المركز الديمقراطى العربى بالتعاون مع شركة اوراسكوم تيلكوم القابضة
تقرير شامل عن المؤتمر بالإضافة لإستخلاصات وتوصيات المؤتمر
عقد المركز الديمُقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية مؤتمراً علي مدى يومي الأول والثاني من مارس الجاري لبحث الإنتخابات العراقية المقرر إجراؤها في السابع من نفس الشهر وما يمكن أن تطرحه من تأثيرات علي مستقبل العراق والمنطقة العربية،وقد شارك في فعاليات المؤتمر نخبة متميزة من المتخصصين والمهتمين بالشأن العراقي كما شهد حضوراً عراقياً مكثفاً شمل بعض المسئولين السابقين والمحللين السياسيين إلي جانب شخصيات مصرية وعربية وأجنبية ساهمت في مجموعها بقدر وافر من الأفكار والتحليلات بهدف استجلاء أبعاد المشهد العراقي الراهن وما ينتظره من تطورات؛ بما يمكن تناوله من خلال أربعة محاور رئيسية .
المحور الأول : الانتخابات بين القانون والسياسية :
ويركز هذا المحور علي المرجعية القانونية للعملية الإنتخابية والمستمدة من الدستور وقانون الإنتخابات ، من ناحية والتكييف السياسي للعملية الإنتخابية في إطار العملية السياسية التي يشهدها العراق منذ تعرضه للإحتلال الأمريكي البريطاني في عام 2003 .
وفيما يتعلق بالجانب القانوني تحدث د نبيل حلمى مؤكداً أن الانتخابات تكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لمستقبل العراق ، لكنها تُعد ترجمة للنصوص القانونية التي وضعها الاحتلال لتنظيم العلاقات في عراق ما بعد الاحتلال حيث دعمت من مفاهيم التمييز بين فئات العراقيين وفتحت المجال أمام تغليب سلطة الأقاليم علي سلطة المركز، وإضعاف الأخير بالمقارنة بالصلاحيات التي امتلكتها المحافظات، برغم أن القانون " رقم 16 " قد نص على تكافؤ المواطنين وأنهم سواء بسواء ومن ثم فان ما تقضي به تلك القوانين من رفض التمييز بين المواطنين العراقيين وبخاصة الناخبين لايحدث على أرض الواقع.
وعقب أ.د. أنور رسلان موضحا ما بلي:
- أن العملية الانتخابية تفتقد للحرية و النزاهة العراقية لأنها تجري في ظل سلطة الاحتلال وتقع تحت الاحتلال الأمريكى .
- ترجع أهمية الانتخابات العراقية فى أنها تمثل صوت الشعب العراقى وان كان ذلك الصوت لن يكون حراً لأنه مقيد برغبات المحتل.
- أن استبعاد بعض المرشحين أول قادح فى نزاهة الانتخابات العراقية فالأصل أن نترك الصناديق الانتخابية تتحدث ، باعتبار أن كل العراقيين ممثلون فى تلك الانتخابات، ولاينبغى تقسيم المواطنين الى درجة أولى ودرجة ثانية .
- لايوجد أى توصيف قانونى لتلك الانتخابات فلا هى تعتبر تمثيلا بنظام التصويت الفردى كما أنها تجمع بين ما يسمي بالقائمة المغلقة والقائمة المفتوحة ، و جدير بالذكر أن القوى الدولية تسعى الى استقرار العراق من أجل ضمان مصالحها تستند الى نظام سياسى معروف يسهل التعامل معه فى حقل العلوم السياسية.
- تتدخل العديد من القوى الدولية فى خط سير النظام العراقى وستسفر تلك الانتخابات عن تدخلات سافرة من قبل الدول الأجنبية فالعراق بمثابة اليتيم على مائدة اللئام .
- أما فيما يتعلق بموقع الانتخابات العراقية فى إطار العملية السياسية التي يشهدها العراق منذ قدوم الاحتلال، وما إذا كانت هل تشكل نقطة تحول أم استمراراً للمعايير التى أرساها الاحتلال، فقد أوضح الدكتور محمد السعيد ادريس الآتي:
1- العراق اُحتل من قبل دولة طاغية العراق هي الولايات المتحدة وتم ذلك الاحتلال من خلال أراضى عربية وبدعم عربى.
2- النظام الرسمى العربى لم يرصد له أى تحرك ملموس إلا بعد دخول القوات الأمريكية فى العراق وجاءت الانتفاضة العربية بعد التوغل الايرانى فى شئون العراق .
3- إن الاحتلال الأمريكى فى العراق قام على عدة مستويات :
أولاً : تدمير ماهو قائم من كيان عراقى يحمل ملامح لصدام حسين.
ثانياً : بناء عراق جديد على المفهوم الأمريكى عن طريق تشكيل عملية سياسية قائمة على المحاصصة الطائفية.
وأضاف الكتور محمد السعيد إدريس أنه مع ذلك فإن هذه المرحلة من العملية السياسية والممثلة في الانتخابا تشهد عددا من المتغيرات المهمة التي يمكن أن تؤثر بشكل أو بأخر فى نتائج الانتخابات القادمة وتتمثل في الآتي :
· متغيرات داخلية: أصبح المواطن العراقى أكثر دراية بما يحدث فى بلاده ، وبالنظر الى التكتلات الوطنية المرشحة نجد أنها تجمع بين السنة والشيعة وهذا يشير الى وجود سيولة حزبية بين تلك التكتلات، ولابد من الاشارة الى دور المقاومة عند الحديث على المتغيرات الداخلية فالمقاومة ترفض الانتخابات القادمة وترفض العملية السياسية برمتها.
· متغيرات خارجية: هناك العديد من المتغيرات الخارجية التى تستمد قوتها من القوى الدولية التى لها مصالح متعددة فى العراق، ومن أهم تلك القوى الدولية ايران، فبالنظر الى الدور الايرانى فى تلك الانتخابات نلاحظ أن ايران تواجه أزمة سياسية فى العراق فهناك انقسام بين الأحزاب الشيعية المرشحة للانتخابات فزيارة على لاريجانى الى العراق تؤكد على ذلك الانقسام ، ومن جهة أخرى يلاحظ أن ايران جاءت الى العراق من أجل مشروع ايرانى كبير وليس مشروع دعم الشيعة فى العراق.
· و بالنظر الى الجانب التركى فى تلك الانتخابات نرى أن تركيا لها خلافات مع الأكراد ولاتريد بشكل أوباخر أن تسفر تلك الانتخابات عن قوة للاكراد تساهم فى زيادة قوتهم فى مواجهة تركيا.
· أما بالنسبة للطرف العربى فمن المعلوم أن الطرف العربى غائب تماما عن تلك الانتخابات ومن ثم فإن العرب يتنازلون عن فرصة ثمينة لتحقيق استقرار العراق .
· الولايات المتحدة الأمريكية : تهدف الولايات المتحدة الى أن تترك عراقاً مستقراً من أجل الحفاظ على مصالحها الموجودة هناك مع ملاحظة أن الاحتلال الأمريكى لن يمنح العراق حرية سياسية كما هو متصور ومن ثم فان ذلك الاحتلال الأمريكى لايتبنى قضية الانتخابات العراقية من أجل استقرار العراق انما من أجل المصالح الأمريكية فى المنطقة.
وقد تناول الأستاذ خليل ابراهيم الدليمى في تعقيبه مايلي:
1- تتجه المعارضة السياسية فى العراق الى اجراء تحالفات خارجية مما أدى الى افشال التجربة الديمقراطية.
2- هناك العديد من المخاطر التى مرت بها العراق مثل فقدان استقلالية السياسة العراقية ، هدم البنية التحتية ، إثارة النعرات الطائفية، سرقة المال العام، استشهاد 500 ألف مواطن عراقى، 433 ألف سجين ومعتقل، 450 ألف مهجر خارج العراق.
3- الأحزاب السياسية العراقية غير قادرة على على أن تنهض بالشأن العراقى، وذلك يرجع الى أن تلك الأحزاب مؤسس على توجهات دينية وأيدلوجية، فهذه الأحزاب تتصارع من أجل المكاسب والمغانم والنفوذ ولغة الحوار بين هذه الأحزاب غائبة
وقد تناولت المناقشة العام للحضور ، مسألة شرعية الانتخابات فى ظل وجود الاحتلال الأمريكى للعراق، و أكد بعض المشاركين أن القانون الدولى لا يمنح شرعية لانتخابات فى دولة محتلة، و أن الاحتلال الأمريكى للعراق لم يكن شرعياً و من ثم فالدستور الموضوع 2005 يفتقد للمشروعيةً، و ما بنى على باطل فهو باطل، و أكد البعض أن عملية الانتخابات هى أكثر أعمال الاحتلال خسة لأنها كانت وسيلته لترسيخ الطائفية و المحاصصة، لاعتماد العملية السياسية التى ابتدعها بريمر على أحزاب طائفية هى نفسها المشاركة فى الانتخابات القادمة، و هى أكبر المخاطر على المستقبل العراقى. و تمحور رد المتحدثين و المعقبين على هذه النقطة، أنه مع الاعتراف بالشرعية المنقوصة للانتخابات و للعملية السياسية برمتها إلا أنها تبقى خطوة لابد منها فى ظل المعطيات الحالية و الواقعية خاصة فى ظل الانسحاب الأمريكى، و استعداد العراق لتولى أموره بنفسه، و أن مكمن الخطورة فى الانتخابات القادمة أنه تضع بين يد الناخب العراقى اختيار من سيتولى الحكم فى مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكى.
كانت إيران حاضرة و بقوة منذ بداية المناقشات على مختلف الأبعاد، فرأى البعض أن النشاط الإيرانى فى جنوب العراق و ما يطلق عليه عمليات التفريس و التخريب الذى تقوم بها إيران فى الجنوب هى احتلال آخر للعراق إلى جانب الاحتلال الأمريكى، بل و شُبهت السياسة الإيرانية فى العراق بالسياسة الإسرائيلية التوسعية فى المحيط العربى. و أكد د. محمد السعيد إدريس أن الاحتلال فى العراق هو احتلال أمريكى بريطانى، و أن وضع إيران فى العراق هو وضع الدولة ذات النفوذ الأقوى و لا يمكن أن توصف بالاحتلال ذلك أن الحالة الأخيرة لها شروطها و أوضاعها.
المحور الثاني : الالانتخابات العراقية والمحيط الدول :-
تناول الأستاذ عبد الحليم المحجوب في هذا المحور الموقفين الأمريكى و البريطانى من مسألة الانتخابات العراقية، و وقد أشار إلي أن الموقف الأمريكي يتأثر بثلاث عوامل رئيسيةهي:
- محددات البيئة الإستراتيجية التى تتم فيها الانتخابات العراقية والتي أرساها الاحتلال منذ أيامه الأولي و أول هذه المحددات هو تعمد سلطة الاحتلال الأمريكى تدمير الدولة العراقية في الأساس بدعوي الولاءات للنظام السابق تم حل كل من الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية وتركت البلاد لأكبر عملية نهب وسلب منذ وقوع غزو التتار لبغداد وتواصلت هذه العملية لعدة أسابيع طالت خلالها كل وزارات ومؤسسات النظام السابق فيما عدا وزارة البترول التي حظيت بحماية خاصة من جانب قوات الاحتلال وأجد ذلك مناخا مهيئا لكل ألوان العنف ما زال يحدث أثره حتي اليوم .
- يضاف إلي ذلك الصراع الطائفي والعرقي الذي خطط المستعمر الأمريكي والبريطاني لتفجيره علي أوسع نطاق ممكن تحت دعاوي "رد المظالم" للقوي التي لم تحظ بالمشاركة في السلطة بالقدر الكافي في ظل نظام صدام حسين علي حساب الطائفة السنية والعمل علي تهميش المكون السنى فى السلطة، و ذلك وفق شعار أطلقه مهندس السلطة بول بريمر الذى أكد أن " كل سنى هو بعثى و كل بعثى هو صدامى، و كل صدامى هو نازى"، و هذا ما سار عليه بريمر، فى إدارته للسلطة المؤقته و عملية وضع الدستور، و كان أهم هاجس من وجود البعث فى السلطة كونه أكثر تنظيماً و أكثر سنيةً. و بصورة عامة كرست الولايات المتحدة بهذا الوضع الطائفية كأساس لعملية الحكم الوطنى. و ثانى هذه المحددات هو الفيدرالية لترسيخ تقسيم العراق و فى هذا الإطار طرحت مسألة انفصال كردستان و تكوينها دولة مستقلة نفسها على مسار القضية العراقية ،وبالنظر للتعقيدات التي تحيط بهذا القضية وامتداد تأثيراتها إلي دول أخري في المنطقة فقد ارتضي الأكراد وبدعم أمريكي صريح إقامة سلطة محلية تملك كل عناصر الدولة دون إعلان صريح وتملك حق الاعتراض علي أي قرار قد تصدره الحكومة المركزية لا ترضي عه السلطة الكردية.
- من العوامل المؤثرة في صياغة الموقف الأمريكي الأدوار التي تمارسها دول الجوار، ويلاحظ هنا بوضوح أن الولايات المتحدة تتعامل بانتقائية مع دول الجوار العراقى، فهى تهدد سوريا من ناحية و تتهمها بإيواء البعث و تسهيل دخول المقاتلين عبر حدودها إلى العراق ويصل الأمر إلي حد شن غارات جوية في عمق الأراضي السورية، و فى الوقت الذى تدخل فيه فى حوار هادئ مع تركيا، تتجنب الصدام المباشر مع إيران مما شجع الأخير علي التصرف بحرية غير مسبوقة وباعتراف كبار مسئوليها ، و هذه السياسة الانتقائية تتعارض مع الرغبة الأمريكية فى إيجاد استقرار داخل العراق.
- مثل ظهور تنظيم القاعدة على الساحة العراقية تحدياً هاماً للولايات المتحدة فى العراق، و كان جورج تنت مسؤول المخابرات الأمريكية السابق قد نفى وجود أى صلة بين تنظيم القاعدة و النظام البعثى السابق، و أن التنظيم دخل العراق تحت سمع و بصر المخابرات الأمريكية، وقد لعبت القاعدة دورا مهما في تأجيج الانقسامات الطائفية فى الشارع العراقى ،وبما يخدم المخطط الأمريكي في النهاية.
- و التحدى الآخر الذى يواجه الولايات المتحدة فى العراق هو ظهور المقاومة العراقية بفاعلية ووضوح، و كان تقرير بيكر هامتلون قد أكد على ضرورة إقامة الولايات المتحدة علاقات حوار مع المقاومة العراقية، إلا أن هذه التوصية قوبلت بالرفض من جانب إدارة جورج بوش.
- أما العامل الأخير في بلورة الموقف الأمريكي فيتمثل في طبيعة المصالح الأمريكية في العراق ، ونشير هنا إلي أن الاتفاقية الإستراتيجية بين العراق و الولايات المتحدة و ضمنها الاتفاقية الأمنية التى عقدت فى آواخر 2008 تهدف إلى تقنين و إحكام السيطرة الأمريكية على العراق بعد الانسحاب المزمع فى 2011. فالسيطرة على موارد النفط العراقية تتم حالياً من خلال قانون النفط ، وانتهاج سياسة ليبرالية تتيح للشركات الأمريكية والبريطانية فرض هيمنتها علي ثروة العراق النفطية وتوزيع ما يتبقي في صورة جوائز علي الدول التي شاركت أو ساندت الاحتلال أو تخدم المصالح الأمريكية بشكل أو بآخر .
- ومن أهم ما تحرص واشنطن علي تحقيقه السيطرة على ثقافة و تفكير الأجيال العراقية القادمة من خلال التحكم فى التعليم و إقامة الروابط بين الجامعات العراقية و نظيراتها الأمريكية و ذلك إستكمالاً لمشروع طمس الهوية العراقية الممتدة في التاريخ، و الذى بدأ مع نهب المتاحف العراقية أثناء سقوط بغداد. و تسعى واشنطن للسيطرة على عملية بناء الشرطة و الجيش والأجهزة الأمنية من أجل القضاء على المقاومة و تأمين وجودها داخل العراق.
و عقب الدكتور جمال سلامة على ، بالتركيز على قابلية الحالة العراقية للتدخل الخارجى، و أهم النقاط التى تناولها:
1. أهم ما فى القضية العراقية هو قابلية العراق للتدخل، فالعراق يعانى من وجود أقليات متنازعة، و الدولة العراقية شأنها شأن أغلب الدول النامية فشلت فى تكوين هوية وطنية عراقية و ذلك لقصور عملية التنمية الشاملة و التنمية السياسية بصورة خاصة.
2. يعتمد نجاح الانتخابات البرلمانية القادمة على عملية دعم ثقافة الحوار بين الأطياف العراقية المتنازعة، و القضاء على الصراعات بينها، و إزاحة الطائفية من الحياة العراقية فى السياسة والمجتمع، و ذلك كى يأتى نظام سياسى عراقى بصناديق الانتخابات لا من خلال الغزو أو الانقلاب.
3. حالة التفكك و النزاع التى يعيشها الصراع تمثل حالة نموذجية لبلدان عديدة فى المنطقة العربية التى تعانى من فراغ وضعف و قصور و ربما فشل فى عملية التنمية الشاملة و السياسية و من ثم فالنموذج العراقى قابل للتكرار، و فراغ المنطقة يغرى أى قوة دولية أو إقليمية للتدخل، و بهذا لا مجال للوم تركيا و إيران على تدخلهما فى المنطقة.
4. الانتخابات العراقية القادمة قد تكون خطوة مرفوضة و غير مشروعة لدى البعض، خاصة أنها تأتى فى ظل الاحتلال و وجود ممارسات استبعادية، إلا أن إدارة الدولة مرتبطة بخروج الاحتلال، و بالتالى لا ضير من تقبل إجراء الانتخابات باعتبارها أمر واقع مرفوض و لكن لا بد من التعامل معه و الإفادة منه.
و كان الموضوع الثانى فى هذا المحور هو "المواقف الأوروبية و الصينية و الروسية" من الانتخابات العراقية و تحدثت فيه الدكتورة نورهان الشيخ التى ركزت على النقاط التالية.
- هناك إجماع بين القوى الثلاثة على الاهتمام بالمستقبل العراقى و بالتالى ما ستتمخض عنه الانتخابات العراقية من نتائج، و ذلك لوجود مصالح كبرى لهذه القوى فى العراق.
- الاتحاد الأوروبى يمكن تلخيص مواقفه فى الآتى:
أ- التفاؤل بشأن الانتخابات العراقية القادمة وأن تكون انتخابات حرة نزيهة، ذلك أن الاتحاد الأوروبى يرى أن العراق يمثل تجربة ديمقراطية إيجابية.
ب- يحرص الاتحاد الأوروبى على المشاركة فى عملية مراقبة الانتخابات و رصد نتائجها عن قرب.
ت- دول الاتحاد الأوروبى نافرة من الدور الإيرانى فى العراق.
- روسيا: ينبع موقفها من رغبتها فى إحياء علاقات الشراكة مع العراق، و يقوم هذا الموقف على عدم التدخل المباشر فى العملية السياسية العراقية، إلا أن روسيا:
أ- حريصة على مراقبة الانتخابات و بالأخص فى كردستان العراق.
ب- رافضة لإقصاء إيران أو تهميشها فى العملية السياسية فى العراق مستقبلياً.
ت- أخطر ما تمثله الحالة العراقية خطورة على المصالح الروسية هو التدخل الأمريكى المفزع فى العراق و الذى سيستمر بعد انسحاب الاحتلال.
- الصين: حذرة جداً فى تصريحاتها إزاء العراق، و تتخوف من أن تكون هذه الانتخابات غير نزيهة و ذلك فى شكل تصريحات عامة غير محددة الدلالة، إلا أنها تدعم العملية الانتخابية من خلال تصدير أحبار و طابعات و أوراق الانتخابات.
- تهتم هذه القوى بالانتخابات العراقية بمستويات مختلفة، و تختلف هذه القوى فى مواقفها إزاء التعاطى مع الملف الإيرانى، إلا أنها جميعاً تقف موقفاً محايداً و لا تتدخل فى العملية السياسية العراقية بشكل مباشر.
و عقب الدكتور سعيد اللاوندى على المشاركة السابقة بتركيزه على الدور الأوروبى لوضعه فى نصابه الصحيح، و جاء أهم ما تناوله فى النقاط التالية:
1. النظرة العربية إلى أوروبا غالباً ما تكون حالمة و متفائلة، إلا أن أوروبا خاصة فيما يتعلق بالعراق كادت أن تتواطأ مع الولايات المتحدة، فدافعها الوحيد هو المصلحة الاقتصادية، ففرنسا مثلاً وافقت ضمناً على ضرب العراق و صرح شيراك بعد الحرب أن المواقف الألمانية و الفرنسية بشأن الحرب كانت خطأً لن تقع فيه أوروبا مرة أخرى.
2. العلاقات العربية الأوروبية دائماً ما تكون ملتبسة، فهى تريد مصالح اقتصادية، بينما تبحث الأطراف العربية عن مواقف أوروبية داعمة للقضايا السياسية العربية دون مقابل.
و دارت أهم نقاشات هذه الجلسة حول النقاط التالية:
ü كان الموضوع الرئيسى للجلسة هو المواقف الدولية من عملية الانتخابات العراقية، و فضل بعض المشاركين وضع المسألة العراقية فى إطار لعبة أمم كبرى، فالصين و روسيا الإتحادية أرادا توريط الولايات المتحدة فى العراق، كى يزداد ضعفها و يتاح لهما الفرصة لصيغة نظام دولى جديد متعدد الأقطاب. و رأت دكتور نورهان الشيخ أن تراجع الولايات المتحدة إنما يرجع إلى أسباب داخلية و تراجع اقتصادى بالأساس توافقت مع سياسة خارجية غير حكيمة قادتها سياسة الرئيس بوش، و من ثم فليس احتلال العراق سبباً رئيسياً أو العامل الأبرز فى تراجع الولايات، و توافق الصين و روسيا و غيرهما من القوى على توريط الولايات المتحدة هو سيناريو مستبعد.
ü رأى بعض المشاركين أن الهوية الوطنية العراقية كانت هدفاً للقوات المتحدة و أنها عملت على تفكيك هذه الهوية المتبلورة و تدميرها و من ناحيته أكد الدكتور جمال سلامة أن التصارع الطائفى فى العراق هو نتيجة لفشل الدولة العراقية الحديثة فى عملية بناء هوية وطنية محددة. و أن هذا الفشل واضح مما يحدث الآن و لكن هذا الفشل يعزو إلى النظم السياسية الحاكمة و ليس مسؤولية الشعب العراقى، و لكون بنية النظام العراقى متشابهة مع باقى دول المنطقة قالنموذج العراقى قد يكون قابلاً للانتشار و التكرار فى المنطقة إذا ما حدث غزو أو تدمير لبنية الدولة.
ü كانت إيران حاضرة أيضاً فى هذه الجلسة، و أكد المتحدثون على أن إيران استثمرت ظروفاً خلقها الاحتلال، و أكد د/ جمال سلامة أن من واجب أى نظام أن يعظم من مصالحه حتى لو على حساب مصالح النظم الأخرى و من هذا المنطلق يمكننا فهم الدور الإيرانى فى العراق، إلا أن هذا لا يبرره. و المسألة الأهم ليس التدخل الخارجى فى حد ذاته و إنما القابلية للتدخل كما هو وضع العراق الذى يعانى من فراغ يجعله عالى القابلية للتدخل و الاستغلال من جانب أى نظام قوى.
المحور الثالث دول الجوار الإقليمي :-
في هذا الإطار تناول الدكتور مصطفي اللباد الموقفين التركى و الإيرانى من المسألة العراقية بصورة عامة ، و كانت أهم النقاط التى تناولها ما يلى:
- الدوران التركى و الإيرانى فى العراق لهما جذور ممتدة فى أحقاب التاريخ البعيدة، فهما دوران ليس جديدين على العراق، و دائماً ما كان السهل العراقى هدفاً للتوسع الإيرانى سواء فى فى عهد الإمبراطوريات الفارسية قبله أو بعده، و مع بداية العصور الحديثة كان العراق ساحة للتنافس الصفوى العثمانى، و تجلى هذا الصراع فى حروب أو فى معاهدات.
- الدور الإيرانى فى العراق يرتبط برغبة إيران و قادتها فى ممارسة دور إقليمى أوسع، و اعتمدت إيران فى ممارسة هذا الدور بعد الاحتلال الأمريكى للعراق على أدوات عديدة، فى العراق كان ساحة فضاء لنفوذها خاصة مع تعثر مهمة القوات الأمريكية، إلا أن الواقع ينبئ بوجود قواسم مشتركة بين الولايات المتحدة و إيران؛ فكلاهما يريدان القضاء على القاعدة و كذلك التحكم فى مصير الدولة العراقية بعد الاحتلال. و استطاعت إيران بصورة عامة أن تقلب الوضع فى العراق إلى فرص لممارسة نفوذ إقليمى أوسع، فتحولت من أقلية مثلثة إلى دولة قوية و مؤثرة فى مجريات الأمور فى الشرق الأوسط.
- اعتمدت تركيا فى ممارسة دورها فى العراق على الأدوات الاقتصادية لمواجهة السلطة الممنوحة لإقليم كردستان، فمن خلال هذه الأدوات تستطيع السيطرة على هذا الإقليم و تمنعه من الحصول على قوة اقتصادية يرتكز عليها استقلاله، و تولى تركيا اهتماماً خاصاً بمدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب و الكرد و التركمان، و تحرص على ألا يؤول مصيرها إلى إقليم كردستان، و لكنها لا تنفتح على تيارات سياسية أخرى.
- تمثل تركيا العامل الأكثر احتمالاً لوراثة الدور الأمريكى فى العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية، و لتركيا بعض التأثير على بعض الأحزاب العراقية و ربما ستقوم بدعمها و لكن بصورة محدودة.
- المضمون التاريخى التصارعى للعلاقات التركية الإيرانية لا زال موجوداً، إلا أنه لا يتجلى فى الحالة العراقية حالياً و إيران تفسح دوراً لتركيا فى العراق، و لا يمكننا الحديث عن تحالف إيرانى تركى ضد العرب.
و عقب على هذا الإسهام الدكتور حسن أبو طالب و كان أهم ما جاء فى تعقبيه ما يلى:
- الحالة العراقية تمثل حالة هامة فى المنطقة، فالعراق يساهم فى تشكيل وجه المنطقة لتجسيده لحالة العدائية بين إيران و الولايات المتحدة ، و بالنسبة للدور التركى، فتركيا تتبع نموذج "تصفير الأزمات" فى تعاملها مع العراق، فهى تبنى نفوذها من خلال القوة الناعمة ، و السؤال الذى ستجيب عنه التطورات المستقبلية هو إلى أى مدى سيؤدى اختلاف المصالح التركية الإيرانية إلى التأثير على مستقبل الانتخابات.
- إبعاد البعث كان هدفه الإخلال بالتوازن داخل العراق، و الذى يشاهد حالة من الاشتباك بين مختلف التيارات و القوى فهناك تيار عروبى و آخر وطنى عراقى و ثالث يولى وجهه شطر إيران و رابع تيار تصالحى، و بقراءة خريطة القوى العراقية تتضح التأثيرات الإقليمية المختلفة على الداخل العراقى. و بصورة عامة تعكس الانتخابات القادمة الواقع العراقى المعقد و المتنوع.
مناقشات الجلسة الثالثة :-
· تمحورت الجلسة حول مناقشة الدورين التركى و الإيرانى بالغى الأهمية. و كان التساؤل الأكبر حول مدى أخلاقية التدخل الإيرانى فى العراق و عموم المنطقة الخليجية, حيث رأى البعض أن إيران لم تكسب شيئاً من احتلالها الجزر الإماراتية و أن صورتها لدى العرب و مسلمى العالم قد شوهت جراء سياستها التخريبية فى العراق، أما المتحدث د/ مصطفى اللباد فقال أن مصالح النظم السياسية لا تعترف بأخلقيات المصالح بعيدة المدى، و أن ذكاء الدور الإيرانى يكمن فى تحويل التهديدات إلى فرص، و أن إيران حولت وضعها من أقلية مثلثة إلى دولة ذات تأثير قوى على مجمل أحداث المنطقة. أما تركيا فتمارس سياستها من خلال قوتها الاقتصادية و سيطرتها الاقتصادية على إقليم كردستان العراقى، و أن الدور التركى سيكون بديلاً عن الدور الأمريكى بعد انسحاب القوات الأمريكية.
تقرير الجلسة الرابعة.
ثم تناول السفير دكتور مصطفي عبد العزيز المواقف العربية تجاه العراق عموما وقضية الانتخابات علي وجه الخصوص مؤكدا علي ما يلي:
1- الولايات المتحدة الأمريكية ترى استبعاد الدور العربى فى العراق عن طريق تطبيق المحاصصة الطائفية ونص دستور 2005 على أن العراق لم يعد جزءاً من الأمة العربية.
2- الدور الايرانى يمارس نفوذاً مباشراً داخل العراق وذلك باعتراف ايران أنها سهلت الاحتلال الأمريكى للعراق.
3-هل يتوافر لدى العرب القدرة على التأثير فى تلك الانتخابات القادمة ، بالطبع لا لأن هناك تأكل لشكل النظام العربى ككل فهناك صراعات عربية عربية وشخصنة السلطة أضعفت من الدور العربى فى المنطقة، أضف الى أن عرب 2003 تغيروا عن عرب 2010 ولكن هذا التغير كان الى الأسوء، وبالتالى لايوجد رؤية عربية واضحة محددة للتعامل مع العراق واشكاليته.
4- بالنظر الى العلاقات العربية العراقية نجد أن السعودية مثلا واجهت مع العراق توترات كثيرة ،ولعل من أبرز تلك التوترات تصريحات المالكى عندما هاجم السعودية واتهمها بأنها تدعم الارهاب فى العراق، والسعودية من جهتها يقلقها التوغل الايرانى فى العراق ووضع السنة المتدهور، وبالنظر الى العلاقات المصرية العراقية نلاحظ أن مصر ليس لها أى خريطة واضحة المعالم تبين فيها ماذا تريد من العراق.
4- العراق سيشهد تدخلات سافرة فى تلك الانتخابات القادمة من تزوير وتضليل ولعل مسلسل التزوير بدأ باجتثاث البعث.
وجاء في تعقيب السفير إيهاب وهبةأن هذه الانتخابات العراقية ستحدد مستقبل العراق بشكل أو بأخر من خلال مايلى:
1- ان هذه الانتخابات العراقية سيترتب عليها عملية الفرز بين الأوساط العراقية ولكن هل ستتم عملية الفرز بطريقة سليمة أم بطريقة عنيفة.
2- الانتخابات ستظهر شكل الحكومة القادمة ومن ثم تحديد العلاقات العراقية العربية والعلاقات العراقية العالمية.
3- الأمل فى تلك الانتخابات أن تاتى حكومة يمكنها أن تساهم ولو بشكل أولى فى تمثيل اتجاه قومى عروبى ومن ثم عودة العلاقات العربية مع العراق بشكل طبيعى.
4- هناك موقف عربى يخشى من المد الفارسى أوالشيعى مثل الأردن والسعودية والكويت والبحرين ومن الجدير بالذكر أن الدول العربية ترغب بالفعل فى استقرار العراق ولكن لم نرى سعيا حثيثا من الدول العربية فى دعم ذلك الاستقرار الا بالتصريحات.
المحور الرابع : الخريطة السياسية للانتخابات والتأثيرات الأمنية
د/ محمد مجاهد الزيات متحدثاً
تناول د. محمد مجاهد الزيات خريطة القوي السياسية العراقية المشاركة في الانتخابات علي
النحو التالي:
1. الائتلاف الوطني العراقي والذي يتزعمه عمّار الحكيم ممثلاً للمجلس الإسلامي الأعلى العراقي الذي يعتبر أهم الكيانات داخل هذا الائتلاف، ويضم الائتلاف عدداً من الأحزاب الشيعية أهمها منظمة بدر (الجناح العسكري للمجلس الأعلى الإسلامي)، كما يضم التيار الصدري الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر، هذا بالإضافة إلى حزب الفضيلة والذي ينظر إليه كتنظيم منفصل عن التيار الصدري، والمؤتمر الوطني العراقي (أحمد الجلبي) وحركة الإصلاح الوطني (إبراهيم الجعفري) إلى جانب شخصيات سنية تفتقد إلى الوزن والتأثير السياسي.
ويتميز هذا الائتلاف بعدد من السمات وهي ،
- هذا الائتلاف هو أقرب الائتلافات إلي إيران، وهو تحالف شيعي موسع يسعي للفوز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما يسمح له منفرداً بتشكيل الحكومة القادمة، وإنهاء نظام المحاصصة، ليس رغبة في وطن عراقي موحد ولكن لأهداف طائفية ضيقة، خاصة وان هذه القوي هي نفسها التي قادت ما يسمي بالصراع الطائفي الذي دار في أعقاب الاحتلال الأمريكي.
- هذا الائتلاف يعاني من مشكلات داخلية كثيرة، خاصة فيما بين التيار الصدري والمجلس الإسلامي الأعلى، وهو ما يرجح أن صيغة تماسك الائتلاف تعتبر هشة.
2- التحالف الكردي: يضم التحالف الكردي بصورة أساسية حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (جلال طالباني) والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى جانب أحزاب كردية صغيرة منها الاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية الكردية وأحزاب صغيرة، فيما رفضت حركة التغيير الدخول في التحالف ودخولها الانتخابات منفردة.
أهم ما يميز هذا التحالف أنه دائما كان قادراً علي صياغة موقف موحد في التعامل مع حكومة بغداد، واستطاع دائماً أن ينحي خلافاته جانباً. واستمرار رفض الأكراد الانضمام إلى تحالفات طائفية أو غير طائفية، كما يرحبون بالانضمام إلى تحالفات متعددة الأعراق والمذاهب.
3- ائتلاف دولة القانون: يمثل ائتلاف دول القانون التكتل السياسي الشيعي الثاني في خريطة القوى السياسية في العراق الذي حاول رئيس الوزراء نوري المالكي من خلاله موازنة نفوذ الائتلاف الوطني العراقي، والإيحاء بأنه تكتل عابر للطوائف من خلال إغراء عدد من المنظمات الشيعية والسنية الصغيرة وعناصر علمانية للانضمام إلى التكتل. سعى رئيس الحكومة لفرض هيمنته على الأجهزة الأمنية العراقية وبصفة خاصة جهاز المخابرات من خلال إقصاء رئيسه اللواء الشهواني وتعيين عناصر تابعة له في المناصب القيادية داخل الجهاز.
لا يزال الائتلاف محسوباً على القوى الموالية لإيران، كما تبلورت اتجاهاته الطائفية خلال الفترة الأخيرة بصورة كبيرة.
4- الحركة الوطنية العراقية: والتي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أياد علاوي ونجحت في تشكيل كيان يضم قوى سياسية شيعية وعلمانية سنية، يدعم هذا الكيان عشائر شيعية وسنية رافضة لهيمنة الأحزاب الدينية وتقف على مسافة بعيدة من إيران، وهو ما أزعج القوى المرتبطة بإيران بدرجة كبيرة، فجاء قرار هيئة العدالة والمساءلة التي منعت أبرز قياداتها من المشاركة في الانتخابات.
وتحظى هذه الكتلة بدعم واضح من أغلب دول الجوار ولا تتمتع بعلاقة طيبة بإيران وهو ما دفع بعض قياداتها ذات الصلة بإيران للانفصال منها والانضمام لائتلاف دولة القانون.
تأثرت هذه الكتلة باستبعاد السيد صالح المطلك،ويمثل انضمام مجموعة السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية ومؤسس قائمة التجديد للحركة إضافة لها قيمتها.
5- جبهة التوافق: والمكون الأساسي في هذه الجبهة هو الحزب الإسلامي العراقي الذي ينتمي للإخوان المسلمين.
6- ائتلاف وحدة العراق: وهو تجمع بزعامة وزير الداخلية جواد بولاني ومجلس صحوة العراق برئاسة أبو ريشة، ويستمد ثقله بصورة أساسية داخل أوسط سنية.
7- المقاومة العراقية: تعتبر المقاومة العراقية كتلة لها تأثيرها الكبير وشعبيتها، وتتكون من ثلاث تكتلات هي: المجلس السياسي للمقاومة العراقية، فصائل التخويل بقيادة حارث الضاري، الحركة النقشبندية وتدين بالولاء للسيد عزت الدوري.
فضلت المقاومة عدم المشاركة لرفضها الواقع السياسي الذي ولد بعد الاحتلال، والخوف من الاعتقال عند التعبير عن نفسها في تنظيمات سياسية.
تناولت الدكتورة نيفين مسعد في تعقيبها عددا من الملاحظات يمكن إجمالها في الآتي:
- الائتلاف هو السمة الغالبة علي التكوينات السياسية العراقية وذلك نتيجة العدد الكبير للأحزاب السياسية بعدد الاحتلال.وهذا هو شأن التحول للتعددية الذي يأتي من اسفل والذي يكون غير منضبط، وهي ظاهرة متزامنة مع ظاهرة الانشقاق والتشظي الحزبي الموجودة ليس فقط في العراق ولكن في الوطن العربي كله.
- هذه الائتلافات تعاني من الضعف الشديد ، نتيجة أنها بنيت في الأساس علي أسس أثنية وطائفية،ونتيجة محموعة من القضايا التي لم تجد طريقها إلي الحل،مثل قضية كركوك وتعديل النظام السياسي وغيرها من القضايا.
- الملاحظة الثالثة متعلقة بنوري المالكي وائتلافه الذي حاول من خلاله أن يشيع أنه الرجل الذي يعيد هيكلة المشهد السياسي العراقي في اتجاه التأكيد علي فكرة الدولة المركزية وعلي مزيد من الانتماء للدولة وتقليل الانتماءات الطائفية، ولكن الحقيقة أن تطورات الأحداث تشير إلي غير ذلك وأن منطلقه هو منطلق شيعي بالأساس والدليل علي ذلك موقفه من قضية البعثيين.
- الملاحظة الرابعة متعلقة بفكرة تجريف التربة السياسية من أجل تبلور كيانات سياسية ذات توجه سياسي معين وكانت أدوات التجريف متنوعة مابين قانون الانتخابات وأسلوب الاقتراع ونسبة المهاجرين واللاجئين في الخارج، وحصص المحافظات من المقاعد، بالإضافة إلي الأداة الأهم والتي استخدم فيها العنف ليس ضد قوات الاحتلال ولكن ضد العراقيين أنفسهم. يضاف إلي ماسبق أداة خاصة بإجتثاث البعث.
- احتدام الصراع الأمريكي الإيراني علي الساحة العراقية،وذلك لوجود مجموعة من المتغيرات الرئيسية :علي الجانب الإيراني: المصالح الاقتصادية،والسعي السني للعودة إلي الساحة السياسية في العراق،بالإضافة إلي اقتراب موعد خروج القوات الأمريكية ورغبة ايران في ملأ الفراغ .بالنسبة للولايات المتحدة فإنها تريد تأمين إنسحابها من العراق وتهذيب النفوذ الإيراني في العراق
- الملاحظة الأخيرة ، وهي كيفية تأثير التركيبة السياسية العراقية المقبلة علي التوجهات العربية للعراق،خاصة وأننا بين خياريين إحداهما أكثر ولاءً لإيران والآخر أقل ولاءً لإيران.
وتحدث السفير رخا أحمد حسن عن تأثير الأوضاع الأمنية علي الانتخابات العراقية وأرجع عدم استقرار الاوضاع الامنية إلي الغزو الامريكي الذي حدث خارج إطار الشرعية، هذا الاحتلال استفز المشاعر الوطنية العراقية وهو ما أعطي المبرر لوجود مقاومة قوية بالإضافة إلي إثارة النعرات الطائفية وهو ما أدي إلي جماعات لها أهداف غير مقاومة المحتل.
وتناول حديثه الأوضاع في العراق بعد الانسحاب الأمريكي،ورجح أن الوجود الأمريكي سيكون في حدود 30-50 ألف جندي أمريكي علي شاكلة الأوضاع في كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا.
-الولايات المتحدة حاولت التأثير علي الأوضاع الامنية والتقليل من العنف وتخفيف حدة الاحتقان وتخفيف وطأة التدخل الإيراني من خلال التقارب مع البعثيين دون التأثير علي هدف الاحتلال الاستراتيجي في إنهاء وجودهم من الحياة السياسية العراقية.
وأشار إلي مطالبات البعض بتأجيل الانتخابات بسبب الأوضاع الأمنية في بعض المناطق وهو ما قد يؤدي إلي حرمان بعض المناطق من التصويت بشكل مناسب وبالتالي عدم وجود تمثيل مناسب.
وأضاف أن تأمين العملية الانتخابية يبدأ من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ودورها يبدأ من إعطاء فرص متساوية للمرشحين وعدم إستبعاد أيا منهم.كما أكد علي دور المراقبين المحليين لانهم أكثر تأثير في هذا المجال، بالإضافة إلي تأمين قدرة المواطن علي الوصول إلي المقر الانتخابي،فالمعلن أن هناك ثلاث دوائر إنتخابية وهذه المراحل المعقدة ربما تؤدي إلي الإعاقة والإستبعاد.
وأنهي حديثه مؤكداً علي أهمية تحقيق المصالحة الوطنية، لان عدم وجودها سيؤدي إلي عدم إستباب الأمن.
استخلاصات المؤتمر وتوصياته
عقد في نهاية المؤتمر حلقة نقاشية دارت خلالها مناقشة مفتوح حول كافة المحاور التي طرحت للبحث وركزت علي ما يمكن الخروج به من نتائج أو طرحه من توصيات.
أولا : التقديرات التي توصل إليها المؤتمر:
1- لن تحمل الإنتخابات العراقية القادمة أي جديد للعراق، لأن المقصود منها هو تكوين تحالفات جديدة، وأن عدم حدوث تغيير في نتائج الانتخابات ، تؤدي إلي تغييرات في الواقع السياسي، ربما سيحكم علي مستقبل العراق بالفشل، وربما يتطور الأمر ليصبح حربا أهلية عراقية، وهو تريده القوي المعادية للعراق.
2- تواجه الدول العربية صعوبات كبيرة إذا ما رغبت في ممارسة دور مؤثر في هذه الإنتخابات، وحتي ما يثار حول دعمها لإياد علاوي لن يجدي لأن العرب ليسوا فاعلين علي أرض الواقع العراقي، خاصة وأن إياد علاوي فرصته ضعيفة ،بعد أن أصبحت علاقته بإيران ضعيفة جداً.
3- نسبة المشاركة في الإنتخابات القادمة لن تكون جيدة، وهناك مؤشرات تقول أن نسبة المشاركة في إنتخابات مارس 2010 سوف تكون أقل من سابقتها في 2005، لأن المواطن العراقي أصبح أقل ثقةً في العملية السياسية نتيجة الإخفاقات المتتالية في توفير الأمن أو تحسين الوضع الإقتصادي، وبالطبع بسبب ما أفرزته هذه العملية السياسية من محاصصة وطائفية وتسببت في تقسيم العراق،ولأن المواطن العراقي أصبح يشكك في المكونات المطروحة علي الساحة ويري البدائل المطروحة ضعيفة.
4- إن إنشقاق التيارات والأحزاب يعبر عن ضعف الواقع السياسي في العراق ، وأن هذه الكتل والإئتلافات هي مجرد ديكورات، والانتخابات ديكورية تهدف تثبيت دعائم الاحتلال.
5- الوضع الأمني في العراق في عام 2010 أصبح أفضل كثيرا من الوضع الأمني في 2005 ، حيث تم إعادة تشكيل الجيش علي أسس غير طائفية نسبيا، وتم إنهاء الفرز والتهجير الطائفي ، وإختفت الزعامات العشائرية والقبلية التي كانت تسيطر علي الانتخابات الفائتة.
6- المقاومة العراقية هي المتغير الأساسي والحاسم في إحداث تغيرات في الواقع السياسي العراقي،وأن هذا المتغير يتعرض للكثير من التشويش المتعمد والتعتيم الإعلامي عليه، خاصة وأنها احد اهم الأسباب وراء الانسحاب الأمريكي الذي سيحدث العام المقبل ، نتيجة الخسائر الهائلة التي مُني بها الجيش الامريكي.
7- تشكيل الحكومة بعد الانتخابات سيكون أمرا في غاية الصعوبة لأن الجميع يدرك أنه لن يستطيع أن يحقق مكاسب تؤهله لتشكيل الحكومة منفرداً، وهو ما جعل الكثير من الائتلافات تستبق الاحداث وتعلن عن إمكانية التفاوض مع الائتلافات الآخري لتشكيل الحكومة.
8- إيران أصبحت صاحبة الدور الأبرز في الانتخابات العراقية القادمة خاصة و لها علاقات جيدة مع أغلب الائتلافات العراقية الشيعية، وان الحديث عن هذه الائتلافات وعلاقتها بإيران يتم في إطار أيهما أقرب لإيران وليس أيهما مع أوضد إيران بما في ذلك إئتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي حاول أن يجمع في إطار إئتلافه من كافة الأطياف السياسية العراقية.
9- المرجعية القانونية للانتخابات هي نفس المرجعية التي أرساها الاحتلال بما ترتكز عليه من سياسة الاستبعاد والمحاصصة والفيدرالية التي تحمل في طياتها بذور التقسيم.مع إبعاد العراق عن هويته العربية الجامعة بكل السبل الممكنة.
10 -جري الانتخابات تحت أعين الإسرائيليين ولعلنا نتذكر توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت الشكر للرئيس بوش علي قيامه باحتلال العراق والذي قضي ـ من وجهة نظره ـ لي أهم مواجهة والتصدي للمشروع الصهيوني .
ثانيا التوصيات:
باعتبار أن هذه الانتخابات سوف تفرز حكومة تتحمل مسئولية التخطيط لمستقبل العراق فيما بعد انسحاب القوات الأمريكية وبغض النظر عن كل التعقيدات التحيط بالدور العربي فلابد من صياغة موقف عربي فاعل يستهدف في المقام الأول المحافظة علي الهوية العربية للعراق وإعادة اللحمة بين كافة أطياف الشعب العراقي وفقا لمبادئ التوازن والعدالة والحد من التدخلات الأجنبية المشبوهة التي تستهدف التحكم في المستقبل العراقي بكل أبعاده .
ويمكن ممارسة هذا الدور من خلال ثلاث مستويات كالتالي:
المستوي الحكومي الرسمي،ويشمل خطين أساسيين يتمثل أولهما في مبادرة الدول العربية بطرح القضية العراقية علي القمة العربية القادمة بهدف التأكيد علي الدعم العربي لوحدة وسيادة العراق علي أراضيه ووضع الآليات الضرورية لمساهمة عربية جادة في عملية إعادة البنا من ناحية والمحاقظة علي هوية العراق الثقافية من ناحية أخري.
أما الخط الثاني فيتمثل في تجمع كل من مصر والسعودية وسوريا وتركيا للتوافق علي استراتيجية تخدم قدرة العراق علي التصدي للاختراقات الخارجية وتساعد في تخفيف حدة العنف وتمن الاستقرار الداخلي هناك وفتح حوار مع الحكومة المنتخبة بهدف إقناعها بتبني هذه المبادئ لصالح مستقبل العراق.
المستوي الثاني تعاون الأجهزة الأمنية التابعة للدول المذكورة عليه بهدف فتح قنوات خلفية مع كافة القوي السياسية العراقية لدعم وتعميق الأهداف الاستراتيجية العربية بعيدة المدي داخل العراق والتنسيق مع المؤسسات العراقي المناظرة في هذا المجال ليصب في النهاية لصالح مستقبل العراق.
المستوي الثالث : منظمات المجتمع المدني وتلك التابعة للجامعة العربية و أمام هذا المستوي مهمتين رئيسيتين
الأولي تكثيف العمل مع المنظمات العراقية المناظرة حول استعادة الشخصية العراقية الجامعة والتصدي لمحاولات التفكيك و احتواء النزعات الطائفية وبث ثقافة التسامح والتوازن في الحقوق والمسئوليات.
الثانية الاتصال بقادة وتنظيمات المقاومة العراقية بهدف استطلاع رؤيتها السياسية والبت فى تعاملها مع الوضع الراهن وبخاصة في فترة ما بعد الانسحاب مع التأكيد علي مطلب وقف نزيف الدم العراق والتصدي للجماعات الإجرامية التي تسعي لاستغلال الموقف لمنافع ذاتية .
|