"الجرحى بالمئات في ميدان التحرير حيث نحن موجودون منذ البارحة، والبعض منهم اصاباتهم خطيرة بسبب ما تعرضنا له من طرف بلطجية وزارة الداخلية والحزب الحاكم المحصنين بالخيول والجمال والاسلحة البيضاء.. الإمكانيات متواضعة ولا توجد لدينا سيارات اسعاف لنقلهم للمشافي حيث الاسعافات الميدانية لا تفي بالحاجة، في حين ما زالت الحجارة تسقط علينا وكرات اللهب من قنابل المولوتوف بميدان عبد المنعم رياض قرب ميدان التحرير تتوالى وتتسبب باحراق جانب من المتحف المصري.. نحن نحتاج لمدنا بوسائل اسعافية للجرحى، ونطالبكم بأن تفعلوا ما تستطيعوه ليصل صوتنا للعالم الخارجي بالسرعة القصوى لانقاذنا من هذه المجازر التي ترتكب بحق المصريين الرافضين لبقاء مبارك في الحكم ولفرض وقف هذه الجرائم الشنيعة التي تنتقم من الشباب الذين لا يريدون بديلاً عن رحيله .. "
هذا ما قاله لنا أعضاء في اللجنة العربية لحقوق الإنسان وأصدقاء لها بعد ظهر البارحة الاربعاء 2/02/2011 من هاتفهم من ميدان التحرير. فالنظام الذي يمعن في اظهار صورته القبيحة بترك زبانيته يعيثون فسادا في بلدهم بما فيه توريط قوات الجيش في عمليات العنف، وينتقمون من المطالبين ليس بأكثر من حقوقهم التي كفلتها المواثيق الدولية، لم يعرف أن يقدم اي تنازل حقيقي للمحتجين على عقود من انتهاك حقوق الشعب المصري وحرياته الأساسية. بل كانت بعض التحسينات التجميلية التي خرج بها الرئيس المصري في خطاب البارحة والتي لم ترض أحداً، في الوقت الذي قطع فيه الشباب المتظاهر شوطا كبيرا في الصمود ونضج الطرح المطلبي وتوحد الكلمة وحشد تظاهرات مليونية لم يحصل فيها اي خلل بالأمن، إلا ما أتى من أطراف تابعة لوزارة الداخلية للتشويش على التحركات وتشويه صورة القائمين عليها.
ازاء هذا التدهور المتسارع والمريع للأوضاع والتي على رأسها خسارة حياة بعض المشاركين في الاحتجاجات، تحذر اللجنة العربية لحقوق الإنسان من استمرار عمليات العنف ضد المحتجين الذين دفعوا الغالي والنفيس للحصول على تغيير حقيقي، وتطالب بالشروع في البحث عن مخرج سياسي عاجل حقناً للدماء الذكية ولوضع أسس هذا التغيير. كما تطالب بإجراء تحقيق شفاف في ما ارتكب من جرائم ضد الانسانية خلال هذا الحراك السلمي المستمر منذ أكثر من أسبوع. وقد باشرت بالتعاون مع حقوقيين مصريين برصد أسماء من قام بالأعمال العنفية وتوثيق انتهاكاتهم لحقوق الإنسان لضمان عدم افلاتهم من العقاب. وذلك في ظل نظام جديد تبني أسسه كل القوى التي ناضلت للتغيير ويكفل تحقيق آمال وطموحات الشعب المصري في الحرية والتنمية والديمقراطية. الأمر الذي لا يمكن أن يتم ببقاء رموز النظام الحالي وأركانه التي فقدت تماماً ثقة الشعب بعدم احترامها لإرادته بالتغيير ولحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطلعاته التي جرت مقايضتها بمصالح فئة احتكرت السلطة والثروة، ورهنت أمن مصر الاقليمي لتحالفات واتفاقيات حولتها لحارس أمين لمصلحة الكيان الصهيوني. وحيث يشعر اليوم ببالغ القلق لاهتزاز وضع حليفه ويمارس ضغوطه على العالم لموآزرته من أجل بقائه في الحكم كونه أفضل من ضمن مصالحه على حساب مصالح بلده وازدهاره وأمن وحقوق شعبه بالتنمية والديمقراطية، هذا الكيان لن يعدم وسيلة لتصعيد توتير الأوضاع، وهناك فعلاً مؤشرات لتدهور درامي للوضع في مصر في الأيام القليلة القادمة عسى أن تخطئ. وما قام به اليوم من مواجهة مباشرة بين البلطجية والشعب الثائر على الظلم يقع في نطاق توظيف المرتزقة للقتل العمد للمعتصمين سلميا، وهذه الجريمة وكل ما سبقها وتبعها يعتبر هو وقيادة أركان نظامه مسؤولا مباشرا عنها. فبعد أن باشرنا تحضير ملف في الجرائم الاقتصادية لمنظومة مبارك، نعمل لملاحقة قمة المنظومة للجرائم السياسية والمدنية الجسيمة التي يرتكبها بحق الشعب المصري.
باريس في 2/02/2011
|