يصدر مركز الارض لحقوق الانسان تقريرا ضمن سلسلة الاحقوق الاقتصادية والاجتماعية العدد رقم (81) يتناول أوضاع المهاجرين والشراكة الاوروبية ويتناول التقرير فى الجزء التمهيدى أوضاع المجموعة الأوروبية التى تبنت خمس إجراءات رئيسية هى: دعم الإصلاح الاقتصادي في البلدان المتوسطية، وتشجيع الاستثمار الخاص، وزيادة حجم المعونات المالية للاستثمارات الخاصة، وتحسين الوصول إلى السوق الأوروبي بهدف التصدير إليه، وتعزيز الحوار الاقتصادي السياسي مع الجيران في الجنوب.
وفى إطار الوصول إلى ذلك تمت عدة فعاليات منها انعقاد مؤتمر برشلونة في 27 و 28 تشرين الثاني من عام 1995، والذي حضرته 15 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي و12 دولة من المنطقة المتوسطية هى الجزائر وقبرص ومصر وإسرائيل والأردن ولبنان ومالطا والمغرب وسوريا وتونس وتركيا والضفة الغربية وقطاع غزة.
وتبنى المؤتمر جدول أعمال شامل استهدف تدعيم الروابط القائمة في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك: القضايا السياسية والأمنية، والقضايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والقضايا الإنسانية.
وأكد تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان أنه بمرور الوقت برزت العديد من نقاط الاختلاف بين طرفى الشراكة لعل أهمها قضية الهجرة وأوضاع العمال المهاجرين، والتي شكلت وما زالت أحد الملفات الهامة والشائكة في العلاقات العربية - الأوروبية، خصوصاً وأن التوجه الأوروبي العام يميل إلى التقليص من الهجرة، بالإضافة إلى الأجواء الصعبة والممارسات التمييزية التي يعيش في ظلها المهاجرون، حتى أولئك الذين مضت فترات طويلة على وجودهم في البلدان المستقبلة، خاصة في السنوات الأخيرة.
ويستعرض المحور الأول من التقرير تأملات فى الشراكة الأوروبية بين دول الشمال والجنوب، مقدما نبذة مختصرة عن الجهود والمحاولات الأوروبية المختلفة لاستعادة الدور الأوروبي المفقود في دول حوض المتوسط، ومدى التزام دول الاتحاد الأوروبي بمبادئ حقوق الإنسان التي طالما نادت بها مع دول المنطقة، ثم يحاول الكشف عن الأهداف الحقيقية لمبادرات الشراكة الأوروبية من دول جنوب المتوسط، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية منها.
فالخط الفاصل بين الشمال والجنوب، بغض النظر عن اختلاف مسميات الاتفاقيات ومستوياتها سواء كان (الاتحاد من أجل المتوسط - الاتحاد المتوسطي- الشراكة اليورو متوسطية ..الخ) وتباينات ما سبقها من مشاريع مثل (الشرق الأوسط الجديد - الشرق الأوسط الكبير- الشراكة الأوروبية المتوسطية..الخ) إلا أن الشيء المؤكد هو أن البحر الأبيض المتوسط بقي كما هو عليه تجسيداً للتباين بين دول متطورة تريد كل شيء من الدول الواقعة على الشاطئ الآخر، ولا تقدم أي شيء لها ما أدى إلى زيادة التفاوت في المؤشرات الاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتنظيمية والمؤسسية وغيرها من المؤشرات المحددة لتقدم المجتمع ونموه ورفاهية أبنائه.
وفى هذا الصدد شدد التقرير على التفاوت الكبير في الأجور والإنتاجية وشبكة الأمان الاجتماعي، ومتوسط الدخل ومستوى الفقر بين شاطىء المتوسط، وبقى البحر المتوسط حسبما وصفه الكثير من المراقبين لقضية الشراكة بين الشمال والجنوب على أنه بات يعرف بإنه بحر المتاعب.
وأكد تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان على أن العديد من الهواجس ثارت حول هذا المشروع في بدايته ولعل أهمها: هل ستكون الأولوية للجانب الاقتصادي ولا سيما أنه يضم دولاً نامية مثل (ألبانيا- الجزائر- ليبيا- تونس- سورية- المغرب - مصر) ودول أكثر نمواً مثل (اليونان - قبرص - مالطا- يوغسلافيا)
وشدد مركز الأرض لحقوق الإنسان أنه على الرغم من جميع هذه النصوص الواضحة والصريحة التي تؤكد أهمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في إطار الشراكة المنشودة، إلا أن إعلان برشلونة واتفاقيات المشاركة الثنائية لم تقترح آلية عملية لتنفيذها، ولم تضع أي شرط يلزم جميع الأعضاء بتطبيقها، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى ما يترتب على عدم تطبيقها من قبل هذه الدولة أو تلك، واكتفت اتفاقيات المشاركة الثنائية التي تبرم بين الاتحاد الأوروبي وأي دولة متوسطية أخرى غير عضو فيه بالنص على أن العلاقات بين الطرفين سوف تقوم علاوة على كل بنود الاتفاقية نفسها، على احترام حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية التي توجه سياساتهما الداخلية وتشكل عنصراً جوهرياً من عناصر الاتفاقية.
ويؤكد مركز الأرض لحقوق الإنسان أن هذا كله يظل محكوماً بالتعارض بين المبادئ والمصالح، فحيثما تتعارض مصالح الدول الأوروبية مع الديمقراطية وحكم القانون وحقوق الإنسان تختار مصالحها ضاربة عرض الحائط بالمبادئ والقيم، ما يؤكد أن هناك نقصاً في المبدأ يجعل هذه الدول تفضل المصالح الآنية، ثم لا تلبث أن تدفع كلفة هذا الخيار من أمنها واستقرارها واهتزاز صدقيتها في نظر الشعوب.
ويعتقد مركز الأرض لحقوق الإنسان أن قضية حقوق الإنسان لم تصبح بعد قضية أساسية في العلاقات الدولية، بل على العكس من ذلك فإن العلاقات الدولية تنحو أكثر فأكثر نحو الابتعاد عن المثل الأعلى الأخلاقي. بل يمكن القول: إن التعارض بين التقدم العلمي والانحطاط الأخلاقي ما زال هو السمة المميزة للنظام العالمي والعلاقات الدولية، والعولمة الاقتصادية هي التعبير الأشد وضوحاً عن هذا التعارض.
ويمضى التقرير مستعرضا معاناة الدول الأوروبية من تدفق المهاجرين إليها من البلدان المتوسطية خاصة بطرق نظامية وغير نظامية وهي هجرة تستدعيها حاجة السوق الأوروبية إلى عمالة رخيصة من جيش العمل الاحتياطي في البلدان الفقيرة تضغط بها على قوة العمل المحلية، ما يولد مشاعر كره الأجانب ويعمقها. وهي من الجانب الآخر هجرة يولدها الفقر والبطالة والتزايد المطرد في عدد السكان فضلاً عن القهر والاستبداد والاضطرابات السياسية. وقد دأبت جميع الدول على فتح حدودها للبضائع والخدمات والرساميل، وإغلاقها في وجه العمل.
ثم يتعرض التقرير لاتفاقيات الشراكة الأوروبية كونها أداة استعمارية جديدة مشيرا إلى اتفاق كثير من الخبراء على أن المسماة "اتفاقيات الشراكة الإقتصادية" التي تسعي أوروبا لفرضها علي 79 دولة في أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي، ستدفع شعوبها نحو المزيد من الفقر، وتحول دون تحقيق أهداف الألفية التي أقرتها الأمم المتحدة، والتكامل بين بلدان الجنوب، وأجمعوا علي أن أضرارها تفوق منافعها لأهالي أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي.
وكشف مركز الأرض لحقوق الإنسان عبر تقريره أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية تنطوي علي أجندة غير تنموية، فكافة أهداف الألفية تتأثر سلبيا بالمبادئ الاقتصادية التي تروج دون تمييز وبموجب اعتبارات خارجية، حيث تفرض أوروبا هذه الاتفاقيات علي مستعمراتها السابقة في أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي، وأن هذه الاتفاقيات ستضم هذه الأقاليم في منطقة تجارة حرة مع أوروبا، وتتيح لقطاع الأعمال الأوروبي صفقات احتكارية ضخمة، ما يتعارض مع جهود التنمية.
كما شدد مركز الأرض لحقوق الإنسان على أن مثل هذه الاتفاقيات الأوروبية ستدمر قطاعي الزراعة والصناعة في أفريقيا، وستمنح أوروبا سلطة ونفوذا علي السياسات الاقتصادية في دول أفريقيا والكاريبي والهادي، وتحول حكامها إلي مجرد مديرين محليين لمصالح الشركات الأوروبية وأرباحها.
ويستعرض التقرير فى المحور الثانى أوضاع العمال والمهاجرين...إنصاف أم تدنى، فى محاولة للتعرف عن قرب على أهم قضايا المهاجرين في أوروبا، وأيضا كيف يتفاعل المهاجرون مع السياسة المحلية في كل دولة, ثم يشير لأهم الخطوات والإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي للحد من المشكلات التي يتعرض لها العمال المهاجرون في أوروبا، ويمضي المحور ليتناول بالتحليل أوضاع مواطنى جنوب المتوسط في أوروبا وما يواجهونه من مشكلات وذلك كله من خلال معالجة قضايا المهاجرين ولعل من أهم هذه القضايا مسألة التنوع الثقافي في البلدان الأوروبية, ومشكلات الاغتراب السياسي والثقافي والاجتماعي التي يواجهها المهاجرين , ومسائل الفهم المختلف والمتعدد للمواطنة وانعكاسه على النظرة إلى المهاجرين, والعلاقة بين الهوية أو الهويات المتعددة والدولة.
ويمضى التقرير موضحا توجهات أوروبية من خلال إرساء ما يعرف بالبطاقة الزرقاء الأوروبية حيث خطط الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي عام 2007 لتوحيد سياسة التعامل مع ملف استقدام العمال من الخارج. وأطلقت المفوضية الأوروبية مشروعا يقضي بإرساء ما يعرف بنظام البطاقة الزرقاء، التي تخول للرعايا الأجانب الإقامة والعمل في دول التكتل الأوروبي لأسباب اقتصادية وفق نظام البطاقة الخضراء المعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف مساعدة الدول الأعضاء على الحصول على اليد العاملة المتخصصة ووقف الهجرة غير المنظمة واحتواء تداعيات ارتفاع أعداد المسنين الأوروبيين.
وقد اعتمد الإتحاد الأوروبي قانون "البطاقة الزرقاء" في مايو 2009 وقرر فرض عقوبات على أصحاب العمل الذين يستخدمون مهاجرين غير نظاميين، بهدف تطوير سياسة الهجرة وجعلها أكثر تماسكاً على المستوى الأوروبي، واجتذاب الخبرات الأجنبية العالية الكفاءة، وتنظيم إقامة الأجانب من أصحاب الاختصاصات النادرة في دول الإتحاد ممن يساهمون في سد الثغرات المتواجدة في أسواق العمل الأوروبية.
وبشأن العقوبات المفروضة على من يستخدمون المهاجرين غير النظاميين أوضح مركز الأرض لحقوق الإنسان أنه تبدأ بالغرامات المالية حتى السجن لمدة تتناسب وحجم المخالفات التي تشمل تشغيل المهاجر غير النظامى في ظروف خطرة أو استغلال القاصرين في العمل أو تعرض العاملين للضرر الجسدي أو النفسي.
وشدد مركز الأرض لحقوق الإنسان إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدف من وراء سن مثل هذه القوانين تشجيع استقطاب الخبرات العالية الكفاءة للعمل على أراضيه وهو ما بات يعرف بالهجرة الإنتقائية، إذ لا تتعدى نسبة الكفاءات العالية الأجنبية العاملة في الاتحاد سوى ما نسبته 1.7% من مجموع العمال الأجانب، وبهذا يكون الاتحاد الأوروبي متخلفاً عن باقي دول العالم بالنسبة لاستقطاب الخبرات العالية، حيث ترتفع النسبة في استراليا إلى 9.9% وكندا 7.3% والولايات المتحدة الأمريكية 3.2%.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من 3.8 ملايين مواطن من دول جنوب المتوسط يعيشون حالياً في مختلف دول أوروبا، من دول ( المغرب، الجزائر، تونس) ، ويبلغ عدد أفراد هذه الجالية المغربية نحو 2 مليون نسمة وتتكون أغلبيتهم من عمال يدويين نزحوا من أوطانهم تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية المزرية ، بحثاً عن العمل في المعامل والمصانع الأوروبية.
وتساءل مركز الأرض لحقوق الإنسان هل هى هجرة أم تهجير؟ حيث شهد القرن التاسع عشر أضخم تحركات سكانية شهدها التاريخ، وقد جاءت هذه التحركات نتيجة لعوامل جمة تجسدت بصفة خاصة في الأطماع الاستعمارية التي كانت المحرك الأساسي لذلك العصر.
ولم تكن إجراءات الإبعاد والتسخير إلا جزءاً من خطة أوسع، كان الاستعمار يهدف من ورائها إلى استغلال ثروات وشعوب البلاد التي خضعت له، واحتكار أسواقها، لترويج منتجاته الصناعية، وإفقار سكانها ليجعل منهم مخزوناً لليد العاملة الرخيصة، يستوردها بأقل التكاليف للقيام بالأعمال الشاقة التي أخذ مواطنوه يستنكفون عن القيام بها، كما يدفع بهم - عند الحروب وظروف العصيان أو التمرد - إلى التجنيد الإجباري ومواجهة الموت بدلاً من مواطنيه.
وشدد مركز الأرض لحقوق الإنسان على حقيقة هامة ألا وهى أنه ليس من العدالة في شيء أن لا يتمتع المهاجرين بالحقوق التي تنص عليها القوانين والتشريعات النافذة المعمول بها فى الدول الأوروبية، بل يبدو، على العكس من ذلك، أن اليد العاملة المهاجرة، بقدر ما تزداد إنتاجيتها بقدر ما تتفاقم أوضاعها الاجتماعية بالنسبة للسكن أو ظروف العمل، حيث أن اكثر من 48% من المهاجرين في أوروبا يعيشون في أماكن غير صحية، أو في فنادق يتقاسم فيها ستة أو سبعة أفراد غرفة واحدة، هذا فضلاً عن كونها لا تتمتع بالضمانات الاجتماعية الضرورية.
ويمضى التقرير مستعرضا فى محوره الثالث الشراكة الأوروبية مع مصر بين التنمية والاستغلال، حيث يبحث هذا الجزء من التقرير في أحوال المهاجرين المصريين فى أوروبا، وتأثير اتفاقية الشراكة الأوروبية عليهم ثم يتعرض لاتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، ويقدم رؤية نقدية لهذه الاتفاقية قبل أن يستعرض أهم تطوراتها، ويحاول أخيرا أن يجيب على سؤال هام وهو: كيف يدعم الإتحاد الأوروبي الإصلاحات في مصر؟ ومدى استفادة المصريين منها وذلك من خلال المهاجرين المصريين فى أوروبا، حيث ينظر المصريون إلى قضية الهجرة إلى الخارج نظرة عاطفية إلى حد بعيد، فالمصري، كما هو شائع، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالوطن والأسرة والمجتمع الذي نشأ فيه مهما طالت إقامته بالخارج أو كانت هجرته دائمة، وتظل أحلام العودة والاستقرار النهائي في بلده مصر تداعبه في غربته حتى في أوج اندماجه في المجتمع الذي هاجر إليه.
ولا يمكن الحديث عن هجرة المصريين إلى الخارج كظاهرة عامة إلا ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين ، وتنوعت أسباب سفر المصريين إلى خارج مصر خلال تلك الفترة، فمنها ما هو سياسي أو اقتصادي أو تعليمي أو لاستكمال الدراسة بالخارج.
ووفقاً لمصادر الجهاز للتعبئة والإحصاء فإن إجمالي المصريين المقيمين خارج مصر يبلغون عشرة ملايين مصري تقريبا، من بينهم ما يطلق عليهم "المهاجرون المؤقتون" ويقصد بهم المصريون في دول الخليج العربي أو العمالة المصرية. وهؤلاء يقدر عددهم بمليون و902 ألف مصري يشكلون نسبة 69.8 % من إجمالي عدد المهاجرين المؤقتون، ويتوزع الباقون ويقدر عددهم بـ824 ألف مصري على دول أوروبا وأمريكا الشمالية ويطلق عليهم "المهاجرون الدائمون".
وكشف تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان عن وجود عدد كبير يقدر بالآلاف من علماء مصر وأبنائها المتميزين خارج أرض الوطن، ووفقاً لدراسة أجراها الباحثون في الجهاز المركزي للإحصاء والهجرة في العام الماضي فإن هناك نحو 2600 عالم وخبير مصري يشغلون أرقى المناصب العلمية في مجالات الطب والهندسة وعلوم الفلك والفضاء والأحياء الدقيقة والليزر والحاسبات والإلكترونيات والعلوم الإنسانية خارج مصر، من بينهم 844 في الولايات المتحدة الأمريكية، و340 في ألمانيا، و196 في كندا التي يوجد بها وحدها 8 مصريين يشغلون مناصب عمداء جامعات كندية، و142 في انجلترا، و132 في فرنسا، و131 في النمسا، و107 في سويسرا، و86 في هولندا، وغيرهم في اليونان وإيطاليا ودول أخرى.
وكشف مركز الأرض لحقوق الإنسان عبر تقريره أن خُـبراء مصريون متخصِّـصون في الاقتصاد والتجارة والدولية، أكدوا على أن اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية التي دخلت حيِّـز التنفيذ منذ شهر يونيو 2004، قد أفادت الجانب الأوروبي أكثر من الجانب المصري، حيث أنها فتحت السوق المصري (80 مليون نسمة) أمام المنتجات الأوروبية بدون رسوم جمركية، فيما لم ينجح الجانب المصري في الاستفادة من الاتفاقية بالشّـكل المأمُـول، كما لم تنجَـح في استثمار المِـنحة الأوروبية في تطوير وتحديث الصناعة المصرية.
فقد تصاعدت الصّادِرات المصرية لدول الاتحاد الأوروبي من 3.5 مليار دولار عام 2004 إلى 9.8 مليار دولار عام 2008، كما تصاعدت الواردات المصرية من دول الاتحاد الأوروبي خلال هذه السنوات الخمس من 9.5 مليار دولار إلى 18 مليار دولار عام 2008، وذلك وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وهو بالطبع فرق لصالح الاتحاد الأوروبي، الذي استطاع أن يكسِـب حوالي 10 مليارات دولار، وهو ما يؤكِّـد أن الميزان التجاري يصبُّ في صالح دول الاتحاد الأوروبي، وأنه من الصّـعب جداً اقتِـحام السوق الأوروبية، من حيث مستوى الفرق بين جَـودة الصناعة المصرية ومثيلتها في أوروبا.
وعن أوروبا تنتهك حقوق المهاجرين حدثنا التقرير أن الهجرة غير المنظمة ظاهرة عالمية موجودة في كثير من دول العالم خاصة المتقدم، لكن الهجرة إلى أوروبا أصبحت إحدى القضايا المزعجة، التي تحظى باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن الدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب.
وعموما فإنه يمكن القول أن ازدواجية معايير الخطاب الأوروبي فيما يتعلق بالحديث عن احترام حقوق الإنسان، حيث نوه التقرير ان دول الاتحاد الاوروبى هي نفسها التي تجهز على الحق في التنقل الذي تنادي المواثيق والعهود الدولية به، وهي التي تنتهك الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمهاجرين المتواجدين فوق أراضيها، وهي التي تجعل منهم مواطنين من الدرجة الثانية بامتهان كرامتهم وتمريغها في وحل التمييز العنصري. بالرغم من أنّ البند 13 فى فقرته الأولى والثانية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على " حق أي شخص في اختيار مكان إقامته وحرية التنقل داخل أي بلد يشاء "، كما يؤكد على أنّ " لكل شخص الحق في مغادرة أي بلد والعودة إلى بلده الأصلي ".
ويختتم مركز الأرض لحقوق الإنسان تقريره بخاتمة يؤكد من خلالها على أن الاستعمار والفقر والسياسات الاقتصادية الجديدة في ظل هيمنة نظام القطب الواحد، مصدراً أساسياً للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب.
كما أن العولمة بما انطوت عليه من تنميط العالم على قاعدة تقديس نظام السوق، وحرية حركة رأس المال، وما اقترن بها من اتساع الفجوة بين الشمال والجنوب، خصوصا في ظل تعاظم دور الثورة التقنية، وثورة الاتصال والمعلومات، قد أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة والمديونية، وعطل جهود التنمية وفاقم من تردي أوضاع بلدان الجنوب في ظل عدم المساواة بين حرية حركة رؤوس الأموال والسلع من ناحية، وحركة القوى العاملة من ناحية أخرى، كما ساهم في انتهاكات جديدة لحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
كما شددت خاتمة التقرير على معاناة العمالة المهاجرة من حرمان المهاجرين من حقوقهم الأساسية، فأوضاع العمال المهاجرين في البلدان الأوروبية مثلا تتأثر بالسياسات الهادفة إلى تقليص أعدادهم من ناحية، وبتنامي موجة جديدة من العنصرية تحض على كراهية الأجانب وتصل إلى حد استخدام العنف في التعامل مع المهاجرين .
وتتبدى مظاهر التمييز ضد المهاجرين في عدم حصولهم على فرص متساوية في العمل، وحرمانهم من بعض الحقوق التي يتمتع بها عمال الدول الأوروبية.
وفي هذا الإطار يرى مركز الأرض لحقوق الإنسان أنه ينبغي إعطاء هذه المسألة أهمية خاصة في إطار الشراكة العربية - الأوروبية.
كذلك يرى المركز أن الاقتراحات التالية يمكن أن تسهم في إيجاد الحلول لهذه المسألة المعقدة :
- التزام جميع الدول الأوروبية المعنية بحركة الهجرة الدولية على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وعلى الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر من عام1990 .
- الشروع في مفاوضات بين الدول الأوروبية ودول جنوب المتوسط لإبرام اتفاقيات تتناول تحديد شروط الإقامة والتشغيل وضمان حرية العمل للمهاجرين في جميع دول الاتحاد الأوروبي أسوة بالجاليات الأوروبية الأخرى.
- الاتفاق على مسؤوليات بلدان الاستقبال فيما يتعلق بمصير المهاجرين وحقوقهم في التعليم والتكوين المهني وحرية التنقل وضمان الظروف الملائمة لمعيشتهم.
- إقرار مبدأ الاختيار فيما يخص العودة النهائية إلى الوطن والبقاء في دول الاستقبال، مع ضمان تقديم المساعدات المالية للمهاجرين العائدين وإعادة جميع مستحقاتهم الاجتماعية.
- حماية العمال المهاجرين من اتجاهات التمييز ضدهم ومن اعتداءات أصحاب النزعات العنصرية والمتطرقة في أوروبا.
كما يدعو المركز إلى:
- ضرورة احترام حقوق الإنسان الأساسية لجميع فئات المهاجرين في دول الاستقبال، بما في ذلك المقيمين فيها اضطراراً بصورة غير قانونية.
- إلغاء نظام الكفيل المعمول به في بلدان الخليج.
- مطالبة دول العالم كافة بالعمل على:
أ) تأمين حرية التنقل للمهاجرين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين المهاجرين -بغض النظر عن البلد الأصلي أو الجنسية - وبناء على سياسات موحدة ترتكز على مبدأ المساواة.
ب) اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لحظر وتجريم الدعاية العنصرية والحض على كراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب.
ويطالب المركز المنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية بالعمل معاً لكفالة الامان الشخصى والحياة المهاجرين بالاضافة لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى نصت عليها اتفاقيات حقوق الانسان ومنظمة العمل الدولية.
للحصول على نسخة من التقرير يرجي الاتصال بالمركز أو من على موقعنا على الانترنت
ت: 27877014- 202+ ف: 25915557-202+
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org
|