أساس
البناء الديمقراطي والمدني
(محاضرة
1999)
يمكن
ملاحقة ظاهرة التنظيمات والشخصيات الاعتبارية Charismatic غير الدولانية بعيدا في التاريخ المشرقي. وقد لعبت أكثر من فرقة
دينية مسيحية دورا متمايزا في خلق هامش مستقل عن الدولة ومستقطب لعب دورا كبيرا في
نشر المعرفة والثقافة الدنيوية والدينية كالنساطرة واليعاقبة. كذلك كان لبعض
الحركات الدينية دور الحماية الاجتماعية بوجه الدولة أو المحتل حيث لعب جهازها دور
الوسيط المنظم لهذه العلاقة أو الصوت المعبر عن مصلحة المجموع أو دور "كاظم الغيظ"
الجماعي. وقد بدأت نويات أشكال أكثر تقدما تنشأ مع ولادة المدن الجديدة والانتشار
الأفقي الواسع للإمبراطورية العربية-الإسلامية مع ما حمله من اختلاط بشري وثقافي
هائل. بعض هذه التعبيرات كانت حول شخصية فرد وبعضها الآخر محلي الطابع والبعض ذو
طموح عالمي: ولعل ظاهرة الحسن البصري (642-728م/ 21-110 للهجرة) ومدرسته التعبير
الأبرز في القرنين الأول والثاني للإسلام أولا كرغبة واضحة في الاستقلال عن السلطة
السياسية، وثانيا كرغبة في الاستقلال عن التعبيرات السياسية-الدينية المعارضة،
وباستعارة تعبيرات عصرنا، كسلطة مضادة Contre-pouvoir
. فقد رفض أن يكون قاضيا بأجر حتى لا يرتهن للسلطة السياسية بمرتب
وأصر على حقه في أن يكون الصوت النقدي لمن لا صوت لهم. وقد وقف ضد العنف والفتنة
ومشهور رأيه حين سئل عن الخيار في الفتنة والقتال:
"-لا
تكن مع هؤلاء، ولا مع هؤلاء . فسئل: ولا مع أمير المؤمنين؟ فغضب وقال: نعم ولا مع
أمير المؤمنين"(1). ونجد في مدرسة الحسن البصري أيوب السخياتي وفرقد السبخي ومالك
بن دينار ومحمد بن واسع.. وقد دافع هذا الاتجاه عن حق العالم والمثقف والفقيه في
الاستقلال التام عن السلطة وضرورة وجود سلطة اعتبارية أخلاقية تدافع عن المجتمع من
جنوحات الحاكم.
منذ
نهاية القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) بدأ ينتشر تقليد جديد يجمع أصحاب
المهنة الواحدة في سوق خاص بهم وخلال قرن من الزمن نجحت الروابط المهنية الجديدة في
انتزاع اعتراف القاضي والمحتسب بالسنة والعرف التي تعمل بها (أي الاعتراف بنهج
عملها كمرجع قانوني للتنظيم و المحاسبة). وباختلاف الحقب كانت الخلافة تقر من
ينتخبه الحرفيون شيخا للحرفة أو تفرض في الفترات الاستبدادية على الحرفة شخصا تسميه
من أهل المهنة. وقد نظم أصحاب المهن أشكالا للتضامن تؤمن سوية مقبولة للمهنة وإقرار
مستوى أسعار الصناعة وحماية أصحابها بأساليب سلمية بشكل عام. وانتشرت هذه الظاهرة
في فلسطين وسورية والعراق ومصر وفارس والمغرب والأندلس وحتى قلب آسيا. ثم تراجعت مع
سقوط بغداد والاضطراب السياسي الذي تبعه.
أما
الصيغة الثانية للتنظيمات غير الحكومية فقد تمثلت في تجمعات مختلفة على أساس سياسي
أو ثقافي أو اجتماعي أو أكثر من هدف، ويقع في هذا المثل الحركة الإسماعيلية
والعيارون والشطار ومجموعة أخوان الصفا وتجمعات الوقف الخيري الصحي والتعليمي
والمعاشي.
لقد
وجدت من الضروري التعريج قليلا على التاريخ للرد على كل من يقول بأن التجمع غير
الحكومي ظاهرة غريبة عن مجتمعاتنا، خاصة أصحاب الأطروحات الشمولية الإسلامية،
كالباكستاني أبو الأعلى المودودي الذي يربط كل شئ بالخلافة أو التسلطية العلمانية
في كل مدارس الحزب القائد الذي يفرخ منظمات شعبية على مقاسه ولخدمته. فمن الواجب التذكير بأن معركة أسلافنا لم
تكن أسهل من معركتنا اليوم حيث حاول أكثر من خليفة شراء ذاك الاسم أو تلك الرابطة
وعندما كان يفشل كان ينكد عيش الحريص على استقلاله. وإن كان من تساؤل هام حول سبب
عصور انحطاط العرب والمسلمين، فلا شك بأن للخيار الاستبدادي والأحادي الرؤية وقمع
التعبيرات المستقلة فكرية كانت أو اجتماعية دورا حاسما في غياب هذا الجزء من العالم
عن التاريخ لقرون.
مع
عودة طموح النهضة في القرن التاسع عشر عادت فكرة المنظمات غير الحكومية إلى الوجود
في العالم العربي، حيث فتحت مصر ولبنان الباب منذ النصف الأول في ولادة جمعيات
دينية وخيرية. وقد بدأت الجمعيات ذات الدور الثقافي التنويري بالتواجد، علنا أو
سرا، في النصف الثاني من القرن الماضي، في سورية وفلسطين وتونس والعراق. ولعل أول
من دافع عن فكرة المجتمع المدني وامتلاكه تعبيراته المستقلة في العالم العربي عبد
الله النديم (1845-1896م). فهو أول عربي أعطى الأولوية للجمعيات غير الحكومية على
العمل السياسي بالمعنى الحزبي أو المباشر واعتبر الشارع والقرية المدرسة الأولى
للإصلاح والنهضة وآثر السياسة كفن، بالمعنى اليوناني النبيل للكلمة، على ما أسماه
"السياسة العملية الإدارية". (2).
زرع عبد الله النديم بذور أفكاره في مصر وفي منفاه في يافا وفي مجلة
"الأستاذ" التي كانت مرجعا لجيلها.
أنهى
إضراب عمال التبغ في مصر القرن الماضي بالحصول على حقهم في نقابة مستقلة. وبعدها
بأشهر صدر كتاب قاسم أمين "تحرير المرأة" (1899)، وافتتح فرح أنطون هذا القرن
بترجمة إعلان حقوق الإنسان والمواطن إلى العربية مطالبا بتعليم حقوق الإنسان في
المدارس. (3). وإن بدأت طلائع الديمقراطية في مصر وتركيا والعراق وسورية ولبنان وإيران تتحدث عن الحقوق
الطبيعية للإنسان خاصة في صفوف الاتجاهات الدستورية الناشئة، فقد بقيت قضية حقوق
الإنسان محصورة بأقلام متنورة أكثر منه اتجاها ثقافيا أو اجتماعيا عاما. في هذا
الوقت، كانت نشأة الجمعيات المستقلة مستمرة في كل بلدان المشرق. وفي حين قبلت
الإدارة الإنجليزية في مصر فكرة حق الناس في تشكيل جمعيات مهنية وثقافية وفنية
مبكرا، علينا انتظار 24 أبريل/نيسان 1912 لمطالعة نص القانون العثماني لتنظيم عمل
نقابات الحرف والصنائع والذي بقي ساري المفعول في بلدان الانتداب الفرنسي (سورية
ولبنان) والإنجليزي (كفلسطين وشرقي الأردن). يقرر هذا القانون في مادته الأولى
إلغاء جميع النقابات القديمة وحق كل حرفة وصنعة في تشكيل نقابة مستقلة. من جهة
ثانية، كان لإقرار الدستور في تونس عام 1861 أثره في تعزيز فكرة حرية التنظيم
الأهلي في هذا البلد ولو أن هذا الدستور لم يعش طويلا. كذلك كان الأمر بالنسبة
للدستور العثماني من بعده في 1876 والإيراني في 1906 وإعداد المتنورين في المغرب
الأقصى لدستور أكتوبر/تشرين الأول
1908.
أصدر جميل معلوف كتابه " حقوق الإنسان و تركيا
الجديدة " في ساو باولو عام 1910 في حين نجد في "الجريدة" التي رأس تحريرها لطفي السيد
(1907-1914) ومجلة السفور المطبوعة في مصر أثناء الحرب العالمية الأولى دفاعا عن
حقوق أساسية للأفراد والجنسين والحقوق المدنية والسياسية في إشارات خاطفة هنا وهناك
لإعلان حقوق الإنسان والمواطن. وفي العشرينات والثلاثينات نقرأ اكثر من مقالة
لإسماعيل مظهر وسلامة موسى ومي زياده تتعرض للحريات الأساسية وحقوق الإنسان (4).
وقد تناولت نبوية موسى ومنيرة ثابت في مصر حقوق المرأة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية في نفس الحقبة (5). وفي الثلاثينات صدر أول كتاب باللغة العربية عن
حقوق الإنسان لمؤلفه رئيف خوري في دمشق(6). وتشكلت في القاهرة والدار البيضاء
لجنتان لحقوق الإنسان وفي أهم المدن العربية لجانا لمناهضة الفاشية. في 1944 تشكل اتحاد المحامين العرب بطموحات وطنية
ديمقراطية كأول تعبير عربي حقوقي للدفاع عن مبادئ الحق والعدالة. كذلك برزت أسماء
عربية للدفاع عن حقوق الإنسان مثل محمد مندور ومحمود عزمي ورياض شمس الدين في مصر،
ادمون رباط وسامي الكيالي ونجاة قصاب حسن في سورية، وشارل مالك ورئيف خوري وسليم خياطه في لبنان وعلي
الوردي في العراق(7).
وبعكس منطق الأشياء، كان عام الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان في العالم العربي عام النكبة بولادة دولة إسرائيل مع ما رافق
ذلك من خلق حالة شك عامة بالأمم المتحدة
ومؤسساتها في الشارع العربي. وفي حين كان العالم يعاود اكتشاف روابط حقوق
الإنسان لم تتشكل أية منظمة عربية حتى بداية الستينات(8). وبقيت دعوة رئيف خوري في
1949 للمثقفين اللبنانيين إلى تشكيل جمعية مستقلة لحقوق الإنسان دستورها الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان دون استجابة (9).
لم
تنضج إذن فكرة منظمة غير حكومية مرخص بها لحقوق الإنسان في بلد عربي حتى عام 1962
أي قرابة قرن بعد أول دستور في هذا الجزء من العالم وقرن ونصف على ولادة أول جمعية
خيرية في الأزمنة العربية الحديثة.
وهو زمن متأخر نسبيا، ولا شك أن عدم إعطاء الحقوق الأساسية للشعوب حقها في الإعلان
العالمي قد أخر الثقة بدور لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وقد غطت المسألة
الوطنية تماما على المسألة المواطنية في هموم جيل الاستقلال فيما جعلنا نتحدث اليوم
عن استقلالين(10).
كان
ظهور الجيل الثاني من المدافعين (باعتبار أن الجيل الأول كان حالات فردية ومبادرات
معزولة) محاولة لإعادة طرح التوازن بين الوطن والمواطن والديمقراطية وقضية التحرر
الوطني. إلا أن هذا الجيل الذي شكل الرابطة السورية لحقوق الإنسان في 1962 والجمعية
العراقية لحقوق الإنسان في الفترة نفسها واللجنة القومية لحقوق الإنسان في السودان
(1967) والعصبة المغربية لحقوق الإنسان (1972) لم يستطع الوقوف في وجه تيار،
بل يمكن القول جيل، ضحى بقضية الحرية باسم التحرر و المواطنة
باسم الوطن. وقد قامت الاتجاهات القومية بتهميشه وقمعه في سورية والعراق والسودان
وحصره في إطار حزب الاستقلال في التجربة المغربية إلى حين ولادة الجمعية المغربية
لحقوق الإنسان في 1979.
إن
المحاصرة التي عاشتها التجارب الأولى لمنظمات حقوق الإنسان لم تلبث مع تصاعد العسف
وتعزز الدولة التسلطية العربية أن دفعت بالضحايا إلى هذه الحقوق للدفاع عن النفس
والأهل والمحيط. وكانت عودة حركة حقوق الإنسان بقوة ابنة تصاعد الحاجة إليها
أكثر منه زواج الوعي والعقل. ولا ضير في ذلك، فقد ولد الجيل الثالث لنشطاء حقوق
الإنسان في بحر حالة تسلطية عربية حطمت المكونات المستقلة للمجتمع حرصا على أمن
السلطات السائدة. وطبعت ظروف النشأة هذا الجيل الذي تلفق حقوق الإنسان كوعاء جبهوي
يجمع من استثناهم النظام السائد من قلعة الشرعية التي أممها لبطانته، وانطبعت
بهلامية النشأة هذه طموحات سياسية للبعض، تسلقية شخصية للبعض الآخر، أو مجرد معبر
إلى ما يفتح الله أمام عباده . وبرزت معظم السلبيات التي طبعت هذا الجيل يوم تشكلت المنظمة العربية لحقوق الإنسان
في 1983 بمبادرة لعدد من المثقفين العرب وبكل حساباتهم السياسية. ومما يـشهد له أن
المنظمة العربية لم تخض معركة كبيرة هامة مع أحد، بل كانت اكثر من مرة ضحية المسار
القمعي العام الأعمى الذي لم يقبل حتى هذه الصيغة المحدودة الفعالية للعمل الإقليمي
من أجل حقوق الإنسان.
رغم
قصورها التنظيمي و التكويني وعدم تصديها لمهمات مركزية للنضال في العالم العربي،
كانت المنظمة ابنة حقبتها من جهة ومحل استقطاب وتأييد للعديد من الطاقات العربية
الصاعدة ومصدر أمل. ومن قمقمها ولدت اكثر من منظمة محلية لم تلبث أن تجاوزت المنظمة
الأم كما هو الحال في مصر. إلا أن حركة حقوق الإنسان لم تكن أسيرة هذا الشكل
العلائقي. فقبل ولادتها، كان هناك اكثر من تجربة إقليمية. وبسبب سياساتها المهادنة،
نشأت اكثر من تجربة عربية خارج نطاقها. وتطورت أكثر من تجربة محلية بشكل مستقل
تماما عنها مثل منظمة "الحق" الفلسطينية وتجربتي سورية
والبحرين.
بكلمة
، لم تنح الحركة العربية في السنوات الخمسة عشر الأخيرة منحى واحدا و لم يكن هناك
أنموذجا ممتازا يتبع. فقد اختلفت
أساليب النشأة ومراحل التطور بشكل
غريب. وضمت الحركة منظمات متأثرة بأحزاب معينة أو طوائف محددة وأخرى مفتوحة العضوية
تعددية التركيب. كذلك بدأت قضية المهنية تطرح هيكلة جديدة محدودة العضوية ومحصورة
المشاركة. ولم تلبث حركة حقوق الإنسان أن برزت، بالرغم من كل مشاكلها وأساليب
الحصار المختلفة التي تعاني منها، كقوة مؤثرة في المجتمع وطبيعة الدولة ولو اختلف
هذا التأثير بين بلد وآخر، إلا أنه موجود. فعندما يتمكن مجموعة من البشر لا يزيد
عددهم عن عشرين شخصا من كسر الطوق في قضية الاعتقال التعسفي في بلدهم أو فتح ملف
المفقودين على مصراعيه أو إجبار حكومة تسلطية على التراجع عن إجراءات غير
ديمقراطية، يكتسب هذا النضال ثقة
المجتمع بسرعة ويعاد الاعتبار للعمل العام بعد كل الهزائم المبكرة التي عاشتها
المنطقة العربية ويفتح أمام الناس حق التفكير في احتمالات متعددة لوجودهم لا يغيب
عنها الحق في مجتمع متمدن يحترم حقوق الأفراد والجماعات ويعتبر احترام حق الآخر في
الوجود جزءا لا يتجزأ من كرامة الذات.
من
مآسي العرب المعاصرة أننا ما زلنا حتى اللحظة بحاجة إلى إقناع هذه الحكومة أو تلك
بحق المنظمة غير الحكومية في الوجود والنشاط. أقول مأساة، لأن المنظمات غير
الحكومية قد نجحت على الصعيد العالمي في تحقيق أهم ثورة سلمية وهادئة ذات آثار لا
تحصى على البشرية في القرن العشرين. فقد اتسع نطاق هذه الظاهرة بشكل كبير وصل إلى 105 ضعف من عام 1909 إلى عام
1984. وغطت نشاطاتها ميادين عديدة سبقت فيها السلطة التنفيذية متجاوزة العديد من
جوانب قصور السلطة السياسية. هناك أكثر من 35 دولة في العالم لا يحتاج فيها المرء
إلى أي إجراء لنيل حقه في تشكيل جمعية حتى ولو انحصر الأمر بطابع مالي بقيمة عشرين
فلسا. وفي أكثر من خمسين بلدا يقوم قانون الجمعيات على مبدأ "علم وخبر"، أي إعطاء
العلم بوجود الجمعية لمديرية المحافظة التي لا تملك سوى حق نشر الخبر في الجريدة
الرسمية وإعلام مؤسسي الجمعية باستلام بريدهم مع رسم مالي يقل بكثير عن رسم
الانتساب لمنظمة عالمية. وفي مقارنة أجريتها بين وضع الجمعيات في بوركينا فاسو (وهي
ليست واحة للديمقراطية) وسورية كان أول استنتاج هو أن سورية تعيش في حالة تخلف على
صعيد العمل الأهلي وحقوق الجمعيات غير الحكومية بالمقارنة مع هذا البلد الإفريقي.
ولو قارنا قوانين الجمعيات في الأربعينات والتسعينات في مصر وسورية ولبنان وتونس
والجزائر والعراق لوجدنا تراجعا في جملة البلدان المذكورة، فأين نحن وماذا نناقش
وأين منا العالم اليوم؟
كحركة
ومنظمات وأفراد، لنا سلبياتنا وعيوبنا. وتقييمنا الذاتي ونقدنا لما هو سلبي في
مسيرتنا جزء أساسي من شروط تقدم الحركة العربية لحقوق الإنسان. لكن ما يحدث، هو
استعمال بعض هذه السلبيات أو العيوب وتوظيفها لضرب فكرة لم يعد بإمكان المجتمع
البشري التقدم بدونها اليوم. من هنا، وقبل مناقشة أوضاع القوانين العربية، يحق لنا
أن نطرح سؤالا بسيطا على كل عربي في موقع المسئولية السياسية : أي مجتمع نريد؟ هل نريد مجتمعا تعدديا
وديمقراطيا؟ إن كان الجواب نعم، فإن
من بديهيات العمل السياسي والعلوم السياسية اليوم أن لا ديمقراطية دون امتلاك
المجتمع لوسائل مستقلة لرصد ممارسات التعبيرات المختلفة للسلطة في الدولة
والمجتمع. ولا وسيط من أجل اقتصاد
العنف يفوق في أهميته المنظمات غير الحكومية.
في
تقييم نقدي لتجربة المنظمة المصرية، يركز الدكتور محمد السيد سعيد على خمس محطات
للصراع الداخلي: الجدال حول الشرعية، الجدال حول المهنية، الجدال حول التمويل
الأجنبي، الجدال حول شبكة العلاقات الدولية، الجدال حول التطور المستقبلي(11). دون
الدخول في تفاصيل المواضيع المذكورة، نلاحظ أنه وباستثناء المحطة الخامسة، فإن
القانون السائد والعسف والأحكام المسبقة والمواقف السياسية كانت تكبل جهود المنظمات
العربية غير الحكومية وتستهلك الأهم من طاقات أعضائها في الوقت نفسه نجد الجمعية
الهندية أو الفرنسية لا تصرف للموضوع الأول أي وقت يذكر ذلك لوجود قانون غير قمعي
للجمعيات والحد الأدنى المطلوب من الحريات الأساسية. وعندما تناقش مسألة
المهنية يكون منطلق ذلك الحاجيات
الفعلية والمقاربة الخاصة لمفهوم المنظمة، مفتوحة أو مغلقة العضوية. في حين أصبح من
عاديات الأمور وجود شبكة تضامن وتعاون وحوار إقليمية وعالمية. وتنص مادة "موارد الجمعية" في النظام
الداخلي الذي يقره مؤتمر الجمعية أو مجلسها على ما يتفق عليه الأعضاء -وليس وزير
الداخلية- بشأن السياسة الاقتصادية
للمنظمة.
ليست
السلطة السياسية مسؤولة وحدها عن هذا الوضع. فهناك مشكلات ثقافية بنيوية تركت
آثارها في التعبيرات الأهلية. وهناك الخلفية السياسية للأعضاء وضغوط الأحزاب
السياسية في السلطة والمعارضة. إلا أن إجبار حركة حقوق الإنسان العربية على إعطاء
جهد كهذا يعود إلى كون وزير الداخلية التونسي قد رفض إعطاء ترخيص للمجلس الوطني
للحريات في تونس في مارس 1999
(وبالتالي فتح النقاش هل يستمر الأعضاء أو يتوقفون؟) ولأن القانون المصري
والسوري والعراقي يمنع تلقي أية مساعدة خارجية ويشمل الأمر في الأنموذج البعثي أفراد العائلة الذين يعيشون في الخارج،
فإن التمويل موضوع نقاش مركزي ومصيري كونه قد سبب اعتقال 21 مناضلا لحقوق الإنسان
في سورية في 1991-1992 حكموا بالسجن من 3 إلى 10 سنوات لمجرد قبول مبلغ لا يكفي
لشراء آلة كاتبة من فرع الخارج لنفس المنظمة التي ينتمون إليها؟ ويشكل التعاون غير
الاقتصادي مع طرف أجنبي في عدة بلدان عربية جريمة باسم الوطنية ويمكن إخراج هذه
القوانين التي أكل الدهر عليها وشرب في كل مرة تحتاج فيها السلطة السياسية لردع
نقادها.
ويمكن
القول أن التسعينات تحمل خطابا أكثر خطورة يقوم على التبني الاسمي لحقوق الإنسان
وفكرة المنظمات غير الحكومية والضرب الفعلي لها عبر المحاصرة لإمكانية العطاء
والتقدم لهذه الظاهرة.
ودّع
انقلاب البشير الثمانينات بضرب قانون الجمعيات وإلغاء حق المنظمة السودانية لحقوق
الإنسان في الوجود. وباشرت تونس أولى
التقييدات بصدور القانون الأساسي المنقح لقانون الجمعيات في 2 إبريل 1992 الذي منع الجمعيات من رفض انخراط أي شخص.
وبالتالي سمح للحزب الحاكم بالدخول الكمي إلى الجمعيات والسيطرة التدريجية عليها.
وثانيها إدخال مجلة الصحافة والمجلة الجنائية كطرف في التعامل مع العمل الأهلي، حيث
أصبح إعطاء الرأي في انتهاك لحقوق الإنسان يعاقب عليه في "قضايا الثلب ونشر الأخبار
الزائفة". وهكذا أمضى خميس قسيلة سنتين في سجن العاصمة التونسية ويلاحق قرابة عشرين
محاميا ونشيطا لحقوق الإنسان في مشاكل قضائية. أما في المثل الجزائري، فقد توافقت
الفترة نفسها بإعلان حالة الطوارئ والحرب الأهلية مع ما رافق ذلك من خناق في حق
تشكيل الجمعيات وتلقيها للمساعدات المالية وحق المرخص منها في تنظيم الندوات
والاجتماعات العامة. وكان آخرها منع اجتماع دعت له الرابطة الجزائرية للدفاع عن
حقوق الإنسان للمنظمات الإفريقية غير الحكومية على هامش القمة الإفريقية في شهر
يوليو الماضي. أما المغرب، ورغم وجود أحد مؤسسي المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
رئاسة الوزراء، فقد صدر قبل ثلاثة أشهر قرار بمنع الجمعيات غير الحكومية من استعمال
الصالات العامة. القرار الذي يعني ضرب الجمعيات الصغيرة غير القادرة على استئجار
الصالات الخاصة والفنادق وبالتالي النيل من البنية التحتية الفعلية للجمعيات في
المغرب. ولو انتقلنا للمشرق، لوجدنا تراجعا عن قانون الجمعيات في لبنان (القائم على
علم وخبر) حيث أصبحت موافقة وزير الداخلية شرطا في الترخيص للمنظمة غير الحكومية.
وليس في قانون "حماية الثورة" الذي مازال ساري المفعول منذ 1965 ما يعطي المنظمات
غير الحكومية في سورية أي مجال للوجود. ويمكن القول أن الوضع في العراق هو نفسه مع
القبول الشكلي بالجمعية العراقية لحقوق الإنسان التي تحرص عبر تركيزها على قضايا
الحصار، على عدم التبعيث الكامل أو الموت الفعلي. وقد جاء حل جمعية المحامين
البحرانيين في العام الماضي ليعزز قمع تعبيرات العمل الأهلي والنقابي واستبدال
قياداتها المنتخبة بقيادات معينة. وفي المملكة العربية السعودية تخضع الجمعيات
لوزارة الداخلية، كما أن لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رأيها في قضايا
الجمعيات الدينية.
مع
الأهمية البالغة لكل تجربة عربية، فإن أهم معارك قانون الجمعيات هي تلك التي تحدث
في مصر. أولا لما لهذا البلد من
أهمية مرجعية بالنسبة للعديد من البلدان العربية، وثانيا للوقع النفسي-المجتمعي
لهذا البلد على العالم العربي حكومات وشعوب. فضمن المعطيات العربية الحديثة، إذا
عطست مصر، أصيب العالم العربي بالزكام. وليس من الزملاء في فلسطين والعالم
العربي، من يعترض على هذه العلاقة
الجدلية وقد رأيناها واضحة في قضية قانون الجمعيات.
دفعت
مصر(12) غاليا ثمن التراجع الأهلي مع تقدم أنموذج بيروقراطي وطني للحكم. وبعد تفكك
هذا النمط بنهج كامب دافيد وتعفن الهياكل الضرورية لاستمراره، بدأت سياسة انفراج نسبية في وضع الجمعيات
متقدمة بالتأكيد على القانون 32 لسنة 1964. إلا أن الحركة المصرية لحقوق
الإنسان شهدت نموا واسعا وتأثيرا
متصاعدا في المجتمع المصري يفوق سقف القانون والتصور الحكومي للعلاقة بالمنظمات
الأهلية. وصارت مع الوقت قوة أمر واقع. الأمر الذي يعني في أي بلد يقرأ المشرع فيه
حاجيات المجتمع، تغيير القانون ليضع الحالات الأهلية المتقدمة عليه في وضع شرعي
عصري وجديد. لقد سعت حركة حقوق الإنسان في مصر لفتح حوار جاد مع الحكومة منذ ثمان
سنوات، أي منذ قيام الحكومة بحل جمعية تضامن المرأة العربية في عام 1990، وأعدت
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في ذلك الوقت - ثم تلاها عدد من منظمات حقوق الإنسان
الناشئة، مذكرات ودراسات قانونية متعددة بقي ذلك دون أدنى استجابة من الحكومة، بل
على العكس، شرعت الحكومة في فرض قيود
جديدة على منظمات حقوق الإنسان منذ عام 1995.
منذ
ديسمبر/ك2 1996 بدأت تتسارع خطى منظمات حقوق الإنسان من أجل التقدم ببدائل قانونية
جديدة، فعقدت عددا من ورش العمل وحلقات المناقشة بمشاركة عدد من أبرز الخبراء
القانونيين المختصين في مصر استقرت من خلالها على ضرورة العودة في هذا الشأن إلى
القانون المدني الذي كان ساريا في مصر حتى يوليو 1952.
في
29 فبراير/شباط 1998 وضع تحالف منظمات حقوق الإنسان مشروعا بقانون بديل، تبناه
أربعة نواب بمجلس الشعب يمثلون أحزاب الوفد والعمل والتجمع. وبادرت منظمات حقوق
الإنسان بإرسال مشروع القانون إلى كل أعضاء مجلس الشعب والشورى وإلى السادة رئيس
الجمهورية ورئيس الوزراء ووزيرة الشئون الاجتماعية، داعية إلى عقد اجتماعات عمل مع
ممن يفوضونه، ولكن للآسف لم تتلق هذه المنظمات أي رد.
وفى
أوائل مايو/أيار بعثت وزارة الشئون الاجتماعية ببيان إلى الصحف، تعلن فيه عن
انتهائها من إعداد مشروع القانون وتعرض فيه عدد من أبرز ملامحه. ثم تلتها تصريحات
حكومية متتالية في الصحف تعلن بأن القانون أمام السيد رئيس الوزراء تمهيدا لإحالته
إلى مجلس الشعب لاستصداره قبل انتهاء دورته هذا الشهر.
وأمام
انسداد كل أبواب الحوار مع الحكومة واتضاح المستقبل المشئوم الذي يعده للمجتمع
المدني، مشروع القانون الحكومي، فقد وجدت منظمات حقوق الإنسان أن واجبها يحتم عليها
إبلاغ الرأي العام على أوسع نطاق ممكن بموقفها، خاصة وأن الدراسة المدققة كشفت عن
أن المشروع الجديد الذي يحمل تاريخ 29 أبريل كان أسوأ من سابقة والذي أعد في فبراير
1998، بل جاء في بعض مواده أسوأ حتى من القانون 32 لسنة 1964 سيئ الصيت. والأسوأ
منه، هو الطريقة التي جرى إقراره في مجلس الوزراء في 13/5/1999 وتحويله إلى مجلس
الشعب في موعد متأخر مساء الأحد 16/5/1999 ومن ثم تصديق المجلس ورئيس الجمهورية في
زمن قياسي عليه.
تكفي
قراءة المواد 34 و16 و75 و 42 و 75 و 11 لأخذ فكرة عن مأساة هذا القانون الذي خلق
دون شك حالة فصام بين الواقع والنص لا يمكن تجاوزها إلا بسحب النص أو اغتيال
القوى الحية في الواقع.
وكما
يشير تقرير مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، ينتقص النص من الحق الدستوري
نفسه بتقزيمه لما أعطى الدستور فكيف الأمر إذا ما تحدثنا عن التزامات مصر الدولية،
ويتجلى ذلك في ثلاثة أوجه:
1-
حظر صور من النشاط (ذو طبيعة سياسية) بالمخالفة لما تضمنه النص
الدستوري
2-
الإخلال بالطابع الديمقراطي المقرر دستوريا وذلك بفرض وصاية وهيمنة إدارية على
قرارات الجمعية العمومية.
3-
الإخلال بالطابع الديمقراطي المقرر دستوريا عند إنشاء
الاتحادات.
4
- سلب اختصاصات الجمعية العمومية لصالح المشرع بما يمثله ذلك من انحراف
تشريعي.(13)
وفي
بلد كمصر، أنجب قمما في دراسة فقه القانون، نرى ثغرات دستورية وقانونية كبيرة في
هذا القانون كان الغاية منها إرضاء السلطة التنفيذية على حساب الفقه القانوني عينه،
وكما يشير التقرير السابق فإن "معظم المخالفات التي تبرر حل الجمعية قضائيا
والواردة في مشروع قانون الجمعيات (كتب النص قبل التصويت) تشكل في جوهرها مخالفات
ارتكبها أشخاص حتى ولو كانوا في مجلس الإدارة وبدلا من أن يتحملوا هم بمغبة ما
ارتكبوه من مخالفات، أتى القانون ليحاسب الجمعية كشخص معنوي بعقوبة الحل القضائي
الوجوبي وكان يمكن أن يفهم هذا التشدد لو اشترط القانون في المخالفات التي تستوجب
حل الجمعية أن تكون صادرة عن الجمعية العمومية للجمعية أو واردة في نظامها الأساسي
أما وقد فرض المشروع هذا العقاب الجماعي لكل أعضاء الجمعية حتى عن أخطاء صادرة من
أشخاص فإن ذلك لا يتعارض فحسب مع مبدأ التناسب بين العقاب والجرم المرتكب وإنما
يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة ومع مبدأ وجود ضرورة اجتماعية للتجريم والعقاب"
(14).
وباختصار،
فإن أحسن خدمة تؤدى إلى الحكومة، وليس فقط المنظمات الأهلية في مصر، تكمن في سحب
هذا القانون في أسرع وقت ممكن، لما يترتب على احترامه من نتائج كارثية على مفهوم
استقلال العمل الأهلي ودوره الخلاق خارج نطاق أي تأثير أو ضغط أو ردع من جانب
السلطة التنفيذية.
إننا
في قضية قانون الجمعيات نواجه تجربة فريدة في مصر وفلسطين وقبلهما في تونس. فالغرب الذي حل هذه المسألة منذ نهاية
القرن الماضي ومطلع هذا القرن لم يعد يعيرها الأهمية الضرورية في أدبياته ونضالاته.
وقد فشلت محاولة تأطير تعريف وصفة المنظمات غير الحكومية مع إيجاد وضع حقوقي
اعتباري عالمي لها في 1956 في الأمم المتحدة. ذلك لعدم إصرار دول المعسكر
البيروقراطي الشرقي على أية استقلالية للمنظمات الأهلية وكذلك مقاومة ديكتاتوريات
عديدة في أمريكا اللاتينية لهكذا نص،
وقد انتظر الأمر توسع المجلس الأوربي ودخول دول كان حق الجمعيات فيها جد مقيد
لمناقشة الموضوع من جديد. وتشكل الاتفاقية 124 للمجلس الأوربي (24/4/1986) أول نص ما بين حكومي حول الشخصية الحقوقية
للمنظمات الدولية غير الحكومية. وتشترط هذه الوثيقة للتسمية الطابع الخاص للمنظمة
وغياب أي هدف للربح وعملها من أجل
الصالح العالمي. الأمر الذي ينطبق على سبيل المثال على مركز القاهرة لدراسات حقوق
الإنسان وعلى اللجنة العربية لحقوق الإنسان. ورغم مرور 13 عاما على هذه الوثيقة لم
يوقعها سوى ثماني دول. وهي نص مقارن
هام في النقاش الدائر حول قانون الجمعيات. ولكن أظن أن المرجع الرئيسي، إيجابا أو
سلبا، سيكون فيما تتمخض عنه النضالات الحالية من أجل التوصل إلى قانون للجمعيات
جدير بعصرنا.
إن
تأكيدنا على ضرورة التمتع بكامل الحق في التنظيم وكامل الاستقلالية في العمل يوازي
حرصنا على الشفافية التامة والخطاب المسئول في التعامل مع كل السلطات. ولا شك، أننا
نجتاز مرحلة سنوات عجاف مع هيمنة
الطابع التسلطي للحكم وفي غياب الشعبية والمشروعية والمشروع عن القيادة السياسية
العربية. في وضع كهذا ، نتذكر جملة رودولف فون اهرنغ: "الحق نضال، محصلة نضال". ومهما طالت
المعركة يفترض خوضها بروح متابعة عالية وحكمة وهدوء.
----------------------------------------------------------------
1)
أنظر
مادة الحسن البصري في: هيثم مناع، الإمعان في حقوق الإنسان، موسوعة عالمية مختصرة،
عام 2000 ، دار الأهالي.
2)
نفس
المرجع، مادة : عبد الله النديم.
3)
نشر
في مجلته الجامعة في عام 1901 ، أعيد نشره في رواق عربي ، العدد 4 ، أكتوبر 1996 ،
ص 148-151 وفي: هيثم مناع: طفولة الشيء، المخاضات الأولى لحقوق الإنسان في العالم
العربي، منشورات الجمل، ألمانيا، 1999 .
4)
منذ
كتابه مقدمة السوبرمان ، يفتح سلامه موسى النقاش حول الفرد ودوره وحقوقه الأمر الذي
تابعه في الثلاثينات والأربعينات في "المجلة الجديدة" وكتاباته عن النهضة. وكان لادمون رباط وسامي الكيالي عبر مجلة
"الحديث" التي صدرت في حلب دورا
كبيرا في تعزيز الأفكار الديمقراطية العلمانية وبقي ادمون رباط مخلصا لفكرة الدولة
الدستورية وضرورتها في العالم العربي. وفي المغرب العربي كان للطاهر حداد دورا
كبيرا في التوجه النهضوي الإصلاحي وزرع ثقافة المجتمع الناضج الذي لا يحتاج لوصاية
الدولة أو الحاكم.
5)
كتاب
نبوية موسى " المرأة و العمل" هو أول محاولة في موضوعه بالعربية صدر في مصر ، أما
أفكار منيرة ثابت الأولى فنجدها في مجلتها الأمل بالعربية و الفرنسية التي بدأت في
الصدور عام 1925. وكانت هدى شعراوي تصدر بالفرنسية مجلة "المصرية" منذ العشرينات. و نجد وشائج الصلة بين ما
يجري في مصر و عموم المشرق من إصرار كتاب و شعراء مثل الزهاوي مثلا على خوض معاركهم
انطلاقا من القاهرة كتلك المتعلقة بحرية المرأة و حقوقها في 1910، وتواقت بعض
المعارك في بيروت ودمشق مع أخرى في القاهرة كما نلاحظ عند صدور كتاب نظيرة زين
الدين "الحجاب والسفور" الذي رافق تصاعد نضال المرأة في هذه البلدان ضد الحجاب
والعزل.
6)
رئيف
خوري ، حقوق الإنسان من أين وإلى أين ، دار ابن زيدون ، دمشق 1937 . قسم هام من
الكتاب أعدنا نشره في: "طفولة الشيء، المخاضات الأولى لحقوق الإنسان في العالم
العربي"، مذكور.
7)
من المفيد مراجعة مجلات تلك الفترة مثل
"الحديث" الصادرة في حلب و "الطريق" الصادرة في بيروت و"المجلة الجديدة" و"التطور"
و"المقتطف" و "الفجر الجديد" في مصر
الخ.
8)
انظر
حول هذا الموضوع : هيثم مناع : عرض تاريخي لحقوق الإنسان في العالم العربي، مقدمة
الكتاب الجماعي : سلامة النفس و الجسد ، التعذيب في العالم العربي في القرن العشرين
، 10/12/1998، اللجنة العربية لحقوق الإنسان (بالفرنسية
والعربية).
9)
في
مقالته : إعلان حقوق الإنسان الذي أقرته جامعة الأمم المتحدة: نواقصه، نواحيه
الإيجابية، واقتراح على المثقفين اللبنانيين، في: طفولة الشيء، مذكور، ص
75-84.
10)
إشارة
إلى كتاب د. منصف المرزوقي، الاستقلال الثاني، الدولة العربية الديمقراطية الحديثة،
دار الكنوز الأدبية، 1997، بيروت.
11)
د.
محمد السيد سعيد، جذور الاضطراب في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ديناميات بناء
المؤسسات المدنية في مصر، في الكتاب الجماعي: تحديات الحركة العربية لحقوق الإنسان،
تقديم وتحرير: بهي الدين حسن، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 1997، ص
80.
12)
لتحرير
هذا القسم تم الاعتماد على تقارير مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، المنظمة
المصرية لحقوق الإنسان، نشرة
"سواسية" الصادرة عن مركز
القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مجلة نشطاء الصادرة عن البرنامج العربي لنشطاء حقوق
الإنسان والمشروع المقترح من مركز القاهرة وجماعة تنمية الديمقراطية ومركز المساعدة
القانونية.
13)
مركز
المساعدة القانونية، رؤية أولية حول حق تكوين الجمعيات وحق التنظيم في الدستور
المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وموقف المركز من مشروع قانون الجمعيات
والمؤسسات الخاصة، 15/5/1999 ، القاهرة.
14)
نفس
المصدر.