"لما كان الإعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية مايرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة. ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم. ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد ايمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدما وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح. ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها. ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد. فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطاتها" (1).
هذه المقدمة من ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضرورية للغاية للتعرف على ما انعقد عليه اجماع وعزم شعوب الأمم المتحدة حول الارتباط بين الحرية والكرامة الإنسانية ورفاهية وسعادة البشرية جمعاء، لا سيما دور التعليم والتربية في توطيد احترام هذه الحقوق والحريات. وفي هذا المقام لا يسعني إلا التأكيد على أن نزوح وهجرة ولجوء ملايين السودانيين من كافة أرجاء السودان على تنوع عاداتهم وقيمهم وثقافاتهم، لم يكن ممكنا، إلا بسبب انتهاكات جسيمة لحرية وكرامة الإنسان السوداني وإغلاقٍ لسُبل العيش الكريم بوجهه وتدهور مريع في مستوى التعليم والتربية. ولما كان الأمر يتصل بأوضاع اللاجئين السودانيين في جمهورية مصر العربية الذين يبلغ تعدادهم 23.138 من جملة 40.933 حسب آخر (Fact Sheet) صادر من مكتب مفوضية اللاجئين في شهر أبريل 2011. أي أن اللاجئين السودانيين يمثلون أكثر من نصف عدد اللاجئين بمصر. فمن الأهمية بمكان القاء الضوء على الاتفاق أو العقد القانوني الذي تم بموجبه افتتاح مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة. ذلك الاتفاق الذي يتحكم في مصائر اللاجئين السودانيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى. وقد بحثت عن العقد أو اتفاق التفاهم المذكور في الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية المصرية بصفتها الجهة المسئولة عن الاتفاقيات الخارجية فلم أجد له أثرا؛ لكنني فوجئت بأن اتفاقيات التعاون السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي بين السودان ومصر، التي تحدث عنها مسئولي البلدين عدة مرات ولعدة جهات إعلامية غير مدرجة أيضا بالموقع المذكور (2)، بما في ذلك اتفاق الحريات الأربعة بين السودان ومصر. ورغم أن هذا الاتفاق المفتاحي بين حكومة مصر والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، غير موجود أو معروف، لدى أعداد مقدرة من المنظمات العاملة بمصر والمعنية باللاجئين، إلا أن تداعيات هذا الاتفاق مقرونا بتحفظات مصر على اتفاقية 1951 مبثوث في كافة جوانب وجود اللاجئين بمصر، سواءً تعلق الأمر بالتكييف القانوني لهذا الوجود أو المشاكل الناجمة عن تحفظات مصر على بعض نصوص اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، أو نظرة مصر للسودان كمياه وأرض وموارد؛ تلك النظرة الاستعمارية المرفوضة سودانيا (3). في هذا الإطار تهدف هذه الورقة إلى التعريف بجوهر وطبيعة المناخ القانوني والثقافي والاجتماعي الذي ميّز المشاكل الخاصة التي يواجهها اللاجئ عموما واللاجئ السوداني خصوصا، بمصر، مع تقديم نماذج حية لتلك المشاكل. عوضا عن تقديم مقترحات لمعالجة هذه المشاكل. ولأجل تسهيل الإلمام بالجوانب الرئيسية في هذه القضايا المتشعبة يُمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين، الأول يتعلق بالتحفظات المصرية على اتفاقية 1951 والثاني يتعلق بطبيعة رؤية مصر للسودان.
أولا: التحفظات المصرية على اتفاقية 1951
وحسب موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فإن التوضيحات المصرية لهذه التحفظات التي أرسلت لها بتاريخ 24 سيتمبر 1981 كانت كالآتي:
"1/ مصر قد وضعت تحفظا على المادة 12 (1) لأنها تتعارض مع القوانين داخل مصر. هذه المادة تنص على أن أحوال اللاجئ الشخصية يجب أن تخضع لبلد موطنه، وفي حالة تعذر ذلك، يخضع لقانون بلد اقامته. إن هذه المادة تتعارض مع المادة 25 من قانون الإجراءات المدنية المصري والتي تُقرأ ( القاضي يُقرر القانون الملائم في حالة الأشخاص عديمي الجنسية أو الذين يتمتعون بأكثر من جنسية واحدة في ذات الوقت. وفي حالة الأشخاص الذين لديهم اثبات، تابع لمصر، بجنسية مصرية، وفي نفس الوقت تابع لدولة أو أكثر من الدول الأجنبية وبجنسية تلك الدولة، يلزم تطبيق القانون المصري).
وأن السلطات المصرية المختصة ليست في وارد تعديل قانون الإجراءات المدنية المصري" (4).
لن تتضح أبعاد الصورة إلا بمعرفة المواد التي تحفظت عليها جمهورية مصر العربية وتأثيرات تلك التحفظات على أوضاع اللاجئين، خاصة اللاجئين السودانيين. فالمادة 12 (1) من الفصل الثاني حول الأحوال الشخصية التي تحفظت عليها مصر تنص على " تخضع أحوال اللاجئ الشخصية لقانون بلد موطنه، أو لقانون بلد إقامته إذا لم يكن له موطن" (5). وتتواصل التحفظات المصرية كما يرد أدناه:
"2/ وفيما يختص بالمواد 20 و 22 (الفقرة رقم 1)، والمواد 23 و 24 من اتفاقية 1951، فإن السلطات المصرية المختصة لديها تحفظات لأن تلك المواد تعتبر اللاجئ متساويا مع المواطن المصري. لقد قمنا بتلك التحفظات العامة لتجنب أي عائق يُمكن أن يؤثر على السلطة التقديرية لمصر في منح مزايا للاجئين حسب كل حالة". كما أن المادة 20 من الفصل الرابع حول التوزيع المقنن التي تحفظت عليها مصر تنص على الآتي " حيثما وجد نظام تقنين ينطبق على عموم السكان، ويخضع له التوزيع العمومي للمنتجات غير المتوافرة بالقدر الكافي، يُعامل اللاجئون معاملة المواطنين" (6). أما المادة 22 من الفصل الرابع حول التعليم الرسمي التي تحفظت عليها مصر أيضا فتنص على " تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها فيما يخص التعليم الابتدائي" (7). كما أن المادة 23 المُتحفظ عليها من الفصل الرابع حول الرعاية وبعنوان الإسعاف العام تُقرأ كالآتي " تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها في مجال الإغاثة والمساعدة العامة" (8). والمادة الأخيرة رقم 24 التي تحفظت عليها مصر هي من فصل الرعاية وبعنوان ( تشريع العمل والضمان الاجتماعي) وتنص على الآتي " 1/ تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها نفس المعاملة الممنوحة للمواطنين فيما يخص الأمور التالية:
أ/ في حالة كون هذه الشئون خاضعة للقوانين والأنظمة أو لإشراف السلطات الإدارية: الأجر ( بما فيه التعويضات العائلية إذا كانت تشكل جزءا من الأجر)، وساعات العمل، والترتيبات الخاصة بساعات العمل الإضافية، والإجازات المدفوعة الأجر، والقيود على العمل في المنازل، والحد الأدنى لساعات العمل، والتلمذة والتدريب المهني، وعمل النساء والأحداث، والاستفادة من المزايا التي توفرها عقود العمل الجماعية؛
ب/ الضمان الاجتماعي ( الأحكام القانونية الخاصة بإصابة العمل المهنية والأمومة والمرض والعجز والشيخوخة والوفاة والبطالة والأعباء العائلية، وأية مخاطر أخرى تنص القوانين والأنظمة على جعلها مشمولة بنظام الضمان الاجتماعي)، رهنا بالقيود التي قد تفرضها:
1. ترتيبات ملائمة تهدف للحفاظ على الحقوق المكتسبة أو التي هي قيد الاكتساب؛
2. قوانين أو أنظمة خاصة ببلد الإقامة قد تفرض أحكاما خاصة بشأن الإعانة الحكومية الكلية أو الجزئية المدفوعة بكاملها من الأموال العامة، وبشأن التعويضات المدفوعة للأشخاص الذين لا يستوفون شروط المساهمة المفروضة لمنح راتب تقاعدي.
2- إن حق التعويض عن وفاة لاجئ نتيجة إصابة عمل أو مرض مهني لا يتأثر بوقوع مكان إقامة المستحق خارج إقليم الدولة المتعاقدة.
3- تجعل الدول المتعاقدة المزايا الناجمة عن الاتفاقات التي عقدتها أو التي يمكن أن تعقدها والخاصة بالحفاظ على الحقوق الكتسبة، أو التي هي قيد الاكتساب على صعيد الضمان الاجتماعي، شاملة للاجئين، دون أن يرتهن ذلك إلا باستيفاء اللاجئ للشروط المطلوبة من مواطني الدول الموقعة على الاتفاقات المعنية.
4- تنظر الدول المتعاقدة بعين العطف في إمكانية جعل الاتفاقات المماثلة، النافذة المفعول أو التي قد تصبح نافذة المفعول بين هذه الدول المتعاقدة ودول غير متعاقدة، بقدر الإمكان، شاملة للاجئين."(9).
وهكذا يتبين أن الاعتراضات المصرية تتلخص في الاعتراض على خضوع اللاجئ لقانون بلده فيما يختص بأحواله الشخصية، والاعتراض على تعليم اللاجئ، والاعتراض على مساواة اللاجئ مع المواطن، لا سيما، عند حالات الإسعاف العام (الكوارث)، بالإضافة إلى الاعتراض على مساواة اللاجئ بالمواطن المصري فيما يخص كل من: الأجر والضمان الاجتماعي وحق التعويض عن الوفاة نتيجة إصابة عمل..إلخ. من المؤكد أن هذه التحفظات تضرب عرض الحائط بعدد من المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، خاصة، المواثيق ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات العامة. لكن هل وقف الأمر عند هذا الحد؟ الشهادات التالية (10 ) تعطي لمحة عن طبيعة أوضاع اللاجئين السودانيين.
شهادة اللاجئ ك. ع
اللاجئ ك. ع اتصل به (بكري محمد علي) من السفارة السودانية وذكر له أنه من قسم العلاقات العامة التابع للملحق العسكري وأمن السفارة وأن الحكومة المصرية والثوار الجدد يقدمون له تقارير عنه وعن تحركات المجموعة التي تعمل معه، موضحا أن آخر تقرير عنه يقول بأن اللاجئ المذكور يتلقى أموالا من اسرائيل يقوم بتوزيعها على بعض الأسر السودانية بمصر. وأن وجود اللاجئ المذكور (حسب الحكومة المصرية والثوار المصريين) بمصر، يهدد العلاقات المصرية السودانية. وطلب منه عنصر السفارة أن يختار أي مكان لمناقشة هذا التقرير معه إذا كان خائفا من الحضور للسفارة السودانية. كما أوضح له عنصر السفارة بأنه في حالة عدم مقابلته لهم سوف يترك الأجهزة المصرية والثوار المصريين ليقوموا باتخاذ الإجراءات اللازمة لترحيله إلى السودان. آخر اتصال من عنصر السفارة (بكري محمد علي) كان في يوم 17/7/2011. هذا وقد فتح اللاجئ المذكور بلاغا بقسم شرطة بولاق الدكرور وتم حفظ البلاغ (المحضر). وقام اللاجئ بفتح بلاغ آخر ضد عنصر السفارة عقب تهديدات أخرى. من جانب آخر فقد عمد محامي مفوضية اللاجئين الأستاذ/ عبد الجواد على احباط اللاجئ المذكور وطلب منه أن يحضر شهودا من طرفه يكونوا قد استمعوا لتلك المكالمة التلفونية، وعندما اعتذر اللاجئ موضحا صعوبة ذلك، طلب منه الأستاذ/ عبد الجواد محامي اللاجئين بمفوضية اللاجئين، أن يذهب لشركة الاتصالات ويطلب منها نص المكالمة. ويذكر اللاجئ المعني أن كل إجراءات فتح البلاغ واستخراج صورة من البلاغ (المحضر) قد قام بها اللاجئ بمفرده؛ وأن المحامي المذكور كان يعمد دائما لتعجيزه عن القيام بأدنى إجراء ضد السفارة السودانية. البلاغ لا زال مفتوحا والتهديدات للاجئ المذكور لم تتوقف.
شهادة اللاجئة ن. م
اللاجئة المذكورة تحمل بطاقة زرقاء ومقبولة حسب اتفاقية 1951 منذ 2003 وتعرضت للإغتصاب بداخل مصر وتعيش بمفردها. وقد أثرت حادثة الإغتصاب عليها نفسيا وعضويا. وبعد تعرضها لظروف صحية بالغة السوء قابلت الموظفة المصرية بمكتب مفوضية اللاجئين واسمها (نورهان) التي أجرت معها أربعة مقابلات وأوضحت لها أن ملفها قد تم تحويله منذ عدة سنوات لإحدى السفارات، وأبدت استغرابها من تواجدها بمصر حتى الآن. وعندما طلبت منها اللاجئة المذكورة أن تبين لها اسم السفارة التي تم تحويل ملفها لها رفضت الموظفة (نورهان) أن تقدم لها أي معلومات. واللاجئة المذكورة تعاني حتى الآن بدون أية حلول في الأفق.
شهادة اللاجئ ص. ح
اللاجئ المذكور يحمل بطاقة زرقاء منذ 2002 وأجرى مقابلة توطين في 2003 وأوضحت له موظفة مفوضية اللاجئين (شريفة) أنه مقبول حسب اتفاقية 1951 ومن حقه التوطين وسردت له الدول التي يُمكن أن يتم توطينه بها؛ لكن الموظفة (شريفة) أوقفت فجأة مقابلة التوطين بعد أن عرفت أنه قدم أيضا طلب لجوء لاستراليا، وقالت له أن استراليا سوف تقبلك، وسوف أعمل لك توطين إذا رفضتك استراليا. وبعد أن رفضته استراليا بعدة شهور رجع لمكتب مفوضية اللاجئين وظل بدون جدوى يكتب طلبات وشكاوى لعدة سنوات طالبا تحديد موعد آخر له للتوطين، ومراعاة وضعه الصحي الحرج حيث يعاني من مرض السكر والضغط وفيروس الكبد الوبائي ومشاكل في فقرات الظهر. ولما استقر رأيه أخيرا بعد مضايقات وتهديدات ومحاولة اغتيال يشك أنها من طرف اللواء (سعيد حجازي) بأمن الدولة؛ على طلب وثيقة سفر من مفوضية اللاجئين، حيث تعطي اتفاقية 1951 هذا الحق لأي لاجئ مقبول بموجب اتفاقية 1951. وذلك حسب المادة رقم 28 من إتفاقية 1951، تلك المادة التي لم تتحفظ عليها مصر. فإن الموظفة المعنية وهي من جنسية غير مصرية واسمها (مرايا) ظلت تماطل في اعطاءه وثيقة السفر المعنية لحوالي أربعة أشهر متتالية، حيث لم يتحصل اللاجئ المذكور على وثيقة السفر المعنية حتى الآن.
شهادة زوج اللاجئة س. م
يقول زوج اللاجئة المذكورة أنه يتعرض لتهديدات متواصلة من جهاز أمن الدولة بسبب أن زوجته قامت بفتح بلاغ ضد منظمة (كاريتاس) التي قامت بتحويلها لطبيب تتعامل معه، وقام الطبيب المذكور بإجراء عملية جراحية لها تم فيها استئصال أحد مبيضيها. وأن منظمة (أميرا) دخلت مع زوجته في مساومات بغرض شطب البلاغ مقابل تعويض مادي؛ كما أرسلت معها محام من جنسية غير مصرية كان قد أشار بإجراء فحص للتأكد من استئصال أو عدم استئصال المبيض وأصر على أن يكون الفحص على الجانب الذي به المبيض غير المستأصل! وقد احتجت اللاجئة على ذلك فلم يكترث لإحتجاجها. وقد أغضب هذا الأمر اللاجئة المعنية فأصرت على الاستمرار في القضية. وعند وصول الأمر لهذا الحد قام مكتب مفوضية اللاجئين بالإتصال باللاجئة وأصر على إجراء مقابلة تحديد وضع لها، حيث سحب منها مباشرة بطاقتها الصفراء موضحا لها أن قضيتها غير مقبولة. علما بأن اللاجئة المذكورة لم تطلب مقابلة تحديد وضع، حيث يعمل موظفي مفوضية اللاجئين في العادة على إثناء اللاجئين بكل الطرق عن إجراء مقابلة تحديد الوضع RSD.
شهادة ضابط الجيش السابق ب. ي
يحمل بطاقة زرقاء ومقبول حسب اتفاقية 1951، ذهب لشباك المفوضية في شهر أبريل 2011 وطلب مقابلة موظف الحماية وحكى له عن تعرضه لتهديدات مباشرة من السفارة السودانية ومحاولة اغتياله بعربة انطلقت فجأة بعد أن كانت كامنة على جانب الطريق؛ وفوجئ اللاجئ المذكور بموظف الحماية المصري (محمد عبدالله) يقول له " وما الذي نستطيع أن نفعله لك؟ ليس بيدنا شئ" فغضب اللاجئ المذكور وطلب من الموظف أن تأخذ مفوضية اللاجئين بطاقتها طالما هي عاجزة عن حمايته، فأخذها الموظف المذكور سائلا " هل أنت لا تريد حقا هذه البطاقة". الضابط السابق يحكي عن صديق له كان ضابطا طيارا بالجيش السوداني ولم يقدم للجوء بمصر بسبب سوء سمعة مكتب مفوضية اللاجئين بمصر. وانتهى الأمر إلى اختفاء هذا الضابط الطيار في ظروف غامضة.
شهادة ضابط الشرطة ج. ت
الضابط طبيب شرطة سابق ولاجئ تعرض لتهديدات من جهاز الأمن والمخابرات السوداني بتصفيته. تلقى الضابط طبيب شرطة المذكور تهديدات مباشرة على إيميله وموبايله الخاص، ورفضت الشرطة المصرية أول الأمر فتح بلاغ له. لكنها فتحت له بلاغا بعد دخوله على مأمور القسم وأداء التحية العسكرية له ومعرفة مأمور القسم بأن اللاجئ المذكور ضابط شرطة سابق. قام الضابط اللاجئ بإبلاغ مكتب مفوضية اللاجئين بذلك فلم يحرك المكتب ساكنا حتى الآن.
شهادة اللاجئة و. ض التي تعمل بالمنازل
اللاجئة المعنية كانت تعمل بمنزل ممثلة مصرية معروفة، وقررت اللاجئة ترك العمل مع الممثلة المعروفة بسبب سوء تعاملها معها، نتيجة لعدم قدرة الممثلة المصرية على منع نفسها من الإسراف في شرب الخمر. فادعت الممثلة المذكورة أن اللاجئة السودانية التي لم تتجاوز العشرين من العمر قد سرقت بعض الأغراض من المنزل. وقد حبست اللاجئة المذكورة لمدة 8 أيام بقسم الشرطة، حتى أطلقت سراحها النيابة. الجدير بالذكر أن الممثلة المذكورة تعاملت بنفس الأسلوب من قبل مع لاجئة أخرى؛ كما أن هنالك أحاديث عن أن هذه الممثلة قد دفعت اللاجئة السودانية التي قيل عنها أنها ألقت بنفسها من بلكونة تلك الممثلة.
هذا غيض من فيض مشاكل اللاجئين السودانيين بمصر؛ فما هي الأسباب الجوهرية وراء مشاكل اللاجئين السودانيين بمصر؟ جزء من الإجابة على هذا السؤال يتصل بطبيعة مقاربة مشاكل اللاجئين. فهل تتم عملية مقاربة مشاكل اللاجئين من منظور سياسي؟ أم من منظور إنساني؟ أم أن المقاربة يتصل فيها المنظور السياسي بالمنظور الإنساني في ظل دعوات دولية لإصلاح منظومة الأمم المتحدة برمتها، وسط اتهامات بالفساد طالت مسؤولين كبار بالأمم المتحدة كما هو عليه واقع الحال. وإذا كان الأمر كذلك، لك أن تتخيل ما شئت بشأن أوضاع لاجئين مكشوفي الظهر وبدون سند حقيقي في ظل نظام شمولي فاسد كنظام المخلوع حسني مبارك. حيث ترتبط أوضاع اللاجئين، ومنهم اللاجئين السودانيين، بمساومات الأجهزة الأمنية لنظام مبارك البائد مع أنظمة البلدان التي قدم منها اللاجئون. حيث يغيب المنظور الإنساني تماما، ويحل محله منظور سياسي وأمني تبريري. تحكمه المصلحة الضيقة للنظام الحاكم؛ التي لا مصلحة للشعوب فيها. فكيف كانت رؤية مصر للسودان في ظل الأنظمة الشمولية المصرية المتعاقبة؟
ثانيا: رؤية مصر للسودان
تنطلق تلك الرؤية المصرية للسودان من كونه مصدرا للموارد الطبيعية في ظاهر الأرض وباطنها، لا سيما المياه. وتلك نظرة لا تلتفت مطلقا إلى طموحات الشعب السوداني إلا بقدر تحقيقها للمصالح المصرية بمنظور استعماري. أي أن أي تعارض بين المصالح المصرية بمنظور الأطماع الاستعمارية السائد حتى الآن، وبين تحقيق المصالح الوطنية العليا للشعب السوداني، تسعى السلطة المصرية لحله لصالح تلك الأطماع الاستعمارية. وهذا منظور قاصر يعمل على تخريب علاقات الشعبين الجارين؛ كما يضر بالمصالح الوطنية العليا لكلا الشعبين على المدى البعيد. في العصر الاستعماري الحديث جرى اجتياح السودان واحتلاله في عام 1821 بشراكة مصرية تركية حتى تحريره في عام 1885 بقيام الثورة المهدية، ثم عاودت مصر الكرة لتحتل السودان مرة أخرى بمعاونة بريطانيا في عام 1899 حتى استقلال السودان عام 1956. وتصاعدت محاولات السيطرة على الموارد الطبيعية عقب محاولة إغتيال الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك سنة 1995؛ فقد استغلت مصر تلك المحاولة الفاشلة ليقوم الجيش المصري باجتياح مثلث حلايب وشلاتين السوداني وسط أجواء ترهيب مصري للمعارضة السودانية على المستويين الرسمي والشعبي طال قطاعات من النوبيين المصريين على أساسٍ من السحنة ولون البشرة ( 11).
لكن تلك المحاولات أخذت منحىً أمنيا ناعما بعد موافقة السودان على اتفاق الحريات الأربع بين السودان ومصر في أوائل شهر أبريل 2004. أعطى هذا الإتفاق المصريين حقوق الإقامة والعمل والتنقل والتملك في السودان؛ بينما أطلق يد الأجهزة الأمنية المصرية ضد المعارضين واللاجئين السودانيين الذين لديهم مواقف وطنية مشرفة ترفض السيطرة المصرية على الموارد الطبيعية السودانية (12). بالمقابل تزايدت أعداد الإسلاميين من عضوية المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان في أوربا وبلدان اللجوء الأخرى. ويعزو كثير من اللاجئين السودانييين بمصر تزايد أعداد الإسلاميين من عضوية الحزب الحاكم بدول اللجوء إلى تواطؤ الأجهزة الأمنية المصرية وفساد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بمصر، خاصة الموظفين المصريين. حيث تعمل الأجهزة الأمنية المصرية عبر وزارة الخارجية المصرية على ضرب عصفورين بحجر واحد يشمل تشويه صورة المعارضة السودانية، وتخويف الغرب من سيطرة الإسلاميين على السلطة في مصر بعد تصدير إسلاميين سودانيين ومن جنسيات أخرى إلى الغرب الأوروبي والأمريكي. يذكر في هذا الصدد تصريح للوزير المصري/ علي الدين هلال لإحدى الصحف المصرية أشار فيه إلى أن المعارضة السودانية هي معارضة إسلامية بالأساس. يؤشر ذلك عند قراءته مع محاكمة اللاجئ السابق (خاطر عبد الله) فيما عُرِف باسم قضية حزب الله أمام محكمة عسكرية (13). ومحاكمة لاجئين آخرين أمام المحاكم العسكرية، بالإضافة لإلقاء القبض على مصريين في استراليا وصلوا إليها بأوراق للاجئين سودانيين، حيث تبين لاحقا أن أولئك المصريين مرتبطين بالأجهزة الأمنية المصرية (14). يُعبِّر كل ذلك عن مستوى تواطؤ السلطات المصرية. فما هي أسباب هذا التواطؤ المصري؟
المؤكد أن الأحداث الجسام تفصح عن حقيقة ما يعتمل في صدور الأفراد والمجموعات تجاه بعضهم البعض. وينطبق هذا الأمر أيضا على الشعوب ومؤسساتها؛ وفي هذا الإطار يأتي بيان للاجئين السودانيين إبان أحداث الثورة المصرية مبينا لما لاقاه اللاجئون السودانيون في غضون تلك الأيام الصعبة، يقول البيان الصادر بتاريخ الجمعة 4/2/2011 " 1/ هنالك قلق بالغ في أوساط اللاجئين السودانيين على مصائر وحياة أكثر من ثلاثين لاجئاً سودانياً بالسجون المصرية تتهمهم الجهات الأمنية بالمشاركة في عمليات التسلل لإسرائيل. وبسبب تورط عناصر مصرية من أمن الدولة والمخابرات، العاملين بمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، والمنتدبين من الخارجية المصرية، أو معارف وأقارب المتنفذين في الدولة المصرية، لم تجرؤ الأجهزة المختصة على تقديم المتهمين لمحاكمات مدنية عادلة وعلنية. رغم ذلك فقد برأت المحاكمات العسكرية إثنا عشر منهم قبل عدة شهور؛ بينما رفضت سلطات وزارة الداخلية المصرية الإفراج عنهم حتى الآن. وحيث يُشكل اللاجئون السودانيون الحائط القصير الذي تتسلقه الأجهزة الأمنية المصرية لتحقيق مآربها؛ يتواجد سودانيون بأعداد مقدرة بالسجون المصرية فيما هو معروف بإغلاق ملفات القضايا المفتوحة عبر تلفيق الاتهامات وتزييف الأدلة ضد اللاجئين أواخر كل سنة حكومية. كما تم اعتقال أعدادا منهم في الأحداث المصرية الأخيرة.
2/ في هذا الظرف الذي فيه اللاجئين في حاجةٍ شديدةٍ للحماية، وتوفير ضروريات الحياة، تخلى مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالعاصمة المصرية عن مسئولياته وأغلق أبوابه فى وجه كافة اللاجئين منذ تفجر التظاهرات المصرية في الخامس والعشرين من يناير المنصرم. وقامت كافة المنظمات الأخرى المتعاونة معه بنفس الإجراء. كما عمدت مباحث أمن الدولة عقب عودتها، إلى مداهمة وترويع عدد من أُسر اللاجئين وأطفالهم، واجراء تحقيقات معهم بمساكنهم. في ظل خشية من تفريغ نار غضب جيش الداخلية العائد على اللاجئين الأبرياء العُزل.
3/ في ظل هذا الوضع المُزري قام الصحفي المصري عماد الدين أديب بتحريض الشعب المصري وأجهزته الأمنية ضد الأجانب والعرب في عدة قنوات التلفزيونية منذ مساء الثلاثاء 1/2/2011م. كما أعاد تحريضه بصحيفة (المصري اليوم) بالصفحة رقم 12 الصادرة يوم الأربعاء 2/2/2011م، عِوضاً عن ما أوردته صحيفة الشروق(المصرية) بنفس اليوم عن القاء القبض على خمسين سودانياً وأثيوبياً من قبل الجيش الثالث الميداني بالسويس بمعاونة الأهالي من اللجان الشعبية؛ بينما نفى ذلك تماماً في اتصال هاتفي أحد مسئولي اللجان الشعبية بالسويس قائلاً "السودانيين أخواتنا نقبض عليهم ليه". تتضح أبعاد الصورة بما أوردته إحدى الصحف الرسمية المصرية في عدد الجمعة 4/2/2011م (الأخبار) بأنه تم القاء القبض على لصوص من بينهم "ثلاثة وعشرين اريترياً وخمسين سودانياً وأثيوبياً وأردنياً" وذلك بالصفحة رقم 14، حيث جاء في الصفحة الأولى من نفس العدد بالخط العريض"سقوط مخربين فلسطينيين وإيرانيين ومغاربة وسوريين ويمنيين في قبضة اللجان الشعبية". بينما لم يأت الإعلام الرسمي المصري على ذكر الإسرائيلي الذي تم القاء القبض عليه من اللجان الشعبية بالسويس وأبرزته معظم وسائل الإعلام العالمية.
4/ درجت الأجهزة الأمنية المصرية في استدعاءاتها المتكررة لقادة اعتصام اللاجئين قبل وبعد ارتكابها جريمتها النكراء بقتل اللاجئين السودانيين أواخر 2005م ، و توجيه الاتهامات لهم بأنهم السبب وراء ازدياد الاحتجاجات والاعتصامات في الشارع المصري. وندرك بالتجربة العملية، أن الأجهزة الأمنية المصرية قد اعتادت في إطار جهودها لإعادة توجيه الغضب المصري الداخلي للخارج حسب نظرية المؤامرة التقليدية، على تنكب هذا المسلك غير الأخلاقي مراراً وتكراراً. ونحن إذ نُدين بشدة مثل هذا السلوك غير الأخلاقي، نرفض بشكل قاطع الزج باللاجئين السودانيين فيما لا ناقة لهم فيه ولا جمل، أو أن يكونوا قرابين وكباش فداء في إطار لعبة توازنات الأجهزة الأمنية المصرية.
5/ اللاجئين السودانيين وعوائلهم وأطفالهم هم الأكثر تضرراً من الأوضاع المصرية الراهنة بسبب اعتمادهم على: التحويلات المالية من أهلهم ومعارفهم، والأعمال الهامشية والإعانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين. حيث تتحفظ دولة مصر على حق اللاجئ السوداني في العمل، وعلى حقوق أخرى مهمة للاجئ السوداني.
6/ يُعاني اللاجئيون السودانيون مُرَّ العناء من تحيُّز الموظفين المصريين ضد السودانيين، لا سيما سيطرة الموظفين المصريين على مكتب مفوضية اللاجئين وعلى المنظمات الأخرى العاملة مع اللاجئين. حيث يمنع الموظفون المصريون اللاجئين السودانيين عند استقبال مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين من مقابلة الموظفين من الجنسيات الأخرى. بينما تفتقر المنظمات المذكورة لممارسات الشفافية والمشاركة عند تعاملها مع اللاجئين السودانيين البالغ تعدادهم 23 ألف لاجئ سوداني من جملة 37 ألف لاجئ من الجنسيات الأخرى. التعامل العدائي الاستفزازي من طرف غالبية الموظفين المصريين بمكتب مفوضية اللاجئين تجاه اللاجئين السودانيين وعدم الرد على شكاواهم، أسبابه مزيج من عدة عوامل يُمكن إيجازها في النقاط التالية:
أ/ الأطماع المصرية تجاه السودان (إحتلال مصر مثلث حلايب وشلاتين، منطقة الحوض النوبي والجزء السوداني من جبل عوينات).
ب/ معظم الموظفين المصريين بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين هم أمنيين منتدبين من الخارجية المصرية أو أقارب ومعارف لنافذين في الحكومة المصرية.
ج/ الاتفاقيات الأمنية المعلنة بين الحكومتين السودانية والمصرية.
د/ الاختلاف بين الثقافتين السودانية والمصرية بمحمولاته من الاستعلاء والعنصرية من قبل نسبة مقدرة من المصريين تجاه السودانيين.
هـ/ تفشي البطالة في أوساط الشباب المصري بما يجعل العاملون مع اللاجئين عُرضة لمساومات الأجهزة الأمنية، خاصة مع سيادة روح التعصب الوطني الأعمى كما ظهر عقب مباراة الجزائر ومصر بولاية الخرطوم وفي مناسبات أُخرى.
ولأجل لجم الفساد وتكريس مصداقية مطلوبة ولكل ما ورد أعلاه نطالب بالآتي:
1/ أن يفتح مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أبواب مكتبه أمام اللاجئين في أسرع وقتٍ ممكن.
2/ أن يمد مكتب المفوضية السامية دوام عمله فى استلام الطلبات، لتكون من الصباح حتى الثالثة ظهراً لتعويض تبعات توقفه عن العمل أثناء الاضطرابات الاجتماعية المصرية منذ25/1/2011م.
3/ أن يقوم مكتب المفوضية السامية للاجئين بدوره المنوط به كاملاً في توفير الحماية وضروريات الحياة لكافة اللاجئين.
4/ أن يقوم مكتب المفوضية السامية للاجئين باتخاذ كافة الخطوات الجادة للحد من سيطرة الحكومة المصرية على المفوضية السامية للاجئين بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة وسلطتها العُليا ممثلة في مجلس الأمن. وذلك باتجاه اضفاء مزيد من الشفافية على عمل مفوضية اللاجئين ولأجل كفالة مشاركة أكبر للاجئين في تقرير مستقبلهم" (15).
فهل حدث أي تغيير حقيقي في أوضاع اللاجئين عقب الثورة المصرية؟ تُشير تجربة اللاجئين السودانيين في تعاملهم مع الأجهزة الأمنية إلى تنامي الرفض في أوساط الشرطة المصرية للضلوع في تعامل عنيف مع اللاجئين بناءا على شكاوى متعددة. لكن رفض فتح بلاغات ضد السفارة السودانية أو ضد أطراف مصرية نافذة لا زال ساريا. بينما قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية المصري سيئ الصيت والسمعة لسنة 2002؛ لا زال سيفا مسلطا على ضمير وفاعلية منظمات المجتمع المدني المصرية التي ترغب في تغيير هذه الأوضاع المأساوية.
ولما كانت مصر تستقبل فجرا جديدا عقب ثورة 25 يناير التي أشعلها الشباب المصري الطامح إلى الحرية والكرامة والعدالة. حيث جرى استفتاء على التعديلات الدستورية في يوم 19 مارس 2011، ووافق عليه الشعب بأغلبية مريحة. كما أصدر المجلس العسكري المصري إعلانا دستوريا في مساء الأربعاء 31 مارس 2011 (16)؛ فإن بقاء تحفظات وقوانين ورجال ونساء نظام مبارك البائد فيما يختص باللاجئين يجرح توجه مصر الجديد نحو الحرية والكرامة الإنسانية، ناهيك عن كونه لا يُشرٍّف مصر ثورة 25 يناير، ويُشكك في جدية توجهها الجديد نحو افريقيا (17)، خاصةً السودان. ولأن الحرية والكرامة لا تتجزأ وهي حق لكل البشر غض النظر عن سحناتهم وألوانهم وثقافاتهم وقيمهم وجنسياتهم وبلدانهم. فلا مناص من رفع تحفظات مصر على اتفاقية 1951، ولا فكاك من الشفافية والمشاركة لتكريس مصداقية مطلوبة في مفوضية اللاجئين، وبالنسبة لمعظم اللاجئين والسودانيين منهم بشكل خاص، فإن الحل الأمثل يكمن في نقل اللاجئين لدولةٍ أخرى.
هوامش:
v علاء الدين علي أبومدين محمد، كاتب ولاجئ سوداني بمصر
(1) مجموعة من المواثيق الدولية والإقليمية الخاصة باللاجئين وغيرهم ممن يدخلون في نطاق اهتمام المفوضية. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، المكتب الإقليمي بمصر، ديسمبر 2009، (كتاب) ص 375.
* مقابلات شخصية مكتملة المعلومات مع اللاجئين، رموز الأحرف لا علاقة لها بأسماء اللاجئين الحقيقية حفاظا عليهم.
(2) الموقع الإلكتروني وزارة الخارجية المصرية،
(3) انظر: الأمين عبد اللطيف، العلاقات السودانية المصرية ورؤية مستقبلية، الخرطوم: مركز محمّد عمر بشير، 1986، ص 175-178.
- أسامة الغزالي، العلاقات المصرية السّودانيّة بين الماضي والحاضر والمستقبل، القاهرة: مركز البحوث والدّراسات الإستراتيجيّة، 1990، ص. 141 و 152.
- القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ندوة بعنوان (مستقبل السودان: الآثار الداخلية والإقليمية للتسوية)، يومي 24 و 25 مايو 2004.
(4) United Nations, Treaty Series, vol. 189, p. 137.
(5) " مجموعة من المواثيق.." مصدر سابق، ص 14.
(6) نفس المصدر، ص16.
(7) نفس المصدر، ص 16.
(8) نفس المصدر، ص 17.
(9) مصدر سابق، United Nations, Treaty Series, vol. 189, p. 137.
(10) لقاءات شخصية مع عدد مع عدد من اللاجئين السودانيين.
(11) معلومة تم تأكيدها من عدد من أعضاء هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي.
(12) لقاءات مع لاجئين سودانيين تم التحقيق معهم من قبل جهاز أمن الدولة المصري.
(13) صحيفة المصري اليوم، مصر، عدد 2146، الخميس 29 أبريل 2010.
(14) لقاء مع مواطن بريطاني.
(15) http://www.sudaneseonline.com/ar5/publish/article_1584.shtmll موقع سودانيزاولاين.
(16) صحيفة الجمهورية، مصر، عدد 9021، الخميس 31 مارس، ص 1 و5.
(17) نفس المصدر، ص 4.
قدمت هذه المادة في ندوة بنقابة الصحفيين المصريين بالقاهرة في يوم الخميس 28 يوليو 2011م.
abumedian123@hotmail.com
|