هل يثأر القضاء الدولي لـ"حماس"؟!
غزة-سيد إسماعيل
أكد خبيران قانونيان، أن كافة الإمكانيات متوفرة لملاحقة المتورطين في اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي، بمن فيهم عدد من المسئولين الإسرائيليين، وأن عائلة الشهيد يمكنها مقاضاة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد مئير داغان لتورطهما في الحادث.
وأعلنت حركة حماس في مؤتمر صحفي، في غزة عن نيتها اللجوء إلى القضاء الدولي في معركتها ضد المتورطين باغتيال القيادي في الحركة محمود المبحوح، الذي اغتيل في دبي في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد ساعات من وصوله إلى الإمارة، فيما تم الكشف عن ملابسات وفاته وتأكيد تعرضه للاغتيال قبل يومين من انقضاء الشهر المنصرم.
"قصر النفس"
بدوره، قال الخبير في القانون الدولي الدكتور حنا عيسى :" إن المعضلة في محاولة حماس اللجوء إلى القضاء في معركتها ضد قتلة الشهيد المبحوح، هو أنها "حركة إرهابية" طبقا للتصنيفين، الأوروبي والأمريكي، مما قد يدفعها إلى التعاون مع جهات أخرى لنيل ثأرها من القتلة، مفضلا أن تكون الإمارات الوِجهة الرئيسية لهذا الموضوع.
يمكن لحركة حماس أن تستعين بالإمارات لأنها الدولة التي انتهكت سيادتها عبر محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي يمكنها الفصل في القضايا التي تتخذ بعداً متعدد الدول، طبقاً للمادتين 93 و 96 من القانون الدولي حنا عيسى
وأضاف عيسى في حديث لـ"فلسطين": " يمكن لحماس أن تستعين بدولة الإمارات، وهي الدولة التي انتهكت سيادتها عبر محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث إنها تتبع هيئة الأمم المتحدة ويمكنها الفصل في القضايا التي تتخذ بعداً متعدد الدول، إذ إن المبحوح فلسطيني، اغتيل بالإمارات من قبل قتلة حملوا جوازات سفر أوروبية مزورة، ويعتقد أنهم إسرائيليون، وذلك طبقا للمادتين 93و96 من القانون الدولي".
وأشار إلى إمكانية تشكيل محكمة دولية لمحاكمة قتلة المبحوح، لتتعدى من شارك في الجريمة بشكل مباشر، فتشمل من خطط لها ووافق على تنفيذها، أو كان أداة تسهيل للعملية، ليتم حل هذه المحكمة بعد انتهاء تحقيقاتها ومعرفة الجناة والمتورطين، ومن ثم إصدار أحكامها الملزمة دوليا، إلا أن ذلك يتطلب أن تقدم جهة يعتد بها من قبل الهيئات القانونية الدولية.
وقال: " يمكن لبعض منظمات حقوق الإنسان أن ترفع قضية أمام عدد من المحاكم الدولية في لاهاي، أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، نظرا لأن قتلة المبحوح انتهكوا حقه في الحياة، المكفول له في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، وعهدي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية، والسياسية والمدنية لعام 1966، خاصة وأنه لم يكن في منطقة النزاع، بل اغتيل في أرض محايدة".
وأضاف: " المشكلة الحقيقية التي نعاني منها كعرب عامة وكفلسطينيين خاصة، هي "قصر النفس"، أي أننا لا نستطيع مواصلة جهودنا لمتابعة التبعات القانونية لجريمة ارتكبت بحقنا لفترة طويلة، كقضية جدار الفصل العنصري مثلا"، ملفتاً إلى أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم "المهم أن نستمر".
أدلة دامغة
واتفق هيثم مناع، المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، والمختص في الشئون القانونية الدولية، مع ما قاله عيسى، حول سبل متابعة قتلة المبحوح قضائيا، ليضيف إليها وسيلة جديدة، وهي أن يتم مقاضاتهم من خلال عائلة الضحية، بصفتها طرفا مباشرا في القضية.
وأشار إلى أنه يمكن اتهام (إسرائيل) مباشرة بارتكاب الجريمة، نظرا لوجود عدة أدلة على تورطها في الجريمة، مضيفا: " إن وجود ستة أشخاص من حملة جوازات السفر المستخدمة في العملية داخل (إسرائيل) لا يدع مجالا للشك في تورطها".
وذهب إلى القول: "عائلة المبحوح تستطيع مقاضاة رئيس الموساد بصفته الأمنية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بصفته السياسية، بسبب موافقتهما على تنفيذ العملية، إذ يؤكد ذلك تصريحات لوزير الجيش الإسرائيلي، إيهود باراك قبل 12 عاما، بأن عمليات من هذا النوع يجب أن يوافق عليها رئيس وزراء (إسرائيل) بنفسه".
يمكن مقاضاة الدول الأوروبية الخمسة التي تم توريطها في عملية اغتيال المبحوح، في حال لم تقدم ما يثبت عدم ضلوعها في الجريمة، وذلك بملاحقة هذه الدول لإسرائيل قضائياً وإثبات أن الاحتلال استغل جوازات سفر هذه الدول دون علمها مما سيزيد الضغط الدولي على (إسرائيل) هيثم مناع
وكان وزير الصناعة الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر، قد صرح لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن العمليات التي ينفذها الموساد يجب أن تنال موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي وحده، فيما ذكرت صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية، أن رئيس الموساد مئير داغان، استقبل رئيس وزراء الدولة العبرية، بنيامين نتنياهو في مقر الموساد، الشهر الماضي، حيث التقى أعضاء فرقة قتلة المبحوح قبيل توجهها إلى دبي لقتله، كما أطلعه على خطة اغتيال المبحوح.
وأوضح مناع ضرورة أن تقاضي أسرة المبحوح- وهنا تكمن المفارقة- الدول الأوروبية التي تم توريطها في الحادث من خلال استخدام جوازات سفرها، أو أراضيها في عملية الاغتيال، وقال: " يجب على محامي أهل الضحية أن يقاضوا الدول الأوروبية التي تم توريطها في العملية، في حال أنها لم تقدم ما يثبت عدم تورطها في الجريمة، وذلك عبر ملاحقتها لـ(إسرائيل) قضائيا، واتخاذها إجراءات دبلوماسية صارمة كسحب السفراء، أو طرد دبلوماسيين، أو حتى قطع العلاقات المشتركة"، كما فعلت مارغريت تاتشر في 1987.
وأضاف مناع: " يمكن مقاضاة الدول الأوروبية الخمس إلى أن تثبت أنها "بريئة" حقا، وأنها لم تكن تعلم شيئا عن الجريمة، وأن الإسرائيليين استغلوا جوازات سفرها دون أن تدري، مما سيضيف إلى القضية بعدا قويا، وسيزيد الضغط الدولي على (إسرائيل) ".
وذكرت صحيفة ديلي ميل اللندنية عن مصدر استخباراتي بريطاني، أن وزارة الخارجية البريطانية وجهاز الأمن الخارجي البريطاني "إم آي 6"، تلقيا معلومات من (إسرائيل) قبل اغتيال المبحوح تفيد بأنها "ستنفذ عملية في الخارج وأنها ستستخدم فيها جوازات سفر بريطانية"، وأن ذلك لم يكن طلباً للحصول على إذن لاستخدام الجوازات، بل من "باب إطلاع الحكومة البريطانية على المسألة، وإعلامها بأن الوضع قد يتفجر".
وارتفعت انتقادات الشارع البريطاني للحكومة بسبب ردة فعلها "الباردة" حيال حادثة استخدام جوازات سفر بلادها، مقارنة بما حدث عام 1987، عندما طردت رئيس وزراء بريطانيا وقتها، مارجريت تاتشر 12 دبلوماسيا إسرائيليا، وأوقفت التعامل الاستخباري مع (إسرائيل)، إثر استخدام الموساد جوازات سفر بريطانية في عملية مماثلة لاغتيال المبحوح.
المصدر: فلسطين
|