الحق
في الاتصال
والسياسات
الإعلامية العربية
اعداد
: حسين عودات
أولاً
ـ الحق في الإعلام
والاتصال وحرية التعبير :
يعتبر
الحق في الاتصال من ابرز القضايا المحورية
في عالم الاتصال اليوم، ليس فقط لأنه يمس
بصورة مباشرة حقوق الإنسان وقضايا الإعلام
والاتصال ذاتها، ولكن لأنه يمس بصورة مباشرة
أيضاً مهماتهما ووظائفهما بجوانبها
السياسية والتنظيمية والقانونية والفنية
والسياق المجتمعي العام الذي يمكن أن يمارس
فيه هذا الحق بأشكاله المختلفة. أي انه يمس
ويعكس وضعية أي نظام قائم ودرجة تطوره،
واتجاهات ومصالح (الصفوة العليا) ورؤيتها
لمتطلبات تماسك النظام ذاته، ومتطلبات
الدفاع عنه بما يحقق مصالحها التي تتصورها.
وعلاوة على ذلك يضم حق الاتصال مجموعة معقدة
من التفاعلات والعلاقات بين الفرد ومكونات
النظام الاتصالي الذي يعيش في داخله، والتي
تحدد وظائفها وحركتها الصفوة العليا ذاتها،
وتفاعلات أخرى معقدة بين النظم الإعلامية
المختلفة في البيئة الدولية، بما تعكس من
صراعات إيديولوجية وتناقضات سياسية
واقتصادية واجتماعية وثقافية. ويبدو في كثير
من الأحيان عند مناقشة هذا الحق بأبعاده
المختلفة أنه أكثر تعقيداً مما يتصوره
الكثيرون (
[1]
وردت
أول إشارة للحق في الاتصال بالتاريخ الحديث
في ميثاق حقوق الإنسان والمواطن الذي أعلنته
الثورة الفرنسية عام 1789 حيث أشارت المادة (11)
من الإعلان المذكور إلى أن (حرية تبادل
الأفكار والآراء هي من حقوق الإنسان المهمة،
ولكل مواطن الحق في أن يتكلم ويطبع بصورة حرة)(
[2]
وجاء
ذلك بعد قرار الأمم المتحدة رقم (59) المتخذ في
14 كانون الأول 1946 والذي نص على أن (حرية تداول
المعلومات من حقوق الإنسان الأساسية، وهي
المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي
تكرس الأمم المتحدة جهودها لحمايته) وأن (حرية
الإعلام تتطلب بالضرورة ممن يتمتعون
بمزاياها أن تتوافر لديهم الإرادة والقدرة
على عدم إساءة استعمالها، فالالتزام الأدبي
بتقصي الحقائق دون انحياز، ونشر المعلومات
دون تعمد، شيء يشكل أحد القواعد لحرية
الإعلام (
[4]
لم
يكن العرب غائبون عن إدراك أهمية حق الاتصال
بما يتضمن من ضرورة الحرية في الحصول على
المعلومات وحرية تداولها والاستفادة منها
واعتبار ذلك حقاً لكل فرد في المجتمع وحق
الفرد في حرية التعبير، وفي أن يعلم ويُعلم،
وفي حماية خصوصيته وحركته، وحقه في
الاجتماع، والانتفاع بموارد المعلومات وحق
المؤسسات الإعلامية في الانتفاع بموارد
المعلومات وحرية التعبير، و في النشر وحرية
الحركة، وعلى النطاق الدولي، حق كل الدول في
أن تعلم، وفي ضمان التدفق الحر والمتوازن
للمعلومات، وفي حماية ذاتيتها الثقافية(
[5]
عادة
ما يترافق الاعتراف بحق الاتصال، وسعة
القبول به، بإشكالية بين السلطة السياسية
والناس، فالأولى تحاول التضييق عليه، بينما
يطمح الناس إلى توسيعه للحد الأقصى، ويرتبط
الأمر عادة ببنية النظام السياسي، وسياسات
الحكومة الاتصالية، وبأبعاد الحرية
والديموقراطية الممارسة في المجتمع. وفي ضوء
ذلك رأت اللجنة العربية لدراسة قضايا
الإعلام والاتصال أن من نتائج الاعتراف بحق
الاتصال، أو أن الحد الأدنى الذي يجب القبول
به هو (الحد من السيطرة المبالغ فيها والتي
تمارسها الحكومات على وسائل الاتصال
المختلفة، أو على صياغة الرسائل الإعلامية،
بما يتيح مزيداً من التعبير عن الرأي والرأي
الآخر، ويطلق ملكات الإبداع الفني والفكري
وبالتالي ضبط الرقابة وسلطة المنع والمنح،
والاعتماد على إحساس الأفراد والهيئات
القائمة بالاتصال بمسؤولياتها الاجتماعية
في إطار القوانين والمواثيق المهنية)([9]).
يرتبط
حق الاتصال ارتباطاً وثيقاً بمدى توفر
الحرية في المجتمع وحرية الإعلام خاصة، وهذا
ما كفلته دساتير بلدان العالم كلها ومنها
البلدان العربية، إلا أن هذا الاعتراف
الدستوري لم يجد مرتسماته في الواقع المعاش،
خاصة أن بعض هذه الدساتير ربطت (حريات الرأي
والتعبير والطباعة والنشر) في كل الأحوال،
بقيود قانونية جاءت في صياغات مختلفة مثل
"في حدود القانون" أو "بمقتضى
القانون" أو "حسبما يضبطها القانون"
، أو وفقاً للشروط والأوضاع التي بينّها
القانون" أو "بشرط ألا يتجاوز حدود
القانون" أو "في حدود القانون والنقد
الذاتي والنقد البناء ضماناً لسلامة البناء
الوطني")(
[10]
ولما
تولى عبد الحميد الثاني الحكم كانت الصحافة
في البلاد العربية مطلقة الحرية تنشر
الأنباء على علاتها، وتنتقد أعمال الحكومة
وموظفيها، حتى أنها لم تشفق على السلطان
نفسه، وكانت صحف لبنان كالبشير والجنان
والجنة والتقدم وثمرات الفنون والجوائب
تنشر مقالات إضافية عن مواضع الخلل في
الدولة العثمانية، بل إنها كتبت بصراحة عن
مقتل الوزراء في دار الخلافة وخلع السلطانين
عبد العزيز ومراد الخامس عن العرش، وأذاعت
نبأ انتصار الروس سنة 1877 على الجنود
العثمانيين، غير أن السلطان عبد الحميد الذي
خشي على حياته من تمادي الصحافة أصدر أمراً
بتقييد حريتها، وضيق عليها المراقبة حتى غدت
جسداً بلا روح، وأصبحت تقتصر على عبارات
التمجيد بالسلطان و(الدولة العلية)(
[11]
أعني
بالسياسات الاتصالية الطريقة والنهج وآلية
التواصل في مجتمع ما بين أفراده وشرائحه
الاجتماعية وطبقاته وبين الحاكم والمحكوم
وفي الآن نفسه بين السلطات التشريعية
والتنفيذية والقضائية، أي الطريقة التي
يتواصل بها أفراد المجتمع بعضهم مع البعض
الآخر والمجتمع كله مع نظامه السياسي
وإدارته، وآلية الحوار التي تتم لتتمكن من
تدبير أموره وإدارة حياته ورسم مستقبله
والحفاظ على شخصيته الوطنية والثقافية وفهم
ما يجري من تطورات ومستجدات داخله وحوله وفي
العالم كله. إنها الطريقة التي يستخدمها
المجتمع ليحقق الانفتاح الداخلي ويتيح
تبادل الرأي والحوار ويلغي الحواجز بين
الأفراد والفئات. وعليه فإن السياسة
الاتصالية أشمل وأوسع واكثر تعقيداً من
السياسة الإعلامية، لأن الأخيرة هذه تتعلق
أساساً بوسائل الإعلام الجماهيرية فقط، أما
السياسة الاتصالية فتتناول كل ما له علاقة
بتواصل الناس بدءاً بالتخاطب المباشر
وصولاً إلى التعامل مع شبكة المعلومات،
مروراً بالمدرسة والمناهج والكتاب
والمحاضرة والهاتف وجميع وسائل التواصل
والحوار.
في
ضوء ذلك ترتبط السياسة الاتصالية وتتوافق مع
طبيعة النظام السياسي ـ الاقتصادي ـ
الاجتماعي القائم في المجتمع، وتتعلق ببنية
النظام وسياساته وبالتشريعات والقوانين
والأنظمة، وبالواقع الطبقي والاقتصادي،
وبالتقاليد والعادات وسلم القيم في المجتمع
وبالمرحلة التي قطعتها التنمية، وبطبيعة
الحال تتأثر بالحرية والديموقراطية
والتعددية والاعتراف المتبادل في المجتمع
المعني.
إن
تعددية العوامل التي تؤثر بالسياسة
الاتصالية وشموليتها تعطيها مزيداً من
الخصوصية وتبعدها عن أن تكون نمطية ومتماثلة
في أكثر من مجتمع أو بلد، لأن ظروف البلد أو
المجتمع المعني هي العامل الحاسم في تحديد
الإطار العام لهذه السياسة، فهي تختلف من
قطر لآخر حسب مرحلة التطور التي يمر بها
القطر وفلسفته وأهدافه وأنماط حياته
وبرامجه التنموية وهمومه واهتماماته.
توضع
السياسة الإعلامية عادة في ضوء السياسة
الاتصالية متأثرة بها محكومة بشروطها،
وتقتضي أن يشارك بوضعها المجتمع كله من خلال
ممثلي فئاته واتجاهاته وتوجهاته سواء في
السلطة أم الإدارة أم في المجتمع نفسه، كما
تقتضي أن يكون لهذه السياسة أدواتها التي
تمثل هذه الفئات ومنابرها التي تعبر عن
آرائها وإن لم يتحقق ذلك أي المشاركة في وضع
السياسة والمشاركة في وسائل الإعلام فإن
السياسة الإعلامية تكون ناقصة ومشوهة وغير
قادرة على القيام بوظيفتها، مما يؤدي إلى
وجود حاجز بين الدولة والمجتمع وبين فئات
المجتمع نفسها، وبالإجمال فإن وضع السياسة
الإعلامية وتنفيذها يقتضيان توفر جملة من
الشروط ذات ارتباط بحق الاتصال وملكية وسائل
الاتصال وبالحرية والديموقراطية
والتعددية، مما يؤثر مباشرة على العملية
الإعلامية برمتها.
لم
يؤخذ أمر السياسات الاتصالية والإعلامية في
البلدان العربية بما يستحقه من الاهتمام،
وغالباً لم يكن هناك تصور مسبق لا لأهمية هذه
السياسات ولا لتطبيقاتها، وتركت المسألة
للممارسة والعفوية والتراكم وغيرها، وفي
ضوء ذلك يمكن توصيف السياسات الاتصالية
والإعلامية العربية بما يلي:
1- نظراً
لضرورة توافق هذه السياسات مع النظام
السياسي ـ الاقتصادي ـ الاجتماعي ـ القيمي
القائم في كل بلد ودرجة تطوره، فإن لكل سياسة
شروطها وظروفها ومعطياتها ومهامها، مما
جعلها أقرب إلى القطرية منها إلى السياسة
القومية الشاملة، وزاد أمر القطرية هذا
ملكية الدولة لوسائل الإعلام وحاجة النظام
السياسي لها لتعبر عن رأيه وتكسب له الرأي
العام المحلي بالدرجة الأولى، إضافة إلى
العوائق شديدة التعقيد في انسياب وسائل
الإعلام وتأثيراتها بين البلدان العربية (وخاصة
قبل انتشار القنوات الفضائية ) وقد ازدادت
قطرية الإعلام العربي بسبب شدة الرقابة على
الصحف الأخرى في معظم الأقطار العربية، وضعف
الإرسال الإذاعي والتلفزيوني حتى العقد
الأخير من القرن الماضي، وفي الواقع كان كل
بما لديهم فرحون .
2- إن
عدم شمولية فهم السياسة الاتصالية في كل
قطر، وعدم الاعتراف بحق جميع فئات المجتمع،
ريفية ومدنية، فقيرة وغنية، يسارية
ويمينية، موالية أو معارضة في المشاركة بوضع
هذه السياسة، وعدم الاعتراف بأن ملكية
الدولة لوسائل الإعلام تعني ملكية الشعب
كله، أدى في الغالب الأعم إلى عدم وجود سياسة
اتصالية أو إعلامية مكتوبة محكمة تستوعب
حاجات المجتمع كله، وترك الأمر للمبادرات
والاجتهادات وردود الفعل، مما نتج عنه
اهتمام الإعلام بالطارئ على حساب السياسة
بعيدة المدى، والراهن على حساب
الاستراتيجي، وإلى حرمان فئات عديدة من
متابعة حاجاتهم وحقوقهم في هذه السياسات
إضافة إلى فتح الأبواب أمام أفراد مسؤولين
أو في حكم المسؤولين ليوجهوا السياسة
الاتصالية كما يرون في إطار فهم فردي
وأحياناً مزاج فردي، وكانت المحصلة
الحقيقية تولي الأجهزة البيروقراطية أمر
وضع السياسات الاتصالية والإعلامية وأمر
تنفيذها، ومن المتعذر على البيروقراطية
غالباً أن تستوعب بشكل كامل مصالح المجتمع
وهمومه واتجاهاته، وبالخلاصة سرقت
بيروقراطية الدولة الإعلام والاتصال من
أيدي النظم السياسية وأيدي المجتمعات
العربية.
3- إن
السياستين الاتصالية والإعلامية تقتضيان أن
يضعهما ويشرف على تنفيذهما في كل بلد مجلس
يمثل المجتمع كله رسميا وشعبياً، لتحقيق
التوازن والشمول في هاتين السياستين، وليس
من حق أحد لوحده أو فئة لوحدها وضع هاتين
السياستين، والملاحظ أن هذه المجالس التي
لابد منها غير موجودة في البلدان العربية في
الغالب الأعم، وإن وجدت فقد كلفت بجزء من
مهمتها وتحولت إلى لجان تابعة لهذه الوزارة
أو تلك أو إلى المؤسسة التشريعية (شكلاً) أو
رئيس الوزراء أو ما يشبه ذلك دون أية فعالية
حقيقية تتيح لها وضع السياسات والإشراف على
تنفيذها، فبقيت السياسة الإعلامية
والاتصالية دون وصي عليها، وأتيحت الفرصة
لوزارات الإعلام أو أجهزة الدولة أو الأجهزة
الأمنية أو إدارات المؤسسات الإعلامية
والاتصالية (التربية، والثقافة… وغيرها)
لتتصرف بهذه السياسات تأسيساً وتنفيذاً، مع
الاعتراف بوجود تفاوت بين البلدان العربية
في هذا المجال .
4- لم
توضع السياسات الاتصالية العربية في معظم
الأقطار العربية إن لم يكن فيها كلها في إطار
قانون موحد شامل وبقيت موزعة بين الدستور
والقوانين والأنظمة وقانون العقوبات وقانون
المطبوعات والتعليمات الإدارية وغيرها، مما
أدى إلى الافتقاد إلى نسق قانوني شامل يحكم
هذه السياسات، وينسق بين جوانبها المتعددة
في إطار من وحدة الموقف القانوني وانسجامه،
وهذا ما عبرت عنه اللجنة العربية لدراسة
قضايا الإعلام والاتصال بقولها (وسواء أكانت
السياسات الاتصالية في الأقطار العربية
معلنة ومصاغة أم يعبر عنها فقط في الممارسات
الشائعة، فإنها تجد في معظم الأحوال سندها
التشريعي في الدستور والقانون الجنائي
والقانون المدني أو القانون الإداري،
وتعتبر اللوائح والمذكرات التفسيرية مكملة
للتشريعات الإعلامية، ويدخل في هذا الإطار
مجازاً المواثيق المهنية)(
[12]
وعلى
كل حال ينقص البلدان العربية التشريعات التي
تنظم السياسات الاتصالية وتتركها للسلطات
لتقدر وتجتهد كما تتركها للمبادرات
الفردية، وإن وجد بعض هذه التشريعات فنادراً
ما يتم الالتزام بها وليست (العبرة
بالتشريعات والقواعد القانونية في كل
الأحوال ولكن العبرة بالممارسات الفعلية
التي تعكس روح التشريعات لصالح النظام
الاتصالي ذاته، وتوفر لمكوناته إمكانية
التفاعل السليم لتحقيق أهداف النظام، فما
قيمة الحريات الصحفية مثلاً في ظل الأحكام
العرفية؟ وما قيمة الإقرار بحرية الفرد في
التعبير مع حرمانه من حق إصدار الصحف؟ وما
قيمة منح حق إصدار الصحف وحرمان الفرد من
إدارة العمل الصحفي؟)(
[13]
5- رغم
اختلاف ظروف كل قطر عربي عن الآخر، ورغم
الجانب القطري الواضح في السياسات
الاتصالية العربية فهناك أوجه تشابه في
ظروفها وبنيتها يمكن تلخيصها بما يلي:
أ- يشترك
الإعلام العربي في كل أقطاره بفشله بالقيام
بدوره التنموي، فلم يقم بهذا الدور كما هو
مرغوب، وبقيت حواجز عديدة قائمة بين
السياستين الإعلامية والتنموية، وسواء كانت
المسؤولية تقع على الإعلاميين أم على
التنمويين فلا يغير ذلك من الأمر شيئاً .
ب- ويرتبط
بالسمة السابقة، سمة أخرى على القدر نفسه من
الأهمية والخطورة تتمثل في عدم قدرة معظم
الأقطار العربية على تحويل سياساتها
الاتصالية إلى خطط طويلة المدى تستهدف
أهدافاً طموحة، وتبدو خطورة هذه النقطة
بالنسبة إلى الأقطار العربية التي ليس لديها
سياسات اتصال وإعلام مصاغة ومعلنة(
[14]
ج- تتشابه
السياسات الإعلامية والاتصالية العربية (ووسائل
الإعلام العربية) بأنها لا تعتمد على البحوث
والدراسات واستبيان الرأي العام والاستفادة
من مراكز المعلومات ومراكز الدراسات
الاستراتيجية، ولا تمتلك البلدان العربية
مراكز معلومات خاصة بها كافية لاحتياجاتها
كما لا ترتبط بشبكة معلومات عربية موحدة
تقدم المعطيات عن البلدان العربية سواء
للداخل أم للخارج، ومن المعلوم أنه (حتى يمكن
وضع خطط فعالة للإعلام في الدول العربية،
تبدو الحاجة ماسة إلى جهد بحثي هائل، لايفرط
في التجريد النظري، وإنما يعنى بتقديم معونة
حقيقية لهؤلاء الذين يتخذون القرارات،
وبدون هذا الجمع المنهجي للمعلومات في
المنطقة وتحليلها، فسوف يترك تطور وسائل
الإعلام للمصادفة أو للظروف المواتية
والمعاكسة التي يمكن ان تنشأ من عوامل لا
يمكن التنبؤ بها) ومن المهم الإشارة أن الجهد
البحثي يتعلق بالمجتمع وبوسائل الإعلام
نفسها، ومثله الدراسات والاستبيانات
والمعلومات وغيرها وهذا غير متوفر لوسائل
الإعلام العربية.
د- من
اوجه التشابه في السياسات الإعلامية
العربية أن مهمتها الأولى والأساسية هي دعم
السلطة والدعاية لها وتمجيد منجزاتها، وعدم
الاهتمام بالقدر الكافي بالحراك الاجتماعي
وبحاجات الناس وطموحاتهم، كما أنها أحادية
لا ترى إلا بعين واحدة ولا تهتم بالتعددية أو
بالآراء الأخرى خاصة إذا كانت مخالفة لرأي
السلطة، مما أفقدها مصداقيتها من جهة وحرم
المجتمع من منابر تعبر عنه تعبيراً حقيقياً
من جهة أخرى.
هـ
ـ
من الملاحظ ضعف التنسيق بين المؤسسات
الاتصالية العربية في كل قطر، وخاصة بين
وسائل الإعلام ووسائل الثقافة ووسائل
التربية، فلكل من هذه الوسائل سياساتها شبه
المستقلة التي قد لا تتفق مع سياسات الأخرى
وتتناقض معها أحياناً، سواء بالأهداف أم
بالوسائل، وهذا ما يمنع العملية الاتصالية
برمتها أن تحقق أهدافها، وما يعيق العملية
الإبداعية في كل قطر وفي الوطن العربي كله.
[9]
-
اللجنة العربية لقضايا الإعلام والاتصال،
مشروع التقرير النهائي 1985 0ص81) أشير إلى
أنني كلفت والأستاذ سعد لبيب بإعداد مشروع
التقرير النهائي وتحريره، وقد قام الأستاذ
سعد لبيب بصياغة هذه الفقرة ووافقت اللجنة
عليها دون نقاش واعتبرتها مسألة بديهية،
وها هي بعد عقدين مازالت بعيدة عن التطبيق
في عدد كبير من البلدان العربية.
[11]
- أديب مروة- الصحافة العربية نشأتها
وتطورها – منشورات دار مكتبة الحياة،
بيروت 1961 ص 146 – 147.