تأتي قمة الدوحة لجامعة الدول
العربية بعد ثلاثة أسابيع من العدوان
الإسرائيلي على قطاع غزة ، وراح ضحيته
لحد الآن أكثر من 1200 شهيد وخمسة أضعاف
جرحى مدنيين ، من بينهم نحو 50%
أطفال ونساء، والقادة العرب
يتفرجون على شلال الدم الفلسطيني تريقه
الدبابات والمقاتلات الإسرائيلية والقنابل
الفوسفورية المحرمة دوليا ، وأنواع أخرى
من الأسلحة الأمريكية تجربها إسرائيل على
السكان المدنيين العزل في غزة هاشم .
أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني
في خطابه عشية قمة الدوحة بدت المرارة
واليأس من الوضع العربي البائس بتردد غير
مبرر عن حضور القمة " كلما اكتمل النصاب
نقص .. حسبي الله ونعم الوكيل " . وهذا
أبلغ ما يقال عن ضعف الصف العربي ، الذي
يعتبر اليوم أسوأ مما كان إبان الحرب على
العراق ،والتي انتهت باحتلال العراق بفضل
الدعم والتضامن العربي مع أمريكا .
اليوم تحّول العرب إلى أحلاف ،
تصوروا أن يدعى إلى ثلاث قمم عربية
( الخليجية بالرياض- والاقتصادية
بالكويت – العربية الطارئة بالدوحة )
وينقسم الموقف العربي حول قمة الدوحة
المنعقدة أساسا لأجل غزة بين رافض
ومتحفظ ومؤيد.
أتساءل ومعي الملايين من العرب :
لماذا ازدحام القمم العربية بعناوين
مختلفة ؟
يكفي في الوقت الراهن قمة
الدوحة لبحث وضع غزة ، ولتتأجل القمة
الاقتصادية في الكويت ، لا تخرب الدنيا
إذا تأجلت إلى ما بعد وقف شلال الدم
الفلسطيني في غزة .
ثم ما معنى قمة خليجية يتحفظ
ثلاثة أعضاء على انعقادها ؟ وتنعقد وتخرج
بقرار وصفه وزير الخارجية السعودي
بالاقتصادي لإعمار غزة .
يبدو نحن العرب مبتلون دوما
بحروب يكون شعبنا وقودها ، وأموالنا
لإعمار ما تدمره آلة الحرب المعتدية ، مرة
كانت أمريكية ومرة أخرى إسرائيلية .
تأتي القمم العربية الثلاث ومعها
كم من المبادرات لوقف إطلاق النار على
سكان غزة .
المبادرات المطروحة لوقف العدوان على غزة
( الجزيرة . نت )
المبادرة المصرية
1- قبول إسرائيل والفصائل الفلسطينية بوقف
فوري لإطلاق النار لفترة محددة.
2- دعوة مصر كلا من إسرائيل والجانب
الفلسطيني لاجتماع عاجل من أجل التوصل
للترتيبات والضمانات الكفيلة بعدم تكرار
التصعيد الراهن ومعالجة مسبباته، بما يضمن
إعادة فتح المعابر ورفع الحصار.
3- تجديد مصر دعوتها للسلطة الوطنية وكافة
الفصائل للتجاوب مع الجهود المصرية
للتحقيق الوفاق الفلسطيني.
المبادرة العربية
1-إصدار قرار ينهي أولا العدوان
الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع
غزة.
2- الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
3- الدعوة لرفع دائم للحصار وفتح جميع
المعابر المؤدية إلى قطاع غزة.
4- السماح بمرور المساعدات الإنسانية
وحماية المدنيين الفلسطينيين.
5- استئناف عملية السلام الفلسطينية
الإسرائيلية.
6- وضع آلية لمراقبة الهدنة وحماية
المدنيين.
المبادرة التركية
1- الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار.
2- إنهاء العمليات العسكرية
الإسرائيلية والأعمال العدائية.
3- فتح المعابر وإنهاء الحصار.
المبادرة الفرنسية
1- وقف إطلاق النار.
2- فتح ممرات لإيصال
المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في
غزة.
3- توفير ضمانات لأمن إسرائيل ووقف
إطلاق الصواريخ على أراضيها انطلاقا
من غزة.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي
مون
1- الدعوة لاتخاذ قرار لوقف فوري
لإطلاق النار في قطاع غزة.
2- المطالبة بالتوصل إلى آلية لضمان
رفع الحصار عن غزة وضمان فتح المعابر
لكي تعمل كما تم التخطيط لها في
اتفاقية عام 2005 التي تمت بين السلطة
الفلسطينية وإسرائيل ومصر.
المبادرة الأميركية
1- الدعوة لوقف دائم لإطلاق النار.
2- فتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة.
3- وقف كافة أنشطة تهريب الأسلحة من قبل
حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وترفض إسرائيل كل تلك المبادرات
بما فيها قرار مجلس الأمن 1860 الذي
اعتبره وزراء الخارجية العرب نصرا مبينا
في " غزوتهم " إلى واشنطن .
بينما كان موقف حماس محددا :
قال خالد مشعل رئيس المكتب
السياسي لحماس إن الاستجابة لأي مبادرة
رهن بالتالي :
1-
وقف العدوان
2-
انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة
3-
رفع الحصار
4-
فتح جميع المعابر وفي مقدمتها
معبر رفح
وأوضح مشعل أسباب هذه الحرب " إن
الحصار هو الذي فجر الأزمة وأهل غزة أبو
أن يعيشوا تحت الحصار ورفضوا التهدئة في
هذا الصدد "
معه الحق كل الحق ، ليس معقولا
تجويع شعب بكامله لحسابات سياسية ،
والأغرب أن يستمر الحصار في ظل اتفاق
التهدئة الذي دام ستة أشهر وخرقته إسرائيل
153 مرة بإطلاق النار .
حجة الرافضين لقمة الدوحة كما جاء
في تصريح وزير الخارجية السعودي سعود
الفيصل
" الحرص على وحدة الصف الفلسطيني
، والمهم لا تكون حماس المتحدث باسم
الفلسطينيين، وأن تكون السلطة الفلسطينية
من يتكلم باسم الفلسطينيين "
كلنا ليس فقط مع وحدة الصف
الفلسطيني بل توحيد الفصائل كلها تحت جبهة
واحدة لتحرير فلسطين على غرار جبهة
التحرير الوطنية الجزائرية التي انصهرت كل
القوى الجزائرية في برنامج واحد للتحرير ،
ولكن الأهم والأولى وحدة الصف العربي
التي لو كانت قائمة لتوحد الفلسطينيون
تلقائيا ، للأسف ، ما يمزق الوحدة
الفلسطينية هو الخلافات العربية التي
امتدت للصف الفلسطيني ، ولعل أحداث حزيران
الماضي وما جرى بين مقاتلي فتح وحماس دليل
على ذلك الانقسام العربي .
ومرد هذا الانقسام يعود إلى
اختلاف الرؤية العربية للصراع مع الكيان
الصهيوني .
1-
تيار يريد المقاومة ، ليفرض
شروطا أفضل للمفاوضات والتسوية .
2-
والتيار الثاني يريد التسوية
السياسية بدون مقاومة ، وهذا يجعل المفاوض
الفلسطيني والعربي تحت رحمة الشروط
الإسرائيلية .
برز هذا الشقاق بعد اتفاقات "
السلام " المزعومة مع إسرائيل ، وتطبيع
العلاقات الدبلوماسية لبعض الدول دونما
حاجة لذلك ، فتداعى الموقف العربي إلى
أسوأ أوضاعه ، ولا نستبعد أن يكون القادم
أسوأ إذا بقي الحال على ما هو عليه من
التشرذم والمواقف اللامسئولة إزاء مستقبل
الأجيال العربية .
قمة الدوحة كيفما كان انعقادها ،
بنصاب ،أو بمن حضر ، يجب أن تأخذ قرارا
واحدا كما قال السياسي الجزائري البارز
عبد الحميد مهري رئيس المؤتمر القومي
سابقا "
هناك قرار واحد يستجيب لبعض ما
تتطلبه المرحلة الراهنة هو دعوة
مجلس الأمن للانعقاد من جديد على وجه
السرعة وتقديم مشروع لائحة، بموجب البند
السابع، تتمحور على موضوع واحد هو دعوة
إسرائيل لتطبيق المعاهدات الدولية التي
تحمي السكان المدنيين أثناء النزاعات
المسلحة برفع الحصار وكل القيود الناجمة
عنه ومد سكان غزة بالمواد الغذائية
والأدوية وأسباب العيش الكريم. والإقلاع
عن استعمال الأسلحة المحرمة ضد السكان
المدنيين.
"
ولكي ترتدع إسرائيل وتنصاع
للقرارات الدولية لا بد من اتخاذ مواقف
تجعلها تخاف هي ومن يدعمها على مصالحهم مع
العرب :
1-
قطع العلاقات الاقتصادية مع الدول
المساندة لإسرائيل وأولها الولايات
المتحدة العربية.
2-
وقف التطبيع مع إسرائيل .
3-
تعليق اتفاقيات السلام التي
أبرمتها مصر والأردن مع إسرائيل ، أو على
الأقل سحب السفراء .
وطبعا أولى الأولويات إجبار
إسرائيل على وقف إطلاق النار فورا ودون
شروط .
بعدما ينقشع غبار الحرب هناك عمل
عربي لا يحتمل التأجيل ، ينطوي على أمرين
اثنين :
الأول : تقييم السياسية العربية
السابقة إزاء الصراع العربي الصهيوني ،
وتبني سياسة المقاومة والتفاوض لأجل
استرجاع حقوق الشعب
الفلسطيني المشروعة بدولة عاصمتها القدس
وحق العودة كما جرت الأمور
في فيتنام والجزائر ،
بقيت المقاومة والمفاوضات جارية .
الثاني : دعم عربي ملموس للمقاومة
الفلسطينية .
أعتقد إذا لم يكن بمقدور الدول
العربية اتخاذ قرارات الحد الأدنى في قمة
الدوحة ، ستكون أمام المنطقة مرحلة الله
وحده يعلم تداعياتها .
|