المرأة
في عُمان: بين
التمييز
والتسلط ولا
مبالاة
القوانين........
بسمة
الكيومي
إن أية
محاولة
للوقوف على
حقيقة أوضاع
المرأة في
عمان، تستلزم
النظر
بموضوعية إلى
مجموع القوانين
والتشريعات
التي تتناول
قضايا المرأة
وتؤطر واقعها
السياسي
والاجتماعي
والاقتصادي
في بلدٍ لا
تزال فيه
للأعراف
والتقاليد
اليد الطولى،
وهي الحكم حين
يتعلق الأمر
بالنساء، أو
الحريم، كما
في اللغة
الدارجة
والارث
الفكري. ومما يؤسف
له أن المرأة
العمانية –على
عكس نظيراتها
العربيات- لم
تتمكن من
الإنخراط في
أية تجربة
نسائية
حقوقية ناضجة
وظلت حتى الآن
بلا صوت مستقل
يعبر عن
قضاياها
الحقيقية
وبلا أية قدرة
على الضغط أو
الفعل.
وبسبب هذه
السلبية
والإحجام،
استطاعت الحكومة
استغلال قضية
المرأة
لتلميع
صورتها عربيا
ودوليا،
وأصبح تعيين المرأة
في مناصب عليا،
بشكل جماعي
أحيانا، جزء
من الدعاية
السياسية
الحكومية
والترويج للسلطة،
وكأن حقوق
المرأة وجهود
حمايتها من الظلم
الاجتماعي
والتمييز
الجنسوي
تنحصر وتختزل
في تعيين
وزيرة أو
سفيرة
ولأسباب سياسية
دعائية
معروفة.
فحكومة
سلطنة عمان
التي تضم ثلاث
وزيرات
وواحدة بدرجة
وزير، لم توقع
حتى الآن على
اتفاقية
القضاء على
أشكال
التمييز ضد
المرأة،
معتبرةً أن
للتمييز
"مبررات تقتضيها
المصلحة
العامة" كما
تقول وزارة
الإعلام
العمانية في
موقعها
الرسمي. دون
أن يوضح لنا
أحد كيف يمكن
تبرير
التمييز ضد
المرأة في مجال
الترقيات
ومنح الأراضي
وقروض
الإسكان وهو
الأمر الذي
أكدته تقارير
برنامج الأمم
المتحدة
الإنمائي ومنظمات
حقوق الإنسان.
وفي الوقت
الذي تشكل فيه
الإناث 49,5% من عدد
السكان، لا
تتجاوز
نسبتها خمس
القوة العاملة
حسب احصاءات
عام 2003 التي
تشير إلى أن
معدل دخل
الرجل يصل الى
أكثر من اربعة
أضعاف معدل دخل
المرأة. فضلا
عن التمييز
الواضح في
الحصول على مقاعد
الدراسة
الجامعية
ومطالبة
الإناث بنسب
أعلى من
الذكور
لدراسة نفس
التخصص. إلا
أنه من
الإنصاف
الإشارة إلى
أن الفتيات
لهن الأولوية
في الحصول على
السكن
الجامعي
الداخلي، حيث
لا يمكنهن
الخروج منه
إلا بتصريح موقع
من ولي الأمر،
ويستقبلن
زوارهن في
أوقات محددة في
قاعة عامة تحت
أنظار
المشرفات. ومن
المضحك
المبكي أن
البعض قد تقدم
باقتراحات لقطع
الإرسال
الهاتفي في
المدينة
الجامعية بعد
الساعة
الحادية عشر
مساء حتى لا
تستخدم الفتيات
هواتفهن
النقالة فيما
لا يصح! وهكذا
يتم التعامل
مع الفتاة
الجامعية
كمشروع انحراف
يجب مراقبته
وتقييده.
من يطالع
القوانين
العمانية لن
يفوته إدراك القصور
الهائل في
التعاطي مع
قضايا
المرأة، حيث
لا يوجد حتى
الآن قانون
واضح للتعامل
مع حالات
العنف التي
تتعرض لها
المرأة زوجةً
وبنتاً
وأختاً، وهو
أمر شائع في
المجتمع
العماني، كما
لا يوجد أي
واجب قانوني
يوجه الطبيب
لإبلاغ
الشرطة في
حالة تعرض الزوجة
لضرب مبرح من
قبل أحد
أقاربها. ومع
أن المحاكم
تنظر في مئات
الشكاوى
سنويا، إلا أن
معظمها يصطدم
بمعوقات
قانونية
وتشريعية تحول
دون إنصاف
المرأة.
فضلا عن ذلك،
لا يعترف في
السلطنة
بضحايا
الاغتصاب
الزوجي، حيث
يصر قانون
الجزاء
العماني على
اعتبار
الاغتصاب جريمة
لاتحدث إلا
خارج إطار
العلاقة
الزوجية. أي
أن المرأة
مجبرة على
اشباع رغبات
زوجها الجنسية
متى وأينما
شاء في ظل
غياب أي ضمان
يكفل لها حرية
القبول أو
الرفض. وبلا
أي قانون ينظم
تعدد
الزوجات،
وتستغل هذه
الرخصة
الشرعية أسوء
استغلال من
قبل الرجل كل
يوم في مجتمع
ذكوري يعطيه
كل الحق في
الزواج متى
شاء بدون أية
مراعاة لحقوق
الزوجة
الأولى وبدون
حتى أن يجد
نفسه مضطرا
قانونيا
لإعلامها
بذلك. وفي حالة
حصول
الطلاق، تفقد
المرأة حقها
في المطالبة
بالأموال
المشتركة
التي اكتسبها
الزوجان معا.
وعلى الرغم من
بروز هذه القضية
كمشكلة
حقيقية في
الوقت الحاضر
بعد زيادة
مساهمة
المرأة في
الإنفاق على
الأسرة وبناء
المنزل، إلا
أن القانون
لازال غير
قادر على ضمان
حق المرأة
وحماية
أموالها.
و بين تجاهل
المشرع
وتغاضي
المجتمع، تظل
المرأة عرضة
للتحرش
الجنسي في
الشارع ومكان
العمل بل وحتى
في المنزل دون
أن يكون هناك
أي قانون فاعل
يردع الرجل
ويوفر
الحماية
للمرأة التي
تجد نفسها في
معظم الأحوال
مجبرة على
الصمت خوفاً على
سمعتها في
مجتمع لا
يعترف للمرأة
بأي فضيلة
سواها، ولا
يتوانى عن
اعتبارها
المسؤولة حتى
عن الاغتصاب
فضلا عن حوادث
التحرش. فكما
تعلمنا في
المدرسة، من
لا ترتدي
حجابا تستحق الاغتصاب!!
ويزداد
الأمر سوءا
حين يكون
الفاعل أحد
أقارب الفتاة،
حيث المنطقة
المحرمة التي
لا تزال عصية
على النقاش
والعلاج،
ويكتفي
الجميع
بالإنكار والتظاهر
بأن لا شيء يحدث،
بينما تظل
الفتاة تعاني
وحدها من
الآثار
النفسية
والاجتماعية
والجسدية
التي تخلفها
هذه التجارب.
وفي الوقت
الذي يتوقع من
رجال الدين
والمربين
التدخل لعلاج
هذه المشكلة الإجتماعية
الخطيرة
وحماية
المرأة،
ينشغل هؤلاء
بالتصدي لـ
"ظاهرة" حف
الحواجب
وأحكام الحيض والجنابة.
بينما تسخر
جمعية المرأة
العمانية
إمكاناتها
لعروض
الأزياء
ودورات تنسيق
الزهور
البلاستيكية
في مجتمع ثلث
نسائه لا يعرفن
القراءة
والكتابة!!
المفارقة،
أنه في الوقت
الذي صارت - أو
بالأحرى
صُيرت - فيه
المرأة وزيرة
وسفيرة وعضوة
لمجلس
الدولة،
لازالت هي ذاتها
غير قادرة على
التصرف
بشؤونها
الخاصة، حيث
سلطة ولي
الأمر لا حدود
لها، ونفوذه
يطال كل جوانب
حياتها
كالعمل
والتعليم
والزواج والسفر.
وفي
مواجهة
أسرتها
ومجتمعها،
غالبا ما تضطر
المرأة
للاستسلام
والرضوخ
والتنازل عن
خياراتها
ورغباتها
المشروعة،
وأبسط حقوقها
كاختيار
التخصص الذي
تدرسه ومكان
عملها وحتى الزوج
الذي ستتشارك
معه حياتها. وكثيراً
ما يستغل الأب
سلطته هذه،
فيعضل ابنته
عن الزواج من
أجل
الاستفادة من
راتبها إن
كانت تعمل، أو
يتسبب في
بقاءها عانسا
بسبب المهر المرتفع
الذي يطالب به
وكأنه يبيع
جارية أو دابة،
أو يمتنع عن
تزويجها بمن
ترغب لأسباب
عنصرية وقبلية
ما أنزل الله
بها من سلطان. وفي كل هذه
الأحوال، لا
يلعب القانون
والمؤسسات الاجتماعية
أي دور ذي
قيمة لحماية
المرأة وصيانة
حريتها في
الاختيار
وتقرير
مصيرها. وبعد
الزواج تنتقل
الوصاية من
الأب إلى
الزوج، في
مجتمع يتلاعب
بمفهوم
القوامة
ويستغله
كذريعة للتسلط
وقهر المرأة
والتدخل في
أدق شؤونها
لدرجة أن
إجراء عملية
لمنع الإنجاب
في حالة الخوف
على حياة
المرأة لا
يمكن أن تتم
بدون موافقة الزوج،
وكأن المرأة
أحد ممتلكات
الرجل وظيفتها
الأساسية هي
الحمل
والانجاب ولا
حق لها في أن
تقرر كيف
تستخدم جسدها
أو تحمي نفسها
من مخاطر
الحمل
المتكرر.
إن
حصول المرأة
العمانية على
حقوقها الإنسانية
والإجتماعية
وحمايتها من
التمييز
والتسلط،
لابد وأن يكون
ضمن أولويات
الحكومة إن
كانت فعلا صادقة في رغبتها
النهوض
بالمرأة
وتحسين
أحوالها. وهذا
لا يتأتى
بالتغييرات
والإضافات
الشكلية
الدعائية، بل
بمعالجة
المشاكل
الحقيقية
التي تعيق
تمتع المرأة
بحقها
كإنسانة لها
كيانها وقرارها
المستقل
،والعمل على
توفير
الضمانات القانونية
الكفيلة بردع
أي اعتداء على
كرامة المرأة
وحريتها. هذه
المسؤولية لا
تتحملها الحكومة
فقط ، بل
المجتمع بكل
أفراده
ومؤسساته
بالإضافة إلى
المرأة،نصف
المجتمع،
التي على
عاتقها يقع
عبء مواجهة
تركة ثقيلة من
العادات
والتقاليد
التي ليس لها
من الإسلام
إلا اسمه.
8 مارس 2006