المواطنة الجزائرية مريم مهدي تحتضر وتموت ببطء منذ أكثر من 25 يوما في صمت مطبق، ليس فقط من المسؤولين عن شركتها والسلطات الوطنية، بل أيضا من المجتمع المدني. ولولا صلاح الدين سيدهم وكمال الدين فخار لقلنا واللجنة العربية لحقوق الإنسان.
تم طرد مريم من العمل ظلما وتعسفا يوم 8 نوفمبر 2009 من طرف "بريتش غاز"، شركة متعددة الجنسيات مقرها "حاسي مسعود"، وقد باشرت الإضراب عن الطعام في اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10/12/2009 الماضي ومازالت رغم تردي وضعها الصحي بشكل كبير.
قبل اللجوء إلى الاضراب عن الطعام آخر سلاح لدى المظلومين بدون حماية، استنفذت السيدة مهدي الإجراءات القانونية لدى مفتشية العمل، نتج عنه محضر عدم الاتفاق، وسوف تقدم الضحية شكوى قانونية بسبب الفصل التعسفي. جميع هذه الإجراءات تم تجاهلها من قبل المسؤول الأول عن قطاع "العمل" حسب ما نشر في الصحف. وبالرغم من التعبئة ودعم اللجنة الوطنية للمساندة التي تضم النقابيين المستقلين والمناضلين السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان كذلك عمل وسائل الإعلام بقيادة صحفيين شباب مخلصين وشجعان، لكن يبدو أن الصمت هو القاعدة لدى إدارة "بريتش غاز" البريطانية و كذلك السلطات الوطنية، التي من المفترض أنها تدافع عن كرامة المواطن والحقوق المشروعة للعمال.
في المغرب الكبير أيضا، ولكن لأسباب تتعلق بحرية الاستقصاء الصحفي، أنهى صحفي موريتاني فترة حكم بالسجن لمدة ستة أشهر أجمعت منظمات حماية الصحافيين على تقييمه بالسجن التعسفي. حنفي ولد الدهاه القابع في الحبس التحكمي بسجن دار النعيم بالعاصمة انواكشوط والذي بادر يوم الأحد 27 ديسمبر 2009 إضرابا عن الطعام بعد انتهاء محكوميته في 24 ديسمبر واحتفاظ السلطات به معتقلا دون جرم أو حكم لم يجد سوى الجوع ردا على الظلم.. وخلافا لبعض النقابات العربية شبه الرسمية التي تترك الصحفي يواجه التعسف البوليسي وحده، بذلت نقابة الصحفيين الموريتانيين ونقيبها الحسين ولد مدو جهودا كبيرة من أجل الإفراج عن سجين الكلمة النقدية والتحقيقات الجريئة.. إلا أن الصحفي الأمين في حقبتنا يخيف السلطات فتبحث له عن مسوغ تغيبه فيه عن الحرية والإعلام والتواصل مع الناس.. ومثل الصحفي توفيق بن بريك في تونس الذي يمضي ستة أشهر سجن وتنكيل في السجن انتقاما من موقفه أثناء المهزلة الانتخابية في تونس واضح للعيان. كذلك الصحفي السوري معن عقل الذي بدأ تحقيقات حول الفساد انتهت به للسجن.
أن لا يجد المرء سوى الإضراب عن الطعام لنيل أبسط حقوقه، هذا ليس فقط مؤشر لتراجع الحريات والحقوق، وإنما أيضا علامة رديئة لصمت المجتمع المسمى بالمدني عن هكذا انتهاكات وبقاء رهان الموت والحياة جبهة الدفاع الأخيرة عن حق ضائع.
هيثم مناع
|