منذ نهاية مؤتمر روما للمحكمة الجنائية الدولية في أغسطس 1998، كتبت اللجنة العربية لحقوق الإنسان في بيان لها "إن كان القرن العشرين قرن المواثيق الحقوقية والوصف والشجب، فالقرن الحادي والعشرين يجب أن يكون قرن المحاسبة ووضع حد للإفلات من العقاب". ونشرت للقيادي الفلسطيني فيها آنذاك الدكتور محمد حافظ يعقوب أول تقرير باللغة العربية عن المحكمة الجنائية الدولية الوليدة.
ورغم كل التراجعات التي ترتبت على أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 والعوائق التي أوجدتها الحرب على الإرهاب التي رضخت لمنطق إدارة أمريكية متعجرفة تحتقر القانون الدولي وحقوق الإنسان، فقد دافعنا عن هذه الأطروحة بقوة في مشروع كلفتني به اللجنة العربية لحقوق الإنسان وأشرفت فيه على كتاب عالمي جماعي بعنوان "مستقبل حقوق الإنسان.. القانون الدولي وغياب المحاسبة".
بعد التجربتين المبكرتين الرائدة لملاحقة بينوشيه في إسبانيا وشارون في بلجيكا، صارت قضية الاختصاص الجنائي العالمي شاغلا مركزيا لكل الذين اعتبروا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وسائل سياسية مقبولة للتخلص من أعدائهم. ويمكن القول اليوم أن ملاحقة المنظمات الإنسانية والخيرية الإسلامية قد ساهمت بشكل كبير في تحويل هذه الأطروحات إلى معركة قضائية يومية من أجل رفع جمعيات بريئة عن قوائم سوداء تسود وجوه أصحابها أو الدفاع عن سمعة هذه الجمعيات. سواء كان ذلك في نضال "المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية"، أو نضالات المنظمات الخيرية الفلسطينية الأوربية أمام المحاكم، أو الدعاوى القضائية الفلسطينية ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحاكم الأوربية وفق الاختصاص الجنائي العالمي، حيث تأصلت أكثر فأكثر فكرة تقول بأن القضاء الدولي والقومي في الدول ذات المؤسسات القضائية المتماسكة والمؤسسات القضائية الدولية، يمكن أن يشكل سلاحا أساسيا من أسلحة النضال من أجل حقوق الشعوب المظلومة.
لم تستطع المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان تحريك ملفات قوية بمستوى الجرائم الجسيمة التي ارتكبت في العراق، ويعود ذلك لعدة أسباب منها استقالة المنظمات الشمالية الدولية عن هذه المهمة وصعوبة العمل الميداني والتوثيقي في عراق ارتبطت فيه أحزاب وقوى هامة بأجندة المحتل الأمريكي والتركيز على الحقبة السابقة. وكما قلت في محاضرة لي في بغداد في 2003 بعنوان "حقوق الإنسان في العراق بين الأمس واليوم وغدا": "لن تضمن الطبقة السياسية العراقية حدا أدنى من الأمان والعدالة لشعبها إن لم تضع نصب عينيها أن محاسبة قوات الاحتلال لا تقل أهمية عن فتح ملفات انتهاكات النظام السابق لحقوق الإنسان"، وقد دفعنا ثمنا باهظا لتعدد مصادر وأشكال العنف داخل العراق وتفاوت الأولويات بين من نشط في مجال المحاسبة.
خلق العدوان على غزة ولبنان في صيف 2006 ديناميكية فكرية وقضائية جديدة، تسعى لطرق الباب مجددا أمام المحكمة الجنائية الدولية، وقد كنا أمام فرصة هامة جدا حال دون استكمالها رفض رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة آنذاك قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (وهو ما طلبته قاضية أساسية في المحكمة قبل عامين لتشكيل غرفة ابتدائية من ثلاثة قضاة إذا لم يبادر المدعي العام بالتحرك من تلقاء نفسه). الأمر الذي اضطر الأوساط الحقوقية للتحرك في نطاق محاكم ضمير شعبية أو تحضير ملفات قضائية للمستقبل.
مهما كان موقف الدولة العبرية من العدالة الدولية بمؤسساتها الدائمة (المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية) أو العرف الدولي والاختصاص الجنائي العالميUniversal Jurisdiction أمام المحاكم الوطنية والإقليمية، فقد أصبحت دول العالم منذ مطلع القرن العشرين ملزمة قانونا وأخلاقا بالمساعدة والتدخل في كل ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. يذّكر تقرير 19 يوليو 2000 الصادر عن السيد الأمين العام للأمم المتحدة والذي تمت الموافقة عليه من طرف مجلس الأمن بالقرار 1314 المؤرخ في 11 أغسطس 2000 بأن مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي تم ترسيخه في القانون الدولي حيث جاء فيه :
“نتيجة نمو حديث للقانون الدولي يحقّ الآن للدول أن تمارس اختصاصها القضائي وفق القانون الدولي ضد كل الأشخاص المشتبه فيهم بارتكاب جرائم خطيرة والموجودين على ترابها وذلك بغضّ النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية المجني أو المجني عليهم(1).”
لذا يمكن القول أن العرف الدولي مصدر حقيقي لبعض الجرائم وأيضا لوجوب متابعة ومحاكمة المجرمين. وهذا ما يتستنتج أيضا من لائحتين صادرتين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. تقرّ اللّائحة الأولى :
"إن رفض التعاون من طرف أي دولة لإلقاء القبض أو تسليم أو محاكمة ومعاقبة من ارتكب جرائم حرب أو ضد الانسانية يعدّ خرقا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومعاكسا للقواعد التي يقرّها القانون الدولي عموما(2)."
وتقرّ الّلائحة الثانية التي تعرف تحت اسم "مبادئ التعاون الدولي من أجل كشف وقبض وتسليم ومعاقبة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية" المبدأ القاعدي الآتي (3):
"يجب أمام جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية فتح تحقيق مهما كان موقع ارتكابها وزمانه ويجب متابعة وقبض ومحاكمة كل من ثبتت ضدهم قرائن ويجب معاقبتهم اذا ثبتت إدانتهم."
صيغة الأمر التي استعملتها الجمعية العامة للأمم المتحدة تظهر الطابع الآمر للائحة. وتجدر الاشارة إلى أنه سبق لمحكمة العدل الدولية أن قضت بأن لوائح الأمم المتحدة تعدّ بمثابة قرينة وجود لاعتقاد قانوني سائد (opinio juris). وذهبت غرفة الاستئناف للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في نظرها لقضية بلاسكيك (Blaskic) إلى القول بإلزام كل محكمة وطنية “بمحاكمة أو تسليم الاشخاص المشتبه انهم ارتكبوا خروقات جسيمة للقانون الانساني الدولي لها طابع عرفي”. الأمر الذي يؤكد عليه القرار الصادر عن الغرفة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة: "في نطاق النضال ضد الجرائم الدولية، يشكل الردع محاولة للإندماج أو إعادة الاندماج في المجتمع للأشخاص الذين يعتقدون بأن القانون الجنائي الدولي لا يطالهم. وعلينا إبلاغ هؤلاء الأشخاص، بأن عدم احترامهم القواعد العالمية الأساسية للقانون الجنائي لا ينجم عنه وحسب وقوع ملاحقات بحقهم، وإنما عقوبات من المحاكم الدولية" (المدعي العام سي/ميلومير ستاشيك Stakic / 31 يوليو 2003، 902).
تمكّننا العديد من مصادر القانون الدولي ومنها ميثاق الأمم المتحدة والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ثم تصريح وبرنامج عمل فيينا –النمسا- الجزء الثاني فقرة 91 خاصة- ونصوص أخرى مثل لائحة 26 أبريل 2000 للأمم المتحدة (رقم 68|2000) المتعلقة بالإفلات من العقوبة والتي تشجع على مكافحتها، من الجزم بأن حالة الافلات من العقوبة وتقدير وقوعها تشجّع الإجرام الدولي ضد حقوق الإنسان الأساسية وأن وجوب متابعة المجرمين ومساعديهم لمسائلتهم أمام القضاء هو واجب حتمي لكل دولة وكل مؤسسة قضائية دولية أو إقليمية وأن العدالة وحدها هي التي تمكّن الضحايا من استرجاع حقوقهم وكرامتهم وأن الاعتراف بما عانوه هو واجب البشرية تجاههم. وبالضرورة فإن مبدأ الاختصاص القضائي العالمي هو الوسيلة الناجعة لكل هذه الاغراض السامية.
وإن كان مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي يشكل التفسير الأكثر منطقية لإمكانية المحاسبة في الإنتهاكات التي تمس اتفاقيات جنيف الأربعة منذ 1949 فإن التزام معظم دول العالم بهذه الاتفاقيات منذ ستين سنة يستوجب منها أخذ التدابير التشريعية اللازمة لوصف جرائم الحرب ومتابعة مجرمي الحرب.
تنص الفقرة الأولى من المواد 49 و 50 و 129 و 146 من اتفاقيات جنيف الأربعة على ما يلي:
“تلتزم الدول المتعاقدة بأخذ التدابير التشريعية اللازمة من أجل تحديد العقوبات المستحقة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب إحدى الجرائم الخطيرة وفق التعريف الوارد في المادة الآتية من الاتفاقية الحالية”.
تبيّن هذه الفقرة الاختصاص العالمي في جانبه المادي (ratione materiae) ومعناه أنه على التشريع الوطني إدانة الجرائم التي تعرّفها قائمة جرائم الحرب التي تشترك صيغتها في المواد 50 و 51 و 130 و 147 من إتفاقيات جنيف وأيضا المادتين 11 و 85 من البروتوكول الأول المتعلق بالنزاعات الحربية الدولية ويجب إضافة نفس الخروقات – أي الجرائم – التي يسردها البروتوكول الثاني المتعلق بالنزاعات المسلحة الداخلية. وعند ارتكاب هذا النوع من الإجرام يتعّين على الدول الأطراف القيام بما يلي :
“تلتزم كل دولة طرف في الاتفاقية بملاحقة المشتبه فيهم بارتكاب أو بإعطاء الأوامر لارتكاب إحدى الجرائم الخطيرة المذكورة ومحاكمتهم أمام القضاء المحلي مهما كانت جنسية المجني”.
زيادة على إتفاقيات جنيف الأربعة أصبحت جريمة التعذيب بذاتها موضوع الاتفاقية الدولية المؤرخة في 10 ديسمبر لسنة 1984 والتي تؤسّس هي الأخرى لمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي. تلتزم الدول الأعضاء بإنشاء اختصاصها (مادة 5) وممارسته للملاحقة القضائية (مادة 6) والإدانة (مادة 7) أو تسليم المشتبه فيه بارتكاب جريمة التعذيب للدولة التي تطالبه للتقاضي (مادة 8). تجبر الاتفاقية في مادتها 5-2 كل دولة طرف في الاتفاقية بالاختصاص “في حالة وجود المشتبه فيه في اقليم سيادتها”.
وبالنظر لجريمة الابادة الجماعية محل اتفاقية الأمم المتحدة الدولية المؤرخة في 9 ديسمبر 1948 يبين اجتهاد محكمة العدل الدولية بلاهاي حسب قرار 11 يوليو (تموز) 1996 أن :
“الحقوق والواجبات التي تبينها الاتفاقية لها طابع الاجبارية (erga omnes). تلاحظ المحكمة أن التزام كل دولة على تدارك ومعاقبة جريمة الابادة الجماعية لا تحدّدها الاتفاقية بإقليم معين وحينئذ يكون الاختصاص غير محدود بالسيادة(4).”
من المؤكد أن المادة الرابعة من ذات الاتفاقية تفضّل اختصاص محاكم الدولة المعنية مباشرة بالوقائع، لكن التفضيل غير مانع لاختصاص محاكم أجنبية. إن التزام كل دولة بمحاكمة أو تسليم المتهم بارتكاب جريمة الابادة الجماعية هو التزام ذى طابع عرفي إجباري وبالتالي يحقّ لكل دولة ممارسة الدعوى اذا ما قصّرت الدولة المعنية المباشرة في احترام واجبها. وقرّرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة وبناء على هذا الأساس أن :
"المحاكم الوطنية للدول التابعة ليوغسلافيا السابقة ملزمة مثل ما هو الشأن بالنسبة لكل دولة تماما بمحاكمة أو تسليم المشتبه فيهم بارتكاب خروقات خطيرة للقانون الانساني الدولي وذلك بناء على القانون العرفي الدولي. إن الأولوية الملزمة لصالح محكمة الحال والمنصوص عليها في المادة 9-2 (من النظام الأساسي للمحكمة) مجبرة تجاه كل المحاكم الوطنية، وإذا تخلّت تلك المحاكم عن واجباتها العرفية يحقّ لمحكمة الحال التدخل والفصل(5)"
لا تشترط العديد من البلدان ضمن أنظمتها القانونية وجود رابط السيادة – مكان وقوع الجريمة أو جنسية الأشخاص المعنيين- وتطبّق حينئذ المبدأ. مثل ذلك أنظمة النرويج والسويد وبلجيكا وإسبانيا والدانمارك، كذلك يمكن في بعض الدول مثل فرنسا وهولندا والدانمارك وبريطانيا قبول الاختصاص بتوفر عناصر دون أخرى أو في جرائم محددة كالتعذيب. يعطي قانون الإجراءات الجنائية مثلا صلاحية الفصل لمحاكم الاقليم عندما يقترف أي شخص إحدى الجرائم الدولية كما أكدت على ذلك أعلى هيئة قضائية في إسبانيا -وهي الغرفة الجنائية الوطنية – التي قضت يوم 30 اكتوبر 1998 أن للمحاكم الإسبانية صلاحية الحكم في الجرائم التي ارتكبتها الأنظمة العسكرية الشيلية والأرجنتينية. توجد العديد من القضايا التي استعمل فيها المبدأ أمام محاكم الولايات الامريكية المتحدة. وقضت عدة محاكم بصحة صلاحياتها للفصل عندما يتعلق الأمر بقضايا التعذيب المرتكب في الخارج ومن طرف أجانب شريطة وجود المشتبه فيه على التراب الوطني أو عندما تكون له ثروة فيه. وتعتمد المحاكم الأمريكية في الجانب الاجرائي على القانون الفدرالي لتؤسس مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، وبالتحديد على ’الآلين الخاص بمقاضاة المظالم’ في فقرته 1350 (Alien Tort Claims Act - § 1350) التي تنص بأن “للمجالس القضائية الاقليمية اختصاص للفصل في كل دعوى مدنية يقيمها أجنبي بسبب ضرر لحقه إثر خرق للقانون المشترك بين الأمم أو خرق اتفاقية انضمت إليها الولايات المتحدة.
ليس بإمكان الدولة العبرية التي طبقت الاختصاص الجنائي العالمي في عام 1961 في قضية العقيد آيشمان (ارتكب جرائمه في ألمانيا قبل ولادة دولة إسرائيل واختطف من الأرجنتين بطريقة غير شرعية وحوكم أمام القضاء الإسرائيلي؟) أن ترفض هذا المبدأ عندما يكون رعاياها موضوعا له.
المحكمة الجنائية الدولية
من الأسئلة التي صعدت للسطح من جديد أهلية المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين. وقد تصدت منظمات شمالية محافظة لحقوق الإنسان لهذا المبدأ معتبرة المرور بمجلس الأمن شرطا لفتح المدعي العام تحقيقا في الجرائم المرتكبة. هذه المنظمات معروف عنها أنها ترفض إلغاء ما يسمى بحق النقض (الفيتو) بضغوط اللوبي الموالي لإسرائيل داخلها وبالتالي تربط كل شرعية للمحاسبة بمجلس الأمن باعتبار الفيتو الأمريكي والغربي يحمي الدولة العبرية من أية محاسبة دولية منذ ستين عاما.
يسقط العديد من المشاركين في هذه المنظمات في فخ عدم محاسبة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية عبر قراءة مختزلة وشمالية لميثاق روما. فهم من جهة يقرون للدولة العبرية صفة الدولة ويرفضون هذه الصفة لدولة فلسطين، رغم وضوح قرارات الأمم المتحدة بشأن قبول عضوية إسرائيل. فهذه العضوية ناقصة ومشروطة بالعضوية الفلسطينية ومجرد قبول الدولة العبرية في مؤتمر روما يمنح الدولة السلطة الفلسطينية كل مواصفات القبول كطرف ولو كانت عضوا مراقبا في الأمم المتحدة. من أجل هذا، طالب قرابة 100 مثقف وحقوقي عربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتصديق على ميثاق روما في 12 ديسمبر 2008 بمبادرة من مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة ودعم اللجنة العربية لحقوق الإنسان وعشرات المنظمات الحقوقية. لفتح الباب أمام محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية وفقا للمواد 11 و 12 و 13 و 14 و 15. علما بأن التفسير الأكثر منطقية لقبول اختصاص المحكمة في دول غير مصدقة، يقوم على منح هذا الحق ليس فقط لمجلس الأمن، وهو التفسير الأمريكي الضيق، وإنما لمجلس الأمن والمدعي العام والدول المصدقة على ميثاق روما. وكون مجلس الأمن قد مارس هذه الصلاحية في الحالة السودانية فقد أعطى سابقة قانونية تسمح للمدعي العام بمباشرة التحقيق من تلقاء نفسه في الحالة الفلسطينية كذلك من واجبه الاستجابة لطلب الدولة الفلسطينية لأن عدم قيامه بذلك يؤصل لفكرة غياب القانون الدولي عن مناطق عدم اعتراف هذا الطرف أو ذاك بصلاحيات المحكمة الجنائية الدولية، أي وجود مناطق خارج القانون مقبول بها ومعترف عليها من محكمة جنائية دائمة. ويمكن ملاحظة أن نص ومنطق المواد 12 و13 و14 يؤكد هذه القراءة لاختصاص المحكمة ومجالات تدخلها:
المادة (13) : للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة (5) وفقا لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية :
أ - إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقا للمادة (14) حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت؛
ب - إذا أحال مجلس الأمن، متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت؛
ج - إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15؛
المادة (14) إحـالة حالة ما من قبل دولة طــرف
يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم.
تحدد الحالة، قدر المستطاع، الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة.
الفقرة الثالثة من المادة 12 هي التي تعطي السلطة الفلسطينية الحق في تقديم الطلب وتنص على:
"إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازما بموجب الفقرة (2)، جاز لتلك الدولة، بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقا للباب (9)".
الاجراءات العملية للمحاسبة
ما من شك بأن إحباطات كثيرة وتدخلات استثنائية من الدول الغربية وبشكل خاص الإدارات الأمريكية المتعاقبة قد حالت دون إدانة حقيقية للجرائم الإسرائيلية في أكثر من مناسبة منذ ستين عاما. لكن هل يعني ذلك إغلاق هذا الطريق باعتباره غير سالك وإعطاء القوة الكلمة الفصل في العلاقة مع العدالة. من المشروع إعادة طرح السؤال: هل يمكن محاكمة الابن المدلل للإدارات الأمريكية المتعاقبة جمهورية كانت أم ديمقراطية؟ وهل يمكن وضع حد لغياب المحاسبة في كل ما يتعلق بالدولة العبرية؟ إن التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب، يعتقد بأن هذا التحدي يشكل الاختبار الأساسي والأهم لمفهوم العدالة الدولية الحديث ومستقبله. من هنا تركيز عدد من المناضلين الحقوقيين والمحامين منذ بداية العدوان على غزة على ضرورة وقف العدوان الواقع والاعتداءات المستمرة مادامت المحاسبة غائبة عن جيش متفوق عسكريا ومحمي سياسيا ومغطى إعلاميا وممنوع من الصرف قضائيا.
ضمن تصور قضائي انطلق من عدة تجارب بعضها كلل بالنجاح قانونيا وسياسيا وبعضها كان نصرا سياسيا دون تبعات قانونية وبعضها لم يصل لغايته بسبب تدخلات متعددة الأشكال، ولإصرارنا على الرهان على العدالة الدولية كوسيلة أساسية من وسائل المقاومة المدنية في القرن الواحد والعشرين. وفي وضع تعبوي للحق الفلسطيني لا سابق له منذ مطلع القرن، توصلت الأطراف المبادرة إلى تحديد نقاط أساسية للتحرك يمكن تلخيصها في التالي:
- استنهاض المحكمة الجنائية الدولية التي خسرت الكثير من رصيدها في قضيتي العراق ولبنان، لكن بعدم تكرار الأخطاء التي وقعت من جانب الحقوقيين. لذا تم التحرك لدى المجتمع السياسي الفلسطيني بكل فصائله، والعديد من الدول المصدقة على نظام روما للمحكمة الجنائية (بوليفيا وفنزويلا وجنوب أفريقيا وكوستاريكا) مع ضمان كل أطراف المجتمع السياسي والمدني الفلسطيني لجانبنا (الأمر الذي لم يتوفر في معركتي لبنان والعراق حيث خذلتنا أطراف سياسية أساسية) وحشد جبهة مدنية عالمية واسعة من أجل مطالبة المدعي العام بمباشرة التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية وفتح الباب لمحاسبة أمام إعلى هيئة جنائية في العالم اليوم.
ولا شك في أن عملية التوثيق الدقيقة والاستنفار الدائم ستضع المدعي العام ورئيس المحكمة أمام مفترق طرق، إما الاستمرار في سلبية اعتمدت حتى الآن على مبادرات الدول المصدقة أو مجلس الأمن، أو الخروج من منطق الضعيف والقوي بأشكال كانت دائما ممكنة التحقق.
وعليه، لن يترك التحالف الدولي بتحركاته حجة قانونية واحدة لأي طرف كان، خاصة أن لدى قيادته خبرة مع المحاكم الجنائية.
- تقديم الشكاوى أمام المحاكم الوطنية ذات الاختصاص الجنائي العالمي، حيث يتحرك عدد كبير من المحامين من أكثر من عشر دول لتحويل مناطق الاصطياف ومعارض شراء السلاح للضباط الإسرائيليين إلى سجون محتملة وقد تم تقديم الدعوى القضائية في النرويج في 22 أبريل/نيسان 2009.
- الدعاوى الفردية المتعلقة بمزدوجي الجنسية: هناك عدد من عائلات الضحايا يحملون الجنسية المزدوجة، بما يسمح بإقامة دعاوى قضائية في عدة دول أوروبية. وهناك أيضا سياسيون وعسكريون إسرائيليون يحملون جنسيات أوروبية تجيز للمحاكم الأوروبية ملاحقتهم.
- إقامة دعاوى للاعتداءات على أملاك أوروبية: على سبيل المثال لا الحصر، ثمة تحرك مدني حقوقي في النرويج يطالب بالمحاسبة والتعويض.
- المطالبة السياسية والقضائية بإلغاء اتفاق 8 ديسمبر/كانون الأول 2008 ووقف اتفاقيات الشراكة الأوروبية الإسرائيلية.
- التدخل لدى الدولة السويسرية الراعية لاتفاقيات جنيف عبر مطالبات متعددة من المنظمات غير الحكومية المختصة. وقد باشرت منظمة "عدالة واحدة" العضو في التحالف الدولي، العملية وتلقت جوابا يطلب معلومات إضافية، مع تبني قرار مجلس حقوق الإنسان بتكوين بعثة تحقيق وتشكيل بعثات تحقيق أخرى مستقلة.
- إقامة دعوى قضائية أمام محكمة العدل الأوروبية بحق لجنة المفوضية الأوروبية المختصة بقضايا الإرهاب لإعاقتها أساليب الحوار السلمية ووسائل التعاون مع الشعب الفلسطيني ومؤسساته المنتخبة، وذلك بتصنيف الفصائل الفلسطينية التي لا تعترف بإسرائيل على قائمة الإرهاب، في حين أنها لم تفعل الشيء نفسه ضد حزب الليكود الذي لا يعترف بفكرة دولة فلسطينية، أو حزب ليبرمان الذي يطالب بالترانسفير.
لقد بدأ النضال إذن لبناء تحالف دولي كبير منذ الشهر الأول هذا العام، بهدف وضع حد لغياب المحاسبة في كل ما يتعلق بالدولة العبرية، وإخراج اتفاقية روما والمحكمة الجنائية من التفسير الأضيق الذي حصرها فيه مجلس الأمن، والموقف الأميركي الصيني الروسي، وما يسمى بالحرب على الإرهاب.
هذه الحركية أوجدت أساسا جديدا لتعزيز وتقوية القضية الفلسطينية في العالم، أي فتح الباب لديناميكية هجومية للمجتمعات المدنية. ديناميكية تستثمر هزيمة التجربة البوشية لتعيد الاعتبار إلى حقوق الإنسان وقيم العدالة في المؤسسات الدولية -خاصة منها القضائية- بعد ستين عاما من المظالم والانتهاكات الجسيمة لحق الإنسان الفلسطيني.
وإثر عدة اجتماعات كانت بمثابة عملية تنقيب في فقه القانون الدولي، ابتعد عن التحالف بعض المنظمات الدولية الغربية المحافظة، (في تكرار هزلي لسيناريو ديربان عام 2001). لكن هذا الموقف كان محدود التأثير حتى اليوم على قوة التحرك.
تشابكت جهود عدة مبادرات في بلجيكا والنرويج وسويسرا وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا مع مبادرات من المجتمعات العربية لضم الطاقات وتعزيز الإمكانيات وتبادل الخبرات. وانضم إلى هذه التحركات جيش من النقابات المهنية وتجمعات شعبية وعدد كبير من المنظمات غير الحكومية الجنوبية، بحيث إن 86 جمعية ونقابة فقط في التحالف الدولي من العالمين العربي والإسلامي والباقي من خارجه. ويسمح لنا الربط بين محامين متطوعين ومناضلين نقابيين ونشطاء حقوق إنسان للربط بين المهمة القضائية الصرف والمهمة السياسية الإعلامية والنضال المدني على الصعيد العالمي.
باختصار، يمكن القول اليوم إن "التحالف الدولي لمحاكمة مجرمي الحرب" نجح في إعادة استقطاب عشرات بل مئات الآلاف من الغربيين وأبناء الجنوب للقضية الفلسطينية، بعدما نجح اللوبي الصهيوني في استثمار الصراع الفلسطيني الداخلي لأقصى حد، واستطاع خلق حالة شوشرة وبلبلة في صفوف أنصار القضية الفلسطينية قبل العدوان. ونحن نركز في سياستنا على أن الصراع الداخلي الفلسطيني ظاهرة طبيعية في أي مجتمع متعدد وديمقراطي، ويبقى قضية داخلية. أما واجبنا فينحصر في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة بجسامة وليس الدخول في الملف الداخلي الفلسطيني.
انطلاقا من أن العدوان جريمة والمقاومة حق، يحاول التحالف مد الجسور والتنسيق مع عدد من الدول التي تنسجم سياساتها مع المبدأ الذي يقوم عليه، دون تبعية أو قبول لمساعدات مالية منها مع التأكيد على أن قاعدة التعامل هي شعار "العدالة كرد على العنف والعدوان".
أركان الجريمة الممنهجة والمركزة في الزمان والمكان
تجمع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت أثناء عدوان الرصاص المصبوب أركان هذه الجرائم والأدرلة على ارتابها مع سبق الإصرار والتصميم من جهة، ومنهجية وقوعها من جهة أخرى. فمنذ اعتداء يوليو 2006 التي تكثف فيه الاعتداء على مقومات الحياة والبنية التحتية الفلسطينية في القطاع، نشهد سياسة متعمدة لتحطيم هذه البنيات الأساسية وحرمان الشعب من مقومات العيش البيئية والغذائية والصحية. غياب التناسب يشكل قاعدة عامة منذ احتلال القطاع عام 1967. ويلاحظ أنه منذ سبع سنوات أدى إطلاق صواريخ القسام لسقوط 28 شخصا إسرائيليا في حين قامت ستين طائرة باستهداف تسعين موقعا فيما تسبب بوفاة 285 إنسان في خمس دقائق. اختيار ساعة الصفر اعتمد لحظة تبديل التلاميذ بين الدوام الصباحي والمسائي أي الوقت الذي يتواجد فيه أكبر قدر من التلاميذ في الشوارع. ومن الواضح تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة عبر استعمال قنابل الحرارة والضغط الفراغية والقنابل الوقودية الهوائية والمتفجرات الملوثة المحشوة بالمعادن (الدايم) والفوسفور الأبيض وأسلحة الماكرو ويف.
لقد سمح لنا التحقيق في بعثة نيسان/أبريل للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب إلى غزة بالعثور على 12 مادة سامة خطيرة على الصحة العامة بما فيها المشع في فيلترات سيارات الإسعاف وهناك نتائج مخيفة على صعيد حق البيئة والحق في الصحة سنطالب استنادا عليها منظمة الصحة العالمية بالتدخل العاجل لتحديد وتحجيم الخسائر والثمن ما أمكن على الصحة الإنسانية وكل ما هو حي في القطاع. لدينا توثيق بتدمير 39 سيارة إسعاف ودفاع مدني وعيادة متنقلة ومقتل 49 شخصا من الخدمات الطبية. وقد دمرت 6 مقرات للدفاع المدني ثلاثة في محافظة دير البلح وحدها.
تم استهداف 17 ألف وحدة سكنية دمرت قرابة 4000 منزل بشكل كامل وأكثر من نصف الباقي غير صالح للاستعمال.
المنهجية نفسها تكمن في تكرار نفس السياسة في عدوان 2006 على غزة حيث رصدنا 42 من أصل 54 مجزرة استهدفت منازل وملاجئ النازحين غير المقاتلين.
إن تعمد توجيه هجمات ضد أفراد مدنيين لا يشاركون في الأعمال العسكرية وتوجيه ضربات لمواقع مدنية وشن هجمات على موظفي ومتطوعي المساعدات الإنسانية وتعمد شن هجوم مع المعرفة المسبقة بالضرر المدني والبيئي قياسا للمكاسب العسكرية وتعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو الخيرية كل هذا يعد جرائم حرب في العرف والقانون الدولي اليوم. أما تعمد تجويع المدنيين وحرمانهم من الحقوق الأساسية الستة فهو أسلوب من أساليب الحرب المصنفة جريمة ضد الإنسانية لوقوع الحرمان المتعمد والشديد من الشروط الأساسية للعيش. وما من شك أن القائمة التي نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان بأسماء الذين قضوا في هذا العدوان وتصنيفهم بين مدنيين ومقاتلين، نساء ورجال، أطفال وبالغين توضح بجلاء أن نسبة رجال المقاومة لا تصل إلى 16% من إجمال العدد. وتقدم لنا المنظمات الفلسطينية المحلية كالضمير والميزان، بعثات التحقيق الدولية مادة كافية لتوجيه تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب للمسئولين عن عملية الرصاص المسكوب. حتى أن هذا الموضوع أصبح مفروغ منه في أي نقاش قانوني أو حقوقي في المحافل الدولية.
عندما انطلقت مراكز التوثيق والمحاسبة لمجرمي الحرب النازيين لم تشترط أية مؤسسة يهودية أو غير يهودية على مراكز التوثيق والمحاسبة شروطا سياسية. على العكس من ذلك شجعت التبرعات المباشرة لها لتتمكن من القيام بعملها باستقلالية عن المنظمات الصهيونية والأحزاب السياسية. وهكذا نجحت هذه التجمعات الحقوقية في توثيق وملاحقة ومحاسبة أفراد ودول في أوربة وخارجها. لقد بنينا هيكلا ضخما وكبيرا يبلغ عدد الأطراف المشاركة فيه حتى اليوم 460 جمعية ونقابة واتحاد. منها قرابة 86 منظمة واتحاد من العالم العربي والباقي من كل القارات. ولدينا موقع لمتابعة أخبار التحالف www.icawc.net www.justiceforpalestinians.net
في 22/01/2009، التقيت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفقة وزير العدل الفلسطيني، وتقدم بنفس اليوم التحالف الدولي والسلطة الفلسطينية بطلب فتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية مع تأييد مكتوب من وزير العدل في غزة والمجلس التشريعي الفرطسني والفصائل الفلسطينية الأساسية. في 22/04/2009 تقدم ستة محامين نرويجيين بدعوى قضائية بحق عشرة مسؤولين إسرائيليين وفق الاختصاص الجنائي العالمي universal jurisdiction . وهناك عدة دعاوى في طور الإعداد. إقامة العدل زراعة نخل لا زراعة فجل، وهي تتطلب الجهد والعقلنة وروح المتابعة ومنهجا متعدد الميادين متعدد الخبرات. ولا شك بأن ما بدأ لا يمكن أن يعود إلى الخلف أبدا. لا نريد بيع الوهم، ولكن من المؤكد أن هذه السيرورة النضالية المدنية ستؤدي بالضرورة إلى صيرورة العدالة الجنائية طرفا في الصراع مع العدوان الإسرائيلي في المنطقة. فهل انتهى عهد الإفلات من المحاسبة بالنسبة لدول بقيت حتى اليوم فوق أي حساب؟ هذا هو التحدي الكبير الذي نعيشه اليوم في هذه التجربة الغنية والقوية بمعانيها، والتي أصبحت تتعدى برمزيتها الشعب الفلسطيني لتكون قضية كل الشعوب المظلومة.
1. تقرير 19 يوليو 2000 للامين العام للامم المتحدة، الاطفال والنزاعات المسلحة المعد وفق لائحة مجلس الامن رقم 1261 بتاريخ 25 اوت 1999. ا|55|163
2. قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 2840 بتاريخ 18 ديسمبر 1971
3. قرار الجمعية العامة 3074 بتاريخ 3.12.1973 1973
4. مجلة محكمة العدل الدولية، سنة 1996، ص. 616، فقرة 31
5. المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، قضية 95-14-ار فقرة 29 حكم 29.10.1997
ألقيت هذه المحاضرة في مدينة غزة في العاشر من حزيران/يونيو 2009 بدعوة من مركز فلسطين للدراسات والأبحاث