جريمة الحرب المتمثلة في الحرمان من المحاكمة العادلة - الأركان 1 - أن يحرم مرتكب الجريمة شخصا أو أكثر من الحصول على محاكمة عادلة ونظامية بالحرمان من الضمانات القضائية على النحو المحدد خاصة في اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة لعام 1949. 2- أن يكون هذا الشخص أو الأشخاص ممن تشملهم بالحماية اتفاقية أو أكثر من اتفاقيات جنيف لعام 1949. 3 - أن يكون مرتكب الجريمة على علم بالظروف الواقعية التي تثبت ذلك الوضع المحمي. 4 - أن يصدر هذا السلوك في سياق نزاع مسلح دولي ويكون مقترنا به. 5 - أن يكون مرتكب الجريمة على علم بالظروف الواقعية التي تثبت وجود نزاع مسلح. (المادة 8 (2) (أ) ‘6’ من أركان الجرائم التي اعتمدت من قبل جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك خلال الفترة من 3 إلى 10 أيلول/سبتمبر 2002 ). إن الانزلاق الأخلاقي الخطير الذي أدى إلى سحب تقرير السيد غولدستون من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان يفرض على التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب – ايكاوس كجهة طرف في القضية وذات اختصاص منصوص عليه في طبيعة عملها ككونفدرالية دولية تسعى إلى العدالة والاقتصاص من مجرمي الحرب ومطاردتهم وتقديمهم للعدالة توضيح ما جرى للراى العام العالمي . لقد شكلت جريمة غزة نقطة انطلاق لوضع حد نهائي لغياب المحاسبة في كل مكان في العالم، وكانت المبادرة التي أطلقتها منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية مع المنظمات الدولية والمحامين والهيئات والأشخاص ثمرة ولادة التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب، وكانت جرائم الحرب في غزة بكل ما حملته من صور ومآسي، تستنهض الجميع للإضلاع بمهامه الإنسانية. وعليه، ونتيجة لزخم دولي غير مسبوق، وعزم حقيقى من كل منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية وجملة من الاتصالات بالكثير من الدول والهيئات الدولية والعديد من لجان التحقيق وأكثر من( 98) تقرير دولي وأكثر من عشرين ألف صفحة توثق لعناصر الجريمة في غزة وآلاف الصور الثابتة والمتحركة وأكبر تجمع للخبراء في شتى المجالات، اتخذ مجلس حقوق الإنسان في جنيف قراره التاريخي بإرسال لجنة تقصي الحقائق إلى غزة، والتي وبالرغم من كل الضغوط التي مورست عليها تمكنت من انجاز المهمه الموكلة اليها بحرفية قانونية لافتة و بوحي من مسؤوليتها الأخلاقية لتخرج بعدها بتقرير يعد الأفضل من بين جميع ما وثقته جهة دولية حول تاريخ الشعب الفلسطيني حقيقة الأمر أن باكورة نشاط بعثة التحقيق هذه، والتي رأسها القاضي جولدستون المعروف بمناقبيته في مجال القانون الإنساني الدولي، كانت توجيه الدعوة لجميع المنظمات غير الحكومية للاجتماع في جنيف في أيار/2009 وقد لبى التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب هذه الدعوة فورا، وقد التقى منسق التحالف الدولي السيد /هيثم مناع بأعضاء البعثة مقدما لهم ملفات أساسية واضعا تحت تصرفهم طاقات التحالف. بعدها مباشرة، التقى المدير التنفيذي للتحالف الدولي السيد/ لؤي ديب بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان وأطلعها على نتائج تحقيقات التحالف وأعلمها بوضع كل إمكانيات التحالف الدولي تحت تصرف البعثة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان. ضمت البعثة خبرات وتجارب من ثلاث قارات وهي مختلفة المشارب والتجارب، الأمر الذي يمنحها بعدا عالميا وقدرة على العمل باستقلالية نسبية عالية. ولعل هذه الخصائص، كانت وراء امتناع دول الاتحاد الأوربي عن التصويت على هذه البعثة فضلا عن ما مارسه الوفد الأمريكي، الذي لم يكن في نيسان/أبريل الماضي عضوا في مجلس حقوق الإنسان، من ضغوط كبيرة للحيلولة دون أن تبصر بعثة التحقيق هذه النور خوفا من أن تصل الأمور إلى أن يساق القادة الإسرائيليين أمام العدالة الدولية بوصفهم مجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية. وبالرغم من ذلك فقد صدر القرار الخاص ببعثة تقصي الحقائق هذه بتأييد من 33 دولة معظمها من بلدان الجنوب ومعارضة دولة واحدة فقط، وليصرح رئيسها القاضي ريتشارد غولدستون في أول مؤتمر صحفي بأن مهمته تشمل كل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من أي طرف ولن تخضع لضوابط الزمن والمكان. وعلى الرغم من أن الدول الغربية استمرت على موقفها من عدم التعاون مع البعثة ففقد باشرت هذه البعثة مهمتها بالتنسيق مع البعثات التي سبقتها ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والعربية والدولية، وبنت شبكة معلومات عالية الخبرة بهدف توثيق وتدقيق الحقائق، وخلقت سابقة بالاستماع العلني للضحايا و المنقول على وسائل الإعلام المرئي والمسموع، واستطاعت بحق أن تمهد الطريق أمام هذا التقرير الذي يعد من أفضل ما قدم إلى مجلس حقوق الإنسان منذ ولادته في 15 مارس/آذار 2006. كل هذا دفع المنظمات العضو في التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب للترحيب بالعمل المتميز للبعثة و لاعتباره سابقة يحتذى بها على أكثر من صعيد وبشكل خاص: - رفض بعثة التحقيق لفصل عملية الرصاص المسكوب عن الزمان والمكان والأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني، لذا تم التعرض لقضية الحصار وللوضع في الضفة الغربية والقدس والحظر الإسرائيلي لكل ما يمكن أن يشكل بداية لإعادة البناء واستمرار مأساة الضحايا بعد نهاية العمليات العسكرية والمعاناة الجسيمة والمستمرة للجماعات المستضعفة من نساء وأطفال ومسنين وذوي حاجات خاصة. - اعتبار البعثة الرد على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مسؤولية جماعية تستدعي تجاوز نطاق الوصف والشجب إلى المطالبة بالمحاسبة والتعويض والفعل السياسي والقضائي والقرار السياسي الاقتصادي برفع الحصار والحق الإنساني المتعلق باستعمال الأسلحة الممنوعة وحماية منظمات حقوق الإنسان وأخيرا متابعة توصيات البعثة وعدم بقاء هذه التوصيات مجرد حبر على ورق. - لعلم البعثة بالعوائق البنيوية لطبيعة مجلس الأمن وما يسمى بحق الفيتو، طالبت البعثة في توصياتها بتفعيل الاختصاص الجنائي العالمي في القضاء الوطني في كل البلدان، حتى لا يفلت أي مجرم من العقاب. كذلك طالبت بعثة التحقيق في توصياتها بتقديم هذا التقرير رسميا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. - لم تكتف بعثة التحقيق بمطالبة مجلس حقوق الإنسان بتقديم التقرير إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بل طالبت في الفقرة 1767 "بالرجوع إلى البيان المدرج تحت المادة 12 فقرة 3 والتي تم إيداعها في مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والمرسلة من الحكومة الفلسطينية (رام الله)، والتي تعتبر مسألة سقوط الضحايا وزعزعة السلام والعدل في المنطقة تتطلب شروعا قانونيا من جهة المدعي العام لاتخاذ التدابير القانونية اللازمة وبأسرع ما يمكن". و لعلها المرة الأولى في تاريخ مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية يجري فيها طلب التواصل مباشرة بين الهيئتين الدوليتين دون وسائط. - يعطي التقرير وفقا للمادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة للحكومة الإسرائيلية ثلاثة أشهر لبدء تحقيقات مستقلة وملائمة منسجمة مع المعايير الدولية في الانتهاكات الخطيرة التي وقعت، وأن تبلغ مجلس الأمن في فترة أخرى قدرها ثلاثة أشهر بالإجراءات المتخذة والجاري اتخاذها للتحقيق والمقاضاة وأن ينشئ مجلس الأمن لجنة خبراء مستقلة في القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان لرصد كل هذه الإجراءات. إن هذه النقاط الجوهرية في تقرير بعثة تقصي الحقائق هي التي خلقت إجماعا لا سابق له عند منظمات حقوق الإنسان في العالم على هذا التقرير وعلى ضرورة الأخذ بتوصياته كاملة و دون أدنى مساومة كون هذه التوصيات تشكل نقلة نوعية في أداء مجلس حقوق الإنسان رغم تراجع دولا كبرى عن حرصها على أن يكون مجلس حقوق الإنسان هيئة ذات صلاحيات فاعلة للحيلولة دون إدانة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ولكن ذلك لن يثني التحالف بوصفه منظمة غير حكومية تعمل بشكل فعال في مجلس حقوق الإنسان من بذل أقصى ما يستطيع كي يقدم هؤلاء المجرمين أمام العدالة الدولية. إن مبادرة التحالف منذ ولادته، لتدويل وعالمية الدفاع عن الحقوق الفلسطينية كانت نابعة من عدة اعتبارات اهمها : أولا / كون الجماعة الدولية مسئولة أخلاقيا وقانونيا تجاه ما يرتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن ستين عاما، وهي بذلك مطالبة باتخاذ موقف صارم تجاه مرتكبي تلك الجرائم ألا وهم الجيش وحكومة دولة إسرائيل. ثانياً / أن السلطة الفلسطينية ما زالت تحت حراب الاحتلال ولا تملك تماما القدرة على استقلال القرار السياسي وأن المسؤولية الأساسية في اتخاذ القرار تجاه شعب محتل تقع بالدرجة الأساسية على عاتق منظمات إقليمية ذات صلة ومحل إجماع فلسطيني مثل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامى . ثالثاً / أسباب تتعلق بالصراع الفلسطيني الداخلي والغياب الفعال الفيزيائي الكامل لمؤسسات السلطة في رام الله عن قطاع غزة ناهيك عن الخلاف العلني على تمثيل الشعب الفلسطيني. و بالرغم من ذلك كله فان موضوع الملاحقة القضائية كان محل إجماع كل الأحزاب والمنظمات الفلسطينية و كل ممثلي الشعب الفلسطيني . من هذا المنطلق ومنذ انطلاقته، وضع التحالف الدولي إستراتيجية عمل تقوم على ضرورة التعاون مع كل الأطراف الفلسطينية، والتنسيق اليومي مع المنظمات الفلسطينية لحقوق الإنسان، وتكوين جماعات ضغط بالتنسيق مع عدة دول ومجموعات وليس فقط مع ممثل السلطة الفلسطينية في جنيف. في الحقيقة، منذ أن أبصر تقرير غولدستون النور باشر التحالف اتصالاته مع حكومات دول عدة بهدف حشد التأييد اللازم لتقرير غولدستون أو بأسوأ الأحوال، حثها على الامتناع عن وضع العراقيل أمام تبنيه، هذا الأمر تطلب جهدا شاقاً باشرته جماعة ضغط (لوبي) ضمت شخصيات عالمية ذات وزن وثقل تتوج بتعهد عدد هام من الدول بالتصويت لصالح توصيات تقرير بعثة تقصي الحقائق كاملة. وقد توصلت المنظمات غير الحكومية في التحالف وخارجه وبعض الوفود العربية والجامعة العربية الى نتيجة مهمة حسب ما هو موضح بالجدول المبين أدناه :
لقد جند التحالف الدولي فريق عمل كامل في أروقة المجلس وفريق آخر كان على اتصال مع الكثير من وزارات الخارجية إلى جانب منظمات حقوق الإنسان الدولية التي عملت أيضا بنشاط وجهد لم نراه سابقا في قضية حقوقية، حيث كان الجميع حريص على وجود أغلبية رغم الاستنزاف للجهد والوقت والمال. وحتى تتوضح معالم الصورة والأحداث أكثر، لا بد من المرور على ما حدث في جلسة مجلس حقوق الانسان علنيا كما سنمر على الخفايا التي دارت في الأروقة . كانت جلسة 29 إيلول/سبتمبر جلسة استثنائية بكل معنى الكلمة، و تميزت بتعزيز ملفت للإحتياطات الأمنية في مقر الأمم المتحدة في جنيف حيث اجتمعت في صالة الجلسة كل الوفود حكومية وغير حكومية استهل رئيس بعثة تقصي الحقائق الجنوب إفريقي الكلام للقاضي ريتشارد غولدستون بمقارنة ذكية تتعلق بالإجراءات التي أدت إلى إحالة ملف دارفور لمجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، وبعد استعراض سريع لمهمته مستخدما العبارة عينها التي عنون بها التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب بيانه الذي وزعه مسبقا على الوفود في الصالة : " لا يوجد دولة أو شخص فوق القانون" وتابع قائلا: إنه وقت العمل، وأنه لا علم له بسلام ومصالحة دون محاسبة وعدالة. ولم ينس غولدستون إعطاء حيز هام من مداخلته للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان طالبا ليس فقط بالاعتراف بها وبجهودها وإنما أيضا دعمها وتوفير الحماية لها لتقوم بعملها على أكمل وجه. بعد كلمة غولدستون، أعطى الرئيس الكلمة للمندوب الإسرائيلي لمدة خمس دقائق، الذي بدأ بالحديث عن يوم كيبور ومعناه عند اليهود آلام الشعب اليهودي التاريخية, ثم انتقل ليطرح مسألة الدفاع عن النفس ضد الإرهاب متهما التقرير بأنه لا يطرح الأسئلة الصحيحة وبأنه لا يستحق إلا الرفض، ثم أطلق تسمية "تقرير العار" على عمل بعثة تقصي الحقائق معتبرا أنه يقع ضمن الحملة العامة على إسرائيل وكل دولة تواجه الإرهاب. جاءت بعد ذلك كلمة الطرف الفلسطيني في خمس دقائق أيضا، فاعتبر التقرير عمل مهني غير منحاز يتضمن وقائع لا يمكن التنصل منها. وتحدث المندوب الفلسطيني عن 150 مجزرة تعرض لها الشعب الفلسطيني، وعن الأهمية التاريخية لرصد وتوثيق وتسجيل وتدوين كل الانتهاكات والانتقال للفعل لأن التقرير ليس مجرد وثيقة للتاريخ، وقال المندوب الفلسطيني: "شعبي لن يسامح المجتمع الدولي على أي تقصير في محاسبة المجرمين". بعد ذلك تحدث المندوب التونسي باسم المجموعة العربية فوصف التقرير بالمهني والشامل والموضوعي واعتبره وحدة كاملة لا تقبل للتجزئة. وتحدث المندوب الباكستاني باسم المؤتمر الإسلامي فقال بأن التقرير يتميز بالموضوعية وعدم الانحياز أو التحزب لأي طرف ورفض التسييس. ثم تحدث المندوب المصري باسم حركة عدم الانحياز فأيد التقرير كعمل متميز وشكر البعثة على ما قامت به وطالب بتبني هذا التقرير بكل توصياته. وكانت كلمة المندوب النيجيري عن المجموعة الإفريقية واضحة وطالب فيها بدعم توصيات التقرير ومتابعتها. وتحدث المندوب السويدي باسم الاتحاد الأوربي فقال بأن التقرير جهد كبير يحتاج إلى مراجعة وتأمل وتمنى أن تكون الغاية منه هي الجمع بين رسالة السلام والعدالة والحقوق، وأعرب عن مخاوفه من قرارات يمكن أن تؤثر على عملية السلام. وفي أول مداخلة للوفد الأمريكي في مجلس حقوق الإنسان، قال المندوب الأمريكي بأن علينا أن نتذكر بأن إسرائيل دولة ديمقراطية وحماس منظمة إرهابية، وأن بلده يرفض ازدواجية المعايير وهذا التركيز على إسرائيل، وقال بأن التقرير غير محايد وفيه معطيات غير دقيقة لا بد من التحقق من صحتها، وهاجم التوصيات وبشكل خاص ما يتعلق بمجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية وأخيرا طالب بقرار توافقي وعدم اللجوء للتصويت. أما المندوب النرويجي فقد وصف التقرير بالكامل والمتميز، وقال بأن من واجب الجماعة الدولية المطالبة بإجراءات محددة وآليات فاعلة حتى لا يضيع مفهوم الحقوق والقانون، فيغيب أي مستقبل للسلام. واعتبر مندوب السنغال غياب المحاسبة خطرا فعليا على العالمية. وطالب المندوب اليمني والعماني والبرازيلي والإيراني بدعم هذه "الوثيقة التاريخية وتأييد التوصيات كافة"، وقد أخذ المندوب المصري الحديث ثانية باسم مصر ليكرر تأييده لتقرير غولدستون كوثيقة للتاريخ وللعمل كذلك طالب مندوبو فنزويلا وكوبا وسورية بدعم كل توصيات التقرير ورفع الحصار عن قطاع غزة. وطالب المندوب التشيلي بإقرار مسألة التعويضات دون تأخير. ووقفت سويسرا وليشتنشتاين موقفا مؤيدا للتقرير، في حين هاجم المندوب الهولندي التقرير وقال بأنه لا يعكس التوازن لأنه يركز على إسرائيل بشكل كبير، وذكر بأن بلده امتنعت عن التصويت يوم تشكيل لجنة التحقيق ولكنها تجد من حقها اليوم الاعتراض على توصياتها ونتائج عملها. وعندما أعطي القاضي غولدستون الحديث للدفاع عن تقريره والرد على منتقديه قال بأنه من غير المنطقي اعتبار عمله يصب في مصلحة دولة بعينها أو ضد السلام، مذكرا بالجملة المأثورة "لا سلام بدون عدالة"، ومؤكد على القواعد التي اعتمدتها البعثة هي القواعد الأساسية للتحقق من المعلومات وليس مجرد الاستماع والتقبل. وطالب بأخذ التوصيات بجدية لأن غياب المتابعة والمحاسبة يعني انتصار خطاب التطرف على خطاب العقل والعدل. وقد شكلت مداخلات كل المنظمات غير الحكومية، جبهة متماسكة لدعم تقرير غولدستون. وأبدت هذه المنظمات مخاوفها من فكرة التراجع والتنازلات في موضوع التوصيات، مؤكدة على أن غياب المحاسبة سبب أساسي من أسباب استمرار العنف في الشرق الأوسط. وبالرجوع إلى ما ذكر أعلاه نجد أن المداخلات من الدول العربية والإسلامية, بما فيها مداخلة مندوب السلطة الفلسطينية, كانت جيدة، فما الذي جرى داخل أروقة المجلس وما الذي قلب الأمور رأسا على عقب وأدى إلى سحب التقرير. لقد كان موقف مصر واضحا ومتينا وكان لها دور ايجابي لحث الدول للتصويت لصالح التقرير وكان المندوب المصري يتحرك دون ملل وكان الجهد المصري واضحا واستطاع ان يؤكد مواقف الكثير من الدول إلى جانب التقرير . كان هناك موقف سلبي للوفد الأردني داخل المجموعة الإسلامية حيث طلب المندوب الأردني في البداية قبول الاقتراحات الغربية وعندما رفض طلبه عاد وطلب تخفيف اللهجة، إلا أن الموقف العام كان مع إخراج التقرير وأبلغ الأردن أنه سيصوت مع ما تراه المجموعة الإسلامية والعربية في النهاية. المندوب الأمريكي وللأسف رغم أنه ناشط حقوق إنسان سابق، إلا أنه كان يحاول الاتصال بكل وفد ومندوب وكان واضحا تهرب أغلب الوفود العربية والإسلامية من الاحتكاك المباشر معه. أما المندوب الاسرائيلى فكان مع المندوب الهولندي والإيطالي يحاولون الضغط على المجموعة الأوربية بعد أن قطعوا الأمل من مجموعة عدم الانحياز. وكان واضحا تردد الصين وروسيا ومراقبتهم للوقائع دون إعطاء رأي قاطع بنواياهم في التصويت. منذ البداية كان المندوب الفلسطيني يتجنب الاحتكاك بالمنظمات غير الحكومية أو الحديث معها وكنا غير مرتاحين للأحاديث الجانبية التي تدور بين الحين والآخر بين مندوب السلطة والمندوب الإسرائيلي فالوضع لم يكن كوضع ضحية وجلاد إلا أن الجميع آثر الاعتماد على مداخلة المندوب كأساس للنوايا رغم التوجس. إن طلب السلطة الفلسطينية إلى المجموعة الإسلامية بسحب التقرير من دورة المجلس باسم المجموعات الرئيسية المؤيدة الثلاث يفرض على التحالف توضيح جملة من الأمور أهمها : أولا / لا يحق لأي مسئول فلسطيني مهما كانت مرتبته الوظيفية أو المعنوية وقف أو تعطيل أو تأجيل أو إعاقة أي جهد كان من أجل محاكمة أي شخصية أو كيان أو دولة ارتكبت جرائم بحق الشعب الفلسطيني. ثانيا / لا يحق لأي حكومة أو حزب أو منظمة فلسطينية، حالية أو قادمة، أن تقف أو تعطل أو تؤجل أو تربك أي تحرك قانوني للشعب الفلسطيني وللمدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطيني، أو أي سعي مهما كان نوعه يفضي إلى الاقتصاص من أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني سواء كانوا أفرادا أو دولا. ثالثا / لا يحق لأي كان ومهما كانت الصفة التي يتمتع بها أو يمثلها، أن يدرج منهم ضمن أي اتفاق سياسي أو وثيقة ثنائية أو متعددة الأطراف موضوع الاقتصاص لضحايا الشعب الفلسطيني أو أي مشروع قانوني أو جهد قانوني أو جهد حقوقي قائم على القانون الدولي لاستعادة الحق لأبناء الشعب الفلسطيني في دمائهم أو أعراضهم أو أراضيهم أو أي حق سلب منهم إن النضال القانوني يبقى حقا مكفولا لكافة أبناء الشعب الفلسطيني أفرادا و جماعات طالما أنه ضمن الأطر الشرعية والقانون الدولي الإنساني. رابعا / ما هي الفائدة المتوخاة من سحب المشروع وكيف للجهة التي طالبت بسحبه أن تقنع مئات الألوف الذين تظاهروا في شتاء أوربا من أجل غزة وبلدان العالم أو الضحايا وذويهم أو الدول التي دخلت في أزمة مع أمريكا بسبب تصميمها على دعم المشروع أنها سحبت الطلب للحصول على إجماع علما أن قرار لجنة التحقيق تتخذ في مجلس حقوق الانسان بالأغلبية لا الإجماع . خامسا/ إذا كانت اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكل الأحزاب الفلسطينية تدين الطلب الفلسطيني فمن هي الجهة الفلسطينية المسئولة إذا عن سحب الطلب. يرى التحالف، وبتوصية من عائلات الضحايا التي يدافع عنها والمنظمات المدنية والحقوقية الفلسطينية، أن من امتلك الجرأة باتخاذ هكذا قرار وبهذا الحجم عليه أن يمتلك الجرأة لتحمل المسؤولية أو الاستقالة من منصبه لمسؤوليته عن إفشال أهم تعبئة قانونية وحقوقية من أجل الشعب الفلسطيني. سادسا / إن خيوط الالتفاف على التقرير بدأت عندما أصر المندوب الفلسطيني بطلبه إلى المجموعة الإسلامية منذ البداية مناقشة تقرير السيد غولدستون وعدم مناقشة تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان بخصوص غزة، علما بأن تقرير السيدة بيلاي لا يقل أهمية عن تقرير غولدستون ويدعمه بكل المعاني القانونية والرمزية. إن ما حدث يفسر عدم جدية الطرف الذي سحب المشروع من البداية ويستذكر التحالف جملة من الأسئلة كان طرحها على السلطة الفلسطينية إبان توقيعها على نظام روما ولم نتلق الرد عليها كان أهمها: أولا / هل لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الاستعداد للتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب لرفع عضوية فلسطين من عضو مراقب إلى عضو كامل ( دولة ) بناءاً على إعلان الاستقلال في الجزائر سابقاً حيث أن الحصول على أغلبية لهكذا طلب متاحة في حال قيام نشاط دبلوماسي فلسطيني لدى دول منظمة المؤتمر الاسلامى والجامعة العربية ومجموعة عدم الانحياز ؟ ثانياً/ هل لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الاستعداد لتوجيه رسالة إلى الدول المصادقة على اتفاقية روما ونظام المحكمة والتي تعترف بفلسطين ولديها علاقات مع السلطة الوطنية تطالبها بتوجيه رسالة إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق في الهجوم على غزة والجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بعد عام 2002 ؟ ثالثاً/ هل لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الاستعداد للتوجه إلى الجمعية العامة بطلب يعتمد على المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة، تطالب فيه السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير باتخاذ قرار بإقامة محكمة خاصة للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين علما أن ذلك لا يتعارض مع المادة 12 من الميثاق والتي تمنع الجمعية العامة من تولي ملف مطروح للنقاش في مجلس الأمن حيث ما زالت قضية فلسطين مصنفة لدى الأمم المتحدة على أنها من اختصاص الجمعية العامة وبالتالي يحق للأخيرة إقرار تأسيس هيئات تساعدها على أداء عملها ؟ رابعا/هل لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الاستعداد لدعوة المجلس التشريعي الفلسطيني للانعقاد للمصادقة الدستورية على توقيع دولة فلسطين على نظام روما علماً بأن السيد احمد بحر أبلغنا نيابة عن كتلته النيابية استعدادهم للمشاركة في جلسة خاصة للمصادقة على قرار الرئيس بالتوقيع على نظام روما ؟ لقد برهنت الأحداث التي رافقت تقرير السيد غولدستون أن الشعب الفلسطيني هو شعب محتل 100% وأن القرار السياسي لمن يمثلون الشعب الفلسطيني هو قرار محتل أيضا وهنا يرى التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب : أولا / أن على الأطراف السامية مسؤولية تجاه شعب محتل وفق اتفاقيات جنيف وقدرتها على استخدام أنظمتها القضائية لإنفاذ هذه الاتفاقيات وهناك تقرير دولي يوثق لجرائم جسيمة وعلى هذه الدول أن تضطلع بمسؤولياتها. ثانيا/أن الطلب الفلسطيني ما كان يجب أن يلزم المجموعة الإسلامية أو المجموعات الأخرى داخل مجلس حقوق الإنسان فنحن أمام قضية حقوقية صرفة وتوثيق لجريمة لا يملك أي شخص أو دولة الحق وقف إجراءات محاسبة مرتكبيها . ثالثا /أن التحالف الدولي إذ يثمن عاليا تحرك الشارع الفلسطيني وبقوة لأول مرة من أجل قضية حقوق إنسان ويثمن المواقف الواضحة الصادرة عن القيادات الفلسطينية السياسية والمدنية بالخصوص، إلا أنه يرى أن استكمال الملف لا يأخذ مداه ويستعيد عافيته بصورة صحيحة دون وجود تحقيق شفاف يفضي إلى محاسبة المسئولين عن الموضوع. وتضامن عربي ودولي يحفظ للقضية راهنيتها وقوتها في المؤسسات بين الحكومية والقضائية الدولية. وبناءا على ما سبق فان التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب يدعو إلى : أولا/ التراجع الصريح عن القرار فورا، وتبيان نقاط الخلل ودراسة الصيغة المثلى لطلب عقد جلسة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان لمناقشة تقرير السيد غولدستون وتقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان باعتبار التأجيل سببا مباشرا للتصرفات العدوانية الإسرائيلية تجاه الأقصى واستمرار التضييق والحصار على الشعب الفلسطيني. ثانيا/ الجمعية العامة ما زالت منعقدة وهناك دولة عربية ترأس الجمعية العامة وبإمكان المجموعة العربية إدارج التقرير على جدول أعمال الجمعية ليناقش التقرير في الجمعية العامة بنفس الآلية التي نوقش فيها تقرير دوغارد في عام 2003 أمام اللجنة الثالثة. ثالثا/ على المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية تنفيذ توصيات الديباجة بتعاون المحكمة مع كل الهيئات الدولية واستخدام صلاحياته لفتح تحقيق فوري في المعلومات الخطيرة التي احتوى عليها التقرير. رابعا/ نرى أن الجهة التي عملت على سحب المشروع مطالبة بالاعتذار للضحايا وأسرهم أولا ثم لكافة الأطراف التي عملت على موضوع الملاحقة. خامسا / يدعو التحالف إلى صياغة وتوقيع إعلان مبادئ فلسطيني يكون جزءا لا يتجزأ من حوار القاهرة يؤكد على الإجماع الفلسطيني وعدم القدرة على التصرف في قضايا حماية الإنسان الفلسطيني ومحاسبة المجرمين بحقه. لقد كانت إسرائيل على وشك أن تأخذ نفس صفة نظام جنوب إفريقيا السابق أمام العالم لو اخذ التقرير مساره الصحيح. التحالف الدولي لملاحقة مجرمى الحرب (ايكاوس)
TEL :( 00 47 852 63 587) TELFAX: (00 33 465 41 913) (00 47 511 14 503) E-MAIL: (icawc@icawc.no ) (icawc@icawc.net)
|