french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr
 

مصنع المناضلين - محمد سيف الدولة

 

2011-01-03

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

                                   

كان لدينا فى مصر مصنعا وحيدا لتربية وإعداد الشباب وطنيا وسياسيا .

و كان هذا المصنع هو الجامعات المصرية .

كان الشباب يدخلونها مادة خام ، ويتخرجون منها وقد تحول معظمهم الى كوادر وطنية مُسيَسة واعية بكل ثوابتنا الوطنية ومدركة ومستوعبة لكل هموم البلد ومشاكل الناس .

ولقد اكتسبت الجامعة هذا الدور بسبب تميزها عن المؤسسات و التجمعات الأخرى بخمسة خصائص محددة :

1) الخاصية الأولى هى انها تضم داخل أسوارها نموذجا مصغرا لمصر ، فطلابها يمثلون كل المشارب والاتجاهات والطبقات والمناطق وهو ما يمكنهم جميعا من المشاركة فى أوسع دوائر للتفاعل والحوار والمعرفة والنشاط والتدريب بشكل لن يتكرر ثانية فى حياتهم . 

2) الخاصية الثانية هى ان غالبية الطلبة بطبيعة الحال متحررون من معظم المسئوليات والالتزامات والضغوط التى يعيشها باقي الناس فى المجتمع ، مما يعطيهم حرية أكبر بكثير فى الحركة والتعبير والمعارضة والغضب والتمرد .

3) الخاصية الثالثة هي ان الشاب فى هذا المرحلة من عمره يكون بكرا ( لسه بخيره ) لم تكسره الحياة بعد ، لم يتعلم أمور المرونة والمهادنة والنفاق والخضوع والخنوع  والتوفيق والتلفيق وباقي قائمة اللعنات التي تصيبنا بها الحياة العملية .  

4) الخاصية الرابعة هي ان ضخامة أعداد الطلبة وتجمعهم فى مكان واحد ، تجعل منهم قوة ذات شان ، و جماعة ضغط يعمل لها ألف حساب ان هى اتفقت على موقف او على قضية ما .

5) الخاصية الخامسة : هى ان الحركات الطلابية تكون عصية على العزل والحجب والحصار ، فالأولاد لهم أهل وبيوت وأحياء وقرى ونجوع على امتداد مصر كلها ، يعودون اليها كل يوم أو كل اسبوع ، يغذونها بما تعلموه ، ويؤثرون فيها ويتأثرون بها.

كما إنها عصية على التشهير التى تقوم به الدولة ضد كل معارضيها ، فهم لا يزالون صغارا أبرياء يفكرون ويتحركون على الفطرة والسجية .  وأى تجريح فيهم لن تكون له مصداقية . 

* * *

لكل ما سبق لم يكن غريبا أن يكون طلبة الجامعة هم طليعة المجتمع فى مظاهرات 1968 ضد أحكام الطيران ، وطليعته فى 1971 و1972 فى الضغط على النظام من أجل التعجيل بالحرب وتحرير الأرض .

ولم يكن غريبا أن تكون معظم القيادات الحالية لكافة الأحزاب والقوى والجماعات السياسية المختلفة هي ابنة و خريجة هذا المصنع العريق . تربت كلها فى ساحاته ، وبعد تخرجها واصلت أدوارها فى مؤسسات البلد الرسمية أو الشعبية ، المعارضة أو الحكومية.

* * *

ولأن الجامعة كانت هكذا مصنعا دائما للوطنية والوطنيين .

ولأن الوطنية بالضرورة ، ضد الأمريكان والصهاينة وحلفاءهم من الفاسدين وأغنياء الحرب والسلام .

ولأنها بالضرورة مع فلسطين والمقاومة والأمة العربية والإسلامية وكل المظلومين والمقهورين فى العالم .

ومع أغلبية الشعب من الناس البسطاء الطيبيين أصحاب البلد الحقيقيين .

لذا ، كان لابد للنظام المصري الأمريكى الجديد ، نظام كامب ديفيد ، وهو يعيد صياغة مصر على مقاس أمن إسرائيل ومصالح الأمريكان  ، أن يقوم فورا بإغلاق هذا المصنع بالضبة والمفتاح .

وبالفعل تم تحريم وتجريم العمل السياسى بالجامعة بموجب اللائحة الطلابية لعام 1979 ، في نفس العام الذى وقعت فيه مصر وإسرائيل معاهدة السلام .

ولتأمين الوضع الجديد بالقوة ، تم تأسيس البوليس السياسي للطلبة ، المسمى بحرس الجامعة .

الذى تولى مهمة حصار ومطاردة ووأد أى تحركات طلابية داخل الحرم الجامعى .

* * *

·       ومن يومها لم يعد لدينا فى مصر مصدرا مركزيا لإعداد الشباب وطنيا وسياسيا.

·       بل أصبح العمل الوطني الجاد تهمة يعاقب عليها القانون .

·   وتم حرمان جيل كامل على امتداد أكثر من 30 عاما من التربية الوطنية، ثم تم تجريده بالتدريج من قيم الانتماء وحب الوطن .

·   وحتى أولئك الطلاب الذين تمكنوا من تحصيل تربية وإعداد وطنى وسياسى من مصادر أخرى ، أصبحوا يشعرون بالغربة والعزلة داخل الحرم الجامعى الحالى ، الذى يعاملهم وكأنهم ظاهرة شاذة أو متطرفة أو مخيفة أو ثقيلة الظل.

·   وهو ما انعكس بوضوح على حالة معظم القوى الوطنية المعارضة فى المجتمع ، التى انقطع عنها المدد الجماهيري الطبيعى التلقائى ، حين كان الخريجون يواصلون نشاطهم الوطنى والسياسى فى مؤسساتها ، ويضخون دماء جديدة    كل عام فى شرايينها ، مما ساهم فى إيقاف نموها وتطورها ، فانحصرت وضعفت و تقلص تأثيرها وتضاءلت قواعدها وكادت أن تندثر .

* * *

وهو ما يتوافق تماما مع الأهداف الصهيونية فى مصر ، والتى عبر عنها أحد قادتهم بوضوح حين قال : ان السلام مع مصر على المستوى الشعبى لم يتحقق بعد ، وانه على إسرائيل أن تنتظر رحيل الجيل الحالى ،  وميلاد جيلا مصريا جديدا لا يعاديها .

* * * * *

Seif_eldawla@hotmail.com

 

 

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff – France

Phone: (33-1) 40921588  * Fax: (33-1) 46541913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu www.achr.eu

 

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها

الصفحة الرئيسة