العالم
كله مشدود الى غزة مشغول بما يجري على أرضها، غزة المدينة العربية
الصامدة
بوجه الطغاة، ليست غزة قطعة من صحراء أو اقليماً منعزلاً تائهاً
بحدوده
الجغرافية والتاريخية،
بل غزة صلة الوصل بين بلاد الشام ومصر، وهي في التاريخ مدينة تجاوز
عمرها خمسة آلاف عام، مدينة حضارة وعطاء وتاريخ.
من هنا نرى الحقد الصهيوني المنصب عليها وعلى حضارتها وما قدمته
ربما كان هذا العدوان دافعاً لنا لأن نبحث فيما كُتب حول تاريخ غزة
فإذا به كثير كثير، لكننا مهملون في القراءة وربما ننتظر المناسبات
وإن كانت حزينة، ما يدفعني الى هذا هو التقديم لموسوعة هامة صدرت
منذ أعوام عدة في دمشق تحت عنوان «غزة خمسة آلاف عام حضور
وحضارة».
مؤلفها الباحث الليبي المعروف د. جمعة أحمد قاجة وهو أستاذ جامعي
له مساهمات كثيرة في الدراسات التاريخية.
قدم للموسوعة مجموعة أسماء هامة منهم د. جمعة المهدي الغزاني وزير
خارجية ليبيا الأسبق والدكتور سليم الحص رئيس الحكومة اللبنانية
الأسبق ود. علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب سابقاً
والدكتور طلال ناجي.
هذا العمل الموسوعي يستحق هذه المقدمات التي تحتفي به واليوم نقف
مع فصول من هذه الموسوعة لتقديم بعض الملامح لمدينة غزة.
- التسمية:
تعتبر غزة من أقدم مدن العالم المأهولة عبر التاريخ قيل إنها في
الألف الرابعة قبل ميلاد السيد المسيح، ويُقال إنها رابع مدينة
بنيت على وجه الأرض.
ثمة العديد من الروايات التي تحاول أن تفسر معنى اسم غزة، فمنها من
رأى أن غزة جمع غازي والغزى والغزاة، الرماة بالنشاب ثم تحولت الى
غزة، ومنها من رأى أن لفظة غزة لغوياً تأتي بمعنى
(قوي-منيع-مخازن-كنوز-ما يدخر).
ويقول ياقوت الحموي في كتابه الشهير (معجم البلدان): «غز فلان
بفلان واغتز به إذا اختصه من بين أصحابه».وورد عند الحموي أن غزة
هي امرأة صور، بينما ذكر الدمشقي أن غزة مدينة كثيرة الشجر.
ويقول ابن حوقل: إنها بلدة متوسطة في العظم ذات بساتين على ساحل
البحر وبها قليل من نخيل وكروم خصبة، بينها وبين البحر أكوام رمال
تلي بساتينها ولها قلعة صغيرة.
ولقد وردت غزة في الآثار المصرية القديمة باسم غازاتو وغاداتو
وأسماها الكنعانيون هزاني والأشوريون عزاتي بينما أطلق عليها الفرس
اسم هازاتو واليونانيون ايوني ومينودا وقسطنديا والعبرانيون اسم
غرة، وسمّاها العرب غزة.
- أعلام وشخصيات من غزة:
الإمام الشافعي:
ولد في غزة وكان بارع العلم سامي الأخلاق له العديد من المؤلفات
مثل كتاب «الأم» و«المسند» عُرف عنه ولعه بالأدب والشعر وعبّر عن
حنينه لغزة فقال:
وإني لمشتاق الى أرض غزة وإن خانني التفرق كتماني
مدفن جد الرسول:
اسمه عمرو، لقب هاشم لأنه هشّم الثريد لقومه، ففي سنة قحط جاء الى
فلسطين واشترى الدقيق وعاد به الى مكة وأمر بخبزه ونحر جزوراً وصنع
لقومه مرقة ثريد بذلك الخبز، مات بغزة ودفن فيها ومنذ ذلك اليوم
تعرف بـ «غزة هاشم».
وقائمة الأسماء التي يوردها صاحب الموسوعة في تاريخ غزة تكاد لا
تنتهي وجلّهم علماء قدموا للثقافة العربية والإسلامية عصارة فكرهم
وآثروها بما قدموه.
- تاريخها العربي:
من الثابت أن غزة مدينة كنعانية عربية قديمة منذما قبل التاريخ
استوطنها العرب العويون والكفتاريون والعناقيون والمديانيون
والآزوميون والعموريون والكنعانيون، إلا أن ثمة إجماعاً على أن
الكنعانيين هم أول من سكنوها وحافظوا على وجودها وتركوا بصماتهم
على تاريخها الطويل.
ولقد سجل التاريخ أن الكنعانيين هم العرب الأوائل الذين يرجعون
بأنسابهم الى العمالقة، ويقال إن هجرتهم جاءت إلى شبه الجزيرة
العربية كواحدة من موجات الهجرة السامية التي كانت تجول في المنطقة
العربية، ومن ثم أخذت طريقها الى البلاد التي عرفت باسمهم (أرض
كنعنا) منذ تاريخ موغل قبل الميلاد، ويذكر المؤرخون أن مدينة غزة
يعود تاريخها الى 4000-35000 سنة قبل الميلاد.
وفي تاريخها العربي محطات كثيرة يصعب الوقوف عندها وقد مرت عليها
غزوات وغزوات وانتصرت في نهاية الأمر على الطغاة الغازين.
لم تستكن لمحتل أو غاصب بل لفظتهم أرضها، وآخر مآسيها مع الاحتلال
هو الاحتلال الصهيوني لها الذي كان في عام 1948 فلم تهدأ طويلاً
حتى بدأت بانتفاضة ضد الصهاينة.
- مذبحة غزة:
كانت أول مذابح الصهاينة في غزة بعد الاحتلال بعدة أعوام إذ قامت
القوات الصهيونية بتصعيد هجماتها وصولاً الى تنفيذ المذبحة المروعة
التي عرفت باسم مذبحة غزة وذلك عندما اجتازت عدة فصائل من القوات
الصهيونية خط الهدنة من مساء يوم 28 شباط 1955 وتوغلت في عمق أراضي
غزة لمسافة ثلاثة كيلو مترات، فقام فصيل بمهاجمة محطة المياه
ونسفها ثم التوجه نحو بيت مدير محطة سكة الحديد في غزة وتهيأ فصيل
آخر لمهاجمة المواقع المصرية بالرشاشات ومدافع الهاون والقنابل
اليدوية واستعد فصيل ثالث في الطريق لبث الألغام ومنع وصول أي
نجدات إو إمدادات وتعزيزات.
ولقد حصلت المجزرة وفق ما خطط له الصهاينة حيث تم تفجير محطة
المياه انهمر الرصاص على موقع الجيش المصري ووقعت النجدات القادمة
في الكمائن الصهيونية المنصوبة لها على الطريق وكانت النتائج
المؤلمة لهذه المجزرة أن سقط 39 شهيداً وجرح 33 شخصاً.
وإذا كان من المتعذر أن نقف عند كل ما ارتكبته اسرائيل من مجازر
بحق غزة فإننا نذكر تواريخها.
مجزرة بيت داراس 12/5/1948.
مجزرة المجدل 17/10/1948.
مجزرة مخيم البريج 28/8/1953.
مجزرة غزة 28/2/1955.
مجزرة غزة 5/4/1956.
مجزرة غزة 15/4/1956.
مجزرة خان يونس 3-5/11/1956.
مجزرة مخيم خان يونس 3/11/1956.
مجزرة مخيم رفح الصيف حزيران 1967.
ومنذ ذلك التاريخ ولا تزال المجازر مستمرة والانتفاضة التي انطلقت
شرارتها في كانون الأول 1987 مستمرة وإن تخللتها فترات توقف واليوم
غزة تقاوم بدماء أطفالها وتنتفض بوجه جلادها والعالم يرى كيف تحاول
همجية المستعمر تدمير خمسة آلاف عام من الحضارة والعطاء.
موسوعة غزة عمل توثيقي متميز يحسب لصاحبه وهو وثيقة تشكل تاريخاً
واسعاً لمختلف ألوان الحياة في غزة.
تقع الموسوعة في 700 صفحة من القطع الكبير وإن لم يتسن لنا الوقوف
عند خطوطها العريضة فإننا ندعو الى قرائتها واقتنائها فهي مرجع
شامل لا غنى عنه لكل مكتبة.
نوبلس نيوز
2009-01-14
|