منذ قررت السلطات الأمنية السورية في أغسطس/آب
2001 إدخال الاعتقال التعسفي لنشطاء الحياة
المدنية وسيلة من وسائل الحكم الجديد-القديم،
واعتقالها عشرة شخصيات وطنية آخرهم الأستاذ عارف
دليلة، الذي دخل السجن قبل أحداث 11 سبتمبر
بيومين. "أي في إجراء وقرار داخلي صرف لا علاقة
له بالأوضاع الإقليمية أو الدولية. بدا من الواضح
أن السلطات الأمنية قد صوتت لاستلام أجهزة الأمن
مصير البلاد، في تهميش واضح للطبقة السياسية
الحاكمة، بمن فيها الدكتور بشار الأسد".
هذا التحليل الذي قدمته اللجنة العربية لحقوق
الإنسان في مقدمة الطبعة الفرنسية لكتابها الجماعي
(الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية) تأكد عندما
قررت السلطات السورية اعتقال عدد كبير من
المواطنين إثر حوادث القامشلي وفي صيرورة المثول
أمام محكمة أمن الدولة شعيرة إسبوعية، وفي الرد
على إعلان بيروت-دمشق، دمشق-بيروت بحملة اعتقالات
شملت ميشيل كيلو وأنور البني والحكم على رموز
حقوقية ومدنية ( درار ونزار رستناوي) وحزبية (فائق
المير) وكردية ( عشرات المناضلين السوريين الأكراد
حكم عليهم بالسجن بين سنتين وعشر سنوات (آخر
تسعيرة لتهمة اقتطاع أراض سورية عند مناضلين
سوريين دما ولحما؟).
لم يعد بالإمكان معرفة المخطط الكامل للحملة
الأخيرة، هل هو القضاء على تجمع إعلان دمشق؟ وهل
يمكن القضاء على تجمع من أفراد ومنظمات تغطي
الخارطة السورية للمعارضة؟ وهل نجحت السلطة
الأمنية في عنفوان الحرب الأمنية الأهلية التي
خاضتها ضد المعارضة السلمية في الثمانينيات في
القضاء على التجمع الوطني الديمقراطي أو حزب العمل
الشيوعي؟ هل يمكن للحل الأمني أن يشكل وسيلة ناجعة
لمشكلات البلاد أم تعقيد لهذه المشكلات وشّل لكل
الطاقات الخيّرة والبناءة من أجل معارك تستحق بها
سورية الانتماء للعصر؟ هل يمكن تسمية الهيمنة
الأمنية باسم آخر غير التسلط الصرف الذي يحرم
المجتمع من وسائل التنفس والدفاع الذاتي؟ ثم هل
يمكن الحديث عن ثقافة المقاومة وقد أصبحت مهمة
أجهزة الأمن قتل المواطنة والمقاومة والإنسان
الكريم الحر؟
فداء
أكرم حوراني - أحمد طعمة - أكرم البني - علي العبد
الله - وليد
البني - محمد حجي درويش - ياسر العيتي - جبر
الشوفي -
مروان العش
-فايز
سارة - رياض سيف - طلال أبو دان- عدنان مكية
. من كل طيف ولون واتجاه هم، لكن من انتماء واحد
اسمه الوطن. وطن يحترم حقوق الإنسان وسيادة الشعب
وحق الاختلاف وشرعية المشاركة في الشأن العام لكل
إنسان باعتبارها أساس القوة لأي دولة وأس الخصوبة
والإبداع لأي شعب.
من حق كل مناضل ديمقراطي من الماء إلى الماء، من
كل ثقافة وحضارة وقارة أن يسأل:
من يحاكم من في سورية؟ وهل يحق لأجهزة أمن الدولة
وملحقاتها أن تختصر الوطن بالطاعة والصمت والخنوع؟
وهل من خدمة لمحتل الجولان ومحتل العراق أفضل من
تحويل المجتمع السوري إلى كتلة صماء بكماء عمياء
تخشى على نفسها من نفسها، بكل أسافين الموت التي
بثتها أجهزة الأمن في خلايا المجتمع والدولة؟
لا مقاومة وسيادة في ظل دولة الأمن، ولا تحرر بدون
استقلالين لا ينفصلان: أولهما عن الاستعباد
الخارجي وثانيهما عن الاستبداد والفساد الداخلي.
باريس في 4/2/2008
|