الأردن
:التدابير
الأمنية تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان
تقرير
أعدته منظمة العفو الدولية واخترناه للقارئ
لأهميته الراهنة
مقدمة
عقب
الهجمات التي وقعت في 11
سبتمبر/ أيلول 2001
في الولايات المتحدة، والتي قُتل فيها ما لا
يقل عن 3000
شخص، أجرى الأردن، شأنه شأن العديد من
الدول، تعديلات على تشريعاته بهدف اتخاذ
خطوات ضد مرتكبي مثل هذه الأفعال. وكانت
القوانين الجديدة بشأن "الإرهاب"،
والقيود المفروضة على حرية التعبير، التي
صدرت بعد هجمات 11
سبتمبر/ أيلول من دون المرور عبر البرلمان
الأردني، جزءاً من اتجاه مثير للقلق أصلاً.
ففي أغسطس/ آب 2001،
صدرت قوانين تضمنت تقييداً لحق المعارضين
السياسيين في التجمع والاتصال بمحامييهم.
ويساور منظمة العفو الدولية القلق لأن
الأحكام الواردة في قوانين أغسطس/ آب وما بعد
سبتمبر/ أيلول تجرِّم الأنشطة السلمية غير
المرتبطة بأعمال عنف ذات دوافع سياسية.
وبالإضافة
إلى بواعث قلق منظمة العفو الدولية بشأن
القوانين الجديدة المقيِّدة للحقوق، فإن
هذا التقرير يثير بواعث قلقها حيال استمرار
استخدام الأردن لأسلوب الاعتقال بمعزل عن
العالم الخارجي فترات طويلة. فخلال الشهرين
اللذين أعقبا هجمات 11
سبتمبر/ أيلول، قامت السلطات الأردنية
بإلقاء القبض على عدد من الأشخاص الذين
شاركوا في المظاهرات، ومنها مظاهرات معارضة
لقصف أفغانستان، واحتجازهم بمعزل عن العالم
الخارجي. كما قُبض على عشرات آخرين، معظمهم
ممن اشتُبه في أن لهم صلات بالجماعات
الإسلامية، واحتُجزوا بمعزل عن العالم
الخارجي. ويُذكر أن احتجاز المعتقلين
السياسيين بمعزل عن العالم الخارجي قبل
المحاكمة، ليس من بواعث القلق الجديدة في
الأردن. فكثيراً ما أثارت منظمة العفو
الدولية هذا الأمر مع السلطات الأردنية وفي
التقارير العامة.[1]
إن
الأردن دولة طرف في بعض المعاهدات الدولية
لحقوق الإنسان، من قبيل العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وقع عليه
في العام 1976.
وانضم في العام 1991
إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب
العقوبة أو المعاملة القاسية أو
اللاإنسانية أو المهينة. وتشعر منظمة العفو
الدولية بالقلق من أن القوانين الجديدة
المذكورة في هذا التقرير، بالإضافة إلى
استمرار الأردن في استخدام أسلوب الاعتقال
بمعزل عن العالم الخارجي، حيث وقعت حوادث
تعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، تشكل
انتهاكاً لهذه المعايير الدولية.
في
7
مايو/ أيار 1999،
دخلت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب
حيز التنفيذ بعد أن صادقت عليها سبع دول
أعضاء في الجامعة العربية. ولدى منظمة العفو
الدولية بواعث قلق خطيرة بشأن هذه
الاتفاقية، ولا سيما حيال التعريف الفضفاض
للغاية لـ "الإرهاب"، وعدم النص على منع
الاعتقال التعسفي وحظر التعذيب، أو حتى على
الإصرار على ضرورة مثول المعتقلين أمام قاض
بصورة عاجلة. وقد دعت منظمة العفو الدولية
إلى تعديل الاتفاقية لضمان اتساقها مع حقوق
الإنسان والقانون الإنساني الدولي.[2]
ومن الأهمية بمكان الحرص على أن الحاجة
إلى اتخاذ إجراءات ضد الذين يمكن أن يشنوا
هجمات "إرهابية" يجب ألا تُستخدم
لإضفاء شرعية على الممارسات التي تشكل
انتهاكاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
|
تعريف
جديد لـ "الإرهاب" وعقوبات أقسى
ويوسِّع
القانون نطاق الجرائم "الإرهابية" التي
يعاقَب عليها بالإعدام والسجن المؤبد. وفي
حين أن المادة 148
من قانون العقوبات المعدل تقضي بعقوبة
الإعدام على فعل الإرهاب إذا أفضى إلى موت
إنسان فقط، فإن المادة -
148
4
(ج)
تقضي بعقوبة الإعدام إذا تم ارتكاب الفعل
"باستخدام المواد المتفجرة أو الملتهبة
أو المنتجات السامة أو المحرقة أو الوبائية
أو الجرثومية أو الكيميائية أو الإشعاعية أو
ما شابهها"، سواء أدى ذلك الفعل إلى
الوفاة أم لا. ومن بين الأفعال التي يعاقب
عليها بالسجن المؤبد تعطيل سبل الاتصالات
وأنظمة الحاسوب أو اختراق شبكاتها أو
التشويش عليها. (المادة 3-148
(ب)).
وأُجريت
كذلك تعديلات رئيسية على المادة 149،
منها إدراج جرائم سياسية جديدة ضد الدولة. إذ
تنص المادة 1-149،
من بين أمور أخرى ، على ما يلي:
"يعاقَب
بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من أقدم على أي
عمل من شأنه تقويض نظام الحكم السياسي في
المملكة أو التحريض على مناهضته، وكل من
أقدم على أي عمل فردي أو جماعي بقصد تغيير
كيان الدولة الاقتصادي أو الاجتماعي أو
أوضاع المجتمع الأساسية."
كما
يعاقب بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة كل
من احتجز رهائن بقصد ابتزاز أي جهة رسمية أو
خاصة، إذا أدى العمل إلى إيذاء أحد، ويعاقب
بالإعدام إذا أدى إلى موت أحد. وألغى القانون
الجديد المادة 3
-149
من قانون العقوبات من الناحية الفعلية،
بإلغاء حق القاضي في النظر في العوامل
المخففِّة لدى إصدار الأحكام المتعلقة
بالجرائم السياسية ضد الدولة.
تم
بموجب القانون رقم 54
توسيع نطاق المادة 150
من قانون العقوبات مع مزيد من القيود على
حرية التعبير. وقد أُدرج عدد من الجرائم
الجديدة الغامضة التعريف، ومنها: الإساءة
إلى الوحدة الوطنية؛ المس بهيبة الدولة أو
وحدتها أو سمعتها؛ التحريض على الاضطرابات
أو الاعتصامات أو على عقد الاجتماعات
العامة؛ الإساءة إلى كرامة الأفراد وسمعتهم
وحرياتهم الشخصية؛ زعزعة أوضاع المجتمع من
خلال الترويج للانحراف أو فساد الأخلاق؛ نشر
معلومات أو إشاعات كاذبة. ويعاقب على مثل هذه
الجرائم بالسجن مدداً لا تقل عن ثلاثة أشهر
ولا تزيد على ستة أشهر، أو بغرامة لا تزيد
على 5000
دينار أردني، أو بكلتا العقوبتين. كما يقضي
القانون بإغلاق الصحيفة التي تنشر مثل تلك
المواد.
وفي
هجوم خطير آخر على الحق في حرية التعبير، فإن
الجرائم المرتكبة بموجب القانون رقم5
4
،
بما فيه المادة 150
المعدلة من قانون العقوبات، تقع ضمن الولاية
القضائية لمحكمة أمن الدولة. وطالما أعربت
منظمة العفو الدولية عن قلقها من أن محكمة
أمن الدولة، التي تستخدم في الأغلب الأعم
قضاة عسكريين ومدعياً عاماً عسكرياً، لا
توفر ضمانات الاستقلال والحيدة نفسها التي
توفرها المحاكم العادية. وازداد قلق المنظمة
من أن محكمة أمن الدولة، بموجب القانون رقم 54،
ستتمتع الآن بولاية قضائية أوسع على العديد
من الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا في عداد
سجناء الرأي، ويُقدموا إلى المحاكمة بسبب
تعبيرهم عن آرائهم السلمية بدافع من الضمير
ليس إلا. وقد أعربت لجنة حقوق الإنسان، في
تعليقها على تنفيذ الأردن للعهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1994،
عن قلقها حيال "استمرار محكمة أمن الدولة
في ممارسة ولاية قضائية خاصة"، وأوصت
بضرورة النظر في إلغائها.
".1
لكل فرد الحق في اتخاذ الآراء دون تدخل.
.2
لكل فرد الحق في حرية التعبير؛ وهذا الحق
يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار
من
أي نوع، واستلامها ونقلها بغض النظر عن
الحدود، وذلك إما شفاهة أو كتابة أو طباعة,
وسواء
كان ذلك في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى
يختارها.
.3
ترتبط
ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2
من هذه المادة بواجبات ومسؤوليات خاصة.
وعلى ذلك، فإنها قد تخضع لقيود معينة، ولكن
فقط بالاستناد إلى نصوص القانون
التي
تكون ضرورية:
ب)
من أجل حماية الأمن الوطني أو النظام العام
أو الصحة العامة أو الأخلاق". (المادة
19
من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية).
(فهد
الريماوي، 2000
حقوق الطبع: جريدة المجد)
كان
الضحية الأولى لتعديل المادة 150،
بحدود علمنا، هو فهد الريماوي، رئيس تحرير
جريدة "المجد" الأسبوعية السياسية،
الذي اعتُقل لا لشيء إلا بسبب ممارسة حقه في
حرية التعبير. وتعتبر منظمة العفو الدولية
فهد الريماوي سجين رأي. وقد تم استجوابه مدة
أربع ساعات في دائرة المخابرات العامة، ثم
احتُجز مدة ثلاثة أيام في سجن الجويدة في
الفترة من 13
إلى 16
يناير/ كانون الثاني 2002.
وقد وُجهت له بموجب المادة 150
من قانون العقوبات تهمة "كتابة ونشر
معلومات وإشاعات كاذبة يمكن أن تمس بهيبة
الدولة وسمعتها وتنال من كرامة أفردها
وسمعتهم"، وذلك عقب نشره مقالة رأي في
صحيفة المجد في 7
يناير/ كانون الثاني، انتقد فيها الحكومة
الأردنية. وقد اتهم في مقالته الحكومة
الأردنية بكبت الحريات الصحفية، وقمع
المعارضة السياسية ونشر "ثقافة الخوف"
في المجتمع. ودعى في مقالته إلى استقالة
الحكومة، مستشهداً باستطلاع للرأي أجراه
مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة
الأردنية، أظهر هبوطاً في شعبية الحكومة.
وقد أُطلق سراح فهد
الريماوي بكفالة
مقدارها 5
000
دينار أردني بانتظار إحالته إلى محكمة أمن
الدولة.
"يُعترف
بالحق في التجمع السلمي، ولا يجوز وضع
القيود على ممارسة هذا الحق غير ما يُفرض
منها تمشياً مع القانون والتي تستوجبها، في
مجتمع ديمقراطي، مصلحة الأمن الوطني أو
السلامة العامة أو النظام أو حماية الصحة
العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين
وحريتهم". (المادة
21
من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية)
القيود
على حرية التجمع قبل 11
سبتمبر/ أيلول
في
أغسطس/ آب 2001،
صادق الملك عبد الله بن الحسين على قانون
يتعلق بالاجتماعات العامة (وهو القانون
المؤقت رقم 45 للعام 2001 )، حل محل قانون
الاجتماعات العامة رقم 60 للعام 1953. ويحظر
القانون الجديد تنظيم أو عقد أي تجمع أو
اجتماع عام من دون الحصول على موافقة خطية من
الحاكم الإداري( المادة 3-أ)، ويعطي الأخير
صلاحية إلغاء الاجتماع أو التجمع أو فضه
بالقوة إذا كان الاجتماع أو التجمع يتنافى
مع الهدف الذي نُظم من أجله (المادة 7). ويعاقب
كل من يخالف أحكام قانون الاجتماعات العامة
بالسجن مدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر،
أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار أردني ولا تزيد
على 3000 دينار أردني، أو بكلتا العقوبتين.
ووفقاً لهذه الأنظمة، لا يُسمح لمنظمي مثل
هذه الاجتماعات أو التجمعات بالإعلان عنها
قبل الحصول على موافقة الحاكم الإداري على
إقامتها. وبعد صدور قانون الاجتماعات العامة
بوقت قصير، أصدر وزير الداخلية أنظمة إضافية
بشأن الاجتماعات والتجمعات، حظر بموجبها
"استخدام الشعارات والتعبيرات والأناشيد
والرسومات أو الصور التي تلحق الضرر بسيادة
الدولة والوحدة الوطنية والأمن والنظام
العام".
القبض
على أشخاص واعتقالهم بمعزل عن العالم
الخارجي
قُبض
على عشرات الأشخاص عقب أحداث 11
سبتمبر/ أيلول؛ وقد قبض على العديد منهم بسبب
مشاركتهم في مظاهرات احتجاج ضد عمليات قتل
الفلسطينيين إبان الانتفاضة الحالية وضد
قصف أفغانستان، أو لعلاقتهم
بالجماعات الإسلامية في بعض الحالات.
القبض
على أشخاص واعتقالهم بمعزل عن العالم
الخارجي عقب المظاهرات
في
أغسطس/ آب 2001،
صدر "قانون الاجتماعات العامة"، الذي
نص على وجوب الحصول على موافقة رسمية من
الحاكم الإداري لتنظيم أي مناسبات عامة أو
تجمعات أو مسيرات.
وخلال
شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول،
قُبض على عدد من الأشخاص لاشتراكهم في ثلاث
مظاهرات نُظمت في كل من عمان والزرقاء. وقد
احتُجز المقبوض عليهم بمعزل عن العالم
الخارجي فترات طويلة في بعض الأحيان. وثمة
عشرات ممن يحتمل أن يكونوا سجناء رأي،
احتُجزوا بسبب معتقداتهم السياسية، ولم
يستخدموا العنف أو يدعوا إلى استخدامه.
"يحق
لكل من يُحرم من حريته نتيجة إلقاء القبض أو
التوقيف أن يباشر الإجراءات أمام المحكمة
لكي تقرر دون إبطاء بشأن قانونية توقيفه
والأمر بالإفراج عنه إذا كان التوقيف غير
قانوني" (المادة
9
(4)
من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية)
إن
الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي فترات
طويلة يشكل انتهاكاً للمعايير الدولية
لحقوق الإنسان التي صادق عليها الأردن. وقد
أوصت لجنة حقوق الإنسان، في تعليقها على
تنفيذ الأردن للعهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية في العام 1994
بـ"وضع أماكن الاعتقال التي تخضع لسيطرة
دائرة المخابرات العامة تحت إشراف السلطات
القضائية بشكل وثيق"، واقتصار تدابير
الاعتقال الإداري ]الاعتقال
من دون تهمة أو محاكمة] والاعتقال بمعزل عن
العالم الخارجي على حالات محدودة للغاية
واستثنائية".
"لا
يجوز إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو
معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة ..... (المادة
7
من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية).
يُسمح
للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة
المعتقلين السياسيين في مركز الاعتقال
التابع لدائرة المخابرات العامة. كما يسمح
لهؤلاء المعتقلين بالاتصال بعائلاتهم، لكن
بشكل غير منتظم، ولا يُسمح لهم بالاتصال
بمحامين. وحتى وقت قريب،لم تتقدم سوى أقلية
صغيرة من المعتقلين في دائرة المخابرات
العامة بمزاعم التعرض للتعذيب. لكن منظمة
العفو الدولية تشعر بالقلق لأن الاعتقال
بمعزل عن العالم الخارجي يخلق ظروفاً يمكن
أن يُمارس فيها التعذيب وغيره من ضروب
المعاملة السيئة، كما يمكن أن يساعد على
إخفاء الأدلة المتعلقة بالتعذيب. وكان
المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني
بالتعذيب قد دعى إلى حظر تام لعمليات
الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، وذكر أن
"التعذيب غالباً ما يقع أثناء فترة
الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وينبغي
جعل الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي
ممارسة غير قانونية، وإطلاق سراح الأشخاص
المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي دون
إبطاء. كما ينبغي أن تتضمن أحكام القانون
السماح للمعتقلين بالاتصال بمحامييهم في
غضون 24
ساعة من الاعتقال"(UN
Doc.E MED/CN.4/1995/434,Para 926(d)
).
احُتجز
عشرات من المعتقلين الذين قُبض عليهم بعد
المظاهرات مدداً تتراوح بين أيام وأسابيع
قبل إطلاق سراحهم من دون توجيه تهمة إليهم،
بينما احُجز ثلاثة منهم تسعة أسابيع. وزعم
بعضهم أنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة
أثناء وجودهم في الحجز بمعزل عن العالم
الخارجي. وقد احتُجز جميع المعتقلين في
الحبس الانفرادي في مركز الاعتقال التابع
لدائرة المخابرات العامة في وادي السر بعمان.
"تُبذل
جهود لإلغاء عقوبة الحبس الانفرادي أو الحد
من استخدامها، ويتم تشجيع تلك الجهود." (المبدأ
7
من المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء, التي
اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في
قرارها رقم 4
5/111
بتاريخ 14
ديسمبر/
كانون الأول 1990)
في
28
سبتمبر/ أيلول 2001
وقعت مظاهرة في مخيم البقعة للاجئين بضواحي
عمان لإحياء ذكرى الانتفاضة الفلسطينية
الحالية واحتجاجاً على عمليات قتل
الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ونظَّم
المظاهرة على ما يبدو عدد من الجماعات
السياسية والأفراد، بينهم نشطاء يساريون
وإسلاميون. وفي 29
سبتمبر/ أيلول قبض أفراد الشرطة والمخابرات
العامة خلال الليل على عشرات الأشخاص في
منازلهم في مخيم البقعة. وذكر بعضهم أنهم
تعرضوا للضرب أثناء إلقاء القبض عليهم وخلال
استجوابهم.
وذكر
ثلاثة من المعتقلين أنهم احتُجزوا مدة وصلت
إلى 60 يوماً بمعزل عن العالم الخارجي. وقالوا
إنهم تعرضوا للكم والصفع والركل أثناء
التحقيق على أيدي أفراد الشرطة والمخابرات
العامة. وورد أن كلاً من علي عبد الله وعبد
الكريم الحسنات حُرما من النوم أياماً عدة.
وقد احتُجز ثلاثتهم في حبس انفرادي إلى أن
أُطلق سراحهم من دون توجيه تهم إليهم في 26
نوفمبر/ تشرين الثاني 2001.
وعند إطلاق سراحهم، أُجبروا على توقيع تعهد
بدفع غرامة مالية إذا شاركوا في مظاهرات في
المستقبل. وبلغت قيمة الغرامة لاثنين منهم
5000 دينار أردني.
وفي
8
أكتوبر/ تشرين الأول، نُظِّمت داخل الجامعة
الأردنية مظاهرة احتجاج على عمليات قتل
الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وضد قصف
الولايات المتحدة لأفغانستان. وعقب تلك
المظاهرة، قبض أفراد المخابرات العامة على
أربعة طلاب، منهم محمد أبو ملوح الذي كان قد
شارك في المظاهرة. وقد قُبض على محمد أبو
ملوح في حوالي منتصف الليل في 8
أكتوبر/ تشرين الأول في منـزله بعمان على
أيدي نحو 15
من أفراد المخابرات العامة والشرطة. واقتيد
إلى مركز الاعتقال التابع لدائرة المخابرات
العامة في وادي السر، حيث تعرض للصفع. وقد تم
استجوابه لعدة أيام، وطُلب منه الإدلاء
بمعلومات حول المسؤولين عن تنظيم المظاهرة.
ولكنه لم يدلِ بأي معلومات، وقال إن أفراد
المخابرات العامة بدأوا بعد بضعة أيام بضربه
وصفعه على مختلف أجزاء جسمه. وقال إنه حُرم
من النوم حوالي خمسة أيام، وإنهم قاموا
بمراقبته خلال فترة اعتقاله للتأكد من أنه
لم يخلد إلى النوم، وذلك بإحداث أصوات صاخبة.
وقال أيضاً إنهم هددوه بالتعذيب بالصدمات
الكهربائية وباغتصابه واغتصاب أمه وأخته.
وخلال بقية فترة اعتقاله، خضع للتحقيق مرتين
يومياً وتعرض للصفع والضرب على مختلف أجزاء
جسمه لفترات قصيرة. وبعد قضائه 44
يوماً في الحجز بمعزل عن العالم الخارجي،
أُطلق سراح محمد أبو ملوح من دون توجيه تهمة
له، بعد توقيعه تعهداً بدفع غرامة قيمتها 5000
دينار أردني في حالة مشاركته في المظاهرات
أو الأنشطة الأخرى للمعارضة السياسية.
في
نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، قبض على ما لا
يقل عن ثلاثة طلاب، هم محمد الجمل وأحمد
صبوبه وعبد الرحمن الدقة، في منازلهم بمدينة
الزرقاء القريبة من عمان. وقد اعتُقلوا عقب
مشاركتهم في مظاهرة كانت قد خرجت قبل بضعة
أيام في جامعة الزرقاء، احتجاجاً على قصف
الولايات المتحدة لأفغانستان. وقد قبض أفراد
الشرطة على عبد الرحمن الدقة واقتادوه إلى
مديرية شرطة الزرقاء، حيث مكث بضع ساعات،
نُقل بعدها إلى مديرية شرطة العاصمة في
العبدلي، ومنها إلى مركز الاعتقال في وادي
السير. وذكر عبد الرحمن الدقة أنه تعرض للصفع
والركل من وقت لآخر أثناء استجوابه. وقد
احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي مدة 14
يوماً، حيث أُطلق سراحه من دون توجيه تهمة له.
في
21
أكتوبر/ تشرين الأول 2001، قُبض على أحمد حكمت
شاكر، وهو مواطن عراقي في السابعة والثلاثين
من العمر، في مطار عمان أثناء توقفه فيه
بالعبور (الترانزيت) في طريقه من قطر إلى
بغداد. وكانت السلطات القطرية قد قبضت في17
سبتمبر/ أيلول على أحمد حكمت شاكر، وهو موظف
في وزارة الأوقاف القطرية، وورد أنه تعرض
لمعاملة سيئة أثناء استجوابه. ولكنه لم
يُتهم بارتكاب أي جريمة وأُطلق سراحه. وكان
قد غادر الدوحة متوجهاً إلى العراق عبر
الأردن في 21
أكتوبر/ تشرين الأول وقُبض عليه في اليوم
نفسه من قبل سلطات الأمن الأردنية. ويبدو أن
إلقاء القبض عليه كان مرتبطاً بشبهات لدى
السلطات الأردنية تتعلق بزيارات كان قد قام
بها إلى كل من باكستان واليمن وماليزيا. وفي
نوفمبر/ تشرين الثاني، بعثت منظمة العفو
الدولية برسالة إلى وزير الداخلية، طلبت
فيها تأكيدات بأن أحمد حكمت شاكر يتلقى
معاملة إنسانية ولا يتعرض لأي شكل من أشكال
التعذيب أو إساءة المعاملة، كما طلبت
معلومات عن مكان وجوده وأسباب اعتقاله وما
إذا كانت قد وُجهت له أي تهم. غير أنه بحلول
نهاية يناير/ كانون الثاني 2002،لم
تكن المنظمة قد تلقت أي رد على رسالتها. وقد
احتُجز أحمد حكمت شاكر بمعزل عن العالم
الخارجي عدة أسابيع قبل أن يُسمح له
بالاتصال بمحام. وبعد إطلاق سراحه بكفالة في
28 يناير/كانون الثاني،لم تتمكن منظمة العفو
الدولية من الحصول منه على معلومات بشأن
معاناته أثناء اعتقاله في الأردن، أو بشأن
التهم التي وُجهت له. بيد أنه، وفقاً للأنباء
التي تلقتها منظمة العفو الدولية، فقدَ من
وزنه أثناء فترة اعتقاله، كما يبدو أنه
أُصيب بصدمة.
في
أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني، أُبعد إلى
الأردن غسان دحدولي، وهو أردني يقيم في
الولايات المتحدة منذ 20
عاماً، لأسباب تتعلق بمخالفته قوانين
الهجرة على ما يبدو. وورد أن غسان دحدولي
تلقى تهديداً بإبعاده من الولايات المتحدة
منذ سبتمبر/ أيلول 2000
بسبب حصوله على تأشيرة عمل عن طريق التزوير.
وقد قُبض عليه أخيراً في منـزله في حوالي 15
سبتمبر/ أيلول 2001،
واحتُجز في حبس انفرادي مدة 65
يوماً. وورد أن اسم غسان دحدولي كان قد
اكتُشف قبل اعتقاله بوقت قصير في دفتر
عناوين يعود إلى وديع الحاجي، الذي حُكم
عليه بالسجن المؤبد في الولايات المتحدة
لدوره في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في
أفريقيا في العام 1998.
وكان غسان دحدولي موظفاً محلياً في الرابطة
الإسلامية لفلسطين في شيكاغو. وقد قُبض عليه
في الأردن، بعد إبعاده، عند وصوله إلى مطار
عمان واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي مدة 1
0 أيام.
وفيما عدا ذلك، فإنه عومل معاملة حسنة أثناء
فترة اعتقاله في الأردن. وأُبلغ عند إطلاق
سراحه أنه يمكن إسقاط تهمة "الإرهاب"
عنه.
وفي
ديسمبر/ كانون الأول 2001،
بعثت منظمة العفو الدولية إلى السلطات
الأردنية برسالة أثارت فيها بواعث قلقها
بشأن عمليات الاعتقال التعسفي والاعتقال
بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وسوء
المعاملة في الأردن بعد هجمات 11
سبتمبر/ أيلول. ولم تتلق المنظمة أي رد على
رسالتها بحلول نهاية يناير/ كانون الثاني 2002.
حالة
رائد محمد حجازي عقب أحداث 11
سبتمبر/ أيلول
في
أكتوبر/ تشرين الأول 2000،
قُبض على رائد محمد حجازي الذي يحمل جنسية
مزدوجة -أردنية وأمريكية- بعد تسليمه إلى
الأردن من سوريا لأسباب تتعلق بعضويته
المزعومة في تنظيم القاعدة والتآمر لتنفيذ
هجمات "إرهابية". وقد احتُجز بمعزل عن
العالم الخارجي في دائرة المخابرات العامة
مدة وصلت إلى ثلاثة أسابيع، كانت حياته
خلالها مهددة وتعرض للضرب بالعصي وأسلاك
الكهرباء بحسب ما زعم. وقال إنه وقع "اعترافات"
بالإكراه. وكان قنصل الولايات المتحدة قد
زاره سابقاً، وذلك على ما يبدو نتيجةً لورود
أنباء حول تعرضه للتعذيب. وعندما استؤنفت
محاكمة رائد محمد حجازي في نوفمبر/ تشرين
الثاني، طلب المحامون من المحكمة استدعاء
القنصل للإدلاء بشهادته بشأن التعذيب
المزعوم. إلا أن حكومة الولايا ت المتحدة
استخدمت الحصانة الدبلوماسية لمنع القنصل
من الحضور. ولا تزال المحاكمة مستمرة. إن
منظمة العفو الدولية تشعر بالقلق حيال
الأنباء التي تفيد بأن رائد محمد حجازي تعرض
للتعذيب خلال استجوابه وبأنه قد لا يحصل على
محاكمة عادلة في محكمة أمن الدولة.
تحث
منظمة العفو الدولية السلطات الأردنية على
اتخاذ الخطوات التالية بلا إبطاء. إذ أن من
شأن هذه التدابير أن تقرِّب القوانين
والممارسات الأردنية إلى نص وروح المعاهدات
الدولية لحقوق الإنسان التي أصبح الأردن
طرفاً فيها:
.1
وضع
حد للاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي وضمان
السماح لجميع المعتقلين بالاتصال بعائلاتهم
ومحامييهم وأطبائهم المستقلين فوراً.
.2
تقديم المعتقلين إلى سلطة قضائية مستقلة
عن قوات الأمن بعد القبض عليهم مباشرة؛
وإطلاق سراحهم إذا لم توجه إليهم تهم جنائية
معترف بها.
.3
إطلاق سراح جميع سجناء الرأي فوراً.
.4
إجراء
تحقيقات عاجلة وفعالة ومستقلة ومحايدة
ووافية في جميع مزاعم التعذيب من قبل هيئة
مستقلة تعلن نتائج تحقيقاتها على الملأ.
.5
أن تبادر السلطات إلى تقديم مرتكبي
التعذيب إلى العدالة وفقاً لمبادئ
المحاكمات العادلة المعترف بها دولياً، في
حالة وجود أدلة على أن أياً من أفراد أجهزة
الأمن والموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين
قد أصدر أمراً بتعذيب المعتقلين أو إساءة
معاملتهم أو مارسهما بنفسه. كما ينبغي دفع
تعويضات إلى جميع ضحايا التعذيب أو غيره من
ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو
المهينة.
.6
جعل القوانين الوطنية متوافقة مع المادة
19
من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية التي تضمن حق الفرد في اعتناق
الآراء دون تدخل؛ ومع المادة 21
من العهد الدولي المذكور التي تضمن الحق في
حرية التجمع.
.7
أن تعلن السلطات الأردنية وقف تنفيذ
عمليات الإعدام ريثما يتم إلغاء عقوبة
الإعدام إلغاءً تاماً.
.8
أن تمارس الحكومة ضغوطاً من أجل تعديل
تعريف "الإرهاب" في الاتفاقية العربية
لمكافحة الإرهاب، لضمان الحق في حرية
التعبير، ومن أجل تضمين الاتفاقية أحكاماً
واضحة تكفل حقوق المعتقلين وفقاً للمعايير
الدولية، ومنها حق الاتصال بالعالم الخارجي.
.9
أن تمارس الحكومة ضغوطاً كذلك من أجل
تعديل أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة
الإرهاب، بحيث تتوافق هذه الأحكام مع
المعايير الدولية؛ وأن تكرر الحكومة
التزامها الثابت بحقوق الإنسان في قوانينها
وسياساتها وإجراءاتها، بما فيها تلك التي
تتعلق بمكافحة الأفعال التي تُصنف على أنها
"أعمال إرهابية"؛ وأن يكون استخدام
أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب
علنياً.