french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations


هل تبشر مقدمات الانتخابات في العراق بالخير حقاُ ؟ - مصطفى العبيدي

2009-01-26


 

قبل أيام من بدء انتخابات مجالس المحافظات في العراق , يبدو واضحاُ أن المؤشرات الأولية التي رافقت التهيئة للعملية حتى الآن تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك , بأن سيناريو التزوير والتجاوزات والمخالفات التي شهدتها جميع الانتخابات التي جرت في ظل الاحتلال منذ عام 2003 ,  سيتكرر بمستوى أعلى بالرغم من كل وعود الحكومة ومفوضية الانتخابات بجعل عملية الانتخابات شفافة جداُ .

وقد أخذت ملامح هذه المؤشرات تتضح ليس بفضل المعارضين للعملية الانتخابية بل من خلال شكاوى القوى والشخصيات المشاركة في الانتخابات التي أعلنت عن وجود الكثير من التزوير والضغوط والمخالفات مثل دفع الرشا وتمزيق الملصقات وتقديم الوعود والعطايا للناخبين التي قامت بها القوى المتنفذة في السلطة لمواصلة الاستئثار بنتائج الانتخابات واستمرار الاحتفاظ بالامتيازات السياسية والاقتصادية الهائلة التي توفرها المجالس المحلية للمحافظات . فضمن الصراع الشرس للاستحواذ على نتائج الانتخابات , انتقد نوري المالكي رئيس الوزراء لدى  لقاءه مع بعض شيوخ العشائر في بغداد بتاريخ 16/1/2009 قيام الكيانات السياسية بشراء الأصوات في الانتخابات , داعياُ المواطنين إلى عدم السكوت على محاولات التزوير والإبلاغ عنها . وقد أكد النائب محمد الدايني هذا الرأي أيضاُ عندما صرح بتاريخ  21/12/2008 بأن أموال هائلة بدأت الأحزاب تنفقها لتشجيع الناس على دعمها في الانتخابات وهي من أموال الدولة , داعياُ إلى مراقبة عربية ودولية للانتخابات وعدم الاكتفاء بدور مفوضية الانتخابات . وكذلك شن مصبح الوائلي محافظ البصرة هجوماُ عنيفاُ على المفوضية بتاريخ 29/12/2008 واتهمها بالتقصير والفشل في اداء عملها , مؤكداُ أنهم قدموا وثائق للمفوضية حول نية بعض القوى لتزوير الانتخابات من خلال المراكز الانتخابية . ومن البصرة أيضاُ أدان محمد الزيدي مسؤول لجنة العشائر , مفوضية الانتخابات واصفاُ إياها بأنها تحزبية وليست مستقلة لانحيازها إلى الكتل السياسية المتنفذة في المحافظة . وفي محافظة ديالى , شكك إبراهيم باجلان رئيس مجلس المحافظة بنزاهة الانتخابات لتدخل جهات حزبية وجماعات مسلحة في العملية الانتخابية ,. كما وصف النائب فلاح الفياض ( من الائتلاف الموحد ) بتاريخ 17/1/2009 المفوضية الحالية بأنها لا ترتقي لمستوى المفوضية السابقة وأن عملها فيه الكثير من الثغرات لأنها شكلت على عجل كما أنها لم ترد على الكثير من الشكاوى التي أرسلت إليها , بينما طلب النائب أسامة النجيفي من القائمة العراقية في18/1/2009 من نوري المالكي بضرورة إرسال قوات حكومية مركزية إلى الموصل وإخراج قوات البيشمركه الكردية منها لضمان نزاهة الانتخابات , وفي حالة عدم حصول ذلك فالتزوير سيشمل ما لا يقل عن ربع الأصوات حسب قوله . وحتى إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق أعلن في 21/12/2008أن مرشحي قائمته تعرضوا لمضايقات رجال الأمن وأن هناك العديد من الخروقات منها تمزيق الملصقات الدعائية للمرشحين داعياُ المفوضية لإيقاف تلك الخروقات . أما الجبهة التركمانية فقد طالبت في 27/12/2008 بإشراف عربي ودولي خوفاُ من التزوير في الانتخابات الذي تقوم به الأحزاب التي سبق وزورت الانتخابات السابقة . ومن جانبه , فقد صرح صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري بتاريخ 31/12/2008 بأن لديه وثائق تؤكد أن الأحزاب المتنفذة في الأجهزة الأمنية تقوم بحملة تستهدف عناصر التيار لإبعادهم عن الانتخابات .

وعن محاولات الأحزاب الكبيرة التضييق على العناصر المستقلة , فقد انتقد منتصر الأمارة رئيس اتحاد البرلمانيين العراقيين في 15/1/2009 الأحزاب المتنفذة التي ذكر أنها مارست دوراُ سلبياُ في الانتخابات لتقليل دور المستقلين وعبر تمرير قانون الانتخابات في مجلس النواب بسرعة رغم وجود ثغرات كثيرة فيه . وكذلك اتهم النائب قيس العامري في 28/12/2008 الكتل السياسية الكبيرة باستغلال أسماء بعض المستقلين البارزين لكسب الأصوات حيث تضمهم إلى قوائمها دون إعطائهم مواقع مهمة بعد الفوز .

وبعد تزايد المخالفات في استخدام الرموز الدينية والمساجد واستغلالها في الانتخابات من قبل بعض الكيانات السياسية الدينية , فقد أصدر حزب الفضيلة الإسلامي والتيار الصدري من أتباع مقتدى الصدر بيانات في 7/1/2009 أكدوا فيها حصول مخالفات وتجاوز على قانون الانتخابات من خلال تضمين نص القانون المنشور في الصحف فقرة تسمح باستخدام الرموز الدينية والمساجد في حملة الدعاية بينما رفض مجلس النواب إدخال هذه الفقرة عندما أقر القانون , وطالب التيار الصدري بفتح التحقيق مع خالد العطية نائب رئيس مجلس النواب ( من الائتلاف ) لدوره في هذا التحريف لنصوص القانون . وبدورهم رفض كبار رجال المرجعية الدينية في كربلاء والنجف استخدام الأمور الدينية للترويج في الانتخابات , حيث أكد ممثلو آية الله علي السيستاني وبقية المراجع الكبار عدم الانحياز لأي جهة سياسية في الانتخابات , كما أصدر المرجع الديني حسين الشامي بياناُ بتاريخ 16/1/2009 حذر فيه من وجود عناصر مزيفة تتحدث باسم المرجعيات لتحقيق مكاسب حزبية من خلال استخدام الشعائر الدينية البعيدة عن الدين .

وقد أدى تكاثر الشكاوى من المخالفات واتساعها وتزايد التهديدات التي يتعرض لها المرشحون إلى المطالبة  بتدخل عربي ودولي مما حدا بممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ديمستورا إلى الإعلان بتاريخ 2/1/2009 عن إدانة محاولات الضغوط والتأثير على الناخبين والمرشحين , كما أدان مقتل أحد المرشحين في الموصل , وذلك بعد تصاعد حدة الصراع على الانتخابات والذي أسفر حتى الآن عن اغتيال ثلاثة مرشحين هم موفق الحمداني وحسن زيدان اللهيبي من الموصل وهيثم كاظم الحسيني من بابل إضافة إلى مرشحين آخرين تعرضوا لمحاولات اغتيال فاشلة أو لتهديدات مختلفة .

وإزاء هذه الحالة المستشرية من المخالفات والتجاوزات , وبعد تصاعد الانتقادات لمفوضية الانتخابات بالانحياز لبعض الكيانات الكبيرة وعدم الحياد , فقد أعلنت المفوضية في محاولة لامتصاص الانتقادات عن بعض الإجراءات والعقوبات للكيانات التي ترتكب مخالفات ولكنها تبقى شكلية لم تمنع التزوير في الانتخابات السابقة , كما أعلنت عن استبعاد بعض المرشحين بعد اعتراض هيئة اجتثاث البعث عليهم أو لكشف التزوير في شهاداتهم الدراسية , إضافة إلى الإعلان عن وجود أكثر من 100 كيان سياسي ارتكبوا مخالفات دون تحديد أسماء تلك الجهات. ورغم محاولات المفوضية فقد بدا واضحاُ انحيازها بل وتواطئها مع بعض الكيانات المتنفذة في السلطة حسب اتهامات العديد من المشاركين في عملية الانتخابات ووسائل الإعلام , ومن ذلك إغفال المفوضية الكشف عن أسماء الكثير من المرشحين ممن لديهم سجلات جنائية بارتكاب جرائم قتل وسرقة لمجرد كونهم ضمن الكيانات الكبيرة والاكتفاء بأخذ تعهد خطي منهم غير ملزم قانونياُ . كما تعرضت المفوضية لحملة انتقادات من المنظمات الصحفية ومنها نقابة الصحفيين العراقيين ومنظمة صحفيين بلا حدود ووسائل الإعلام العراقية بسبب قيامها بإصدار تعهد أوجبت بموجبه على كل صحفي أو جهة إعلامية بعدم التعرض أو النقد للمرشحين أو للمفوضية أو للعملية الانتخابية مقابل السماح لهم بتغطية العملية الانتخابية , وقد تراجعت المفوضية عن هذا التعهد بعد تلك الحملة . وفي نفس إطار الانحياز لبعض القوى أعلنت المفوضية أنها تدرس إضافة 21 ألف أسم جديد على الناخبين في الموصل وديالى ممن لا توجد أسمائهم ضمن قوائم الحصة التموينية التي تعتمد أساسا لسجلات الناخبين , وهو الأمر الذي قوبل بالنقد حتى من قبل ممثل الأمم المتحدة ديمستورا .

وبالرغم من تصريحات المفوضية بأن هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات السابقة لكون برامجها وقوانينها وضعت بأيد عراقية !! إلا أن التدخل الأجنبي في الانتخابات يبدو أنه تكرار لما حصل في كل الانتخابات السابقة منذ عام 2003 , حيث قامت السفارة الأمريكية بتنظيم العديد من اللقاءات والندوات لتشجيع المواطنين للمشاركة في الانتخابات وقامت بإرسال وفود من السفارة إلى المحافظات لهذا الغرض ومنها قيام وفد من السفارة بزيارة مفوضية الانتخابات في ديالى بتاريخ 1/1/2009 للتباحث معها حول الانتخابات . وكذلك أعلنت السفارة الإيرانية في أكثر من مناسبة عن عقد لقاءات بين السفير الإيراني ببغداد وكبار المسؤولين في الحكومة والأحزاب الصديقة لها بهدف إجراء المباحثات حول العملية الانتخابية والمساعدات التي يمكن أن تقدمها إيران في هذا المجال .

وإذا كانت هذه المؤشرات التي يعتقد أنها مجرد قمة جبل الجليد في بحر المخالفات والتجاوزات التي حفلت بها العملية الانتخابية وهي في مرحلة الإعداد والتهيئة , فلنا أن نتخيل كيف ستكون الأوضاع في مراحل إجراء الاقتراع أو فرز النتائج , وهل هناك بارقة أمل في أن تكون هذه الانتخابات مختلفة في النتائج ولو جزئياُ عن الانتخابات السابقة لتحقيق الوعود ببناء ديمقراطية حقيقية في العراق ؟ فلننتظر ونرى .   

.

الصفحة الرئيسة

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها