بيان المثقفين العرب والغربيين

 

في وضع عالمي  يتسم  بتصاعد المواجهة بين العالم العربي والإسلامي والغرب بشأن جملة من القضايا السياسية الساخنة، وفي جوّ مشحون بالريبة تغذيه مخاوف واتهامات متبادلة، جاءت قضية الرسوم الكاريكاتورية التي نشرت  في بعض صحف الدانمرك والنرويج، وأعادت نشرها صحافة دول غربية أخرى، لتصب الزيت على النار.

أثار ذلك موجة عارمة من الاحتجاجات الرسمية والشعبية في العديد من الأقطار العربية والإسلامية عبرت عن الغضب والاستياء لما فيها من  مسّ بالمقدسات الإسلامية. بالمقابل، ساهمت ردود الفعل هذه في تنمية مشاعر الخوف والريبة من الإسلام والمسلمين داخل البلدان الغربية، خاصة وأنها  قدمت كصراع بين قيم إسلامية ترفض تشخيص الرسول وبين قيم حرية الرأي التي تسمح بذلك. بحيث أصبح  الموضوع مطروحا كدليل جديد للتناقض المطلق بين منظومتي قيم  وبين حضارتين.

هذه الحادثة كانت الحلقة الأخيرة في مسلسل نخشى أن يتواصل ليزيد في تعميق أزمة ثقة متبادلة وسوء تفاهم مزمن قد يدفع الكثير من الأبرياء ثمنا باهظا له. 

انطلاقا من  اشتراكنا في نفس قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والاحترام المتبادل بين الأمم و إيماننا  بأن قدر الحضارات هو أن تتعايش وتتبادل أحسن ما لديها لتعطي للسلام كل فرصة وللتقدم البشري كل حظوظه، نؤكد، كمثقفين عرب وغربيين، على ما يلي:

1-إدانتنا لأي تعدي على معتقدات أي شعب أو أي دين  وإيماننا أنه من الضروري حماية الأديان  والأعراق والأقليات من كل خطاب حقد أو ترهيب أو أذى.

2- رفضنا الخلط بين الإسلام وإرهاب كان دوما، و للأسف، جزءا من التاريخ القديم والحديث ولا يختص به دين أو شعب أو عصر.

3- رفضنا كذلك وضع مسؤولية عمل، أدانته حكومات البلدان التي وقع فيها، على شعب أو بلد أو حتى  حضارة بأكملها.

4- تمسكنا بحرية الرأي كركيزة من أهم ركائز الديمقراطية وحق من حقوق الإنسان ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (البند التاسع عشر)، واعتقادنا أن عليه أن يدعم لا  أن يتناقض مع الحق في الكرامة (البند الأول) والحق في المعتقد (البند الثامن عشر) والحق في السلام، كما ورد في الديباجة. فلا وجود لحق أو حرية  في المطلق وإنما ضمن حدود احترام باقي الحقوق والحريات.

إننا نناشد وسائل الإعلام ورجال السياسة وكل المواطنين في الغرب والعالم العربي والإسلامي التنبه لخطورة التبسيط والخلط والتعميم والمزايدة. فالظرف جد حساس، وهو يفرض على الجميع التحلي بأقصى قدر من التعقل والمسؤولية، كي لا تزداد الهوة اتساعا بين الحضارتين  وحتى نستطيع تجسيرها، حفاظا على السلم والتعاون الدولي والصداقة بين الشعوب والتآزر المثمر بين الحضارات.