هيئة المحامين الدولية للدفاع عن رواد الإصلاح الدستوري

بالتعاون مع

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

 

محاربة الإصلاح تعزيز للعنف

 

يناير (كانون الثاني) 2005

 

 الحرية لدعاة الإصلاح وحقوق الإنسان في السعودية

                                                                     

        الدكتور  منصف المرزوقي

 

منذ ولادتها، و اللجنة العربية لحقوق الإنسان تتابع ببالغ الاهتمام ما يجري  على الساحة السعودية، لا لأهمية البلد على الصعيدين القومي والدولي فحسب  ولكن لأن  معركة الحريات في العالم العربي برأينا متداخلة ومتشابكة ويصعب تجزئتها.

هكذا كنّا نشعر بالفخر والاعتزاز لظهور وتزايد قوة الحركة الإصلاحية في بلد كان ولا يزال يعيش  حالة قطيعة مفروضة من فوق مع تطور العالم الفكري  والسياسي  .....كل هذا بثياب ودواعي الوفاء للإسلام والحال أن الأمر لم يكن إلا محاولة يائسة للحفاظ على مصالح خسيسة تحارب الحياة وتهدف لتجميد سيلان التاريخ.

لأن المياه التي تحبس وراء السدود  تتعفّن وتولّد الطحالب ويتكاثر عليها الناموس الحامل للأمراض، أنجب المجتمع خصبا ليرد على عقم السلطان: رواد الإصلاح أمثال علي الدميني ومتروك الفالح وعبد الله الحامد وعبد الرحمن اللاحم لترك الماء يسيل زلالا في شرايين الأرض. هذا الماء ليس سوى الحرية التي صادرتها السلطة الحاكمة في السعودية مثلما صادرتها كل سلطات الاحتلال الداخلي التي تحكم أو لنقل تتحكّم بشعوبنا.

لا شيء يدمي القلب مثل أن ترى نفس الأخطاء تتكرّر بنفس الأشخاص وفي نفس الظروف لتؤدي إلى نفس الكوارث. رغم ما يوفره المحيط الجغرافي القريب والبعيد من دروس قيّمت وقالت كلمتها الأخيرة في سياسيات التصدي للإصلاح أو تأخيره أو التحايل عليه.

 هكذا رأينا'' التسلّطات''(تعبيرات التسلط) السعودية على  غرار باقي ''التسلّطات'' العربية  ترد بعنف الدولة على من لم يعهدوا يوما أمرهم لمنطق العنف. هكذا رأيناها ترفض الحوار مع حاملي أفكار ومشاريع الغد اللهم إلا إذا أدار الحوار جهاز أمن الدولة والقضاء المستغلّ. هكذا رأيناها تطعن في مصداقية ووطنية وشرف حاملي كل هذه القيم. لا غرابة أن نرى بروز جماعات يردّد لسان حالها : ألم نقل لكم أن هذا نظام لا يًصلح ولا يُصلح ويجب مواجهته باللغة الوحيدة التي يفهمها؟ وهكذا رأينا هنا أيضا الرهان المجنون لسلطات فقدت الحد الأدنى من  حس المصلحة العامة و شعارها : لنغتنم فرصة ظهور العنف لضرب عصفورين بحجرة. فتحت راية أولوية الأمن على كل قضية أخرى سنحتل مقعدنا في النادي العالمي لمحاربي الإرهاب وسنوقف كل ''انجراف'' إصلاحي.

لكنه لا يعرف عن التاريخ أنه حابى أحدا أو تساهل مع أحد. وهو أيضا يمهل ولا يهمل. كلّ ما في الأمر أن المشاكل المعلّقة تتزايد خطورة وتعفنا واستعصاء على الحلّ كلما تأخر وقت حلّها. والإشكاليات التي تواجهها ''التسلطية'' السعودية مثل باقي أجزاء النظام السياسي العربي القديم أنه لا مناص من الإصلاح الجذري في طبيعة النظام الذي سيقبل به عرب القرن الواحد والعشرين وأن تغييرات ستحصل  كرها أو طوعا.

إن الإصلاحيين السعوديين، الذين يتعرضون اليوم لكل أنواع الاضطهاد الغبي والمتخلف وعديم الجدوى الذي عرفه كل الديمقراطيين والحقوقيين العرب،  هم  شعاع النور الوحيد في ظلمة بلد يغرقه رفض الإصلاح يوما بعد يوم في دوامة العنف. وهذا اللهب المرتعش، لا مصلحة  لأحد في النفخ عليه لإطفائه ولا حق لأحد في تركه ينطفئ.

تحية المحبة والتضامن لكل إخوتنا المناضلين  أجل الحرية وجدوا وراء القضبان أم داخل السجن الكبير المسمى يوما تجاوزا ومن المحيط إلى الخليج : الوطن!

8/1/2005

                                                              

 

عود على بدء

 

في اعتقالات 16 مارس (آذار) 2004، اكتشف العالم الحركة الإصلاحية الدستورية في المملكة العربية السعودية. قبل هذا التاريخ كانت هذه الحركة معروفة في الخليج ومن المتابعين. وبحكم الهيمنة السعودية على أهم وسائل الإعلام الناطق بالعربية أو قدرته على ممارسة الضغط عليها، لم يكن للإصلاحيين من متنفس سوى المؤتمرات غير الحكومية (لمن لديه جواز سفر) و"الأنترنيت" و"القدس العربي" و"السفير" وقناة الجزيرة.. فرغم انتهاء ما أطلق عليه الجامعي السوري صادق جلال العظم اسم "الحقبة السعودية"، إلا أن وسائل الضغط والترهيب والترغيب القديمة ما دامت سارية على معظم وسائل الإعلام. ولا تتورع الحكومة في محاولات شراء وتحييد المثقفين والصحفيين بأساليب تثير الرثاء. 

حتى لا نعود للخلف كثيرا، يمكننا أن نقول أن  المملكة العربية السعودية عاشت أحداث الحادي عشر من سبتمبر كهزة أرضية للمجتمع والدولة. حيث تبين من أولى التحقيقات ضلوع أغلبية كبيرة من أبناء الجزيرة في تفجيرات نيويورك وواشنطن. كل الأنظار توجهت نحو المملكة، شهر العسل بين آل بوش وآل سعود مهدد بالطلاق. لم يعد للإدارة الأمريكية أية ثقة بإدارة الحكومة السعودية لملف الإرهاب ومحاربة المصالح الأمريكية في البحيرة النفطية العربية. تتعالى الأصوات لتجميد الأموال السعودية الطائلة في البنوك الأمريكية، وأصوات أخرى لتقسيم المملكة "حتى لا تقوم بها إمارة طالبان".

في هذا الوسط، تسارعت حركة الإصلاح الدستوري في حواراتها وبياناتها ونشاطها، ليس فقط لشعورها بتعمق الأزمة الداخلية، وإنما أيضا لانعكاس الأزمة العالمية والإقليمية عليها مباشرة. فالمحافظون الجدد يريدون طاعة المملكة لمشروع كبير يتضمن الحرب على دولتين مسلمتين وفرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة والعودة إلى منتصف القرن التاسع عشر في مناطق التوتر كالعراق وأفغانستان (أي الاحتلال المباشر) وحرمان السعودية من أي مفهوم للسيادة الوطنية.

لم تتوجه النخب الإصلاحية إلى الإدارة الأمريكية بل إلى أهل الحل والعقد في المملكة، ولم يستنجدوا بالدبابة الأمريكية بل بضرورة استنهاض الطاقات الوطنية. وبدأت تتبلور خطوط أساسية جامعة لعدد كبير من المثقفين والسياسيين ونشطاء الحركة المدنية:  إدراك معنى قيام دولة المؤسسات الدستورية، ضرورة التصدي للأزمات المعيشية المتفاقمة للمواطنين، خطورة غياب الحريات العامة، تأثير غياب تعبيرات المجتمع المدني على تأصل العنف والتطرف في المجتمع، مخاطر استمرار انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق المرأة وحقوق الأقليات المذهبية والطائفية.

في عام 2002 قامت عدة مظاهرات تضامن مع انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية في كل من الظهران (أمام القنصلية الأمريكية) وفي صفوى والقطيف والدمام) وقد اعتقل على أثرها عدد كبير من منظميها منهم الشيخ عبد الحميد المبارك ومهنا الحبيل من الأحساء وعبد الله عبد الباقي وعاصف هاشم الحسن، ومنير هاشم السادة وياسين مكي أسعد وسعود علي آل سعيد وعبد الحميد المزرع ورمزي محمد آل جمال ومسلم أبو عبد الله وآخرون من القطيف.

أنصار الحل الأمني في عائلة آل سعود يعتبرون تصفية التيار المؤيد للعنف السياسي الضمانة الأهم في تخفيف الضغوط الأمريكية والقبول بهم في التوليفة الجديدة للمنطقة وعدم الاضطرار لإصلاحات داخلية. ومن هذا المنطلق،  يصنفون كل صوت خارج عن جوقتهم بالمخرب.

كأنموذج لترجمة الحل الأمني على أرض الواقع، ننقل شهادة عن التعامل مع مظاهرة سلمية متضامنة مع الشعب الفلسطيني من قبل الرسميين في القطيف  حيث قامت المحافظة يوم الأحد السابع من ابريل2002 باستدعاء عدد من علماء الدين والوجهاء في مدينة صفوى وبحضور مدير شرطة القطيف محمود الصقعبي رئيس مباحث القطيف ورئيس شرطة صفوى علي القحطاني وعدد من ضباط الأمن. تحدث المحافظ بلغة تهديد ووعيد قائلا: إنكم كبار المنطقة وكبار البلد وعليكم المسؤولية وواجبكم وقف هذه المظاهرات وإلا فإننا لن نتهاون وسنستخدم الرصاص. وقال سنستخدم كل وسائل القوة، وسنستخدم العنف ضد المتظاهرين، وسنوجه البنادق للصدور وسنحملكم المسؤولية ولن نسمح بتكرار هذه الأعمال".

 هذه العقلية العنجهية جعلت السلطة تدخل في مواجهة مفتوحة مع قطاعات واسعة من المجتمع لم تنته حتى اليوم.

"خطاب رؤية" لحاضر الوطن ومستقبله 1423هـ (2002م)، معالم الخطاب الملكي الدستوري تبدأ بالتبلور عبر خطابات عديدة منها :"خطاب نداء إلى القيادة والشعب معاً: الإصلاح الدستوري أولاً" 1424هـ ،(2003م) ،خطاب رؤية لاستقلال القضاء 1424هـ (2003م).

 

إذن عام 2003 كان عام البيانات الجماعية والعرائض، بعضها لولي العهد وبعضها للمجتمع وبعضها للدولة والمجتمع، وجميعها تصر على مبدأ واحد: لا بديل عن الإصلاح الدستوري وإطلاق العنان للطاقات الحية في المجتمع لتشارك في الخروج من الطريق المسدود للحل الأمني. وقد استقبل ولي العهد في نيسان (أبريل) وفدا من الإصلاحيين واستمع لهم وأعرب لهم عن تفهم وتضامن إلى حد كبير معهم. إلا أن هذا الاجتماع لم يتبعه ترجمة على أرض الواقع في قرارات هامة أصبحت ضرورية للخروج من الأزمة التي تعيشها المملكة.

بدأ عام 2004 بتصريح خطير لولي العهد يقول فيه أن رواد الإصلاح الدستوري والإرهاب هما وجهان لعملة واحدة، بعد ذلك بدأت التضييقات على الإصلاحيين. ولم تكتف السلطات برفض التصريح لطلبات أهلية تقدم بها مواطنون للترخيص لجمعية مستقلة لحقوق الإنسان. بل قامت بتعيين جمعية شبه حكومية لاحتواء الفكرة وقطع الطريق المطالبين بجمعيات مستقلة. هذه العقلية الاستبدالية التي تريد تعيين كل شيء من فوق وزرع شجرة الجمعيات من "بلكون" الحاكم لا من التربة المجتمعية الخصبة، لم تعد تتحمل الخطاب التجديدي للإصلاحيين الدستوريين وقررت قطع الحوار معهم والتصدي لهم. 

ضمن هذه السياسة الاستئصالية، قامت أجهزة المباحث العامة بحملة 16 آذار (مارس) 2004 التي شملت اعتقال 12 إصلاحيا بقي منهم ثلاثة في معتقل عليشة هم الدكتور متروك الفالح والدكتور عبد الله الحامد والشاعر علي الدميني (وجميعهم من الشخصيات الاعتبارية المعروفة عربيا وعالميا ولهم إسهامهم الغني في اللجنة العربية لحقوق الإنسان والكتابات الفكرية والأدبية). تبع ذلك اعتقال المحامي عبد الرحمن اللاحم (الكادر في اللجنة العربية لحقوق الإنسان أيضا) لمدة أسبوع لتدخله من أجل الدفاع عن صحبه. ومنع عدد كبير من السفر منهم من هو ممنوع حتى يومنا هذا  مثل الأستاذ محمد سعيد طيب والدكتور خالد الحميد والأستاذ نجيب الخنيزي والدكتور توفيق القصير والمحامي القاضي سابقا سليمان الرشودي والدكتور عدنان الشخص والأستاذ أمير أبو خمسين.

 

قامت السلطات السعودية هذا العام أيضا باستهداف الجمعيات الخيرية والإنسانية أولا عبر تقييد حساباتها المالية بشكل لا سابق له ولا شبيه، وأخيرا عبر مشروع يستهدف حلها واستبدالها بمؤسسة حكومية تعينها الحكومة. وقد أصدر المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية بثلاث لغات عالمية كتاب الدكتور هيثم مناع : "صرخة قبل الاغتيال" شرح فيه مخاطر هذا المشروع بالقول:

 "يبدو أن الأنموذج السعودي القادم، هو المختبر لعملية ضرب المنظمات غير الحكومية في العالم الإسلامي, ومهما تبدو غرابة الأمر، فإن مشروع النظام الأساسي للهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية في الخارج، هو نسخة طبق الأصل لمشروع الاتحاد الرياضي في دولتي البعث في سورية والعراق الذي يعود لأكثر من ثلاثة عقود. فمنذ عام 1968، قرر حزب البعث في سورية تأميم النوادي الرياضية، فأصدر قرارا بحل كل النوادي الأهلية وشكل اتحادا حكوميا من فوق وأسس على أساسه نوادي جديدة فرض عليها الاسم والرسم والرئيس والمدير والموازنة والنشاط. وبذلك دخل منطق الحزب الحاكم وأجهزة الأمن وجنوحات السلطة في الحياة الرياضية، ولعل ما وصل إليه ابن الرئيس السابق صدام حسين في العراق بالمؤسسة الرياضية ما يعطي المثل على مخاطر هيمنة السلطة على مجال هو بحد ذاته، وسيلة من وسائل التعبير في مجتمعات جعلت من التعبير هرطقة يحاسب عليها. ولا يحتاج الأمر لكثير تحليل، فالنص المقترح وملاحظات الخبراء كلاهما، يشكلان عملية اغتيال لروح المبادرة والشخصية المستقلة والقوة الاعتبارية لفكرة الجمعية الخيرية. فالكثير ممن يتبرع بالأصل إنما يقوم بذلك ويساهم بالعمل غير الحكومي لفقدانه الثقة بكل ما هو حكومي، فكيف يساعد في عمل الخير والمؤسسات الحكومية لم تعد مصدر ثقة عند المواطن؟ مأساتنا اليوم، أن صحف بيروت (بما فيها الحياة) قد أدانت تأميم المصانع والنوادي الرياضية وإغلاق النوادي الثقافية في سورية في نهاية الستينات، فمن يملك الجرأة على الحديث عن عملية المصادرة والتأميم الراهنة في المملكة العربية السعودية والأمر يجري ضمن الحملة العالمية ضد الإرهاب التي تقودها القوة الأعظم ويهرول فيها من ورائها الحاكم الخائف وأجهزة الإعلام الصفراء وكل من ترهبه الإدارة الأمريكية من باحث وناشط . لنكون أكثر صراحة ودقة، ونقول أن المشكلة ليست فقط بين إدارة أمريكية متطرفة وسلطات تفتقد للحد الأدنى من الشرعية، إن ظاهرة المنظمات غير الحكومية هي الثورة السلمية الأكبر والأكثر خطرا على مراكز السلطة في حقبة العولمة، فهي التجمع الأكبر للمجتمع المنظم الذي يعتبر اللا مركزية من مقومات تقدمه، ويصعب السيطرة على كل مكوناته من قبل دكتاتورية المال أو السلاح أو النفط أو السياسة. وهو المجال الوحيد الذي لا يمكن مصادرة المبادرات الخاصة فيه مهما كانت سياسة القمع والحصر على الحريات. والنويات الوحيدة التي تقتصد العنف وتأنسن العلاقات البشرية وتخلق جوا من التسامح والقبول المتبادل بين الناس دون أن تطرح ذلك برنامجا لها. وسواء كان ت مهمة المنظمة غير الحكومية تحسين ظروف ذوي الحاجات الخاصة لأو زيارة السجناء أو إعادة تأهيل الضحايا أو توزيع الدواء والطحين، فإن المصداقية الأولى لهذه المنظمات تأتي من قدرتها على العطاء الدينامي العملي والذهني واحتفاظها بالشفافية الضرورية لمصداقيتها في المجتمع المحلي والمجتمع الدولي. وهي في العمليات السريعة لانتقال السيادة والسيطرة ومراكز القوة المحلية والإقليمية والعالمية، لاعب أساسي وطرف هام في رسم معالم المستقبل. من هنا، فإن أي تحجيم أو ضرب لنويات هذه التجربة، يعني أننا قررنا البقاء خارج ملعب التاريخ وروح العصر".

استمرت المضايقات على المجتمع المدني الأهلي رغم الحملة العربية والدولية للتضامن مع المملكة، فتراجعت الحكومة عن علنية محاكمة الشخصيات الإصلاحية، وطلبت من سفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا في الرياض رسميا عدم إرسال أي مراقب لجلسات المحكمة حتى لا يتم تعنيفه باعتباره شخص غير مرغوب فيه، ومنعت المحامين والمراقبين العرب والدوليين من الحضور ورفضت الاعتراف بجبهة المحامين التي سمتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان من العرب والغربيين بدخول أراضي المملكة. وعندما توصل المحامون من أبناء الجزيرة لتكوين هيئة يتناوبون على رئاستها، اعتقلت المتحدث باسمها المحامي عبد الرحمن اللاحم في 6/11/2004، وهو أيضا ناشط حقوقي وكاتب وكادر في اللجنة العربية لحقوق الإنسان ووضعته في الزنزانة الانفرادية في سجن الحائر.

بداعي واجب الحياد والولاء للوظيفة العامة، قرر مجلس الوزراء السعودي يوم الاثنين 13/9/2004  اتخاذ ما يلزم لمنع مناهضة سياسات الدولة أو برامجها "من خلال المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في إعداد أي بيان أو مذكرة أو خطاب بشكل جماعي أو التوقيع على أي من ذلك أو من خلال المشاركة في أي حوار عبر وسائل الإعلام أو الاتصال الداخلية أو الخارجية أو المشاركة في أي اجتماعات أو التستر على هذه المشاركة في نطاق مناهضة سياسة أو برامج الحكومة". المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان يعلق على القرار على قناة الجزيرة بالقول: "انتقلت السعودية بهذا القرار من مملكة الصمت إلى مملكة الترهيب دون ترغيب"

حاولت السلطات خنق كل الأصوات التي رفضت الحل الأمني للاضطرابات التي تعصف بالبلاد والعباد، فاعتقلت الشيخ الدكتور سعيد بن زعير وابنه مبارك واحتفظت بابنه سعد في السجن، ثم حكمت في محكمة جائرة على الشيخ سعيد بالسجن خمس سنوات وعلى مبارك بالسجن لمدة عام. واعتقلت ثانية مهنا الحبيل وألقته في السجن دون تهمة أو محاكمة، وواصلت حملات الاعتقال العشوائية في أوساط المتدينين المتعاطفين مع ما يعرف بالخط الجهادي.

كانت آخر جلسة لمحاكمة الإصلاحيين تأكيدا لما قاله أبو بلال، عبد الله الحامد، من أن المحكمة أعجز من أن تسمح بعلنية الجلسات. وقد  تخلل صبيحة الجلسة اعتقال تسعة أشخاص بقي في المعتقل منهم السيدين عيسى حامد الحامد وأحمد عبد الرحمن القفاري، ثم تبع ذلك اعتقال المساعد الاجتماعي مهنا الفالح في اسكاكة (منطقة الجوف) ليصبح عدد المنادين بالإصلاح الدستوري في السجن سبعة.

رفعت الحكومة من وتيرة ملاحقتها للمعارضة خارج البلاد، فطالبت السلطات السورية بتسليمها 120 معتقلا في دمشق وتوصلت لاتفاق مع الحكومتين البريطانية والأمريكية يصنف سعد الفقيه في خانة الحرب على الإرهاب، الأمر الذي يسمح للحكومة البريطانية، بقرار متفق عليه من مجلس الأمن  بتجميد أمواله ومحاصرة تلفزيونه الذي يبث من لندن. وتسعى للرد على مداخلات اللجنة العربية لحقوق الإنسان في المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتأخير الردود بشأن الإصلاحيين والمطالبة بعدم إطلاع اللجنة على التدخلات السعودية بحجة عدم احترام اللجنة العربية لسرية الإجراءات، كذلك تصر على رفض أي وفد من اللجنة العربية لزيارة المملكة ولا تعترف بهيئة المحامين الدولية للدفاع عن رواد الإصلاح التي تضم حتى الآن 24 محاميا ومحامية. كذلك هددت العديد من عائلات المعتقلين من مغبة التعاون مع منظمات حقوق الإنسان ووعدت مقابل مقاطعتها بدراسة أوضاع أبنائهم المعتقلين.

في هذه الأثناء يتابع سجناء الرأي في سجن الحائر والعليشة إضرابا مفتوحا عن الطعام لتحقيق المطالب التالية:

  • إيقاف حالة الحبس الاحترازي الذي يمنع فيه السجن من حقوقه الأساسية.
  • إحالة المعتقلين للمحاكم للنظر في قضاياهم.
  • الإفراج عن كل المعتقلين الذين انتهت مدد أحكامهم.
  • إيقاف المعاملة السيئة أثناء التحقيق والتي تمتد للاعتداء الجسدي في حالات كثيرة .
  • إنهاء حالات السجن الانفرادي والتي يتعرض فيها كثير من السجناء إلى عزل تام عن بقية السجناء في انتهاك صارخ للمعايير الدولية في أوضاع السجناء.

 

 

لقد جاوز عدد المشاركين في الإضراب المئتين وخمسين معتقلا،  ونقل عدد هام من المعتقلين إلى المستشفيات بسبب سوء وضعهم الصحي.

هذا الإضراب تعبير جلي، عن نمو الوعي العام لضرورة تعزيز كل الوسائل السلمية لمقاومة التسلط، وهو في الوقت نفسه، تحد للخيار الأمني الذي يختزل علاقته بالمجتمع بالترهيب والمنع والحظر.

إن الحل الأمني برأينا، هو المنتج الأول للعنف اليوم، وما من حل للخروج من الطريق المسدود، إلا بالعودة إلى الإصلاح السياسي، باعتباره الأساس لعودة ثقة الناس بالسلم الأهلي والوسائل السلمية للمشاركة في الحياة العامة.

 

 إصدارات هامة

دعاة الإصلاح السياسي ، "ربيع السعودية ومخرجات القمع"،  بيروت، دار الكنوز الأدبية، 2004

الشاعر علي الدميني، نعم في الزنزانة، بيروت ودمشق وباريس، اللجنة العربية لحقوق الإنسان والأهالي والمؤسسة العربية الأوربية للنشر، 2004

الدكتور متروك الفالح، الإصلاح الدستوري في السعودية، بيروت ودمشق وباريس، اللجنة العربية لحقوق الإنسان والأهالي والمؤسسة العربية الأوربية للنشر، 2004

 الدكتور عبد الله الحامد، استقلال القضاء في السعودية، بيروت ودمشق وباريس، اللجنة العربية لحقوق الإنسان والأهالي والمؤسسة العربية الأوربية للنشر،2005

الدكتور هيثم مناع، صرخة قبل الاغتيال، مستقبل الجمعيات الخيرية في السعودية، بيروت ودمشق وباريس، اللجنة العربية لحقوق الإنسان والأهالي والمؤسسة العربية الأوربية للنشر، 2004


 

بطاقات تعريف

 

الدكتور متروك الفالح

 

·             متروك بن هايس بن خليف الفالح  من مواليـد مدينه سكاكا منطقة الجوف عام 1/7/1372هـ

الموافق 17/5/1953

·             تخرج من جامعة الملـكـ سعود كلية العلوم الإدارية – قسم العلوم السياسية -  عام 1977م

·      حصل على درجة الماجستير في السياسة من جامعه كانساس لورنس عام 1981م , والدكتوراه في السياسة من نفس الجامعة بتقدير امتياز عام 1987م

·      عمل كعضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود وتدرج في السلـكـ الأكاديمي من أستاذ مشارك إلى أن حصل على الاستاذيه عام 1999م  ناشط سياسي وطني، وأستاذ العلاقات الدولية في قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود بالرياض، منع من التدريس وإن لم يفصل من الوظيفة    قبل عام ونصف بعد نشره مقالة حول آثار الإصلاح قبل أن تتفكك المملكة وتنهار نشرته القدس العربي وقتئذ كما أصدر كتباً بحثية بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت منها المجتمع والديموقراطية والدولة في البلدان العربية . ساهم في كل العرائض الإصلاحية التي قدمت لأقطاب السلطة. التقى وآخرون مع وزير الداخلية في ديسمبر الماضي بعد تقديم العريضة الدستورية، وهدده نايف وزير الداخلية شخصياً بالسجن أمام الآخرين، ولكنه رد عليه بأنه لا يخاف من السجن، وأن غرضه إصلاح البلاد. والفالح شخصية معروفة على مستوى العالم العربي كباحث وكناشط سياسي إصلاحي، كما أن له حضوراً في بعض القنوات العربية التي تناقش مسائل الإصلاح في المملكة   وكان من الشخصيات العربية المختارة لقراءة تقرير التنمية العربية حول الحريات ولم يتمكن من حضور الاجتماع في عمان نهاية مارس بسبب اعتقاله في مكتبه في 16/3/2003


 

 

نُشرت لـه عدة بـحـوث قيمة :

1.     اليابان:القوة الاقتصادية والقوة السياسية .

2.     الصين: الاستقطاب الاجتماعي والسياسي لبرنامج التحديث والإصلاح نشر عام 1989 في مجلة العلوم الاجتماعية جامعة الكويت.

3.     نظريات العنف والثورة ( دراسة تحليلية وتقويمية).

4.     ابن خلدون ونظريات الثورة ( نظرية الثورة في مفهوم العصبية).

5.     الثورة الألمانية ( دراسة في التفسيرات )

6.  النموذج الصيني للتوحيــد ( الدولة الواحدة ذات نظامين دراسة في الأصول والعوامل والدلالات تم نشرها ي المستقبل العربي عدد 152.

7.     الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية 1991 – 1997م دراسة في طبيعة العلاقة واتجاهاتها على ضوء محور الدولة والمجتمع.

8.  التحولات في العلاقات العربية – العربية 1996 – 1997م دراسة مقارنه الإدراك للنخب العربية الحاكمة المحورية تم نشرها في المستقبل العربي رقم 220.

9.     السياسات الأمريكية المصرية تجاه الدولة والمجتمع.

10.أوروبا ومصر في التسعينات – السياسات والعلاقة تجاه محور الدولة والمجتمع.

11. بريطانيا والسعودية 1994 – 1997م جدل العلاقة في إطار السياسات اتجاه الدولة والمجتمع.

12. المستقبل السياسي في السعودية ,نُشر في القدس العربي.

·    عمل عضواً في المؤتمر القومي العربي 1993م , وعمل أيضاً عضواً في مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية منذ 1993م . انضم للجنة العربية لحقوق الإنسان في 2004

 

نُشــر لـه عدة كــتــب  منها :

A.     سكاكا الجـوف في نهاية القرن العشرين ( التحديث والتنمية وتحولات النخب في الريف العربي السعودي ).

B.     المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية دراسة مقارنة لإشكالية المجتمع المدني في ضوء تريف المـدن.

C.     الغرب والمجتمع والدولة في البلدان العربية.

D.    الإصلاح الدستوري في السعودية

 

·         

الدكتور عبد الله الحامد

مواليد 26/9 /1370هـ (الموافق 1 تموز (يوليو) 1951 م).

 

    تشكلت مبادئ ثقافته الدينية والفكرية، في حلقات المساجد  وتشكلت ثقافته الأدبية: عبر الدراسة الحرة، فقرأ في القصص والملاحم والتاريخ، وفي الأدب والشعر القديم والحديث معاً، واهتم بقراءة الشعر الحديث ولا سيما الأدب  المهجري.

    وبدأ يكتب القصيدة عمودية وتفعيلية، منذ الدراسة المتوسطة، وبدأ  ينشرها في الصحف منذ الثانوية، وواصل النشر في الصحف، في المرحلة الجامعية وما بعدها.

    لكن الذي سيطر على اهتمامه مجال الإصلاح الفكري، فقد جذبته في فترة مبكرة؛ الأدبيات التي تعنى بتجديد الإسلام وقرأ  لرموز التحديد الإسلامي واهتم بالكتابات التي تركز على منهج التفكير، كمحمد رشيد رضا وأحمد أمين، ومحمد الغزالي وأمين الخولي وعباس العقاد ومصطفى السباعي، وتشكل اتجاهه الإصلاحي مبكراً.

آثر كلية اللغة العربية وتخرج منها سنة 1391هـ(1971م). بعد التخرج اشتغل بأعمال وظيفية ، وخلالها حصل على كل من الماجستير سنة 1394هـ ( 1974م)، والدكتوراه سنة 1398هـ (1978م) من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر في تخصص الأدب والنقد، وكانت أطروحة الدكتوراه عن ( الشعر في الجزيرة العربية) خلال قرنين.

ألف كتاب (حقوق الإنسان) في الإسلام بين ظلال الحكم الشوري والجبري. نشر الكتاب في لندن وترجم إلى اللغة الانجليزية. ونشر قصائد معروفة في الشارع السعودي أهمها ( الأمريكان وقميص عثمان)، و(بوش لوكان عربياً)، و(الصمت والمعاش)، و(ملحمة السجن).

شارك في حركة الإصلاح المدني، التي قامت بعيد حرب الخليج الثانية، التي تطالب بالحقوق والحريات وكان أحد المؤسسين الستة لجمعية (حقوق الإنسان) الأولى السعودية سنة 1413هـ ( 1993م) . وقد سجن ثلاث مرات الأعوام الثلاثة 1413هـ و 1414هـ و 1425هـ ، بسبب نشاطه في اللجنة ، ويسبب قصائده السياسية الداعية إلى الدستور والمجتمع المدني ، وكتابيه (حقوق الإنسان) في الإسلام و(حقوق المتهم في الإسلام) وطرد أيضاً من الجامعة، ومنع من السفر أكثر من خمس سنين.

 

يحاول الحامد  أن يقدم الفكر الإسلامي، وبالتجديد مسألة الدستور والمجتمع المدني، تقديما يثبت أن الإسلام يجمع شمل كل الناس، ويمكن أن تتعايش فيه في رحابه التيارات الإسلامية واللبرالية, وكل أفكاره تنطلق من المقولة التالية "لنتفق على الأساسيات، ولا مانع من أن نختلف في الثانويات ،" لنتفق على أن الدستور والمجتمع المدني هو الحل، لأن المشكلة في الدولة العربية هي الاستبداد، إذا لم نبدأ بعلاج الاستبداد، فإن كل أفكارنا وجهودنا هباء تذروه الرياح " .

 

له سبعة دواوين شعر وكراسات تعليمية ومناهج لتعليم العربية وكتب في مفاهيم المجتمع المدني والدستور في بوتقة الشريعة :

 1) حقوق المتهم في الإسلام بين ظلال الحكم الشوري والجبري (مخطوط).

2) الحوار أو استمرار الدوار ( مخطوط).

3) المشكل والحل : الاستبداد والشورى ( محاضرة ، 1993م) .الدار العربية للعلوم (2004م) بيروت.

4) حقوق الإنسان في الإسلام 1411هـ لندن 1415هـ(1994م)

 5) ثلاثية المجتمع المدني (عن سر تقدم الغرب وتأخر العرب) الدار العربية للعلوم بيروت 1425هـ (2004م).

6)الكلمة لا الرصاصة. عن ( الجهاد المدني في الإسلام ). طبع الدار العربية للعلوم ، بيروت1425هـ(2004م).)

7) العنف والعنف المضاد ( العلاقة بين الضغط والانفجار ( مخطوط) .

8) للإصلاح هدف ومنهاج .الدار العربية للعلوم بيروت 1425هـ (2004م).

9) الدستور علمنة أم إحياء للسنة ( مخطوط).

10) معايير استقلال القضاء الدولية . الدار العربية للعلوم بيروت 1425هـ (2004م).

11) استقلال القضاء السعودي: عوائقه وسبل تعزيزه. بحث ألقيت نواته في المؤتمر الثاني للعدالة) في القاهرة 24 فبراير 2003م.

 

وهو يرى أن  مشروع الإصلاح السياسي، لا يكفي فيه الجلوس في مكتبة أمام أوراق، أو التدريس في رواق، بل لا بد من مزج التجربة الفكرية بالعملية، من أجل ذلك انخرط في مشروع المطالبة بالدستور والمجتمع المدني وله ينسب  شعار ( الدولة السعودية الرابعة الدستورية)

من أجل ذلك لاقت أطروحاته، تقبلا من التيارات والأطياف الفكرية والمناطقية والاجتماعية والثقافية والمذهبية. وقد فتح الحوار مع المدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة وانتسب للجنة العربية لحقوق الإنسان (باريس).


الشاعر علي الدميني

مواليد 10/5/1948

 شاعر وأديب معروف، وناشط سياسي مشهور، وهو أحد أهم مراكز الثقل الأساسية في النشاط الإصلاحي في المملكة، وكان من الأوائل المطالبين بالإصلاح السياسي والثقافي والفكري في البلاد. شخصية وطنية وأدبية معروفة على صعيد المملكة ومنطقة الخليج، له إسهامات واضحة في الصحافة المحلية وكتباً منشورة وكتابات متفرقة في الوسائل السلمية للنضال المطلبي والحقوق المدنية.

 

انضم للجنة العربية لحقوق الإنسان في 2004  
 
اعتقل بما يشبه الخطف وهو يهم بركوب سيارته بالقرب من مقر عمله   في 16/3/2004
أصدر
العديد من الدواوين الشعرية منها

رياح المواقع ،

بياض الأزمنة.

صدر له من وراء القضبان كتاب (نعم في الزنزانة لحن) عن سلسلة براعم في باريس وبيروت ودمشق 

أشرف لسنوات على الملحق الثقافي في جريدة اليوم
أشرف
على إصدار مجلة النص الجديد
الثقافية وله رواية الغيمة الرصاصية

المحامي عبد الرحمن محمد اللاحم

ولد في  الشماسية – منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية في  1/7/1391هجري الموافق23/8/1971، درس البكالوريوس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم الشريعة الإسلامية ونال الدبلوم العالي في القانون من معهد الإدارة العامة، يعمل في المحاماة منذ خمس سنوات، انتسب للجنة العربية لحقوق الإنسان في 2004، وهو متزوج وأب لطفلين.

 مارس الكتابة المنتظمة في جريدة الوطن السعودية لمدة سنتين باهتمام واضح للقضايا الحقوقية إلى أن منع من الكتابة في كافة الصحف السعودية فكتب في الصحف والمواقع العربية عدة مقالات منها "حقوق الإنسان في السعودية ووهم الخصوصية"، "الحرب على الإرهاب في السعودية وحقوق الإنسان"، و"عندما يكون الإصلاح جرما في السعودية، كذلك أعد للجنة العربية عدة مداخلات حقوقية.

تم اقتحام مكتبه من قبل المباحث بعد نشر مقالته عن وهم الخصوصية في نهاية الشهر الثاني من عام 2004 وصودر جهاز الكمبيوتر الخاص به. تعرض للاعتقال بتاريخ 17/ مارس/2004 بعد تنديده باعتقال مجموعة من الإصلاحيين في السعودية على قناة "الجزيرة" وأفرج عنه بعد ثمانية أيام، منع من السفر بعد مداخلة له على إحدى الفضائيات وإثر ذلك قام برفع دعوى على وزارة الداخلية طالباً إلغاء قرار المنع من السفر ليتمكن من حضور طاولة مستديرة تنظمها اللجنة العربية لحقوق الإنسان في باريس حول غياب المحاسبة. وهذه الدعوى تعتبر سابقة قضائية في السعودية من حيث قبولها من قبل المؤسسة القضائية وقبولها تقييدها كدعوى ونظرها, وهي وراء دخول المخبرات العامة منزله في السادس من نوفمبر وانتظاره فيه إلى أن يسلم نفسه. من أهم المحامين عن أعضاء اللجنة العربية لحقوق الإنسان ورواد الإصلاح الثلاثة المعتقلين في المملكة (الدكتور متروك الفالح، الدكتور عبد الله الحامد والشاعر علي الدميني) إضافة لقضايا سياسية هامة في المملكة وهو يعكف على متابعة ملف المتهمين بقضايا إرهابية الذين لا يخضعون في السعودية إلى أي ضمانة قانونية وتم تجريدهم من كافة حقوقهم المدنية ولا يطبق عليهم قانون الإجراءات الجزائية الذي ضمن للمتهم جملة من الحقوق الأساسية

تعرض للتحقيق والاستدعاء مرات عديدة أهمها في أكتوبر (تشرين الأول) حيث مثل أمام هيئة التحقيق يوم الثلاثاء (5/10/2004م ) وأكمل التحقيق يوم السبت (9/10/2004م ) وقد استدعي من قبل قاضي ملف الإصلاحيين  في النصف الثاني من شهر رمضان.


الإصلاح الشامل وبأجندة زمنية محددة هو الحل الصحيح لأزمات الدولة

17 يونيو 2004

 

 أصدر دعاة الإصلاح في المملكة بياناً نددوا فيه باتهامات السلطة وافتراءاتها على الإصلاحيين الذين تعرضوا للاعتقالات وطالبوا بإطلاق سراحهم. وقال البيان أن إجراءات السلطة توضح أن العائلة المالكة غير جادة في الإصلاح وأن العنف وتدهور الأوضاع هو النتيجة الحتمية التي ستعرض الوطن ووحدته إلى الخطر. وهذا نص البيان:

 شنت الأجهزة الأمنية السعودية في يوم الثلاثاء 16 مارس 2004 حملة اعتقالات منتقاة شملت ثلة من الشخصيات والرموز الوطنية المعروفة بمواقفها المبدئية والشجاعة، ودفاعها عن قضايا ومصالح الوطن العليا، والذين عبروا عن تطلعات شعبنا نحو الحرية والإصلاح الشامل والعدالة، علما أن العديد منهم سبق أن اعتقل في فترات سابقة وامضوا عدة سنوات في المعتقل ومنعوا من السفر. ولإضفاء بعض المصداقية على ممارساتها القمعية لجأت السلطات السعودية إلى تلفيق التهم الباطلة ضد المعتقلين في محاولة يائسة لتغطية وتبرير ممارساتها وأساليبها غير الشرعية والتي لا يمكن أن تنطلي على الرأي العام المحلي والعربي والدولي، ومن بين التهم الملفقة التي بررت بموجبها السلطة اعتقال الإصلاحيين ما جاء في بيان وزارة الداخلية (أن المعتقلين أصدروا بيانات لا تخدم وحدة وتماسك المجتمع القائم على الشريعة الإسلامية) في حين أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا ردت فيه على تصريح الخارجية الأمريكية التي انتقدت على نحو خجول هذه الاعتقالات وبررت الخارجية السعودية الاعتقالات بأنها (شأن امني داخلي، وان اعتقال السلطات في المملكة لعدد من المواطنين كان بسبب مشاركتهم في إعمال تحريض واستعمال أسماء لأشخاص مرموقين دون موافقتهم) في حين أشار الأمير نايف وزير الداخلية بأنه تبين (بأن المعتقلين لهم بعض الصلات بجهات أجنبية)، واعتبر الأمير سلطان وزير الدفاع بان المحتجزين قد (تمردوا على إبائهم وعلى وطنهم وان عليهم أن لا يتوقعوا تأييداً من جانب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان) وهي اللجنة التي عينتها الدولة على أنها (لجنة أهلية مستقلة) وذلك قبل نحو أسبوع من الاعتقالات، ووصل الهجوم ذروته من خلال الاتهام الموجه ضد المعتقلين ودعاة الإصلاح بأنهم (الأعداء حقا وان الإصلاح لن يكون إلا بدين الإسلام) كما جاء في تصريح المفتي العام بالمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.

هذه الاعتقالات وتبريراتها المفبركة من قبل السلطات السعودية تعبر عن عمق الأزمة والتخبط الذي يعيشه النظام وفشله في مواجهة المستلزمات والاستحقاقات المؤجلة وكافة التحديات والمشاكل التي باتت تتحكم وتخترق الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية في بلادنا، والتي آثرت بعمق وطالت آثارها مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية وخصوصا الأجيال الشابة التي تشكل 60% من السكان.

إن استمرار تمركز وتركز واحتكار السلطة والثروة من قبل العائلة الحاكمة ومصادرة حق الشعب في المشاركة في صنع القرار ومناقشة كافة قضاياه المتعلقة بحاضره ومستقبله أدى إلى استفحال أزمات قديمة وتوليد مشكلات جديدة وخطيرة مثل الفقر والبطالة وتردي الخدمات الاجتماعية والى تفاقم الدين العام وتفشي مظاهر الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمحاباة والرشوة في كافة المستويات والمرافق والوزارات وأجهزة الدولة المختلفة.

وفي ظل هذه الأوضاع والأزمات الخطيرة والإصرار من قبل النظام على رفض التعددية ومصادرة الحريات العامة والشخصية لكافة المكونات الاجتماعية والسياسية والمذهبية والثقافية في بلادنا، إزاء كل ذلك فان وحدة وتماسك ووجود الدولة والوطن والمجتمع التي تعاني في الأصل من مواطن خلل وضعف جدية، أصبح في خطر داهم، وما تنامي مظاهر التطرف والعنف وتصاعد المواجهات الدامية بين الجماعات المسلحة وأجهزة الدولة الأمنية والتي وصلت ذروتها في مهاجمة المؤسسات الحكومية إلا احد المؤشرات الخطيرة الدالة على ذلك، حيث أصبحنا نواجه حلقة جهنمية من العنف والعنف المضاد دعمها وكرسها هيمنة خطاب سياسي وإعلامي وثقافي استمر لعشرات السنين اتسم بالأحادية والجمود ورفض الأخر، هذا الخطاب تشكل بتوجيه ورعاية ودعم من قبل السلطة الحاكمة ومؤسساتها المختلفة مما خلق الأرضية الملائمة لانبثاق وتنفيذ مختلف المشاريع والسيناريوهات التفتيتية والتقسيمية من خلال استثارة مختلف العصبيات والنزعات القبلية والمناطقية والمذهبية وخصوصا لدى الفئات والمجاميع الأكثر حرمانا وتضررا.

هذا التشخيص للحالة السائدة هو ما أكد عليه دعاة الإصلاح وحذروا منه في العديد من الخطابات والعرائض والنداءات المرفوعة إلى المسئولين بالدولة وفي مقدمتهم ولي العهد بدءا من وثيقة (رؤيا  لحاضر الوطن ومستقبله) مرورا بـ (نداء إلى القيادة والشعب معا- الإصلاح الدستوري أولا) وانتهاء بخطاب (معا في طريق الإصلاح). هذه الفعاليات التي وقع عليها المئات من الإصلاحيين ودعاة المجتمع المدني والمدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان على اختلاف مرجعياتهم وأطيافهم السياسية والفكرية وضمت أساتذة الجامعات ورجال الفكر وقطاع رجال الأعمال والمهنيين والمواطنين العاديين، اشتملت على عناصر أساسية تشكل رؤية إستراتيجية متكاملة تغطي كافة المحاور والقضايا الأساسية التي مثلت ضرورة لا تحتمل التأجيل ولا التسويف.

والاهم في الأمر أن كافة تحركات الإصلاحيين المطلبية اتسمت بالطابع السلمي والعلني والتشاروي مع المسئولين بالدولة والتوجه مباشرة إلى القيادة، مبدين كل الحرص على الابتعاد عن كل أشكال الإثارة والتحريض والاستفزاز. وانطلاقا من شعورهم بالمسئولية الوطنية وقناعتهم بان الإصلاح شان داخلي، فقد رفضوا التعاطي مع كافة الدعوات الموجهة لهم من قبل جهات وأطراف أجنبية أعلنت تفهمها وتعاطفها مع مطالبهم بما في ذلك اللقاءات الشخصية مع من يمثلهم. ومع كل ذلك فقد انزلقت الأمور إلى مستوى غير مقبول من حملات التشهير والتحريض ضد رموز الإصلاح وأنصار المجتمع المدني، بما في ذلك الاعتقال والمنع من السفر، لذا فالأمر يستوجب إيضاح الحقيقة كاملة، مما يجعلنا نؤكد على الآتي:

أولا: ننفي ما جاء في البيانات والتصريحات الرسمية المفبركة من قبل السلطة وكبار المسئولين فيها ونعتبرها تخرصات وتبريرات وادعاءات جوفاء ضد دعاة الإصلاح الشامل والجذري، وأن نهج تدوير الأزمة ومحاولة ترحيلها من خلال الحلول الترقيعية أو الإجراءات الأمنية ضد كل الإطراف والقوى نهج مصيره الفشل.

ثانيا: لقد تصدى دعاة الإصلاح إلى مختلف أنواع الضغوط والتحديات الداخلية والخارجية التي تعرضت لها البلاد في العديد من المواقف والظروف الحرجة والتي تصاعدت اثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 واتخذوا موقفا حاسما إزاء الإرهاب في بلادنا، حيث أصدروا بيانات بهذا الشأن، وفي كل الحالات أكدوا بان التصدي الناجح والفعال لمجمل التحديات والأخطار التي يواجهها الوطن يستلزم الإسراع في اتخاذ خطوات إصلاحية جادة تسحب البساط من تحت أقدام المتربصين بالوطن من الداخل والخارج.

ثالثا: استبشر دعاة الإصلاح خيرا في ضوء التصريحات واللقاءات الايجابية من قبل ولي العهد الذي أعلن التزامه وقناعته بالمشروع الإصلاحي باعتباره الرد الصحيح على مختلف التحديات التي تواجه الدولة والمجتمع، غير أن حملة الاعتقالات المركزة ضد دعاة الإصلاح دون مبررات أو مسوغات مقنعة بما يتنافى مع الإجراءات والأنظمة القانونية ومبادئ حقوق الإنسان العالمية بل ويخالف حتى القوانين السعودية وخصوصا النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية وهو بالتالي ما يتناقض مع التزام ولي العهد المعلن بالمشروع الإصلاحي. كما ترتب على هذه الاعتقالات نتائج أخرى، فقد واكبها وأعقبها تراجع حاد عن بعض المكاسب الايجابية – على محدوديتها – التي تحققت مع زخم حركة الإصلاح، خصوصا على صعيد حرية الرأي والكتابة والكلام، حيث استهدفت الأجهزة الأمنية شل فعاليات الصحف والكتابة مما أدى إلى اعتقال العديد من الفعاليات الصحفية، نذكر منهم المحامي عبدا لرحمن اللاحم والكاتب صالح الشيحي.

ويصب في هذا الاتجاه التضييق على الديوانيات والملتقيات والمنتديات الثقافية والاجتماعية والمواقع الحوارية على (الانترنت).

رابعا: أفصح رموز الجناح المتشدد في العائلة الحاكمة عن حقيقة مواقفهم المعادية لأي توجه إصلاحي حقيقي، وقد استطاعوا تحقيق حالة إجماع لدى مختلف الأجنحة المتنافسة في العائلة الحاكمة يؤكد على أن الخطر الناجم عن الإصلاح لا يقل عن خطر الإرهاب على مصالحها وامتيازاتها، مما أتاح المجال لضرب حركة الإصلاح والسعي لترتيب الأوضاع ضمن صيغ مختلفة بينها مد الجسور مع رموز دينية كانت معارضة في السابق.

ومن ناحية أخرى، اضطرت السلطة تحت ضغوط وشروط منظمة التجارة العالمية، ولمحاولة تحسين صورتها وسجلها في مجال حقوق الإنسان على الموافقة على قيام بعض التشكيلات المدنية والأهلية ومن ضمنها قيام ما عرف بـ (اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان) إلا أن الحكومة أفرغتها جميعا من محتواها وقلصت مهامها لتصبح هياكل شكلية مرتبطة بأجهزة الدولة البيروقراطية، وهو ما يؤكد غياب المصداقية في رغبة السلطة في تبنى الإصلاح. وخير دليل على ذلك سقوط هذه اللجنة الكرتونية في أول امتحان لها عندما وجدت نفسها جزءاً من مؤسسات الدولة وعجزت عن ممارسة دورها في الدفاع عن المعتقلين على اختلافهم تحت مبررات واهية مما جعلها في هذا السلوك تتنكر لأهدافها المعلنة.

إننا في إطار التصدي للقضايا المتأزمة في بلادنا، نرى أن التناقض الرئيس وجوهر الصراع في هذه المرحلة التاريخية هو بين دعاة الإصلاح وأنصاره على اختلاف انتماءاتهم الفكرية ومنحدراتهم الطبقية والفئوية وبين أعداء الإصلاح ومناهضيه على صعيد السلطة والعائلة الحاكمة ومراكز القوى وبعض التيارات على اختلاف مرجعياتها المستفيدة من بقاء الأوضاع على حالها. لذلك وفي هذه المرحلة الدقيقة والحرجة التي تمر بها بلادنا نتوجه بنداءاتنا إلى كافة المنظمات واللجان الحقوقية والإنسانية والاتحادات المهنية والنقابات المختلفة في البلدان العربية والعالم بما في ذلك المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، ونطالبها بضرورة الضغط على السلطات السعودية وكشف ممارساتها القمعية ضد دعاة الإصلاح ونشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في بلادنا، وقبل كل شيء ينبغي العمل على تامين الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي وسجناء الضمير ومن بينهم د. عبد الله الحامد، والشاعر على الدميني، ود. متروك الفالح، مع ضمان عدم تعريضهم لأي شكل من أشكال الضغط والإكراه الجسدي والنفسي أو مساومتهم على حريتهم وإعادتهم إلى أعمالهم. كما نطالب السلطات السعودية باحترام حقوق الإنسان وإيقاف كافة الإجراءات والممارسات التي يتعرض لها المفرج عنهم مؤخرا، حيث يخضع بعض هؤلاء إلى المراقبة والملاحقة والتضييق والمنع من السفر والحظر على مشاركاتهم في الشأن العام مثل إصدار البيانات وتنظيم اللقاءات والاتصال بقنوات الإعلام المختلفة، وأن هناك المئات من المعتقلين في السجون السعودية الذين نرى انه لا بد من احترام آدميتهم ومراعاة كافة الإجراءات القانونية العادلة إزاءهم .

إن المخرج المناسب والسريع لكل هذه الاحتقانات يتمثل بمبادرة السلطة للعمل مباشرة على رفع الحظر على تشكيل منظمات المجتمع المدني السياسية والاجتماعية والنقابية والحقوقية المستقلة وضمان حرية التعبير والرأي والتفكير لجميع مكونات المجتمع دون استثناء.

وهذه الإجراءات وغيرها لن تتحقق إلا من خلال إعلان الدولة التزامها الصريح والواضح بتنفيذ عناصر مشروع الإصلاح الشامل الذي طرحته الفعاليات والنخب في البيانات والنداءات السابقة  وأصبح مطلبا شعبيا واسعا يحظى بتأييد ودعم الغالبية الساحقة من المواطنين وذلك من خلال وضع أجندة زمنية لتحقيق الإصلاحات الدستورية. ومجمل الإصلاحات المطروحة لا تتعارض إطلاقا مع مصالحنا الوطنية وقيمنا الدينية والاجتماعية على الرغم من محاولات رموز الدولة تضخيم المصاعب والتحديات. إن متطلبات الإصلاح تشكل الضمانة الوحيدة لوحدتنا الوطنية واستقلالنا الوطني الناجز وبناء مستقبلنا الزاهر مهما قيل في ذلك من مخاوف وتبريرات غير حقيقية ولا منطقية.

عاش وطننا حرا دائما.

                                                        دعاة الإصلاح في السعودية

 

 

العنوان الدائم للهيئة على بريد اللجنة العربية لحقوق الإنسان:

هيئة المحامين الدولية للدفاع عن رواد الإصلاح الدستوري

 

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff - France

Phone: (33-1) 4092-1588  * Fax:  (33-1) 4654-1913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu