في الوقت الذي نشهد فيه تسارعاً في الخطى للاستحواذ شبه الكامل على فلسطين التاريخية وهضم مجمل حقوق الشعب الفلسطيني بكل الأساليب المتاحة، يصبح النضال بكل الوسائل الشرعية الدولية أشد راهنيه لإنهاء الاستيطان في الجولان والانسحاب الكامل منه. فأمام حالة اعتداء عسكري ينجم عنه ضم أراضي بالقوة وتغيير في الطبيعة السكانية والبيئية، من واجب سائر المناضلين الأحرار في العالم المزيد من الاهتمام بملف الجولان والمساهمة بوقف جريمة حرب تستمر منذ 42 سنة في ظل صمت دولي مدوّي ومريب.
من أسباب اقتراف هذه الجريمة أن مرتفعات الجولان تحتل موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية بالنسبة لدولة الاحتلال، حيث كان إسحاق رابين قد قال ذات يوم: "حتى في نطاق تسوية شاملة ومعاهدة سلام، فإن إسرائيل لن تتنازل عن الجولان". أما مناحيم بيغن فأورد في برنامج حكومته الثانية في تموز (يوليو) 1981، "أن إسرائيل لن تتخلى عن الجولان ولن تزيل أي مستوطنة أقيمت فيه". فهل ستكون الأحزاب اليمينية العنصرية التي تشغل الساحة اليوم أكثر سماحة صدر ممن سبقها؟
باحتلال الجولان في 1967 وضعت الدولة العبرية يدها على ما مساحته 1250 كم مربع وطردت الجزء الأكبر من سكانه، حيث نزح 120 ألف نسمة من أصل 153.000 إلى داخل سوريا بعد تدمير 110 من قراهم ومدنهم ومنعهم من العودة اليها. لم يبقَ سوى حوالي سبعة آلاف نسمة على أرضهم وهم اليوم مع ابنائهم وأحفادهم يتجاوزون بقليل ال20 ألفاً، يعانون كل أشكال الاضطهاد والتهويد والاستيطان وفرض الجنسية الإسرائيلية ومؤامرة ترسيخ دولة الموحدين الطائفية وكل ما خبره سكان الأراضي الفلسطينية من فتن ومؤامرات وإرهاب وقمع، مع فارق أنه لم يكن من كبير أصداء حول أوضاع أهل الجولان في الإعلام.
كذلك لم يكن الإعلام شغوفاً بأوضاع الذين رحلوا عن أرضهم قبل أربعة عقود وتركوا كل شئ وراءهم جراء أعمال الإرهاب التي ارتكبت بحقهم والقتل والسرقة والتحرش بالنساء واختفاء المواد الغذائية. مما حدا بمن لم يستطع المغادرة منذ البداية لهجر قراهم بعد عدة أيام تحت مرارة الاحتلال. فهاموا على وجوههم لا يعرفون إلى أين يتجهون، على أصوات قصف المدافع وتحت أزيز الطائرات التي تحلق ليلا نهاراً في السماء، ليبدأوا من الصفر حياتهم في الأماكن التي استقروا فيها ما بين محافظتي درعا ودمشق. ومن نجا من المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال، ما زال حتى الساعة يتذكر أرضاً تركها "تشبه الجنة" كما يقول آملاً بالعودة اليها يوماً.
قبل حرب 67 هذه حصلت خروقات عدة للهدنة التي تم التوقيع عليها بين الطرفين في 1949، وبشكل خاص مصادرة الأراضي في المنطقة منزوعة السلاح وطرد سكانها وفرض الحكم العسكري وتجفيف بحيرة الحولة لجعل سوريا دون حدود آمنة، كما اعترف بذلك موشيه دايان في 1973 : "أجل، لقد ألغينا من جانبنا الوضع الخاص بالمناطق منزوعة السلاح، وتصرفنا بها كأنها داخل إسرائيل".
لقد عملت قوات الاحتلال على محو الآثار العربية في الجولان (حيث اكتُشف أكثر من 100 موقع أثري فيه يرجع معظمها إلى العصور اليونانية والرومانية والبيزنطية)، وتغيير المعالم الجغرافية والتاريخية، بدءاً من عمليات هدم القرى وطرد أبنائها واستبدالهم بمستوطنين، وتغيير الأسماء العربية بأخرى عبرية، والإعلان عن اكتشافات أثرية مزعومة باعادتها لعهود توراتية قديمة، واستبدال مناهج التدريس، والإعلان عن وضع الجولان تحت وصاية الحكم العسكري، ووضع اليد على الأملاك العربية بحجة إنها أملاك للغائبين- بينما طردوا بقوة السلاح من ديارهم-، وفرض مجالس محلية عميلة ومحاكم مذهبية دينية، ومنع قيام جمعيات خيرية وغيره الكثير.
لهذا العدد يضاف بالطبع المستوطنون الذين تشير الأرقام إلى أنهم وصلوا اليوم لحوالي 20 ألفاً، في حين أن المشاريع التي وضعت كانت قد تحدثت عن توطين 50 ألفاً. فالسلطات الإسرائيلية شرعت باقامة المستوطنات في مرتفعات الجولان منذ الأسابيع الأولى لاحتلالها، وبمشاركة الأحزاب اليسارية الصهيونية بشكل أساسي يومذاك، بحيث قاربت اليوم الأربعين مستوطنة. بعد حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 عمدت لتحصينها بشكل مكثف، لتتحول لقلاع دفاعية تعتمد على الترابط فيما بينها والاكتفاء الذاتي وحواجز كثيفة ومراكز مراقبة وترصد وأقنية مضادة للدبابات وغيره. وكان الكنيست الإسرائيلي قد اقرّ في 23/7/1997 مشروعاً لتحصين قرار ضم الجولان الصادر في 14/12/1981 يقضي بإقامة مشاريع استيطانية جديدة من فنادق وأماكن سياحية وبيع أراضٍ للمستثمرين الصهاينة.
بناء هذه المستوطنات لإسكان عشرات الآلاف الذين تستقدمهم دولة "إسرائيل" من أرجاء العالم، كما في بقية المستوطنات التي تتكاثر كالفطر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يستتبعه ضمن ظروف زيادة التصحر في المنطقة وقلة هطول الأمطار وزيادة معدلات الحرارة، سرقة المزيد من كميات المياه من الدول المجاورة. فكانت عمليات وضع اليد على مياه جنوب لبنان ونهر الاردن وهضبة الجولان، علاوة على الضغوط المختلفة التي مارستها دولة الاحتلال على الدول العربية التي تتزود من مياه الفرات ودجلة والنيل، والتحالفات الإستراتيجية التي أبرمتها مع دول غنية بمصادر المياه من مثل تركيا وأثيوبيا وأوغندة.
من المعلوم أن خط الحدود كان قد رسم منذ الانتداب البريطاني بحيث يضم منابع الأنهار والوديان ويحقق للدولة العبرية أكبر مكاسب ممكنة من مصادر المياه. وذلك بالتوافق مع الخريطة التي قدمها حاييم وايزمن، زعيم الحركة الصهيونية يومذاك، لمؤتمر السلام في 1919، والمطالب التي خطها لرئيس وزراء بريطانيا لويد جورج، عندما قال: "وضعت المنظمة الصهيونية منذ البدء الحد الأدنى من المطالب الأساسية لتحقيق الوطن القومي اليهودي. ولا داعي للقول إن الصهيونيين لن يقبلوا تحت أي ظروف خط سايكس- بيكو، حتى كأساس للتفاوض، لأن هذا الخط لا يقسم فلسطين التاريخية ويقطع منها منابع المياه التي تزود الأردن والليطاني فحسب، بل يفعل أكثر من ذلك، إنه يحرم الوطن القومي بعض أجود حقول الاستيطان في الجولان وحوران التي يعتمد عليها المشروع بأسره إلى حد كبير".
ديفيد بن غوريون كان قد كتب سنة 1918 راسماً حدود الدولة اليهودية: "تضم النقب برمته، ويهودا والسامرة، والجليل، وسنجق حوران، وسنجق الكرك (معان والعقبة)، وجزءاً من سنجق دمشق (أقضية القنيطرة ووادي عنجر وحاصبيا)". ولفت إلى "أن اليهود يخوضون اليوم مع العرب معركة المياه، وعلى مصير هذه المعركة يتوقف مصير إسرائيل وإذا لم تنجح هذه المعركة فإننا لن نكون في فلسطين". وهذا ما أكد عليه شمعون بيريز مهندس "الشرق الأوسط الجديد" عندما قال "أن المياه قبل الأرض، ولو اتفقنا على الأرض ولم نتفق على المياه، فسوف نكتشف أن ليس لدينا اتفاق حقيقي".
هكذا إذاً، فالدولة العبرية التي ليس من حدود لأطماعها في الأرض العربية، تكون قد نهبت 175 مليون متر مكعب من حصة سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، متغاضية بذلك عن قرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص، ومنها القرار242 الذي دعا لانسحاب الاحتلال إلى ما قبل 1967، وتشكيل لجنة حول المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة في 1967. وقد جاء في تقـرير هذه اللجنة أن المياه سلعة شحـيحة وثمـينة في المنطقة، لذا فالسيطرة عليها وتوزيعها تعني السيطرة على أهم وسائل البقاء. وبالتالي فإن إسرائيل تستعمل الماء ليس فقط كسلاح اقتصادي، بل سلاحاً سياسياً أيضاً لدعم سياستها الاستيطانية.
الجولان، الذي يقع في أقصى الجنوب الغربي من سوريا ويشكل صلة وصل هامة بين لبنان وسوريا وفلسطين والأردن ويمتاز بموقع وتضاريس هامة، يشهد تساقطاً للأمطار بما معدله 1200 مليون متر مكعب سنوياً. لذا هو أحد أهم مصادر مياه الكيان الإسرائيلي الذي يستغل حوالي 81 مليون متراً مكعباً منها، أي ما نسبته 25 % من استهلاك "إسرائيل" العالي للمياه، والذي هو خمسة أضعاف استهلاك الفرد للماء في الدول العربية المجاورة. سلطات الاحتلال، التي نهبت ثروات الجولان الباطنية ومعادنه وخيراته الزراعية وثروته الحراجية وجرّت مياهه لفلسطين المحتلة، تمنع أي شخص في تلك المرتفعات من حفر الآبار أكثر من عمق 3 أمتار ولا تسمح لأحد باستغلال المياه الجوفية، في حين تعمد هي لحفر الآبار العميقة، مستنزفة بذلك هذا المخزون المائي الجوفي الكبير الذي تتوفر عليه مرتفعات الجولان.
من ناحية أخرى، منذ الأيام الأولى للإحتلال قامت "إسرائيل" بمصادرة ثلث الأراضي في القرى المحتلة في هضبة الجولان بحجج أمنية واهية وحولتها لحقول ملغّمة، وذلك من سفوح جبل الشيخ شمالاً حتى قرية سيحتا شرقاً وقرية بقعاتا جنوباً. فزرعت كافة أنواع الالغام الفتاكة السريعة الانفجار والقنابل العنقودية بما يقدر عدده بنحو مليوني لغم. حتى أنها تركت مليون لغم في مدينة القنيطرة أثناء انسحابها منها بعد حرب تشرين/ أكتوبر 1973 التي حررتها، بعدما قامت بتدميرها عند احتلالها وقبل الانسحاب منها في 1974 ومن بعض القرى كالحميدية والقحطانية وبير عجم وبريقة والرفيد وغيرها. وهي بالطبع لم تعوض فلساً واحداً لأهلها، تجاوباً مع قرارات الجمعية العامة بالتعويض على ما الحقته بهم من أضرار ودمار شامل ومتعمد. فإذا كانت خطط "إسرائيل" هي تدمير مراكز العمران العربية بما فيها من مؤسسات وجوامع وكنائس ومدارس ومنازل، فقد أزالت من الوجود قرى عربية، منها جباتا الزيت، المنصورة، الحميدية، الغسانية، العدنانية، الجويزة، الرفيد، العال، فيق، خسفين، وكفر حارب، إلى جانب مدينة القنيطرة التي حولتها لخراب.
خلفت الممارسات الاجرامية لدولة الاحتلال بحق شعوب سوريا ولبنان وفلسطين والاردن آلاف الضحايا، منها ما يعدو على 300 ضحية فقط جراء القنابل العنقودية التي أمطرت بها الجنوب اللبناني خلال عدوانها الأخير عليه في تموز 2006. أما في الجولان العربي السوري فقد بلغ عدد ضحايا الألغام الاسرائيلية 531 اصابة منهم 202 وفاة، معظمها من الأطفال و329 شخصاً أصيبوا بإعاقات دائمة جراء انفجار ما زرعته "إسرائيل" على شكل ألعاب أطفال وألغام فردية وألغام مدرعات. فاللغم بخلاف الأسلحة الأخرى، الضحية هي من يفجره عند ملامستها له مزروعاً في الأرض مطموراً أو مموهاً. وحيث تستمر فاعليته لزمن طويل، فهو يبقى معداً للإنفجار بانتظار اقتراب ضحيته منه.
في الجولان كما في غيره تنتشر حقول الألغام قرب الحقول الزراعية والبيوت السكنية في بعض المواقع، علاوة على أن الأمطار والسيول تعمل أيضاً على جرف هذه الألغام من أماكنها حتى عندما تكون مسيجة. ثم أن السياج الواقي نفسه قد يتآكل أو لا يخضع لصيانة كافية. وفي هضبة الجولان لا يتوقف الخطر على الألغام الفردية فحسب، وإنما أيضاً على تلك المخصصة للآليات حيث مع الزمن وبفعل عوامل الطبيعة يتحول للغم ينفجر بالأفراد. إلى جانب أن عملية إنقاذ المصابين بطيئة ومعقدة، وفي الكثير من الحالات لم تستجب سلطات الاحتلال لنداءات استغاثة الضحايا. وهذا ليس غريباً على هذه السلطات التي تضرب بعرض الحائط جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تدعو لحظر صناعة وانتشار وزرع الألغام والاتجار بها والتي منها اتفاقية أوتاوا بشأن الألغام المضادة للأفراد. وهي إتفاقية سارية منذ عام 1999 وتحظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل هذه الألغام، وتفرض تدميرها وإزالتها من المناطق المزروعة بها في مهلة 10 سنوات.
يجدر بالذكر أن دولة "إسرائيل" ما زالت ترفض تحديد المواقع التي زرعتها بالألغام رغم مطالبات الأمم المتحدة ومناشدات المنظمات الانسانية للمساعدة في حماية أهالي الجولان. هذا عدا ما يشاع من تسريبات مرعبة حول حفر نفق بعمق مائة متر وقطر سبعة أمتار في منطقة حدودية وتحويله لمقبرة للنفايات النووية، مع ما يشكله ذلك من خطر بالغ على السكان والبيئة. كذلك يشاع عن زرعها لألغام نيوترونية في الشريط الحدودي المحتل على امتداد هضبة الجولان. وهذه الألغام التي تحمل مواداً مشعة وقابلة للانفجار لا تمس الآليات، لكنها تفتك بما حولها من بشر وشجر وحجر.
على الرغم من مقاومة أهل الجولان لهذا الإحتلال البغيض، وتقديم كوكبة من الشهداء، والمعاناة من مرارة الأسر وقساوة السجان، وتسطير بطولات جماعية وفردية لشبان وشابات دافعوا عن شرفهم وهويتهم وحريتهم وتحرير أرضهم، تلجأ سلطات الاحتلال لشتى الوسائل لتجويع وقهر الإنسان في الجولان. ذلك من خلال اتباع سياسة ممنهجة تعتمد على تقييد المساحات المزروعة، بالتفاح خاصة كمورد رئيسي، وعرقلة التوسع بها، وفرض الضرائب الباهظة على المحصول، ورفع أسعار الأدوية المستعملة في الزراعة، وبعد منع استخدام المياه الجوفية فرض غرامات على الخزانات والبرك التي ينشئها السكان لجمع مياه الأمطار لري أراضيهم، إلى أن قررت منع بنائها نهائياً وبيع مياه الري بأسعار باهظة.
كذلك الأمر بالنسبة للعملية التربوية، حيث تعمل الدولة العبرية على محو الشخصية القومية للواقعين تحت احتلالها وفصلهم فكريا وتربوياً عن أمتهم. وذلك بالعمل على أن يغدو التعليم في الجولان عملية تجهيل منظم، بانقاص كبير للكادر التعليمي من حيث التأهيل والاختصاص، وفصل المعلمين الأكفاء، وإلغاء المنهاج السوري من المدارس لاستبداله بإسرائيلي يقوي اللغة العبرية على حساب العربية، ويبث الخرافات في أذهان التلاميذ بشكل ممنهج ويدرّس ما يرمي لجعلهم منسلخين عن انتمائهم الوطني. وفي حين يُفرض دفع مبالغ ورسوم مالية باهظة مقابل التعليم، تعاني المدارس من نقص حاد في كافة المستلزمات الخدمية والتعليمية.
أما في مجال التعليم العالي، فيعاني الطلبة من انسداد الأفق أمامهم بسبب سياسة التجهيل التي يمارسها الاحتلال. فالالتحاق بالجامعات الإسرائيلية مسألة شبة مستحيلة بسبب الشروط التعجيزية التي توضع أمام الطالب الجولاني للالتحاق بها. وتتطلب الدراسة رسوما عالية جداً، كما أن هناك كليات لايسمح للطالب الدراسة بها، مثل طب الأسنان والصيدلة والطب البيطري. بالإضافة للاعتقال الذي يطال الطالب وتوقيفه أوقات الامتحان لعرقلة دراسته. أيضاً يجري منع او عرقلة خروج البعض منهم لاتمام تعليمهم في الجامعات السورية. وعندما يصلون اليها يتعرضون للمعاملة المهينة عند ذهابهم وايابهم منها. كما يتم ابتزاز الطلاب المتخرجين والمماطلة الطويلة في معادلة شهاداتهم الجامعية، وبالتالي منعهم من العمل.
بما يخص العمل تحديداً، لا توجد ضمانات لحقوق العمال السوريين عند أرباب العمل الإسرائيليين. إذ ليس من تعويض لهم في نهاية خدمتهم، كما لا توجد ضمانات صحية. هذا عدا الفصل التعسفي المستمر الذي يتعرضون له، وسياسات التضييق المتبعة، ولاسيما عدم توفير فرص عمل، بما يؤدي لهجرة الشباب. كذلك من أشكال الضغط الأخرى الممارسة على العمال الاشتراط على من يرغب بالعمل في بعض المهن بقبول الجنسية الإسرائيلية. وحيث يرفض أهالي الجولان ذلك رفضاً قاطعاً، فالتمييز العنصري الممارس ضدهم يبقى صارخاً.
أما بما يتعلق بالأوضاع الصحية، يمكن القول أنه رغم فرض ضرائب على السكان تبلغ 10% من الدخل الشهري لصالح صندوق المرض الإسرائيلي، تبقى الرعاية الصحية التي تقدمها سلطات الاحتلال لهم شبه معدومة. الأمر الذي أضطر الجولانيين للاعتماد على أنفسهم وانشاء مجمع طبي أهلي في مجدل شمس، بفروع في بقية القرى، بحيث يساهم بالإضافة إلى العيادات الخاصة لأطباء من الجولان في التخفيف من وطأة الأوضاع الصحية السيئة.
ننهي هذه المآسي التي لا حصر لها بالإشارة للقهر النفسي والعاطفي الناتج عن الاحتلال وعن التمزق الذي تعيشه العائلات بوجود أفراد منها في وطنهم الأم وآخرين في الجولان المحتل. خاصة منذ أن منعت سلطات الاحتلال الزيارات العائلية التي كانت تتم تحت إشراف الصليب الأحمر، وباتت مقتصرة على رجال الدين فقط.
إن منظمات حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني الوطنية والعربية والدولية، ملزمة بالدفاع المنهجي عن سكان الجولان في كل المحافل الدولية وبكل وسائل التعبئة المدنية. كذلك المطالبة بانسحاب القوات المحتلة، ونزع المستوطنات غير الشرعية، والتعويض لسكان المدن والقرى التي تم هدمها بعد وقف إطلاق النار وفي مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني. يبقى من الضروري بناء شبكات تعاون بين كل الهيئات المدافعة عن تحرير الجولان من الإحتلال من أجل فرض قوة معنوية كبرى تدعم نضال الشعب السوري تحت الإحتلال وتحارب كل وسائل تغيير هوية الجولان الديمغرافية والأركيولوجية والبيئية.
ورقة مقدمة لملتقى الجولان العربي الدولي
سوريا/ 10-11 أكتوبر/تشرين الأول 2009
|