال نظافة"
مقابل أجر يومي لا يتعدّى ألف دينار عراقي (أقل من
دولار واحد في اليوم)، الأمر الذي دفع بعدد غير
قليل من الأطفال الى ترك الدراسة والتسرّب من
الذهاب الى المدرسة.
وظاهرة التسرّب وترك مقاعد الدراسة، هي الظاهرة
الثالثة الخطيرة الملفتة للنظر في ظل الأوضاع
الراهنة في العراق. فمن جهة ظروف العوز المادي
والفقر المدقع، ويزيد عليها الأوضاع الأمنية
الخطيرة وارتفاع منسوب العنف والارهاب، وبخاصة
التطهير المذهبي والإثني واضطرار مئات الآلاف من
العوائل الى النزوح عن مناطق سكناها الى مناطق
أخرى أو الى الخارج بالنسبة للعوائل التي تستطيع
تأمين مستلزمات سفرها لتبدأ معاناة جديدة ورحلة
مضنية من أجل الإقامة واللجوء والعمل والصحة
والدراسة بالنسبة للأبناء، ناهيك عن المستقبل
الغامض.
ويضطر الأطفال للعمل في أعمال شاقة لا يستطيعون
تحمّل أعبائها مثل أعمال البناء والخدمات المنزلية
وجماعات الحماية مؤخراً أو في ورش ومعامل أهلية
غير حكومية أو حكومية. وكان مكتب حقوق الانسان في
بعثة الامم المتحدة العاملة في العراق (يونامي) قد
حذّر في تقرير خاص من الكارثة الانسانية بحق أطفال
العراق الذين يعانون من مشاكل صحية واجتماعية
قاسية، فضلاً عن تدّني مستوى التعليم، الأمر الذي
يستوجب تأمين الظروف المناسبة لضمان مستوى معيشي
ملائم للاطفال لما ينعكس إيجابياً على حياتهم
العامة وعلى حياة المجتمع ككل.
|
|
|
|
|