التاريخ الأمريكي المخفي مزعج وقبيح. لا توجد دولة مماثلة للولايات المتحدة الأمريكية في جرائمها (عدا إسرائيل).. فيما يخص العراق فقط، وعلى مدى العقدين الماضيين، فقد شملت الجرائم الأمريكية على العراق استمرار الإبادة الجماعية، التدمير (للمؤسسات والبنية التحتية)، الإرهاب، الاحتلال، وتلوث البيئة.. مجموعة رهيبة من الجرائم بقيت محل تجاهل الخطاب الغربي.
قامت سعاد ناصر العزاويSouad N. Al-Azzawi - أستاذة الهندسة البيئية بتوثيق هذه الجرائم في تقرير بعنوان: "جريمة العصر- احتلال العراق، التلوث واليورانيوم المنضب،" يتضمن وصفاً تفصيلياً للمسئولية المترتبة على الولايات المتحدة عن هذه الجرائم.
ووفق شرحها، تتضمن أهداف الستراتيجية الأمريكية: السيطرة على معظم الموارد النفطية والطبيعية في العالم.. البقاء بشكل دائم في الشرق الأوسط، "منطقة تقاطع القارات الثلاث، حيث يعيش (في هذه القارات) 80% من سكان العالم.. إذا ما تحقق الهدفين الأولين، فسوف تتحكم أمريكا بالاقتصاد العالمي أو بقدر كاف من هذا التحكم.
نشر اليورانيوم المنضب على مساحة شاسعة، يجعل من هذه المادة سلاحاً للتدمير الشامل، لإنها مشعة وسامّة كيمياوياَ. إذا ما تم استنشاقها أو بلعها عن طريق الهواء، الطعام، الشراب، أو وسائل أخرى، عندئذ تدخل جسم الإنسان، وتبقى على مدى عقود (إذا تمكن الشخص من الحياة، لأنهاتطلق بعد الانفجار ذرات صغيرة معدنية تخترق وتدّمر..)، ويمكن الاطلاع على المقال في الرابط التالي.. (ومقالات كثيرة منشورة في هذا الموقع ومواقع عديدة أخرى):http://sjlendman.blogspot.com/2006/01/depleted-uranium-hidden-looming_16.html
تبين المقالة أن استمرار استخدام اليورانيوم المنضب يمكن أن يقود إلى إنهاء الحياة على الكوكب، لكن القليلين يدركون هذا الخطر، أو على علم بأنه يتم استخدام اليورانيوم المنضب في التسليح بانتظام في مختلف المجالات: الصواريخ، القنابل، القذائف، طلقات الرصاص، وفي أي مكان تخوض فيه أمريكا حربها.. مع ملاحظة أن هذا السلاح استخدم لأول مرة خلال حرب الخليج العام 1991.
يأتي الخطر من هذا السلاح بعد استخدامه والغبار المسموم المتولد عنه القابل للانتشار بواسطة الرياح والاستنشاق حتى من قبل من يستخدمه وتلويث الجو من من هواء وتربة ومياه، ولتولد مختلف الأمراض غير القابلة للعلاج: صداع شديد، آلام في العضلات، إرهاق عام، تشوهات خلقية رئيسة، اكتئاب، أمراض القلب والأوعية الدموية، أشكال عديدة من مرض السرطان، وأخيراً العجز الدائم والموت.. (الاقتراب من المواقع المصابة أقل من مائة متر بدون احتياطات، يمكن أن يؤدي إلى إصابة الشخص)..
على مدى العقدين الماضيين، استخدم هذا السلاح ضد العراق بكميات تتعدى مئات الكيلوغرامات إلى آلاف الأطنان، بحيث غطت مخلفات هذه المادة من إشعاعات وسموم كافة أنحاء البلاد، رغم أن بعض المناطق أُصيبت أكثر من غيرها.
في تقديم عرضها في المؤتمر الدولي لتجريم الحرب/ كوالامبور- ماليزيا (أكتوبر/ تشرين أول 2009)، اتهمت العزاوي أمريكا وبريطانيا: "تعريض كل الشعب العراقي للتعذيب والموت البطيء على مدى عقدين من خلال الاستخدام المتواصل والمتعمد لهذه الأسلحة المشعّة والعقوبات، يُشكل جريمة ضد الإنسانية، نظراً لأن هذا السلاح في أضراره الصحية لا يميز بين منطقة وأخرى أو بين عسكريين ومدنيينundifferentiating. ويبقى الإشعاع دائمياً، يؤثر في حياة الأجيال القادمة.
أثناء حرب الخليج، تم استخدام حوالي 320 طناً من اليورانيوم المنضب في جنوب العراق- منطقة البصرة. بعد توقف الحرب، وإجراء فحوصات شاملة، تبين مستويات عالية من إشعاع غاما high gamma radiation في مدينة البصرة وحولها.. عيّنات من التربة في 39 موقعاً أظهرت مستويات عالية من الإشعاعاعات النشطة وأكثر من المستويات الاعتيادية.. وبمستويات 2-3 أعلى من الإشعاعات العادية في المسطحات المائية.
كان التلوث على نطاق واسع، وبما يؤثر على ما لا يقل عن 45% من السكان في المنطقة، علاوة على القوات العراقية وقوات التحالف، وبالنتيجة تعرض المدنيون والعسكريون لأكاسيد اليورانيوم المنضب، ويمكن هنا توقع الإصابة بالسرطان بواقع 70 لكل 1000 شخص.. ربما أعلى معدل على مرّ الزمن.. هذا جنباً إلى جنب مع أمراض وأوبئة أخرى متولدة تعرض حياة الناس إلى مزيد من الخطر.. تصاعد معدلات إصابة الأطفال بسرطان الدم leukemia.. ارتفاع ستة مرات في التشوهات الخلقية بين المواليد في مدينة البصرة منذ العام 1995 فصاعداً.. معدلات أعلى في أمراض القلب، وتصاعد التشوهات الكروموسوميةchromosomal aberrations (وإصابات مرضية مماثلة وبدرجة أكبر في الفلوجة).
استخدمت أسلحة أكثر تدميراً في حرب العام 2003، بما في ذلك أيضاً أسلحة محظورة: النابالم، الفوسفور الأبيض، والقنابل العنقودية، علاوة على كميات أكبر من اليورانيوم المنضب (بحدود ألفي طن).. "ضد الشعب العراقي والبنية التحتيتة والبيئة، علاوة على حرق ونهب المصانع والمجمعات الصناعية والمختبرات والوزارات- بما في ذلك وكالة الطاقة النووية، وتصاعد المواقع الملوثة بواقع 300 موقع ملوث آخر..
وقد شملت المواقع الجديدة الملوثة: بغداد وضواحيها، البصرة، الفلوجة، الانبار، حديثة، القائم، راوة، كربلاء، Najar, Aubaidi، ديالى، سامراء، تكريت، بيجي، Ahsaiba، المدائن، Kubaissa، وغيرها من المواقع.
في آذار/ مارس العام 2009 استخدم Gideon Polya تقديراً بواقع 1.32 مليون عدد القتلى العراقيين منذ الغزو/ الاحتلال العام 2003، والعدد أكبر بكثير حالياً. كما أنه أقل من قتلى/ ضحايا "الحرب على الإرهاب" بعد 11 أيلول/ سبتمبر وبمجموع ثمانية ملايين، معظمهم من النساء والأطفال (خمس سنوات فأقل).. الإرث الأمريكي للإبادة الجماعية المستمرة..
تُضيف العزاوي: على الأقل 4.5 مليون من المشردين داخلياً والمهجرين خارجياً.. كثيرون صاروا ضحايا "المليشيات ومداهمات الشرطة والجماعات الإرهابية.. فرق الموت التي تستهدف بعض الجماعات العرقية والطائفية بصفة يومية.. وفي المدن، تقطع الجدران الكونكريتية والحصار العسكري كافة المساعدات عن الناس وتؤثر على آلاف الأطفال والنساء.. فعلى مدى أسابيع منعت وحرمت مناطق/ مدن عديدة من وصول الغذاء والماء والرعاية الصحية والكهرباء إليها، وبالنتيجة اضطر الناس لاستخدام المياه الملوثة وانتشار الملاريا والأمراض المتولدة بينهم.. وكلها من جملة الإرث الأمريكي في سياق الإبادة الجماعية المستمرة."
الاستخدام المتواصل لأسلحة اليورانيوم المنضب في المناطق كثيفة السكان، تعرض الملايين لآثارها المدمرة. كما أن "استمرار إهمال نظم الرعاية الصحية، المستشفيات، وإغتيال أبرز الأطباء الأخصائيين والكادر الصحي... بعد العام 2003،" قاد إلى تفاقم أزمة صحية واسعة النطاق في العراق.
ولا زالت قوات الاحتلال تتجنب تقديم أي بيانات عن المدنيين الذين قتلوا، جرحوا، خطفوا، أو أُصيبوا بأضرار أخرى. "كما أنها لا زالت لا تسمح باستغلال البرامج المتعلقة بالكشف ومعالجة المناطق الملوثة باليورانيوم المنضب في العراق.. هذه المناطق التي هي بحاجة ماسة للمساعدة، بغية التعامل مع الأضرار الناجمة."
الأدلّة المعروفة تبين "استمرار تدهور نوعية البيئة... في مدينة بغداد، بسبب الانفجارات، وحركة المرور الكثيفة للدبابات والمركبات الثقيلة... تركز أشكال متعددة من السموم تجاوزت المستويات الآمنة للحياة... تدهور نوعية المياه قاد إلى تعاظم الأمراض المنقولة بواسطتها مثل الكوليرا والتيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي وغيرها.. . تلوث الهواء الناجم عن القصف المستمر والتفجيرات.." (علاوة على اليورانيوم المنضب). "التأثيرات المتولدة لكل مصادر التلوث تلك على جسم الإنسان يمكن أن تكون خطيرة جداً، بخاصة على الأطفال، النساء، وكبار السن."
أخبرت العزاوي مؤتمر كوالا لمبور، فيما يخص اليورانيوم المنضب وحده، فقد انتشر التلوت على مساحات شاسعة من خلال "عواصف الرياح، العواصف الترابية، العواصف الرملية، والزوابع المطرية،" علاوة على تلوث المجاري المائية السطحية والانتقال في التربة، مما تسبب في: "تراكم الطمى، الزحف، تطاير أجزاء من التربة الملوثة نحو الغلاف الجوي.. كما أن تطاير وتعليق هباء اليورانيوم المنضب في الغلاف الجوي، يبقى مصدر خطورة لسكان الأرض."
أمريكا وبريطانيا مسئولتان "عن تعريض الشعب العراقي كله لخطر مواجهة مستمرة لارتفاع الملوثات الثابتة- المشعة والسامة،" بما في ذلك اليورانيوم المنضب وغيرها كثيرة.. "هذه جريمة ضد الإنسانية بسبب الآثار الصحية الضارة المستمرة على المدنيين بعد العمليات العسكرية."
تعليق أخير A Final Comment
تحت عنوان رئيس لـ Dirk Adriaensens- محكمة بروكسل- اللجنة التنفيذية- بتاريخ 19 سبتمبر: العراق- عصر الظلام، موضحاً نجاح تدمير التوازن البيئي الاجتماعي العراقي، متضمناً: زيادة 150% في معدلات وفيات الأطفال منذ العام 1990.. فقط نصف الأطفال في عمر الدراسة يدخلون المدرسة.. حوالي 1500 طفل في مرافق الاحتجاز (مروع).. خمسة ملايين يتيم العام 2007.. أكثر من مليوني لاجئ خارج البلاد، وبحدود ثلاثة ملايين مشرّد داخل البلاد.. البطالة الرسمية 50% والبطالة الحقيقة 70%.. على الأقل 43% من العراقيين يعيشون في "فقر مدقع".. ما لا يقل عن أربعة ملايين عراقي يٌعانون من "نقص التغذية وبحاجة ماسّة للمساعدة الإنسانية".. على الأقل 80% عجز/ نقص في "الصرف الصحي الفعال".. "الأقليات الدينية (الثقافية) على وشك الانقراض".. كشفت دراسة اوكسفام بأن 33% من النساء لم يحصلن على أي مساعدات إنسانية منذ العام 2003.. 76% من الأرامل لا يحصلن على معاش مساعدة.. 52% عاطلات عن العمل.. 55% مشردات تعرضن لمختلف أشكال العنف..
في عراق اليوم، "صار قتل الأبرياء جزءً من الحياة اليومية." أمريكا ترتكب الإبادة الجماعية ضد سكان العراق. تصرّ على استمرار عمليات القتل اليومية، وتسميها "نجاح" (حقوق الإنسان.. والديمقراطية الأمريكية!!)"..
وهذه الممارسات اليومية المستمرة، تشمل: القتل، الدمار، التعذيب، الإرهاب، الاحتلال، التشرد، المرض، انعدام الأمن في دولة لم يعد لها وجود.. بالتأكيد صار العراق مكاناً غير صالح للحياة.. غير آمن.. فاسد.. مرعب.. ظالم.. ملوث.. وواقع تحت احتلال دائم.. في التصنيف الدولي بالعلاقة مع هذه المواصفات صار العراق يبز أفغانستان.. شهادة لقيم التحرير الأمريكية!!
السبت, 02 أكتوبر 2010
|