(مقدمات عامة حول
الحقوق الثقافية بين
منظومة حقوق الإنسان
و مشروع إعلان خاص
بها)
قد
تتعدد المشكلات التي
ما تزال تعوق استتباب
التفاهم و السلم ، و
بالتالي التعاون ،
سواء بين بلدان شمال
إفريقيا و الشرق
الأوسط أو بينها و
بين بلدان جنوب
أوروبا ، لكن يبدو أن
حالة ذهنية من الجفاء
و التفاضل و الأحقاد
الدفينة هي التي
تتصدر هذه العوائق .
فها هنا حيث تطل
مجتمعات تنتمي إلى
مجالين جغرافيين
مختلفين على بحيرة
الأبيض المتوسط ، و
حيث خبرت هذه
المجتمعات بعضها عبر
تاريخ طويل من
التبادل التجاري و
الثقافي أحيانا ، و
من العدوان العسكري
أحيانا أخرى لم يتآلف
بعد قلبا و رأسا و
جسد اهذين المجالين .
و لعل ، كمثالين على
ذلك ، أن إسرائيل
كحالة ثقافية عنصرية
في شرق حوض البحر
الأبيض المتوسط و ملف
الهجرة كحالة ثقافية
عنصرية أخرى في غرب
هذا الحوض ستواصلان
دورهما السلبي دون
إعمال أي نوع هادئ و
جميل من التآلف بين
وجدانات الناس و
عقولهم و حياتهم
اليومية.
فهل هناك من حل ؟ و
ماذا بإمكان المجتمع
المدني في كل من
مجتمعاتنا المتوسطية
عمله لردم الحفرة /
العوائق إياها في
سياق العولمة الجارية
؟ لن تتطرق الورقة
الحالية لا إلى تلك
العوائق و لا للإجابة
عن هذين التساؤلين ،
و إنما ستكتفي
بالتركيز على المسألة
الثقافية نفسها في
بعديها الإنساني و
التقعيدي ، و ذلك من
خلال استعراض رزمة
المفاهيم و المصطلحات
ذات الصلة بإشكالية
الحقوق الثقافية بين
منظومة حقوق الإنسان
و مشروع إعلان خاص
بها .
أولا ـ سؤال استهلالي
: ماذا يعني الحديث
عن الحقوق الثقافية ؟
1 ـ إن الأمر يتعلق
بــ :
ــ مواصلة فتح ملف
قديم هو ملف الثقافة
و دورها في المجتمعات
البشرية ؛
ــ التصدي للعلاقة
بين الثقافات
الإنسانية و حقوق
الإنسان ؛
ــ الحديث بالضرورة
عن الهوية عموما و عن
الهويات المحلية و
الوطنية خصوصا ، كما
عن العالمية و
المحلية أو الخصوصية
و عن المطلق و النسبي
، و كذا عن عديد من
الحريات و الحقوق و
في مقدمتها الحق في
حرية الاعتقاد و الحق
في المساواة و في
الاختلاف ، و كذا
باعتبارها بعض من
شبكة المفاهيم
المركزية التي يتعاظم
بصددها النقاش كلما
أسيء استخدامها في
علاقتها بحقوق
الإنسان ؛
ــ واحدة من أبرز
المهمات النبيلة ،
المهملة إلى الآن .
إنها مهمة العمل على
تجذير و تعميق مفهوم
الحقوق الثقافية التي
، في ما أعتقد ، يمكن
أن تعود بعبارات
العالمية أو
الإطلاقية و
الخصوصية أو النسبية
في حقوق الإنسان إلى
أصولها المفهومية
المنهجية في مجال
حقول العلوم
الإنسانية بدل
الاستمرار في
استخدامها في كحجارة
للتراشق بها في مختلف
جلسات التلاجج
اللساني .
2 ـ و بالإضافة إلى
ذلك ، إن الحديث عن
الحقوق الثقافية
يتعلق أيضا بــ :
ــ عدم إغفال فتح ملف
الحق و المسؤولية ؛
ــ مجموع الحقوق ، و
من ضمنها الحقوق
الثقافية المعنونة
بــ " الجيل الثالث "
من حقوق الإنسان و
التي يعتقد بعض
المهتمين بأنها حقوق
للدول و الحكومات و
ليست حقوقا للأفراد .
و أن الأمر يتعلق
كذلك بثمانية ، على
الأقل ، من المفاهيم
/ المفاتيح التي تنسج
مفهوم الحقوق
الثقافية .
ثانيا ـ لكسيك أولي :
في الثقافة و في
الحقوق .
3 ـ في الثقافة .
ــ ثقافة :
" الميراث الذهني
المتراكم للجنس
البشري ككل أو
لمجموعة بشرية " . "
خلاصة الأعراف و
التقاليد و المؤسسات
الاجتماعية و
المعتقدات التي تؤثر
على أنماط السلوك
الفردي و الجماعي " .
" عملية الإبداع
الفكرية و الفنية و
العلمية الدائمة " .
" القيم و المعتقدات
و اللغات و
المعارف و الفنون و
التقاليد و المؤسسات
و أنماط العيش التي
يعبر بها الفرد أو
المجموعة عن الدلالات
التي يمنحها لوجوده و
تطوره ( الفقرة
" أ " من المادة 1 من
مشروع إعلان الحقوق
الثقافية ) .
" ليست مجرد تراكم
للأعمال و المعرفة
التي تحدثها النخبة ،
و ليست محدودة
بالوصول إلى أعمال
الفن و الأعمال
الأدبية ، بل هي و في
ذات الوقت اكتساب
للمعرفة ، و التماس
لطريقة ما للحياة ، و
حاجة للاتصال " (
اليونسكو 1976 ) .
ــ هوية ثقافية :
" الكنز الذي يهب
الحياة لإمكانات
البشر لتحقيق ذواتهم
عن طريق تشجيع كل
الناس و كل مجموعة
للبحث عن غذائهم في
الماضي ، و بالترحيب
بالعطاء الوارد عليهم
من الخارج و المتوافق
مع خصائصهم الذاتية ،
و ذلك للاستمرار في
عملية الخلق و
الإبداع الخاصة بهم "
. ( جانوس سيمونيدس )
.
" مجموع المراجع
الثقافية التي يتحدد
بها فرد أو مجموعة و
يعبران بها عن
نفسيهما و يرغبان في
أن يعترف بهما و فقها
، فالهوية الثقافية
تستلزم الحريات
المرتبطة بكرامة
الفرد و تدمج في مسار
متصل التنوع
الثقافي، كما تدمج
الخصوصي و الكوني و
الذاكرة و التطلع". (
الفقرة " ب " من
المادة 1 من مشروع
إعلان الحقوق
الثقافية ) .
ــ جماعة ثقافية :
مجموعة من الأفراد
يشتركون في المراجع
الثقافية المكونة
لهوية ثقافية موحدة
يريدون المحافظة
عليها و تنميتها
باعتبارها ضرورية
لكرامتهم البشرية في
نطاق احترام حقوق
الإنسان " ( الفقرة "
ج " من المادة 1 من
مشروع إعلان الحقوق
الثقافية ) .
ــ نسبية ثقافية :
يقصد بها ، هنا ، ذلك
المفهوم الذي غالبا
ما يطلق للمقابلة بين
التنوع الثقافي، أي
الخصائص الدينية و
التاريخية و
الإقليمية و الوطنية
، و عالمية أو عمومية
حقوق الإنسان . و هو
مفهوم بقدر ما تختلف
منطلقاته بقدر ما
تختلف المواقف
المترتبة عن ذلك .
فإذا كان منطلق
النسبية الثقافية هو
النسبية الطبيعية في
عقلانيتها و توازنها
، كانت النتيجة هي
الإلحاح على وجود
مؤكد لخصائص تاريخية
و دينية و إقليمية
و وطنية أو
قومية و غيرها من
الرموز و العلامات
التي تميز الجماعات
الإنسانية المختلفة ،
و بالتالي اعتراف
بالتنوع الثقافي و
ثرائه مع ما يستتبع
ذلك من اعتراف بحقوق
و حريات كل الآدميين
بدون إقصاء أو تمييز
، أي إقرار بعالمية
حقوق الإنسان "
باعتبارها نابعة من
الصفات الداخلية
العميقة التي يشترك
فيها كل الآدميين، و
هي بالتحديد كرامتهم
و شعورهم بالانتماء
إلى الجنس البشري
بروح الأخوة و
التضامن " ( هكتور
جروس اشبيل ) . أما
إذا كان منطلق
النسبية الثقافية هو
النسبية " المطلقة و
غير المشروطة " كانت
النتيجة هي إنكار "
إمكانية وجود أي عامل
مشترك عالمي في
الثقافة الإنسانية "
و بالتالي " إنكار
عمومية حقوق الإنسان
" أي إنكار لإحدى أهم
خاصياتها و هي
العالمية .
4 ـ في الحقوق .
ــ الحق :
لكلمة حق في اللغة
العربية كما هو الحال
في لغات أخرى معنيان
جوهريان . فلها مجردة
من " ال" التعريف
معنى أخلاقيا يدل على
نقيض باطل ، أي على
صحة الشيء أو القول
أو الرؤيا أو الأمر
أو العمل و صدقه و
ثبوته ( ابن منظور ــ
لسان العرب / حرف
القاف). و لها معرفة
، كما هو الحال في
صيغة الجمع في اللغة
الانجليزية (
Rights
) معنى سياسيا يدل ،
من جهة ، على الملك ،
و من جهة ثانية ، على
من يعود عليه هذا
الملك ، أي الفرد .
ــ حقوق الإنسان :
أي تلك الحقوق و
الحريات المتأصلة في
الطبيعة البشرية و
تميز الفرد باعتباره
إنسانا عن غيره من
الكائنات ، و تسمح له
بضمان كرامته و
بالتعبير عن مختلف
أبعاده و إمكاناته و
حاجاته الغريزية و
الذهنية و الروحية ،
و يكفلها القانون فلا
يجوز لأي كان أن
يجرده منها لأي سبب ،
كما أنها لا تسقط حتى
و إن لم يعترف بها
قانون البلد أو لم
يوفر لها الحماية .
و غالبا ما يتم تقسيم
حقوق الإنسان إلى
ثلاثة فئات هي : ــ
الحقوق المدنية و
السياسية ، و هي
تنعت بالجيل الأول
من حقوق الإنسان ، و
تتجه نحو الحرية ؛ــ
الحقوق الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية ، و هي توصف
بالجيل الثاني من
حقوق الإنسان ، و
تتجه نحو تحقيق
الأمان ؛ ــ الحقوق
البيئية و الثقافية و
الإنمائية، و تعرف
بالجيل الثالث من
حقوق الإنسان ، و
تتجه نحو التضامن .
غير أن هذا التفييء
ليس دقيق التحديد ،
حيث أن بعض تلك
الحقوق يمكن أن يصنف
في أكثر من فئة .
و من أهم خاصيات حقوق
الإنسان أنها عالمية
، أي أنها تعني جميع
الناس في كل العالم .
و أنها ملازمة لهم ،
إذ لا تمنح للناس و
ذلك لسبب بسيط يتمثل
في كونها تولد معهم .
و أنها لا يجوز
التصرف فيها ، فالناس
يظلون يحتفظون
بحقوقهم حتى في حالة
عدم اعتراف قوانين
بلدانهم بها أو في
حالة انتهاك أجهزتها
لها . و أنها
متكاملة ، أي غير
قابلة للتجزيء ،
فالبشر لا يمكنهم
العيش ، مثلا ،
بكرامة إذا لم
يتمتعوا و بشكل
متكامل بالحق في
عدالة اقتصادية ، و
تكافؤ للفرص ، و في
الحرية الفردية ، و
في المشاركة
الديمقراطية ، و في
احترام البيئة .
و نحن حين نقول إنه
لكل شخص حقوق ، نقول
أيضا إنه لكل شخص
مسؤوليات في ما يخص
حقوق الآخرين . فـ "
حقوقي تتوقف هنا حيث
تبدأ حقوق الآخرين "
.
غير أنه ، و رغم أن
الحقوق الثقافية هي
معلنة ضمن مجموع حقوق
الإنسان ، هذه ،
المعترف بها دوليا ،
فإن هناك اتجاه عالمي
يسعى إلى الارتقاء
بها إلى مستوى حقوق
جديدة ، و ذلك بدعوى
أنها طالها الإهمال
و عوملت كـ "
الأقارب الفقراء "
لحقوق الإنسان الأخرى
.
ثالثا ــ الحقوق
الثقافية : ما مدى
الحاجة للاعتراف بها
من جديد ؟
يقصد بالحقوق
الثقافية حق الأشخاص
فرادى أو ضمن
مجموعاتهم في التمتع
بثقافتهم الخاصة و
حقهم في التمتع
بالثقافات الأخرى
محلية أو عالمية ، و
ذلك دون تمييز أو
تعصب أو إكراه .
و قد أصبحت هذه
الحقوق ، خلال
العقدين الأخيرين ،
محط نقاش متزايد
يتمحور حول رأيين
متناقضين :
5 ـ رأي دعاة إعلان
صريح خاص بالحقوق
الثقافية .
ــ دواعي مشروع "
إعلان الحقوق
الثقافية " : بمبادرة
و تنسيق من معهد
الأخلاقية و حقوق
الإنسان، و بتعاون
مع اليونسكو و مجلس
أوروبا ، و ذلك في
إطار شبكة معاهد حقوق
الإنسان، عكف فريق من
الباحثين على وضع
مسودة لمشروع إعلان
الحقوق الثقافية ،
انبثق منذ سنوات عن
ندوة دولية نظمت سنة
1991 بجامعة فريب ورغ
بسويسرا .
و قد ردت هذه الأطراف
الأسباب الداعية لهذا
المشروع إلى :
ـ النقص في قوائم
حقوق الإنسان ؛
ـ افتقار الحقوق
الثقافية في هذه
القوائم الموجودة إلى
مزيد من ضبط التصورات
و المفاهيم المتصلة
بها ؛
ـ ظهور الحقوق
الثقافية في منظومة
حقوق الإنسان كصنف
ثانوي مقارنة مع
الحقوق المدنية و
السياسية و
الاقتصادية و
الاجتماعية ؛
ـ الحاجة إلى تلافي
النقص و الغموض
الخاصين بالحقوق
تعريفا و مجالا ، و
إلى فهم أفضل لكل
منظومة حقوق الإنسان
؛
ـ اعتبار الأهمية
الكبرى للبعد الثقافي
في حقوق الإنسان
لكونه مصدر الاختلاف
الحاصل القائم ضمن
مقابلة العالمية و
الخصوصية ؛
ـ رفع مشروع إعلان
إلى هياكل القرار في
اليونسكو للمصادقة
عليه مثلما صادقت
هياكل الأمم المتحدة
على ما تم إصداره من
إعلانات و مواثيق
ارتقى بعضها إلى
مستوى النص التشريعي
المرجعي و أحيانا
الإلزامي ( الطيب
البكوش " تقديم مشروع
إعلان الحقوق
الثقافية " ــ المجلة
العربية لحقوق
الإنسان ــ عدد 05
تونس 1998 ) .
ـــ الحقوق الثقافية
التي ينص عليها مشروع
الإعلان :
تتمثل هذه الحقوق ،
كما تنص عليها المواد
من 3 إلى 8 من مشروع
إعلان الحقوق
الثقافية في حق كل
شخص منفردا أو ضمن
مجموعة في : الهوية و
التراث الثقافيين ،
اختيار الانتساب إلى
جماعة ثقافية ،
المشاركة في الحياة
الثقافية ، التربية ،
الإعلام ، المشاركة
في السياسات الثقافية
و في التعاون .
6 ـ
رأي
المعارضين لإعلان
الحقوق الثقافية .
يقول جاك دونللي في
كتابه " حقوق الإنسان
العالمية بين النظرية
و التطبيق . 1989 "
إن المشكلة التي
تواجهنا ليس بسبب نقص
في قوائم حقوق
الإنسان ، و لكن لأن
الدول تنتهك بانتظام
حقوق الإنسان المعترف
بها دوليا . و من تم
.. يجب أن يتركز
انتباهنا و جهدنا على
تنفيذ و حماية الحقوق
الإنسانية المعترف
بها أصلا، و ليس
استحضار حقوق جديدة
ذات منفعة مشكوك فيها
. " .
و يحاجج مؤيدو مثل
هذا الرأي في
استبعادهم الحاجة إلى
صك دولي جديد من صكوك
حقوق الإنسان خاص
بالحقوق الثقافية بما
يلي :
أ ـ أن الحقوق
الثقافية معترف بها
أصلا في الصكوك
الدولية لحقوق
الإنسان
، ذلك أن المشرع
الدولي قد أفرد
للحقوق الثقافية عددا
كافيا من مواد الشرعة
الدولية لحقوق
الإنسان ، و كذلك
الحال بالنسبة للصكوك
الإقليمية لهذه
الحقوق ، و للاتفاقات
و التوصيات الصادرة
عن وكالات هيئات
الأمم المتحدة ذات
الصلة و في مقدمتها
منظمة اليونسكو .
و في تقديمها للحقوق
الثقافية ضمن موسوعة
" الإمعان في حقوق
الإنسان " الصادرة
تحت إشراف د. هيثم
مناع سنة 2000 ،
تستعرض فيوليت داغر
الرئيسة الحالية
لمنظمة " اللجنة
العربية لحقوق
الإنسان ـ باريس"
جردا بالمبادئ التي
تقوم عليها هذه
الحقوق الثقافية أصلا
في تلك المواثيق
الدولية لحقوق
الإنسان مصنفة
كالتالي إلى مستويين
:
ـ على الصعيد الجماعي
:
ـ المساواة في الحقوق
بين الأمم كبيرها و
صغيرها .
ـ حق الأشخاص في
التمتع بثقافتهم أو
الإعلان عن ديانتهم و
إتباع تعاليمها أو
استعمالها و استعمال
لغتهم .
ـ اعتبار جميع
الثقافات بما فيها من
تنوع و خصب و بما
بينها من تباين و
تأثير متبادل جزءا من
التراث المشترك
للبشرية .
ـ صيانة كرامة كل
ثقافة باعتبارها
التعبير الاجتماعي و
التاريخي الأسمى عن
التطور الروحي للبشر
، و واجب المحافظة
على الثقافة و خدمتها
و رعايتها بكل
الوسائل المتاحة .
ـ حق كل شعب و واجبه
في تطوير ثقافته و
ضرورة تنمية التفاهم
و التسامح و الصداقة
بين جميع الشعوب و
الجماعات .
ـ على الصعيد الفردي
:
ـ حق كل فرد في
المشاركة الحرة في
حياة المجتمع و
الاستمتاع بالفنون و
المساهمة في التقدم
العلمي
و الاستفادة من
نتائجه .
ـ حق كل فرد في
الحرية التي لا
يستغنى عنها من أجل
البحث العلمي و
النشاط الخلاق .
ـ حماية المصالح
المعنوية و المادية
للإنتاج العلمي و
الأدبي و الفني .
ب ـ أن حماية الهوية
الثقافية تتحقق عبر
حماية الحقوق المدنية
و السياسية و
الاجتماعية و
الاقتصادية و
الثقافية المعترف بها
صراحة من قبل .
و في هذا الإطار يذكر
هذا الفريق المعارض
لإصدار صك جديد مخصص
للحقوق الثقافية
بمخاطر من بينها :
ـ أن الإكثار غير
الضروري من حقوق
الإنسان الجديدة و
التي ليست هناك حاجة
واضحة أو ملحة لها
يحمل مخاطر التقليل
من قيمة فكرة حقوق
الإنسان نفسها و
الإضعاف الحاد
بالتالي لكل حقوق
الإنسان .
ـ أن الدول يمكن أن
تستخدم " الحق في
الهوية الثقافية "
لتبرير الفصل العنصري
كما كان عليه في جنوب
إفريقيا ، و لتحديد
الخاصية الدينية
للأفراد بطريقة
تمييزية و ذلك في
بطائق الهوية و
السجلات الرسمية كما
ساد في الاتحاد
السوفياتي سابقا ، و
يستمر حاليا في عديد
من دول الشرق العربي
الإسلامي . كما يمكن
لبعض التيارات أو
الحساسيات المذهبية
أن تتخذ منه مبررا
لنشر المعازل و
الغيتوات بدعوى حماية
استقلال الهوية
الثقافية المختارة و
التي ماهي في الواقع
سوى تمييز ضد نفس
هؤلاء الأفراد كما ضد
المختلفين عنهم .
ـ أن سبب مشاكل حقوق
الإنسان المعاصرة "
لا يكمن في عدم
استعمال المعايير
الدولية الآمرة لحقوق
الإنسان، أو عدم
الحساسية الثقافية
لهذه المعايير ، بل
بالعكس إنها تنبع من
الانحرافات عن هذه
المعايير " ، فكما أن
خمسة ملايير من مجموع
الستة ملايير المكونة
لسكان العالم ليسوا
في حاجة إلى صك جديد
يختص في الحق في
التنمية بقدر ما هم
في أمس الحاجة إلى
عمل جاد و فعلي من
أجل إنجاز حقوقهم في
التغذية و التعليم و
الرعاية الصحية و
العمل ،،، المنصوص
عليها في ميثاق الأمم
المتحدة و في الإعلان
العالمي لحقوق
الإنسان ( 1948 ) ،
و المفصل فيها منذ
1966 في العهد الدولي
الخاص بالحقوق
الاقتصادية و
الاجتماعية
و الثقافية ، فإنهم
في حاجة إلى الإصرار
على التمتع بالحقوق
الثقافية و بالحق في
الهوية الثقافية
المعترف بها أصلا على
الصعيد الدولي لمصلحة
الممارسة الثقافية
المتميزة .
خاتمة :
لا شك أن هكذا نقاش
سيبقى مفتوحا ، كما و
لا شك أن بين
المؤيدين لإصدار
وثيقة دولية جديدة
آمرة في شأن إعمال
الحقوق الثقافية ، و
بين المعارضين لذلك ،
ستواصل عديد من
الأقليات في مختلف
القارات التشبث
بحماية ثقافتها
المهددة ، و هي
الحماية التي صاغ
إعلان الأمم المتحدة
لسنة 1992 حول حقوق
الأشخاص المنتمين
للأقليات الوطنية أو
الإثنية ، الدينية و
اللغوية ، التزام
الدول و حكوماتها
بكفالة حقوق هؤلاء في
التمتع بثقافاتهم
الخاصة بهم ، و في
اعتقاد و ممارسة
دينهم ، و في
استعمالهم للغتهم و
مشاركتهم في الحياة
الثقافية و الدينية
و الاجتماعية و
الاقتصادية و العامة
، و في إنشاء و تسيير
جمعياتهم ، و كذا في
خلق اتصالات حرة و
سليمة مع أعضاء
مجموعاتهم و مع
المواطنين الآخرين أو
مع الدول التي تربطهم
بها روابط مشابهة ،
مع تنمية هذه
الاتصالات دون تفرقة
أو تمييز .
*
المصطفى صوليح
El Mostafa Soulaih
، كاتب ، باحث ، و
مؤطر ، في مجال
التربية على حقوق
الإنسان و المواطنة –
من أطر اللجنة
العربية لحقوق
الإنسان ( باريس ،
فرنسا ) .
elmostafa.soulaih@menara.ma
(1)
ـ نص المداخلة التي
شارك بها المصطفى
صوليح في الجلسة
الافتتاحية للمنتدى
المتوسطي الدولي
الأول لجمعيات
المجتمع المدني
المنظم بمدينة فاس
المغربية خلال
يومي 6 – 7 يونيو
2007 ، بدعوة من
منظمة البحر الأبيض
المتوسط للتنمية و
العمل الإنساني .