البحرين: الذوادي غادرنا مناضلاً


                                                                                           


لم يعد أبو قيس بيننا. صديق في المنفى وصديق في العودة، يغيبه المرض والحاجة له كبيرة. اللجنة العربية لحقوق الإنسان تتوجه بالعزاء إلى الحركة الديمقراطية البحرينية وتجد في كلمات منصور الجمري، صديقه وصديقنا، في المنفى والأوطان، ما يعبر عن شجون ربطت كل المناضلين العرب بالبحرين وربطت البحرين بكل الأحرار

                                             9.07.2006                                              هيثم مناع

           

                      كلمات منصور الجمري      رئيس تحرير الوسط

 

انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم أمس المناضل أحمد الذوادي (أبو قيس)، وذلك بعد أن قدم إلى شعبه ما يقدمه كل امرئ غيور وله ضمير ومبادئ سامية يؤمن بها ومن ثم يمضي عمره في تحقيقها. الذوادي بدأ نضاله منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي، ودخل السجن، وضاق مرارة المنفى، وعاد الى بلده مع كل ممن عادوا في العام 2001 مع بدء المشروع الاصلاحي الذي يقوده جلالة الملك.

ساهم في تأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية في منتصف الخمسينات مع رفاقه علي دويغر وإبراهيم جمعة ديتو وعلي مدان وجعفر الصياد ومحمد كشتي، ورضا العلوان وآخرون. اتبع هؤلاء المناضلون الطرح اليساري بهدف الوصول إلى غايات يشاركهم فيها من اتبع اطروحات فكرية أخرى، وهي مبادئ تدعو الى حماية الوطن من الاستعمار، وتمكين الشعوب من أمرها والدفع باتجاه تنمية تستفيد منها البلد وأهلها.

شارك الذوادي في النشاطات السياسية واعتقل في العام ،1964 وأطلق سراحه ليعود مرة اخرى بعد انتفاضة مارس/ آذار 1965 وبقي في السجن سنتين... ومن ثم سجن مرة اخرى في 1968 وتم ابعاده إلى الكويت... عاد الى البحرين مع انطلاقة الحياة البرلمانية الأولى في ،1973 ولكن سرعان ما طُلِبَ منه مغادرة البحرين مرة اخرى، ليختفي منها ويعود في العام ،1979 ومن ثم ليعود إلى المنفى منذ 1983 حتى العام .2001
الذوادي من الذين استطاعوا أن يتعاملوا مع الظروف المعقدة، ولذلك كان من المؤيدين للمشروع الاصلاحي وعاد ليساهم مع رفاقه في الاتجاه في اعادة تنظيم صفوفهم من داخل بلادهم وللمشاركة الايجابية... وهو بذلك ساهم في الجهود المبذولة لابراز وجه البحرين الحضاري لكي يمكن ان يتعايش مع اختلاف الالوان التي تزخر بها الساحة السياسية.

عرفت الذوادي عن بعد في المنفى، حيث كان في دمشق، وكنت في لندن، وتشرفت بزيارته مرة واحدة في منزله في منتصف التسعينات من القرن الماضي، عندما كان اسمه المتداول «سيف بن علي»... وكان كما عرفه الجميع محاورا هادئا ومدافعا عن مبادئه وساعيا الى الحلول العملية التي تساهم في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف.
وفي مقابلته مع «الوسط» في العام ،2003 شرح وجهة نظره عن المشروع الإصلاحي بالقول: «هناك الكثير من الحوادث التي جرت على الساحة المحلية وتم التعامل معها بحكمة كبيرة من قبل صاحب الجلالة... هذه الحوادث لم يتم تضخيمها أو إعطاؤها أكبر من حجمها بل تم التعامل معها بما يتوافق مع المنطق، مما يدل على التعامل مع المستجدات بعقلية بعيدة عن العقلية الأمنية التي كانت تتعاطى مع الأمور في السابق، ويمكن القول إن الوضع يختلف تماما عن سابقه، بلا شك هناك نقلة نوعية حدثت في البلاد، وهذه حقيقة يجب الإقرار بها». واختتم رأيه بالقول: «لم أندم يوما على عملي السياسي، ولم أشعر بأنني أخطأت في الطريق الذي اخترته لنفسي، ولو قدر لي وعادت السنوات بي إلى ذلك الزمن فسأختار العمل السياسي، لاشك في أن الزمن اختلف، فلقد كنا نناضل وقتها ضد الاستعمار ولتحقيق الحرية والديمقراطية، واليوم نناضل من أجل تكريس الديمقراطية»

.
الذوادي غادرنا من دون ندم، والبحرين يحق لها أن تفتخر بأبنائها الذين لا يندمون على التزامهم بمبادئهم، ويفتخرون بأنهم يخدمون مجتمعهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، وبحسب ما توصلت إليه اجتهاداتهم، ولكن المهم في كل ذلك هو الاخلاص في النية.