french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations


فلسطينيو 48 بمواجهة تحديات جديدة وخطيرة -  فيوليت داغر 

 

2009-10-18

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

       

 

جل أدبياتنا التي تتناول الشعب الفلسطيني تتكلم عن قطاع غزة والضفة الغربية وليس الكثير حول الفلسطينيين الذين بقوا أو عادوا بعد فترة وجيزة إلى أراضيهم التي احتلت سنة 1948، بالرغم من التطورات المتسارعة في الفترة الماضية. كان لنا قبل قدوم الحكومة الأخيرة في الدولة العبرية ان نتكبد عناء الوصول اليهم لمعاينة أوضاعهم عن كثب باعتبار أن ما يسمى بعرب "إسرائيل" أو الداخل أو الخط الأخضر أو 48 باتوا مجموعة قومية في خطر. لقد مارست حكومات الدولة العبرية المتعاقبة التمييز بحقهم منذ اليوم الأول للاحتلال. لكنها بدءا من انتفاضة الأقصى عام 2000 أسرعت الخطى في تصفية مقاومة المجتمع المدني الفلسطيني الصامد فوق أرضه لسياساتها. فقد أضيف إلى تدني مكانتهم والتمييز ضدهم بعدُ آخر ألا وهو التهديد الفعلي لمواطنتهم بالنظر إليهم كمجموعة "معادية" وطاقة كامنة ل"طابور خامس". كان رئيس جهاز المخابرات قد عرفّهم في2007 بأنهم خطر استراتيجي على الأمن القومي الإسرائيلي، ووصفهم وزير الأمن الداخلي بالمصيبة الكبرى عندما قال: "يوجد مواطنون عرب في دولة إسرائيل، هذه مصيبتنا الكبرى. تَخَلَّص من غزة، تَخَلَّص من يهودا والسامرة، ستبقى مع المصيبة الكبرى". علماً أن بعض الباحثين حاولوا تقديم صورة عنهم بقبولهم الطابع اليهودي-الصهيوني للدولة. لكنه خطاب صيغ لخدمة أغراض الإحتلال وبنوع خاص أجهزة الأمن من أجل الاستمرار في السيطرة عليهم وفصلهم عن باقي فئات الشعب الفلسطيني.

الخطة التي كان قد وضعها في السنوات الماضية جهاز الشاباك (المخابرات العامة) ونفذتها الأحزاب السياسية والمرجعيات الدينية ووسائل الإعلام اليهودية هدفت للتحريض على الفلسطينيين. وقد اتضحت نتيجة هذه الخطة في استطلاع رأي أبرز في 2007 أن أكثر من 40 % من اليهود طالبوا بمنع الفلسطينيين من المشاركة في الحياة السياسية، و 64%  اعتبروا أن فلسطينيي 48 يعرّضون أمن الدولة للخطر بسبب معدل الولادة العالي لديهم. استطلاع آخر نشر بعد سنة أظهِر بأن 75 % من الإسرائيليين يؤيدون ترحيل فلسطينيي 48 في إطار "الحل الدائم". وكان رئيس الوزراء حينها إيهود أولمرت قد عقد جلسة مغلقة مع رئيس الشاباك تناولت "الأقلية العربية في إسرائيل وانخفاض نسبة تضامنهم مع الدولة وتزايد القوى الراديكالية والمخاطر المنطوية على ذلك". تحدث تقرير الشاباك الخاص بالجلسة عن: "تزايد تأييد عرب إسرائيل للفلسطينيين ولجهات إرهابية ولإيران وحزب الله وجهات لا تعترف بشرعية وجود إسرائيل كدولة يهودية". كما وحذر مما اعتبرها "ظاهرة وثائق الرؤية المستقبلية التي كثرت مؤخرا لدى عرب إسرائيل"، قائلاً : "هناك أربع وثائق من هذا النوع والمشترك بينها هي رؤية إسرائيل كدولة لجميع مواطنيها وليس كدولة يهودية".

لكن تصعيد الوضع بشكل أكثر مشهدية كان مع مجئ الحكومة الأخيرة وإعلانها جهاراً عن نوايا كانت مبيتة لحد ما عند الحكومات السابقة، وهي التخلص من العرب وجعل "إسرائيل" دولة يهودية نقية لا وجود فيها لغير اليهود. فما يجمع قادة هذه الدولة رغم اختلاف برامج أحزابها وخلافاتهم السياسية هو الاتفاق، لا بل المزاودة على بعضهم، عندما يتعلق الأمر بالسكان الأصليين في فلسطين المحتلة، سواء كانوا في قطاع غزة أم الضفة الغربية أم أراضي 48. أما من يقبل ببقاء الفلسطينيين على أرضهم، فيعتبر أن على هؤلاء أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية ومنزوعي القدرة على الاحتجاج أو على مقاومة الإجراءات التعسفية والتمييز بحقهم. افيغدور ليبرمان دعا بعد فوزه في اانتخابات 2009 لحظر نشاط الأحزاب والجماعات التي تدعم حماس، ولفرض نوع من الخدمة الإجبارية على كل من يعيش في الدولة العبرية، ومقايضة الأراضي التي يقيم فيها عرب 48 بتلك التي يقطنها يهود بالمستوطنات في الضفة الغربية. كما طرح مشاريع قوانين بترسيخ فكرة يهودية الدولة، وحرمان العرب من إحياء ذكرى النكبة، والقسم بيهودية الدولة لمن يحمل الهوية اليهودية، بما يهئ لسحب هذه الهوية ممن لا يقبل ذلك من العرب ومن ثم طردهم من أرضهم!

هذا التصعيد لا يطمس أن التهويل المبرمج من "الخطر الديمغرافي" كان يترجم فعلياً منذ ستة عقود بعمليات تهجير واسعة ترافقت مع مصادرة ممنهجة للأرض. كما أن حملة بناء المستعمرات المتواصلة لم تقتصر على الضفة الغربية ومدينة القدس والجولان فقط، وإنما طالت مناطق الجليل والمثلث والنقب. لقد تم فرض الأمر الواقع بالقوة وطُرد الفلسطينيون من العديد من قراهم ومدنهم ومنعوا من العودة إليها حتى ولو سكنوا على بعد كيلومترات. فهم لم يعودوا يملكون اليوم من أراضيهم سوى 3% نسبة لعام 1948. وفي الوقت الذي تحتاج فيه58.4%  من الأسر الفلسطينية لوحدة سكنية على الأقل خلال العشرية القادمة، لن تتمكن 43% من هذه الأسر من بناء أية وحدة سكنية إضافية.

لقد شيدت السلطات المحتلة أكثر من ستمئة بلدة ومدينة للمحتلين على أنقاض خمسمئة وواحدة وثلاثين قرية ومدينة فلسطينية. ففي النقب على سبيل المثال، ازداد عدد السكان اليهود 900 ألف نسمة ضمن ما تسميه تضليلاً المحافل الرسمية الصهيونية ب "خطط التطوير". كون التطوير يعني بالقاموس الإسرائيلي استكمال مخططات التهويد على شاكلة ما حصل قبل سنوات عند الاستيلاء على 45 قرية فلسطينية في النقب، وهدم المنازل في قرية طويل أبو جرول، ومصادرة الممتلكات والمواشي والخيام التي تأوي الفلسطينيين ليتركوا بعد اتلاف صهاريج المياه تحت حرارة الشمس الحارقة، فيما يعد واحداً من أنواع التطهير العرقي.

إذن إن كان عرب النقب أو بدو جنوب فلسطين مائة ألف نسمة قبل عام 1948، فلم يبق منهم مع سياسات الطرد والتهجير هذه سوى 11 ألفاً اليوم. وبعد أن كانوا يملكون 60% من مساحة البلاد، من الأردن والضفة وقطاع غزة إلى سيناء، يعتبر وضعهم الاقتصادي اليوم الأكثر صعوبة بين جميع المجموعات السكانية الأخرى في "إسرائيل". إنهم مثال على ما يرتكب من جرائم بحق فلسطينيي الداخل وخاصة في المدن المختلطة، وفي عكا ويافا وقرى وبلدات المثلث في منطقة وادي عارة والطيرة وقلنسوة وكفرقاسم. علاوة على الاستفزاز المستمر بشعارات "الموت للعرب" المكتوبة على جدران منازل عربية والاعتداءات المنظمة لاخراج ساكنيها من الأحياء ذات الأغلبية اليهودية وإحراق بيوتهم وسياراتهم. مما يؤشر إلى أن العرب ليسوا بالنسبة لليهود سوى غرباء في وطن ينكرونه عليهم ويسعون جهدهم لطردهم منه.

عبر سياسة التضييق الشامل هذه، تم حشر أكثر نسبة عرب على أقل مساحة أرض رغم تزايد أصحاب الأرض الأصليين. فإذا كان حوالي 156 ألف فلسطيني، أي ما نسبته 9% من الفلسطينيين من سكان القرى، وقلة من سكان بعض المدن كحيفا، عكا، يافا، اللد والرملة، استطاعوا البقاء ضمن الحدود التي أقرتها هدنة 1949، فقد تضاعف عدد الفلسطينيين مذاك أكثر من سبع مرات. اليوم يبلغ تعداد عرب الداخل (بالاستناد للتقرير الإحصائي السنوي لسنة 2008 لدائرة الإحصاء المركزية) 1,431,700 نسمة (يشمل التعداد سكان شرقي القدس والجولان المحتلين أيضاً)، أي أن نسبتهم لمجموع السكان تناهز 20%. وهم يتوزعون بين مواطنين وحائزين على صفة "مقيم دائم" في "إسرائيل" دون امتلاك الجنسية الإسرائيلة، حيث حسب قانون المواطنة الإسرائيلي، حصل على المواطنة كل من أقام داخل الخط الأخضر في 14 يوليو 1952، أي حين إقراره.

عموماً غالب البلدات العربية (نحو 85 %) تقع في أسفل السلم الاجتماعي- الاقتصادي، ومعطيات مؤسسة التأمين الوطني لسنة 2006/7 تشير إلى أن 61.3 % من العائلات العربية تقع تحت خط الفقر. كما أن الظروف البيئية في التجمّعات العربية من مثل: المعالجة غير السليمة لمياه المجاري، نقص مياه الشرب النقيّة، انتشار الكسّارات والمجمّعات الصناعيّة، تجاهل التخطيط الهيكلي للاعتبارات البيئية، تنتج حسب مركز العدل البيئي في جمعية الجليل أخطاراً صحية جدية على السكان.

إذا كانت حقوق هذا المكون من مكونات الشعب الفلسطيني الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية مهدورة، فحقوقهم السياسية والمدنية ليست بأفضل حال. الملاحقات السياسية بحقهم باتت هدفاً واستراتيجية عمل لإضعاف بنيتهم وفك ارتباطهم مع قضية شعبهم ومع بعدها العربي والإسلامي والدولي. هذا المخطط لمحاصرتهم، ضمن معادلة الولاء للصهيونية بدل الانتماء للوطن، معياره القبول بالأسرلة وبالخدمة المدنية الإسرائيلية ومعاداة نضالات الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال. الأمر الذي يسهّل عملية فرزهم بين معتدلين ومتطرفين وييسّر للمحتل فرض قيادات بديلة تقبل بيهودية الدولة، وتنسى حق العودة، وتتجاهل الأسرى ومعاناتهم، وتدير ظهرها لتهويد القدس ولجرائم "إسرائيل" في غزة والضفة الغربية، وتقبل بتصفية حقوق الشعب في الوطن والشتات وباقتلاعه مما تبقى من أرضه.

وفي حين يتابع نظام الفصل العنصري في الدولة العبرية سياسات التهجير وتهويد الأراضي، يعمل لإيلاء الدين مرتبة مركزية، ولهيمنة الثقافة العبرية، ورصد المخصصات المالية لصالح التجمعات اليهودية، وكل ما يشعر العرب بأنهم مستبعدون من مؤسسات تعتبر حكراً لليهود وتخدم أهدافاً يهودية-اسرائيلية وليس مجمل مواطني "إسرائيل". الوسائل المتبعة كثيرة منها: استبعاد العرب من مراكز القرار، عدم توظيفهم بمناصب رفيعة، تخصيص مؤسسات لمعالجة شؤونهم، التمييز ضدهم في تركيبة الإعلام وفي جهاز التعليم، الإجحاف بحقهم على صعيد تنفيذ القوانين وفي توزيع الميزانيات وخطط التطوير. فعلى سبيل المثال، لم تعترف "إسرائيل" وسلطاتها حتى اليوم بشكل رسمي بعدد كبير من القرى العربية (معروفة ب"القرى غير المعترف بها")، كما لم تزود سكانها بأية خدمات، وأعاقت تعيين سلطات محلية. أما عندما سمحت بذلك، فمارست بحقها اجحافاً سافراً بالمقارنة مع السلطات المحلية اليهودية.

إجراءات القمع والتهميش ومصادرة الأراضي وهدم القرى قابلتها حركة احتجاج وتمرد جماعي اشتعلت شرارتها في آذار 1976. وفي كل عام تجري تحركات واسعة بمناسبة إحياء عروبة الأرض في الناصرة وأم الفحم والنقب وسخنين ودير حنا وعرابة وداخل الجامعات. يقابل ذلك عسف وملاحقات سياسية بحق ممثلي الأحزاب والتجمعات العربية وناشطي المجتمع المدني، بهدف كسر شوكتهم والإجهاز على مقاومتهم كما وقطع اتصالهم بمحيطهم العربي وطمس هويتهم. خلال العدوان الأخير على غزة تضافرت مجدداً جهود المؤسسة المدنية الإسرائيلية وبالخصوص الأكاديمية، متمثلة بإدارات الجامعات وبنوع خاص جامعة حيفا، والمؤسسة الإعلامية، وتناسقت الأدوار بين الجهاز القضائي والشرطة والمخابرات التي كان من السهل بمكان حصولها على قرارات الاعتقال ولاسيما بالنسبة للشبيبة دون الثامنة عشر.

من الوسائل الأخرى للانتقام من الفلسطينيين بسبب مواقفهم السياسية، كان البرلمان الإسرائيلي قد صادق في تموز 2008 على تمديد سريان قانون المواطنة والدخول إلى "إسرائيل" لسنة إضافيّة بعد تمديده في آذار 2007 وتوسيع نصه بمنع لمّ الشمل ليشمل مواطني "دول معادية"، وهي سورية ولبنان والعراق وإيران، وكل من يسكن في مكان تجري فيه عمليات تعد خطراً على أمن "إسرائيل" ومواطنيها. أضيف قبل سنة قطاع غزّة لهذه القائمة. فإثر الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان صيف 2006، وبفعل موقف المجتمع الفلسطيني في "إسرائيل" منها، كان الكنيست قد صادق في حزيران 2008 على اقتراح قانون يمنع من يزور دولة "معادية" دون إذن وزير الداخلية من ترشيح نفسه للكنيست خلال سبع سنوات. تفسر الزيارة وكأنها تأييد للكفاح المسلح ضد الدولة العبرية، رغم أن هذه الدول هي عربية أو إسلامية، وبعضها بنوع خاص يضم عائلات تشكل امتداداً لعرب 48 وأحياناً أقرباء من الدرجة الأولى.

تجلت الانتهاكات باعتداءات أفراد الشرطة والأمن على ممثلي الأقلية العربية وأعضاء الكنيست العرب، بما فيها الجسدية خلال مشاركاتهم بالاحتجاجات واطلاق قنابل الغاز او الرصاص المطاطي عليهم بعد التعرف على هويتهم. تستند السلطات الأمنية في ممارساتها التمييزية العنصرية هذه على أنظمة الطوارئ التي ورثتها من الاستعمار البريطاني لفلسطين، حيث تقوم بتلفيق سيناريوهات وادعاءات تقيض لها اصدار أوامر بالمنع من السفر، وأحياناً إلصاق تهمة "التعامل مع عميل أجنبي"، وأحياناً أخرى يطال المنع دخول المناطق المحتلة في 1967 والتواصل مع الأهل. ذلك إلى جانب مصادرة جوازات السفر وإجراء محاكمات تعسفية ضد الناشطين والقياديين الفلسطينيين من الأحزاب والحركات السياسية والمدنية. كما إصدار أوامر بمنع الموقوفين من زيارة أهلهم أو محاميهم لهم وتعرضهم للتعذيب والمعاملة اللانسانية والمهينة والحاطة بالكرامة.

هذا الأمر ينبه لخطر إحداث شرخ في صفوف الفلسطينيين وتصنيفهم بين متطرفين ومعتدلين، ومن ثم توسيع إطار الملاحقات ومشروع الخدمة المدنية. فالعشرات من قيادات الأحزاب والحركات السياسية والنشاطات الخيرية استدعوا من قبل الشاباك الذي يقوم بملاحقة كائناً من كان ينسج علاقات مع طرف فلسطيني أو عربي، على أساس أنه عمل ارهابي أو دعم للإرهاب. وعند غياب الأدلة الكافية يتم التستر بأدلة سرية لا يجري كشفها الا للقاضي. في نفس الوقت، يتلقف الإعلام التهم الموجهة للشخص ويتعامل معها كأنها حقائق، ثم يحولها لتهمة جماعية ضد الشعب برمته. عشرات من التهم والتحقيقات قامت ضجة كبيرة حولها قبل أن تخفت حيث لم يجدوا سنداً لها. لكن الوصمة بقيت عالقة على عرب فلسطين لنزع الشرعية عن العمل السياسي والخيري ووصمه بالإرهاب.

تعمل أجهزة الشاباك أيضاً على الإيقاع بالشباب العرب من خلال مواقع الانترنت والمراسلات والتخاطب ورصد البريد الالكتروني. وكانت الحركة لحرية المعلومات قد كشفت عن وجود ملحقات سرية لتعاقد السلطة التنفيذية مع شركات الهواتف الخليوية، بما يتيح لجهاز المخابرات التنصت على مكالمات الأشخاص الذين يتعقبهم وكشف أماكن تواجدهم وجمع المعلومات عنهم وعن مخاطبيهم. وهذا ما يحدث أيضاً مع شبكات الاتصال والانترنت وشركة طيران العال وكل المؤسسات التي تصب في خدمة المؤسسة الأمنية، بما فيها مؤسسات تعليمية وجامعية وأخرى اقتصادية عنصرية. مما يتيح لرئيس المخابرات تحقيق تهديداته باستخدام الأساليب غير الديمقراطية في مواجهة من يعترض على يهودية الدولة.

لكن إذا كان نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا قد أسقط. واذا كانت أعداد واسعة من جمعيات المجتمع المدني والهيئات الدولية تشبّك وتتحالف اليوم لدعم المقاومة الفلسطينية، وشن حملة مقاطعة للبضائع الإسرائيلية، وتسيير خطوط بحرية لكسر الحصار عن غزة، ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وتفكيك جدار الفصل العنصري، ودعم القدس ومقاومة تهويدها، والاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، وكل ما من شأنه توسيع حركات التضامن بعد خفوتها بفعل عوامل داخلية وإقليمية ودولية عديدة، فهل يحق للمقاومة المدنية العربية والدولية أن تتهاون في قضية التمييز العنصري اليومي والتهديد المباشر بالترانسفير لمن اختلط عرقهم ودماؤهم بتراب الأرض ؟ ما معنى صمت الديمقراطيين الغربيين والمدافعين عن الحقوق الإنسانية أمام المشروع الإسرائيلي ليهودية الدولة الذي يشكل أعلى صيغ التمييز والنبذ والاقصاء على أساس الدين في الأزمنة المعاصرة ؟ أين المال العربي من الإفقار الممنهج للشعب الفلسطيني بين النهر والبحر؟ وأين التواصل النضالي الضروري بين كل الأحرار وما يسمى تعسفاً عرب 48 الذين هم في الواقع ذاكرة التاريخ وحقيقة الجغرافيا وجوهر التعددية الدينية والقدرة الألفية millénaire على التعايش مع الإختلاف ؟ الجواب على هذه الأسئلة في الأفعال والنزول لمعترك من يبحثون عن يد تمتد لهم في أزمنة القحط والفجور والجريمة المنظمة على مستوى دول ومؤسسات بين دولية لا تتوانى عن تحطيم السنن والقيم والأخلاقيات الناظمة للمجتمعات البشرية.

مقال نشر على الجزيرة نت بتاريخ 14 اكتوبر 2009

         

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta - 92240 Malakoff – France

Phone: (33-1) 40921588  * Fax: (33-1) 46541913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu www.achr.eu

 

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها

الصفحة الرئيسة