في أحد نصوصه
اللئيمة، وهي
كثيرة، يقول
صموئيل هنتنغتون:
"إذا
بدا على الدول
الفقيرة أنها
غير مستقرة، فليس
هذا لأنها
فقيرة، وإنما
لكونها تريد
أن تصبح غنية،
إن أي مجتمع
تقليدي حقيقي
سيكون فقيرا
وجاهلا
ومستقرا".
استوقفتني هذه
الجملة،
وذكرتني
بالأسطوانة
اليومية التي
تحدثنا عن
"حالة
التأهب"
للحريات
والحقوق التي
يزفها لنا
يوميا من
يحرمنا من هذه
الحريات والحقوق:
هل نحن أهل
للديمقراطية؟
هل نحن
أهل لبناء
دولة قانون،
هل نحن أهل
للتمتع بقضاء
مستقل، هل نحن
أهل لحمل
جوازات سفر،
هل نحن أهل
للعودة، هل
نحن أهل
لمجتمع بلا
معتقلات، هل
نحن أهل للحب
والحرية
والمعرفة
والعيش
بكرامة؟
هذه
الأسئلة
وغيرها صارت تتكرر
بشكل يثير
القرف والسأم
في خطاب
السلطة الحاكمة
وعند دهاقنتها
وأقلامها. يأتي
الجواب حينا،
ليست الظروف
الموضوعية
متوفرة،
وأحيانا أخرى:
لا يجوز خلق
هزات في
المجتمع ليس
لديه القدرة
على تحملها..
علينا مراعاة
مشاعر الناس
وثقافة
المجتمع،
حذار من
استيراد
بضاعة غربية
مسمومة؟ لقد
تراجع الحديث
عن الخطر
الصهيوني لأن
الدولة العبرية
لها حدود آمنة
وحيدة هي
الحدود
السورية.. إذن
فلتتفتق ألف
حجة جديدة: حذار
من المجتمع
المدني وحقوق
الإنسان،
حذار من
المستغربين
والمتهورين ؟
حذار من
العجلة، حتى
لا تقع حوادث
سير مؤسفة
نتيجة عدم
التوازن
والاستقرار
قد تودي بنا
إلى ما ذهب
إليه الإتحاد
السوفييتي.
فالعجلة
بإجماع كتّاب
حال السلطان
من الشيطان.
لكن
ما معنى أن
نكون مؤهلين
لعمليات سحب
الدم وتكليس
الخلايا
الدماغية
وامتصاص
الموارد
الحيوية
وسرقة أصغر أعضاء
الجسم في "عمليات
جراحية" هي
الأكثر تطورا
دون أن يكون
لنا الحق في
صحيفة حائط؟ ما معنى أن
تحصل الأجهزة
الأمنية على
أحدث تقنيات
التعذيب
والمراقبة
والسيطرة ولا
يحق لموضوع
هذه التقنيات
حتى الإضراب
عن الطعام
احتجاجا على اختزاله
المزمن إلى
صفة الضحية ؟ ما معنى أن
تكون أشباه
مدننا مراكز
متقدمة لصفقات
العهر المالي من
كل الألوان
والأجناس
وليس لنا مجرد
الحق في إنشاء
جمعية أهلية لمكافحة
الفساد؟ ما
معنى أن ننتظر
بورصة دمشق
ونحن ننعى
ربيع دمشق، ما
معنى أن تصل
الوضاعة
بأجهزة الأمن
إلى تشجيع
استحضار
العبودية
الخارجية لكي
تظهر بمظهر
حامي العرين
الوطني؟ ما
معنى
الاستمرار في
الترهيب
كمنهج حكم
وتعريف
لسيادة سلطة
لا سيادة لها
إلا على حساب تنفس
الأشخاص
والجماعات؟
لا تخف،
لديك الحق في
ممالك الهجرة
الغربية
بالجنسية وحق
التصويت
والترشيح
والحد الأدنى
للاندماج
والبطالة الهنية.
وإن شئت،
يمكنك الحديث
في
الليبرالية
وتلقي مرتب
جيد من
الدوائر
المهتمة
بالشئون
السورية أو
قدماء
المجرمين ضد
الإنسانية. أما
في ممالك
الاستهلاك
النفطية فأنت
الترجمة
الأمينة للجاليات
الأجنبية: حرية في
اختيار
البضاعة، مساواة
في الأسعار، إخاء في
الشراء. المهم
أن تعمل
وتسكت، أن
تعيش وتصمت
وأن تقود
سيارتك كما
في العواصم
المتحضرة لا
كما في هو
الحال في دمشق،
أن تذوب في
الركب لا
أمامه أو خلفه،
وأن تتذكر
دائما أن صمتك
مصدر الأمن
العالمي
ومنير الشوارع
في الغرب
والشرق.. في دهاليز
الفقر
الداخلي لا
تنسى حقك
بالجوع قبل
الجميع
والمرض قبل الجميع
والجهل قبل
الجميع،
بكلمة أنت
صاحب الحق في
الموت
والوصول إلى
ملكوت
السموات قبل
المافيا (ت)
والقيادات.
يجب بكل
الوسائل
الدفاع عن
العرين
الأخير لل
(ية) ism:
الذي حّول
الوحدة
والحرية
والاشتراكية
إلى الجملكية،
الطائفية،
العنصرية،
الأمية
السياسية، الضرورات
الأمنية واللصوصية.
وأينما كنت،
عليك أن تتذكر
مراحل هانس
سيلي Hans Selye
للتأقلم: رد
الفعل
المنذر،
مرحلة
المقاومة، مرحلة
الإنهاك. والأهم،
أن تكون
المرحلة
الثانية هي
الأقصر وأن
تنحصر بالقلب
احتراما
لقاعدة أضعف
الإيمان.
كنت
اسمع لمحدثي
ببساطة عندما
عبّر عن جوهر
الأزمة التي
يعيشها أصحاب
القرار: "إنهم
لا يفهمون
معنى ما تقولون،
الأميون
يفهمون أشياء
كثيرة أو
يشتمون
بحواسهم الكثير،
أما
المسئولين
فلا يفقهون
شيئا في
الأزمة التي
نعيشها
والطريق
المسدود الذي
أوصلوا البلاد
والعباد له،
أهمية منتدى
أو تجمع حر في
تخفيف
الاحتقان المجتمعي،
ضرورة إعادة
اللحمة
الداخلية
للرد على
الإهانات
اليومية
الخارجية
لهم.. لا تشغل
رأسك، من
يغتصب فتاة
يحتقر نفسه
أولا، لقد
اغتصبوا كرامة
مجتمع بأكمله
فهل تتصور أن
لديهم الحد
الأدنى من
احترام الذات؟
لقد تعلموا
أشياء أخرى... من المضحك
أن نسميهم
نخبة حاكمة
لأن نخبة
القوم خيارهم أو
المنتخب من
الناس، وليس
هذا وذاك بحالهم،
ومن المضحك
أيضا أن نسميهم
بالمسئولين،
المسئول يعني
حدا أدنى من
الإحساس
بالمسئولية
العامة.".
في
الإذلال لا
يعيش الشخص
إلا بوصفه موضوع
تمتع للآخر. أما
الحرية فهي انعتاق
الذات من أي
خضوع. ليس
للحرية عمر
ولا لون ولا
جنس ولا طائفة
ولا لغة ولا
زمان ومكان.. وليس
ثمة بشر
صالحون
للحرية
وآخرون
خارجين عن الحرية..
ليس هناك دليل
على ارتباط
هذه الكلمة الشاعرية
بتطور شعب أو
نظام، ليبرالي
كان أو
اشتراكي،
إسلامي أم
علماني، قابعة
فينا وفيها
طعم الحياة. الحرية
مثل بلوغ
الوطر، لا
يمكن أن نطلب
من امرأة أن
تحضّر
حفيدتها له
باعتبارها
غير مؤهلة
للتمتع به..
لذا لا يمكن
تصور استمرار
العبودية في
عصرٍ أنشودته
الحرية، لا
يمكن رؤية
المستقبل
بسلاسل
التسلط والدكتاتورية.
والسؤال :
إن لم يكونوا
بكل المعايير
مؤهلين
للحكم، فهل
نحن أهل
للكرامة؟ هل نحن
أهل للوجود، أم
لمجرد صرخات
في العراء
تتمرد على شبه
الوجود؟
---------------
مفكر
وحقوقي عربي
من سورية