مع بداية الصراع العربي الصهيوني واحتلال فلسطين عام 1948م, قدم العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً الآلاف من الشهداء والأسرى ضريبة الدفاع عن الأرض والكرامة العربية, كذلك المحتل الصهيوني خسر المئات من القتلى والأسرى لإقامة كيانه الغاصب لأرض وحقوق الشعب الفلسطيني.
العقود الست الماضية شهدت عدة محطات هامة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني على صعيد الاختطاف المتبادل للجنود والمدنيين من كلا الطرفين, إلا أن الكيان الصهيوني كانت له الوفرة دائماً في أعداد المختطفين من الجانب الأخر, وعلى مدار الأعوام السابقة جرت قرابة ثلاثين عملية تبادل للأسرى.
خلال عمليات التبادل كان الاحتلال الصهيوني يجبر على إطلاق سراح أعداد كبيرة من العرب والفلسطينيين مقابل أعداد قليلة من الجنود و المدنيين الصهاينة و بعض الجثث.
عمليات التبادل عربياً
منذ عام 1948م كانت الدول العربية وبالتحديد مصر وسوريا ولبنان والعراق ذات دور بارز في صفقات التبادل , لكن في السنوات الأخيرة كان الدور للفصائل الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في لبنان.
أول صفقات التبادل كانت في عام 1949م حيث أفرج الاحتلال عن (1098) مصرياً في صفقة الفالوجة مع مصر بتاريخ 27/12/1949م مقابل إفراج مصر عن (156) صهيونياً.
والإفراج عن (57) سورياً مقابل (48) صهيونياً بتاريخ 21/7/1949م, والإفراج عن (36) لبنانياَ مقابل (8) صهاينة, كما أطلق الاحتلال في نفس الفترة (28) سعودياً و(25) سودانياً و(24) يميناً و (17) أردنياً و (5021) فلسطينياً.
ثاني الصفقات كانت في 1/1/1955م حيث أطلقت مصر سراح عشرة جنود صهاينة اعتقلتهم في قناة السويس نتيجة ضغوط من مجلس الأمن.
أيضاً أفرج الاحتلال بتاريخ 30/3/1956عن (41) أسيراً سورياً مقابل إطلاق سورية سراح أربعة جنود صهانية وجثة أخر كانت اعتقلتهم في شهر كانون أول ديسمبر 1954م.
كما أطلق الاحتلال سراح(5500) مصري أسروا خلال حرب عام 1956 مقابل إفراج مصر عن أربعة جنود صهاينة في 5/2/1957, وفي 21/12/1936 أطلقت سورية سراح (11) صهيونياً مقابل إفراج الاحتلال عن (15) سوري.
وفي حرب حزيران يونيو عام 1967م أفرج الاحتلال عن (5237) مصرياً و(899) أردنياً و (572) سورياً كانوا قد أسروا خلال الحرب مقابل إفراج مصر وسورية والأردن ولبنان والعراق عن (15) صهيونياً في 23/1/1968م.
وإلى اليوم ترفض سورية تسليم جثة الجاسوس الصهيوني ايلي كوهين الذي اعدم شنقاً في العاصمة السورية دمشق عام 1968م.
في الثاني من نيسان أبريل 1968 سلم الأردن جثة جندي صهيوني قتل في معركة الكرامة مقابل إفراج الاحتلال الصهيوني عن (12) أسيراً أردنياً.
كما أفرجت مصر عن جندي صهيوني مقابل إطلاق سراح مجموعة من الجنود والمدنيين المصرين في 29/3/1971م.
في شهر أذار عام 1973 أطلق الاحتلال سراح خمسة ضباط سوريين اختطفوا في الجنوب اللبناني خلال مهمة استطلاع مقابل إفراج سورية عن أربعة طيارين صهاينة.
كما أفرجت سورية عن ثلاثة طيارين صهاينة بعد احتجازهم لمدة ثلاث سنوات مقابل إفراج الاحتلال عن (46) أسيراً سورياً في 3/6/1973م.
وخلال حرب تشرين عام 1973م أسر العرب ما يقارب(314) أسير صهيوني مقابل اعتقال الاحتلال الصهيوني (8783) جندياً عربياً من مصر وسورية ولبنان والمغرب والعراق, حيث أطلق الاحتلال سراح الجنود المصريين وأفرجت مصر عن الجنود الصهاينة في 22/11/1973م, وأطلق سراح الجنود السوريين والعراقيين والمغربيين مقابل إفراج سورية عن (68) اسرائيلي في 6/6/1974م.
وفي أذار 1974م أطلق الاحتلال سراح (65) أسيراً مصرياً وفلسطينياً بعد إطلاق مصر سراح جاسوسين صهيونيين.
وكانت مصر قد أرجعت في 4/4/1975 جثث ورفات (39) جندياً صهيونياً مقابل إطلاق سراح (92) أسيراً عربياً.
وأعاد الاحتلال ثلاثة من جنوده وجثث خمسة جنود مقابل إفراجه عن (291) جندياً سورياًَ و(85) أسيراًَ لبنانياً ورفات (74) آخرين.
وكانت الحكومة الأردنية قد أطلقت سراح عميلي الموساد بعد محاولتهما الفاشلة في اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, وأطلق الاحتلال سراح الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين وذلك في عام 1997م.
كما أفرجت الحكومة المصرية عن الجاسوس الصهيوني عزام عزام بتاريخ 5/12/2004 مقابل إطلاق سراح (6) طلاب مصريين معتقلين لدى الجانب الصهيوني و(156) أسيراً فلسطينياً .
عمليات تبادل خاضتها المقاومة
* فلسطينياً :
في الثالث والعشرين من تموز 1968م نفذت أول عملية تبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني , حيث تمكن مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من اختطاف طائرة صهيونية كانت متجهة من روما إلى تل أبيب ليطلق سراح الركاب مقابل (37) أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام العالية ومنهم من اعتقل قبل عام 1967م.
كما أطلق سراح الأسير الفلسطيني محمود بكر حجازي مقابل جندي صهيوني ضمن صفقة تبادل بين حركة فتح والاحتلال في 28 يناير 1971.
أما عملية النورس بين الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في 14/3/1979م, فقد أفرج الاحتلال عن (76) أسيراً فلسطينيا من بينهم (12) أسيرة.
وفي عام 1980أفرج الاحتلال عن الأسير مهدي بسيسو مقابل إطلاق سراح مواطنة عملت جاسوسة لصالح الاحتلال من قبل حركة فتح.
كما أفرج الاحتلال الصهيوني عن (4700) معتقل فلسطيني ولبناني في معتقل أنصار في الجنوب اللبناني وعن (65) أسيراً آخرين من سجون الاحتلال مقابل إفراج منظمة التحرير الفلسطينية عن ستة جنود صهاينة اعتقلوا في منطقة بحمدون في لبنان وذلك في 23/11/1983م.
ونفذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة صفقة تبادل سميت عملية الجليل في 20/5/1985م اطلق الاحتلال بموجبها سراح (1155) أسيراً مقابل ثلاثة جنود صهاينة كانوا محتجزين لدى الجبهة.
وكانت الجبهة الديمقراطية سلمت الاحتلال جثة جندي صهيوني بتاريخ 13/9/1991م مقابل سماح الاحتلال عودة أحد مبعدي الجبهة إلى فلسطين.
كما أفرجت حركة الجهاد الإسلامي عن أستاذ الرياضيات في الجامعة الأمريكية جيسي تيرتر مقابل اطلاق سراح (15) أسيراً لبنانياً من معتقل الخيام وذلك في 21/10/1991م.
واستطاعت كتائب الشهيد عز الدين القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام من أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط في ما بت يعرف بعملية الوهم المتبدد في الخامس والعشرين من حزيران 2006م وتجري حالياً جولات حول صفقة تبادل الجندي الصهيوني الأسير, حيث تطالب حركة حماس بطلاق سراح (1000) أسير من سجون الاحتلال من بينهم أصحاب الأحكام المؤبدة والأطفال والنساء والمرضى, وأعلن الاحتلال عن نيته إبعاد أعداد من المفرج عنهم خارج فلسطين, بحيث تتم هذه الصفقة بوساطة ألمانية وقد أعلنت حركة حماس أنها تدرس العرض الصهيوني حول الصفقة وستسلم ردها إلى الوسيط الألماني.
كما أعلنت كتائب القسام عن تمكنها من أسر جنود صهاينة خلال معركة الفرقان التي استمرت لثلاثة وعشرين يوماً إلا أن العدو الصهيوني كان في كل مرة يقصف المجاهدين وجنوده.
كما تمكن مجاهدو حماس من اختطاف الجندي الصهيوني الرقيب "أفي سابورتس" في السابع عشر من شباط 1988 عقب اشتعال الانتفاضة الأولى, وفي 3/5/1989م اختطف مجاهدو حماس جندياً أخر يدعى "إيلان سعدون" في مخيم البريج, وفي 18/9/1992م تمكن القسام من أسر الجندي "ألون كرفاتي", والجندي "نسيم طوليدانوا" بتاريخ 13/12/1992م داخل الأراضي المحتلة عام 48م, بحيث قتل الجنود الأربعة.
وقد شهد عام 1993م انتفاضة عملية في خطف الجنود الصهاينة حيث بلغت حصيلة عمليات الأسر (8) عمليات قتل خلالها (8) من العسكريين و(3) من رجال الشرطة الصهيونية.
وفي العام 1994م اختطف كتائب القسام الجندي الصهيوني"نخشون فاكسمان" وأمهلوا الاحتلال عدة أيام للإفراج عن الشيخ الشهيد أحمد ياسين.
* لبنانياً:
شهد عام 1991م عمليتي تبادل للأسرى بين حزب الله والكيان الصهيوني, حيث أفرج في الصفقة الأولى عن (25) أسيراً من الخيام, وفي الصفقة الثانية عن (51) معتقلا مقابل تسلم الاحتلال لجثة أحد جنوده.
وفي 21/7/1996م وبوساطة ألمانية أفرج الاحتلال عن رفات (132) لبنانيا استشهدوا في اشتباكات مع القوات الصهيونية واطلق حزب الله سراح (17) جندياً من جيش لبنان الجنوبي, كما أفرج عن (45) من مقاتلي حزب الله اللبناني.
كما سلم حزب الله جثة جندي صهيوني مقابل الإفراج عن (60) أسيراً لبنانياً ورفات (38) مقاتلاً من حزب الله من بينها جثة نجل الأمين العام هادي حسن نصر الله.
وفي العام 2003 أفرج الاحتلال عن رفات عنصرين من حزب الله مقابل سماح الأخير للوسيط الألماني بزيارة العقيد إلحنان تانينباوم المعتقل لدى حزب الله.
ومع 2004 تمكن حزب الله من إطلاق سراح (462) أسيراً فلسطينياً ولبنانياً من بينهم قيادات في حزب الله أبرزهم الشيخ عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني, وإعادة جثث (59) مواطناً لبنانياً والكشف عن مصير (24) مفقوداً لبنانياً وتسليم خرائط الألغام في جنوب لبنان وغرب البقاع, وبالمقابل أفرج حزب الله عن العقيد إلحنان ورفات ثلاثة جنود كانوا قد اختطفوا من قبل حزب الله في شهر تشرين أول أوكتوبر 2000م.
وفي 15/10/2007م سلم حزب الله جثة مواطن صهيوني مقابل حصوله على جثة اثنين من مقاتليه, وكما استطاع حزب الله من اطلاق سراح أحد جنوده مقابل تسليم جثث تعود لأربعة جنود صهاينة.
ونجح حزب الله في إطلاق سراح عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار المعتقل منذ عام 1979م وأربعة من مقاتلي الحزب اعتقلوا خلال العدوان على لبنان 2006 وذلك في 16/7/2008.
|