french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr
 

حروب واكاذيب - معن بشور

 

2012-01-02

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

                  

                 لم تكن اكاذيب الادارة الامريكية في الحديث عن وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق، وعن علاقة النظام السابق للاحتلال بالقاعدة، هي الاكاذيب الوحيدة التي أستخدمها المجمع الصناعي – العسكري – النفطي – المصرفي المتحكم بالقرار الامريكي لتبرير غزو العراق وفرض الحصار على شعبه في حرب استمرت اكثر من 13 عاماً.

فقوى الهيمنة والاحتلال الاستعمارية إذا قررت غزو بلد ما فإنها لا تحتاج إلى ذرائع ومبررات لأنها قادرة دوماً، بما تملكه من قدرات ووسائل، على اختلاق هذه الذرائع وافتعال تلك المبررات من أجل تحقيق غاياتها.

ولعل في إطلالة سريعة على حروب الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى بدايات القرن الحادي والعشرين تكشف لنا بوضوح صحة هذه المعادلة.

فالحرب الأمريكية على إسبانيا عام 1898 للاستيلاء على جزر الكاريبي بدأت بذريعة تفجير الأسبان لسفينة أمريكية ليتبين بعد 82 عاماً، وبموجب اعتراف أمريكي، أن لا علاقة للأسبان بذلك التفجير وإنما وراءه انفجار محركات داخل السفينة ذاتها.

الدخول الأمريكي إلى الحرب العالمية الأولى عام 1915 تمّ أثر تعرض الألمان للبارجة الامريكية لوسيتانيا وتدميرها ليتبين فيما بعد أن السلطات الأمريكية قد سربت معلومات لجيش الرايخ الثالث عن تلك البارجة لتدميرها وقتل كل البحارة الأمريكيين الذين كانوا بداخلها، لإيجاد مبرر للانخراط في الحرب العالمية ضد دول المحور آنذاك.

أما معركة بيرل هاربر 1941 التي دخلت بسببها واشنطن الحرب العالمية الثانية ضد اليابان وألمانيا وإيطاليا فقد تبيّن لاحقاً أن القيادة الأمريكية العليا كانت تملك معلومات دقيقة عن موعد الهجوم وحجمه قبيل وقوعه لكنها لم تضع القيادة المركزية في الهاواي بصورة المعلومات  لتفادي الخسائر الكبيرة الناجمة عنه، وبشهادة قائد الموقع نفسه فيما بعد.

لم يكن الأمر مختلفاً في أمر غزو كوبا في مطلع الستينات، المعروف بخليج الخنازير، فقد كشفت وثيقة للمخابرات المركزية الأمريكية (تمّ الكشف عنها بعد مرور المهلة المعروفة على إبقائها سرية) عن أنها (أي المخابرات الأمريكية) قد وضعت جملة سيناريوهات تبرّر غزو كوبا، منها تفجير سفينة أمريكية قرب الساحل الكوبي، واتهام فيديل كاسترو بها، أو شن هجوم على مخيمات اللاجئين الكوبيين في ديامي وقتل عدد منهم والإيحاء بدور كوبا في ذلك، أو، وهو الأخطر، تحضير طائرة دون طيار تحمل رقم طائرة مدنية ونوعها وتنطلق في التوقيت ذاته، ثم يتمّ إنزال الطائرة المليئة بالركاب بأسمائهم المستعارة، ثم يجري تفجير الطائرة الأخرى بدون طيار واتهام السلطات الكوبية بذلك.

ولعلّ الفضيحة الأكبر كانت في السبب الذي شنّت فيه واشنطن حربها ضد فيتنام حين أدعى وزير الدفاع آنذاك، روبرت ماكنمارا، إن الفيتناميين قد أغرقوا سفينة أمريكية، مادوكس، في خليج تونكين الفيتنامي، وانتزعت شهادة حكومة سايغون العميلة المؤيدة لاتهامهم، فكانت حرب مديدة قتل فيها 4 ملايين فيتنامي وعشرات الآلاف من الأمريكيين ليخرج بعد 40 سنة ماكنمارا ذاته ليعلن أنه لم يكن هناك سفينة أمريكية في خليج تونكين، تماماً كما خرج كولن باول وزير الخارجية الأمريكية بعد خمسة وأربعين سنة على حادثة خليج تونكين ليعتذر عما قدّمه من أفلام ووثائق عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق.

ولعل العراق كان الأكثر عرضة لهذا النوع من الأكاذيب تبريراً للحرب عليه، أبرز تلك الأكاذيب إبلاغ واشنطن للرياض عن وجود 250 ألف جندي عراقي مع دباباتهم على الحدود الكويتية - السعودية عام 1990، بهدف الغزو، وذلك لإفساح المجال للبنتاغون أن يقيم قواعده العسكرية في السعودية ودول الخليج، ليتبين فيما بعد، وفي صور التقطتها أقمار صناعية أنه لم يكن هناك دبابة واحدة أو آلية أو رجل واحد على تلك الحدود، ومن تلك الأكاذيب شهادة ممرضة كويتية في واشنطن عن وحشية الجنود العراقيين وقتلهم لأطفال رضع في مستشفى كويتي ليتبين فيما بعد أن تلك الممرضة لم تكن إلاّ ابنة سفير الكويت في الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، وإن الشهادة برمتها كانت من صنع واحدة من أكبر الشركات الإعلامية الأمريكية (هيل ونولتون)، تماماً كما كان لشركة مماثلة دور في ترتيب تظاهرة صغيرة جاءت إلى بغداد وعملت على تحطيم نصب للرئيس العراقي صدام حسين، بل ليقول البعض إن المشهد كله كان مصوراً قبل حدوثه، ليكون جزءاً من الحرب الإعلامية التي أسقطت العاصمة العراقية قبل سقوطها فعلاً.

أما في أفغانستان، فلقد كشفت وثائق أمريكية عدّة إن خطة الهجوم عليها قد وضعت قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، وإنها كانت موضوعة على طاولة بوش الابن في 10 أيلول/سبتمبر، وقد وضعتها شركة النفط الشهيرة UNOCAL بعد فشل مفاوضاتها مع طالبان للسماح لها بإنشاء خط أنابيب غاز من دول بحر قزوين إلى المحيط الهادئ، يومها قال مسؤولو الشركة لطالبان: إما أن نغطيكم بالذهب أو بالموت فما عليكم إلا الاختيار. والجدير بالذكر أن حميد كرزاي رئيس أفغانستان ما بعد الاحتلال كان أحد أبرز مستشاري الشركة التي أضافت مع شقيقاتها مصطلح النفطي إلى جانب مصطلح المجمع العسكري الصناعي الذي حذّر منه الرئيس إيزنهاور يوماً ليصبح اليوم المجمع العسكري - الصناعي - النفطي - المصرفي.

إن التذكير بهذه الأحداث، ومعها حادثة رواية محاولة اغتيال السفير الصهيوني في لندن لتبرير الغزو الصهيوني للبنان عام 1982، هو مسألة بالغة الأهمية لقراءة ما يدور حولنا، خصوصاً حول سوريا، والتنبه إلى اللعبة الإعلامية – المخابراتية الخطيرة الجارية والتي تسعى دون شك إلى استغلال مطالب مشروعة للشعب السوري لتحقيق أهداف غير مشروعة.

واكاذيب الادارة الامريكية لم تكن الشيء الوحيد الذي اظهرته الحرب الامريكية على العرق بل كشفت تلك الحرب عن  العلاقة بين الاحتلال والفساد، بل بينهما وبين الاستبداد وملحقاته من اغتيالات واعتقالات وتعذيب وتزوير وتهجير.

فالمواطن الأمريكي يتساءل مثلا عن مصير 20 مليار دولار ضّختها حكومته من خزينة بلاده لإنشاء "مدارس وطرق ومستشفيات وكهرباء ومياه" في العراق، حسبما قال بوش يومها، فإذ بها تختفي خلال أشهر قليلة دون أن يحصل العراقيون على أي من الخدمات الموعودة، بل دون أي محاسبة قانونية لآلية الأنفاق، فشهد العالم أجرأ عملية نصب واحتيال عالمية كان مهندسها الأول بول بريمر والمستفيدون الرئيسيون منها شركة (هاليبرتون) التي كان ديك تشيني احد كبار العاملين فيها، بالإضافة إلى رونالد رامسفيلد وزير الدفاع آنذاك ومعه ضباط ومستشارون كبار أطلقوا معادلة " Cost + " أي الكلفة زائد نسبة من الأرباح وذلك من اجل نهب موارد العراق ومال دافع الضريبة الأمريكية بحجة الحرب في العراق فحققت مثلا الشركة المحظية أرباحاً بقيمة عشر مليارات دولار ونصف المليار خلال ثلاثة أشهر فقط وهو رقم لم تحّققه شركة أمريكية أخرى ما عدا شركة (اكسون) النفطية في ظرف آخر.

وكما كان الراعي الأكبر فاسداً، فان الرعاة المحليين الأصغر تمثلوا به ونهبوا لحساب اسيادهم المحتلين  خيرات  العراق على نحو غير مسبوق جعل من بلدهم، الذي كان محصناً ضد الفساد على مدى عقود، مع أفغانستان، على رأس لائحة البلدان الأكثر فساداً  ولعل ما تتعرض لها "هيئة النزاهة" في العراق من قتل لموظفيها وتفجير لمبناها، وسرقة لوثائقها هو اسطع دليل على مدى تغلغل الفساد العراقي منذ الاحتلال.

                 طبعاً هناك حقائق اخرى كشفتها تلك الحرب وهي علاقتها بالمشروع الصهيوني ومخططاته الرامية إلى تفتيت المنطقة وتحويلها مسرحاً لفتن عرقية وطائفية ومذهبية ، كما عن تبعية ما يسمى "المجتمع الدولي" للقرار الامريكي والسعي لتغطيته وتكريس مفاعيلها وكلها حقائق تحتاج إلى كلام آخر في مجال آخر.

 

26/12/2011

 

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff – France

Phone: (33-1) 40921588  * Fax: (33-1) 46541913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu www.achr.eu

 

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها

الصفحة الرئيسة