التعامل الذي يتم مع الجامعة المصرية من قبل الحكومة المصرية يؤكد على تدنى النظرة الرسمية للجامعة ودورها بل لا نبالغ لو قلنا أن هناك حالة من العداء والكراهية لكل ما يخرج من الجامعة من علم أو أساتذة أو خريجين !! فالنظام المصري يتكلم عن العلم والعلماء كثيرا لكنه يحتقر العلم في قراراته وسياساته ويهين العلماء ويؤذيهم ! كما يتكلم كثيرا عن الفقراء والطبقة الكادحة فإذا به يجعل حياتهم أمر من العلقم وينزع منهم كرامتهم وإنسانيتهم ولا يدرجهم في حساباته !! كما يتحدث عن الحريات التي يرفل فيها المصريين في عصر مبارك فإذا بنا أمام مصر وقد تحولت إلى معتقل كبير مقسم إلى معتقلات أصغر وحياه أصعب من قدرة الإنسان على تحملها وقد صار الوطن  سجنا كبيرا لاحق ولا كرامة لأحد فيه ! ولم يحظ الإنسان المصري سوى بحرية الصراخ وأحيانا حرية الشكوى لكن في ظل حكم لا حياة فيه لمن تنادى ! لقد خرجت منظومة التعليم الفعال المنتج المواكب للتطور والحضارة من عقل وفكر وممارسة النظام الحاكم حيث وجد أن حكم الجهال أسلس وأن جهل المحكومين أفضل ! فلم يمحو أمية شعبه ؟ ولو أراد لأتم ذلك في عامين على الأكثر ! ولماذا يهتم بجودة التعليم ؟ فأموال الجودة الحكام أحق بها وهو ما يفسر تدنى إعتمادات البحث العلمي مقارنة بالناتج العام في موازنة الدولة منذ سنوات طويلة وحتى اليوم ! ولهذا أفشل المشروع العلمي  وحماسة الدكتور أحمد زويل المصري النابه الذي صنع في أمريكا !! فمنظومة الحكم لاتحتاج إلى علم أو علماء اللهم إلا لستر وجودهم وتبرير اهتمامهم الشكلي بالتعليم والبحث العلمي ! ولأنه ليس له حاجة إلى بحث علمي بل هو يدمن استيراد التكنولوجيا الجاهزة المعلبة ليتاجر بها في مجالات البيزنس فهو لا يحتاج لعلماء وأساتذة ومن ثم فقد أخضع الجميع لنظام أمنى صارم لا علاقة له بالعلم أو العقل !! وحرمهم من حقوقهم وتلذذ بحرقتهم وهم يطالبون بمعيشة كريمة ومناخ يقدر دورهم في صناعة الحاضر والمستقبل ! فقرب البعض منهم  وأوجد الفرقة وجعل بأسهم بينهم شديد ! فأعوزهم إلى السؤال بشكل لا يليق ! ولم يترك الطلاب يقدمون ما عجز عنه الأساتذة الذين سيطر على مواردهم ووظائفهم ، فأفسد عليهم حريتهم وقيد نشاطهم وراقب تصرفاتهم وحاصر إبداعاتهم وطارد نشطائهم واعتقل وعذب وقتل منهم بدم بارد الكثير من قياداتهم كما فعل مع أساتذتهم الذين مازال منهم في سجون النظام بأحكام عسكرية ظلما ليترك محراب العلم إلى عنابر السجن حتى هذه اللحظة بدون وجه حق !! أوليس من حق الأساتذة والطلاب أن ينتفضوا من أجل حقوقهم ومستقبلهم ومستقبل مصر كلها الذي يبدو ماسخا ومقلقا بدون علم حقيقي أو علماء أو متعلمين؟ ما جدوى حياة علمية فاشلة تتسم بالعشوائية والكذب والفراغ ؟ أوليس ذلك تضييعا للوقت والجهد والمال بلا أي طائل؟ ثم ماذا يحدث لو توقف التعليم الفاشل في مصر عاما واحدا اعتراضا على النظرة المتدنية والاهتمام المنقوص الذي تتبناه حكومات مبارك وأسرته ؟ عاما واحدا فقط يرجع فيه من يعلم ليمحو أمية من لا يعلم بعيدا على الحكومة بل ونكاية فيها ! ربما وقتها لا يستطيع النظام المستبد أن يتحكم في شعب مصر أو يستخف به ! عام واحد فقط لن تتحمل الحكومة منه شهرا واحدا فتطلق سراح العلم والعلماء أو تنزاح ولا حول ولاقوه إلا بالله العلى العظيم .

g.hishmat@gmail.com