السادة في لجنة بن شيكو للحريات
كل الحب والتقدير والاحترام
ليس غريباً على شعب الجزائر وأهله الطيبين هذه البادرة
التي أثلجت صدورنا نحن أبناء المشرق العربي، في تكريم شيخ
الصحفيين السوريين ميشيل كيلو من قبل لجنتكم الموقرة"لجنة
بن شيكو للحريات" وكم شعرنا بالفخر بكم لشعوركم النبيل
لتقديم"جائزة بن شيكو للقلم الحر" لسنة 2007 لأحد أهم
الصحفيين والكتاب السوريين.
أيها السادة إن ميشيل كيلو: من أحد أهم الشخصيات السورية
التي لعبت وتلعب دوراً مهماً على صعيد بناء مجتمع ديمقراطي
مدني في سورية، إذ يعتبر من مؤسسي لجان إحياء المجتمع
المدني وأحد المشاركين في صياغة"إعلان دمشق" بين القوى
السورية، وهو عضو في اتحاد الصحفيين السوريين ورئيس
مركز"حريات" للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية.
ولد ميشيل كيلو عام 1940 في محافظة اللاذقية، مارس مهنة
الصحافة بجدية مسئولة من خلال قبول الآخر والتسامح مع
الجميع، وطالب بطريقة واعية ومدروسة انتقال المجتمع السوري
من حالة الركود والاستبداد المستعصية إلى حالة جديدة
وبطريقة سلمية للمجتمع والدولة توصلنا إلى حافة الأمان من
خلال بناء مجتمع ديمقراطي تتحقق فيه كافة أسس الحياة
الكريمة والحرية وحقوق الإنسان، وذلك عبر كتاباته ومشاركته
الفاعلة في كافة النشاطات السياسية والمدنية والحقوقية،
فكان بحق من الشخصيات المهمة والفاعلة لبناء مجتمع يسود
فيه العدل والحرية والديمقراطية.
ولا شك أن الطريق الذي سلكه عبر كتاباته الصحفية والبحثية
يبدو في حدوده النظرية عميقاً وناقداً، إذ عندما يقدم نقده
اللاذع أحياناً والمحبب والمؤثر أحياناً أخرى، كان على
الدوام يشعرك أنك جزء منه إنسانياً، وما الخلاف القائم
بينكم ما هو إلا حلقة من خلافات المعرفة للوصول إلى
الحقيقة التي يجدها على الدوام متجددة بتجدد التطور
والحضارة.
اعتقل بتاريخ 14/5/2006 وتضمن اتهامه"جناية إضعاف الشعور
القومي" سنداً للمادة 285 و"جنحة النيل من هيبة الدولة
وإثارة النعرات المذهبية" سنداً للمواد 287 ـ 307 ـ 376 من
قانون العقوبات.
على رغم الإفراج عن عدد من المثقفين المعتقلين للأسباب
نفسها، بقي ميشيل كيلو قابعاً في سجن"عدرا" نظراً إلى
توجيه مدّعي عام دمشق تهماً جديدة إليه أبطلت أمر إخلاء
سبيله الذي صدر في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2006، مع أنه ما
من حجة منطقية تبرر احتجاز هذا الصحافي. فعلى حد علمنا، لم
يقم إلا بممارسة حق حرية التعبير الذي ترعاه عدة معاهدات
دولية صادقت عليها سورية.
أصدرت محكمة الجنايات الثانية في سورية بتاريخ 2007-05-13
بحق المفكر والصحفي ميشيل كيلو حكماً لمدة ثلاث سنوات على
تهم واهية لا يمكن قبولها في أي حال من الأحوال فقد تم
توجيه التهم التالية:
1- جناية إضعاف الشعور القومي وإثارة النعرات الطائفية
والقومية والمذهبية وفق أحكام المادة 285
2- جناية تعريض سورية لأعمال عدائية وفق أحكام
المادة278 من قانون العقوبات السوري.
3- الظن عليه من جنحتي إذاعة أنباء كاذبة والذم والقدح
وفق أحكام المواد 307 -376 من قانون العقوبات
عبر استهجان الحاضرين في مقر محكمة الجنايات الثانية الحكم
الصادر بحق ميشيل كيلو نادى ميشيل كيلو القاضي محمد زاهر
البكري
"هذا هو الحكم" ،
فرد علية مقاطعاً
" لقد حكمنا وفق نصوص القانون"
فقال له مشيل كيلو:
"
هذا القرار لايعني أننا مجرمون بل يعني أنه جريمة بحقنا
وهو ليس صادراً عن المحكمة بل ضدها".
بهذه
العبارة المختصرة عبّر الأستاذ ميشيل كيلو عن إدانته
واحتجاجه على تعسف المحكمة وولائها المطلق للسلطة
التنفيذية، الذي يتناقض مع الدستور السوري في التركيز على
فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ، كاشفا مدى
هشاشة هذا الأحكام الجائرة بحقهم.
فالسلطة السياسية في سورية ارتبطت بقمع الرأي وملاحقة حرية
التعبير مع جمود عقائدي ظاهري يعزز غطرسة الادعاء بامتلاك
الحقيقة والصواب. من هنا حاصر النظام ومازال المثقفين
السوريين بأفكارهم وأرائهم واجتهاداتهم ممعناً في انتهاك
حقوقهم في التعبير عن أنفسهم .
حرية الرأي والتعبير هي جزء من نسيج الحرية ومكون أساسي من
مكونات الديمقراطية والحرية حاجة حيوية للإنسان, فقدانها
يفقد الإنسان ماهيته وقدرته على الفعل، وما قام به ميشيل
كيلو تعبير عن وضع مثقفي عام يحرص على تعزيز المواطنة
وإعادة الاعتبار للوطن من باب المواطنة وليس على حسابها،
وإعادة القوة للتعاون العربي بدءا من الحرص الشديد على
تمتين أواصر التاريخ والجغرافية مع بلد شقيق وذلك من خلال
الإعلان الذي أدينوا به وأكيلت التهم له من خلاله.
إن هذا الحكم هو حكم بحق المثقفين السوريين جميعا وعلى
كافة المثقفين السوريين أن يشكلوا حلقة تضامن كبيرة من اجل
أطلاق ميشيل كيلو على اعتبار هذا الحكم يستهدف أي من
المثقفين السوريين لهم رأي حر ولهم فاعلية اجتماعية ومكانة
في ضمير المواطن السوري.
في زمن تمرست فيه أجهزة الأمن على شتى الطرائق في انتهاكها
لكرامة الناس، أصبحت هذه الأجهزة تتصفح البيانات العاجلة
التي تستنكر حملات الاعتقال التي تقوم بها، تنتظر بكل برود
أعصاب هدوء العاصفة، لتطمئن بعد ذلك لدخول ضحاياها في عالم
النسيان.
للرد على هذه العدوانية الصريحة بحق المواطنة والحقوق
الإنسانية، مهمتنا لم تعد مجرد إصدار بيان تبرئة ذمة
ذاتية: يجب أن يتحول كل يوم إضافي في اعتقال مناضل من أجل
الحرية إلى وصمة خزي في جبين السجان، يجب تعميم كل ملاحقة
أو مضايقة أو تقييد للحريات في فضاء الزمان والمكان لجعل
عار الجلاد أشد شينا وقبحا بنشره على الملأ. من أجل أكبر
تضامن مع الضحايا واجبنا يعني أن نحول النسيان السلطوي لهم
إلى ذاكرة دائمة وحضور مستمر.
إن التعاطف لكبير مع المفكر والصحافي ميشيل كيلو وبكل
المعاني الثقافية والإعلامية والسياسية؛ ولكن أصبح من
الضروري خلق نقطة استقطاب جماعية قادرة على ممارسة المزيد
من الضغط والحصار على جلاده بغية إطلاق سراح ميشيل
وزملائه.
من هنا تداعى عدد من المثقفين والكتاب والصحفيين العرب
والأجانب لتشكيل اللجنة الدولية لمساندة ميشيل كيلو تحت
عنوان:
هدف سجانك هو إدخال الكلام إلى السجن، وتحويل الصراخ مسحوق
همس
لكن سجانك لا يعرف أن همساتك أصبحت صرخة تسكن كل ضمير حي
طموح اللجنة الدولية، أن تكون نقطة الاستقطاب هذه لكل
المتعاطفين مع ميشيل وبقية المعتقلين في سياق آلية فاعلة
تحقق هذا الهدف، مؤكدين مواجهتنا لسياسة النسيان والتهدئة
وحرصنا على التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان.
تختصر اللجنة أهدافها في النقاط التالية:
1- إطلاق سراح المفكر والصحفي مشيل كيلو وبقية زملائه،
ووقف أي ملاحقه قضائية بحقهم على اعتبار ذلك مخالفة صريحة
للدستور السوري وتصديق سورية على العهد الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية.
2- اعتبار كل المحاكمات الاستثنائية التي تعيشها سورية
نتيجة استمرار حالة الطوارئ والمطبقة منذ عام 1963 وسيادة
العقلية الأمنية التي يجب أن تنتفي في عالمنا الراهن،
وبالتالي دعم نضال الديمقراطيين والحقوقيين السوريين من
أجل رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح كل معتقلي الرأي.
3- إن اللجنة تقدر عالياً نضال كل الديمقراطيين السوريين
من أجل دستور ديمقراطي عصري، وانتقال سلمي إلى
الديمقراطية.
منسق اللجنة الدولية لمساندة ميشيل كيلو
ناصر الغزالي*
2007-06-14
صحفي
وباحث سوري رئيس مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق
المدنية والمدير المسئول عن مجلة مقاربات الصادرة عن
المركز
اللجنة الدولية لمساندة ميشيل كيلو
http://www.michelkilo.com
مركز دمشق للدراسات النظرية و الحقوق المدنية
http://www.dctcrs.org
مجلة مقاربات
http://www.mokarabat.com
|