تتفاوت النظرة الى دور منظمات المجتمع المدني في التنمية, بين معارض يعتبر انها خطر على الاستقرار الاجتماعي وعلى الثقافة المحلية كونها نموذجا غربيا ذا ثقافة غريبة، وبين مؤيد يرى فيها شريكا يساهم في توعية المجتمع وتمكينه للمشاركة والانخراط في تحسين معيشة المواطنين.
قد يكون هذا التفاوت ناتجا عن الاختلاف في فهم المجتمع المدني، لا بل في القصور في فهم التعريف العام المعتمد للمجتمع المدني بما هو "المجال خارج السلطة والسوق والعائلة، حيث ينتظم الافراد والمؤسسات بمختلف اشكالهم وانتماءاتهم للدفاع عن المصالح المشتركة". او ربما يعود الانطباع الخاطئ عن المجتمع المدني الى التشوهات في تكاوينه وممارساته , مثل العمل الواجهي للاحزاب وجهات تتبنى العنف والارهاب ,وتبني مسؤولين حكوميين واعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات وبعض المؤسسات الحكومية لمنظمات غير حكومية مناصرة لها أو تحقق أهدافا السياسية , وهي أساءة لهذه الجهات السياسية أو الحكومية قبل أن تكون أساءة لمنظمات المجتمع المدني,الا ان ذلك لا يجب ان يؤدي الى تعميم هذه التجارب من غير مقاربة الموضوع مقاربة شاملة تتناول المفهوم والتجارب الناجحة والجهود الآيلة الى تحسين أدائه وتطويره.
فقد شهدت العقود الماضية تناميا لحضور وتأثير منظمات المجتمع المدني على كافة المستويات، دولية لاسيما في المسارات التي نظمتها الامم المتحدة حول التنمية وحقوق الانسان والبيئة وغيرها، ووطنية خاصة في اطار الشراكات والمساهمات في التخفيف من التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرها على الظروف الحياتية للمواطنين.
ولتلافي تأثير التجارب السلبية لمنظمات المجتمع المدني لا بد من اعتماد معايير لقياس أدائها وتحديد دورها من خلال هذه المعايير. ومن هذه المعايير، المستوى التنظيمي للمنظمة وتقييم الاثر الاجتماعي والسياسي والبعد التنظيمي والهيكلي لاسيما الشفافية والادارة الرشيدة وتداول السلطة والقيم كالرؤية والاهداف ووسائل العمل ومستوى المشاركة المدنية في اعمالها وانشطتها والبيئة الخارجية التي تعمل فيها. وفي كل من هذه المعايير، يمكن اعتماد مؤشرات تساعد على قياس أدائها وبالتالي تكوين صورة حقيقية عنها، وبذلك يكون التقييم موضوعيا وواقعيا.
ومن الاهمية بمكان فهم الادوار الاساسية التي يمكن لمنظمات المجتمع المدني ان تلعبها في عملية التنمية لكي تتمكن من صياغة البرامج الملائمة لمشاركتها في كل مراحل العملية التنموية,وبالتالي لا يجوز تحميل منظمات المجتمع المدني نتائج غياب السياسات الوطنية والرؤية التنموية التي تقع ضمن مسؤوليات الدولة او انعكاسات استشراء آليات السوق نتيجة غياب الانظمة التي تحمي المجتمع منها.
الحق في التنمية
أن الحق في التنمية أصبح حقا دوليا وجزءا لا يتجزء من حقوق الأنسان وأن ألتزام الأمم المتحدة بـ "أعلان الحق في التنمية كحق من حقوق الأنسان عام 1986 " مما يؤكد على أن التنمية هي عملية شاملة تتناول الحقوق الاقتصادية والثقافية والسياسية ,
" وقد جاء في الاعلان: ان التنمية هي عملية شاملة تتناول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وهي تهدف الى تحسين الظروف المعيشية للمجتمع ككل وللافراد على السواء، ذلك على اساس المشاركة الناشطة والحرة والاساسية في التنمية وفي التوزيع العادل للعائدات".
تتضمن الاتفاقيات الدولية حقوقا يجب ان تكفلها الحكومات لمواطنيها كالحق في العمل اللائق وليس مجرد العمل ,والحماية الاجتماعية , لاسيما للفقراء والمعوزين والعاطلين عن العمل والمسنين) وحقوق الاسرة وتحسين الظروف المعيشية عموما وتأمين وضمان الصحة والتعليم للجميع وحق السكن اللائق ,والمشاركة في الحياة الثقافية بحريّة.*(
كما تضمن الاتفاقيات,(المشاركة الفاعلة للمواطنين من موقع المسؤولية حيث ان الحقوق تقابلها الواجبات، ومفهوم الواجبات يتعدى مجرد المساهمة في دفع الضرائب الى القيام بمهام اضافية ومباشرة، كالمشاركة في تحقيق التنمية)*.
وبالتالي لا بد من الاشارة الى ان التنمية ليست عملية مجتزأة او احادية الجانب. لا بل هي عملية شاملة تتناول كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي في الاساس حق من حقوق المواطن على الدولة والمجتمع.
منظمات المجتمع المدني و التنمية
يتنامى دورمنظمات المجتمع المدني مع ازدياد الحاجة الى انخراط جهات اضافية في مهام وبرامج التنمية لاسيما بعد قصور الدولة واجهزتها ومواردها عن تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين. ولما كانت هذه الاحتياجات حق من حقوقهم، وباتت تلبيتها ملحة وضرورية لتأمين الأمن الانساني والأستقرار الأجتماعي، كان لا بد من توسيع المجال امام منظمات المجتمع المدني لتصبح "شريكا" في عملية التنمية للاستفادة من مواردها البشرية والمادية ومن الخبرات التي تكتنزها. ويمكن في هذا المجال الاشارة الى ثلاثة انواع من المجالات التي تعمل فيها منظمات المجتمع المدني:
-
توفير الخدمات، وهي المهام التقليدية التي دأبت على القيام بها المنظمات غير الحكومية والاهلية منذ عقود والتي تتضمن الجمعيات والهيئات الخيرية والمنظمات غير الحكومية المتخصصة. وتجدر الاشارة الى ان المجتمع المدني يتمتع بقدرات فنية وتقنية عالية تمكنه من توفير نوعية مقبولة من الخدمات، فضلا عن قدرته في الوصول الى الفئات الأكثر حاجة لاسيما في الارياف والمناطق النائية.
-
المساهمة في العملية التنموية من خلال تقوية وتمكين المجتمعات المحلية، وفي هذا المجال له دور في بناء القدرات وتنمية المهارات والتدريب بمختلف المجالات التنموية كالتخطيط الاستراتيجي وصياغة البرامج التنموية وتنفيذها وتوسيع المشاركة الشعبية فيها.
-
المساهمة في رسم السياسات والخطط العامة على المستويين الوطني والمحلي، من خلال اقتراح البدائل والتفاوض عليها او التأثير في السياسات العامة لادراج هذه البدائل فيها، ولتحقيق اهدافه، يقوم هذا النوع من منظمات المجتمع المدني بتنفيذ الاستراتيجيات التالية:
§ الرصد والمراقبة، ان حق الاطلاع والحصول على المعلومات هو كذلك حق من حقوق المواطن.
ويساهم هذا الحق في اتاحة الفرص امام المجتمع للاطلاع على السياسات التنموية المقترحة وبالتالي الاطلاع على سبل تنفيذها وعلى نتائجها
§ تطوير الأُطر القانونية ذات الشأن، حيث ان التنمية تستلزم اصدار مجموعة من القوانين التي تكفل هذا الحق وتحميه بالاضافة الى القوانين التي تضمن شفافية المعلومات والحق في المشاركة.
وبالتالي لا بد من اصدار القوانين التي تكفل هذا الحق وآليات تنفيذه للمساهمة في تحقيق التنمية، اضافة الى التشريعات ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
-
المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية والتصدي للانتهاكات التي تطال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للاسر وللافراد.
-
الضغط والمدافعة وكسب التأييد من اجل الاعتراف بحقوق المواطنين وتأمينها وللقيام بهذه المهام، يستخدم المجتمع المدني الادوات المتاحة والمعترف بها دوليا من قبل كافة الحكومات بما في ذلك العهود والاتفاقيات الدولية التي تكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالاضافة الى الحق في التنمية وحقوق المرأة والطفل والاشخاص ذوي الاعاقة وغيرها.
-
تأسيس مراكز البحوث والدراسات وتقديم الأستشارات والرؤى وأجراء المسوحات الميدانية وتحليلها.
وبالاضافة الى العهود والاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق المجتمع والمواطنين، وقعت ١٧١ دولة في العام ٢٠٠٠ على اعلان الالفية الأنمائية الثالثة الذي اكد على وجوب تحرير المواطنين من الخوف تأكيدا على الحق بالعيش بامن وسلام، وتحريرهم من العوز من خلال تأمين حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وحقهم في العيش بكرامة من خلال ضمان حقوقهم السياسية والمدنية والثقافية, وأطلق اعلان الالفية "الحرب العالمية" على الفقر والعوز من خلال اعتماد ثمانية اهداف، والتي تعرف بالاهداف الالفية للتنمية, وقد ربط اعلان الالفية الانتصار بالحرب على الفقر بتحقيق الامن والسلام الدوليين والديمقراطية في الحكم عالميا ووطنيا.
كما تضمنت اهداف الالفية ولاول مرة مؤشرات كمية تساعد على قياس التقدم، مع اتاحة المجال لتطوير هذه المؤشرات لتصبح اكثر ملائمة مع الواقع المحلي لكل دولة، ولتحقيق هذه الالتزامات، تم تقسيم العمل بين الجهات الفاعلة محليا، أي الحكومات والجهات غير الحكومية في البلدان النامية، وبين البلدان المتقدمة. فمن جهة تضمنت الاهداف السبعة الاولى مهام واضحة ومحددة امام الدول النامية لتحقيقها، كتخفيض عدد الفقراء والجياع، وتوفير التعليم للجميع وازلة التمييز بحق المرأة وتوفير الرعاية الصحية للام والطفل ومكافحة الامراض الوبائية والمنتشرة، ومعالجة التحديات البيئية. وتضمنت من جهة ثانية، لاسيما في الهدف الثامن، مهام محددة يقع تحقيقها على عاتق المجتمع الدولي من خلال اعتماد سياسات دولية للتجارة العادلة وتحسين كمية ونوعية المساعدات الحكومية للتنمية واعادة النظر بالديون الخارجية التي تنوء تحت عبئها البلدان النامية. بالاضافة الى توفير فرص لمشاركة الشباب ونقل التكنولوجيا بما في ذلك الادوية والاتصالات والكترونيات الحديثة وغيرها.
لايسعنا الحديث عن الاشكاليات التي حالت وستحول دون تحقيق هذه الاهداف بحلول العام ٢٠١٥ ، الا ان العجالة تقضي الاشارة الى ان تلازم هذه الالتزامات فيما بينها تعني ترابطها بعضا ببعض، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تحرر من العوز من دون التحرر من الخوف ومن دون العيش بكرامة. ذلك ان الامن والتعايش السلمي هما شرطان اساسيين وضروريان لتحقيق التنمية والديمقراطية والعدالة والمساواة،وفق ما جاء في اعلان الالفية.
ومن جهة ثانية، فان الالتزامات الدولية لم تواكب الالتزامات التي وضعتها الدول النامية امامها، فقضية الديون لم تعالج كما يجب والمساعدات لم تتحسن نوعا وكما، ولم تلتزم الدول الصناعية باقامة نظام اقتصادي وتجاري عادل يتيح المجال امام البلدان النامية المنافسة المتساوية والنمو. لا بل استخدمت مسألتي الديون والمساعدات لفرض التزامات على الدول النامية لتسريع وتيرة التحرير الاقتصادي بحجة الانخراط في النظام الاقتصادي العالمي، كسياسات التكييف الهيكلي.
وتجدر الاشارة الى ان المجتمع المدني كان شريكا فاعلا في صياغة هذه الاهداف وفي الاشراف على تطبيقها لاحقا وتمكن من فرض دوره الاساسي على المستوى الدولي وفي اكثر من مناسبة. ولكن، ولكي يقوم المجتمع المدني على المستوى الوطني بدور فاعل في المشاركة في تحقيق التنمية من خلال الانخراط في رسم سياساتها والمساهمة في تنفيذها وتقييمها، لا بد من ان يكون قادرا ومتمكنا، فما هي التحديات التي تحد من هذا الدور؟.
التحديات التي يواجهها منظمات المجتمع المدني
لكي يتمكن المجتمع المدني من المشاركة في رسم السياسات التنموية ورصد حسن تنفيذها والمطالبة بتصويبها عندما تدعو الحاحة لذلك، لا بد التوقف عند ابرز التحديات التالية التي يواجهها:
التحديات الموضوعية:
-
الاطار القانوني الذي ينظم عمل مختلف هيئات المجتمع المدني والاليات التي تضمن مشاركته الفاعلة والمؤثرة في صنع القرارات. ( تم أقرار قانون 13 لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية مع أنتظار العديد من الأتحادات والنقابات المهنية لترتيب أوضاعها القانونية).
-
المستويات المركزية ودور السلطات المحلية، وتعاطي السلطات المركزية والمحلية معه، بما في ذلك الشفافية في الحصول على المعلومات اللازمة والحق في الاطلاع، والقدرة على المحاسبة والمساءلة.
-
حداثة النظام الديمقراطي ,وعدم استكامل بناء المؤسسات الدستورية,وصيغة التوافقات المرحلية في النظام السياسي.
-
وجود فجوات قانونية نتيجة التحول من النظام الدكتاتوري الشمولي الى النظام الديمقراطي ,وبطء مجلس النواب في تشريع القوانين وتعديلها وكذلك بطء المصادقة على هذه القوانين والتشريعات.
-
عدم الوصول الى قناعة بأهمية مشاركة المجتمع المدني في صناعة القرار,مما يوفر كسب التأييد الشعبي لهذه القرارات ومن ثم ممارستها على ارض الواقع ,والنظر لمنظمات المجتمع المدني على انها بديل للسلطات التنفيذية والتشريعية وهذه نظرة خاطئة 100% لان منظمات المجتمع المدني ليست جزء من الحكومة او مجلس النواب ومجالس المحافظات ,بل هي جزء من تكوين الدولة من خلال أنتماء هذه المنظمات للشعب وهو مصدر السلطات وبالتالي من حقه ممارسة الدور الرقابي والتنموي وان يكون له رأي على الأقل أستشاري أو دور رقابي في المحافل العامة ,بل حتى أعتمادها كخبراء ومستشارين غير حكوميين عند الحاجة وبدون مقابل مادي وكعمل تطوعي.
-
عدم الأعتماد والأهتمام بمراكز البحوث والدراسات المستقبلية والاستشارية في صياغة القرارات وتحديد السياسات العامة للبلاد بالأضافة الى الجهد الحكومي الروتيني.
التحديات الذاتية ,معدلات التنمية والتمكين والموارد المتاحة:
ü . القدرات الذاتية والقدرة على صياغة الرؤية ووضع الاستراتيجيات وبرامج العمل.
ü آليات الحكم الرشيد داخل منظمات المجتمع المدني, كالشفافية والمساءلة والمحاسبة، والمشاركة، وتداول السلطة .
ü التشبيك والتنسيق والتعاون، وبناء التحالفات وبالتالي، لكي تتمكن منظمات المجتمع المدني من القيام بدورها المطلوب، كشريك فاعل وقوي في عملية التنمية.
ü أستمرارية بناء وتنمية القدرات ,الشبابية والنسوية خصوصا.
ü خلل في أستثمار طاقات الشباب وعدم خلق جيل الشباب القيادي.
ü خلل في عدم أعتماد التخصص في منظمات المجتمع المدني ,مما يسبب ضياع الكثير من الطاقات والاموال بل وحتى عدم تحقيق النتائج المرجوة من المشاريع.
ü خلل في التفكير في بعض المناطق ,أي العمل المدني وفق النظام الاجتماعي العشائري ,وتحكم العلاقات العشائرية والقبلية في العلاقات بين منظمات المجتمع المدني وبالنتيجة تكون كارثة على المجتمع والدولة المدنية.
ü توفير الأموال والرعاية والدعم من الموازنة العامة للدولة لبرامج منظمات المجتمع المدني,وتشجيع المانحين على ذلك ,وفق ضوابط مالية وعدالة في التوزيع.
ü قلة مراكز البحوث والدراسات ومعاهد المسح الميداني والتدريب المنهجي المتواصل.
وهذا غيض من فيض ولكن لكل الف ميل خطوة اولى كما يقول المثل الصيني ,عليه لا بد من العمل على مواجهة التحديات اعلاه.
وتعتبر منظمات المجتمع المدني شريكا اساسيا في تحقيق التنمية لاسيما بعدما اصبحت الدولة غير قادرة على الايفاء بالاحتياجات الاساسية للمواطنين كما ونوعا وفي الوصول الى كافة الفئات المحتاجة. كما وان تنامي دور أليات اقتصاد السوق نتيجة العولمة والتبادل الحر قد زادت من التحديات الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي زادت من الحاجة الى توفير خدمات اكثر.
الا ان النظرة للمجتمع المدني تعتريها العديد من الملابسات التي لا بد من توضيحها. فالسلطة تنظر اليه بريبة وتخوف شديدين لاسيما لجهة مصادر التمويل التي قد تحصل عليها والادوار التي تقوم بها. ان توفير الموارد البشرية والمالية اساسي لضمان الكفاءة والمهنية في التنفيذ وفي ايصال الخدمات الى محتاجيها، وبالتالي على الجهات المعنية في السلطة، فيما لو كانت تعتبر المجتمع المدني شريكا، ان تساهم في رسم آليات مشاركته الفاعلة.
ومساعدته على توفير بعضا من موارده من غير ان تؤثر في رؤيته واستقلاليته الادارية والتنظيمية ان استقلالية منظمات المجتمع المدني هي مكمن قوتها، ورؤيتها هي ضمانة لنجاجها، واستراتيجياتها هي في اساس فاعليتها، وبرامجها هي وسيلتها للوصول الى المواطنين. وبقدر ما تتمكن منظمات المجتمع المدني من وضع آليات فاعلة لعملها وهيكلية تنظيمية واضحة وأنظمة أدارية شفافة ومرنة بقدر ما يصبح دورها اكبر واكثر فاعلية وتأثيرا في عملية التنمية. ان تنوع منظمات المجتمع المدني من حيث الخبرة والاختصاص يشكل مصدر غنىً يؤدي الى التكامل، وهو لذلك يحتاج الى تفعيل آليات التنسيق والتشبيك والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المدني، وبينها وبين الجهات الرسمية والقطاع الخاص.
مسألة اخيرة لا بد من الاشارة اليها في الختام، ان التنمية تحتاج الى رؤية تنموية شاملة واستراتيجيات وطنية وقطاعية وآليات للتدخل على المستويين الوطني والمحلي، وتكون مرجعيتها الاساسية الدولة كناظم وحام لحقوق المواطنين، الا انها تحتاج ايضا الى تعاون وتنسيق بين الجهات الاساسية الفاعلة، لاسيما بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
ومن غير هذا التعاون لا تكون العملية التنموية مكتملة وبالتالي يصعب ان يكتب لها النجاح.
أن الفترة الماضية من عمر منظمات المجتمع المدني تحققت الكثير من الأنجازات المهمة والمفصلية في البناء الديمقراطي ,ولكن هي بداية الطريق لترسيخ الديمقراطية ومبادئ الحكم الرشيد ,وعليها أي المنظمات تقييم نفسها ذاتيا , لترتيب اولوياتها بين فترة وأخرى وتطوير أدواتها وأساليبها لتطوير وتنمية قدراتها.
أن النظام الديمقراطي ,هو ضمانة حقيقية واقعية وعملية لتحقيق التنمية في ظل سيادة القانون ,وأنفاذ القانون ,والمساواة ,وأحترام حقوق الأنسان .
وعلى طريق البناء نلتقي من أجل غد أفضل.
-
العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ,1966
المصدر: مؤسسة شعوب للثقافة الديمقراطية.
|