اللجنة العربية لحقوق الإنسان

ARAB COMMISSION FOR HUMAN RIGHTS

COMMISSION ARABE DES DROITS HUMAINS

 

 

حول انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين

 

 

تقرير  ميداني أعده للجنة العربية لحقوق الإنسان

 

مجلس الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين

 

 

 

  10 أكتوبر (تشرين الثاني) 2002

 

 

Commission Arabe des Droits Humains

5 Rue Gambetta, 92240 Malakoff, France

Tel: +33 (1) 4092 15 88, Fax: +33 (1) 4654 19 13

E-Mail: achr@noos.fr

http://home7.swipnet.se/~w-79939 & http://www.come.to/achr

 

 

تقرير حول انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين

 

يبلغ عدد الأعضاء المسجلين في لائحة الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين 230 عضوا، وهي هيئة فتية عمرها اثنان وعشرون ربيعا. ومع ذلك فقد سطرت، خلال عمر وجيز، وبإمكانيات متواضعة، إنجازات مجيدة قضّت مضاجع الفساد والطغيان:

ـ كرست، في جميع عهودها، الدفاع مجانا عن مختلف فئات المجتمع وأطيافه السياسية، مما صان حقوق الإنسان، وأسهم في تعزيز مبدأ ضمان محاكمة عادلة في أكثر من عشرين محاكمة سياسية جرى معظمها خلال هذا العهد، فصارت بذلك كهفا للحقوق وملجأ منيعا لكل مكروب وعان أو مظلوم. 

ـ ثبت في أكثر من مناسبة أمام جميع محاولات الاجتياح والاختراق التي قادها ومولها النظام ضدها. 

ـ فرضت الاعتراف الصريح باستقلالها عبر القوانين المنظمة لها. وجسدت ذلك المادة 2 من القانون رقم 95/024 الصادر في 19 يوليو 1995 وكذلك المادة 21 من نظامها الداخلي. ويتضمن هذا المبدأ ، على المستوى الفردي، أن المحامي يمارس مهامه بعيدا عن كل أنواع الضغط السياسي مهما كانت، وعلى المستوى الجماعي، استقلال الهيئة عن جميع التنظيمات السياسية.

لقد أتاح هذا السجل الحافل "للهيئة الوطنية للمحامين أن تحظى باحترام وتقدير المواطنين، لكنه جعلها دائما عرضة لنقمة السلطة السياسية. وهذا ما يفسر ـ إلى حد كبير ـ شراسة السلطة وتصميمها خلال الانتخابات الأخيرة على تغيير نتائج الاقتراع". ( خطاب نقيب الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين الأستاذ محفوظ بن بتاح أمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقدة في جنيف دورة أغسطس).

1 ـ حملة انتخابية، أم حرب على المحامين عمرها عشر سنوات؟

منذ أن اختارت الهيئة الوطنية للمحامين نهج الشرف والوفاء لقسم المحامي، والتحلي بقيم البذلة السوداء.. وخاصة من يوم تعهد لفيف واسع من المحامين للدفاع عن أرامل ويتامى ضحايا مذبحة 1991 من العسكريين الزنوج الموريتانيين، وعدم تخلي هيئة المحامين عن ذلك اللفيف، شنت حرب شعواء على المحامين قام بقرع طبولها البرلمان الأحادي المعين من طرف حزب النظام، وآلت بعد أن فشلت في استقطاب أدنى قدر من الرأي العام في إنزال العقاب بذلك اللفيف وبالهيئة التي لم تتخل عنه، إلى محاصرة المحامين (قطع أرزاقهم واضطهادهم) واستقطاب وتجنيد "المتحامين" المحسوبين على النظام وفتات مائدته في حملة دائمة لتخريب مهنة المحاماة المزعجة، والسيطرة على قيادة الهيئة الوطنية للمحامين.

وهذا ما أشار إليه النقيب بتاح في خطابه المذكور بقوله:

"أكيد أنها ليست المرة الأولى التي تتم فيها محاولات من هذا النوع. فمنذ 1993 كانت كل انتخابات مهنية تعقدها الهيئة، حسب شهادة الصحافة الوطنية، مناسبة لممارسة الضغط من طرف السلطة السياسية من أجل انتخاب نقيب ومجلس هيئة يتخلى عن إرادة الاستقلال.

ولكن الضغوط التي مورست خلال انتخابات شهر يونيو 02 واكبتها تعبئة لم يسبق لها مثيل في صفوف الحزب الحاكم وكافة مصالح جهاز الدولة بما في ذلك مرفق العدالة العمومي، وذلك من أجل إنجاح مرشحهم. فالخطاب الموجه من طرف الأمين العام لحزب الدولة إلى المحامين الذين استدعاهم فرادى، واجتمع بهم في مقر الحزب، تلخص في أمر واحد: يجب إقصاء ولد بتاح لأن الدولة قررت ذلك. والذين حاولوا منهم تذكير سيد الحزب الجمهوري، بأن الأمر يتعلق بانتخابات مهنية بحتة، لا علاقة لها بالسياسة، كانوا يؤنبون فورا ويدحرون".      

يبقى أن نشير إلى أن التهديد بقطع الرزق مهما كانت ضآلة المورد، وعدم التأكد منه، مورس بشراسة في هذه الحملة ( كالتهديد بقطع اتفاقيات لا تسمن ولا تغني من جوع ـ اتفاقية سوكوجبم 300 أورو سنويا مثلا ـ والتهديد بالحرمان من الاستفادة من صندوق الدمج ومحاربة الفقر، في حق المحامين الشباب الخ) كما تمت مقايضة الدعوى  العمومية من طرف بعض القائمين عليها، بالتصويت لمرشح السلطة، فضلا عن غير ذلك من المزايا والامتيازات التي عرضت في المزاد.    

جاء في جريدة القلم رقم 216 بتاريخ 16 يوليو 02 تحت عنوان صفعة في جبين الديموقراطية: "لقد كشفت انتخابات الهيئة الوطنية  للمحامين مدى إصرار النظام على تدجين النخبة وتركيع الجميع، وترسيخ سلوك التملق والنفاق والمحاباة ثقافة للمجتمع ونظاما للدولة. فالنظام الذي أغاظته استقلالية هذه الهيئة وتطوعها للدفاع عن حقوق الإنسان في البلد، اتخذ قرارا بتركيع رجال القانون وترويضهم.

ويبدو أن النظام قد جعل من تفكيك الهيئة الوطنية للمحامين رهانا استراتيجيا، ومما يؤكد ذلك، إشراف رجل النظام القوي، لوليد ولد وداد شخصيا على عملية هدم آخر مؤسسات المجتمع المدني احتراما ومصداقية. فقد قام الأمين العام للحزب الجمهوري بالاتصال بجميع المحامين لحثهم وترغيبهم، بل وترهيبهم إذا لزم الأمر، لأجل التخلي عن النقيب محفوظ بن بتاح وتعويضه بمن يثق في ولائه و"حسن سلوكه". غير أن ولد بتاح استطاع الفوز في الاقتراع، وفي دوره الأول، رغم الضغوط المعنوية والمادية الهائلة التي تعرض لها زملاؤه، ورغم تعبئة الجمهورية بكاملها منذ عدة اشهر من أجل هدف واحد ومقدس هو سحب المقعد من تحت ولد بتاح".

ومع ذلك، ورغم هذه الشهادة الصريحة التي لم تنفرد بنشرها القلم دون غيرها من الصحف الوطنية التي أجمعت ـ ربما لأول مرة ـ على هذا الموضوع رغم اختلاف مشاربها،  قالت البعثة الدائمة للجمهورية الإسلامية الموريتانية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، في حق الرد على خطاب النقيب بتاح الذي سلف ذكره:  "إن الانتخابات التي جرت لتجديد نقيب وباقي أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين تم تنظيمها من طرف تلك المؤسسة ولم تتدخل السلطات فيها"! (انظروا حق الرد صحبته: النقطة الأولى ص1).       

2ـ تدخل سافر في عملية الاقتراع، ومباشرة تزوير النتائج.

الجديد هذه المسنة في تكنيك السعي الدائب للاستحواذ على هيئة المحامين، تمثل في تجاوز المعتاد، وتجنيد مرتزقة في مكتب التصويت، يباشر عن طريقهم تزوير النتائج.

فبما أن النظام الداخلي للهيئة الوطنية للمحامين، ينص على تشكل مكتب التصويت من بين آخر المنتسبين إلى تلك الهيئة، تمت مبادرة انتداب عنصرين فاسدين سبق رفض طلب انتسابهما من طرف مجلس الهيئة، لأنهما لا تتوفر فيهما الشروط القانونية المطلوبة في المترشح لعضويتها، ليشكلا المكتب مع ثالث منتسب للحزب الحاكم رغم أنه أقل منهما فسادا. وقد تعمد تأخير أداء " شر ثلاثة أم عمر" اليمين، وهو ابن عم المدعي العام وأداة طيعة في يده، ليستحق بذلك رئاسة مكتب التصويت حسب العرف.

وفي يوم الاقتراع، وتحت الحراسة والحماية المشددة لمئات البوليس الذين اقتحموا لأول مرة، في تاريخ انتخابات الهيئة، قاعة المحكمة العليا التي يدور فيها الاقتراع، وأحاطوا بالمكتب وبالمحامين، وشكلوا حاجزا من عشرات المسلحين في حالة استعداد قصوى بين الاثنين، بدأت وقائع المسلسل:

ـ سابقة فريدة، تمثلت في أن رئيس المكتب أخرج من جيبه بطاقات تصويت تم إعدادها سلفا، بألوان وأسماء المترشحين، قصد منها ضمان مراقبة التصويت عن طريق إرجاع الناخب لبطاقات غير مرشح حزب السلطة، في حين أن الطريقة المعتمدة هي: بطاقة واحدة بيضاء، على ظهرها توقيع أعضاء المكتب وختم الهيئة، وفي وجهها يكتب الناخب اسم مرشحه في سرية تامة.

ـ وسابقة ثانية، تمثلت في السماح لمرشحي حزب السلطة وسماسرتها، بعد أن منع لهم التصويت بالبطاقات المذكورة، بالتصويت العلني كوسيلة لممارسة الرقابة على المحامين، وذلك إما بكتابة اسم مرشحهم على بطاقة التصويت ثم عرضها أمام الملأ، وقد دشن هذه الطريقة المحامون النواب والشيوخ وأعضاء المجلس الدستوري. أو بطريقة إشهاد أطواق الشرطة، خاصة الضباط على ما كتب في البطاقة. أو بواسطة استخدام الكربون في دفتر يقدم للناخب المدعو للتصويت، فيضع بطاقة التصويت على الكربون فوق ورقة من الدفتر، ويكتب اسم مرشحهم، فينسخه الكربون على الورقة. ورغم الاحتجاجات الصاخبة من طرف أغلبية المحامين، ومطالبتهم بإلغاء تلك الأصوات (توجد بها لائحة) عملا بصريح المادتين 8و9 من القانون المنظم للهيئة والمادة 5 من نظامها الداخلي، تواطأ المكتب مع الغش وخرق القانون، وتعامى عن الحق.

ـ وسابقة ثالثة، تمثلت في منع بعض المحامين من التصويت، مثل الأستاذين الدكتور محمد النكرش وفضيلة القاضي الأستاذ محمد الأمين بن البح، لأن ولاؤهم للمهنة معروف سلفا.

ـ بعد أن استقبل المكتب الأصوات الواردة عن طريق المراسلة، في الشكل القانوني المطلوب، وحرر بقبولها قرارا رقمه 02/02 وأودعها صندوق الاقتراع، رفض فرزها قبل  غيرها خلافا لما نصت على وجوبه المادة 5 من النظام الداخلي الصريحة في ذلك، ليحتال عليها في النهاية، فيتلف القرار الذي صدر في شأنها، ويزوّر قرارا لاحقا على الجمعية العامة بإلغائها، خلافا لجميع قوانين الهيئة والبلاد. كل ذلك لأن أصحاب تلك الأصوات معروفون من أسمائهم وانتمائهم العرقي (9 من 11 زنوج موريتانيون) بمساندتهم للنقيب بتاح، وتمسكهم باستقلال الهيئة.

ـ رغم عدم فرز الأصوات الواردة عن طريق المراسلة، حسمت أصوات الحاضرين الموقف لصالح النقيب بتاح الذي حصل على 103 أصوات، وهنأه أنصاره وخصومه معا، بمن فيهم مرشح السلطة، وهو تقليد مرعي في انتخابات المحامين، ولم يبق إلا انتخاب مجلس الهيئة. هنالك فاجأ رئيس المكتب، الذي بقي ثلاث ساعات معلقا بهاتفه النقال، الجميع بإعلان شوط ثان دعا إليه شفهيا يوم 4 يوليو، وانسحب حاملا جميع أدوات التصويت، تحرسه طوابير الشرطة، إلى مكتب المدعي العام المجاور الذي رابط ساكنه في القصر منذ الصباح. وفي ذلك خمس مخالفات هي:

1 ـ لقد حسمت مسألة انتخاب النقيب بحصول أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة التي ينص عليها القانون في مادتيه 8و9. ولم يعد هناك سبب لإجراء شوط ثان.

2 ـ إذا كان هناك داع لشوط ثان، فيجب إجراؤه مباشرة، حسب نص المادة 5 من النظام الداخلي.

3 ـ إذا كانت هناك حاجة لشوط ثان، وحال سبب قاهر دون إجرائه فورا، فإن مجلس الهيئة، أو الجمعية العامة المنعقدة، هما المخولان إقراره، والدعوة إليه، وليس مكتب التصويت.

4 ـ تحديد 4 يوليو مخالف لنص النظام الداخلي الصريح بأن الانتخابات تجري  في شهر يونيو. وقد قضت المحكمة العليا اعتمادا على تلك المادة في قرارها رقم 73/93 بتاريخ 8/6/93 ببطلان كل انتخابات تقع قبل يوم 27 يونيو أو بعد يوم 30 منه.

5 ـ أدوات الاقتراع، وكافة المحاضر، يسلمها المكتب فورا لمجلس الهيئة السابق. الذي يسلمها بدوره للمجلس المنتخب.   

ـ بخروجه من قاعة التصويت، والتحاقه بمكتب المدعي العام، قطع المكتب جميع صلاته بمجلس الهيئة، واستسلم لعصابة شرعت في تزوير النتائج:

أ‌.         زورت قرارا برقم 04/02 ادعي فيه عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة. وبرر ذلك بنتائج مزورة هي:                        

                    عدد المسجلين: 230                                                                    عدد المصوتين 217 ( غير صحيح بل العدد الصحيح 215)                                      البطاقات اللاغية 013 (غير صحيح توجد بطاقة لاغية واحدة)                                         عدد الأصوات المعبر عنها 204 (غير صحيح عدد أصوات الحاضرين المعبر عنها 202 فقط. لأن النظام الداخلي للهيئة، في مادته الخامسة، لا يعتبر البطاقات اللاغية والمحايدة أصواتا معبرا عنها.                                                                       الأغلبية المطلقة 103 (غير صحيح الأغلبية المطلقة 102).                                          أحمد بن انانه 1                                                                                   محفوظ بن بتاح 102 ( غير صحيح بل  103).                                                          ماء العينين بن خليفه 99                                                                  البطاقات المحايدة 2 (غير صحيح بل 1). (انظروا بصدد الأرقام الإحصاء المقدم من طرف عضو المكتب بال بخط يده صحبته)                                                                           وفي الأخير، دعي إلى شوط ثان يجري يوم الخميس 4 يوليو في قصر العدالة، بين النقيب محفوظ بن بتاح، وآخر باسم ماء العينين ولد أحمد خليفه. بينما يدعى مرشح السلطة ماء العينين بن الولي بن الخليفه. وهذا القرار مطبوع على الكومبيوتر، خلافا للقرارات التي سبقته، ولا يحمل توقيعات أعضاء المكتب كالعادة، بل توقيعا نسب إلى رئيس المكتب في حين أنه يتنافى تماما مع توقيعه الموجود على القرارات الأخرى.

ب‌.      أتلفت المحضر، والقرار رقم 02/02 المتعلق باعتماد الأصوات الواردة عن طريق المراسلة. وزورت قرارا برقم 03/02 تحت عنوان "إلغاء التصويت بالمراسلة" عطلت فيه العمل بالمادتين 8 و 9 من قانون هيئة المحاماة "استنادا إلى مبدأ سرية التصويت المنصوص عليها في المادة 3 من الدستور" ـ حسب تعبير القرار ـ، وافترت فيه على تقرير العدل المنفذ الأستاذ محمد فال بن اباتي، حول إثبات حالة الأصوات الواردة بالمراسلة، نقيض ما ورد في ذلك التقرير. كل ذلك في الوقت الذي يوجد فيه قرار خطي، صدر في القاعة، من نفس المكتب، يحمل نفس الرقم 03/02، ينص على إلغاء صوت واحد من الأصوات الواردة بالمراسلة بدل إلغاء جميعها. وهذا القرار الجديد المزعوم مطبوع، هو الآخر على الكومبيوتر، خلافا للقرارات الحقيقية، ولا يحمل توقيعات أعضاء المكتب كالعادة، بل توقيعا نسب إلى رئيس المكتب، يتنافى تماما مع توقيعه الموجود على القرارات الأخرى.

ت‌.      نظمت مهزلة يوم 4 يوليو، التي جر إليها بعض المحامين، تحت حراب مئات البوليس من فرق التدخل السريع، الذين احتلوا قصر العدالة، وأغلقوه في وجه الجميع، عدا المقتادين ممن غلبوا على أمرهم، أو المنقادين من المتحامين الذين يعيشون على فتات السلطة. ومع ذلك لم يحصل النصاب بشهادة الصحافة. ناهيك عن عدم شرعية الشوط، والمشرفين عليه، وعامل الإكراه الذي جسده الاقتياد والاحتلال العسكري.  أضف إلى ذلك عدم صدور محضر عن هذه المهزلة، والاكتفاء بقرارات تستند إلى ديباجة دستور الجمهورية الثانية، وتحمل نفس التوقيع المزور، وبعضها خال من أية بيانات عن عدد المسجلين والمترشحين والمصوتين الخ.                                      

 وقد أجمعت الصحافة الوطنية، رغم اختلاف مشاربها، على وقوع ما ذكرنا، وعلى التنديد به. تواترت على ذلك Le Calame والقلم و La Tribune  ومرآة المجتمع والراية والصحيفة والوحدوي وL’éveil hebdo  وأخبار نواكشوط واشطاري وNouakchott Information والوفد و Carrefour وغيرها ولم تشذ صحيفة واحدة عن هذا الموقف.      وفيما يلي نماذج مختارة من أقوال بعضها:                                              قالت مجلة الوفد " في يوم مشهود أشد وطأة من يوم 11 سبتمبر على الشعب الأمريكي، تعرض معقل من معاقل دولة القانون، لمهزلة تصعب استساغتها واستيعابها، ألا وهي قضية المحامين...يجري على حريتهم انقلاب في وضح النهار دون أي قناع يمكن التقنع به... إن ما وقع بأصحاب البذلة السوداء هو انهيار لآخر جدار في الديموقراطية".

وقالت أخبار نواكشوط القريبة من النظام في عددها 295 بتاريخ 2 يوليو 02 تحت عنوان: رئيس المكتب وماء العينين يلجآن لشوط ثان وبتاح يعلن نفسه نقيبا: "إلا أنه حتى ولو تم التسليم بإلغاء التصويت بالمراسلة فإن العدد 102 الذي أعلن لصالح الأستاذ محفوظ، حسب رئيس المكتب يشكل أغلبية مطلقة نظرا لأن الفقرة الخامسة من المادة 5 من النظام الداخلي للهيئة تنص على أنه: "تجري الانتخابات بالاقتراع السري وبالأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها ودون اعتبار البطاقات اللاغية أو البطاقات المحايدة".".

       وفي العدد 37 بتاريخ 11/7/02 من جريد أقلام نشر تقرير مفصل عن الانتخابات التي جرت يوم 27 يونيو 02 وبعد الحديث عن الخروق التي شهدها التصويت، كمحاولة رئيس المكتب توزيع بطاقات ناخبين أعدها سلفا، لا يحتاج الناخب إلى أن يكتب عليها اسم مرشحه، خارقا بذلك سرية التصويت. الشيء الذي رفضه النقيب ولد بتاح. وكذلك استخدام المحامين الجمهوريين للكربون لإثبات انهم صوتوا فعلا لمرشحهم. قالت: " وبعد نهاية التصويت بدأ الفرز. ولم يبدأ بأصوات المراسلة، كما هو متعارف ومنصوص في النظام الداخلي. وبعد الفرز تبين أن الأستاذ محفوظ بن بتاح فاز على منافسيه. وحسب المحامون مجموعة الأصوات بـ  103 لصالح محفوظ. و99 لصالح ماء العينين. وصوت واحد لصالح أحمد بت الناته. وصوت واحد محايد. وبطاقة واحدة لاغية. أما الأصوات المعبر عنها بالمراسلة ... فقد بقيت في الصندوق دون حسم في أمرها. وبعد تعاطي النتائج داخل القاعة اعتبر المحامون أن الأستاذ بتاح حصل على الأغلبية فهنأه مناصروه وخصومه. إلا أن رئيس المكتب، وبعد ساعات من الانتظار، صرح، بعد أن أحاط نفسه بسياج من الشرطة، بأن هناك شوطا ثانيا".                                 أما القلم في عددها 215 بتاريخ 8 يوليو 02 فقد كتبت تحت عنوان رئيسي: النظام يصر على وضع مرشحه على رأس الهيئة الوطنية للمحامين...المهزلة: " بعد رفض أغلبية المحامين للقرار الغريب لرئيس مكتب التصويت باستدعاء الجمعية العامة للهيئة الوطنية للمحامين إلى شوط ثان رغم حصول النقيب السابق محفوظ بن بتاح على 103 أصوات مقابل 99 صوتا للمرشح المدعوم من الحزب الجمهوري ماء العينين وهو ما يشكل أغلبية مطلقة تمنح ولد بتاح الفوز في الشوط الأول أصر مؤيدو ولد الخليفة أو على الأصح الحزب الجمهوري على تنظيم دور ثان... إن الأمر حقق فوزا زائفا لمرشح حزب السلطة في مسرحية مكشوفة جرت فصولها يوم الخميس 4 يوليو في قصر العدالة حيث تجمع عدد من المحامين التابعين للحزب الجمهوري صباحا ليختاروا لوحدهم المرشح الذي يريد حزبهم وقد أحيط مقر التصويت بجموع كبيرة من الشرطة وتم منع الصحفيين من دخول القاعة لمشاهدة المهزلة. وقد قاطعت أغلبية المحامين التي تؤيد ولد بتاح وترفض تدخل الحزب الجمهوري في توجيه هيئتهم وهي الهيئة التي ظلت حتى الآن الوحيدة من بين مؤسسات المجتمع المدني التي تتمتع بمصداقية واحترام لدى الرأي العام ولها مواقف مشرفة في حالات انتهاك حقوق الإنسان وحرية التعبير وهو ما لم يعد يتحمله النظام وبالتالي يريد اختراقها وتدجين أصحاب البذلة السوداء لتضاف هيئتهم إلى كومة الببغاوات النائمة في حدائق النظام". 

وفي تقرير مفصل آخر مدعوم بالأدلة الدامغة قالت La Tribune  في عددها رقم 165 بتاريخ 8 يوليو 02 " في يوم 27، توقع المحامون الأسوأ. فحصل ما هو أسوأ من الأسوأ ". وبعد تفصيل جميع ما ذكرناه، وذكرته الصحف الأخرى، في هذا التقرير، والحديث عن المؤتمر الصحفي الذي عقده المحامون ونقيبهم بتاح في فندق الهدى، عرجت على مهزلة 4 يوليو قائلة :" في الجانب الآخر كان الجو كئيبا. فعندما دخلنا القاعة التي  يجري فيها " الشوط الثاني" حسبنا 73 فردا ثلاثة منهم على الأقل لا علاقة لهم بمهنة المحاماة. ولم يرفض رئيس مكتب التصويت، الذي كان بادي التوتر، الرد على أسئلتنا فحسب، بل أمر الشرطة بإخراجنا من القاعة. ولم يبق غير متسكعين يتفرجون على مسرحية تافهة".  

وبدورها قالت Maghreb Hebdo القريبة من النظام: "رغم الضغوط التي قام بها البعض على البذلة السوداء فإن الجمعية العامة انعقدت وتم التصويت وتم إعلان النتائج على الجمهور أمام الجمعية العامة بانتخاب محفوظ ولد بتاح وتمت تهنئته من طرف متحديه الرئيس ولكن المفاجأة أن رئيس المكتب أعلن دون الاعتماد على أي نص، حسب رأي أصدقاء ولد بتاح، عن شوط ثان يوم 4 يوليو.                                وكتبت الصحيفة تحت عنوان: تزوير في قصر العدالة: " ما هذا الذي جرى ويجري في قصر العدالة؟ وهل فقد الناس حاسة العقل والاتزان؟ أي منطق هذا أو أي شرعة وقانون هذا الذي حكم مسرحية انتخابات هيئة المحامين.. يا للمهزلة!". 

ومع ذلك، ورغم هذه الشهادات الصريحة التي أجمعت عليها كافة الصحف الوطنية رغم اختلاف مشاربها،  قالت البعثة الدائمة للجمهورية الإسلامية الموريتانية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، في حق الرد على خطاب النقيب بتاح الذي سلف ذكره:

ـ "إن الانتخابات التي جرت لتجديد نقيب وباقي أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين تم تنظيمها من طرف تلك المؤسسة ولم تتدخل السلطات فيها"! (انظروا حق الرد صحبته: النقطة الأولى ص1).       

ـ "إن دور الشرطة المذكور اقتصر بالضبط على حماية النظام العام داخل قصر العدالة"! (انظروا حق الرد صحبته: النقطة الثانية ص1).        

ـ "لم يحصل أي من المرشحين الثلاثة خلال الشوط الأول على الأغلبية المطلقة المطلوبة قانونا"! (انظروا حق الرد صحبته: النقطة الرابعة ص1).

        

3 ـ التغاضي عن تظلم الهيئة، وتسور مقرها، واحتضان المزورين.

 قبل أن تجف قرارات المزورين، بادر النقيب المنتخب بتوجيه رسالة تظلم إلى رئيس الدولة، طالبا تدخله العاجل، لحماية الشرعية والقانون، والحفاظ على الهيئة الوطنية للمحامين، بوصفها إحدى المؤسسات الديموقراطية الفعالة التي انعقد الإجماع، كما رأينا، على نجاحها ومصداقيتها. كما أشفع تلك الرسالة، بأخرى وجهها إلى وزير العدل، تبرز مسئولية المدعي العام المباشرة عن جميع ما تعرضت له الهيئة من ظلم وتخريب، وتدعوه للتدخل السريع لإيقاف مرؤوسه عند حده.

وإلى حد الآن، كان الرد العملي على استصراخ المحامين، اقتحام مقر هيئتهم، دون أي إجراء قضائي، من طرف البوليس، بأمر من المدعى العام، وتحت القيادة المباشرة لنائبه السيد أحمد بن إسلمو. ثم احتضان السلطات السياسية والقضائية للمزورين وحمايتها لهم.

***

تلكم هي الوضعية التي توجد فيها اليوم الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين:  

ـ نقيب منتخب بصورة شرعية، ومكتب منتخب بأغلبية مريحة من طرف جمعية عامة تم استدعاؤها من طرف النقيب الشرعي.

ـ وشخص معين، فرضته وجماعته، بعض مؤسسات الدولة، أثناء مهزلة ما سمي شوطا ثانيا، ظلما وعدوانا، بعد أن حجب عنهم المحامون ثقتهم، وهزموا في الانتخابات.

على الصعيد الوطني نددت الصحافة الوطنية دون استثناء  كما أسلفنا بما جرى، وكذلك هيئات المجتمع المدني مثل الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا، والاتحاد العام للعمال الموريتانيين، والنقابة الوطنية للمعلمين، ومنتدى المنظمات الوطنية لحقوق الإنسان، والجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان، ومنظمة إنقاذ العبيد ومعظم أحزاب المعارضة.  

وعلى الصعيد الدولي أعطى اتحاد المحامين العرب الوضع ما يستحقه من عناية، فبادر بإيفاد النقيب بوراوي لتقصي حقائق ما حدث.

وأصدر المجلس الوطني لهيئات المحامين الفرنسيين بيانا بتاريخ 31 يوليو قال فيه إن مبادئ الحرية، وسرية التصويت لم تحترم، واستنكر حضور قوى الأمن شاكية السلاح لعمليات التصويت، وقيام فئات سياسية بممارسة الضغط على الناخبين، وأعلن مساندته للمرشح الوحيد المنتخب بصورة شرعية النقيب محفوظ ولد بتاح، وأهاب بالسلطات الموريتانية أن تعترف به نقيبا شرعيا حفاظا على وحدة واستقلال الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين. وحذت هذا الحذو منظمات واتحادات وهيئات دولية وإقليمية مثل  الاتحادية الدولية لحقوق الإنسان، ولنعمل معا من أجل حقوق الإنسان، وهيئة المحامين في ليون ـ فرنسا، والاتحاد الدولي لهيئات المحامين ذات التقاليد المشتركة C.I.B واللجنة الدولية للحقوقيين... والبقية تأتي.

إن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين، إذ يعلن هذه الحقائق للملأ، ليعرب عن شكره وامتنانه لكافة هيئات المجتمع المدني، والصحافة الوطنية، والمواطنين على هبتهم لنصرة حق المحامين ، كما يشكر كافة المنظمات العربية والدولية، التي وقفت إلى جانب المحامين الموريتانيين، ودافعت عن حقوقهم ووحدة واستقلال هيئتهم. ويوجه نداء مهيبا إلى كل المنظمات والهيئات والدول المحبة للحرية والعدل والحق طالبا منها الوقوف إلى جانب الشرعية، وممارسة كافة الضغوط على السلطات الموريتانية من أجل احترام اختيار المحامين، واستقلال ووحدة هيئتهم التي هي آخر مؤسسة محترمة في المجتمع المدني، والتي يشكل استقلالها ضمانة جوهرية لاحترام حقوق الإنسان في موريتانيا.

 

نواكشوط في 20/9/02

مجلس الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين.