اللجنة العربية لحقوق الإنسان

ARAB COMMISSION FOR HUMAN RIGHTS

COMMISSION ARABE DES DROITS HUMAINS

 

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations

تقرير بعثة منظمات حقوق الانسان العربية

 الى لبنان

 من 8 إلى 15 آب/ أغسطس 2006

 

اللجنة العربية لحقوق الانسان / فرنسا

المجلس الوطني للحريات / تونس

جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان / مصر

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff - France

Phone: (33-1) 4092-1588  * Fax:  (33-1) 4654-1913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu


 

مقدمة

في بداية عدوانها الوحشي على لبنان قامت الطائرات الاسرائيلية بقصف مطار بيروت الدولى وفرضت الدولة العبرية حصارا جويا وبحريا وبريا على لبنان، وعلى مدار شهر ونيف أغارت اسرائيل على الطرق والجسور والكبارى التي تربط المدن والقرى اللبنانية ببعضها البعض كذلك قصفت الطائرات الاسرائيلية كافة الطرق البرية بين لبنان وسوريا. الامر الذى تسبب فى تقطيع أوصال الدولة اللبنانية واعاقة إمكانية التنقل بصورة طبيعية بين ربوعه او الى خارجه مما اثر بشكل كبير على توفر المواد الأساسية للبقاء وأعاق عمليات الاغاثة. لقد استهدفت القوات الاسرائيلية البنيات التحتية لدولة لبنان، فقصفت البلدات والقرى ودمرت مناطق سكنية بكاملها واجبرت اكثر من مليون مواطن على النزوح واللجوء والتشرد، وسقط اكثر من الف قتيل 40% منهم اطفال وأكثر من أربعة الاف جريح. كما قصفت مبانى ومقار تابعة للجيش اللبنانى، والهوائيات الخاصة بالاتصالات الهاتفية، ومحطات الارسال التلفزيونية. واستهدف القصف المستشفيات وسيارات الاسعاف وعربات الدفاع المدني وفرق الانقاذ وقوافل الاغاثة الانسانية، ولم تسلم البيئة من التخريب حيث تلوثت الشواطئ اللبنانية من جراء قصف خزانات وقود محطات توليد الكهرباء في الجيه (30 كلم من بيروت). وعليه، سيحتاج هذا البلد لسنوات لإعادة إعمار ما دمره العدوان الاسرائيلى فى شهر واحد حيث تقدر الخسائر بعدة مليارات دولار، هذا اذا استثنينا الأرواح البشرية التي لا تعوض والآثار الجسدية والنفسية لهذه الحرب والتي قد لا تمحى.

 

لقد ارتكبت اسرائيل ببربرية غير مسبوقة جرائم حرب جسيمة حسب أحكام اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والبروتوكولين الملحقين بها، ولم تعر أهمية لمبدأ تناسب القوة أو التمييز بين المدنيين والمسلحين أو احترام قوافل الاغاثة والطواقم الطبية أو توفير الامدادات الغذائية والدوائية او ضمان المستلزمات الأساسية. تشمل جرائم الحرب التى ارتكبتها اسرائيل فى عدوانها على لبنان الانتهاكات الجسيمة لهذه الاتفاقيات مثل القتل العمد والمعاملة اللاانسانية وتعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو الصحة، إضافة لإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات الخاصة للدولة وللاشخاص المدنيين. كذلك الانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة كتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين والذين لا يشاركون في الأعمال الحربية وضد مواقع مدنية لا تشكل أهدافا عسكرية وضد المباني والوحدات الطبية والمركبات المستخدمة في مهام حفظ السلام والمساعدة الانسانية  وامدادات الاغاثة الانسانية كالمواد الغذائية والادوية، أو الحاق أضرار واسعة النطاق وطويلة الأجل بالبيئة، وقصف القرى والمدن والمباني والمساكن العزلاء، والابعاد القسرى للسكان المدنيين، وتعمد توجيه ضربات ضد المستشفيات وأماكن العبادة والآثار التاريخية وهناك شكوك قوية حول استخدام الأسلحة السامة أو المحظرة دوليا.

من وجهة نظر سياسية، وصف القرار 1701 بأنه "أفضل الممكن" أخذا بعين الاعتبار موازين القوى الدولية والمناخ الدولي السائد قبل شهر من الحرب. فقبلته الدولة اللبنانية وحزب الله واسرائيل، إلا أن هذا القرار يحمل ضعفا بنيويا أساسيا قائما على تغييب جريمة عدوان مع كل ما يترتب على ذلك من تحديد مسئوليات قضائية دولية وتعويضات. فقد تجنب القرار النص صراحة على مطالب لبنان في حقه كاملا على أرضه، وغابت عنه جريمة العدوان تماما، ولم يتطرق بشكل واضح وصريح للدمار الذى احدثته الآلة العسكرية الاسرائيلية، ولا للمسؤولية القانونية عنه ولا للأسرى والمختطفين اللبنانيين فى سجون إسرائيل ولا للتعويض على الخسائر. مع ذلك تم القبول به من أجل حقن الدماء ووقف ويلات الدمار.

لكن يبقى أن لبنان، الذي خسر بشريا واقتصاديا وعمرانيا، ربح صموده وتضامن شعبه وشعوب العالم المحبة للعدل والسلام. والمطلوب الآن من اللبنانيين أن يعرفوا كيف يكملون معركة بناء الوطن بتوحدهم وتآزرهم. ولاشك فى أن الهبة الشعبية في الدول العربية عدلت من تعامل النظام العربي الرسمي مع العدوان على لبنان.

نأمل فى ان يكون الدفاع عن النفس والأرض، بشكل يجمع بين البسالة والكرامة الذى قدمته المقاومة اللبنانية، مقدمة لبداية عهد جديد في العالم العربي تتأكد فيه الصلة العضوية بين الوطنية والمواطنية، بين التحرر وتوفير الحريات الأساسية، مع التأكيد على حق الشعوب فى تقرير مصيرها وفي الحياة الحرة والكريمة وفي مواجهة الظلم والقهر والاستهتار والغباء والحقد...

 

 

بعثة منظمات حقوق الانسان العربية الى لبنان

أغسطس 2006

ملخص تحركات البعثة

 

اليوم السابع والعشرون للحرب "الثلاثاء 8 آب/أغسطس"

التقى فى دمشق بعد وصولهم اليها مساء الثلاثاء اعضاء بعثة منظمات حقوق الانسان العربية السيدة سهام بن سدرين الناطقة باسم مجلس الحريات - تونس، الدكتورة فيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان - باريس والدكتور أيمن عياد منسق البرامج بجمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان – مصر، ووضعوا خطة للتحرك المشترك. انتقلوا بعدها للقاء بعض نشطاء حقوق الانسان في سوريا حيث دار حوار حول أوضاع حقوق الانسان فى هذا البلد حيث سبق وجرى اعتقال بعض نشطاء المجتمع المدني كما وتمت مصادرة جريدة المشهد السورى الالكترونية منذ اسبوعين، وغيره من تطورات تلت خروج الجيش السوري من لبنان وواكبت العدوان على لبنان. كما تركز الحوار على تطورات الحرب وتأثير ذلك على سوريا والموقف من تطوراتها، حيث  يسود تخوف من حقبة ما بعد الحرب واحتمال حدوث تصفية حسابات بين مختلف القوى اللبنانية ومن يساندها خارجيا. تناول استعراض الوضع التضامن الشعبى السورى مع الشعب اللبنانى والمواقف العربية المختلفة.

 

اليوم الثامن والعشرون للحرب "الأربعاء 9 آب/أغسطس"

صباح الاربعاء توجهت البعثة إلى لبنان الذي قصدته اثر تنسيق بين عدة جمعيات عربية التقت قبلها بعدة أيام في مصر وقررت ايفاد ثلاث بعثات متتالية لتقصي الحقائق وتوثيق جرائم الحرب ولاستكمال ملفات رفع الدعاوى في جرائم الحرب. قصدت البعثة لبنان في مهمة تضامنية مع ابناء هذا البلد الذي تعرض لآلة التدمير الإسرائيلية الوحشية بدءا من 12 الشهر الفائت. وحاولت توثيق جرائم الحرب عبر الالتقاء بالمتضررين والجرحى والنازحين إضافة لبعض جمعيات المجتمع المدني الناشطة ووسائل الاعلام، كما سعت للحصول على بضع توكيلات من ضحايا بهدف اجراء متابعات قضائية للمسؤولين عن جرائم الحرب السادسة على لبنان.

انطلقت السيارة من دمشق الى بيروت الساعة 9.30 صباحا سالكة طريق حمص طرابلس مروراً بنقطة عبور الدبوسية-العبودية ". كانت الشاحنات التى تحمل مواد الاغاثة بانتظار السماح لها بالمرور الى لبنان ومنها من حمل اشارات "اطباء بلا حدود" أو الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر الاسكندنافي الخ. وكان يتم تفريغ الشاحنات الكبيرة المتوقفة على جنبات الطريق ليصار لتعبئتها فى أخرى صغيرة تلافياً لقصفها. الازدحام لم يكن كبيرا رغم ضيق طريق العبور وتحول السيارات اليه بعد ضرب طريق المصنع الدولي. كان الداخلون للبنان أقل بكثير من الخارجين منه وأقل من المعتاد بالتأكيد، بينهم لبنانيون وعرب وأجانب (مواطنون إلى جانب رجال صحافة واعلام ومنظمات مدنية). الطريق إلى بيروت كان شبه خالي من السيارات بسبب تعطل الكثيرين عن العمل واقفال محالهم وأشغالهم وبسبب تدهور الوضع الأمني والتعرض للقصف في أي وقت وبدون انذار أو معرفة بالمكان الذي يمكن أن يقصد، وأيضا وخاصة بسبب ارتفاع اسعار الوقود الطريق وعدم توفره. كانت الجسور الأساسية المؤدية لبيروت من جهة الشمال وبدءا من الحدود السورية قد قصفت لأيام خلت بهدف منع استلام حزب الله للسلاح عن طريق سوريا، لكن ذلك أعاق كثيرا وصول معونات الاغاثة الانسانية إلى لبنان وقلص من حرية حركة اللبنانيين. كان هنالك مزارع زيتون محترقة، والعديد من السيارات والشاحنات المتعطلة أو المحطمة على جانبي الطريق، وقد توفي وجرح العديد من المدنيين كما أشارت لذلك وكالات الانباء التي تابعت الأحداث ساعة بساعة. وكان عشرة أشخاص قد قتلوا عندما أغار الطيران ثلاث مرات على الجمارك اللبنانية طريق المصنع الدولي. المسافة التي تفصل سوريا عن بيروت لم تكن تستغرق في الأحوال العادية أكثر من ساعتين أو ثلاثة بما فيها التوقف على شرطتي المرور لكن كون الطريق قديم وبسبب قلة استعماله وعدم صيانته منذ وقت طويل فقد تتطلب اجتيازه عناء ووقتا مضاعفا. وصلنا بيروت الساعة 5 مساء حيث عمدنا لعدم اضاعة الوقت وللاتصال بعدة أطراف، وأجرينا لقاءا مساء مع الاستاذ أحمد كرعود، مدير المكتب الاقليمى لمنظمة العفو الدولية في بيروت.

 

اليوم التاسع والعشرون للحرب الخميس 10 آب/أغسطس

انطلقت البعثة الساعة العاشرة صباحا بعد ترتيب مع المسؤول الإعلامي فى حزب الله لزيارة الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وكان أن تفقدنا مظاهر الخراب والتدمير الذى خلفته الالة العسكرية الاسرائيلية واستمعنا لشروح مرافقنا الذي أطلعنا على طبيعة المكان الذي نزوره والمسمى بالمربع الأمني للمقاومة والذي يضم أبنية سكنية ومحال تجارية كما يحتوي على مكاتب للمقاومة وقناة المنار. اثناء الجولة التفقدية عاودت الطائرات الاسرائيلية قصفها لنقاط قريبة، فتم اخراجنا من المكان على وجه السرعة حفاظا على سلامتنا. وقد ضمت هذه الجولة أطرافا عديدة معظمها يعمل لوسائل اعلام محلية ودولية.

بغية الاستفادة القصوى من الوقت المتبقي بحوزتنا، توجهنا الى منطقة الشياح لمعاينة اثار القصف الاسرائيلى الذى تسبب فى انهيار ثلاث عمارات سكنية على رؤس قاطنيها وفقدان 56 شخصا ومن دون انذار، حيث لم يكن يتوقع لهذه المنطقة التي تحتوي على تعدد طائفي أن تستهدف. وقد حصلنا وبالصوت والصورة على بعض الشهادت الحية من شهود عيان واهالى واقارب بعض الضحايا منهم امرأة وزوجها فقدا ابنتهما الحامل وزوجها وحفيدتهما عندما قدموا لزيارتهما في ذلك المبنى، وكانا ينتظران الحصول على رفات ابنتهما التي ما زالت تحت الأنقاض وحيث كانت أفراد فرق الدفاع المدني، الذين يعملون دون توقف وينامون في سياراتهم ليبقوا على اهبة الاستعداد لأي طارئ، يحاولون العثور عليها لانتشالها.

كان لنا بعد ذلك موعد مع رئيس بلدية الغبيري التي تضم 25 ألف مواطن عدا المهجرين الذين نزحوا لها والمخيمات الفلسطينية..

انتقلت البعثة بعد ذلك لتفقد احد المحال التجارية الضخمة "بيروت مول" والذى اتخذ ملجأً للنازحين من قرى الجنوب اللبنانى ومن الضاحية الجنوبية لبيروت حيث جرت مقابلة المختار المسؤل عن الملجأ وبعض النازحين الذين هربوا اليه.

بعد ذلك جرت زيارة مستشفى "الحياة " بمنطقة الشياح وتم مقابلة المدير المسؤل بالمستشفى وبعض الناجين من القصف الذين مازالوا يتلقون العلاج وجرى توثيق شهادتهم بالصوت والصورة. منهم امرأة فقدت توأمها بعد طول معاناة للحمل بهما وبدت شديدة التأثر بما حل بها وغير راغبة في التحدث عما أصابها.

في نهاية اليوم الثاني كان لنا لقاء مع مسؤولة جمعية الهدى التي شرحت لنا ظروف عملها والمتطوعين معها من أجل توزيع المساعدات على النازحين الذين يعنون بهم. وهم منذ بدء الأحداث 1700 عائلة موزعة على ثلاث مدارس وفي بيوت.

خلال تجوالنا هذا النهار، لاحظنا أمام أزمة البنزين المستشرية تقنين التحرك بالسيارات وكثرة استعمال الدراجات النارية. الشوارع والمقاهى والاماكن السياحية بدت خالية، وكان اقفال المحال التجارية يتم باكرا - قبل السادسة مساء - بسبب انخفاض حضور الموظفين ولتأمين العودة للمنزل باكرا. كمالاحظنا المحلات التجارية في منطقة الحمرا المكتظة بالحركة عادة شبه خالية رغم أنها تعرض البضائع بتخفيضات هائلة تراوحت من 40% الى 80%. لم يزدهر في هذه الفترة على ما يبدو سوى تجارة فرش الاسفنج والمصابيح الكهربائية بالبطاريات والشموع نظرا لتكرار انقطاع الكهرباء.

 

اليوم الثلاثون للحرب الجمعة 11 آب/أغسطس

تم الانطلاق صباحا لزيارة مكتب اللجنة الدولية للصليب الاحمر ببيروت حيث قابلت البعثة المسؤول السياسى بالمكتب الذي تحدث عن الصعوبات التى تواجه عمل اللجنة الدولية مثل اعاقة اسرائيل لجهود الاغاثة التى تقوم بها اللجنة الدولية بالجنوب اللبنانى. وقد افاد بوجود قرى محاصرة تماما بما ينذر بحدوث كارثة انسانية محققة اذا استمرت الحرب اكثر من ذلك. كما افاد بوجود حالات تفشى لبعض الاوبئة نتيجة لتلوث مياه الشرب وعدم اخلاء الجثث.

إثر ذلك انتقلت البعثة للمشاركة فى لقاء "الوفود العربية الشعبية" بدعوة من تجمع الروابط واللجان حيث شاركت ممثليها بكلمة أعربوا فيها عن تضامنهم مع الشعب اللبنانى وطالبوا بالمساعدة في العمل على ملاحقة المسؤولين فى اسرائيل عن ارتكاب جرائم الحرب.

تحركت بعد ذلك البعثة للقاء مسؤول في تحرير جريدة النهار الللبنانية وتم استعراض الوضع من جوانبه السياسية خاصة.

بعد ذلك تم لقاء مع مجموعة "صامدون" حيث تعرفت البعثة على الجهود الجبارة التى تبذلها منظمات المجتمع المدنى في لبنان من اجل رفع المعاناة عن المواطنين المتضررين من العدوان الاسرائيلى. وهي تهتم ب12 ألف شخص موزعين على 31 مدرسة وحديقة الصنائع. تجربتها بدأت قبل بدء العدوان للعمل على فلسطين وما لبثت أن تحولت لمساعدة النازحين بعد 12 تموز.

 بالتأكيد لكل وضع خصوصياته، ولكن لهؤلاء النازحين وضع خاص، وهو رغم كل شئ وكل الجهود المبذولة، النوم في العراء تحت أنظار المارة، حيث فقدت الحميمية التي تحفظ الإنسان من أن يصبح في وضع أليم كهذا مجرد مشهد لعابر سبيل. خاصة وأن المنطقة التي استقبلتهم تحوي تناقضات صارخة من ناحية البنيان الضخم وسكانه الأثرياء الذين يقطنون بمحازاة هذه الحديقة.

فى نهاية اليوم انتقلت البعثة الى مقر الصليب الاحمر اللبنانى حيث جرى لقاء المسؤول الاعلامى الذى تحدث عن الامكانيات المتوفرة لدى الصليب الاحمر اللبنانى والصعوبات التى تواجهها فرق الانقاذ والاسعاف. واثناء الاجتماع بمقر الصليب الاحمر اللبنانى وردت انباء عن قصف احدى سيارات الاسعاف بمنطقة تبنين وفقد الاتصال بطاقم الاسعاف. وكان المسؤول قد اطلعنا على المهمات التي يقومون بها في هذا الظرف العصيب وعلى عدد العمليات وعلى استهداف سيارات الاسعاف وأطقمها للقصف من قبل الآلة الحربية الإسرائيلية مشددا على الاستهداف المقصود لفرقه وعلى اعتبار ذلك وبدون أي مدعاة للشك جريمة حرب حسب اتفاقيات جنيف، وقدم لنا الأدلة على ذلك.

 

اليوم الواحد والثلاثون للحرب السبت 12 آب/أغسطس

في اليوم الأخير، تمت زيارة المستشفى العسكرى الميدانى المصري بالقري من مقر الجامعة العربية ببيروت وجرى لقاء المدير الطبى المسؤول عن المستشفى والتعرف على الجهود المبذولة لتقديم الخدمة الطبية للمواطنين. كذلك جرى تفقد الاقسام المختلفة بالمستشفى ومقابلة بعض الجرحى. إثر ذلك انتقلت البعثة لزيارة مستشفى رفيق الحريري الجامعى واجريت مقابلة مع مسئولة العلاقات العامة بالمستشفى، ثم تم تفقد المصابين والجرحي من جراء القصف الاسرائيلى وأخذت شهاداتهم الحية. بعدئذ انتقلت البعثة لمقابلة مدير هيئة الدفاع المدني اللبناني الذى امدنا بالمعلومات المتوفرة عن حجم الخسائر وعدد الضحايا، كما تم استعراض جهودها فى تقديم اعمال اطفاء الحرائق والاغاثة واخلاء الجثث والجرحى وتلبية احتياجات النازحين من مياه الشرب والادوية.

فيما بعد تمت زيارة مقرات وزارة الصحة ونقابة الاطباء ووزارة الداخلية، تلتها زيارة النصب التذكاري لضحايا مذبحة قانا 2 بساحة الشهداء والمشاركة بالتجمع التضامني الذي دعت له عدة جمعيات.

كذلك تمت زيارة مدرسة في منطقة الحمرا تضم نازحين تعمل مسؤولة جمعية الهدى مع متطوعين على الاهتمام بأطفالهم، وكما في مدارس أخرى، عبر اجراء نشاطات متعددة تشعرهم بالأمان وتساعدهم من خلال الرسم والكتابة وغيره للتعبير عن ذواتهم والتنفيث عن كربتهم ومكنوناتهم. وقد تطورت الفكرة لقراءة القصص وكتابة رسالة للعالم، كما يقومون الآن بتكوين ضيعتهم لتعزيز ارتباطهم ببلدهم والتربية المواطنية وما قبل النزوح وبعد العودة مرورا بهذه التجربة الحالية.

وترى أم أطفال التقيناها على حدى أن الأطفال كانوا في البداية قلقين ومختلفين عما عهده أهلهم الذين لم يستطيعوا استيعابهم، لكن الوضع تبدل بعد حين حيث بات الأطفال مرتاحين للناشطات الاجتماعيات. وقد عبر بعض الأطفال عن أنفسهم بوجودنا من خلال الغناء والرسم والنقاش.

تبع هذه التحركات فى نهاية اليوم زيارة مسرح المدينة الذي يضم أيضا نازحين وحيث التقينا بمسؤول فيه حدثنا عن الصعوبات التي تعترض سبيلهم في مواجهة التحديات. وقد تواترت فى نهاية اليوم أنباء عن التوصل لقرار من مجلس الأمن يقضي بوقف العمليات العسكرية على ان يسرى يوم الاثنين 14 آب/أغسطس الساعة 8 صباحا.

 

اليوم الثاني والثلاثون للحرب الأحد 13 آب/أغسطس

العودة إلى دمشق كانت أيضا شاقة نظرا لقطع الطريق الذى اتينا منه عبر نقطة الحدود الدبوسية-العبودية وقد اضطررنا لسلك آخر طريق بري متبقي بين لبنان وسوريا وهو طريق "العريضة"، علماً بأن الطائرات العسكرية الاسرائيلية قد حاولت قطعه أيضا بالإغارة على أحد جسوره في اليوم السابق الساعة 7 صباحا و 12 ظهرا.

فالخطوط البرية بين لبنان وسوريا:

1- خط المصنع الدولى اللبناني وجريدة السورية "تم قطعه نهائياً"

2- خط الهرمل من حدود حمص – القصير – بعلبك "تم قطعه نهائياً"

3- خط الدبوسية – العبودية "تم قطعه نهائياً".

4- خط العريضة – حمص "اخر طريق برى متبقى وتم قصفه اكثر من مرة"

فى هذا اليوم الذي غادرنا فيه لبنان، كان قد مر  على العدوان أكثر من شهر. وبعد مشاورات ماراثونية وصدور قرار مجلس الأمن 1701 القاضي بوقف الأعمال الحربية، عاد الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع لتقصف من جديد في عمليات متكررة بحيث أصيب العشرات بين قتيل وجريح. وكأن ما لم يحسم على الساحة السياسية كان هناك من طرف اسرائيل رغبة عارمة بحسمه عسكريا. وذلك بانتظار ساعة الصفر لوقف كامل العمليات العسكرية صباح يوم الاثنين على أن يتم وقف دائم لاطلاق النار في مرحلة انتقالية. 

 

اليوم الاخير الاثنين 14 آب/اغسطس

في دمشق بقيت اثنتان من الفريق ليوم اضافي عملتا خلاله على التعرف على وضع اللاجئين الى سوريا من خلال زيارة المدينة الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي والتي حرصت على أن تعطي صورة مثلى لها باستقبال من لجأ اليها. لقد قدم النازحون اليها بشكل عشوائي ومن كل المناطق بعد توجيههم اليها من على الحدود. استقبلت المدينة الجامعية حوالي 7000 شخص على دفعات لم تبقى الثلاث دفعات الأولى منها سوى أيام معدودات بدعوى ترحيلها لأوروبا من قبل سفارات بلدانها وكانت مؤلفة من 800 الماني تبعها 800 دانماركي ثم 400 برازيلي. هؤلاء كانوا مغتربين قدموا للبنان لقضاء الصيف ولم يكونوا راضين على اقامتهم في هذا المكان بسبب الامكانيات المتواضعة وعدم توافر المستلزمات في البداية، لكن تم تأمينها فيما بعد. كان هناك نقص في التجهيزات الكهربائية والمراوح، وقد افتتحت قاعة تلفزيون وقدمت غسالات وسيارة اسعاف مع طاقمها الطبي. كما قدمت جامعة دمشق القسم الطبى خدماتها لمعالجة المحتاجين. وتم توفير طبيب بشكل مستمر اضافة لمستوصف وصيدلية مع دواء مجاني. كذلك تم تلقيح الأطفال دون سن السادسة من قبل وزارة الصحة السورية وجرى تأمين مصروف جيب لكل فرد الى جانب توفير الغذاء والكساء. وقدمت رحلات للأطفال ووضع النادي الرياضي بدمشق في خدمة اللاجئين الى جانب تأمين خط اتصال تليفونى مباشر للاتصال بلبنان وبقية الدول العربية. وتضم المدينة الجامعية حاليا 1600 شخص موزعين على مبنيين مكونين من 205 غرفة لكل مبنى. وكانت المباني تنتظر اعادة تأهيلها خلال عطلة الصيف والصفوف لم تعد صالحة للتدريس.

عند وصولنا كان هناك احتجاج من قبل بعض النسوة على سوء توزيع الحاجيات حيث لم يستلمن حصتهن من اللباس وبقين بنفس الملابس منذ مجيئهن. لقد بدا اللاجئون لموظفي المدينة مشوشون نظرا لظروف انتقالهم للبلد المجاور ولقلقهم على عائلاتهم التي تركوها بلبنان. كما أنه يبدو أن بطاقة التموين كانت تعطى لمن لديه هوية أو اخراج قيد، لكن ما العمل لمن هرب دون حمل اوراقه وبلباسه فقط؟ لم يسمح لنا بالتصوير حيث كان علينا الحصول على اذن بذلك من السلطات المختصة..

بدا لنا التعاطف مع النازحين كبير وكأنهم دفعوا ثمن مواجهتهم لاسرائيل نيابة عن باقي العرب، لذا كان الشعور بوجوب مساعدتهم كبيرا. لكن يجب القول أن هذا الالتفات إليهم كان بغالبه من جانب الفضاء غير الحكومي حيث ساهم بمساعدتهم التجار واتحاد الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر وشركتي الخليوي وأيضا العائلات السورية التي استقبلت منهم اشخاصا في بيوتها. وهناك من قدم مساعدات مالية كبيرة ولم يشأ اعطاء اسمه. الأطراف التي تعنى بهم في هذا المركز هم من ادارة المدينة واتحاد الطلبة. لم يتصل أي طرف دولي بهم، لكن هيئة دعم المقاومة تتابع أوضاعهم.

 

منظمات دولية

مكتب منظمة العفو الدولية ببيروت

تم ترتيب لقاء مع الاستاذ أحمد كرعود "مدير المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية ببيروت" وجرى نقاش حول الاوضاع الجارية. وقد ذكر بعدم ثبوت استخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة دولياً وعدم  ثبوت وجود صواريخ أو أسلحة فى بيوت او منازل المدنيين التى قصفتها الطائرات الاسرائيلية . واعتبر ان تهديد المواطنين عبر القاء الطائرات الاسرائيلية بالمنشورات التى تطالب المواطنين بالخروج من بيوتهم بمثابة تهجير قسري للسكان وانتهاكا للقانون الانساني الدولي. وقال ان اسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب ممثلة فى قصف المطارات المدنية – قصف محطات الكهرباء – قصف الكبارى والجسور- قطع طرق المواصلات - قصف هوائيات الاتصال المدني – قصف مقار المحطات التليفزيونية – قصف محطات الوقود المدنية – قصف عربات الصليب الأحمر- قصف عربات الدفاع المدني – قصف البيوت والمنازل السكنية. كما اعتبر تعمد استهداف الطيران الحربي الاسرائيلي للمدنيين اللبنانيين بمثابة جرائم حرب، وكذلك استهداف المدنيين فى اسرائيل من قبل الصواريخ التى اطلقها حزب الله على المدن الاسرائيلية حسب القانون الانسان الدولي، وقرر ان المطروح حالياً فقط هو تفعيل القانون الانساني الدولي. كذلك قال : نحن فى منتصف أغسطس وهناك أزمة حقيقية لأن المدارس على الأبواب وعبر عن وجود مشكلة سياسية تتمثل فى ان 80 – 90 % من النازحين هم "شيعة" جرى توزيعهم فى نسيح طائفي أخر (سنة – دروز – موارنة) بالرغم من وجود حالة من التضامن التى لا غبار عليها بين كل اللبنانيين فمثلا السيد وليد جنبلاط قال "لا أريد لأى نازح أن يجوع". وقال السيد احمد كرعود ان عددا كبيرا من اللبنانيين قد لجأوا إلى سوريا "حوالي 200 الف نسمة". وهناك مشكل سياسي حقيقي فيما بعد توقف الحرب مع وجود مخاوف من اندلاع حرب أهلية، فهناك خلاف حول الاسباب التى ادت لنشوب الحرب. والنتائج السياسية لتلك الحرب غير معروفة ، فإذا انهزم حزب الله او انتصر لا أحد يدري ماذا ستكون عليه الأوضاع. وعلى ذلك يوجد اجماع حول النقاط السبع التى طرحتها الحكومة مؤخراً. وعن اسعار الوقود قال ان صفيحة البنزين "20 لتر"  كانت تكلف 23500 ليرة لبنانية ارتفعت رسميا إلى 25000 لبنانية وهى الآن تباع فى السوق السوداء ما بين 30000 – 40000 ليرة لبنانية. وعن جهود الاغاثة تحدث قائلا :" يقوم كل حزب من الأحزاب السياسية بتولى مسئولية توفير الاحتياجات للنازحين فى عدد من المدارس، وهناك شكاوي من عدم وصول المعونات كاملة وبعض تلك المعونات يصل ناقصا، ولا يخفى على احد وجود توتر سياسي ملحوظ "تحت المنضدة". وافاد بأن مجلس الامن لا ينتظر منه سوى موقف سياسي كونه خاضع لمصالح الدول الكبرى، ورغم ذلك فهناك احتمال خروج قرار من مجلس الأمن قريباً يتضمن ( انسحاب القوات الأجنبية مع عدم الاشارة لـ"إسرائيل" من كامل التراب اللبناني وارسال قوات الأمم المتحدة "اليونيفيل" إلى الجنوب اللبناني ). وهناك تقارير تقول بأنه إذا لم يوفر قرار مجلس الأمن 90% من مطالب إسرائيل فإنها ستتدخل عسكرياً فى الأراضي اللبنانية حتى نهر الليطاني.  

 

مكتب اللجنة الدولية للصليب الاحمر

تمت مقابلة الاستاذ كريم المفتى المسؤل السياسى بمكتب اللجنة الدولية للصليب الاحمر الذي افاد بقيام المكتب فى بيروت بتجنيد جل جهوده من اجل مواجهة الاوضاع الكارثية التى نجمت عن العدوان الاسرائيلى على لبنان. يعد مكتب بيروت ثانى اكبر ساحة عمليات على مستوى العالم بعد السودان ويتوفر لدى المكتب كافة وسائل الدعم اللوجستى والكوادر البشرية، كما ويوجد حاولى 45 موظف اجنبى وحوالى 100 لبنانى بالمكتب وكلهم محترفون. لكنه اشار الى ان قطع طرق المواصلات بين سوريا ولبنان قد اثر بشكل ملموس على تقديم المساعدات الانسانية للمتضررين من الحرب وان الطريق المتبقى لايصال المعونات هو الطريق البحرى من لارنكا بقبرص الى صيدا او صور مباشرة. كما افاد بان اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولى تتولى تأمين دخول فرق الصليب الاحمر اللبنانى الى قرى الجنوب المحاصرة لاخلاء الجرحى الى المستشفيات. وتتمثل الصعوبات التى تواجهها فرق الاغاثة التابعة للصليب الاحمر الدولى فى غلق المطار والحصار البرى والبحرى والجوى المفروض على لبنان بالاضافة الى استهداف شاحنات وقوافل الاغاثة التابعة للصليب الاحمر الدولى من قبل الطائرات الاسرائيلية فى حالة عدم الحصول على الضوء الاخضر بالمرور، وهو ما يعطل وصول المعونات الى المحتاجين. وهناك شبكة من الاتصالات والجهود الديبلوماسية يجرى توفيرها لضمان سلامة القوافل، وغالبا ما يمنع اعطاء الضوء الاخضر لتلك القوافل من قبل السطات الاسرائيلية. فمثلا ظلت قوافل الاغاثة التابعة للصليب الاحمر الدولى لمدة 12 يوما تحاول الدخول الى قرية حولة المحاصرة فى الجنوب اللبنانى رغم المساعى اليومية للسماح لها بذلك. أما بخصوص قوافل الاغاثة التابعة للجمعيات ومؤسسات المجتمع فهناك معلومات حول استهدافها بالقصف. وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولى قد طلبت مرارا من السلطات الاسرائيلية ضرورة التمييز بين الاهداف المدنية والاهداف العسكرية وطالبت باحترام الحد الادنى من المبادئ الانسانية. يعمل الصليب الاحمر الدولى على الوصول الى النازحين المقيمين لدى الاسر والعائلات لتوصيل المعونات لهم. وهو جهد كبير نظرا لصعوبة حصر عددهم. وقد بلغ اجمالى عدد النازحين 700 الف لبنانى، وهناك حالة من التعاون المشرف بين المنظمات اللبنانية العاملة فى جهود الاغاثة.

يبذل رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولى جهوده بالاتصال بالمسؤلين فى اسرائيل ولبنان للتنسيق من اجل  ايصال المعونات العاجلة الى قرى الجنوب المحاصرة. وهناك اشاعات عن وجود حالات فساد تشوب عملية توزيع المعونات الانسانية على النازحين، حيث يباع جزء من تلك المعونات فى السوق السوداء. وقد اشتكى عدد من النازحين من عدم وصول المعونات كاملة اليهم، ويرى البعض ان الهيئة العليا للاغاثة "الحكومية" مسؤلة عن جزء كبير من ذلك الفساد. وحول ما تردد عن استخدام اسرائيل للاسلحة المحرمة دوليا فى عدوانها العسكرى على لبنان، اكد مخاطبنا على وجود معلومات متوفرة فى هذا الصدد وان هناك جمعيات تعمل على ذلك. كما ان هناك اختبارات وفحوصات تجرى على بعض الجرحى والمصابين للتحقق من الامر والموضوع يتابع عن كثب. وفى حالة التثبت من ذلك، سيتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحق اسرائيل ولكن للآن لم يتثبت الصليب الاحمر اللبنانى بالدليل القاطع من استخدام اسرائيل للاسلحة المحرمة دوليا.

  

منظمات ومؤسسات لبنانية

 

حول عمل جمعيات المجتمع المدني والتنسيق مع الحكومة اللبنانية هناك من يرى أن هذه الحرب كانت تتطلب حالة استنفار أكبر من بعض الوزارات المعنية للاشراف على العمل الاجتماعي. لقد تمت الاستعانة بالجمعيات في البداية لكن التنسيق بين هذه الوزارات وبين المجتمع المدني لسد الثغرة لم يستمر، في حين أنه كان المطلوب التنسيق بين الهيئة العليا للإغاثة وتلك الجمعيات. هذه الهيئة لم تقدم ما كان يفترض منها خاصة وأن المسؤوليات في المناطق التي قصدها النازحون قد تضاعفت وحيث كان هناك صعوبة في تأمين مقومات الصمود والحياة من من مواد تموينية  وغذائية وأدوية. كما أن هناك فوضى وعشوائية في عملية توزيع المساعدات. وتلحظ رحاب مكحل ناشطة في الفضاء غير الحكومي أن النازحين موجودين في كل الأماكن العامة. والاهتمام بالمدارس لا بأس به لكنه غائب عن البيوت التي تضم عائلات نازحة. وهي تطالب بالاهتمام بالأطفال بشكل خاص وتشكو من عدم وجود ممر لإيصال المساعدات، كما ترى أن العدوان يطرح مشاكل لما بعد. كذلك تتحفظ على عمل جمعيات حقوق الإنسان التي كان عليها تسليط الضوء بشكل أكبر على العدوان من أجل ايقافه، خاصة في ظل هذه الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان والتي لا تتطلب الكثير لرصدها. وتشدد على ضرورة التنسيق والرقابة على التوزيع من أجل الاستفادة من المساعدات بشكل أفضل. يبدو أن وكالات الأمم المتحدة قد تلقت حوالي 8 ملايين دولار بعد نداء لجمع 155 مليون خلال 3 أشهر. ومفوضية شؤون اللاجئين اعتمدت خط تموين جوي لمواد الإغاثة وطرق نقل بحرية. كما واصلت جمعيات المجتمع المدني جهودها لتقديم العون للنازحين وتلقيح الأطفال ضد الشلل والحصبة وللقيام بنشاطات ترفيهية.

 

 

الصليب الاحمر اللبنانى

تم لقاء المسؤل الاعلامى بالصليب الاحمر اللبناني حيث قام باطلاع البعثة على الامكانيات والقدرات المتوفرة للصليب الاحمر اللبنانى سواء الموارد المادية او البشرية. وأكد انه تم استنفار كل القوى الميدانية من فرق اسعاف وشباب واعلام وبنوك للدم واموال ووضع 2500 مسعف فى كل المناطق اللبنانية موزعين فى 48 مركز تواكبهم 3 غرف عمليات و 200 سيارة اسعاف تتحرك يوميا فى الميدان بالاضافة الى 100 سيارة لتلبية مهام الاغاثة الاخرى. وقال "قمنا باخلاء الجرحى والمصابين وتامين الخدمات الطبية، وبعد تصاعد وتيرة العنف بدأت فرق الاسعاف فى المساهمة فى جهود الاغاثة وتوصيل المؤن والاغذية للمواطنين فى المناطق التى تتعرض للعمليات العسكرية. وقد تطوع 1500 شاب جامعى فى جهود الاسعاف. وعلى صعيد عمليات الاسعاف فقد تمكنت فرق الاسعاف الاولى من تامين عمليات الاخلاء منذ بدء الحرب فنقلت ما يقرب من 265 قتيل من اجمالى عدد القتلى الذى تجاوز الالف بالاضافة الى 798 جريح ومصاب ونفذت  5642 مهمة طارئة، غير المهام العادية التى يقوم بها الصليب الاحمر اللبنانى. وقد تعرض الصليب الاحمر اللبنانى للقصف المباشر. ففى قانا مثلا تعرضت سيارتى اسعاف كانتا تقومان باخلاء الجرحى لقصف الطائرات الحربية الاسرائيلية واصيبت احدى السيارتين بشكل مباشر حيث اخترق الصاروخ وسط علامة الصليب المرسومة على سطح السيارة وبطريقة مقصودة لان القصف تم على مرحلتين حيث اصيب فى المرحلة الاولى ستة من رجال الاسعاف وثلاثة من المواطنين. ولما جاءت مجموعة اخرى للتأكد من ان الجرحى ما زالوا على قيد الحياة تم قصفهم ايضا.

ومن اهم الصعوبات التى تواجه عمل الصليب الاحمر اللبنانى غير قصف الطائرات الاسرائيلية هى تقطيع الطرق المؤدية الى المناطق والقرى والبلدات. وليس هناك من طريق صالح للعمل، فمثلا لم نستطع الوصول الى المبنى الذى تم قصفه فى مجزرة قانا 2 لاسعاف الجرحى الا بعد ساعة ونصف من ابلاغنا صباحا، علما بان القصف قد جرى فى الليل. وفى بعض الاحيان لجأ رجال الاسعاف الى استخدام جذوع الاشجار للعبور عليها والوصول الى المناطق المنكوبة. وقد تلقى الصليب الاحمر اللبنانى معونات ومواد اغاثة من الهلال الاحمر الكويتى، الهلال الاحمر الاماراتى، الهلال الاحمر الليبى، الهلال الاحمر السعودى، الهلال الاحمر التركى، الهلال الاحمر القطرى، الهلال الاحمر الايرانى. أما الصليب الاحمر الايطالى، والصليب الاحمر القبرصى، واليونيسيف فقد اعلنوا عن رغبتهم فى ارسال المعونات. كما افاد المسؤل باستشهاد احد عناصر الصليب الاحمر اللبنانى وجرح واصابة العشرات اثناء قيامهم بتأدية واجبهم الانسانى معتبرا ان ما قامت به اسرائيل يعد جريمة حرب.

 

نقابة الاطباء

تمت زيارة مقر نقابة الأطباء والاتصال بالسيدة سوزان هايداموس "مديرة الشئون العامة بالنقابة" التى أفادت بوجود 1000 قتيل وما بين 5000 – 6000 جريح، كما أفادت بقيام النقابة بتخصيص خط ساخط "Hot Line" لاستقبال البلاغات من المواطنين. وقد عقد نقيب الاطباء اللبنانى مؤتمرا صحفيا فى بيروت يوم 22 تموز/ يوليو 2006 جاء فيه " فى اليوم العاشر للعدوان الإسرائيلي الذى لم يوفر الأطفال والشيوخ والذى قطع أوصال الوطن وحال دون القيام بالمهمات الإنسانية من قبل المؤسسات المحلية والعالمية، اضافة إلى صعوبة رفع الجثث من تحت الأنقاض مما قد يؤدي إلى كارثة انسانية وتفشي الأوبئة والأمراض، لذلك نطلق صرخة عالية مدوية إلى المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية من أجل العمل على وقف المجازر ووقف إطلاق النار فوراً تفادياً لكارثة انسانية ولكي تتمكن الجهات المعنية بالقيام بواجباتها. وفى الأيام الماضية، تم الاتصال بنا من قبل أطباء يعملون فى منطقة الجنوب اللبنانى أفاداوا بوجود جثث متفحمة وغير محترقة إضافة إلى مواد تخترق الجلد والعضل دون أثار خارجية وقد تم أخذ عينات (24 عينة) مجهزة لإرسالها إلى جهات دولية موثوقة من أجل التأكد من ماهية الأسلحة التى تستخدم والتى هي خارج إطار الأسلحة الكلاسيكية ونحن نطالب كنقابة أطباء معنية بالدفاع عن حياة الناس بالكشف السريع عن نوعية الأسلحة المستخدمة".

وقد اعلنت نقابة الاطباء عن تأسيس خلية عمل هدفها المساعدة فى عملية الاغاثة وتأمين الأطباء إلى كافة المناطق اللبنانية، كما وحيت النقابة صمود الأطباء ونقابتهم فى خدمة المواطنين خلال العدوان الإسرائيلي الذى يتعرض له الوطن. واعلنت عن تشكيل لجنة تكون مهمتها :

- الاتصال بالجمعيات الأهلية والإنسانية من أجل تنسيق الجهود.

- التنسيق مع المؤسسات الرسمية الحكومية والمساعدة فى أعمال الاغاثة.

- التنسيق مع النقابات الصحية المعنية من أجل تقديم الخدمات اللازمة.

- فتح حساب خاص من أجل التبرع بغية تلبية الحاجات.

- فتح خط ساخن على مدار 24 ساعة

- التنسيق مع اتحادات الأطباء العربية والنقابات الدولية.

- اسقبال المساعدات العينية الطبية وتوزيعها على المحتاجين.

 

جمعية الهدى

التقت البعثة بمسؤلين فى جمعية الهدى بمنطقة الحمرا ببيروت التي تهتم بنحو 1700 عائلة تم نزوحها منذ بداية الحرب حيث جرى توزيعها على ثلاث مدارس حكومة وعدد من البيوت. وقد لفتت المسؤولة عن الجمعية الدكتورة نجلاء نصيرالأنظار إلى أنه قلما انتبه العالم لهؤلاء النازحين في البيوت في حين أنها تضم اعدادا كبيرة من الأشخاص في مساحات قليلة جدا. ففي منزل واحد مثلا كان هناك حوالي الـ 60 نازح علاوة على الاقارب والاصحاب الذين يتم استقبالهم بالترحاب رغم ضيق اليد. في مراكز النزوح تلك بات الاستحمام أمرا صعبا حيث تندر المياه والمواد الضرورية مما ادى الى بداية انتشار بعض الامراض الخاصة بالصحة العامة مثل الاصابة بالقمل والجرب وتبذل الجهود لمعالجتها سريعا. وتوزع جمعية الهدى اسبوعيا على العائلات الحفاضات وحليب للأطفال ومعلبات الطعام والبقوليات ومواد التنظيف التى توضع فى الاكياس ويتم تجهيزها على مدى يومين بعد أن يتم شراؤها فى مدى يومين ثم توزع خلال ثلاثة أيام على المحتاجين بواسطة 50 متطوعا من الشباب والشابات. إلى جانب ذلك تقوم مسؤولة هذه الجمعية بالتعاون مع بعض المتطوعين باعطاء الفرصة للأطفال للتعبير عن مشاعرهم والتنفيس عن مكنوناتهم من خلال الرسم وحصص الالعاب لإشعارهم بالأمان. وتطورت الفكرة لقراءة القصص وكتابة رسائل للرأى العام والضمير العالمى. كما يشرف المسؤلون بالجمعية على تأهيل الاطفال لتعزيز ارتباطهم ببلدهم عبر حصص ودروس فى المواطنة وشرح الاسباب التى ادت الى نزوحهم وفترة ما بعد العودة. وترى احدى الامهات ان الأطفال كانوا قلقين ومختلفين عما عهدته وأن اهلهم لم يستطيعوا استيعابهم، لكن الوضع تبدل بعد فترة وجيزة حين باتوا مرتاحين للناشطات الاجتماعيات فى الجمعية. وقد عبر بعض الأطفال عن أنفسهم خلال فترة زيارتنا بالغناء والرسم والنقاش والحوار. ويبقى سؤال هام حول الاثر والمدى الذى ستتركه تلك الاحداث على تكوينهم النفسى؟ وإلى أي درجة سيجدون - بمعزل عن هذا الاهتمام المؤقت عندما يتوفر- من يلتفت لطفولتهم ويواكب بناء شخصيتهم؟ وإلى أي مدى سيستطيع الأهل تلبية حاجاتهم وهل سيستطيعون أن يشكلوا الحاضنة الآمنة في ظل ما عرفوه من دمار وقتل وتشريد؟ هذه الأسئلة تطرح نفسها بالحاح على سائر المجتمع اللبناني المعني بأجياله الشابة التي هي من سيرفع على كاهله لبنان الغد. ذلك كي لا تتنامى ردود الفعل العنفية التي هي نتيجة منطقية لما يوجه للطفل من أذى وعنف جسدي أو نفسي.

 

تجمع صامدون

توجهت البعثة الى زيارة بناية زيكو بمنطقة سبيرز ببيروت، حيث مقر مجموعة الاغاثة "صامدون". وهى عبارة عن تجمع يضم 15 منظمة من منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان والحريات اللبنانية بالاضافة الى عدد من المجموعات السياسية اليسارية وطلاب الجامعات، وقد تأسست المجموعة فى يوم 12  تموز/يوليو حيث كان هناك ترتيب لاعتصام تضامنى مع الشعب الفلسطيني والاعتداءات التى تجرى لسكان قطاع غزة، وبعد ورود أنباء عن اندلاع الحرب فى الجنوب اللبناني تحولت القوى المشاركة فى الاعتصام إلى حركة "صامدون"  www.samidoun.org . تهتم الحركة بحوالى 10 او 12  ألف نازح موزعين على 31 مدرسة بالاضافة الى النازحين فى حديقة الصنايع والمسارح والمنازل. وقد حدثنا باسم شيت المنسق العام للمجموعة التى تتكون من عدة وحدات عمل لتسهيل المهام وعدم مركزية القرار. وعن مصارد التمويل قال ان التمويل يأتي من تبرعات فردية وشخصية بالاضافة الى عدد من الجمعيات والمنظمات الاهلية فى داخل او خارج لبنان. أما بخصوص حملات الاغاثة، فافاد بان الهيئات الدولية للاغاثة غير موجودة بشكل كافى كما يوجد تقصير فى عمل "الهيئة العليا للاغاثة" التى انشأتها الدولة لمواجهة اثار الحرب. كما يوجد موقف تمييزى اثناء توزيع مواد الاغاثة على المواطنين. وهى عموما غير موجودة بشكل فاعل. وافاد بوجود نقص فى امدادات الاغذية التى تقدم للنازحين، بالرغم من توافر معلبات التغذية. وقد سهلت وحدة المخزن امداد النازحين بالاغذية، كما تم انشاء مطبخين مركزيين لتقديم الوجبات الساخنة للنازحين، وتم تأسيس وحدة للعناية بالاطفال والامهات النازحين على المستوى الاجتماعى والنفسى. كذلك انشأت وحدة للرعاية الصحية تهتم بمتابعة الحالة الصحية فى اماكن تجمع النازحين وخاصة فى حالة تفشى اوبئة او عدوى جماعية، ووحدة العمليات المعنية بالاستجابة لطلبات وشكاوى النازحين، ووحدة المتطوعين من طلاب الجامعة اضافة الى وحدة المعلومات. وقال المنسق العام ان جهودهم تنصب بالاساس لتلافى حالة الفوضى الناجمة عن الحرب من حيث تكدس السلع والاحتياجات الاساسية للناس فى المخازن فى الوقت الذى لايستطيع هؤلاء الناس تلبية احتياجاتهم. والشئ الاساسى هو تأمين احتياجات الناس النازحين. أما عدد الشباب المنخرط فى جهود المجموعة فهو غير ثابت لكنه فى حدود 300 شاب. وتحدث عن الصعوبات التى تواجه عمل المجموعة حيث لاتتوفر الاموال اللازمة اذ تقدر الاحتياجات الاسبوعية بحوالى 75 الف دولار، ويجرى التنسيق من اجل الوفاء بتلك الاحتياجات من خلال اللجنة التنسيقية لمنسقى الوحدات كل يومين. وتأتى ندرة المياه على رأس المشاكل التى يعانى منها النازحون ويجرى التنسيق مع اليونيسيف من اجل توفير المياه. وقد لاحظت البعثة اثناء زيارتها لمقر صامدون اكياس الملابس والاقمشة والاحذية التى تم تلقيها كتبرعات من المواطنين.   

 

                                 هيئة الدفاع المدنى اللبنانى

قابلت البعثة مدير هيئة الدفاع المدني اللبناني العميد طيار درويش حبيقة بمكتبه – تجدر الاشارة الى اشتراك مدير الدفاع المدني بنفسه فى عملية إطفاء الحرائق التى اندلعت فى مطار بيروت من جراء القصف الاسرائيلي فى أول أيام الحرب حيث تم استخدام 17 عربة اطفاء لإطفاء تلك الحرائق وكانت خزانات الوقود بالمطار تحتوي على 15 مليون لتر كيروسين - وقد تم استعراض الجهود التى يقوم بها الدفاع المدنى اللبنانى خلال الحرب واطلعت البعثة على بعض البيانات الخاصة بمهام رجال الدفاع المدنى على النحو التالى :

قام الدفاع المدنى اللبنانى خلال شهر حزيران / يونيو بـ  4217 مهمة اطفاء و 2858 مهمة اسعاف وانقاذ، وخلال شهر تموز / يوليو قام بـ  3133 مهمة اطفاء و 3988 مهمة اسعاف وانقاذ بالاضافة الى توزيع المياه للنازحين بمعدل 150 مهمة يومياً بواقع حوالي 12.000 مهمة خلال شهر يوليو. وقد بلغ معدل توزيع المياه فى الفترة من 20 إلى 31 تموز/ يوليو 1470 مهمة حيث فى كل مهمة يتم توزيع حوالي 10 الاف لتر مياه شرب. وعن موارد هيئة الدفاع المدنى قال العميد أن قوة الدفاع المدني اللبناني تبلغ 620 عربة ومركبة و 900 موظف، معظمهم من كبار السن يساندهم 4500 متطوع. ويتم تنفيذ ما بين 400- 500 مهمة يومية بين إطفاء حرائق واسعاف وإخلاء ونقل الجرحي والشهداء ورفع الانقاض ونقل المياه إلى النازحين ومدهم بالمؤمن والأغذية والأدوية. ويوجد فى لبنان 7 مناطق " محافظات" (بيروت : منطقة واحدة، الشمال: منطقتين، البقاع: منطقة واحدة، جبل لبنان: منطقتين، الجنوب اللبناني: منطقتين ) كما يوجد حوالي 80 محطة وقود بلبنان.

احصائيات وأرقام من مقر إدارة الدفاع المدني اللبناني

حتي يوم السبت 12/8/2006

1182 قتيل، 40% منهم أطفال

3800 – 4000 مصاب وجريح

950.000 نازح داخلي

150000 – 200000 مهاجر

28 عربة تابعة للدفاع المدني تم قصفها

19 سيارة اطفاء تم قصفها

8 عربات اسعاف وجيب تم قصفها

 

تقدر كلفة الخسائر المادية بحوالى  3.6 مليار دولار امريكى على النحو التالى :-

1             مليار دولار                  كلفة النقل والطرق الكبارى والجسور والاتصالات

2.4          مليار دولار                  المساكن والمؤسسات

220          مليون دولار                 المصانع والمنشآت الصناعية

12           مليون دولار                 قصف محطات الوقود

10           مليون دولار                 قصف المنشآت العسكرية

 

البيئة

تم تلويث الشواطئ اللبنانية بعد ان قصفت الطائرات الاسرائيلية خزانات الوقود بمحطة توليد الطاقة بمنطقة الجية بجنوب بيروت، حيث تسرب من 10 الاف الى 15 الف طن من الوقود الثقيل الى مياه البحر. مما ادى الى تلوث مياه الشواطئ بطول 100 كيلومتر. وهى مشكلة كبيرة ستكلف مائة مليون على الأقل لتنظيف الشاطئ وبمشكلة لمن يعتاش من صيد السمك واستهلاكه ولصناعة السياحة التي هي مورد أساسي للبنان.

 

قصف المستشفيات

جرى ارتكاب جرائم حرب بحق العاملين فى المستشفيات واسعاف الجرحى. وقام الطيران الحربى الاسرائيلى بالقصف المباشر لمستشفى صلاح غندور بمنطقة بنت جبيل مما اوقع عددا من الجرحى بين الفريق الطبى بالمستشفى. كذلك قام الكوماندوز الاسرائيلى بعملية انزال عسكرى على مستشفى دار الحكمة بمنطقة بعلبك، كما تم قصف مستشفى بمنطقة تبنين..

 

استهداف قوافل الاغاثة

استهدفت اسرائيل قصف الممرات الامنة للام المتحدة، ومنعت الصليب الاحمر من الدخول الى مناطق المتضررة فى الجنوب اللبنانى، كما منعت شاحنات الاغاثة الانسانية حيث تعرض البعض منها للقصف المباشر.

 

استهداف مراكز هيئة الدفاع المدنى

قامت الطائرات العسكرية الاسرائيلية بقصف 14 مركزا للدفاع المدني اللبنانى حيث تم تدمير 6 مراكز بشكل تام ( مركز صور - مركز بعلبك - مركز الطيبة - مركز بنت جبيل - مركز الخيام - مركز عيتة الشعب )، كما تم قصف 8 مراكز قصفا مباشرا اثر على كفائتهم (مركز العباسية - مركز مركبة - مركز راشية الفخار - مركز العبدة - مركز شحيم - مركز النبطية - مركز الغبيرة - مركز الحيصة ). كذلك اصيب او جرح 58 عنصراً من عناصر الدفاع المدني منهم : 11 موظف و 47 متطوع،  10 منهم اصاباتهم بالغة بالاضافة الى استشهاد فرد واحد من أفراد الدفاع المدني المتطوعين.  

 

ارقام الضحايا المصابين فى بعض المجازر التى ارتكبتها القوات الاسرائيلية

حسب بيانات الدفاع المدني يوم السبت 12 آب/أغسطس

 

مجزرة قانا 30  تموز/يوليو

قتل فيها 28 مواطن مدنى وجرح 11 بالاضافة الى 4 مفقودين ويتوقع وجود 10 أشخاص تحت الانقاض،

مجزرة مستودع القاع للفواكه 4  آب/اغسطس  

قتل فيها 24 مواطن مدنى وجرح  13، مات بعضهم فيما بعد،

مجزرة الشياح 8  آب/اغسطس  

قتل فيها 47 مواطن مدنى وجرح 75 بالاضافة الى 1 مفقود "إمراة"،

مجزرة الغازية

قتل فيها 12 مواطن مدنى وجرح 27، 

مجزرة كفريا بالبقاع الغربي 11 آب/اغسطس    حيث قصفت الطائرات الاسرائيلية موكباً لنازحين مؤلف من 1200 سيارة،

1- الجرحي المدنيين فى مجزرة كفريا                       

رائف زيتون - جوليان علبة - ميشيل كميل عون - فياص حنا دعبس - على مرتضى سلامة - سليمان كامل ظمطح - سلامة محمد سلامة - عبير لبيب عبلة - فواز عطا الله.

2- الجرحي من قوات الأمن فى مجزرة كفريا

ملازم/ نبيل غانم - مجند / سلامة حرب - معاون أول/ محمد ابراهيم - رقيب/ شادي الاسمر.

3- الجرحي من الجيش اللبناني فى مجزرة كفريا

العقيد/ فارس متينة - الرائد/ جابي كتور - معاون أول/ اسماعيل اسماعيل - العريف/ على الورداني - سليمان على غصن - رشاد رستم - فراس الأحمر - سماحة ايوب - سامي ياسين - نزار أبو غانم - البير سلوم - موسى شمص.

 

 

جريدة النهار

تم زيارة مقر جريدة " النهار"  اللبنانية حيث جرى لقاء الاستاذ جهاد الزين الذى تحدث عن وجود جدل سياسي داخلي فى لبنان بخصوص "حزب الله" وعن الاسباب والظروف التى ادت لاندلاع الحرب على لبنان، كما ذكر وجود موقف بعض القوى السياسية منذ عام 2000 التي طالبت بضرورة انخراط حزب الله بالعملية السياسية وتسليم سلاحه، وقال انه لابد من الاخذ بعين الاعتبار بحساسية الموقف اللبنانى فيما يخص المسالة الطائفية وانه لابد من الدفاع عن مدنية الدولة وعدم التفريط فى الانجازات التى تم تحقيقها حتى الان. كما واشار لوجود مخاوف من وجود توتر طائفى الان وهناك احتمالات بتطور الاوضاع الى حرب اهلية بعد ان تضع الحرب اوزارها اذا لم تتعامل كافة الاطراف اللبنانية بمسؤلية.

 

الجرحى

مستشفى بيروت

زارت البعثة مستشفى "رفيق الحريري الجامعي "بيروت الجامعي (سابقاً) وجرى لقاء مسئولة العلاقات العامة بالمستشفى حيث افادت باستقبال المستشفى لـ 1215 حالة مصاب وجريح منذ بداية الحرب حتى يوم 10/8 منهم حوالي 20 مصاب وجريح فى مذبحة الشياح. وقد جرى لقاء الجرحى الذين مازالوا محجوزين بالمستشفى لاستكمال العلاج وتم اخذ شهادتهم الحية وتسجيلها بالصوت والصورة كما تم الحصول منهم على توكيلات قانونية لاقامة الدعاوى القضائية ضد المسؤلين الاسرائيليين لقيامهم بارتكاب جرائم حرب ومن هؤلاء الجرحى :-

 - المواطن : كامل الخطيب، من كفر شوبه على الحدود اللبنانية الإسرائيلية – نزح إلى منطقة صيدا فور اندلاع الحرب، وكان فى بيروت فى ضاحية الشياح عندما القت الطائرات الاسرائيلية منشورات لإجبار المواطنين على ترك منازلهم. وقد قال كامل "أنا رأيت المناشير على التليفزيون، قلت لأخي هيا بنا نهرب، كنا على الطريق من بيروت لصيدا، أغارت علينا الطائرات الاسرائيلية فقدت الوعى ولا أدري ماذا حدث بعد ذلك. أستعدت الوعى على قوات الدفاع المدني وأفراد الصليب الأحمر اللبناني وهم يحملونني ويتوجهون بى إلى المستشفى. أنا كنت راكب عربتي الملاكي وكانت الساعة حوالي 3 أو 4 عصراً، أنا متزوج وعندي ستة أبناء وأعمل موظف بشركة "أمانة كير".

التشخيص : كسر بالذراع الايسر، كسر بالركبة اليمنى، كسر بالكاحل الايمن مع وجود تجمع هوائى على الرئة اليسرى وتم تركيب انبوبة صدرية.

- المواطن : على ابراهيم سليم، عمره 30 عاما، اعذب كان يعد للزواج بعد شهرين. من الحولة قضاء مرجعيون، كان مع اهله بالمنزل يصلى، بينما كانت اخته بالمطبخ تجهز لهم العشاء عندما قامت طائرة اباتشى اسرائيلية بقصف المنزل بصاروخ دخله فاصيب هو اصابات بالغة واصيب عدد من افراد اسرته. دخل الى مستشفى مرجعيون يوم 16تموز/يوليو وتم تحويله إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي فى 20 تموز/يوليو. رقم الملف الطبى : 1021041، التشخيص : حروق شديدة بانحاء متفرقة من الجسم والوجه.

- المواطن : معن على سعد، دخل الى المستشفى يوم  20 تموز/يوليو،  رقم الملف الطبى :  1021047، احد اقارب على ابراهيم سليم. التشخيص : اصابة بالعين اليمنى ادت لفقدان البصر مع وجود كدمات ورضوض بالظهر والساق اليسرى.

- المواطنة : خلايق على محمود، عمرها 71 عاما، "من برج البراجنة"، اصيبت من جراء قصف الطائرات العسكرية الاسرائيلية يوم الجمعة الموافق 4 آب/اغسطس بينما كانت عند احد الجيران الساعة الخامسة مساء. ففقدت الوعى واستعادت وعيها لتجد نفسها تحت ركام القصف. رقم الملف الطبى : 1022464 ، تاريخ الدخول للمستشفى 14  تموز/يوليو 

التشخيص : اصابات وكدمات وجروح متعددة بانحاء متفرقة من الجسد.

- الطفلة : سماح سعيد شهاب، عمرها تسعة سنوات ونصف، اسم الأم : أمينة محمود، من ضيعة معركة بقضاء صور، اصيبت بقصف صاروخى على الشارع يوم 23 تموز/يوليو، تاريخ الدخول للمستشفى 26 تموز/يوليو،  رقم الملف الطبى : 1021477، التشخيص : جروح متعددة وحروق متفرقة بالطرفين بالساقين والذراعين.

 

مستشفى الحياة

توجهت البعثة الى مستشفى الحياة "الخاصة" التي استقبلت 25 جريحا ومصابا فى مجزرة الشياح نتيجة لقصف الطائرات الاسرائيلية لاحدى البنايات السكنية. وكانت اقفلت بعض المستشفيات الأخرى بسبب قصف المنطقة. تنوعت الاصابات ما بين : كسور بعظام الأطراف العلوية والسفلية، اصابات وكسور بعظام الجمجمة، جروح متنوعة، رضوض، ونزيف داخلي بالبطن. من أكثر الحالات مأساوية والتى تم استقبالها بالمستشفى حالة المريضة "انعام نور الدين" التي تبلغ من العمر 41 سنة وهي متزوجة منذ 15 سنة وكان لديها مشاكل فى الحمل. أجرت عملية "تخصيب صناعي" وكانت حامل بتوأم فى الشهر الخامس، وحضرت إلى المستشفى ضمن المصابين فى مجزرة الشياح. كانت مصابة بنزيف داخلى بالبطن وأجريت لها عملية استكشاف جراحي حيث تم استئصال الطحال، كما وأجريت لها عملية اجهاض حفاظاً على حياتها لوجود استحالة لاستكمال الحمل.

المستشفى خاص ويتم استقبال حالات الاصابة وعلاج المصابين من جراء القصف على نفقة وزارة الصحة اللبنانية. تم اغلاق الثلاث طوابق العليا من المستشفى تحسباً لأى ظروف ولاستقبال الجرحي كما وضع اللوجو الخاص بالمستشفى على سطح المبنى ويتم اضائته ليلاً. لكن من الوارد جداً قصف المستشفى كما حدث من قبل فى عدة مستشفيات. طاقة المستشفى 128 سريراً بالاضافة إلى 9 أسرة للعناية المركزة و3 غرف للعمليات ويتواجد يومياً على مدار الـ24 ساعة حوالي 15 طبيب و 20 ممرضة، فى مختلف التخصصات الطبية والجراحية. تم استقبال 250 جريح ومصاب منذ اندلاع الحرب، وحضر إلى المستشفى شخص واحد كان بحالة صحية سيئة وتوفى على الفور، وهو على عاصى (50 سنة) كان مصاباً بشظية بالظهر، أصيب أثناء قصف طريق المطار، وكان يقطن بحوار كنيسة "مار ميخائيل".

المستلزمات والاحتياجات الطبية بها نقص شديد مثل أكياس الدم والبلازما والأمصال وبعض الأدوية وأربطة الشاش والضمادات الطبية وقد جاء(الخميس 10 آب/اغسطس) لأول مرة معونة تمثلت فى 10 فلاتر للغسيل الكلوي كما قام أحد الأشخاص بالتبرع ببعض الجوانتيات الطبية. وتم مقابلة "سناء على زهرة" مشرفة التمريض بالمستشفى (30سنة ) من مزارع شبعا، تعمل ممرضة بالمستشفى منذ 14 سنة وكانت مقيمة بحارة حريك بالضاحية الجنوبية وبعد قصف منزلها لم تجد لها ملجأ سوى بالمستشفى. أثناء الزيارة كان يوجد بالمستشفى مريضتين فقط بقيتا من ضحايا مجزرة الشياح.

زينب شعيطو : مصابة بكسر فى الساق اليسرى وجروح وكدمات متفرقة بالجسد والوجه، وأنعام نور الدين: نزيف داخلي بالبطن وأجرى لها عملية استئصال للطحال وعملية اجهاض لحمل فى الشهر الخامس "توأم عن طريق الاخصاب الصناعي".

 

المستشفى الميدانى العسكرى المصرى

تم مقابلة المدير الطبى للمستشفى الميداني المصري بمنطقة "الطولة" بالجامعة العربية، حيث افاد بان العمل بالمستشفى الميداني المصري بدأ فى يوم  1 آب/اغسطس الجارى. ويتم تقديم الخدمة الطبية مجاناً على مدار 24 ساعة لحالات الاستقبال ولحالات الاصابات وللنازحين. العيادة اليومية تعمل طيلة 6 أيام بالأسبوع حتى الساعة الثانية ظهرا وتتوافر جميع التخصصات (الجراحة العامة – جراحة المخ والأعصاب – العظام – الحروق والتجميل – الصحة العامة والأمراض الباطنة – الرمد والأطفال). طاقم العمل بالستشفى بكامله مصري، وتبلغ طاقة المستشفى 50 عنصر طبي ما بين أطباء وتمريض وفنيين وصيدلانيين. أما عدد الأسرة بالمستشفى 100 سرير ومزودة بغرفتين لإجراء العمليات الجراحية بالإضافة إلى غرفة مجهزة لما بعد العمليات، وغرفة للعناية المركزة، وغرف العمليات مجهزة لإجراء جميع العمليات بما فيها امراض النساء والتوليد. متوسط عدد التردد على المستشفى زاد منذ بداية العمل حتى وصل إلى حوالي 1500 زائر يومياً يقدم لهم الخدمة الطبية بما فى ذلك الفحوص والتحاليل والاشعاعات مجاناً. ليس هناك من مشكلة "طاقة" حيث تم توفير البنزين والسولار وتوجد عربة اسعاف مجهزة وعربة اسعاف عادية، كما يوجد مولد كهربائي يستخدم فى حالة انقطاع التيار الكهربائي الذى يتكرر وذلك لتلافي المشاكل والمضاعفات التى يمكن أن تحدث فى غرف العمليات وغرفة العناية المركزة. بخصوص جهود اخلاء الجرحى قال المدير: "لا يوجد لدى طاقم العمل الوقت الكافي لجهود انقاذ المصابين فى القصف الاسرائيلي ويتم الاستعانة بجهاز الدفاع المدني اللبناني لإخلاء الحالات للمستشفى". كما "يتم توفير الأدوية نظراً للنقص الشديد عن طريق الطائرات العسكرية المصرية، ورد فعل المواطنين والمسئولين اللبنانيين يتسم بالتقدير والامتنان ومعظم الأدوية للضغط والقلب والسكر. حتى الان، أي السبت 12 آب/اغسطس تم استقبال حوالي 9000 مواطن واجراء 43 عملية جراحية فى التخصصات المختلفة (جراحة عامة  - عظام – جراحة النساء والتوليد وجراحة المخ والأعصاب ) لجميع الشرائح العمرية، لكن الأطفال وكبار السن يمثلون نسبة كبيرة من المترددين على المستشفى. معظم الاصابات التى ترد للمستشفى عبارة عن كسور بالعظام وجروح وكدمات نتيجة للقصف ولظروف النزوح الاضطراري". وقد افاد بوجود تنسيق وتعاون مع وزارة الصحة اللبنانية والصليب الأحمر اللبناني وكذلك المستشفيات المحيطة مثل (مستشفى بيروت ومستشفى المقاصد)، كما يوجد تنسيق مع منظمات المجتمع المدني اللبناني مثل جمعية السكر اللبنانية، وهي جمعية خيرية، حيث تم صرف 6000 زجاجة انسولين وعلب أقرص علاج السكر للجمعية، كما تم صرف 1500 زجاجة انسولين لمستشفى "المقاصد" لتوزيعها بالمجان على المحتاجين.

 

النازحون

ملجأ بيروت مول

الملجأ عبارة عن سوبر ماركت تجارى ضخم (بيروت مول) مكون من طابقين علويين واربعة طوابق تحت الارض وبه مواقف للسيارات، يمتلكه احد المستثمرين من منطقة الخليج، وكان مقررا افتتاحة يوم الجمعة 11 آب/اغسطس. لكن بعد نشوب الحرب تحول الى ملجأ عام للنازحين اغلبيتهم من قرى الجنوب اللبنانى والضاحية الجنوبية لبيروت. مختار الغبيري "محمود فرحات" هو المسؤول عن الملجأ وقد افادنا بأن الملجأ كان يضم حوالي 357 عائلة بمعدل 2000 شخص، لكن بعد ضرب بناية الشياح اضطر بعض النازحين إلى الهرب فانخفض العدد إلى 1000 شخص تقريباً. تأتي المساعدات إلى الملجأ من عدة جمعيات أهلية، وتقوم الهيئة الصحية للمقاومة الإسلامية بتوزيع الأدوية، كما تقوم بلدية الغبيري والهيئة العليا للإغاثة بتوفير المواد الغذائية ومياه الشرب. أما المنظمات الدولية التى تقدم المساعدة للنازحين بالملجأ هى ( أطباء بلا حدود، فرسان مالطة، والرؤية العالمية world vision ، بالاضافة الى هيئة الاغاثة الاسلامية التابعة لحزب الله). وقال المختار "ان قدرة استيعاب الملجأ 3000 شخص، ونحن نسعى لعدم اكتظاظ الملجأ حتى نتمكن من تقديم الخدمة للنازحين بشكل مقبول، والملجا به نازحون من مختلف الطوائف سنة، شيعة، مسيحيون ... الخ ، وتوجد عيادة خارجية بالملجأ لتقديم الخدمة الطبية للمواطنين. ويتم يومياً استقبال 200 مريض من داخل وخارج الملجا ولكن يوجد نقص شديد واحتياج لأدوية الأمراض المزمنة كالسكر والضغط وامراض الأعصاب والقلب... الخ." النازحون بالملجأ من مناطق عدة من برج البراجنة ومن حي السلم ومن الغبيري والشياح، وبعد قصف البنايات السكنية بالشياح لجأوا إلى هذا الملجا. لقد قابلنا بعض النازحين الذين افادوا بانهم يتوقعون البقاء فى هذا المكان بعض الوقت وخاصة من خسر منهم منزله في الجنوب بسبب القصف الذي تعرض له. هم لا يملكون رؤية للمستقبل القريب وإلى أين سيذهبون وكيف ومتى سيعيدون بناء منازلهم. هذا المكان والذي كانوا يسمونه بالملجأ (ربما للجوء الناس له وليس لأنه يتمتع بخصائص الملاجئ) لم يقصده سوى غالبية من النساء والأولاد وبعض الشباب الذين أضطروا للالتحاق بعائلاتهم وأولادهم الصغار بالسن.

عند زيارة الوفد لمواقف السيارات هذا كان يضم حوالي الألف شخص ولكن لأيام خلت كان يحتوي على 1600. فالخوف من استهدافه جعل البعض ينزح منه مرة أخرى. من الجدير بالذكر أنه بعد زيارتنا للملجأ هذا رمى الطيران الإسرائيلي مناشير على مناطق برج البراجنة والسلم والشياح تدعو السكان للنزوح عنها، بحيث اضطر المسؤولون عنه لإخلائه في اليوم نفسه وارسال ساكنيه إلى شمال لبنان. وذلك في حافلات حملتهم من منطقة العدلية الواقعة على ما كان يسمى خلال الحرب الأهلية بالحدود الفاصلة بين بيروت الشرقية والغربية، والتي أوصلهم لها متطوعوا الدفاع المدني الذين التقينا بعضهم في الشياح صباح ذلك اليوم. سيدة من الذين قابلناهم في هذا المكان كانت قد لجأت إليه من منطقة الشياح بعد أن تعرضت لأول ضربة وها هي الآن وكالكثيرين غيرها الذين نزحوا تضطر للنزوح مرة أخرى لمكان آخر بسبب الاستهداف الإسرائيلي لبعض المناطق اللبنانية بعينها وبحجة أنها تحتضن المقاومة اللبنانية. لكن الجيش الإسرائيلي لم يوفر مناطق كثيرة أخرى ليس فيها أي وجود لعناصر المقاومة وكان يقصد بذلك احداث شرخ بين الشرائح السياسية والطوائف اللبنانية. وفى داخل الملجأ قابلت البعثة احد النازحين ويدعى "على قميحة " 22 سنة، طالب بالسنة الأولى بمهنية النبطية، من ضيعة كفر صير التابع إدارياً للنبطية ويبعد عنها 12كيلومتر. ويبلغ تعداد سكان الكفر حوالي 3000 نسمة ويقع فى الجنوب اللبنانى شمال نهر الليطاني الذى يمر بالضيعة. بعد اسبوع من اندلاع الحرب نزح "على قميحة" إلى منطقة الشياح مع عائلته المكونة من الأب والأم وخمسة أخوة ذكور وثلاث أخوات، حيث تم ضرب البيوت فى ضيعة كفر صير فى اليوم الثالث لاندلاع الحرب وعادة ما كانت البيوت خالية.

كانت توجد بالملجأ (بيروت مول) ايضا عائلة من ضيعة كفر صير نزحت إلى المبني الذى تم قصفه وهدمه فى مجزرة الشياح، وهي مؤلفة من الأب والأم وتدعى " سلوي خليل نسر" ويبلغ عمرها 25 سنة تقريباً ولديها طفلين: سنتين و4 سنوات بالاضافة إلى رضيع عمره أيام. وقد نزحت سلوي من ضيعة كفر صير إلى بيت أهل زوجها في البناية التى تم هدمها على رؤوس ساكنيها وتوفيت هي وأبنائها الثلاثة مع زوجها الذى كان يعمل "سائق تاكسي". وقال "على قميحة" ما زال يوجد حوالي 200 شخص بضيعة كفر صير وكلهم شباب ورجال يستطيعون تحمل قلة الغذاء والمياه وظروف الحرب، أما باقي سكان الضيعة فقد نزحوا إلى منطقة الشياح والمنطقة الشرقية لبيروت. وعن الأوضاع داخل الملجأ قال " على قميحة" بعد ساعة 11 مساء يتم التدقيق فى اجراءات الدخول والخروج من الملجأ وأفراد الأمن المسئولين عن ذلك هم تابعين لأمن مبني "بيروت مول". توجد شاشة تليفزيونية كبيرة للنازحين تقوم بعرض الأخبار والرسوم المتحركة ولما سألناه عن البرامج الترفيهية والمسلسلات والأفلام ابتسم قائلاً: ما بيصير". كما توجد مدينة ملاهي صغيرة للأطفال في المبنى ويتم توزيع المراتب والوسائد على النازحين وتوزع الملابس على النساء والأطفال. وبالرغم من وجود زحمة بالحمام الا ان الناس يقومون بتنظيم المسألة بأنفسهم. أما بخصوص الغذاء فتقدم حصة غذائية تكفي لمدة يومين او ثلاثة، وكذلك 20 لتر مياه لكل أسرة. وعندما تنفذ تصرف حصة أخرى، كما يقدم الحليب والاحتياجات الأخرى للنازحين بشكل مستمر، ويقوم الناس بغسيل ملابسهم بشكل يدوي فى الملجأ أو عند الاقارب.

 

  حديقة الصنايع

قامت البعثة بتفقد احدى الحدائق العامة التى نزح اليها المواطنون وهى "حديقة الصنايع" حيث قابلت البعثة ممثل مجموعة صامدون المسؤول عن النازحين بالحديقة، الذي قال ان عدد النازحين كان 840 شخص ارتفع الى 1480 شخص بعد ضرب منطقة الشياح وحارة حريك بالضاحية الجنوبية. وقال "نحن نحاول قدر المستطاع تلبية الاحتياجات للمواطنين بالرغم من أن الاعباء الملقاة على عاتقنا كبيرة وامكانياتنا محدودة. ونحن نتعاون مع الحملة المدنية للاغاثة وهى تجمع لعدد من المنظمات غير الحكومية فى لبنان وتعمل على غرار طريقة عمل صامدون". وقال ان هناك حوالى 40 متطوع لخدمة النازحين بحديقة الصنايع ويتقدم يوميا عدد من الشباب للمشاركة التطوعية فى جهود الاغاثة. وقد قامت البعثة بتفقد اوضاع النازحين بحديقة الصنايع حيث افترشوا الارض وقامت الاسر باستخدام الملاءات والشراشف لعمل ما يشبه الخيم حفاظا على الخصوصية. وقد شاهدت البعثة مقر الاتصال المؤقت التى اقامته المفوضية العليا لشئون اللاجئين UNHCR حيث قامت بتوفير جهاز للاتصال التليفوني عبر القمر الصناعى لكى يستطيع النازحون الاتصال بذويهم داخل او خارج لبنان. كما عاينت العيادة الطبية التى تم انشاؤها بحديقة الصنايع حيث يجرى فيها الكشف الطبى وصرف الادوية للنازحين بالمجان من قبل الاطباء المتطوعين. كذلك تم تفقد المطبخ الميدانى الذى جرى انشاؤه لتقديم الوجبات الساخنة للنازحين. وقد رأت البعثة جزءا من المعونات الغذائية التى تبرع بها الهلال الاحمر الكويتى ومنظمة اطباء بلا حدود، كذلك تم تفقد المخزن الذى يجرى فيه حفظ علب الاغذية المحفوظة وحليب الاطفال.

 

مسرح المدينة

قامت البعثة بزيارة مسرح المدينة وهو باسم "جمعية مسرح المدينة للثقافة والفنون" باشراف الفنانة نضال الاشقر حيث يتواجد بالمسرح حوالى 10 عائلات تضم حوالي 70 شخص ويشغل 281 نازح الطوابق الاخرى من المبنى. السيد محمد فرحات يعمل مهندس فني بالمسرح جاء الى بيروت قادما من فرنسا يوم 9 تموز/يوليو للإعداد لعرض احدى المسرحيات. لكن بعد اندلاع الحرب، تولى مسئولية جهود الاغاثة وتنظيم إمداد النازحين بالمسرح بالاحتياجات الإنسانية (غذاء – مياه شرب – أدوية) وهو يعمل متطوعاً مع أخيه على فرحات (موظف الأمن بالمسرح). وقد قام بإعداد برنامج ترفيهي يومي للأطفال (سينما – العاب – صلصال – رسم – حصص مطالعة بالمكتبة) اضافة الى جهوده فى مجال تقديم الدعم الانسانى وتنظيم امداد النازحين الى المسرح بالمؤن والاحتياجات الاساسية.

توزيع النازحين فى المسرح

 

 

عدد الأشخاص

رجال

نساء

اطفال

الطابق الأول فى المسرح

20

1

2

3

الطابق الاول تحت الأرض

20

7

5

8

الطابق الثانى تحت الأرض

47

15

15

17

الطابق الأول فى المبني

54

12

13

29

الطابق الثاني فى المبني

19

4

8

7

الطابق الثالث فى المبني

38

8

12

18

الطابق الخامس فى المبني

11

6

4

1

الطابق الثامن فى المبني

12

1

6

5

الطابق التاسع فى المبني

36

13

15

8

الطابق العاشر فى المبني

24

2

9

13

 

 

مقر احدى الجمعيات الاهلية

قامت البعثة بتفقد النازحين فى مقر "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني" حيث نزحت اسرة حمود من ضيعة بيت ليف بجنوب لبنان إلى الضاحية الجنوبية لبيروت. وبعد قصف الضاحية الجنوبية نزحت إلى مقر التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني. والعائلة مكونة من الاب والأم والأبناء 7 اناث (فاطمة – زينب "متزوجة من وهبه ترحينه وزوجها عبه بالجنوب اللبناني"  – مريم – نجيبة "متزوجة من محمد موسى" – فايزة-   ليلى "متزوجة من حسن حمود ومعها طفل عمره سنتين" -  غادة)  3 ذكور (على – حسن – حسين "متزوج من السيدة خديجة حميد وعنده ثلاثة ابناء : دينا ثلاث سنوات ونصف وفاطمة سبعة أشهر وعلى سنة وثمانية أشهر) ويبلغ اجمالى عدد أفراد عائلة بيت محمود المقيمين بمقر التجمع النسائي الديمقراطي 20 فرداً. ويقول الابن على محمود "بعد ضرب المطار انتقل جزء من أهلى "عائلة بيت حمود" إلى النبعة بمنطقة "سن الفيل" وبقى الجزء الآخر بضيعة بيت ليف لمدة 20 يوماً كانوا خلالها محاصرين (الأب والأخ حسين وزوجته وأبنائه والأخ حسن). وبمجرد إعلان الهدنة لمدة 48 ساعة، انتقل الجزء المتبقى من العائلة إلى مقر التجمع النسائي الديمقراطي بلبنان.

أخت زينب محمود كانت تعمل بمقر التجمع وقد عرضت عليها السيدة وداد شختورة مديرة المقر القدوم هي وأفراد عائلتها للاقامة بالمقر. حضر الجزء الاول من العائلة إلى مقر التجمع النسائي الديمقراطي يوم 17 تموز/يوليو بعد ضرب الضاحية الجنوبية والتى كانت تقيم بها العائلة، وبعد الهدنة تم لم شمل العائلة. والان يتم تلبية احتياجات الأسرة عبر التبرعات الشخصية ومن بعض الجمعيات، لكن لا يوجد انتظام فى تقديم الاعانات الغذائية والمؤن. "نحن نشكو من قلة المعونات والحصص المصروفة لنا، ويتم توفير الحليب للأطفال من بعض الجهات والجمعيات الخيرية والباقى نشتريه على حسابنا الخاص. لكن العائلة انفقت كل مداخراتها المالية على الاحتياجات الغذائية، ونحن لا ندري شيئا عن بيتنا منذ تركناه وهل تم قصفه أم لا. ويتبع المنزل قضاء "بنت جبيل" على بعد 3 ساعات بالسيارة من بيروت، لكن بيت أختى تضرر من جراء القصف الاسرائيلي ويقع بيتها فى حي "المقداد" بالضاحية الجنوبية لبيروت". ويضيف على حمود "نحن كنا فى غنى عن مد يدنا لأى أحد طلباً للمعونة، لكن ظروف الحرب اضطرتنا لذلك، ونحن مستآئين من الوضع الذى نعيش فيه ونود ان نرجع إلى بيوتنا. انا حاولت البحث عن عمل لكي انفق على الأسرة وألبى احتياجاتها، لكن لايوجد عمل فى حالة الحرب وكل المحلات مغلقة، ولا توجد فرص عمل".

 

المدارس

زارت البعثة عددا من المدارس وعاينت الاوضاع المعيشية الصعبة التى يعانى منها النازحون وخصوصا الاطفال، كما لاحظت عدم توافر الاحتياجات الاساسية مثل مياه الشرب ومياه الاغتسال وتناهى لسمعها وجود بعض الاوبئة، العائدة لانعدام وسائل الصحة العامة، مثل القمل والجرب وان كانت حالات قليلة. وتبين ان الاحزاب السياسية قد اتفقت فيما بينها على توزيع مهمة تقديم العون للنازحين بحيث يتولى كل حزب خدمة النازحين فى عدد من المدارس. لكن يردد البعض ان تلك الاحزاب تعمل من اجل كسب اصوات الناخبين. كما تواترت الشكوى من عدم انتظام تقديم مواد الاغاثة للنازحين بالمدراس.

 

جولات ميدانية لتفقد مظاهر الدمار

 

الضاحية الجنوبية لبيروت

قامت البعثة بتفقد الضاحية الجنوبية والمربع الأمني الذي اصبح اثرا بعد عين، حيث سويت بعض مبانيه بالأرض وما زال الردم في مكانه. وهي المنطقة التي كانت سابقا تحتوي على محال تجارية ومساكن وتلفزيون للمقاومة وأول مركز طبي أسس في الضاحية ... الخ. يبدو أن شباب حزب الله قد حرسوا هذه المنطقة وكانوا بالمرصاد لتجار الحرب واللصوص ولم يسمحوا بمد اليد إلى ما تناثر مع سقوط المباني من متاع وأموال ومجوهرات. لمسنا الترتيب المنظم لتحركاتهم من مرافقتنا في هذه الجولة. لكن لم تدم الزيارة طويلا وكان علينا أن نغادر المكان بسرعة حيث لم تلبث أصوات الانفجارات أن دوت في مكان غير بعيد. وقامت البعثة اثناء الزيارة بتوثيق مشاهد الدمار والخراب بالصوت والصورة كما اجرت البعثة حوارا مع المسؤلين من حزب الله عن تامين المنطقة ومع احد المسؤليين الاعلاميين بالحزب. وقد كانت رائحة الموت تنتشر فى ارجاء المكان ، كما تكشف للبعثة وحشية وهمجية العدوان الاسرائيلى حيث ان معظم المبانى المهدمة وتلك التى طالها القصف هى عمارات سكنية كان يقطنها المدنيين العزل ولا يوجد مبرر اخلاقى لمثل هذا الخرق الفاضح للقانون الانسانى الدولى ولاتفاقيات جنيف التى تنص على حماية ارواح وممتلكات المدنيين كما تنص على مبدأى التمايز ومراعاة التناسب فى العمليات العسكرية. الجريمة التى ارتكبتها القوات الاسرائيلية بتدمير البيوت والمنازل فى الضاحية الجنوبية لبيروت تستلزم محاكمة جنائية للمسؤلين عن ذلك سواء السياسيين او العسكريين الاسرائيليين.

 

منطقة الشياح / ادراة الحكم المحلى

قصدت البعثة منطقة الشياح شمال الضاحية الجنوبية، التي لم يكن متوقعا قصفها حيث انها تحتوي على كل الطوائف اللبنانية، وزارت مكانا كان أفراد الدفاع المدني، الذين يعملون دون توقف ويناموا في سياراتهم ليبقوا على اهبة الاستعداد لأي طارئ، يرفعون فيه انقاض ثلاث بنايات سقطت بقصف صاروخي قبل مدة وجيزة وما زالت بعض جثث الـ 56 شخصا الذين ماتوا فيها تحت الأنقاض. كان أقارب القتلى يقفون بانتظار خبر يزف نبأ العثور علي جثثهم. ومن هؤلاء القتلى امرأة حامل "مايا سعيد" كان أفراد الدفاع المدني ما زالوا يبحثون عنها وكان والديها ينتظران بالقرب منهم تطور سير عمليات رفع الركام.  مايا كانت حامل فى الشهر السابع ومعها طفلتها 4 سنوات وكانت فى زيارة لبيت حماها، وبعد وصولها لمنزل حماها بربع الساعة وعند أذان المغرب قصف المبني السكني بثلاثة صواريخ وهدم على رؤوس السكان. أفاد الاب أنه "آخر مرة رأيت فيها مايا كان نهار السبت 5 آب/اغسطس بالضيعة بالجبل حيث كانت فى زيارة لنا فى بيت أهلها وهي كانت ساكنة بمنطقة "الناعم". مايا كانت ربه منزل وزوجها موظف بشركة خاصة. وحتى انتهاء زيارة البعثة كانت جهود الانقاذ ما زالت مستمرة ولم يتم العثور على جثة الابنة مايا بينما تم العثور على جثة طفلتها.

توجهت البعثة الى مقر بلدية الغبيرى التى تتبعها منطقة الشياح وتم لقاء رئيس البلدية التى يقع نطاقها جنوب العاصمة والمنطقة الواقعة بين المطار والعاصمة بيروت وتضم مخيمات صبرا وشاتيلا. وهى تضم 25 ألف مواطن عدا المهجرين الذين نزحوا لها والمخيمات الفلسطينية. كان له رأي بما يجري وبخاصة تحفظات على المستشفيات المدنية المقدمة من السعودية والاردن ومصر والتي بقيت في بيروت ولم يتحرك منها ولا واحدة للجنوب الذي يحتاج أكثر من غيره لهذه المستسفيات حيث الدمار طال البنى التحتية بشكل رئيسي. كما لفت النظر إلى كون المشكلة ليست مشكلة طعام وامدادات غذائية وإنما السكوت الدولي عن قطع الامدادات البرية والبحرية وعلى الحصار الذي فرض على لبنان من طرف اسرائيل. كذلك عرج على الصليب الأحمر الدولي حيث شكى من غيابه الكبير رغم المساعدات التي تقدم له. كما لفت النظر لمسألة عدم تسلم بلديته لأية مساعدة من طرف الحكومة وإنما من المؤسسات الإنسانية. ففي نقطة واحدة في برج البراجنة سقط 23 طن من المتفجرات على مسجد قيد الانشاء ولم يتم التأكد حتى ذلك الحين من نوع القنابل التي استعملت، إنشطارية كانت أو عنقودية أم يورانيوم منضب؟ وحول هذا السؤال الذي طرح على مختصين في هذا الميدان كان الجواب أن هناك عينات أخذت من المرضى وأرسلت للخارج للتحليل ولم يتم بعد رصد تلك الأسلحة المستعملة بدقة.

 

 

ملحوظة

توجهت البعثة الى مقر وزارة الصحة ولم يتمكن اعضاؤها من مقابلة احد المسؤلين نظرا لانشغال الجميع بجهود الاغاثة والاسعاف، وقد وعدتنا سكرتيرة الوزير بمدنا فيما بعد بالبيانات المتوفرة حول عدد الجرحى والقتلى والجهود التى بذلتها وزارة الصحة اللبنانية لمواجهة الكوارث التى تسبب بها العدوان الاسرائيلى على لبنان، كذلك لم تتمكن البعثة من زيارة المسؤلين فى وزارة الداخلية اللبنانية ولا المسؤلين بالهيئة العليا للاغاثة لضيق الوقت.

 

 

استنتاجات أولية

إن أول وأهم استنتاج خرجت به البعثة، هو الدور الحيوي والمتميز للفضاء غير الحكومي في القضايا الوجودية في زمني الحرب والسلم. إن كانت أية مقاومة لعدوان أو اعتداء لها شطرها العسكري، فهناك أيضا مفهوم المقاومة المدنية المتعددة الأشكال والوظائف التي تمكن المجتمع من مواجهة التجويع والقصف والوسائل اللا أخلاقية في الحروب. ها نحن اليوم نخرج من المأساة اللبنانية بدرس مفيد لكل البلدان العربية، جازمين بأن قوة وكرامة وسيادة أي بلد هي المحصلة الطبيعية لقوة المقاومة المدنية فيه. لمبادرات المجتمع المدني وحيويته وتعاطيه بالشأن العام كمعني بالحدث، من موقع المسؤولية في مواجهة الاعتداء عليه وليس فقط كضحية ينتظر من السلطات الحكومية الردع والحماية. لذا فالاعتداء على تعبيرات المجتمع المدني هو اعتداء على السيادة الوطنية والمواطنية، وتقييد نشاطاتها إنما هو تقييد للمبادرة والتوظيف الخلاق لقدرات المجتمع.

 

ثاني استنتاج، هو أن المأساتين الفلسطينية واللبنانية بينتا ضعف الثقافة الحقوقية الخاصة بالمحاسبة. فما زالت منظمات كبيرة وهامة لا تعير موضوع المحاسبة ووسائلها الأهمية التي يستحق. لذا التحركات العفوية أحيانا وغير المكتملة أحيانا أخرى التي برزت، تتطلب بناء شبكة عربية حقوقية تجمع بين الخبراء والمناضلين الميدانيين وفريق محامين قادر على المتابعة.

 

ثالث استنتاج، هو السهولة في استعمال مصطلح جرائم الحرب (وهذه النقطة صحيحة على جانبي الصراع العسكري). فقد تم رصد انتهاكات عديدة للقواعد الإنسانية الدولية مع تصنيفها جرائم حرب. وهنا يجب التنويه إلى أن القانون الإنساني الدولي ليس مثاليا وفيه نقاط ضعف كبيرة. فهناك نوعين من جرائم الحرب: نوع يعتبر انتهاكا جسيما للقانون الإنساني الدولي ولا خلاف عليه وقد قامت اسرائيل بارتكابه في لبنان من مثل:

1-تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون في الأعمال الحربية؛

2- تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية؛

3- تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة؛

4- تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو عن إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة؛

5- مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية، بأية وسيلة كانت؛

 

 

 لكن بالمقابل يبقى هناك نقاط رمادية في القانون الإنساني الدولي وهي تشمل:

 

- الأهداف المشروعة المتعلقة بالبنية التحتية خطوط ووسائل الاتصالات والقيادة والرقابة- خطوط سكك الحديد، الطرق، الجسور، الأنفاق، والقنوات- التي لها أهمية عسكرية جوهرية.

- الأهداف المشروعة المتعلقة بالاتصالات محطات الإذاعة والتلفزيون والمكالمات الهاتفية والتلغرافية ذات الأهمية العسكرية الجوهرية.

- الأهداف الصناعية العسكرية المشروعة مصانع إنتاج الأسلحة والمركبات ومعدات الاتصال للجيش؛ الصناعات المعدنية والهندسية والكيماوية التي بطبيعتها أو غايتها جوهرية عسكرياً؛ ومنشآت التخزين والنقل التي تخدم تلك الصناعات.

- الأهداف المشروعة المتصلة بالبحوث العسكرية مراكز البحث التجريبي لتطوير أسلحة الحرب ومعداتها.

 

يجب القول أن الحرب على الإرهاب خلقت تشوشا كبيرا في طبيعة وصفة المنظمات المقاتلة خارج الجيش النظامي. ولنا هنا أن نشير بسرعة إلى أن مصطلح الحرب على الإرهاب نفسه غير موجود أو مقبول في القانون الإنساني الدولي، في حين أن أشكال الكفاح المسلح المختلفة، دفاعا عن حق تقرير المصير ومقاومة المعتدي، مثبتة في القرارات الأساسية للجمعية العامة للأمم المتحدة. لذا من الضروري توضيح بعض النقاط الخاصة بتحديد الوضع القانوني لحزب الله وفقاً للقانون الإنساني الدولي:

أولا، لا تعتبر حرب العصابات بحد ذاتها غير قانونية وفق هذا القانون، ولكن على رجال العصابات اتباع القوانين نفسها التي تنطبق على جميع القوات المسلحة النظامية.

ثانيا، من الضروري ملاحظة أن حزب الله التزم بأهم متطلبات القانون العرفي الدولي، كما أن وضع عناصره المسلحة مغطى بالمادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف والبروتوكولين الملحقين بها لعام 1977.

ثالثا، هناك سؤال معقد وغير محسوم في القانون الانساني الدولي، ومن النقاط التي نسميها رمادية، يتعلق بمبدأ تاريخي اسمه حق الاقتصاص. وهذا الحق مازال قائما في مرجعية عدة بلدان غربية وإسلامية مثل بريطانيا والسعودية. كما أن إسرائيل تمارسه عندما تبرر لعدوانها على غزة ولبنان بالاقتصاص من الفلسطينيين الذين أسروا الجندي شاليط أو من حزب الله الذي أسر جنديين من عناصر جيشها. لكن بالتأكيد هذا مردود عليها كونها لم تتقيد بأحكام اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والبروتوكولين الملحقين بها، ولم تعر أهمية لمبدأ تناسب القوة أو التمييز بين المدنيين والمسلحين أو احترام قوافل الاغاثة والطواقم الطبية أو توفير الامدادات الغذائية والدوائية او ضمان المستلزمات الأساسية كما سبق وذكرنا.

فالاقتصاص في القانون الإنساني الدولي تعبير يعني نوعاً محدداً من الرد.

فكي يكون الرد اقتصاصاً لا بد أن ينفذ بغرض إجبار أو حث قوات العدو على وقف انتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي. إنه التزام ذاتي بقوانين الحرب، كون الاقتصاص لا يندرج في اطار الثأر أو العقاب، وانما لإجبار الطرف الآخر على وقف انتهاكاته. نحن نعرف من التوقيت أن قصف المدن الاسرائيلية من قبل حزب الله جاء بعد هدم الضاحية الجنوبية بشكل أساسي.

 

رجال القانون يحددون العناصر الرئيسية لـ "حق الاقتصاص" العرفي بما يلي:

*- الاستثناء (إخفاق جميع الوسائل المتوفرة الأخرى). فمجلس الأمن لم يفعل شيئا والادارة الأمريكية اعتبرت الهدم الاسرائيلي دفاعا عن النفس،

*-الإشعار (تحذير رسمي بالعمل المخطط). في أكثر من مداخلة متلفزة عبر السيد نصر الله عن الرد على العدوان بحق المدنيين للردع وعن مكانه (على حيفا وما بعد حيفا)،

*-التناسب (أن لا يتجاوز الضرر والمعاناة اللذان سيقعا على الطرف الخصم مستوى الضرر والمعاناة الذي نجم عن التصرف غير الشرعي). فعدد الضحايا المدنيين في لبنان أضعاف ما وقع عند العدو،

*-الصفة المؤقتة (وقف الاقتصاص عندما يتوقف الخصم عن انتهاك القانون). لقد توقف الاقتصاص بتوقف الطيران الاسرائيلي عن القصف.

لذا يصعب القبول بإطلاق بعض خبراء القانون وبعض المنظمات الحقوقية تعبير جرائم حرب على ممارسات حزب الله إذا انطلقنا من القواعد المعترف عليها عرفيا لحق الاقتصاص، في حين يمكن اعتبارها انتهاكا للقانون الإنساني الدولي إذا أخذنا بالرأي القائل بأن الاقتصاص يعتبر محظورا في المطلق.

وبكل الأحوال، وفي كل ما يتعلق بالانتهاكات مهما كان حجمها، من الضروري التدقيق والتوثيق من أجل الانتقال إلى الخطوة التالية وهي المحاسبة وفقا للاختصاص الجنائي العالمي في الدول التي تقر هذا المبدأ.

من هنا، دور المنظمات الحقوقية العربية اليوم على المحك أكثر من أي وقت مضى. سواء كان ذلك لتعريف الرأي العام بحقيقة ما وقع، أو بناء شبكة تضامن بين المجتمعات المدنية، أو تقدير الحاجات واستنفار الطاقات لتلبيتها، أو تعزيز ثقافة المبادرة والرد على الانتهاكات في زمن الحرب. وتدعو البعثة إلى استكمال البرنامج ببعثة توثيق ميدانية وفريق عمل حقوقي للمتابعة داخل وخارج لبنان.


 

فهرس

المقدمة          2

ملخص يوميات البعثة         4

المنظمات الدولية           8

المنظمات والمؤسسات اللبنانية            10

الجرحى           16

النازحون      18

جولات ميدانية لتفقد مظاهر الدمار          22

استنتاجات أولية           23

                 

 

منظمات حقوق الإنسان المشاركة في بعثة لبنان

 

مربع نص: اللجنة العربية لحقوق الانسان / فرنسا

 

  مربع نص: المجلس الوطنى للحريات / تونس

مربع نص: جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان / مصر