منذ
صدور كتاب حبيب سويديه "الحرب القذرة"،
اتخذ النقاش حول المسؤوليات في الاعتداءات
الجماعية ضد المدنيين في الجزائر منحى جدال
يتميز بعدوانية الردود في غموض الأدوار.
وللدفاع عن الجيش، المتهم في الكتاب بارتكاب
جرائم ذات الخطورة الاستثنائية، كانت
التهجمات والاتهامات من كل طرف. وحتى من
تساءل بحسن النية عن مدى تورط الجيش في
المجازر المرتكبة جرى اتهامه بالتآمر وغيره
من النعوت.
صحفيون
يستأثرون تفويضات بوليسية محولين دار
الصحافة إلى مركز استماع يحاولون بوسائل
استنطاق خسيسة تجميع تكذيبات لا يمكن التحقق
من صحتها. ويظهر الولاء لأصحاب القرار
الفعليين ردود أفعال السلطة التنفيذية
والأجهزة. وبالنسبة للبرلمانيين فقد صوتوا
بنسبة عالية قرار تأييد غير مشروط للجيش. أما
الأغلبية الساحقة من الجزائريين، والتي لن
يتاح لها قراءة الكتاب الممنوع، فليس لها أي
طريق إلى حقل التعبير، المحتكر، بفضل تجنيد
لا سابق له من قبل الأقلية التي تدعي بامتلاك
الشرف الوطني دون غيرها.
إن
الشهادة الواردة في هذا الكتاب تتعلق بجرائم
جرى وصف وقائعها، مع تثبيت المكان والزمان
وذكر أسماء مرتكبيها، سواء من المنفذين أو
في التسلسل القيادي. وقيادة الأركان، قيادة
وحدات والهيكل العكسري مع تسلسله في صلب
الاتهام. والدقة في الشهادة تتعدى كل ما سبق
وعرفنا من أسباب اتهام جمعتها المنظمات
المدافعة عن حقوق الإنسان والتي يأتي الكتاب
ليؤكد على مصداقيتها.
من
هنا، فإنه لا السلطة التنفيذية أو الجهاز
التشريعي وأقل من ذلك الصحافة، يملكون
الأهلية التي تسمح لهم بالحكم على صدق
الاتهامات المذكورة.
على
السلطة القضائية بعد الآن أن تتدخل في مجال
اختصاصها حيث يقدم لها الكتاب عناصر كافية
الدقة للشروع في تحقيقاتها. ما يكفي لتكييف
الجرائم وتوجيه البحث عن الأدلة والشهادات
وتشخيص المتابعات.
من
أجل هذا، فنحن الموقعون أدناه، من مواطنات
ومواطنين جزائريين، نطالب بفتح ملف قضائي
فورا للسماح بالتحقيق في الاتهامات الخطيرة
والدقيقة لكوادر من الجيش. إن الجرائم
المنسوبة لهم تتطلب اهتمام العدالة بسبب
الرهانات الأساسية للحقيقة والعدل.
وبالمقارنة، فإن الملاحقات ضد مؤلف الكتاب،
التي أعلن عنها بشكل فاضح من وزير العدل،
تبدو جد هزيلة، ولا بد أن يوضع حدا
لهذه السلوكيات التي تسمح للسلطات
العسكرية التي لا تمس حصانتها، بأن تحقق
وتحاكم بنفسها ومن أجل نفسها.
وباعتباركم
القاضي الأعلى للبلاد، فإن لديكم الصلاحيات
وعليكم واجب المبادرة في استخدام الدعوى
العمومية لكي تلقي العدالة الضوء على جرائم
يوجد من العناصر المدققة والمتوافقة ما يؤكد
حقيقتها. والتحرك في هذا الاتجاه ليس مؤامرة
ضد المؤسسات.
حتى
لا يقال بأنه في الجزائر، القانون يتجاهل،
بل يعزز الجريمة. وأن العدالة لن تكون يوما
باسم الشعب.
من
التواقيع الأولى:
الهادي
الشلبي (حقوقي)، خالد ساطور (حقوقي)، محمد
حربي (مؤرخ)، فاتحة طلحيت (باحثة اقتصادية) ،
ماجد بن شيخ (أستاذ جامعي)، مراد بوربون (كاتب)،
الهواري عدي (عالم اجتماع)، سليمه ملاح(صحفية)