حقوق الإنسان في مغرب  2008

        

باحثة في العلوم السياسية        

         hind_life@yahoo.fr

  

تقديم:

 

عقاب جماعي، اعتقالات بالجملة، جياع يصرخون، عمال يحترقون، معطلون في الشوارع مناضلون، إعلاميون و طلبة و مناضلون وإسلاميون و أمازيغيون يحاكمون... عام آخر من الانتهاكات الجسيمة الممنهجة في حق مسحوقي بلاد الإيالة الشريفة. انتهاكات تثبت بالسياط إعادة النظام إنتاجه لذاته في جوهريتها الاستبدادية وبنياتها القهرية و آلياتها القمعية. حقيقة تتخفى خلف الأقنعة الشعاراتية لما ينعت بالعهد الجديد و الانتقال الديمقراطي و حقوق الإنسان، إلى آخر قائمة الخطب الادعائية. لكن هذه الأقنعة تسقط دفعة واحدة عن وجه النظام، فتتكشف حقيقة المسخ الذي يبطش بكل ذي حق طالب و يطالب به.

 

ولا يطالب المعدومون سوى بالحق في الحياة الكريمة، و بالانعتاق من قبور التهميش و الإقصاء إلى دوائر الوجود الإنساني، و لكنها مطالب ترتعد لها فرائس المنتهِك لعدالتها الموقظة لحس الانتفاض الذي يستمد مشروعيته من شرعية المطالب لدى الإنسان المقهور، فالتحرر من الجوع حق. لذا يستنفر المنتهِك آلياته القمعية لسحق كل بذور الاحتجاج خوفا من تشعبها، و إنزال أقصى العقاب بالمحتجين ليمسوا عبرة ( أحداث سيدي إيفني). لكن ما لا تعلمه الأنظمة الإكراهية، هو أن المسحوقين لم يعودوا يملكون سوى الحق في الاحتجاج و الانتفاض، كمحاولة للعيش عن أمل " العيش الكريم".

 

أمل، ما تنفك الدولة المغربية تقبره بخرقها المستمر والممنهج لكافة التزاماتها الدولية و تعهداتها" الدستورية" في مجال حقوق الإنسان. فما الذي تطمره المقبرة الجماعية لمنظومة حقوق الإنسان العام المنصرم؟ 

 

 

 

أولا: في باب العقاب الجماعي: أحداث سيدي إيفني: يونيو/ غشت – صيف العقاب الأسود: 

 

     1- ما وقع بسيدي إيفني شهري يونيو وغشت:

 

      أ-إيفني: الجزء الأول: انتفاضة يونيو ضد التهميش:

 

الجمعة 30 ماي:  إثر نتائج قرعة أجريت بمقر بلدية سيدي إفني من أجل 8 مناصب شغل، المعطلون يحتجون ويلتحقون بميناء المدينة، ويفرضون حصارا، مانعين خروج أزيد من 96 شاحنة محملة بالأسماك.

السبت 31 ماي/الأحد 1 يونيو: السلطات المحلية ومنتخبون جماعيون وبرلمانيون يفشلون في إقناع المحتجين في فك الحصار، والمحتجون يرفضون التحاور معهم بدعوى أن الموضوع يتجاوز السلطات المحلية، ويطالبون بتنفيذ ملفهم المطلبي.

الإثنين 02 يونيو: حضور وفد مكون من والي الجهة السيد رشيد الفيلالي وعامل الإقليم بوشعاب سويلم ووالي الأمن بأكادير ورئيس المجلس الإقليمي لتيزنيت وعدة برلمانيين ومنتخبين لمدينة سيدي إفني وإجراء حوار مع لجنة ممثلة للمعتصمين، أكد فيه والي الجهة على تجريم الاحتجاج، وكذا المعتصم باعتباره خرقا للقانون، وأن المعتصمين تحركهم أيادي خارجية لا علاقة لها بمطالب الساكنة. وقد قال الوالي بأن دولة الجزائر لم تستطع هزمنا فما بالكم بشردمتكم وردت لجنة المعتصمين بالتأكيد على حق الساكنة في الاحتجاج، وطالبت بالاستجابة الفورية لمطالب المحتجين، والتي يمكن إجمالها في ست نقط:

1- تفعيل الحي الصناعي.

2- تعميم بطائف الإنعاش الوطني على العاطلين.

3- استكمال أشغال الميناء.

4- تعميم تصاريح دخول الميناء على ساكنة المدينة.

5- اعتماد الميزان الدقيق الالكتروني في عملية بيع السمك.

6- احترام كرامة الوافدين على الميناء والمشتغلين به، ومعاقبة السلطات الأمنية المتورطة في مظاهر خرق ودوس كرامة أبناء الساكنة.

من جانبها ردت سلطات عمالة إقليم تزينت، بالتزامها بفتح معمل لتصبير السمك في غضون شهر ونصف. وكذا تمكين الساكنة من الاستفادة من أوراش الإنعاش التي ستنطلق بعد شهرين.

الثلاثاء 03 يونيو: انعقاد لقاء موسع بمقر عمالة تيزنيت برئاسة والي الجهة وعامل الإقليم والبرلمانيين والمنتخبين ومستثمرين والعديد من أعيان سيدي إفني وأيت باعمران لتدارس الوضع القائم والبحث عن الحلول الممكنة لحل الحصار المفروض على الميناء.

مساء نفس اليوم، نظمت مسيرة نسائية شارك فيها ما يناهز 300 امرأة انطلقت من وسط المدينة نحو الميناء ابتدءا من الساعة الرابعة، ووقفة تضامنية مع المعتصمين بالميناء دامت حوالي ثلاث ساعات، لتعود التظاهرة النسائية نحو المدينة في الثامنة مساء، ليلتحق بها العديد من شباب وسكان المدينة لتتحول إلى مسيرة حاشدة ضمت أزيد من 4 آلاف متظاهر جابت الشوارع الرئيسية بالمدينة. واختتمت المسيرة على الساعة التاسعة والنصف مساء.

الأربعاء/الخميس 04/05 يونيو: محاولات من عدة برلمانيين وأعيان المنطقة إقناع المحتجين برفع المعتصم وفك الحصار عن الشاحنات والميناء، لم يستجب لها المعتصمون الذين أصروا على تحقيق المطالب.

الجمعة 06 يونيو: بداية وصول التعزيزات الأمنية الأولية لسيدي إفني، وعدة مصادر أكدت حضور الجنرال حميدو العنيكري ووالي الأمن بأكادير للإشراف على عملية التدخل لفك الحصار عن الميناء.

السبت 07 يونيو: الواحدة صباحا: وصول العشرات من السيارات الأمنية التابعة لفرق التدخل السريع والقوات المساعدة ورجال الأمن والدرك والوقاية المدنية إلى "مير اللفت" والانتظار بها لأزيد من ساعتين.

الثالثة صباحا: انتقال القوات الأمنية إلى القرب من شاطئ الكزيرة على بعد 10 كلم عن مدينة إفني، والمكوث بها لأزيد من ساعة.

الخامسة صباحا: غلق جميع المنافذ الطرقية، ومنع الدخول والخروج من وإلى إفني على بعد عشرين كيلومترا من مركز المدينة.

الخامسة والنصف صباحا: تطويق ميناء سيدي إفني والعديد من الأحياء بالمدينة، كحي بولعلام وحي للامريم والودادية وكولومينا وحي المرسى ووسط المدينة، واعتقال العشرات من المعتصمين وهروب آخرين ولجوؤهم إلى جبل بولعلام.

السادسة صباحا: مداهمات للعشرات من المنازل، وحملة اعتقالات للعديد من النشطاء الجمعويين والحقوقيين.

السابعة صباحا: فرض حظر تجول بجميع أحياء المدينة، واعتقال كل من لم ينضبط للقرار أو تواجد بالشارع.

السابعة والنصف صباحا: اندلاع مواجهات ومناوشات بين القوات الأمنية والسكان في مناطق متفرقة بالمدينة وخصوصا في كولومينا وبولعلام، استعملت فيها الحجارة والعصي والقنابل المسيلة للدموع، ووصول حالات الإصابة الأولى والجرحى للمستشفى المحلي بسيدي إفني سواء المسجلة في صفوف السكان أو رجال الأمن.

العاشرة صباحا: بلغ عدد المعتقلين أزيد من 140 حالة.

الحادية عشرة صباحا: أنباء تتحدث عن مداهمات جديدة للعديد من المنازل، ووقوع سرقات وإتلاف ممتلكات والاعتداء الجسدي على مواطنين عاديين وأبرياء من بينهم أطفال ومسنون ونساء حوامل، ومحاولات اغتصاب.

الحادية عشرة والنصف صباحا: مصادر وشهود عيان أكدوا سماع دوي الرصاص، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتحدث عن حصولها على خراطيش فارغة للرصاص المطاطي المستعمل.

الثانية عشرة زوالا: مصادر أكدت مقتل عدة ضحايا واختفاء آخرين يرجح مقتلهم، ووزارة الداخلية تنفي الخبر.

الواحدة بعد الزوال: رفع الحضر جزئيا عن جميع الأحياء باستثناء حي بولعلام.

الثالثة بعد الزوال: إطلاق سراح أزيد من 90% من المعتقلين والاحتفاظ بحوالي 20 معتقلا، سبق أن تم نقلهم في الصباح إلى مدينة تيزنيت.

الرابعة بعد الزوال: فتح مداخل ومخارج المدينة في وجه حركة السير.

الخامسة مساءا: رجوع الهدوء إلى المدينة نسبيا وسط توجس وتخوف من كلا الجانبين.

الأحد 08 يونيو: وقفة احتجاجية تم تفريقها بالقوة

الاتنين 09 يونيو: وقفة احتجاجية لتلاميذ المستوى السادس ورفضهم دخول الامتحان فحضر النائب الاقليمي من مدينة تزنيت ليقنعهم بعد حوالي نصف ساعة.

الثلاثاء 10 يونيو: صعود قوات القمع إلى جبل بولعلام لتعقب الفارين.

الأربعاء 11 يونيو: تحت الضغط الاعلامي السلطات تخفيف من مظاهر عسكرة المدينة.

الخميس 12 يونيو: إضراب عام في المدينة، حيث عرفت المدينة حالة شلل وعصيان مدني أربك السلطات على الرغم من حملة المقدمين والقواد لتهديد التجار بفتح دكاكينهم كما عرفت اعتصام في حي بولعلام المطوق من أجل رفع الحصار عنه وهذا ما حدث في المساء حيث نزل العشرات من قوات القمع تحت صفير الساكنة.

الجمعة 13 يونيو: وصول منظمات حقوقية وإذاعات دولية للمدينة مما أرغم القوات على الاختباء خلف جدران المدارس ودور الأطفال.

السبت 14 يونيو: انسحاب نصف القوات إلى خارج المدينة.

الأحد15 يونيو: مظاهرة حاشدة لهيئات حقوقية من خارج المدينة لفك الحصار عنها.

الاثنين16 يونيو: الإفراج عن سبعة معتقلين ومتابعتهم في حالة سراح.

الأربعاء18 يونيو: اختطاف أربعة من مكتب جمعية المعطلين حوالي الرابعة صباحا وخروج قوات القمع من المدينة، فعرف الشارع الافناوي غليانا عبر الناس عنه باعتصام لم يفك إلا بعد إطلاق سراح ثلاثة من المعتقلين.

الخميس 19 يونيو : تقديم إبراهيم بارا إلى النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف في أكادير وإطلاق سراح الثلاثة المعتقلين معه، بتهمة "تكوين وقيادة عصابة إجرامية والتجمهر المسلح والعصيان المدني".

الأحد 22 يونيو : قافلة وطنية إلى سيدي إفني ومسيرة تضامنية شارك فيها زهاء 10 آلاف مواطن ومواطنة من سيدي إفني وأيت باعمران تيزنيت وكلميم وطاطا وطانطان وزاكورة وتارودانت والصويرة ومراكش والرباط وغيرها، كما حضر في القافلة والمسيرة عدد من ضحايا أحداث صفرو وطاطا وغيرها.

الاثنين 23 يونيو : إطلاق حملة 15 ألاف توقيع موجهة إلى الملك قصد تفعلي مطالب الساكنة بالمنطقة.

الثلاثاء 24 يونيو : السكريتارية المحلية سيدي إفني أيت باعمران تقرر "صيام يوم الاثنين الموافق يوم 30 يونيو ، ذكرى استرجاع أيت باعمران حدادا على ما وقع بالمنطقة".
 

 

      ب- إيفني: الجزء الثاني:  يونيو العقابي يخلق غشتا: 

 

         يونيو العقابي لم يثن الأفنويون من مواصلة الاحتجاج على تجاهل مطالبهم الحقوقية ذات الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية، وعلى عدم النظر في ملف المعتقلين في إطار الجزء الأول من الأحداث، إضافة إلى حالة الهلع التي بثتها القوات " الأمنية" في ربوع  المدينة المعروفة تاريخيا بصمودها، أنفتها ومقاومتها، إذ لم يتردد أبناءها في الدخول مجددا في مواجهات مع السلطات، اندلعت ما بين  18 و 21 غشت. 

 

     وحسب التقرير الذي رصد هذه الأحداث فإن المواجهات اشتعلت كرونولوجيا صباح يوم الاثنين 18 غشت:

 

   - 18غشت، صباحا:  شباب يقدر عددهم  بين ثلاثين وأربعين، وضعوا الحجارة في طريق الشاحنات المحملة بالأسماك والمتجهة صوب أكادير، لمنعها من الخروج من المدينة، ولأجل الضغط على المسؤولين لتلبية مطالبهم.

- 18 غشت، مساءا: اندلاع المواجهات في كافة أنحاء المدينة ( حي أمزدوغ- مطار المدينة القديم- منطقة بولغلام والبرابر).

- 19 غشت، صباحا: استمرار المواجهات بين شبا ب المدينة والسلطات " الأمنية"، واتساع رقعة الأحداث لتبلغ حي كولومينة.

- 19 غشت، مساءا: انتداب الشباب الجبال المحيطة بالمدينة مأمنا من وحشية القوات " الأمنية"، التي لاحقتهم لتولي عاجزة عن النيل منهم بين دروب الجبال.

- 20 غشت: القوات " الأمنية" تعسكر المدينة، وتنزل بكثافة في منطقة بولعلام و المطار القديم، مستقرة بالمدارس والثكنات الموجودة بالمدينة، لتندلع المواجهات مجددا بالليل، والتي ستدوم غاية الساعات الأول من يوم الخميس 21 غشت،تاريخ نهاية الجزء الثاني من مواجهات سيدي إيفني.  

 

  2- المقاربة الأمنية: العقاب الجماعي:

 

      ووجهت الاحتجاجات المطلبية السلمية لساكنة سيدي إيفني، خاصة تلك الموقعة في شهر يونيو بقمع شرس ووحشي من قبل القوات " الأمنية" ( قدر عدد أفرادها بأزيد من 4000) ، التي أنزلت بالمدينة، إنسانها و دورها، عقابا جماعيا انتقاميا غبر اقتراف انتهاكات فظيعة وجسيمة تمثلت في حملة اعتقالات عشوائية و بالجملة ( نوردها في باب الاعتقال)، تعذيب المعتقلين و اغتصابهم بواسطة العصي والقوارير، وكل ضروب المعاملات  القاسية والمهينة و الحاطة من الكرامة. إضافة إلى انتهاك حرمة البيوت عن طريق المداهمات وتخريب الأثاث وسرقة الأموال و الحلي، وتعرض أسر المحتجين ( نساء وأطفال) للضرب والتعنيف المادي و المعنوي.

 

    مصرحا أمام البرلمان، برر وزير الداخلية  شكيب بنموسى العقاب الذي أنزل بسيدي إيفني،قائلا: ( إن تدخل الأمن كان ضروريا، و أن هذا التدخل أسفر عن إصابات خفيفة، تحصى في 48 جريحا، أغلبهم من القوات الأمنية، إضافة إلى إحالة 10 فقط للاشتباه في كونهم المحرضين على الإخلال بالنظام)، مؤكدا   أنه (تم إبلاغ الأشخاص الذين يخوضون الاعتصام بعزم القوات العمومية على التدخل، وأنه عوض الرضوخ للأمر الواقع تمادى المحرضون في غيهم، بل دفعوا بأفراد عائلاتهم للنزول إلى الشارع غشية التدخل لثني القوات العمومية عن القيام بعملها و بما يفرضه القانون)، أي قانون هذا الذي يفرض العقاب التعذيب و الاغتصاب و يجرد الناس الحق في المطالبة بالحق؟

 

  أما الوزير الأول المعين عباس الفاسي، فقد نفى في البداية وقوع أي أحداث في سيدي إيفني، في تصريح تلفزي، ( لم تكن هناك أي أحداث في سيدي إيفني نهائيا و بثاثا). و اعتبر الفاسي أنه يمكن أن تكون هناك مطالب من حين لآخر يعلنها المعطلون الباحثون عن شغل، مفسرا الأمر بحرية التعبير التي يحظى بها المغاربة في بلدهم.

 

و بعد أن أنكر الوزير الأول الأحداث، عاد ليعد – وكما هي العادة- ساكنة سيدي إيفني ببرنامج تنموي، في لقاء له  بممثلي السكان و منظمات المجتمع المدني. و حسب البلاغ الصادر عن الوزارة الأولى فإن عباس الفاسي ( أبلغ أثناء لقائه بأهالي آيت تباعمران، عطف و رضا الملك على سكان المنطقة، مؤكدا عناية الملك الموصولة بهذه الربوع العزيزة من وطننا الغالي). لكن الواقع يبرهن بالبيان أن العناية مفصولة، وإلا لما احتج الباعمرانيون على التهميش والإقصاء، ثم متى العناية الخطابية أسمنت من جوع أو أغنت  من جوع؟

 

 

 3- تقارير: 

 

 

    أ- اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق بسيدي إيفني:

 

   عرض التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق البرلمانية في أحداث سيدي إيفني، المشكلة وفقا للفصل 42 من الدستور، خلال الأسبوع الثالث من شهر دجنبر 2008، بعد عقد 176 جلسة استماع، وجمع أزيد من 200 شهادة أدلى بها مسؤولون أمنيون وحكوميون، ومسؤولون محليون وإقليمون وجهويون، وفاعلون اقتصاديون، وحقوقيون، و5 ممثلين محليين للأحزاب السياسية، و8 من عناصر الأمن المشاركة في عملية التدخل في أحداث السبت الأسود، إضافة إلى مسؤول قضائي واحد، و155 مواطنا من سكان مدينة سيدي إفني.

كما جمعت لجنة تقصي الحقائق النيابية 66 شريطا صوتيا، و23 قرصا مدمجا صوتيا، و148 قرصا مدمجا، تحت نظام (دي في دي). كما توصلت بنحو 435 صورة فوتوغرافية، فضلا عن وثائق متعددة، في شكل قوائم وملفات وتقارير، ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وغيرها، بالإضافة إلى 151 شهادة طبية تهم مختلف الأطراف في الأحداث، ونسخ من شكايات موجهة إلى جهات إدارية وقضائية. وعمل أعضاء اللجنة على دراسة كل هذه الوثائق وتصنيفها.

وذكرت اللجنة النيابية لتقصي الحقائق في أحداث سيدي إيفني، أثناء عرض تقريرها النهائي في جلسة عمومية بمجلس النواب، أنه لم يثبت لها وقوع أية حالة قتل أو اغتصاب في هذه الأحداث التي عرفتها المدينة في سابع يونيو الماضي.

وحسب التقرير نفسه، الذي عرض أمام أعضاء من الحكومة، فإن اللجنة النيابية حملت مسؤولية أحداث السبت الأسود إلى السكرتارية المحلية بسيدي إيفني، التي تجاوزت المؤسسات ووظفت المطالب المشروعة للسكان لفرض نفسها، كما ساهمت في تأزيم الأوضاع وتدبيرها خارج القوانين الجاري بها العمل، ما أدى إلى تعريض مصالح المواطنين للأضرار والمدينة لعدم الاستقرار، حسب ما جاء في التقرير نفسه.

وسجلت اللجنة في استنتاجاتها بخصوص الأحداث نفسها، تفريط السلطات العمومية في الحزم المطلوب لفرض احترام القوانين ووضع حد للتجاوزات في الوقت الملائم،
مستنتجة تواتر مظاهر الاحتجاج وحالات الاحتقان المفضية إلى التجاوزات والتي بلغت مداها بمحاصرة الميناء.

وجاء في تقرير اللجنة أن القوات العمومية أثناء القيام بعملها بالميناء وسعت من نطاق تدخلها ليشمل بعض الأحياء بسبب ما اعترض سبيلها من متاريس ورشق كثيف بالحجارة بمدخل المدينة وحي للا مريم وباقي الأحياء في اتجاه الميناء أدى بها إلى تعقب الفارين عبر مختلف الأزقة.

وأضاف التقرير أن تدخلات رجال الأمن والتدخل السريع، أدت إلى إيقاف بعض الفارين وغيرهم من المارة ومن داخل بعض البيوت, وحسب إفادات الشهود الذين استمعت إليهم اللجنة النيابية فإن عملية التدخل أسفرت عن مداهمة عدد من المنازل وتكسير أبواب بعضها, وبعثرة وتكسير أثاث عدد منها, وتكسير عدادات كهربائية لعدد من المنازل, وممارسة العنف ضد عدد من الأشخاص، ذكورا وإناثا، من أعمار مختلفة, وإيقاف عدد من الأشخاص واقتيادهم إلى مفوضية الشرطة بمدينة سيدي إيفنى, والسب والشتم والإهانة في حق عدد كبير من المواطنين, وفقدان هواتف محمولة ومبالغ مالية وحلي أثناء المداهمات.

ورصدت اللجنة نفسها في تقريرها النهائي، حدوث خسائر اقتصادية نتيجة استمرار حصار الميناء وتأجيل التدخل لفكه، حيث تمكنت اللجنة من تقييم الأضرار التي لحقت بالميناء, في ضياع 850 طنا من الأسماك وخسارة مالية تقدر بحوالي 5 ،6 ملايين درهم فضلا عن تأزم وضعية العاملين بالميناء.

أوضح التقرير أن عددا من رجال الأمن والقوات المساعدة تعرضوا للرشق بالحجارة من طرف متظاهرين عند مدخل المدينة حينما كانوا يحاولون إزالة المتاريس من الطريق العام، وأنهم أصيبوا من جراء ذلك بكسور وجروح مختلفة وطالبت اللجنة في توصياتها بمتابعة كل شخص يثبت تجاوزه للقانون سواء من القوات العمومية أو من المواطنين، وبفتح بحث معمق لتحديد المسؤوليات في ما لحق المواطنين وقوات الأمن من تجاوزات. 

 

وقد عبرت العديد من الهيآت الحقوقية عن رفضها لما تضمنه تقرير لجنة التقصي  البرلمانية  حول أحداث افني الذي حمل  مسؤولية الأحداث  لفقراء  وضحايا سياسات التهميش و الإقصاء من ساكنة افني ، نافية حدوث تجاوزات و ممارسات اضطهاد جماعية لساكنة افني من : تحرش جنسي شاد اتجاه المعتقلين و المختطفين  ، تعنيف وتعذيب وحشي وهمجي للمحتجين ، مطاردة للشهود وتعريضهم للمتابعات ، بتحويل المؤسسات التعليمية إلى ثكنات للاستنطاق و الاعتقال ،...مما يدفعنا إلى التأكيد على استمرار الدولة في  طمس الحقائق بخلق لجن تقصي صورية كلما تعلق الأمر بأحداث قمع وترهيب و اضطهاد جماعي للحركات الاحتجاجية السكانية ، تنتهي إلى  إنصاف مؤسسات الدولة وقواتها القمعية بدل متابعة ومساءلة المسئولين المتورطين في التجاوزات .

     

 ب- تقرير المنطمة المغربية لحقوق الإنسان:

 

      تزامن قرار المنظمة بالتقصي في ما وقع من أحدات بسيدي إيفني، بقرار الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بخصوص نفس الموضوع، فتم تشكيل الفريق  بمبادرة من الهيئتين،ليباشر عمله خلال أيام 13 و14 و15 يونيه 2008. والذي يتكون من : آمنة بوعياش:  رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان،ونائبة رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان- محمد النشناش:طبيب مختص، نائب رئيسة المنظمة  - خديجة مروازي: أستادة جامعية، وعضو المجلس الوطني للمنظمة- أحمد شوقي بنيوب: محام، ونائب رئيس سابق للمنظمة - عبد اللطيف أعمو: نقيب سابق بهيئة أكادير وعضو بالمنظمة.

  اعتبر التقرير ما تعرض له الميناء من حصار خرقا واضحا للقانون ولكل ما يتصل به من مقتضيات ذات صلة بالحريات العامة، والتي تضمن التمتع بتلك الحريات بما لا يتعارض مع الإخلال بالنظام العام وبما لا يمس بحقوق الآخرين.  فالتجمهر بالميناء بهدف الحصار قد مس مباشرة بحقوق الآخرين أشخاصا ومؤسسات ومرافق، مما يجعله فعلا مخلا بالقانون وهو ما تثبته الأضرار التي لحقت مختلف تلك الأطراف.

وقد سجل التقرير أحداث سيدي إيفني في خانة  ( سوء المعاملة  و أشكالها المهينة و الحاطة من  بالكرامة الإنسانية  و التي بوشرت خلالها معاملات اتخذت أشكال تندرج في إطار التعذيب)، نافيا وقوع حالات قتلى أو اغتصاب، محملا مسؤولية ما وقع كلا من السلطات " الأمنية" و السكرتارية المحلية للاحتجاج. 

 

  ت- اللجنة الحقوقية الوطنية المشتركة:

 

  انتقلت 14 هيئة حقوقية إلى مدينة سيدي إيفني، من بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، والمرصد المغربي للسجون، وجمعية أطاك، وجمعية عدالة، واستمعت طيلة أربعة أيام إلى مختلف الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والحقوقيين والمواطنين بالمدينة، وأنجزت تقريرا اختلف مضمونه عن تقرير لجنة التقصي النيابية و المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إذ أكدت أنها توصلت إلى وقوع حالات تعذيب وتعنيف و اغتصاب، مارسها رجال الأمن، والتدخل السريع، كما توصل أعضاء اللجنة إلى وقوع حالات اختفاء في صفوف المواطنين، الذين كانوا يوجدون بالميناء، تزامنا مع تدخل القوات الأمنية.

 

و قد خلصت اللجنة المشتركة في تقريرها إلى خلاصات جمة، نذكر منها مايلي :

-ارتباط  أحداث سيدي إبفني أساسا بعدم احترام الدولة المغربية للحقوق المدنية والسيياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والتزاماتها الدولية بما يضمن للمواطنين حقوقهم خاصة الحق في العيش الكريم. 

- عدم تناسب ما استنفرته الدولة من قوات عمومية لفض الاعتصام بالميناء.

- عدم وجود العلاقة بين فض الاعتصام ومداهمة البيوت والاعتداء على الناس في الشارع.

- اقتراف القوات العمومية آلية العقاب الجماعي في حق المواطنين و المواطنات ( بمن فيهم الأطفال والمسنين و المرضى) بأماكن سكناهم  بصفة ممنهجة و ذلك بالأسواط البلاستيكية و بالركل و الرفس بالأحذية، التهديد بالسلاح الناري ( حالة زوجة بارا نموذجا)، واستعمال الرصاص المطاطي و القنابل المسيلة للدموع، ضد بعض المواطنين الذين كانوا يحاولون التقاط صور للانتهاكات المقترفة من قبل القوات العمومية، وقد نتح عن ذلك انتهاكات خطيرة مست بالسلامة البدنية و الحق في الأمان الشخصي، وهو ما يخالف مدونة سلوك الموظفين العموميين المكلفين بتنفيذ القوانين المصادق عليه من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17-12-1999.

- اعتقال النشطاء الحقوقين و الجمعويين اتسم بالتعسف لانتفاء حالة التلبس، و لكونه حدث بعيدا عن مكان الاعتصام.

 

كما سطرت اللجنة توصيات هامة من بينها:

- العمل على فتح الحوار مع ساكنة المدينة وممثليهم قصد الاستجابة لمطالبهم العادلة و المشروعة، و تنفيذا لالتزامات الدولة التنموية تجاه المدينة.

- فتح تحقيق قضائي حول ما جاء في التقرير من انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، والمتمثلة في العقاب الجماعي و التعذيب و الاغتصاب، و كل ضروب المعاملة المهينة و الحاطة من الكرامة.

- جبر الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت ساكنة المدنية، و تقديم اعتذار رسمي لهم.

- تفعيل قانون تجريم التعذيب.

- دسترة و تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب.

- محاسبة الجهات التي أعطت الأوامر و التعليمات التي أعطت الأوامر لارتكاب جريمة العقاب الجماعي بسيدي إيفني.

 

 ثانيا: في باب الاعتقالات و التعذيب و المحاكمات:

 

       1- معتقلو سيدي إيفني:  معتقلو النضال الاجتماعي:

 على خلفية أحداث  سيدي إيفني تم اعتقال  العديد منهم مواطنون ومناضلون،  وهم :

 خديجة بوزيان ( المركز المغربي لحقوق الإنسان) -ابراهيم بارا ( أطاك)- سبع الليل ( المركز المغربي لحقوق الإنسان) -  ابراهيم حربيلي- أحمد بوفايم ( المركز المغربي لحقوق الإنسان) - الطيب عبد القادر- الذهبي عبد الرحمان- الراضي زين العابدين-  الصولجان الهواري- بوري الخطير- عمر أعراب- كريم شارة- محمد الوحداني( المركز المغربي لحقوق الإنسان) - محمد عصام ( المركز المغربي لحقوق الإنسان) – ميلود بوتاكات – عبد المالك الإدريسي- تيزكاغين الحسين- تيزكاغين حسان- بومزوغ الحسين – أحكون أحمد-  حسن أغربي( أطاك) وزكريا الريفي. 

- خديجة بوزيان: حسب بيان صادر عن اللجنة الوطنية المشتركة لتقصي الحقائق في سيدي إيفني، فإن خديجة بوزيان، عضوة مكتب فرع سيدي إيفني للمركز المغربي لحقوق الإنسان، صباح يوم 28 يوليوز 2008 من أمام السجن المحلي بانزكان، عقب زيارتها للمعتقلين السياسيين المتابعين في أحداث إيفني. و تمت إحالتها يوم 29 يوليوز على قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بأكادير، الذي أمر باعتقالها و متابعتها بنفس التهم التي يتابع بها باقي معتقلي إيفني. 

- إبراهيم سبع الليل:  اعتقل ،رئيس فرع المركز المغربي بسيدي إيفني و عضو المكتب الوطني، يوم الجمعة 27 يونيو 2008 من داخل منزله بالرباط ، بعد تنظيم المركز ندوة صحفية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب يوم 26 يونيو حيث عرض تقريره الأولي بخصوص أحداث سيدي إيفني التي " تعرضت إلى هجوم ممنهج  بخلفية انتقامية من طرف المخزن ومداهمة البيوت وتخريبها والسطو على الممتلكات و استهداف النساء و الاعتداء الوحشي عليهن و التحرش الجنسي والاغتصاب، وهي جرائم ضد الإنسانية كما تعرفها الشرعة الدولية للأمم المتحدة و اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب 1984" حسب تقرير حول الاعتقالات التي تعرض لها أعضاء المركز المغربي لحقوق الإنسان.

وقد صدر في حق سبع الليل حكما ابتدائيا في 10 يوليوز، أيد استئنافيا في 26 غشت، بستة أشهر سجنا نافذة وغرامة مالية قدرها 50000.

 - ابراهيم بارا: اعتقلت عناصر من الدستي، إبراهيم بارا الكاتب العام لجمعية أطاك المغرب مجموعة سيدي إفني، رفقة ثلاث من رفاقه أعضاء جمعية أطاك المغرب (خالد بوشرى، إبراهيم ممراح، حسن المومني) يومه الأربعاء 18 يونيو على الساعة الرابعة صباحا . وقد تعرض المعتقلون الأربعة للعنف من قبل أجهزة البوليس خاصة  خالد بوشرى الذي أصيب بجرح غائر في فخده تسبب له في عجز لمدة 15 يوما. وقد تم نقلهم إلى الضابطة القضائية بتزنيت، حيث ألقي بهم في زنزانة مدة 3 ساعات، ليبدأ الاستنطاق الذي كان تتناوب عليه مجموعات من 5 إلى 6 أفراد ، وقد تمحور الاستجواب حول المعركة الأخيرة، وحول دورهم فيها، كما شمل مختلف المحطات النضالية التي شهدتها مدينة إفني منذ سنة 2005 إلى الآن ودور جمعية أطاك فيها، وعلاقة مناضلي أطاك  بالتحركات في إسبانيا، وقد حجزت أجهزة الدستي هواتف المناضلين الأربعة، ونقلتها إلى مدينة أكادير.

 و بعد استكمال الاستنطاق تم إطلاق سراح كل من خالد بوشرى ، إبراهيم ممراح وحسن المومني على الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال واحتفظ بإبراهيم بارا على أساس تقديمه يوم الخميس 19 يونيو أمام أنظار محكمة الاستئناف بأكادير بتهم "تكوين عصابة إجرامية، والعصيان المدني، والتجمهر المسلح".     

- حسن أغربي:  اعتقل من بيته صبيحة يو م 18غشت 2008، وقد تم اقتياده إلى مخفر سيدي إيفني ليتم ترحيله إلى تزنيت. و للإشهرة فإن أغربي هو أمين مال مكتب المجموعة المحلية لأطاك – إيفني.

- زكريا الريفي: اعتقل يوم 29 غشت 2008 ، وقد ورذ اسمه في لائحة المبحوث عنهم، وهو أمين مال الجمعية الوطنية لحملة الشواهد المعطلين فرع إيفني.              

 وقد صدرت في حق مجموعة من المعتقلين السياسيين الباعمرانيين بمحكمة الاستئناف في اكادير يوم 04 نونبر 2008  أحكاما تراوحت بين 6 أشهر و سنة سجنا نافذة:

سنة سجنا نافدة : عمر أعراب  - ميلود بوتكات – ابراهيم حربيلي – عبد الرحمان الذهبي .

ثمانية أشهر سجنا نافدة : مصطفى القصبي – محمد العمراني

ستة أشهر سجنا نافدة : عز الدين امحيل .

ومازال البقية قيد الاعتقال في انتظار محاكمتهم.

 

       2- معتقلو المقدس:  

 

          أ- الشيخ أحمد ناصر: سندان المقدس أهداه إلى الموت: 

           

  لم يشفع له بلوغه من السن عتيا وعجزه أمام مقصلة المقدس. فبينما كان يقضي حكما بالسجن لمدة ثلاثة سنوات نافذة بتهمة " إهانة الملك"، إذا بوفاته تعلن في فبراير 2008 عن عمر يناهز 95 سنة، وذلك بعد أن قضى 6 أشهر من عقوبته الحبسية بزنزانة انفرادية وفي ظروف غير إنسانية بالسجن الفلاحي عين علي مومن بسطات.

      وتعود  وقائع القضية إلى تاريخ 4 شتنبر 2007، عندما كان الراحل ناصر، وهو رجل مقعد يتنقل بواسطة كرسي متحرك، مستقلا حافلة من الدارالبيضاء متجهة صوب مدينة اليوسفية  لزيارة أحد أقربائه. وفي الطريق إلى اليوسفية سيتم إنزاله من الحافلة من طرف رجال الدرك بعد وشاية شرطي كان مستقلا الحافلة ذاتها، حيث ادعى أن الشيخ ناصر تلفظ بكلمات نابية في حق الملك. وبعد يومين من اعتقاله، أي في 6 شتنبر حوكم الشيخ في غياب الدفاع.

   وقد أكد ابن الراحل، امبارك ناصر، إطار في أكاديمية التربية الوطنية بسطات، أنه و عائلته يجهلون طبيعة التهمة الموجهة لوالده، لأن جلسة المحاكمة لم تكن علنية، ولم تحضرها حتى زوجته وأبناؤه، مشيرا أن والده رجل كهل، كان يعاني من اضطرابات نفسية، وسبق أن كان نزيلا بمستشفى الأمراض العقلية ببرشيد. بل إن العائلة لم تعلم باعتقال والدها من طرف درك اليوسفية، بل غبر بعض الأصدقاء.

ولا تتردد الغائلة في تحميل السلطات اعمومية و القضاء وفاة والدها نتيجة الإهمال الذي لقيه في السجن، فالرجل كان مقعدا طريح الفراش، و لا يقوى على التنقل إلى المرحاض، و لهذا كان يقضي حاجته في ملابسه في غياب مطلق لأي رعاية طبية.

 

ب- فؤاد مرتضى: من بروفايل فيسبوك إلى بروفايل معتقل:

 

 اعتقل فؤاد مرتضى، مهندس دولة متخصص في الهندسة المنطقية / 27 سنة، في مطلع فبراير2008 بتهمة انتحاله صفة شخصي سامية تمثلت في شخصية " الأمير رشيد" على موقع الفيس بوك، وقضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في 22 فبراير بسجنه 3 سنوات و بأداء غرامة حددت في 10 آلاف درهما. وقد أكدت عائلته ومحاميه أن فؤاد تعرض للضرب و الشتم والمعاملة القاسية والمهينة أثناء التحقيق معه.

وقد اتهم محضر الضابطة القضائية، المحرر بتاريخ8-2-2008، فؤاد بالكبت و الانطواء، وحسبما ورد فيه( الماثل أمامكم و نظرا لاهتمامه بالدراسة و خجله خصوصا اتجاه الجنس الأنثوي، فقد تولدت لديه كبت دفين خصوصا انه لم يسبق له أن اقام أية علاقة جنسية أو عاطفية مع أية فتاة مما جعله يحس بالحسرة والدونية اتجاه الجنس الأخر و أصبح انطوائيا على نفسه. 

وللحد من مأساته النفسية قام المعني بالأمر بتاريخ: 21-10-2007 بالاشتراك عبر شبكة الانترنيت في موقع الفيس بوك الخاص بنشر البطاقات الشخصية وذلك من أجل التواصل و البحث عن أصدقاء جدد من الجنس الأنثوي، لكنه لم يستطع نسج أية علاقة تذكر وبقيت محاولاته بدون جدوى، مما أدى به إلى الإحساس بالخجل و الحسرة، وهذا ما دفعه إلى التفكير في طريقة أخرى تمثلت في انتحال شخصية رائدة، حتى يتمكن من استمالة مستعملي هذا الموقع خاصة من الجنس الأنثوي).

 

وقضية فؤاد مرتضى التي باتت تعرف ب"أمير الفيس بوك"، لقيت تضامنا عالميا حيث نظمت وقفات احتجاجية في كل من الرباط و أمام السفارات و القنصليات المغربية في العديد من العواصم العالمية ( مدريد- لندن- امستردام- مونتريال- واشنطن- بروكسيل). وبعد أن أمضى 43 يوما من عقوبته الحبسية، تم إطلاق سراحه بعد صدور عفو ملكي، و ذلك يوم 18 مارس2008.

 

ت- المدون محمد الراجي: الاتكال و الاعتقال:

 

    " الملك يشجع الشعب على الاتكال" عنوان مقال أدى بكاتبه إلى صفحات الاعتقال عبر تهمة "المس بالمقدسات" في صيغة " الإخلال بالاحترام الواجب للملك".

اعتقل المدون محمد الراجي يوم 4 شتنبر2008، و حوكم  يوم 8 شتنبر بالسجن لمدة عامين و غرامة مالية قدرها 5000 درهم. و لم يستمع لمحاميه حتى تاريخ 16 شتنبر/ أي بعد مرور 12 يوما على اعتقاله، و8 أيام على صدور الحكم في حقه. بينما تنص المادة 72 من قانون الصحافة  على ضرورة احترام فترة 15 يوما بين فتح الملف القضائي و الجلسة الأولى من المحاكمة. و نظرا للعيب الذي لحق مسطرة المتابعة و الحكم فقد أفرج عن الراجي بالقرار الصادر يوم 18 شتنبر 2008 عن محكمة الاستئناف بأكادير و القاضي بتبرئة المدون " لعيب في الشكل". 

 

ث- التلميذ ياسين بلعسل: " الله، الوطن،البارسا":

 

  ومن العشق ما اعتقل. ولع التلميذ ياسين بلعسل ( 18 سنة)، بفريق برشلونة الاسباني دفعه إلى تبني شعار " الله، الوطن، البارسا"، الأمر الذي جره من مدرجات التشجيع إلى دهاليز الاعتقال، بتهمة أن شعاره الكروي يجسد " إخلالا بالاحترام الواجب للملك"، على خلفية تحريف الشعار الوطني ل"المملكة"

 (رمز المقدسات).

وقد اعتقل في أكتوبر 2008 بمراكش، وحكم عليه ب 18 شهرا سجنا نافذة، في ظروف شديدة الاستعجال و في غياب تام لأي محام للدفاع عنه.  و بعد أن قضى مدة 33 ، في زنزانة ضمت 91 سجينا حسب شهادة محمد الغلوسي نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش، أفرج عنه بطلب من محام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

 

  ج- محمد الهورو:

 

أيدت محكمة الاستئناف بتازة، يوم 6 غشت 2008، الحكم الصادر ابتدائيا، في حق محمد الهورو، موظف جماعي بتاهلة، متابع بتهمة المس بالمقدسات. والحكم المؤيد هو 8 أشهرا نافذة.

 

       3- المعتقلون الستة في ملف بلعيرج:     

 

           إثر الإعلان عن تفكيك ما سمي ب " شبكة بلعيرج" أواسط شهر فبراير 2008، تم اعتقال 35 متهما، من بينهم من باتوا يعرفون بالمعتقلين السياسيين الستة، الذين تم اعتقالهم  بتاريخ 18 و19 فبراير 2008، وهم:
- محمد المرواني: أمين عام حزب الأمة،
- المصطفى المعتصم: أمين عام حزب البديل الحضاري،
- محمد الأمين الركالة: الناطق باسم حزب البديل الحضاري،
- عبد الحفيظ السريتي: مراسل قناة المنار بالرباط،
- العبادلة ماء العينين: عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية،
- حميد ناجيبي: عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد.

 

   وجاءت هذه الاعتقالات بعد يوم واحد من انتهاء أشغال المجلس الوطني لحزب البديل الحضاري  الذي شارك، كحزب قانوني، في الانتخابات التشريعية، لكن وبعد واقعة الاعتقال، وقبل متابعة المعتقلين من قبل النيابة العامة، أصدر الوزير الأول مرسوما يقضي بحل الحزب وفقا للمادة 57 من قانون الأحزاب المغربية.

 و بتاريخ 20 فبراير 2008، وفي خرق لسرية التحقيق، بل حتى قبل استكماله، نظم وزير الداخلية المغربي مؤتمرا صحفيا وجه فيه لائحة من التهم الخطيرة ضد المعتقلين الستة، اشتملت ما يلي: " المس بسلامة وبأمن الدولة الداخلي- تكوين عصابة إجرامية لإعداد و ارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف المس الخطير بالنظام العام بواسطة الترهيب والعنف و القتل العمد و محاولة  القتل بواسطة أسلحة نارية مع سبق الإصرار و الترصد و نقل و حيازة أسلحة نارية و ذخيرة بغرض استعمالها في تنفيذ مخططات إرهابية و تزييف و تزوير وثائق رسمية و انتحال هوية و جمع أموال و ممتلكات و قيم منقولة بنية استغلالها في تنفيذ مشاريع إرهابية و تعدد السرقات و تبييض الأموال".  

  و بعد اعتقال دام أشهرا، تم تقديم المعتقلين للمحاكمة في أكتوبر 2008، وقد طالب محاموهم بإطلاق سراح المعتقلين مؤقتا، نظرا لتوفر كافة شروط السراح الشرطي، المتمثلة في:

           - المتهم عديم السوابق،

-          مستعد للمثول قضائيا في أي وقت،

-          مستعد لدفع كفالة مادية أو معنوية،

-          معيل لأسرة وأطفال قّصر،

-          أنهى مرحلة الاعتقال والاستجواب،

-          من حقه قرينة البراءة الدستورية والقانونية،

-          لا يتسبب الإفراج عنه في عرقلة الإجراءات المسطرية،

-          لا يشكل الإفراج المؤقت أي خطر على الأمن العام، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات عامة.

و قد وجه محامو الدفاع انتقادات لظروف التوقيف والاعتقال وأخذ التصريحات تحت الإكراه، وتعرض المعتقلين للقمع والقهر والمعاملة غير الإنسانية أو اللائقة. وللإشارة فإن قاضي التحقيق رفض، إبان الأشهر الأولى للقضية، تمكين هيأة الدفاع من الحصول على نسخ محاضر الملف ضدا على ما جرت به العادة. و هو الأمر الذي يعد مساسا بسيادة القانون و فضيحة تمس سمعة القضاء، السمعة المهترئة أصلا بأفعال الرشوة والتزوير و استلام الأوامر.

    و في 6 نونبر ، ومن مقر اعتقالهم بسجن سلا، وجه المعتقلون الستة رسالة إلى باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انتحابه، ومن بين  سطور الرسالة:

 (  بسم الله الرحمن الرحيم

السيد بارك أوباما المحترم
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المنتخب

بتاريخ 4 نونبر 2008، اختاركم الشعب الأمريكي رئيسا اختاركم الشعب الأمريكي رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، وكان فوزكم تاريخيا من حيث نسبة المشاركة، ومن حيث الفارق مع منافسكم   الجمهوري. (...)
السيد الرئيس:
بمناسبة انتخابكم رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، آثرنا نحن مجموعة من المعتقلين السياسيين بالمغرب،  أن نراسلكم مقدرين لكم ما عرف عنكم من حسن الاستماع والإنصات حتى لمن خالفكم الرأي ،

آملين في نفس الآن الحصول على رد من جانبكم حول مضمون هذه المراسلة.

ربما قد تستغربون، بل لربما قد تتساءلون: لماذا حرصنا على مراسلتكم؟ والجواب:

أولا، لأن الولايات المتحدة الأمريكية فاعل أساسي ومؤثر على الساحة الدولية، وسياساتها إما أن تكون صالحة وعادلة فيستفيد العالم وشعوبه منها، وإما أن تكون فاسدة وظالمة فيتضرر العالم وشعوبه منها، وبالتالي فنحن معنيون بسياساتكم، إنها تؤثر فينا كما تؤثر فيكم، ، ويهمنا بالنتيجة أن تكون سياسات صالحة وعادلة لأنها ستختصر المسافات أمام العالم لتحقيق الاستقرار والأمن والعدالة والرخاء والسلام.)

 

واعتبرت منظمات حقوقية اجتمعت في كييف شهر أبريل 2008، إقحام مسؤولين في أحزاب  سياسية مرخص لها، و اعتقتالها و محاكمتها في إطار ملف حامل لتهمة الإرهاب، مسا خطيرا بمنظومة الحريات السياسية بالمغرب. كما أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تضامنها مع المعتقلين السياسيين الستة، إذ عدت إقحامهم في ملف خلية بلعيرج "تعسفا".

  

4- معتقلو بومالن دادس:

 

    في  السادس من شهر يناير 2008  احتج أهالي بومالن دادس على فقرهم و أوضاعهم المزرية و تهميش منطقتهم. ولأن جوعهم صرخ من أجل البقاء و بحثا عن صدى ، أتاهم الجواب على صراط الاعتقال، حيث تم اعتقال عشرة اعتبروا الرؤوس المدبرة والمحرضة على الاحتجاج، وهكذا أدين في نهاية شهر فبراير المعتقلون بأحكام بلغ مجموعها 34 سنة نافذة:

- 6 سنوات: يونس أودالي، تلميذ  بالأولى باكالوريا.

- 4 سنوات: آيت سعيد مولاي ابراهيم – ميمون شوقي- مصطفى الوردي- عبد الناصرالشريف- مصطفى أطيل- الحسن أوباعلي.

- سنتان: القاصر نورالدين الدجيك.

- سنة واحدة: آيت حساين محمد- اوروزان ابراهيم ( ذو الجنسيةالكندية).

 

أما التهم التي وجهت إليهم فتتجسم في ما هو آت:  إهانة علم المملكة ورموزها- التجمهر المسلح في طريق عمومي- العصيان- إهانة الموظفين العموميين و الاعتداء عليهم أثناء قيامهم بعملهم- إلحاق خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير- غرقلة المرور في طريق عام و مضايقته. 

 

وفي نهاية شهر مارس مثلوا مجددا أمام القضاء، ليحكم عليهم نهائيا يوم 12 ماي 2008 في غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بورزازات:

 - ببراءة اثنين من المنسوب إليهم ، وهم: اوروزان إبراهيم ذو الجنسية المغربية الكندية و المحكوم ابتدائيا بسنة سجنا نافذة - ايت حساين محمد مهاجر بفرنسا المحكوم ابتدائيا بسنة سجنا نافذا.
فيما أدين بقية المتهمين الثمانية ب أربعة أشهر نافذة مع غرامة 1000 درهم لكل واحد، وهم:
- ايت سعيد مولاي إبرهيم- ميمون شوقي -مصطفى الوردي- عبد الناصر الشريف- مصطفى أطيل- الحسن أوبا علي- القاصر نورالدين الدجيك.

 

5- معتقلو وجدة ( بوعرفة- جررادة- بني مطهر):

 

   هم ثلاثة من حملة الشهادات المعطلين، اعتقلوا يوم 28 ماي 2008 في إطار وقفة احتجاجية سلمية دعا إليها فرع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات بالمغرب، وأودعوا سجن وجدة بعد الحكم عليهم اسئنافيا يوم 30 يونيو، ليتم ترحيلهم بعيدا عن عائلاتهم إلى سجن بوعرفة يوم 21 يوليوز. وتراوحت الأحكام بين 5 و 7 أشهر نافذة جراء مطالبتهم بحقهم في الشغل.

 

  أما المعتقلون فهم:

 

- أنس السليماني ( 1982 تاونات): السنة الثانية علوم اقتصادية بجامعة محمد الأول بوجدة- حاصل على دبلوم تقني متخصص في صيانة الأنظمة التلقائية 2006- رئيس الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين/ فرع بني مطهر- عضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

- محمد الفازيقي ( 28 – 10- 1978 بجرادة): حاصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الاول بوجدة- عضو الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين/ فرع جرادة- عضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

      سبق وأن اعتقل سنة 1997 حين كان مناضلا بالحركة التلاميذية عقب الأحداث التي عرفتها جرادة، و في سنة 2005 ضمن الحركة النضالية بالجامعة حيث قضى شهرين بالسجن المدني بوجدة.

- سعيد المرزوقي (9 – 1- 1972): حاصل على الإجازة في القانون العام سنة 1999 بجامعة محمد الأول بوجدة- حاصل على دبلوم تقني في الكهرباء سنة 1997 من المعهد العالي للتكنولوجيا ببركان- رئيس الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين/ فرع جرادة- عضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

   تاريخ اعتقالاته:

أبريل 1994: مع الحركة التلاميذية.

أبريل 2006: مع العمال المطرودين من شركة مناجم  جرادة.

دجنبر 2006: تم اعتقاله إثر توزيع نداء من أجل مناهضة غلاء المعيشة.

دجنبر 2007: الحكم في حالة سراح بالسجن لمدة شهر مع غرامة 500 درهم بتهم التجمهر والتظاهر.

 

   6- اعتقالات طلابية:  ملفات مطلبية  تستحيل اعتقالا:  

 

          أ- طلبة مراكش:

 

            " توفير الكراسي والطاولات في خزانة الحي الجامعي، تغيير الأسرة والصنابير وإصلاح الدوشات، فتح المطعم الجامعي في وجه الطلاب عموما مع الحرص على نظافته و إلغاء ما يسمى بالقرعة، فتح المطعم الجامعي أيام السبت و الأحد، توفير الكتب والمراجع في خزانة الكليات و الحي الجامعي، الزيادة في عدد الأطر من داخل الكليات، إلغاء النقطة الموجبة للسقوط ، عدم إجبار الطلبة  على شراء الكتب، فتح تحقيق لمعرفة المسؤول عن تأخير صرف المنح، رفع العسكرة عن الجامعة المغربية،...، فتح قنوات الحوار مع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب".

 

       ولأنه لم يكن هناك حوار بخصوص هذه المطالب البسيطة والمشروعة، آثر الطلبة المقاطعة الشاملة للدروس و الامتحانات مدة تزيد عن 3 ثلاثة أشهر، إلى أن قرروا القيام بمسيرة طلابية يوم 14 ماي 2008، مسيرة شارك فيها أزيد من 600  طالب و طالبة، احتجاجا على الأوضاع المزرية التي يعيشونها كطلبة، ليفاجأوا أثناء سريان مسيرتهم بهجوم همجي للقوات العمومية عليهم،  سيصمد الطلبة وسيقاومون، لكن الهجوم  كان وحشيا نجم عنه إسقاط طالبين من الطابق الرابع ( أحدهما توفي والثاني يعاني من كسور عميقة في كافة أنحاء جسده)، و اعتقال أزيد من 300 طالب و طالبة، منهم من أشبعوه ضربا وأخلوا سبيله في الطريق إلى المخفر و بين من و طأ أرضيته، ونال قسطه من التعذيب و أطلقوا سراحه، و من استنطقوه إلى أن أبقوا في اليوم الأول ( 14 ماي) على 7 طلبة قيد الاعتقال.

 

وفي صباح اليوم الموالي ( 15 ماي)، التحق الطلاب بكلياتهم بمناقشة ما وقع، والتأكيد في الاستمرار في المقاطعة، لتهاجمهم القوات "الأمنية" مجددا، معتقلة 11 طالبا كلهم مناضلون بتنظيم النهج القاعدي. ليصل بذلك عدد المعتقلين إلى 18 معتقلا بسجن بولمهارز بمراكش، و هم:

 

 

الوضعية الحالية

الإحالة

مكان الاعتقال

تاريخ الاعتقال

مكان الازدياد

تاريخ الازدياد

الاسم الكامل

 

الاعتقال الاحتياطي وقيد المحاكمة

غرفة الجنايات

قرب الكلية

15-5-2008

زاكورة

28-11-1987

زهور بودكور

//

//

//

//

ميسور

21-8-1979

 

مراد الشويني

//

//

//

//

شفشاون

21-4-1984

عثمان الشويني

//

//

//

//

ورزازات

9-5-1983

محمد جميلي

//

//

//

//

زاكورة

...

يوسف العلوي

//

//

//

//

زاكورة

29-6-1986

عبد الله الراشيدي

//

//

//

//

قلعة السراغنة

1-1-1984

خالد مفتاح

//

//

//

//

سيدي رحال

1980

محمد العربي جدي

//

//

//

//

زاكورة

7-3-1987

علاء الدربالي

//

//

//

//

قلعة السراغنة

5-7-1983

جلال القطبي

معتقل/ في 12-8-2008تأكد الحكم الابتدائي: سنة سجنا نافذة و غرامة مالية قدرها1500 درهم

                 المحكمة الابتدائية

الحي الجامعي

14 –5-2008

قلعة السراغنة

1-1-1985

 

يونس السالمي

//

//

//

//

زاكورة

1-6-1983

حفيظ الحفيظي

//

//

//

//

 

 

رضوان الزبيري

//

//

//

//

 

 

زاكورة

21

-3-1988

احساين ناصر

//

//

//

//

سيدي بنور

24-5-1987

هشام الادريسي

//

//

//

//

سيدي بنور

 

1-1-1986

محمد    

الادريسي

//

//

//

//

الصويرة

 

 

1988

منصور أغريد

 

 

 

ومنذ أول لحظة على اعتقالهم، أذيقوا كافة تلاوين التعذيب، والمعاملة القاسية والحاطة من الكرامة، وليس أصدق من الجراح شاهدة على دماء عذابها وصمودها: ( نورد بعضها):

 

   - زهرة بودكور ( أصغر معتقلة سياسية): " حين رفضت الإقرار، جردوني من  ملابسي كليا و تركوني عارية ووضعوني في  قبو، وبدأوا الإرهاب النفسي ، في كل مرة يدخل أحدهم و ويهددني ثم يرحل، بقيت على هذا الوضع حتى الصباح دون نوم .

 تعرضت للتعذيب أنا ورفاقي لمدة 5 أيام ، على مدار 24 ساعة ، ليل نهار ، بدون أكل ولا شرب ولا نوم، أين إذن الاختلاف بين كوميسارية جامع الفنا ودرب مولاي الشريف ، ذاك الشيء اللي سمعناه في جلسات الاستماع العمومية لضحايا زمن الرصاص عشناه  بكل تفاصيله ، لم يختلف غير الزمن .. وزمن الرصاص مازال ولم يبرح مكانه.  معذبونا كانوا كثرا ، و أنا في أغلب حصص التعذيب كنت معصبة العينين و لكن الأصوات التي كنت أسمع كانت كثيرة، وفي حصص التعذيب اللي حيدوا لي البانضة : مرة كانوا 11 رجل ، و مرة 7 ، و مرة 4 أشخاص ، بالإضافة إلى هؤلاء الذين أتوني في الليلة الاخيرة  : كانوا يرتدون طقما، و ضربوني بعنف و بشكل متواصل على بطني برجليهم وعلى فخذي بالإضافة ضربي وصفعي من قبل الحراس، وقد أخذني أحدهم إلى المكان الذي يضعوني به حين يعذبوا أحد الرفاق، هذا الجلاد شنقني حتى أغمي علي، وبقيت أصرخ".

 

صرخات زهرة اخترقت عتمة القضبان، لتقع في الآذان صبح نضال مستمر، ذلك كما جاء في رسالة

 " خالد الجامعي" إليها ( عندما قبلت بأن تخسري كل شيء حتى حياتك، ربحت الحرية الحقيقية التي تحرم معذبيك من أي سلطة عليك. عندما قبلت بأن تموتي، فضحت جلاديك، عراة، و نزعت أقنعتهم وكشفت حقيقتهم. "رجال صغار"، كما كان يسميهم ويليام رايش).

 

- مراد الشويني ( رقم الاعتقال 94603): " ...وحين بدأ التحقيق، ابتدأت جولات التعذيب، في الأول ضرب بالعصي و الأيدي، والركل بالأرجل، وحين لم يأت هذا الضرب بما يريدونه، مددوني على بطني و أخذ احدهم يداي المقيدتان و رفعهما إلى أعلى، ووضع رجليه على ظهري، و رفع يدي بقوة حتى صارت في وضع زاوية قائمة مع ظهري، و حين كنت اصرخ بصوت عال، وضعوا خرقة قذرة في فمي،(...)،  و بعد ان رفضت إخبارهم بأي شيء، هددوا باغتصابي، ثم باغتصاب أخي أمام عيني، ثم احضروه وهددوا بإرغامي على اغتصابه، بعدها أخرجوه من الغرفة، وانهالوا علي بالركل والضرب و الرفس على الرأس والظهر و الفخذين و الساقين، ثم هددوني بالكهرباء و بالاغتصاب و ب " الفلاقا"...".

 

-  علاء الدربالي: ( رقم الاعتقال 94601): " (...). عندها سأجد نفسي جراء ضربة احد الأشخاص مرميا على بطني، وهناك بدأ ما هو أفظع من تعذيب نفسي من قبيل ( القرعة و التهديد بالاغتصاب...)، والتعذيب الجسدي من قبيل( الطيارة، الضرب بالعصي و الأرجل و الأيدي، الجر على الأرض مجردا من ملابسي، وإلى ما ذلك من تهديد بالكهرباء)،(...)، وفيما نحن في رحاب الشرطة القضائية تم تركنا أزيد من 3 أيام ونصف بالجوع و البرد مكبلين بالقيود معزولين بشكل فظيع في زنزانة مقرفة لا تصلح حتى أن تكون غرفة للمهملات لا للبشر."

 

وقد خاض المعتقلون، شهر يونيو، إضرابا عن الطعام دام 46 يوما، إلى أن باتت حالتهم الصحية تنذر بولوجهم مرحلة الخطر، الأمر الذي استدعى لجوء عائلاتهم معية الهيئة الوطنية للتضامن مع الطلبة المعتقلين في مراكش إلى مقابلة " أحمد حرزني" رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بغية تدخله لإيقاف إضراب الطلبة عن الطعام، والنظر في ملفهم المطلبي، لكن السيد حرزني أدان الطلبة قبل أن ينطق القضاء كلمته، واعتبرهم مسؤولين عن قرار الإضراب عن الطعام و عن نتائحه الموت/ الانتحار. وقد أدانت حركة العائلات و الهيئة الوطنية للتضامن مع الطلبة المعتقلين في مراكش، اسلوب حرزني، في بيان استنكاري، بتاريخ 24-7-2008، ضم تفاصيل الحوار/ اللاحوار مع  حرزني:

 

(بداية احتج الرئيس على لجنة الحوار بخصوص تنظيم الوقفة الاحتجاجية أمام المجلس موازاة مع اللقاء،  واعتبرها ضعطا عليه ،ثم أخذ موقع القضاء حيث أدان المعتقلين من خلال قوله للعائلات: إن أبنائكم قاموا بأفعال إجرامية خطيرة تمثلت في إضرام النار في الحي الجامعي، غلق الكليات بالسلاسل، ومحاولة القتل.

العائلات: إن أبنائنا أبرياء، وان من قام بإضرام النار كان هدفه هو إخفاء جريمة الاختلاسات خصوصا وأن المجلس الأعلى للحسابات كان بصدد إجراء التحقيق في ميزانية الحي الجامعي، إضافة إلى أن هناك من اعتقل قبل إضرام النار ورغم ذلك لفقت له هذه التهمة وأدين بسببها بسنة سجنا نافذة و1500 درهم غرامة مالية.

حرزني: ما هي دلائلكم على براءة أبناكم؟

العائلات: ما هو دليلك على إدانتك لأبنائنا؟ ونحن كعائلات جئنا إلى الرباط من اجل عقد لقاءات مع المسؤولين بهدف إنقاذ حياة أبنائنا، وبخصوص المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان فإننا نطالبه بـــ:

ـ إرسال لجنة وطنية لمعاينة الحالة الصحية للطلبة المعتقلين ماداموا محرومين من التطبيب وممرض السجن يكتفي بمعاينتهم دون أجهزة طبية ودون دواء.

ـ إرسال وفد عن المجلس لزيارة المعتقلين والوقوف على أوضاع الطلبة المضربين والذين يعيشون ظروفا مزرية جدا والمتمثلة في:

الزج بهم داخل زنازن مكتظة بسجناء الحق العام.

انعدام النظافة حيث انتشار القمل داخل العنابر والأمراض الجلدية إضافة إلى آثار التدخين السلبي للمخدرات.

حرمانهم من الخزانة والإعلام والتطبيب..

حرزني: هذه المطالب ليست من اختصاصي ونحن قمنا ب 50 زيارة للسجون المغربية وهذا الواقع نعرفه فانتشار القمل والمخدرات داخل السجن كل المغاربة يعرفونه، أما الحل الذي املكه أنا هو أن تتدخلوا كعائلات لدى أبنائكم من اجل توقيف الإضراب عن الطعام وبما أنكم تقولون أن أبنائكم أبرياء فيجب أن تعملوا ونحن معكم على تحقيق محاكمة عادلة، أما فيما يخص عزلهم عن معتقلي الحق العام، فلا يمكن تحقيق التجميع والعزل قبل ان يقول القضاء كلمته ومادام لم يصدر حكم من المحكمة فأبنائكم قاموا بأفعال إجرامية وهم الآن مجرمين إلى حدود أن يبرأهم القضاء وإظهار براءتهم.

العائلات: ماذا ستقدمون كمجلس استشاري لحقوق الإنسان بخصوص الإضراب عن الطعام؟

حرزني: أول خطوة هي إيقاف الإضراب عن الطعام، ثم بعد ذلك ننتظر القضاء ليقول كلمته.

العائلات: " منضيعوش 41 يوم من حياة أبناءنا بلا تحقيق اية مطالب ولا حتى فتح الحوار معهم".

حرزني: الإضراب عن الطعام طريق انتحاري.وإذا مات أحدهم فهم من اختاروا الموت بإرادتهم.

العائلات : هل المجلس الاستشاري لا يستطيع تقديم أي شيء لأبنائنا المقبلين على الموت؟

حرزني: لا يمكن للمجلس أن يتدخل في هذه المطالب

العائلات: إذا كانت فيكم شيء من الانسانية رحموا غير هاد الامهات

حرزني: مستهزءا نحن مافيناش الانسانية.

عضو الهيئة الوطنية : إن مات أحدهم فتحملوا مسؤوليتكم.

حرزني، أنا أتحمل مسؤوليتي.

العائلات: وإذن انتم تغلقون باب الحوار هل تقول لي حضري الكفن لأخيك؟

حرزني: إذا ماتوا فهم من اختاروا ذلك

" j’assume mes responsabilité s أنا أتحمل مسؤولياتي").

وبينما  أبدى السيد حرزني استعداده تحمل مسؤولية وفاة الطلبة دون إنسانية، أبدت منظمة العفو الدولية، في غشت 2008 عبر تقرير لها حول ملف اعتقال وتعذيب طلبة مراكش ، قلقها من ناحية حول حالات الطلبة الذين تعرضوا للاعتقال، و من ناحية أخرى بشأن احتمال اعتقال الطلبة على خلفية نشاطهم السياسي، و مطالبهم الطلابية. كما دعت السلطات المغربية إلى فتح التحقيق في التهم و التعذيب، و الحرص على تمتيع المعتقلين بضمانات المحاكمة العادلة للمعتقلين. و لكن كيف و متى حقق الجلاد فيما تصنع سياطه؟ .

  

     ب- طلبة أكادير:

 

         في 25-11-2008 تم اقتحام  كلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكاديرمن قبل القوات "الأمنية"  ،  حيث  تم اعتقال حوالي عشرة طلبة مناضلين في صفوف الحركة الطلابية ( 5 من الطلبة الثوريين

 " التروتسكيين"، و 4 من الطلبة القاعديين " البرنامج المحلي"). و الطلبة المعتقلون هم ( مبارك الكمري- حسن جاكور- نور الدين عبد الوهاب- أحمد...- ابراهيم...- سعيد اولجديد- محمد منار- كمال بوتباغا- يوسف بورحيوي).

 

         وأفاد البيان المنبئ بخبر اعتقال طلبة أكادير أن ( قوات القمع السرية تتواجد بشكل ظاهر و ملفت داخل الكلية حيث تستنفر الطلاب عن المناضلين الذين تتوفر على صورهم بشكل فردي).

 

    ت – طلبة طنجة:

 

           بدورهم خاض طلبة طنجة مجموعة احتجاجات في إطار التنظيم الطلابي " أوطم"، للمطالبة بفتح حوار جدي  و مسؤول حول مطالبهم، احتجاجات قوبلت بمرابطة  أجهزة " الأمن" داخل الحرم الجامعي، وترعيب الطالبات  والطلبة، واستفزازهم و ملاحقتهم و اعتقالهم، وتقديمهم للمحاكمة، من بينهم حالة الطالب عمران النافعي الذي  اعتقل من منزله يوم الخميس 25 دجنبر 2008، وقد حضر الطلبة بقوة يوم الجمعة 26 دجنبر أمام المحكمة لمؤازرة المعتقلين.  

 

         وقد سجلت حالة اختطاف عمر بنعلي، طالب بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، من قبل أشخاص مجهولين يرتدون زيا مدنيا يوم 24 دجنبر- حسب شهود عيان الواقعة و البيان الراوي للواقعة-، وعلى الساعة  الرابعة من ذات  اليوم تم تقديمه إلى وكيل الملك في حالة اعتقال بملف جاهز أرجعه وكيل الملك  إلى الشرطة القضائية. ليتم إطلاق سراحه مساء الجمعة 26 دجنبر.  

 

 

 

   ث – طلبة تازة:

 

      اعتقلوا على خلفية نشاطهم النقابي و انتماءهم إلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهم محمد فوزي لمقدمي المحكوم بثلاثة أشهر سجنا نافذة، و جادة بوبكر الذي اعتقل يوم 23-7-2008، تم تحويله مباشرة إلى السجن المدني بتازة يوم 26 يوليوز، بعد مكوثه 3 أيام بمخفر الشرطة، ليتم عرضه على قاض التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتازة يوم 6 غشت 2008، ثم 13 غشت، و 27 غشت و 3 شتنبر ليحكم بستة أشهر.

 

  ج- طلبة مكناس:

 

      وهم اسماعيل هاشيمي- عبد العالي باحماد- لخضر جواد- الهواري محمد- لحسن هرشو- منير القرشي، وقد اعتقلوا إثر مقاطعة الامتحانات يوم 13 يونيو 2008، وملفهم قيد المحاكمة.

 

      وقد نددت بعض الهيآت الحقوقية الوطنية والدولية باعتقال الطلبة وتعذيبهم بسبب مطالبهم أو انتماءاتهم السياسية، أو في إطار تنظيم مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، كتلك التي نظمها طلبة جامغة القاضي عياض بمراكش نهاية شهر دجنبر 2008، وتم قمعها بشدة من طرق قوات"الأمن"، قمع أودى بحياة الطالب عبد الرزاق الكاديري.

 

   7- المعتقلون الإسلاميون: الفرار من جحيم السجن

 

       يقدر عدد المعتقلين الإسلاميين في السجون المغربية بأكثر من 900 معتقلا، موزعين على الخريطة السجنية بالمغرب. وقد سجلت سنة 2008،إعلان حوالي  267 معتقلا في 14 سجنا، دخولهم في حالة إضراب عن الطعام غير محدد المدة، حيث أعلن ولوج 56 منهم مستويات الخطر. وهناك من المضربين من بلغت مدة إضرابهم 60 يوما، احتجاجا على الأوضاع القاسية بالسجن و المعاملة المهينة لهم ولعائلاتهم أثناء زيارتهم، و ترحيلهم إلى سجون بعيدة عن عائلاتهم.

 

كما سجلت السنة حدث هروب 9 سجناء إسلاميين مجكومين بمدد طويلة  في إطار أحداث البيضاء 2003، من سجن القنيطرة غبر نفق تم حفره – حسب رواية السلطات-.

 

8- معتقلو الحركة الأمازيغية: أحكام قاسية

 

   أصدرت الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف بمكناس يوم 16-10-2008، أحكاما قاسية في حق معتقلي الحركة الأمازيغية، الذين تم اعتقالهم في 22 ماي 2007، بلغت 12 سنة سجنا نافذا: 

- 12 سنة: مصطفى اوساي – حميد أودوش.

- سنة واحدة: يوسف آيت الباشا- يونس حاجي- محمد شامي- إيدر آيت القاضي- عمر تكلاوي- محمد نوراني- إيدر زدو- عمر اودي. 

 

9- استمرار محاكمة صفرو:   

 

    تقرر يوم 2-9-2008،  اسئناف محاكمة المتابعين استئنافيا في أحداث صفرو 2007، بمحكمة الاستئناف بفاس، إلا أن الجلسة تقرر تأجيلها إلى يوم 11-11-  2008. وقد نظم مناضلات و مناضلو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة فاس وقفة تضامنية أمام المحكمة .

 

    ثالثا: في باب الجياع ومسيرات الاحتجاج على الجوع:

 

      جياع المغرب كثر ومسيرات احتجاجهم تتكاثر في ربوع المغرب غير النافع، وكلها جوبهت بالقمع والاعتقال.

    1- مسيرة زاكورة: أو " مسيرة الجياع" كما أطلق عليها السائرون في موكبها، وهم ساكنة زاكورة الذين قرروا يوم 5 غشت 2008 ، القيام بمسيرة شعبية احتجاجية إثر حرمانهم من حصتهم في الدقيق المدعم، و تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، و استعار أسعار المواد الأساسية. وقد رفعوا أثناء مسيرتهم شعارات منددة بسياسة التجويع والتفقير الممنهجة من طرف الدولة في حق مسحوقي هذا الوطن.

 

2-  أهالي الزراردة: بات سكان جماعة الزراردة بدائرة تاهلة يهددون بتصعيد و تنويع الأشكال الاحتجاجية، إلى أن تتم  الاستجابة لمطالبهم و رفع التهميش عن منطقتهم. إذ يعانون من مشكل الماء منذ الصيف الماضي، حيث لا يستفيدون من الماء إلا ساعة واحدة في اليوم من الساعة الثالثة إلى الساغة الرابعة صباحا، جراء نفاذ المنبع الوحيد المزود للماء( منبع عين وشيبة).

أما مطالبهم فتتلخص في: بناء ثانوية – النقل المدرسي- محطة طرقية منظمة- مراقبة طبية لمسلخ سوق الزراردة- ملاعب رياضية- إصلاح المدرسة الابتدائية... .

 

-                              3- احتجاجات من عمق الفياضانات: الطبيعة تنكب والمخزن يقمع:

-                               

-                                 نتيجة النكبات التي تعرض لها المواطنون السنة المنصرمة بسبب الفياضانات التي شهدتها العديد من المناطق المهمشة، قام أهالي هذه المناطق بالاحتجاج على عدم التدخل السريع للدولة لإنقاذهم، بل إنها و بدلا من أن ترسل المعونات والإغاثة الفورية للمنكوبين وضحايا الفيضان، قامت بإرسال قوات " الأمن" السرية والعلنية لقمع أي احتجاج مزمع حدوثه. ورغم التهديدات المباشرة وغير المباشرة للمخزن، لم يتردد المنكوبون في الاحتجاج على إهمالهم وعدم إنقاذهم. والبداية من إقليم فكيك:   

 

    أ- إقليم فكيك: قام ساكنة الإقليم، وتحديدا سكان حي الخيام، يوم 10- 10-2008، بمسيرة شعبية في اتجاه العمالة للضغط على المسؤولين باتخاذ الإجراءات الاستعجالية لصالح المتضررين.

     وليلة السبت، 11-10-2008، على الساعة 12 ليلا، نظم السكان مجددا، إثر انقطاع الماء والكهرباء، مسيرة شعبية انتهت على الساعة الواحة والنصف بعد منتصف الليل، أمام مقر العمالة ببوعرفة تنديدا بتقصير السلطات قبل وبعد الفيضانات الأخيرة. لتتلوها مسيرة أخرى يوم 12أكتوبر على الساعة الرابعة بعد الزوال، والتي شارك فيها أزيد من 10 آلاف مواطن و مواطنة، تنديدا بالإنزال الأمني بدل تقديم المساعدات للضحايا، ثم المطالبة بتعويض الضحايا وجرد الخسائر التي عرفتها الاقليم.

   والأسباب عينها كانت دافعا لتنظيم وقفة احتجاجية، يوم 13 أكتوبر، أمام مقر القيادة بمنطقة بوعنان. كما تمت مقاطعة اللقاء الذي عقده والي الجهة، للإخبار عن الزيارة الملكية المرتقبة للمنطقة، لم يحضره سوى أعيان المنطقة و بعض المواطنين. وموازاة مع انعقاد لقاء الوالي، نظم زهاء 60 مواطنا وقفة احتجاجية قرب مكان اللقاء.

 

   ب- منطقة امنتانوت: ظلت المنطقة مدة 48 ساعة، بعد وقوع الفيضان، دون  ماء صالح للشرب، لا حركة لوسائل النقل، و لا تسوق،  والجهات المسؤولة لم تتخذ أي إجراء في حجم وجسامة الكارثة التي أحدثت خسائر في الأرواح و الدورو المصالح التجارية و الممتلكات. أمام هذا الإهمال نظم سكان المدينة مسيرة احتجاجية يوم الخميس 2-10-2008، سيرا على الأقدام من الحادية عشرة صباحا إلى الثامنة مساءا، منطلقة من دوار " افلانتلات" أكثر الدواوير تضررا، وبدلا من الاستجابة الفورية لمطالب المنكوبين، يستجيب المخزن بإرسال القوات المساعدة وقوات التدخل السريع لتطوق المدينة، وستمكث بها مدة أربعة أيام متخذة من داخلية إعدادية الغزالي مأوى لها، دون مراعاة لمصلحة التلاميذ المقيمين بالداخلية، إضافة إلى اعتقال مجموعة من المشاركين في المسيرة الاحتجاجية والتحقيق معهم.

 

  ت- إقليم الناظور: 

     - نتيجة الغياب التام للسلطات المنتخبة لحظة الكارثة.   

     - غياب شبه تام لعتاصر الوقاية المدنية التي لم تكن تملك سوى وسائل إغاثة معطوبة.  

     - غياب الجيش و قوات الأمن لتقديم المساعدات و العون.  

     - عدم إغاثة الغرقى وانتشال الجثث من طرف الجهات المسؤولة، فالمنكوبون هم من باشروا عمليات انتشال الجثث.

     - عدم الاهتمام بإيواء الأسر المتضررة ليلة الفيضان، وبعد 24 ساعة  من وقوع الكارثة تم تقديم خمس خيام فقط.  

    - التأخر في تقديم المساعدات على هزالتها، وعدم تناسبها مع حجم الخسائر والأضرار.

   - افتقاد شروط الصحة بخيام المنكوبين.

   - غدم توفير الأمن لحراسة ممتلكات المواطنين ،المغادرين لبيوتهم ،من جرائم السرقة.   

 

      في ظل هذه الظروف المأساوية شهدت المناطق المنكوبة بالإقليم حراكا اجتماعيا غاضبا، احتجاجا على عدم مساعدتهم، حيث تقرر تنظيم مسيرة احتجاجية، إلا أنها قوبلت بالمنع والقمع الشديد. 

 

    4- جماهير آيت يحيى تنتفض ضد التهميش:

 

       تعاني ساكنة دوار آيت يحيى بجماعة احصية بقيادة امسيسي بإقليم الراشيدية من تهميش خطير،فإلى غاية شهر دجنبر الماضي لم يتمكن أبناء الدوار من الالتحاق بالمدرسة لعدم انتداب معلمين بدوارهم من قبل وزارة التعليم. كما أن يفتقر الدوار إلى مستوصف حيوي، لأن ذلك الموجود بدوارهم مجرد مبنى مهجور منذ عشرة سنوات، إضافة إلى الفقر المدقع الذي يجلد الأهالي. 

 

   بناء عليه قرروا تنظيم  مسيرة شعبية سيرا على الأقدام صوب قيادة تازارين بزاكورة، يوم 16-12-2008، للاحتجاج على أوضاعهم المزرية و تهميشهم ، والمطالبة برفع هذا التهميش عن منطقتهم وتزويدهم بمدرسين لتعليم أبناءهم، وأطباء و ممرضين لعلاج مرضاهم. 

 

رابعا: في باب العمل والعمال:

      

      1- محرقة روزامور: 

 

في 26 أبريل 2008، صُفع المغاربة بجريمة بشعة ضحاياها العمال الكادحون، ومسرحها معمل روزامور للأثاث بالدار البيضاء ( ليساسفة)، أما الجريمة فحريق ناجم عن انعدام شروط السلامة والوقاية، تفحم بين لهيبه 56 عاملة وعاملا. 

 

وقد أكد الناجون من المحرقة الأوضاع المزرية التي كانوا يعملون فيها، فالأبواب الرئيسية تظل دائما موصدة لمراقبتهم، وكأنهم سجناء، كما أغلق رب المعمل النوافذ بشبابيك من حديد خوفا من السرقة، و حسب التبريرات التي قدمها و المسجلة في محاضر الشرطة القضائية. ولإحكام المراقبة أحدث رب العمل سلما حديديا لولبيا يظهر حركة العمال. أما السلالم الإسمنتية فقد كانت ممتلئة عن  آخرها بالسلع القابلة للاشتغال مثل الخشب و الاسفنج و الأثواب.

 

 وحسب تصريح لأحد الناجين ( حسن مديح / مختص في التفاصيل والخياطة) أوضح من خلاله أنه" لم يكن يظهر من الخياطين سوى رؤوسهم لكثرة السلع حولهم". أما صاحب المعمل فقد اعترف في محاضر الشرطة أنه أضاف تعديلات كثيرة على مصنعه دون ترخيص من السلطة مثل السدة الحديدية بالدور الأسفل ، و تسقيف السطح العلوي، و الشبابيك الحديدية. 

 

وقد رفع الناجون و المصابون ذوي حقوق الموتى دعاوى قضائية ضد صاحب المعمل بتهمة القتل، و لمساندتهم  تشكلت لجنة وطنية للتضامن معهم بمبادرة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.  لكن الحكم الصادر ضد المتهمين في شهر يونيو 2008 لم يشف غليل أهالي الضحايا، إذ اعتبروه حكما لا يتناسب وحجم الجريمة:

 

    - عبد العالي مفارح /رب المعمل: 4 سنوات سجنا نافذة و غرامة مالية قدرها 1000درهم.

    - عادل مفارح/ ابن رب المعمل: سنتان سجنا نافذة و غرامة مالية قدرها 1000درهم.

وقد وجهت لهما التهم التالية : عدم توفير متطلبات و تجهيزات السلامة اللازمة  للحفاظ على صحة الاجراء و القتل الخطأ و الجرح الخطأ و الإصابة غير العمدية و عدم تقديم المساعدة لأشخاص في خطر.

 

أما المتهم الثالث في القضية، فهو هشام مكافح العامل الذي تسبب في إضرام الحريق نتيجة تدخينه خفية ورميه عقر السيجارة داخل المعمل، وقد حكم عليه ب 4 سنوات سجنا نافذة مع غرامة مالية قدرها 1000 درهم، بعد أن وجهت له تهمة التسبب عن غير عمد في حريق أملاك عقارية و منقولة نتج عنه موت أكثر من شخص و إصابة آخرين بجروح.

 

 

2- المعطلون:  احتجاج إلى أجل غير مسمى:

 

    افتتح المعطلون السنة المنصرمة باقتحام مقر حزب الاستقلال، و أنهوها برشق  البرلمان بأحذيتهم.

 

   في نهاية شهر يناير 2008 اقتحم مجموعة من المعطلين مقر حزب الاستقلال احتجاجا على تراجع الحكومة عن تعهداتها بتشغيلهم، وتسوية ملفهم، كما حاولوا اقتحام مقر وزارة التشغيل احتجاجا على التوظيفات المشبوهة على تأخر ظهور نتائج الاختبار الشفوي الذي اجتازوه بالأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين. و قد صرح أحد المعطلين بأن وزارات التشغيل و الداخلية و التربية الوطنية باتوا (يتلاعبون بنا، باعتقادهم أننا سقطنا في الفخ باجتياز المباراة).

 

  وتكررت محاولات اقتحام المؤسسات العمومية، وذلك يوم 26 مارس 2008 حيث حاول المعطلون اقتحام مقر وزارة العدل، وصرح " محمد الشقيري" أحد منسقي المجموعات الوطنية الأربع ( المبادرة- الحوار- الاستحقاق- النصر)، بأن هذا التصعيد جاء ( في ظل الصمت الرهيب للحكومة و الجهات المسؤولة عن الملف، و عدم تقديم إجابات واضحة عن المراسلات و طلبات اللقاء المقدمة إلى اللجنة الثلاثية و الجهات المسؤولة). ويضيف الشقيري مفسرا عملية استهداف مقر وزارة العدل ( بصفتها الوزارة الساهرة على تفعيل القوانين ،...، لكننا فوجئنا بتدخلات متتالية عنيفة لرجال قوات القمع، إذ أصيب أكثر من 80 مناضلا و مناضلة بإصابات متفاوتة الخطورة بين رضوض و كسور و إصابات على مستوى الوجه و الرأس).

 

ونتيجة للعنف و القمع الشرس الذي يتعرضون له، والإصابات الناتجة عن هذا العنف، ولعل أبرزها فقدان  المعطل "محمد بوفال" احد عينه أثناء قمع احتجاج وُقع يوم 13-2-2008 ، توجه المعطلون برسالة تظلم، نهاية شهر فبراير، إلى رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان " أحمد حرزني"،قصد التدخل لوقف العنف الممارس عليهم من طرق قوات" الأمن "، إلا أن الرسالة لن تجد لدى المرسل إليه صدرا رحبا و لا آذانا صاغية.

 

ليواصل المعطلون نضالاتهم عبر الاحتجاجات السلمية و الإضراب عن الطعام، ويتواصل قمعهم و تتواصل إصاباتهم المتنوعة/ الموزعة بين  الرأس والعمود الفقري و الأعضاء التناسلية و العين و المفاصل و الكسور و الجروح المتفاوتة الخطورة و الرفس، ناهيك عن الاعتداءات الوحشية على النساء التي تسببت في غالبية الأحيان في إجهاض بعضهن. بل تجاوز القمع الإصابات إلى التسبب في الموت، كحالة " محمد سعيد الجرتي"، عضو التجمع الوطني للأطر العليا، الذي توفي، يوم 18 نونبر2008، إثر نوبة قلبية بعد مشاركته في وقفة احتجاجية امام البرلمان.

 

وستسجل نهاية السنة، محاولة أخرى لاقتحام مقر حزب الاستقلال  يوم 4 دجنبر من طرف أطر مجموعة الشعلة، هذه الأطر ستمطر، يوم 18 دجنبر بأحذيتها البرلمان، تيمنا بحذاء الصحفي العراقي " الزيدي" الملقى في و جه بوش، احتجاجا على سياسة  التماطل الحكومي فيما يخص ملف المعطلين.  المعطلون الذين سيؤكدون عزمهم مواصلة النضال من أجل مطلبهم العادل المتمثل في الحق في الشغل من خلال المؤتمر التاسع الذي غقدته الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلينن بمقر الاتحاد الوطني للشغل بالرباط، مابين 26 و29 دجنبر 2008، تحت شعار "  تنظيم قوي من اجل الحق في الشغل و توحيد النضال ضد البطالة و الإقصاء الاجتماعي".

 

خامسا: في باب الإعلام وانتهاك حرية التعبير:  

 

1- الجريدة الأولى: غرامة من أجل شهادات ماض الجمر:  

رفع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، شهر يونيو 2008، دعوى استعجالية ضد اليومية حديثة الصدور "الجريدة الأولى". وحسب استدعاء توصلت به اليومية، التي تشرف عليها علي أنوزلا، فإن المجلس الاستشاري  يطالب " بإيقاف الشهادات المدلى بها لدى هيئة الإنصاف والمصالحة وكذا جميع ما يمكن أن تكون قد حصلت عليه الجريدة الأولى من أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة"، إضافة إلى الأمر " بإرجاع علي أنوزلا بوصفه مدير الجريدة المعنية جميع الوثائق والسجلات التي حصل عليها دون حق إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها خمسة آلاف درهم عن كل يوم تأخير".

 وقد حصلت "الجريدة  الأولى" على شهادات لشهود كبار أدلوا بها أمام "هيئة الإنصاف والمصالحة" المنحلة في إطار مهمتها لمعرفة ما جرى خلال فترة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأكد مدير النشر علي أنوزلا في تصريح ل"إيلاف" إنه لن يسلم تلك الشهادات التي حصل عليها للمجلس الاستشاري" مضيفا أن ما نشره ملك لجميع المغاربة ومن حق هؤلاء الاطلاع عليه.

وقد أعلنت منظمات حقوقية وأخرى مهنية عن مساندتها ل" الجريدة الأولى"، ونصبت بعض الجمعيات، ك"منتدى الحقيقة والإنصاف" محاميا للدفاع عنها.   

2-  جريدة المساء، و غرامة 600 مليون سنتيم:

 بعد أن نشرت الجريدة  تحقيقا صحفيا ترفض فيه أحد "أعراس الشواذ" الذي أقيم بمدينة القصر الكبير، تابعت الجريدة حملتها في أعداد تالية، منتقدة في أحد مقالاتها حضور أحد الشخصيات البارزة لهذا العرس، وأشارت إلى أنه أحد المستشارين العموميين الأربعة بالدولة.. دون أن تحدد اسم ذاك المستشار. وقد نشرت الجريدة في عددها التالي اعتذارا حين تبين لها أن الصفة المسؤولة ـ وليس الشخص بعينه ـ كان مجرد تشابه وأن أيا من المستشارين الأربعة لم يحضر ، لكن ذلك الاعتذار لم يشفع للجريدة، حيث بادر أربعة قضاة برفع دعوى سب وقذف وطلب رد شرف من الجريدة مطالبين بأقصى تعويض، وقد حكمت لهم  المحكمة، في أكتوبر 2008، بمبلغ 600 مليون سنتيم، الأمر الذي يهدد الجريدة بالإغلاق، ما لم تبادر بدفع تلك الغرامة غير المبررة- حسب العديد من الحقوقيين- خاصة بعد نشر الاعتذار قبل رفع الدعوي القضائية من قبل أولاء القضاة.

3- الجزيرة: سحب الترخيص:  

توبع مدير مكتب الجزيرة بالرباط، حسن الراشيدي، بإذاعة خبر زائف حول أحداث سيدي إيفني، حيث سحبت السلطات المغربية  اعتماده الصحفي،  ليحكم عليه بغرامة قدرها 50.000 درهم.  وقد اعتبرت المحاكمة والحكم مسا بالسمعة الحقوقية للمغرب. و للإشارة فقد حضر المحاكمة العديد من الإعلاميين كعلي المرابط و الحقوقيين من داخل المغرب وخارجه كهيثم مناع، الأمين العام للجنة العربية لحقوق الإنسان، الذي وصف قرار سحب ترخيص حسن الراشيدي بالقرار السياسي، وذلك في إحدى تصريحاته حول القضية على موقع الجزيرة. 

واعتبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان  لها من باريس "أن ما قامت به السلطات المغربية يشكل اضطهادا للصحفيين ، مطالبة برد الاعتماد إلى الراشدي في أسرع وقت. أما منظمة هيومان رايتس ووتش فقد دعت على لسان " سارة ليش وايتشون"، مديرة الشرق الوسط وشمال إفريقيا" إلى  وقف السلطات المغربية ملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان و الصحفيين، معتبرة هذه الملاحقات إخلالا بالتزامات المغرب الدولية باحترام حرية التعبير.

 

سادسا : هيومان رايتس ووتش تندد بانتهاكات حقوق الإنسان بالصحراء :

 

" حقوق الإنسان بالصحراء الغربية و بمخيم الاجئين بتندوف" تقرير صادر أواسط شهر دجنبر  2008، من خلاله سجلت منظمة هيومان رايتس ووتش الصادر أواسط شهر دجنبر  2008 ، أن المغرب ينتهك حق حرية التعبير، و التجمع في منطقة الصحراء.  ويوثق التقرير الطريقة التي يزاوج عبرها المغرب بين القوانين القمعية و العنف البوليسي و المسلسلات غير العادلة  لقمع الصحراويين المدافعين عن فكرة الاستقلال أو حتى الحكم الذاتي المطلق.

 

و أكد التقرير أن السلطات المغربية تعتبر كل معارضة لإدارتها تراب المنطقة مسا بالوحدة الترابية للمغرب، وتستخدم هذه التهمة لقمع أو تفريق الاحتجاجات السلمية و لرفض الاعتراف القانوني بمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. كما تمت الإشارة إلى محاكمات لمناضلين صحراووين بناء على ادلة واهية و مشكك في سلامتها، و أيضا سجلت حالات اعتقال و تعذيب و استغلال للسلطات و تجاوزات مقترفة من قبل الشرطة. و بالرغم من ان المواطنين يتظلمون لدى القضاء، إلا أن هذا الأخير يرفض شكاواهم دون إجراء تحقيقات جدية، مرسخين مبدأ الإفلات من العقاب لصالح الشرطة.

 

وبناء عليه وجهت هيومان رايتس ووتش التوصيات التالية:

 

- مراجعة أو غزالة القوانين التي تجعل الأنشطة و التصريحات السياسية و الجمعوية غير قانونية، كالمس بالوحدة الترابية، و المستخدمة لقمع الحقوق السياسية للصحراووين.

- إنهاء سريان مبدأ الإفلات من العقاب الذي يتمتع بها جهازي الشرطة والأمن، و معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات.

- السماح لهيئات حقوق الإنسان المستقلة بالقيام بالإجراءات اللازمة للحصول على الاعتراف القانوني.

- ضمان نزاهة القضاء، و عدم تحيزه، و بدل جهوده للتحقق من وقائع الانتهاكات.

 

ودعا التقرير كلا من المغرب و تندوف إلى تبني الإجراءات اللازمة لتحسين النهوض بوضعية حقوق الإنسان  بالأقاليم التي تتواجد تحت مراقبتهم. 

 

 

 

على سبيل الختم:  انتهاكات حقوقية بلا حدود:

 

عام تلو الآخر، تزداد الحصيلة الحقوقية قتامة بالمغرب، انتهاكات بلا حدود، خروقات و جرائم بدعوى الحفاظ على الأمن، قمع للحق باسم القانون، و لا أحد في منآى عن العقاب، خاصة المسحوقين الذين يعانون اضطهادا مزدوجا، حرمانهم من حقوقهم و عقابهم حين يطالبون بما منحتهم إياه الطبيعة ( العيش الكريم- المأكل- الملبس- المسكن- التعليم الجيد المجاني- الكسب- التطبيب). لكن هؤلاء المعدومين من الحياة، باتوا يصرخون ملئ حناجرهم  مطالبين بحقوقهم الأصيلة، موقعين بذلك مؤشرات حراك اجتماعي معلنا انتفاضة الهوامش من أجل انتزاع الحق في الحياة الكريمة.

 

و إن كان هذا الحراك متسما بالجنينية، فإن يشكل خطرا على النظام الأمر الذي  يفسر مجابهته بالقمع والاعتقال و التعذيب – حسب جل الحالات التي ضمها التقرير-، لكون الدولة المغربية، دولة بوليسية-إكراهية، و نظرا لغياب التضامن بين طبقات "المجتمع المغربي"، نتيجة الفردانية المتوحشة، و انعدام وحدة القضية، التعتيم على الانتهاكات و الجرائم الواقعة، استقالة المثقفين من دورهم الحقيقي وارتكانهم إلى الصمت و الارتزاق. 

 

ورغم مجموع التقارير الدولية و الجهوية التي توجت المغرب السنة المنصرمة في المراتب الدنيا ، ودقت ناقوس الخطر حول التراجعات الخطيرة التي باتت تشهدها بلادنا في الميادين كافة ( التنمية البشرية- الصحافة- التعليم- الأمن والاستقرار- التنمية البشرية)، إلا أن المغرب ماض في سياسته القمعية، وفيا لطبيعته الانتهاكية. ولن نتفاجأ، إن أحرزنا هذه السنة  مراتب أدنى من السنة المنصرمة، أو حتى وضعنا خارج التصنيف.

 

وأمام هذا الواقع الحابل بالانتكاسات الحقوقية، فلا أمل للجياع سوى الانتفاض.