الـ"جينوسايد" كمفهوم تعني القتل الجماعي أو الإبادة الجماعية لشعب أو أقلية أو طائفة ما وقلعها من جذورها من مختلف النواحي كما أنها تعني القتل والتطهير العرقي والفناء الجماعي
المحاور
· اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها
· محددات قانونية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
· اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية
· القتل الجماعي والتهجير القسري جريمة حرب
· التهجير القسري إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية :
يوصف القانون الدولي غزو واحتلال العراق عدواناً[1], وتوصفه محكمة العدل الدولية بـ "إرهاب القوة" أي استخدام القوة اللاشرعي[2] كما جاء بقرارها عام 1988 , عندما أدانت الولايات المتحدة بإرهاب القوة في نيكاراغوا, وطالبتها بسحب قواتها من نيكاراغوا وتعويض المتضررين اينذاك, وفي العراق وبعد ثبوت زيف وأكاذيب مبررات العدوان الأساسية التي شنت الحرب على أثرها وضللت الرأي العام العالمي, وكان أبرزها امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وثبت خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل, وعلاقة العراق بأحداث 11 أيلول2001[3], كما صورته مؤسسات الدعاية الأمريكية ومكاتب العلاقات العامة , وثبت بالدلائل لا أسلحة دمار شامل ولا علاقة للعراق بتلك الإحداث المثيرة للجدل حتى اليوم, والتي غيرت ملامح التاريخ الإنساني ودمرت العراق دولة وشعبا , ومزقت المنطقة العربية بالحروب والنزاعات , وبعثرت النسق الدولي , واغتالت الشرعية الدولية , وألحقتها بمنظومة الحرب العالمية على الإرهاب ذات الطابع الديني الراديكالي المتشدد ضد الإسلام ,والتي خلفت جرائم حرب كبرى, وجرائم الإبادة للجنس البشري في العراق وأفغانستان وبقع أخرى من العالم, ولا تزال تلك الحروب مستعرة بكافة صفحاتها السياسية والعسكرية والمخابراتية والفكرية والإعلامية, وقد أشاعت الفوضى وعززت مناخ الإرهاب في بيئة الظلم الدولي , وأصبح العالم رهينة لتجار الموت والقتل اللذين باتوا يصنعون الإرهاب ويصدروه ألينا, وفق فلسفة الخوف والتهديد لترويج صناعة الأمن ومكافحة الإرهاب ذات العوائد المالية الضخمة, والتي تفوق عائدات الطاقة والذهب, وبالتأكيد نعيش اليوم في عالم فوضوي في ظل غياب المجتمع الدولي والمؤسسات الأخرى, مما أشاع انفراد عناصر النفوذ الأمريكية والصهيونية بالعالم[4], وجره إلى كوارث إنسانية وقد تنامت وبشكل مضطرد أعداد اللاجئين بالعالم من جراء الحروب والنزاعات, وكذلك الجوع والبطالة, وفقدان الأمن والحرية الشخصية, وأضحت دوائر المخابرات الأمريكية والشركات الأمنية المتسقة بها تقتحم خصوصية الإنسان وتحوله إلى سلعة لصناعة الإرهاب وتجارة الأمن, ولغرض معرفة توصيف الإبادة الجماعية-الجينوسايد- التي ارتكبها الجيش الأمريكي والجيوش المتحالفة معه والمليشيات الطائفية والعرقية المرتبطة بمشروعهم ضد الشعب العراقي, لابد من النظر إلى اتفاقيات تجريم الإبادة الجماعية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ومقارنتهما مع سلوك وأداء قوات الاحتلال الأمريكي وأدواته السياسية المليشياوية,وحجم ضحاياهم من الشهداء والمهجرين والمفقودين والمعتقلين العراقيين.
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية عدة اتفاقيات, واعتبرت فيها الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي،تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن، وعلى ضوء تلك الاتفاقيات صدرت اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومسائلة مرتكبيها ، واعتمدتها الجمعية العامة بقرارها رقم 260الف (د-3) في 9/12/1948 ,كما وقعت عليها الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية, حيث ورد ضمن نصوصها كما يلي :
1. المادة 1 : - تصادق الأطراف المتعاقدة على أن الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في أيام السلم أم أثناء الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد الدول بمنعها والمعاقبة عليها.
2. المادة 2 : تنص الاتفاقية على أن الإبادة الجماعية وفقا للأفعال التالية- المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
أ- قتل أعضاء من الجماعة.
ب- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
ت- إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
ث- فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
ج- نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلي جماعة أخرى.
3. المادة 3 : يعاقب على الأفعال الآتية:
أ- الإبادة الجماعية.
ب- التآمر علي ارتكاب الإبادة الجماعية.
ت- التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة الجماعية.
ث- محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
ج- الاشتراك في الإبادة الجماعية.
4. المادة 4 : يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي فعل من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاما دستوريين أم موظفين عامين أم أفرادا.
5. المادة 5: يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كل طبقاً لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.
6. المادة 6 : يحاكم الأشخاص المتهمون بارتكاب الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها.
7. المادة 7 : لا تعتبر الإبادة الجماعية والأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة جرائم سياسية علي صعيد تسليم المجرمين. وتتعهد الأطراف المتعاقدة في مثل هذه الحالات بتلبية طلب التسليم وفقا لقوانينها ومعاهداتها النافذة المفعول.
8. المادة 8 :لأي من الأطراف المتعاقدة أن يطلب إلى أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقا لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.
محددات قانونية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الديباجة- لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، ولما كان تجاهل حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني، وكان البشر قد نادوا ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة وبالتحرر من الخوف والفاقة، كأسمى ما ترنو إليه نفوسهم، ولما كان من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد، ولما كان من الجوهري العمل على تنمية علاقات ودية بين الأمم، ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أعادت في الميثاق تأكيد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وقدره، وبتساوي الرجال والنساء في الحقوق، وحزمت أمرها على النهوض بالتقدم الاجتماعي وبتحسين مستويات الحياة في جو من الحرية أفسح، ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالعمل، بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان تعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ولما كان التقاء الجميع على فهم مشترك لهذه الحقوق والحريات أمرا بالغ الضرورة لتمام الوفاء بهذا التعهد، فإن الجمعية العامة تنشر على الملأ هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، كما يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته، واضعين هذا الإعلان نصب أعينهم على الدوام، ومن خلال التعليم والتربية، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات، وكما يكفلوا، بالتدابير المطردة الوطنية والدولية، الاعتراف العالمي بها ومراعاتها الفعلية، فيما بين شعوب الدول الأعضاء ذاتها وفيما بين شعوب الأقاليم الموضوعة تحت ولايتها على السواء
1. المادة 1 يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.
2. المادة 2 لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر على سيادته.
3. المادة 3 لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه.
4. المادة 4 لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
5. المادة 5 لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
6. المادة 6 لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية.
7. المادة 7 الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز،، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز.
8. المادة 8 لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.
9. المادة 9 لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا.
10. المادة 10 لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه.
11. المادة 11 - فقرة1. كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه- فقرة 2:لا يدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل ألجرمي.
12. المادة 12 لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمس شرفه وسمعته. ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات
13. المادة 18 لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده.
14. المادة 19 لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية
اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2391 (د-23) المؤرخ في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1968. حيث جاء في الديباجة :
إن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، وإذ تلحظ خلو جميع الإعلانات الرسمية والوثائق والاتفاقيات، المتصلة بملاحقة ومعاقبة جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، من أي نص علي مدة للتقادم، وإذ ترى أن جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية هي من أخطر الجرائم في القانون الدولي، واقتناعا منها بأن المعاقبة الفعالة لجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية عنصر هام في تفادي وقوع تلك الجرائم وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتشجع الثقة وتوطيد التعاون بين الشعوب وتعزيز السلم والأمن الدوليين، وإذ تلاحظ أن إخضاع جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لقواعد القانون الداخلي المتصلة بتقادم الجرائم العادية، يثير قلقا شديدا لدى الرأي العام العالمي لحيلولته دون ملاحقة ومعاقبة المسؤولين عن تلك الجرائم،وإذ تدرك ضرورة ومناسبة القيام، في نطاق القانون الدولي وبواسطة هذه الاتفاقية، بتأكيد مبدأ عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وبتأمين تطبيقه تطبيقا عالميا شاملا،قد اتفقت على ما يأتي:
1. المادة 1: لا يسري أي تقادم علي الجرائم الآتية بصرف النظر عن وقت ارتكابها:
أ- جرائم الحرب الوارد تعريفها في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية الدولية الصادر في 8 آب 1945، والوارد تأكيدها في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 3 (د-1) المؤرخ في 13 شباط 1946 و 95 (د-1) المؤرخ في 11 كانون الأول 1946، ولا سيما "الجرائم الخطيرة" المعددة في اتفاقية جنيف المعقودة في 12 آب 1949 لحماية ضحايا الحرب.
ب- الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، سواء في زمن الحرب أم في زمن السلم، والوارد تعريفها في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية الدولية الصادر في 8 آب 1945، والوارد تأكيدها في قراري الجمعية العامة 3 (د-1) المؤرخ في 13 شباط 1946 و 95 (د-1) المؤرخ في 11 كانون الأول 1946، والطرد بالاعتداء المسلح أو الاحتلال، والأفعال المنافية للإنسانية والناجمة عن سياسة الفصل العنصري، وجريمة الإبادة الجماعية الوارد تعريفها في اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، حتى لو كانت الأفعال المذكورة لا تشكل إخلالا بالقانون الداخلي للبلد الذي ارتكبت فيه.
2. المادة 2: إذا ارتكبت أية جريمة من الجرائم المذكورة في المادة الأولى، تنطبق أحكام هذه الاتفاقية على ممثلي سلطة الدولة وعلى الأفراد الذين يقومون، بوصفهم فاعلين أصليين أو شركاء، بالإسهام في ارتكاب أية جريمة من تلك الجرائم أو بتحريض الغير تحريضا مباشرا على ارتكابها، أو الذين يتآمرون لارتكابها، بصرف النظر عن درجة التنفيذ، وعلى ممثلي سلطة الدولة الذين يتسامحون في ارتكابها).
ووفقا لهذه النصوص القانونية التي ينظمها القانون الدولي, فأن الـ"جينوسايد" كمفهوم تعني القتل الجماعي أو الإبادة الجماعية لشعب أو أقلية أو طائفة ما وقلعها من جذورها من مختلف النواحي كما أنها تعني القتل والتطهير العرقي والفناء الجماعي. وقد ظهر مصطلح (جينوسايد) في قاموس القتل الجماعي والـ"جينوسايد" ضد الشعب العراقي قد ارتكبت من قبل قوات الاحتلال الأمريكي والسلطات المرتبطة بها والمليشيات الطائفية والعرقية التي شاركت بالغزو –الاحتلال- العمليات العسكرية– القتل الجماعي بواسطة الطائرات- التطهير الطائفي والعرقي- التهجير -القتل خارج القانون – التغييب حتى القتل- الاغتيالات – التغيير الدموغرافي- نزع الهوية –تقسيم البلاد بالقوة- الإكراه والتعذيب الجسدي والمعنوي – المقابر الجماعية الطائفية..الخ
القتل الجماعي والتهجير القسري جريمة حرب
أثبتت حقائق ووقائع العدوان على العراق عام 2003 وتداعياته, حقيقة المخططات المشبوهة التي تستهدف العراق وشعبه وبرزت بعد الغزو ظاهرة القتل الجماعي الطائفي, ,ونزع الهوية بعد الاعتقال والتعذيب ,والقتل خارج القانون بشكل واسع,والجريمة السياسية والمنظمة, مما أدى إلى تهجير خمسة ملايين عراقي وترويعهم وسلبهم حقوق المواطنة والحياة, وبلغت ذورتها في مجازر التطهير الطائفي والعرقي عام 2006-2007 وإطلاق يد المرتزقة الأجانب لقتل العراقيين دون حساب, ومشاركة عدد من القوات الحكومية و المليشيات ذات طابع طائفي راديكالي متشدد في ارتكابها وهو الركن المادي للجريمة, ومن الضروري تثبيت الركن المعنوي من أركان هذه الجريمة وهو القصد الجنائي, ويعد استخدام التهجير كوسيلة حرب لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية حربية, لقد بدأت سياسة التهجير القسري بشكل منهجي منذ أن شرع العدوان الانكلوأمريكي على أرض العراق, وتمثل ذلك في حصار المدن والقرى والعقوبات الجماعية والاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين والاعتقالات الجماعية, والتعذيب وغير ذلك من الممارسات القمعية , وهجمات المليشيات, وقرارات سلطة الاحتلال المجافية للشرعية الدولية والقانون الدولي وإعلان حقوق الإنسان العالمي وكذلك اتفاقيات جنيف بخصوص التحكم بأصول الدولة المحتلة والتعامل مع المدنيين حيث جرى اقتلاع الشعب وحل مؤسسات الدولة والقوات المسلحة, وسمحت لدوائر مخابراتية أجنبية وإقليمية عبر مليشياتها وأدواتها من ارتكاب اكبر عملية إبادة للجنس البشري في العراق عبر القتل خارج القانون والاختطاف والتغيب القسري والتعذيب والتمثيل وتقطيع الأجساد , والاستيلاء على الممتلكات والمدخرات الشخصية وجرى قتل عوائل بكاملها وتغير ديموغرافية المدن والمناطق بمنحى طائفي وعرقي سياسي, وكان قد أعترف بذلك مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق "جورج تينيت" في مذكراته (في قلب العاصفة) المنشورة في نيسان 2007 بهذه الحقيقة عندما قال (وسرعان ما تبيّن لنا وللعراقيين بوضوح أنّ هدف الغزو الأميركي هو أساساً إعادة تشكيل مجتمعهم), وحتى الأمم المتحدة حدد لها دور في عملية القتل المنظم والتهجير القسري للعراقيين فقرار مجلس الأمن 1472 الصادر في 28/3/2003، أي أثناء الغزو الأمريكي للعراق، هيأ للتهجير القسري للعراقيين حيث تحدث عن (ضرورة توسيع نطاق تدابير الإغاثة الإنسانية لتشمل سكان العراق الذين يغادرون البلد نتيجة أعمال القتال) كما تحدث عن (تلبية احتياجات اللاجئين والمشردين داخليا), ويعد الحصار الاقتصادي الشامل على شعب العراق الذي فرضته الولايات المتحدة عبر الأمم المتحدة لثلاث عشرة سنة (وهو جريمة إبادة جماعية بكل المقاييس) نظرا لثبوت زيف مبررات الحصار, ووضوح مخطط غزو العراق مع سبق الإصرار والترصد خصوصا بعد فرض منطقتي حظر الطيران شمالي وجنوبي العراق ,وكانت خطوات لمخطط تقسيم العراق وتهجير سكانه وتغيير تركيبته الديموغرافية[5].
التهجير القسري إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية :
جرائم الحرب هي الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة في اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 آب 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977, وقد تعلق الأمر بالتهجير القسري فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت على الدولة المحتلة النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى[6], والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 أعتبر قيام دولة الاحتلال بترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها, من الانتهاكات الجسيمة لذلك البروتوكول, كذلك درجت مواثيق المحاكم الجنائية الدولية، منذ ميثاق نورمبرغ بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، على اعتبار التهجير القسري لسكان الإقليم المحتل جريمة حرب.
يعتبر القانون الدولي تهجير خمس ملايين من العراقيين قسرا "جريمة إبادة الجماعية"، وقد نصّت عليها المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ” لعام 1948[7] . خصوصا أن كل هذه الجرائم ارتكبتها قوات الاحتلال ومؤسسات السلطة والأحزاب الحاكمة والمليشيات التابعة لها بغية إخضاع العراقيين لظروف معيشية يراد بها تدميرهم أو إجبارهم على ترك بيوتهم والهجرة قسرا بعد ترويعهم والتنكيل بهم.
هنالك أحد عشر نصاً دولياً يعرّف الجرائم ضد الإنسانية ,وآخرها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فقد نصت الفقرة د/1 من المادة السابعة من النظام الأساسي على اعتبار إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان جريمة ضد الإنسانية متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم. وفسّرت المادة إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان بأنه (نقل الأشخاص المعنيين قسراً من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة, بالطرد أو بأي فعل قسري آخر , دون مبررات يسمح بها القانون الدولي). وتعريف الجرائم ضد الإنسانية هذا ينطبق تماما على عملية التهجير القسري للعراقيين والتطهير الطائفي والعرقي الذي جرى بعد العدوان.
تعد أركان جريمة العدوان والقتل الجماعي والتهجير القسري للعراقيين المادية والمعنوية ثابتة, والمتسبب بها هو المحتل الأمريكي وأدواته السياسية والمليشيات المسلحة الطائفية والعرقية ومسئوليها , وكل من شارك أو ساعد أو شجّع أو سهّل أو شارك في الاحتلال الأمريكي للعراق وقتل وهجر العراقيين لدواعي سياسية وعسكرية ومخططات أجنبية طامعة, وهذه الجريمة لا تسقط بالتقادم حسب اتفاقية (عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية) لعام 1968 والتي أكّدت مبدأ عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية, كما أكّدت هذه الاتفاقية على مسؤولية ممثلي سلطة الدولة والأفراد الذين يقومون، بوصفهم فاعلين أصليين أو شركاء، بالمساهمة في ارتكاب أية جريمة من تلك الجرائم أو بتحريض الغير تحريضاً مباشراً على ارتكابها، أو الذين يتآمرون لارتكابها، بصرف النظر عن درجة التنفيذ، وعلى ممثلي سلطة الدولة الذين يتسامحون في ارتكابها, وقد تعهدت الدول الأطراف في هذه الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير الداخلية، التشريعية أو غير التشريعية، اللازمة لكي يصبح في الإمكان القيام، وفقاً للقانون الدولي، بتسليم هؤلاء المجرمين لينالوا جزائهم العادل, وقد خلف العدوان وأثاره مجازر إبادة للجنس البشري في العراق, وتطهير طائفي وعرقي دموي بشع ,وقد خلف أكثر من مليوني شهيد عراقي, وما يقارب مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم, وأكثر من مليوني جريح ومعوق, وما يقارب نصف مليون مغيب ومنزوع الهوية, وخمسة ملايين مهجر قسرا وقد اقتلع من بيئته بالقوة وبالترهيب والتنكيل, ومليوني مهجر داخل العراق ضمن مخطط التغيير الدموغرافي لمدن العراق تمهيدا لتقسيمه, ناهيك عن فقدان ما يقارب ستة ملايين عراقي وظائفهم وحقوقهم المدنية وتردي أحوالهم المعيشية والصحية, وانعدام الخدمات الأساسية, وانتشار الاوبئة والجريمة المنظمة والمخدرات والإرهاب الدولي الوافد( المرتزقة), أن العدوان الأمريكي على العراق وتداعياته, قد حول العراق إلى القرون الوسطى كما أشار تقرير مكتب المسائلة الحكومية –ago في تقريره عام 2006, وتعد تلك جرائم حرب لا تسقط بالتقادم كما أشارت إليه اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية .
المصدر : مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
Saqr Centre for Strategic Studies
الثلاثاء، 07 أيلول، 2010
[1] . يوصف القانون الدولي العدوان هو (استخدام دولة ما، القوة المسلحة ضد السيادة الوطنية أو وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى وفي أي صورة لا تتفق مع ما أشتمل عليه ميثاق الأمم المتحدة من مبادئ وأهداف) وهذا الوصف ينطبق على الاحتلال الأمريكي للعراق باتفاق فقهاء القانون الدولي والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان و الخبراء القانونيون في وزارة الخارجية البريطانية ذاتهم في مذكرتهم المشهورة الموجهة إلى رئيس الوزراء الأسبق مجرم الحرب "توني بلير" يوم الثامن من آذار 2003.
[2] . تنص المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة على أنه : "يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو باستخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أم على وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة".
[3] أجرت محطتين أمريكيتين استطلاع للرأي حول أحداث 11 أيلول المثيرة للجدل, فكان 55% من الشعب الأمريكي يعتقدون أن العراق يقف خلف أحداث 11 أيلول, نظرا لما تسوقه وسائل الدعاية والإعلام الأمريكي لشيطنة العراق وهيكلة عقول الرأي العام لشن العدوان عليه.
[4] . تتحكم اليوم بمقدرات العالم كل من المجمع الصناعي العسكري الأمريكي, شركات المرتزقة, كارتل الشركات المتعددة الجنسيات, اللوبي الصهيوني في أمريكا,رؤوس الأموال الحاكمة,مجتمع الاستخبارات.
[5] . بحث للدكتور عبد الواحد الجصاني, التهجير القسري للعراقيين كبرى جرائم الاحتلال, كتب في 05/08/2007
[6] . اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949, والبروتوكولات الإضافية لعام 1977.
[7] . اتفاقية الأمم المتحدة “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المادة2.
http://www.saqrcenter.net/?p=2390
|