انا العربي الفلسطيني المسيحي صوت صارخ في عالم سد آذانه عن سماع انين المظلومين، واغمض عينيه لكي لا يرى صراخ الاطفال وتدمير عواطفهم ومستقبلهم، ومد يده واغلق في بيت الحبس على الحق ووضع الباطل سجانا له، ووقف في معسكر سلام يراه في حلم ولكنه لا يعي ولا يتعظ بان الاشرار حين يقولون: سلام سلام فلا يكون سلام بل حرب وموت وما وقفوا في معسكر العدالة ليعطوا شعبنا حقه في وطنه، فينتهي الاحتلال.
ويعود الغائب والمشتت الى مكانه وبيته، وتهدم جميع الاسوار العنصرية التي بناها الاحتلال حول القدس، وتحرر القدس والمقدسات من عقال عبوديتها، وتزول جميع المستوطنات العنصرية من تلالنا وربوعنا، ويعوض جميع المتضررين واللاجئين، وتقدم جميع قادة الحرب الى عدالة الانسان قبل ان تصل الى عدالة الله، ويعطى الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، وتفتح حدوده ويسيطر عليها وعلى ارضه ليأخذ ما في باطنها وما في ظاهرها، وتطلق غزة حرة عربية وتفتح حدودها على العالم كله لتسهم فلسطين في بناء حضارة العالم، ويطلق الفن والفلكلور والفنون الجميلة من قمقامها، وتبنى جسور الوحدة بين الفلسطينيين اولا فلا تكون الوحدة الوطنية مربوطة ولو بخيط حرير من طرفها الاخر بيد الاسرائليين واميريكا، وتفتح ابواب مدننا لاستقبال ضيوفنا وضيوف الرحمان ليدخلوها كما دخلوها اول مرة وكانوا فيها آمنين.
ايها العالم الصامت صمتا رهيبا عجيبا:
أليس البؤس في فلسطين كلها من صنع ايديكم؟
أليس ما يستحق الحياة في هذه الارض ما قتلته الا ايديكم؟
اما بح صوت الاذان والاجراس في مقدسات المسلمين والمسيحيين الا من انفلونزا اسرائيل والصهيونية ؟
ليسمع العلم صوتنا:
لقد تمزقت كنيستنا في فلسطين وتاهت في العالم منذ سنة 1948 فخرجت لاجئة مع الجامع والمسلمين واغلقت الجوامع والكنائس ورحل اهلها وبدأ شتاتهم الى سائر ارجاء العالم.
هاجرت الكنيسة وتهاجر اليوم لا من اضطهاد وقع عليها من المسلمين بل من الحرب اولا ثم من الحصار والتضيق عليهم وعلى لقمة عيشهم وعلى وجودهم, فهم قد تألموا مع المسلمين ولم يتألموا من المسلمين.
واما ابناء القدس المسيحيين شهود قيامة المسيح فانهم قد تضاءل عددهم من 34 الف سنة 1967 الى 7 الاف هذه السنة واصبحت صناعة ابائهم واجدادهم المتعلقة بالسياحة الدينية عبئا عليهم من بسبب الضرائب المتراكمة ظلما , فهجروها وهجروا اسرهم ومقدساتهم وضاعوا في العالم وبذلك كنيسة القيامة لم يعد يدخلها الا القليل من ابنائها والكثير من الغرباء وهكذا فرغت المقدسات الاخرى, بل ان قرى كثيرة خرج سكانها المسيحيون نهائيا منها مثل كفر مالك وبرقه وسبسطيا وغيرها.
ان نداء كنيسة القدس الى العالم هو صوت نبوي. اننا نخاف ان تترك كنائسنا لنا خرابا وقد ابتدأت بالفعل كذلك فاغلق كنائس بعض القرى مثل اكرت وبرعم وغيرها ونخاف ان تغلق نهائيا طرقنا المؤدية الى تلك الأماكن للعبادة كما جرى في الناصرة والقدس وبيت لحم. فإسرائيل التي تهود مدينة القدس تضع مقدساتها الإسلامية والمسيحية في خطر ونخاف ان تصبح أماكن عبادتنا أماكن سياحية تاريخية لا أماكن عبادة وصلاة وشهادة.
اننا نخاف ان تبقى الحجارة الصماء وتذهب الحجارة الحية كنيسة المسيح.
لا نطلب من عالمنا المسيحي حروباً صليبية كما اعلنها السيد بوش لتحريرنا وإلا فإننا سنقاتلكم نحن المسيحيين مع المسلمين بل نريد منكم قراراً حاسماً بوضع إسرائيل تحت الوصاية الدولية لانها لم تحسن العيش مع جيرانها ان استمرت هكذا.
ولا نطلب منكم ان تبحثوا معنا عن السلام الضائع بل عن العدالة التي هي ام السلام وحاضنته.
ولا نطلب منكم ان تتوقفوا عن مساعدة اليهود الخارجين من المحرقة النازية الاوروبية وان تتحننوا عليها وان كنتم لم تروها أو تلمسوها بايديكم ولم تشهدوا الدمار الذي وقع على أوروبا بسببها بل نطلب منكم ان تتحننوا على المحرقة الفلسطينية التي ترونها وتلمسونها بأيديكم وعيونكم وتتلطخ أيديكم بدماء أبنائها.
اننا لا نطلب منكم ان تبغضوا اسرائيل وتحرموها لذاتكم ولكن ان تضعوا (ذئبا هائجا), حيا كريما, في جنينة حيوانات هناك مكانه لا مكاننا نحن الخراف الوضيعة. لقد فتكوا بنا وأذاقونا صنوف العذاب في حروبهم الكثيرة علينا وخاصة في حرب غزة الأخيرة - وان كانت هذه الحرب لا تفوق الحروب الأخرى علينا عنفاً ووحشية - لا نطلب منكم أن تغمضوا أعينكم عن ربيبتكم إسرائيل ولكن ان تفتحوا عيونكم على جراح الآخرين الأبرياء فلا يدوس الباطل الحق فيما بعد بل أن يقدم مجرمو الحرب إلى عدالة الإنسان قبل أن يمثلوا أمام عدالة الله.
علمونا ان نسامحهم ونحن سادة لا عبيداً علمونا ان نراهم بعيون الحرية والتنمية لا بعيون الحصار والتدمير والقتل
إلا اجلسوا وابحثوا في بطون التاريخ ان كنا نحن من صنع المحرقة النازية.
في بلادكم نضج فكر النازية. في بلادكم اخذ القرار بتدمير أوروبا والعالم, وفي بلادكم قررتم مأساة فلسطين.
وبأيديكم فتحتم جرحا في خاصرة العالم العربي في فلسطين ولا يزال الجرح ينزف دما
نحن نواجه سادية دولة إسرائيلية تتلذذ بآلامنا فانتصبوا واصنعوا الينا رحمة وعدالة وسلاما
انتصبوا وضعوا حدا لإسرائيل حتى لا تسبح فوق أرضنا واعترفوا أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تستخدم الدين والديمقراطية لتثبيت احتلالها لأرضنا.
هي الدولة الوحيدة التي تحتل شعبا وأرضا في هذا القرن. هي الدولة الوحيدة يدعمها فيتو حتى لا تعاقب على جرائمها وهي الدولة الوحيدة التي لا ينال منها القانون الدولي. وهي الدولة الوحيدة التي لا حدود لها وتبحث في دول الجوار كيف تجد أمنا وسلاما ولن تجد.
واسمع يا قداسة البابا واسمعي يا كنيسة المسيح:
لا تخافوا من وجوه إسرائيل لئلا يرعبكم الرب أمامهم فقولوا للحق انه حق وللباطل انه باطل وابصقوا في وجه الظلم وكللوه بالشوك واضربوه بالصليب وأسلموه ليصلب حتى ينتهي احتلال فلسطين وينعم اهلها بالحرية والسلام والعدالة.
وان لم يسمع العالم كله هذا النداء فان نداءنا نحن المسيحيين العرب للفلسطينيين: ان اتحدوا, وتعالوا على جراحكم, واسعوا الى الوحدة الوطنية وانهاء الانفصال فوراً, وخذوا قراركم التاريخي: " بين العبودية والموت لا خيار لنا". سنموت كلنا شرفاء اقوياء رافعي الرأس حول الأقصى والقيامة. انتم ترون كيف تمرً جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على أجسادكم المنزوعة السلاح. انتم بأعينكم ترون جريمة الحرب المقررة على هدم الأقصى المبارك وبناء الهيكل مكانه. وانتم ترون جريمة إبادتكم بحصار غزة وتقطيع أوصالكم في الضفة. فليعلم العالم اننا لن نريحه من أزمة ضمير وخوف, حتى ننال كامل حقوقنا في أرضنا وعودتنا, وفك أسرنا, ورفع علمنا, وفتح حدودنا, وتقرير مصيرنا. ان بكت عيوننا فلتبك عيون العالم كله.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والنصر أو الشهادة في ساحات النضال حتى تحرير القدس والمقدسات والإنسان الفلسطيني العربي.
* ورقة قدمت بمناسبة المؤتمر الشعبي العالمي لنصرة فلسطين: 8 أيار 2009