مؤتمر مراجعة ديربان

20-24 نيسان/ابريل 2009

قصر الأمم المتحدة / جنيف

 

 

السيد الرئيس، الحضور الكريم

اسمحوا لي السيد الرئيس أن أبدأ بالتعبير عن أسفنا العميق للسابقة الخطيرة التي جدت في هذا المؤتمر باعتماد البيان الختامي قبل بدء المناقشات. كما نعبر عن استغرابنا الشديد لإلغاء الفقرة المخصصة لتدخل ممثلين عن المجتمع المدني خلال المحور العام، وذلك لأول مرة في تاريخ المؤتمرات الدولية. كما ندين المضايقات والضغوطات التي تعرضت لها المنظمات غير الحكومية التي تحمل صوت الضحايا.. تزامن ذلك مع تجريم قمة ديربان 2001 ومشاركة المجتمع المدني فيها.

سيدي الرئيس،

كيف يمكن أن نغفل الحديث عن القضايا الجوهرية ؟ هل لمؤتمر كهذا أن يتجاهل عذابات الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ عقود طويلة من أقسى وأقصى أشكال التمييز الممأسسة والممارسات العنصرية الاستعمارية ؟ كيف يمكن لمؤتمر مراجعة ديربان أن يلغي أية إشارة لهذه المعاناة في حين أن الوضع لم يتحسن منذ 2001 بل ازداد سوءا؟ هل يمكن عدم التنديد بجدار الفصل العنصري الذي بني بعد ديربان 1 وتجاهل قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 9 يوليو 2004 حول التبعات القانونية لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينية؟ ألا تطال معايير العنصرية التي خصص لها هذا المؤتمر الشعب الفلسطيني ؟

ثم هل يمكن أن نخضع للابتزاز والمساومة ونسكت على ما يجري في غزة، أكبر معسكر للاعتقال في العالم يعيش فيه مليون ونصف نسمة محاصرون من كل الجهات ؟ قطاع غزة الذي يمنع عنه دخول الماء والدواء والوقود، وتنتشر فيه سوء التغذية بنوع خاص في صفوف الأطفال، ويموت البشر من ضعف العناية الصحيّة وفقدان الدواء والمعدات الضرورية، بحيث تغدو الأنفاق المحفورة يدويّا المسرب الوحيد للعالم لاقتناء ما يبقي على قيد الحياة، خاصة بعدما دكت بيوتهم وهدمت مستشفياتهم ومدارسهم ومؤسساتهم الرسمية والصناعية وجربت عليهم أنواع أسلحة محرمة دولياً؟

أنلوذ بالصمت والمدينة المقدسة تتعرض لمخططات التطهير العرقي والديني وإخراج وطرد سكانها الأصليين بكل الوسائل، وهدم بيوتها ومساجدها ومقابرها وطمس معالمها وتغيير طبيعتها الجغرافية والديمغرافية؟

في ظل هذا الوضع يبقى الحق في مقاومة التمييز والقمع الطريق الوحيد لحماية النفس. وهو ما أقر به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عندما أكد على أنه "من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء الى التمرد على الاستبداد والظلم".

سيدي الرئيس،

أنتقل لظاهرة الهجرة التي بدأت اليوم تأخذ مناحي جديدة من انتهاك حقوق الإنسان، بفعل ما أقرته البلدان المضيفة من إجراءات متشددة وتشريعات تجرم مرور وحركة الأجانب. خاصة بالنسبة للمهاجرين السريين الذين يواجهون خطر خسارة حياتهم على قوارب الموت، ثم الاحتجاز التعسفي دون أية حماية قانونية وفي ظروف محطة بالكرامة.

إننا نلتمس من مؤتمركم توصية مجلس حقوق الإنسان باستحداث ولاية جديدة، في إطار إجراءاته الخاصة، تعنى بحقوق المهاجرين في مراكز الإعتقال الإدارية. كما نطالب المؤتمر بحث الدول المستقبلة للهجرة على التصديق العاجل على اتفاقية حماية العمال المهاجرين وعائلاتهم.

 

سيدي الرئيس،

ظواهر نبذ وكره الأجانب ازدادت وطأتها بعد احداث 11 أيلول 2001. خاصة ببروز تعبيرات جديدة لتنميط الأشخاص وازدرائهم بسبب انتماءاتهم وممارساتهم الدينية، ولاسيما بالنسبة للمسلمين. وفي هذا الصدد نحيي مؤتمركم الذي توصل لموقف دولي مشترك لمحاربة هذه العنصرية الجديدة.  

وفي الختام،

هل يمكن لي أن أحلم بإن يطالب مؤتمركم الموقر باعتماد مبدأ التصديق العالمي على كافة اتفاقيات الأمم المتحدة واليونسكو ومنظمة العمل الدولية المتعلقة بمكافحة التمييز العنصري وكافة أشكال التمييز، كما طالب بذلك إعلان جنيف 2009 لمؤتمر المجتمع المدني؟ هل يمكن لي أن آمل في هذا التصديق في أمد 2018 كي نحتفل بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمجموعة الدولية مجمعة على مكافحة العنصرية؟

 شكراً لكم

فيوليت داغر

اللجنة العربية لحقوق الإنسان